تفسير سورة البقرة

88- تفسير سورة البقرة- الآيات (127-128) فضيلة الشيخ أد سامي الصقير- 16 جمادى الآخرة 1445هـ

سامي بن محمد الصقير

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا. انك انت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك وارنا مناسكنا وتب علينا - 00:00:00ضَ

وتب علينا انك انت التواب الرحيم ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم اياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انك انت العزيز الحكيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله - 00:00:24ضَ

وعلى اله واصحابه ومن اهتدى بهداه اما بعد يقول الله عز وجل واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم قوله عز وجل واذ يرفع ابراهيم - 00:00:45ضَ

اذ ظرف لما مضى من الزمن بمعنى حين اي اذكر يا محمد حين يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل وهنا قال واذ يرفع ولم يقل واذ رفع اشارة لاستحضار الصورة والحالة كأنه امر مشاهد - 00:01:04ضَ

وقوله القواعد جمع قاعدة وقواعد البيت هي اساسه التي يقوم عليها ورفعها رفع القواعد. اي اظهارها من الارظ لتقوم عليها الجدران ومن ثم السقف وقولوا من البيت من هنا بيانية - 00:01:30ضَ

والمراد بالبيت البيت الحرام والمراد بالبيت البيت الحرام وهو الكعبة شرفها الله واسماعيل هذا معطوف على ابراهيم واذكر اذ يرفع اسماعيل وانما اخر ذكر اسماعيل ولم يقل واذ يرفع ابراهيم واسماعيل القواعد من البيت - 00:01:56ضَ

وانما قال واذ يرفع ابراهيم القواعد من من البيت واسماعيل اشارة الى التفاوت في عمل كل منهما لان عمل ابراهيم عليه الصلاة والسلام هو الاصل فهو الذي يبني واسماعيل يعينه - 00:02:24ضَ

ويناوله الحجارة فلما كان ابراهيم اصلا فهمتم؟ انفلاتي الكريمة لم يقل الله عز وجل واذ يرفع ابراهيم واسماعيل. القواعد وانما قال واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل انما اخر اسماعيل لان الاصل في العمل هو ابراهيم عليه الصلاة والسلام واسماعيل هو الذي يعينه - 00:02:45ضَ

ولهذا ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الم تر ان قومك لما بنوا الكعبة اقتصروا على قواعد ابراهيم وقال على قواعد ابراهيم - 00:03:13ضَ

قال ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم. ربنا الجملة هنا في محل نصب مقول القول اي وهما يقولان ربنا تقبل منا هاي حالة كونها هي اي حال كونهما يقولان ربنا تقبل منا - 00:03:32ضَ

وقولوا ربنا ان يا خالقنا ويا رازقنا ويا مالكنا ويا مدبرنا وانما اتى بالرب تبركا تقبل منا اي ان كل واحد منهما يقول ربنا تقبل منا وتقبل الله عز وجل للعمل - 00:03:55ضَ

معناه ان يتلقاه بالرضا وان يرضى عن فاعله فيثيبه على عمله بالاجر العظيم ولم يذكر هنا المعمول او المفعول لم يقل ربنا تقبل منا بناء الكعبة ليعم ذلك بناء الكعبة وغيرها من الاعمال - 00:04:18ضَ

انك انت السميع العليم انك الجملة هنا تعليلية اي لانك انت السميع العليم وهي مؤكدة بمؤكدين ان والضمير المنفصل انت اي ندعوك ونسألك ان تتقبل منا لانك انت السميع العليم - 00:04:45ضَ

تسمع دعاءنا وتعلموا حالنا وسرنا ودعائنا فجمع الصلاة والسلام جمع بين امرين بين رفع القواعد من البيت وبين الاخلاص لله عز وجل في هذا العمل وبين ايضا دعاء الله تعالى - 00:05:11ضَ

