Transcription
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب. افلا تعقلون. واستعينوا بالصبر والصلاة انها لكبيرة الا على الخاشعين. الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم وانهم اليه راجعون - 00:00:01ضَ
يا بني اسرائيل. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى اله واصحابه ومن اهتدى بهداه قال الله عز وجل اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب - 00:00:24ضَ
افلا تعقلون قوله سبحانه وتعالى اتأمرون الناس الهمزة هنا للاستفهام وهذا الاستفهام للانكار والتوبيخ والتقريع والخطاب هنا في قوله اتأمرون الناس البر الخطاب لاهل الكتاب لان الايات في سياقهم والمراد بذلك علماؤهم واحبارهم - 00:00:42ضَ
وقوله اتأمرون الناس المراد بالناس من سوى الامر يعني من سوى من كان من اليهود او من غيرهم من المشركين اتأمرون الناس يعني اتأمرون غيركم بالبر والبر اسم جامع بكل خصال الخير - 00:01:16ضَ
الظاهرة والباطنة وليعلم ان البر والتقوى اذا اجتمعا افترقا واذا افترقا اجتمعا فاذا قيل بر وتقوى فان البر يفسر بفعل الطاعات والتقوى تفسر بترك المحرمات كما في قوله عز وجل وتعاونوا على البر والتقوى - 00:01:41ضَ
يعني على الخير والعمل الصالح ولا تعاونوا على الاثم والعدوان يعني على ما كان معصية او محرما واما اذا افرج احدهما فانه يشمل الاخر البر اذا قيل بر فانه يشمل جميع قصار الخير - 00:02:14ضَ
فهو يتناول ان يفعل ما امر الله وان يترك ما حرم الله. وكذلك التقوى اذا قوله اتأمرون الناس بالبر؟ البر اسم جامع لكل خصال الخير ولهذا قال الله عز وجل ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من امن بالله واليوم الاخر - 00:02:34ضَ
الملائكة والكتاب والنبيين وقال عز وجل وليس البر وليس البر بان تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وقال النبي صلى الله عليه وسلم البر حسن الخلق والاثم ما حاك في صدرك وكرهت ان يطلع عليه الناس - 00:02:58ضَ
ومعنى قوله البر حسن الخلق اي ان حسن الخلق من البر يقول الله عز وجل اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم؟ يعني اتأمرون الناس بالايمان والخير وتنسوا انفسكم النسيان هنا بمعنى الترك - 00:03:21ضَ
اي وتتركون انفسكم فلا تأمرونها بذلك. وهذا تنديد بحالهم وتوبيخ لهم اي كيف يليق بكم ان تأمروا الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم اولى بهذا البر من غيركم قال وانتم تتلون الكتاب - 00:03:42ضَ
الجملة هنا حالية اي والحال انكم تتلون الكتاب اي تقرأونه وتدرسونه والمراد بالكتاب التوراة الذي فيه امركم بالبر بانفسكم وامر الناس بذلك التوراة جاء فيها انكم تأمرون الناس بالبر وتأمرون انفسكم بذلك - 00:04:08ضَ
يقول افلا تعقلون الاستفهام هنا للانكار والتوبيخ اي افلا تفقهون وتفهمون وترشدكم عقولكم الى ضلالكم وخطئكم وقبح ما تفعلونه من كونكم تأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم فان هذا مما لا يليق - 00:04:37ضَ
وهذه الاية فيها دلالة كما سيأتي على عظم مسؤولية اهل العلم. قال وانتم تتلون كتابه افلا تعقلون ثم قال عز وجل واستعينوا بالصبر والصلاة. استعينوا اي اطلبوا العون من الله عز وجل - 00:05:06ضَ
على القيام بطاعته وعبادته وعلى امتثال امره واجتناب نهيه. بل وعلى جميع امور دينكم ودنياكم بالصبر والصلاة نجعل الصبر والصلاة عونا لكم على القيام بطاعة الله كما قال الله عز وجل لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم - 00:05:27ضَ
واصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه واطراف السجود. نعم فاصبر لحكم ربك نعم فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها. ومن اناء الليل فسبح واطراف النهار لعلك ترضى - 00:05:53ضَ
وقوله عز وجل واستعينوا بالصبر الصبر في اللغة بمعنى الحبس والمنع واما شرعا فهو حبس القلب عن التسخط واللسان عن التشكي والجوارح عما حرم الله هذا هو الصبر الصبر ان يحبس قلبه عن التسخط - 00:06:18ضَ
ولسانه عن التشكي وجوارحه عما حرم الله لان التسخط على الله قد يكون بالقلب. فيتسخط على الله عز وجل ربي لما قدرت ان اكون فقيرا اغنيت فلانا لما اشقيتني واسعدت فلانا لم جعلتني عقيما ورزقت فلانا هذا من التسخط على الله بالقلب وان لم ينطق - 00:06:48ضَ
بلسانه والتسخط على الله باللسان وذلك بالدعاء بالويل والثبور. وويلاه وثبورا ومصيبتاه والتسخط بالجوارح كلطم الخدود وشق الجيوب ونتف الشعور وما اشبه ذلك والصبر واجب واجره عظيم وثوابه جزيل جسيم. قال الله عز وجل انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب - 00:07:13ضَ
وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما اعطي احد عطاء خيرا وافضل من الصبر والصبر ثلاثة انواع صبر على طاعة الله وصبر عن معصية الله وصبر على اقدار الله المؤلمة - 00:07:49ضَ
اما الاول وهو الصبر على طاعة الله بان يصبر نفسه على الطاعة بان يحمل نفسه على فعل الطاعة الصلاة والزكاة والصيام وذلك لان النفس قد يحصل منها امتناع وجموع وجنوح - 00:08:13ضَ
فيجاهد نفسه ويراغم الشيطان ويراغم نفسه الامارة بالسوء حتى يقوم بطاعة الله وليعلم او يعلم ان نفسك متى اذللتها لطاعة ذلت في طاعات كثيرة ولكن اذا تركتها تفعل ما تشاء وتهوى ما تشاء. فانها حينئذ تنفر عن كل طاعة - 00:08:38ضَ
لكن اذا جاهدتها واذللتها بالطاعة فانها تذل بطاعات كثيرة النوع الثاني من انواع الصبر الصبر عن معصية الله وذلك بان يحبس نفسه ويمنعها عن كل ما يسخط الله عز وجل من المعاصي - 00:09:06ضَ
سواء كانت من الكبائر ام من الصغائر والنوع الثالث الصبر على اقدار الله المؤلمة وذلك لان ما يقدره الله عز وجل على العبد على نوعين نوع مما يلائمه ونوع مما لا يلائمه - 00:09:27ضَ
كما يقدره الله تعالى على العبد نوعان نوع يلائم ويسر به ويفرح به ونوع لا يلائمه ويكره فما وظيفته؟ نقول وظيفته فيما لا في وظيفته فيما يلائمه الشكر ووظيفته فيما لا يلائمه الصبر - 00:09:50ضَ
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عجبا لامر المؤمن ان امره كله له خير. ان اصابته سراء شكر كان خيرا له وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له. وليس ذلك لاحد الا للمؤمن - 00:10:16ضَ
اذا استعينوا بالصبر والصبر تقدم انه ثلاثة انواع الصبر من اعظم ما يستعان به على امور الدين والدنيا ولهذا قال الله عز وجل وجعلناهم ائمة يهدون بامرنا لما ها صبروا - 00:10:36ضَ
وقال عز وجل وتمت وتمت كلمة ربك الحسنى على بني اسرائيل ها بما صبروا وقال عز وجل ان الله مع الصابرين وقال عز وجل فاصبر ان العاقبة للمتقين ثم قال عز وجل واستعينوا بالصبر والصلاة - 00:11:00ضَ
اي واستعينوا بالصلاة وهذا شامل لفرضها ونفلها والصلاة من اعظم العبادات واجل الطاعات التي يستعان بها على طاعة الله عز وجل لانها من اسباب ثبات الانسان على دينه ومن اسباب حصول الرزق والنصر وقبول الاعمال - 00:11:22ضَ
