تفسير سورة البقرة

53- تفسير سورة البقرة - فضيلة الشيخ أ د سامي بن محمد الصقير- 29 جمادى الأولى 1444 هـ

سامي بن محمد الصقير

من الشيطان الرجيم واذا اخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما اتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين - 00:00:00ضَ

ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين. فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها او موعظة للمتقين بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى اله واصحابه واهتدى بهداه - 00:00:19ضَ

اما بعد يقول الله عز وجل واذا اخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور قولوا واذ اخذنا ميثاقكم اي اذكروا حين اخذنا ميثاقكم والميثاق هو العهد المؤكد الغليظ الثقيل قال ورفعنا فوقكم الطور. والظمير في قوله واذ اخذنا ميثاقكم يعود على بني اسرائيل. قال ورثعنا فوقكم - 00:00:40ضَ

اي رافعنا فوق رؤوسكم الطول كما قال الله عز وجل ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم الطور هو الجبل المعروف الذي نادى الله عز وجل موسى من جانبه كما قال تعالى وناديناه من جانب الطور الايمن - 00:01:11ضَ

وقربناه نجيا هذا الطور الجبل رفعه الله عز وجل فوق رؤوسهم تهديدا وتخويفا لهم لعلهم يرجعون الى الله تعالى كما قال تعالى واذا اتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا انه واقع بهم خذوا ما اتيناكم - 00:01:34ضَ

بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون يقول ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم خذوا ما اتيناكم بقوة اي رفعنا فوقهم الطور بميثاقهم قائلين لهم خذوا ما اتيناكم بقوة. وما هنا اسم موصول - 00:01:57ضَ

يفيد العموم اي خذوا واقبلوا جميع ما اتيناكم اي اعطيناكم من التوراة ما فيها من الاحكام. واعملوا واعملوا بمقتضاه خذوا ما اتيناكم بقوة الباء هنا للمصاحبة اي اخذا مصحوبا بالقوة - 00:02:17ضَ

يعني بحزم وعزم ونشاط وجد واجتهاد في امتثال الاوامر واذكروا ما فيه. اذكروا بقلوبكم والسنتكم. اذكروا ما فيه يعني ما في هذا الكتاب من الاحكام من الاوامر والنواهي والوعد والوعيد - 00:02:40ضَ

لعلكم تتقون. اي لاجل ان تتقوا ولتكونوا من اهل التقوى والتقوى هي اتخاذ وقاية من عذاب الله عز وجل بفعل اوامره واجتناب نواهيه هذا هو جماع التقوى ان تتخذ وقاية من عذاب الله - 00:03:06ضَ

بفعل اوامره واجتناب نواهيه وقيل في التقوى هي ان تعمل بطاعة الله على نور من الله نرجوا ثواب الله. وان تترك ما نهى الله على نور من الله تخشى عقاب الله - 00:03:29ضَ

وقيل في التقوى هي الا يفقدك حيث امرك وان لا يجدك حيث نهاك وقيل في التقوى خلي الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى واعمل كماش فوق ارض الشوك يحذر وما يرى لا تحقرن صغيرة ان الجبال من الحصى - 00:03:46ضَ

يقول سبحانه وتعالى لعلكم تتقون اي لاجل ان تتقوا قال ثم توليتم ثم يعني من بعد ذلك توليتم بأبدانكم وبقلوبكم اي توليتم بأبدانكم واعرظتم بقلوبكم عن طاعة الله عز وجل من بعد ذلك - 00:04:12ضَ

يعني من بعد اخذ الميثاق ورفع الطول فوقكم غير ذلك مما حصل فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين. لولا حرف امتناع لوجود واللام في قوله لكنتم اللام واقعة في جواب لولا - 00:04:33ضَ

كيف لولا فضل الله عليكم موجود لكنتم من الخاسرين. اي الخاسرين في الدنيا والاخرة واعظم الخسارة اعظم الخسارة هي خسارة الدين قل ان الخاسرين الذين خسروا انفسهم واهليهم يوم القيامة الا ذلك هو الخسران المبين - 00:04:58ضَ

ثم قال عز وجل ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين. هذا ايضا مما ذكر الله عز وجل به بني اسرائيل قال ولقد علمتم الجملة هنا مؤكدة - 00:05:22ضَ