وخوفه والاشفاق منه والاشفاق من عدم القبول وهذا هو حال الانبياء والصالحين انهم يعملون العمل وهم مشفقون كما قال الله تعالى والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة اي انها خائفة من عدم القبول - 00:05:34ضَ

ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم السميع اسم من اسماء الله عز وجل على وزن فعيل وهو يدل على انه ذو السمع الواسع الذي يسمع جميع الاصوات وسمع الله عز وجل - 00:05:58ضَ

ينقسم الى قسمين القسم الاول سمع ادراك سمعوا ادراك الاصوات وسماعها ومنه قول الله عز وجل ام يحسبون انا لا نسمع سرهم ونجواهم؟ بلى ورسلنا لديهم يكتبون وقال تعالى قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها - 00:06:24ضَ

والثاني القسم الثاني سمع اجابة معنى سمع اي اجاب ومنهم قول الله تعالى ان ربي لسميع الدعاء ومنه قول المصلي سمع الله لمن حمده اي استجاب الله لمن حمده فإذا السميع ايد السمع - 00:06:51ضَ

الواسع الذي يسمع جميع الاصوات ثم السميع الذي هو اسم من اسماء الله على قسمين سمع ادراك الاصوات وسمعوا اجابة. ولهذا قال انك انت السميع العليم والعليم اسم من اسماء الله عز وجل - 00:07:16ضَ

على وزن فعيل يدل على انه سبحانه وتعالى ذو العلم الواسع العظيم الذي وسع كل شيء كما قال الله تعالى ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما. وقال عز وجل وسع كل شيء علما - 00:07:39ضَ

ثم قال عز وجل ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك ربنا اي يا ربنا والرب هو الخالق الرازق المالك المدبر وفي تكرار النداء ربنا ربنا دليل على - 00:08:02ضَ

اظهار الظراعة الى الله عز وجل واللجوء اليه ربنا واجعلنا مسلمين لك اجعلنا اي صيرنا فهي تنصب مفعولين المفعول الاول في اجعلنا والمفعول الثاني مسلمين وقول مسلمين الاسلام له معنيان - 00:08:24ضَ

معنى عام ومعنى خاص تأمل معنى العام للاسلام فهو الاستسلام لله تعالى في كل زمان او مكان كانت الشريعة فيه قائمة الاستسلام لله عز وجل في كل زمان او مكان كانت الشريعة فيه قائمة - 00:08:54ضَ

وعلى هذا فالامم السابقة الذين امنوا برسلهم هم مسلمون ولهذا وصف الله تعالى ابراهيم عليه الصلاة والسلام الاسلام لما تنازع فيه ثلاث طوائف اليهود والنصارى والمسلمون حكم الله تعالى بينهم بقوله ما كان ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما - 00:09:18ضَ

انا من المشركين وقال عز وجل عن موسى عليه الصلاة والسلام انه قال لقومه قال يا قومي ان كنتم امنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين اما المعنى الخاص للاسلام فهو ما بعث به الرسول صلى الله عليه وسلم. اي الاستسلام والانقياد - 00:09:47ضَ

لشريعة النبي صلى الله عليه وسلم. واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة اي واجعل من ذريتنا اي صير من ذريتنا امة مسلمة لك وقوله تبارك وتعالى ومن ذريتنا من هنا يحتمل ان تكون للتبعيض يعني بعضا من الذرية ويحتمل ان تكون لبيان الجنس - 00:10:10ضَ

وهذا اولى وقوله ومن ذريتنا الذرية من تفرعوا من الانسان من اولاده واولاد اولاده وان نزلوا. هؤلاء هم الذرية فكل من تفرع من الانسان من ذريته من من اولاده واولادي اولاده وان نزلوا فهم فهم ذريته - 00:10:40ضَ

وقول امة مسلمة امة الامة هنا بمعنى الجماعة الجماعة العظيمة ولفظ الامة ورد القرآن على اربعة معان لفظ الامة ورد في القرآن على اربعة معان المعنى الاول امة بمعنى الامام - 00:11:03ضَ

