السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي هدى بكتابه القلوب وانزله في اوجز لفظ واعجز اسلوب فاعيت بلاغته البلغاء وابكمت فصاحته الفصحاء واذهلت روعته الخطباء فهو الحجة البالغة والدلالة الدامغة والنعمة الباقية والعصمة الواقية - 00:00:00
وهو شفاء الصدور والحكم العدل فيما احكم وتشابه من الامور. واشهد ان لا اله الا الله العزيز الغفور. واشهد ان سيدنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وخليله. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى اله الطيبين الطاهرين. واصحابه الغر الميامين - 00:00:26
تواجهي امهات المؤمنين. وصلي علينا يا رب معهم بمنك وكرمك ورحمتك وانت ارحم الراحمين وبعد فان العلوم وان تباينت اصولها وشرقت وغربت فصولها وتعددت وتنوعت ابوابها واحكامها فانا لا اقلل من قدرها وشأنها - 00:00:49
الا ان اعلاها قدرا واغلاها مهرا واقومها قيلا واوضحها سبيلا واصحها دليلا علم التفسير هو شمس ضحاها وبدر دجاهة ولم لا وشرف كل علم بشرف موضوعه. وموضوع علم التفسير كلام ربنا الملك القدير الذي هو منبع كل حكمة - 00:01:11
ومعدن كل فضيلة. واصل الاصول وطريق الوصول الى السعادة والنجاة في الدنيا والاخرة بصحبة الحبيب الرسول صلى الله عليه وسلم ونحن الليلة بحول الله وطوله وتوفيقه ومدده على موعد مع اللقاء الثاني والستين بعد المائتين من لقاءات التفسير - 00:01:37
وهو اللقاء السابع عشر من لقاءات تفسيرنا لسورة ال عمران وكنا قد توقفنا عند الاية الواحدة والخمسين. الا وهي قول رب العالمين ان الله ربي وربكم اعبدوه هذا صراط مستقيم - 00:02:01
ها هو قول عيسى ها هو قول عيسى عبد الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه يظهر عبوديته وخضوعه لربه جل وعلا ويدعو قومه الى افراد الله وحده الجامعي لكل صفات الكمال والجمال والجلال بالعبادة والتوحيد - 00:02:20
يدعو قومه الى افراد الله جل وعلا وحده بالعبادة والتوحيد بلا منازع او شريك والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه وهذه الاية من اعظم الادلة الكبرى على صدقه - 00:02:52
حيث اتفق جميع اخوانه من النبيين والمرسلين في الدعوة الى توحيد الله جل وعلا وافراده بالعبادة ان الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم هذا الطريق لا سواه هو الطريق الموصل الى رضوان الله جل علاه - 00:03:21
ان الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم فلما احس عيسى منهم الكفر قال من انصاري الى الله؟ قال الحواريون نحن انصار الله امنا بالله واشهد بانا مسلمون الاية رقم اتنين وخمسين - 00:03:49
اي لما رأى نبي الله عيسى على نبينا عليه الصلاة والسلام اعراضهم وصدودهم وعدم انقيادهم لامر الله جل وعلا بل وهموا بقتله قال من انصاري الى الله من يعاونني وينصرني - 00:04:14
ويكون معي لننصر دين الله جل وعلا رد الحواريون وهم صفوته الذين امنوا بالله وصدقوا نبي الله عيسى والحواريون انصار كل الانبياء والمرسلين. ما من نبي الا وله حواريون اي انصار واتباع - 00:04:38
كما في صحيح مسلم من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من نبي بعثه الله في امة قبلي الا وكان له من امته حواريون واصحاب - 00:05:11
يأخذون بسنته ويقتدون بامره ثم انه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن. ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن. ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من - 00:05:30
وقام حواري وانصار واتباع عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام ليعلنوا بوضوح وبقوة انهم انصار دين الله وانصار عبده ورسوله عيسى عليه الصلاة والسلام فقالوا له نحن انصار الله امنا بالله - 00:05:54