في ثلاثة مؤكدات اللام والقسم وقد اللام والقسم المقدر وقد والتقدير والله لقد علمتم والخطاب هنا في قوله ولقد علمتم الخطاب لبني اسرائيل الموجودين وقت نزول القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم - 00:05:42ضَ

اي والله لقد علمتم يا بني اسرائيل الذين تجاوزوا منكم حدود الله عز وجل وارتكبوا ما نهاهم الله تعالى عنه يوم السبت ولهذا قال ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت - 00:06:10ضَ

المراد بالسبت هنا احد ايام الاسبوع وسمي سبتا لانهم كانوا ينقطعون فيه عن العمل فالسبت في الاصل هو القطع والراحة ولذلك سمي يوم السبت سبتا لانهم كانوا ينقطعون عن العمل في هذا اليوم - 00:06:26ضَ

ومعنى قوله عز وجل الذين اعتدوا منكم في السبت يعني في حكم يوم السبت فيما حكم الله تعالى عليهم بتحريم العمل والصيد في يوم السبت لاجل ان يتفرغوا بعبادة الله تعالى - 00:06:52ضَ

فابتلاهم الله ان الحيتان تأتي شرعا يوم السبت يعني تكفر في هذا اليوم دون غيره من الايام ابتلاء من الله عز وجل وامتحانا ولهذا قال الله عز وجل في سورة الاعراف واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر اذ يعدون في السبت اذ تأتيهم حيتان - 00:07:11ضَ

يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون تحتال لما رأوا هذه الحيتان وهذه الاسماك تجتمع يوم السبت احتالوا بان وضعوا شباكهم يوم الجمعة وتركوها - 00:07:35ضَ

واخذوها يوم الاحد. فتقع الحيتان والاسماك في هذه الشباك وقالوا نحن لم نصل يوم السبت لم نصل يوم السبت ما ارتكبنا مخالفة ولكنهم تحايلوا على ذلك ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لا ترتكب لا لا تستحلوا محارم الله لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود - 00:07:57ضَ

لا ترتكب ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بادنى الحيل فاصل الحيل من اليهود والحيلة ما هي الحيلة الحيلة هي التوصل الى اسقاط واجب او فعل محرم بفعل ظاهره الاباحة - 00:08:25ضَ

هذا ضابط الحيلة التوصل الى اسقاط واجب او فعل محرم بفعل ظاهره الاباحة. يعني من شاهد هذا الفعل قال مباح مثلا لو سافر لاجل ان يفطر الفعل ظاهره مباح ولا غير مباح؟ رجل يسافر - 00:08:51ضَ

لكنه عاد السفر لم يقصد به السفر وانما قصد به التحيل على الفطر كذلك ايضا في الربا مثل مسألة العينة ان يبيع شيئا بثمن مؤجل ثم يعود ويشتريه نقدا باقل - 00:09:12ضَ

مثال هو مثلا قلت لك اه اردت قرضا مني مئة الف. قلت اعطيك مئة وعشرين هذا ريبة طيب اذا ابيعك بيتي جئتك بيتي بمائة وعشرين الف مؤجلة الى سنة واضح - 00:09:30ضَ

بعتك بيتي بمئة وعشرين الف مؤجلة الى سنة ثم بعد ذلك اتيت اليك واشتريته منك نقدا بمئة الف الان حقيقة تضامن كاني بعتك مئة بمئة وعشرين وجعلت البيت ها وسيلة - 00:09:48ضَ

ولهذا قال ابن عباس دراهم بدراهم دخلت بينهما اه فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين. قلنا لهم كونوا اي سيرناهم قردة خاسئين والقردة هي الحيوانات المعروفة وهي من اخس الحيوانات ولهذا قال خاسئين يعني اذلة صاغرين - 00:10:08ضَ

فمسخوا والعياذ بالله مسخوا قردة خاسئين مسخا حقيقيا لصورهم ومعنويا لقلوبهم فمسخوا بابدانهم وصورهم وبقلوبهم عقوبة لهم على استخفافهم بامر الله عز وجل وتحايلهم على محارم الله ولهذا قال الله عز وجل قل هل انبئكم بشر من ذلكم مثوبة عند الله؟ من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم - 00:10:35ضَ