الذي يقتدى به ومنه قول الله عز وجل ان ابراهيم كان امة اي اماما وقدوة في الخير المعنى الثاني امة بمعنى جماعة ومنه هذه الاية امة امة مسلمة ومنه قول الله عز وجل ولما ورد ماء مدينة وجد عليه امة من الناس يسقون - 00:11:31ضَ

اي جماعة المعنى الثالث امة بمعنى ملة وشرعة كقوله عز وجل انا وجدنا اباءنا على امة هاي على شريعة وملة المعنى الرابع امة بمعنى الزمن ومنه قول الله تعالى بعد امة اي بعد زمن - 00:12:01ضَ

اذا هذه اربعة معان للفظ الامة في القرآن الكريم قال امة مسلمة لك مسلمة اي مستسلمة لك بالتوحيد كن قادة لك بالطاعة مخلصة لك من الشرك وذرية ابراهيم عليه الصلاة والسلام - 00:12:29ضَ

هم العرب وبنو اسرائيل ذريته العرب وبنو اسرائيل اما ذرية اسماعيل فهم العرب خاصة ولهذا فانهم اعني ذرية اسماعيل اول من يدخل في هذه الدعوة لكونهم من ذرية ابراهيم واسماعيل - 00:12:51ضَ

ولا يصدق على احد انه من ذرية ابراهيم واسماعيل سواهم يقول وقد استجاب الله تعالى هذه الدعوة فاسلم جل قبائل العرب كما اسلم بعض بني اسرائيل استجابة لدعوة ابراهيم عليه الصلاة والسلام - 00:13:15ضَ

قال وارنا مناسكنا اي بين لنا مناسكنا حتى نراها وحتى نعلمها والمناسك جمع منسك وهو يعم العبادة ومكانها وزمانها فمكان العبادة يسمى منسك وزمان العبادة يسمى منسك والعبادة ايضا تسمى - 00:13:34ضَ

منسك ومن المناسك شعائر الحج فانها من المناسك قال وتب علينا انك انت التواب الرحيم. وتب علينا تب علينا ان يوفقنا للتوبة واقبلها منا اذا وتب علينا له معنيان المعنى الاول وفقنا للتوبة والمعنى الثاني اقبلها منا - 00:14:07ضَ

فتوبة الله تعالى على العبد ان يوفقه للتوبة اولا ثم يقبلها منه ان يوفقه للتوبة كما قال الله تعالى ثم تاب عليهم وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى اذا ضاقت عليهم الارض بما رحبت وضاقت عليهم انفسهم. وظنوا ان لا ملجأ من الله الا اليه - 00:14:34ضَ

ثم تاب عليهم اي وفقهم للتوبة ليتوبوا والثاني قبول التوبة قال الله تعالى وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات والتوبة هي الرجوع الى الله تعالى من معصيته الى طاعته - 00:14:56ضَ

توبة هي الرجوع الى الله عز وجل من معصيته الى طاعته وهي واجبة على الفور لا يجوز تأخيرها ولا التسويف فيها لقول الله عز وجل وتوبوا الى الله جميعا ايها المؤمنون لعلكم تفلحون - 00:15:19ضَ

وقال عز وجل يا ايها الذين امنوا توبوا الى الله توبة نصوحا واوامر الله واوامر رسوله صلى الله عليه وسلم على الفور ولان الاصرار على المعاصي يوجب للانسان ان يألفها - 00:15:40ضَ

وان يتشبث بها وحينئذ يصعب عليه ان يفارقها ولان الاصرار على المعاصي والذنوب سبب لحرمان العبد فظل الله عز وجل العبد قد يحرم فظل الله بسبب ذنوبه ومعاصيه ولهذا كانت التوبة كانت واجبة على الفور - 00:16:02ضَ