اي يجب علينا ان نكون انصارا لله جل وعلا ولدينه. ولرسوله لاننا امنا بالله جل وعلا وهذا يوجب علينا ان ننصر دينه وان نتبع رسوله عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام - 00:06:26
ولم يكتف الحواريون بذلك بل اشهد على ذلك نبي الله عيسى وقالوا له واشهد بان مسلمون اي مستسلمون منقادون لامر الله جل وعلا ومطيعون لك ولما تأمرنا به لنصرة دين الله تبارك وتعالى - 00:06:47
وهذا اقرار من الحواريين بان دينهم هو الاسلام وبان الاسلام دين كل الانبياء والمرسلين صلوات الله عليهم اجمعين وقد بينت ذلك هذا وقد بينت ذلك مرارا ثم قام الحواريون يتضرعون الى الله سبحانه وتعالى - 00:07:16
بهذا الدعاء الودود الجميل ربنا امنا بما انزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين رقم تلاتة وخمسين ربنا امنا بما انزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين. اي لقد امنا بك يا ربنا - 00:07:42
ربنا الرب كما ذكرت مرارا هو الخالق ابتلاء والمربي غذاء والغافر انتهاء اعلن الحواريون ايمانهم اي امنا بك يا ربنا وبما انزلت من كتب على انبيائك ورسلك اتبعنا عبدك ورسولك عيسى عليه الصلاة والسلام - 00:08:03
فاكتبن في جملة من شهدوا لك بالوحدانية ولانبيائك بالنبوة والرسالة والتصديق يا له من دعاء جميل ربنا امنا بما انزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ثم بين الحق تبارك وتعالى - 00:08:32
ان اولئك الذين مكروا ودبروا لقتل عيسى قد احبط الله عملهم ورد الله مكرهم وكيدهم في نحورهم ونجى الله عبده ورسوله عيسى عليه الصلاة والسلام من شرورهم والله خير الماكرين - 00:09:03
وقال سبحانه ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين الاربعة وخمسين ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين للعلماء في مكر الله بهؤلاء المخادعين الخونة للعلماء في مكر الله بهم قولان القول الاول - 00:09:30
ان الله جل جلاله القى شبه عيسى على واحد منهم اي من اولئك اليهود الذين خرجوا يريدون قتل عيسى عليه الصلاة والسلام القى الله شبه عيسى على واحد منهم فاخذوه - 00:09:58
وقتلوه وصلبوه القول الثاني ان الله جل وعلا القى شبه عيسى على واحد من اصحابه وحوارييه فاخذوه وقتلوه وصلبوه ومكر الله جل وعلا بهم صفة مدح وكمال لانه مكر في موضعه - 00:10:16
لان المكر في غير موضعه صفة ذم وخيانة وخداع وتضليل وايصال الاذى لمن لا يستحقه اكرر مكر الله بهم في هذا الموضع صفة مدح وكمال لان المكر في غير موضعه صفة ذم. وخيانة - 00:10:49
خداع وتضليل وايصال الاذى لمن لا يستحقه. اما المكر في موضعه من الله جل وعلا بهم وهو عدل ورحمة وحفظ لرسله وانبيائه وعباده المؤمنين واخذ للكافرين والظالمين والماكرين المخادعين الخائنين - 00:11:13
والصفات ثلاثة انواع ارجو ان تتدبروا هذا الصفات ثلاثة انواع صفات كمال لا نقص فيها باي وجه من الوجوه صفة العلم والسمع والبصر والقدرة والرحمة وغيرها وهذه يوصف بها الله جل جلاله مطلقا بلا قيد - 00:11:40
النوع الثاني صفات نقص لا كمال فيها ولا مدح فيها وهذه لا يوصف بها الله جل وعلا ابدا صفة الاكل والنوم والعجز الظلم والخيانة وغيرها هذه الصفات لا يوصف بها رب الارض والسماوات ابدا - 00:12:19
لانه صفات نقص اما النوع الثالث من انواع الصفات صفات فيها كمال وفيها نقص فيها مدح وفيها ذم على حسب الحال التي تذكر فيه الصفة تدبروا هذا التأصيل على حسب الحال التي تذكر فيها الصفة - 00:12:48
كالمكر والخديعة والاستهزاء فالمكر والخديعة والاستهزاء في موضعه باعداء الله من الخائنين والمستهزئين والخونة المكر بهم صفات كمال لانها دليل على كمال العلم والقدرة والسلطان ولا ترد هذه الصفات المكر - 00:13:15