والخنازير وعبد الطاغوت فعوقبوا يعني قردة عوقبوا بجنس عملهم لانه مرتكبوا هذه الحيلة وهي الصيد يوم السبت صورتها صورة مباح هذه الحيلة التي ارتكبوها صورتها صورة امر مباح وهو في الحقيقة محرم - 00:11:12ضَ

فعوقبوا بمسخهم سورة القردة التي تشبه صورة الادمي وليس بادمي لما تحايلوا على الصيد لما تحايلوا على الصيد بهذه الحيلة. هذه الحيلة او هذا العمل صورته صورة مباح لكن حقيقته محرم - 00:11:40ضَ

فعوقبوا بان مسخوا والقرد هو من اشبه الحيوانات بالنسبة للانسان فهو السورة سورة ادم ولكنه ليس بادمي. والجزاء من جنس العمل كما قال الله عز وجل وجزاء سيئة سيئة مثلها - 00:12:02ضَ

فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين. الظمير في قول فجعلناها يحتمل ان ان يعود على العقوبة التي عوقبوا بها جعلنا هذه العقوبة نكالا يعني صيرناها نكالا وهي - 00:12:23ضَ

انهم انهم صاروا قردة خاسئين ويحتمل عود الضمير في قوله فجعلناها على القرية يعني جعلنا القرية نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين كما قال عز وجل واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر اذ يعدون في السبت اذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا - 00:12:43ضَ

وقول فجعلناها نكالا النكال العقوبة التي يعاقب بها مرتكب المعصية فتكون نكالا له من العود الى المعصية مرة ثانية بحيث انها تكون ردعا وزجرا كما قال الله عز وجل والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما جزاء بما كسب ها نكالا من الله - 00:13:09ضَ

النكال هو العقوبة التي يعاقب بها من ارتكب معصية لاجل ان تكون ردعا وزجرا له عن العود اليها مرة اخرى فجعلناها يعني هذه العقوبة او هذه القرية نكالا يعني عقوبة لما بين يديها وما خلفها - 00:13:40ضَ

ما بين يديها من القرى وما خلفها يعني ما حولها من امام من من الامام والخلف وموعظة للمتقين يعني عظة وعبرة وهي عظة وعبرة قدرية كونية. للمتقين والموعظة الموعظة في الاصل هي التذكير المقرون بترغيب او ترغيب. هذي موعظة - 00:14:00ضَ

الموعظة والعظة هي التذكير المقرون بترغيب او ترغيب وقيل هي الاعلام المقرون بترغيب او ترهيب وسبق لنا مرارا ان قلنا ان الموعظة الاحسن ان نعرفها بانها التذكير بما يصلح الخلق - 00:14:30ضَ

ان الموعظة التذكير بما يصلح الخلق سواء كان ترغيبا ام ترهيبا ام ذكرا للاحكام الشرعية؟ والدليل على ان الموعظة تشمل هذا قول الله عز وجل ان الله يأمر بالعدل والاحسان - 00:14:53ضَ

وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ها يعظكم لعلكم تذكرون. وما ذكر احكام او غير احكام احكام ولهذا الموعظة الاحسن ان نعرفها هي التذكير بما يصلح الخلق سواء كان ترغيبا ام ترهيبا. قد يكون الترغيب والترهيب هو الاصلح - 00:15:13ضَ

وقد يكون ذكر الاحكام هو الاصلح بل ذكر الاحكام الشرعية من حلال او حرام انفع للانسان وان كانت المواعظ ينتفع بها. لكن الموعظة ينتفع بها الانسان في حينها. ثم تنسى - 00:15:38ضَ

الموعظة الانسان ينتفع بها في حينها وفي وقتها ثم تنسى. لكن الاحكام الشرعية تبقى او لا تبقى ولهذا مثلا في خطبة الجمعة تجد ان الخطيب اذا تكلم ووعظ الناس وربما يبكون من شدة الوعظ اذا خرجوا - 00:15:55ضَ

الموعظة لكن لو ذكر احكاما شرعية احكام الصيام الزكاة الحج هذه الاحكام ايش تبقى اذا وموعظة للمتقين يعني عظة وعبرة للمتقين. وهذه العظة والعبرة عظة قدرية لاجل ان تكون ذكرا لمن يتقي الله عز وجل. والسعيد من وعظ بغيره - 00:16:14ضَ