والتوبة النصوح لها شروط خمسة الشرط الاول الاخلاص لله عز وجل بان يقول الحامل له على التوبة خوف الله عز وجل وخشية عقابه الشرط الثاني من شروط من شروط التوبة النصوح - 00:16:26ضَ

الاقلاع عن الذنب فورا فان كانت التوبة بترك واجب بادر بفعله وان كانت بارتكاب محرم بادر بتركه وان كانت متعلقة بادمي بادر برد حقه واستحلاله الشرط الثالث من شروط التوبة - 00:16:52ضَ

الندم على ما مضى بان يتمنى انه لم يحصل منه هذا الذنب لان الندم يوجب انكسار القلب وخنوعه وخشوعه وخضوعه لله عز وجل الشرط الخامس من شروط التوبة العزم الرابع. العزم على الا يعود الى ذلك في المستقبل - 00:17:18ضَ

تاب من ذنب ونفسه تحدثه انه متى تيسر له الذنب فعل هذا الذنب فانه فان هذه التوبة ليست توبة نصوحا بل هو في توبته وتأمل الشرط العزم على الا يعود وليس الشرط الا يعود - 00:17:46ضَ

فاذا تاب توبة نصوحا ولكن عزه الشيطان فعاد فتوبته الاولى فتوبته الاولى صحيحة الشرط الخامس من شروط قبول التوبة ان تكون التوبة في وقت القبول وهو نوعان عام وخاص تأمل عام فان يتوب قبل طلوع الشمس من مغربها - 00:18:09ضَ

كما قال تعالى يوم يأتي بعض ايات ربك لا ينفع نفسا ايمانها. لم تكن امنت من قبل او كسبت في ايمانها خيرا وقال النبي صلى الله عليه وسلم من تاب قبل ان تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه - 00:18:34ضَ

والثاني خاص وهو حضور الاجل فاذا حضر الاجل لم تنفع التوبة قال الله تعالى انما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فاولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما. وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى - 00:18:51ضَ

حتى اذا حضر احدهم الموت قال اني تبت الان وقال النبي صلى الله عليه وسلم من ان الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر انك انت التواب الرحيم الجبنة هنا تعليل لما قبلها - 00:19:18ضَ

اي تب علينا لانك انت التواب الرحيم والجملة هنا كالجملة السابقة مؤكدة بمؤكدين دين وضمير الفصل انت وهذا من التوسل باسماء الله عز وجل انك انت التواب الرحيم. كما لو قلت يا غفور اغفر لي. يا رحيم ارحمني يا تواب. تب علي - 00:19:38ضَ

انك انت التواب. والتواب اسم من اسماء الله عز وجل على وزن فعال وهو يدل على كثرة من يتوب اليه وكثرة توبة الله عز وجل عليه اذا التواب يدل على كثرة من يتوب عليهم. وكثرة توبة العبد نفسه ايضا - 00:20:08ضَ

الرحيم اسم من اسماء الله على وزن فعيل وهو يدل على اثبات صفة الرحمة لله عز وجل ورحمة الله عز وجل نوعان رحمة ذاتية ثابتة له سبحانه وتعالى كما قال وربك الغفور ذو الرحمة - 00:20:37ضَ

ورحمة فعلية يوصلها الى من يشاء من عباده كما قال تعالى يعذب من يشاء ويرحم من يشاء ثم ان رحمة الله تعالى نوعان عامة وخاصة العامة في جميع الخلق من مسلم وكافر وبر وفاجر - 00:21:01ضَ

قال الله تعالى ان الله بالناس لرؤوف رحيم. بالناس عموما والنوع الثاني رحمة خاصة بالمؤمنين قال الله تعالى وكان بالمؤمنين رحيما ثم قال عز وجل ربنا وابعث فيهم نؤجلها الى - 00:21:26ضَ

الدرس القادم ان شاء الله - 00:21:46ضَ