كما قال الله عز وجل اتل ما اوحي اليك من الكتاب واقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر فهي سبب للنهي عن الفحشاء والمنكر وهي ايضا سبب لحصول الرزق - 00:11:51ضَ
قال الله تعالى وامر اهلك بالصلاة واصطبل عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك ها والعاقبة للتقوى وهي سبب للتمكين في الارض قال الله تعالى ولا ينصرن الله من ينصره. ان الله لقوي عزيز - 00:12:08ضَ
الذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور فهي من اعظم الاسباب التي يستعان بها على طاعة الله عز وجل وهي سبب ايضا لزوال الهم والغم - 00:12:28ضَ
ولهذا كان كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا حزبه امر ماذا يصنع فزع الى الصلاة وقال ارحنا يا بلال بالصلاة انتبه النبي يقول ارحنا يا بلال بالصلاة والناس لسان حالهم يقول - 00:12:53ضَ
ها ارحنا من الصلاة فتجد عندهم تثاقلا فالصلاة من اعظم ما يستعان به على طاعة الله عز وجل يقول واستعينوا بالصبر والصلاة وانها لكبيرة الا على الخاشعين وانها الواهنا واو الحال. اي والحال انها كبيرة - 00:13:13ضَ
والضمير في قوله وانها لكبيرة يحتمل ان يكون عائدا على الصلاة لانها اقرب مذكور اي ان الصلاة لكبيرة على الخاشعين الا على الخاشعين اي ان الصلاة لكبيرة الا على الخاشعين - 00:13:39ضَ
ويحتمل ان يكون عائدا على الامرين. يعني واستعينوا بالصبر والصلاة وانها اي الاستعانة لكبيرة الا على الخاشعين وهذا اولى ان يقال ان ان قوله وانها لكبيرة. يعني الاستعانة بالصبر والصلاة لكبيرة الا على الخاشعين - 00:14:00ضَ
وقوله سبحانه وتعالى لكبيرة اي لثقيلة وشاقة وصعبة هذا معنى كبيرة كما قال عز وجل وانها لكبيرة الا على الذين هدى الله وقال عز وجل وان كان كبر عليك اعراضهم - 00:14:25ضَ
يعني شق عليك وثقل عليك وقال عز وجل كبر على المشركين ما تدعوهم اليه. قال وانها لكبيرة الا على الخاشعين الخاشعون جمع خاشع والخشوع هو الذل والخضوع لله عز وجل - 00:14:47ضَ
اي ان الصلاة او على المعنى الثاني الاستعانة بالصبر والصلاة ثقيلة وشاقة وصعبة الا على الخاشعين الذين تذللوا لله تعالى وخضعوا له رغبة في ثوابه وخوفا من عقابه وهذا دليل على ان - 00:15:11ضَ
الصلاة واداءها والقيام بها كما شرعه الله. من اعظم اسباب الاستعانة وكذلك ايضا الصبر اذا حقق الانسان الصبر على طاعة الله وعن معصية الله وعلى اقداره المؤلمة كان هذا من اعظم اسباب الاستعانة - 00:15:35ضَ
ولهذا لما سأل معاذ رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اخبرني بعمل يدخلني ويباعدني عن النار وقال لقد سألت عن عظيم وانه ليسير على من يسره الله عليه - 00:15:56ضَ
نعبد الله ولا تشركوا به شيئا وتقيموا الصلاة وتؤتي الزكاة ثم قال عز وجل الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم. هذا وصف للخاشعين. يعني الا على الخاشعين الذين صفتهم ان الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم - 00:16:18ضَ
قالوا يظنون ان اي يتيقنون ويعلمون الظن هنا بمعنى العلم واليقين وليس بمعنى ما ترجح من احد الطرفين بل المراد بالظن هنا اليقين والعلم والظن يرد بمعنى اليقين ومنه قول الله عز وجل في الثلاثة الذين خلفوا - 00:16:41ضَ
وظنوا ان لا ملجأ من الله الا اليه ظن هنا اي تيقنوا وقال عز وجل الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم وقال عز وجل في اول سورة البقرة ظن هذا هو الموظوع طيب. اذا وايظا قال الله عز وجل ورأى المجرمون النار - 00:17:09ضَ
وظنوا انهم مواقعوها اي تيقنوا المهم ان ظن هنا ان ظن هنا بمعنى تيقن الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم اي سيلقون ويقابلون ويحشرون اليه سبحانه وتعالى ويعرضون عليه وانهم اليه راجعون - 00:17:44ضَ
انهم اليه راجعون تقديم ما حقه التأخير هنا يفيد الحصر اي انهم راجعون وسائرون اليه لا الى غيره فهو سبحانه وتعالى ترجع اليه الامور كلها كما قال عز وجل واليه يرجع الامر كله. وقال عز وجل والى الله ترجع الامور - 00:18:07ضَ
يظنون فهؤلاء يتيقنون انهم سيلاقون الله تعالى وانه سبحانه وانهم سيرجعون اليه وانه سوف يحاسبهم على اعمالهم ويستفاد من هذه الايات الكريمة فوائد في قوله عز وجل اتأمرون الناس بالبر - 00:18:36ضَ
فيها اولا الانكار على بني اسرائيل وتوبيخهم حيث كانوا يأمرون غيرهم بالبر وينسون انفسهم مع انهم يعلمون بوجوب امتثال ما يأمرون به وان الواجب عليهم ان يأمروا انفسهم اولا ثم يأمر غيرهم - 00:19:00ضَ
ولهذا قال اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب ومنها ايضا ذموا من يأمر الناس بالخير والبر وينسى نفسه وان من فعل ذلك ففيه شبه من اليهود الذي يأمر الناس بالخير ويقول افعلوا كذا وهو لا يفعل - 00:19:27ضَ
او يرشدهم الى شيء وهو لا يفعل هذا ينكر عليه. لانه في ان فيه شبها من اليهود. وهذا يدل على مسؤولية على نعم وهذا يدل على عظم مسؤولية اهل العلم وان العالم - 00:19:54ضَ
وان العالم وطالب العلم ينبغي له ان يتنبه وانه كلما امر الناس بشيء كان اول من يمتثل وانه اذا نهى الناس عن شيء كان اول من يجتنب لان الناس يحتجون بالافعال - 00:20:12ضَ
ها قبل الاقوال فاذا امرهم بامر ورأوه يخالف ذلك قالوا له لماذا تفعل يا ايها الذين امنوا لم تقولون ماذا تفعلون؟ كبر مقتا عند الله ومنها ايضا بيان سفه علماء بني اسرائيل - 00:20:32ضَ
واحبارهم حيث كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون انفسهم لقوله افلا تعقلون ويستفاد من هذه الاية الكريمة نعم الاستعانة مشروعية مشروعية الاستعانة بالصبر والصلاة على امور الدين والدنيا لقوله عز وجل واستعينوا بالصبر والصلاة - 00:20:51ضَ
ومنها ايضا فضيلة الصبر وانه من اسباب وانه من اسباب العون على مهام امور الدين والدنيا ومن فوائده ايضا عظم شأن الصلاة واهميتها وانها من اكمن وانها من اكبر اسباب العون للانسان - 00:21:22ضَ
في امور دينه وفي امور دنياه ومنها ايضا ان الصلاة كبيرة شاقة وكذلك ايضا الاستعانة بالصبر والصلاة كبير شاق الا على من خضع لله وذل له سبحانه وتعالى فانها تكون يسيرة عليه - 00:21:52ضَ
ومنها ايضا الترغيب في الخضوع والخشوع لله عز وجل في القلب واللسان والجوارح وان من كان اخشع لله كان اطوع له سبحانه وتعالى ومن فوائده ايضا ان من صفات هؤلاء المؤمنين - 00:22:18ضَ
الذين يستعينون بالصبر والصلاة من صفاتهم انهم يتيقنون لقاء الله عز وجل والرجوع اليه سيعملهم ذلك على الخوف من الله ومراقبته والحياء منه ومنها ايضا اثبات البعث والجزاء في قوله الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم وانهم اليه راجعون - 00:22:43ضَ
ومنها ايضا اثبات يوم القيامة في قوله ملاقوا ربهم وانهم اليه راجعون وهذا من الامور المجمع عليها بالكتاب والسنة والاجماع كما دلت على ذلك الادلة والله اعلم - 00:23:14ضَ