والخديعة والاستهزاء لا ترد ابدا على سبيل الاطلاق وانما تأتي في القرآن مقيدة بما يجعلها كمالا ومدحا في حق الله سبحانه وتعالى. تدبروا معي قال الله عز وجل ان المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم - 00:13:46
هذا خداع مقيد ليس مطلقا ابدا ان المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم فهذا خداع مقيد بالمنافقين وقال تعالى واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك. ويمكرون ويمكر الله - 00:14:09
الله خير الماكرين. هذا مكر مقيد بالمشركين هذا مكر مقيد بالمشركين الذين يمكرون بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ليقتلوك ولينالوا منه فمكر الله عز وجل بهم وقال تعالى في شأن المنافقين ايضا واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن مستهزئون - 00:14:36
بيقول الله يستهزأ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون الله يستهزئ بهم هذا استهزاء مطلق. كلا كلا له استهزاء مقيد بالمنافقين هذه الصفات المكر الخديعة والاستهزاء في السياق التي وردت فيه - 00:15:08
مقيدة بالمنافقين مرتين وبالمشركين مرة هي صفات كمال ومدح تدبروا معي ولكن لا يجوز ابدا ان نشتق من هذه الصفات الفعلية لرب البرية اسماء له سبحانه وتعالى كما فعل ذلك بعض المصنفين الذين كتبوا في الاسماء والصفات - 00:15:37
فاشتقوا من صفة المكر اسم الماكر وسموا ربنا جل وعلا بهذا الاستعان الله عن ذلك علوا كبيرا واشتقوا من فعل يخادعون الله والذين امنوا الى قوله وهو خادعهم يشتق اسم المخادع - 00:16:06
الله يستهزئ بهم اشتقوا اسم المستهزئ. تعالى الله عن ذلك حاشا لله ان يكون من اسمائه الماكر والمخادع والمستهزئ فلا يجوز ان نشتق من هذه الصفات الفعلية التي هي صفات مدح وعز وكمال وقدرة وسلطان في سياقها التي وردت فيه. لا يجوز ان نشتق منها - 00:16:35
اسماء لله سبحانه وتعالى فنحن نعلنها بوضوح كما كررناها لا ابالغ ان قلت الاف المرات يجب علينا نحن المؤمنين ان نثبت لله جل وعلا ما اثبته لذاته من اسماء الجلال وصفات الكمال - 00:17:06
وان نثبت له سبحانه وتعالى ما اثبته له اعرف الخلق به عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم. من اسماء وصفات الكمال من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل. ليس كمثله شيء - 00:17:39
وهو السميع البصير هذا معتقدنا الذي ندين به لربنا جل وعلا. ونسأل الله سبحانه وتعالى ان نلقاه به انه ولي ذلك والقادر عليه ثم بين الحق جل جلاله كيف دبر لعبده ورسوله عيسى - 00:18:09
وكيف نجاه وكيف اخفاه عن انظار اعدائه ورفعه اليه سبحانه وقال جل جلاله اذ قال الله يا عيسى اني متوفيك ورافعك الي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا الى يوم القيامة - 00:18:30
ثم الي مرجعكم فاحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون الاية رقم خمسة وخمسين اية جميلة الله جل وعلا يقول لعيسى على نبينا عليه الصلاة والسلام ايذكر يا محمد اذ قال الله تعالى لعيسى اني متوفيك - 00:19:00
ارجو ان تنتبهوا معي اي اذكر يا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ قال الله تعالى لعيسى صلى الله عليه وسلم اني متوفيك وظاهر المعنى اي مميتك اني متوفيك اي - 00:19:29
مميتك فاصل فعل التوفي في اللغة اخذ الشيء وافيا تاما فيقال توفاه الله يقال توفاه الله اي قدر عليه الموت اي امات ويقال توفاه ملك الموت اي انفذ فيه ارادة الله فقبض روحه - 00:19:52
واسرح من هذه الاية اية سورة المائدة الا وهي قول الله فلما توفيتني كنت انت الرقيب عليهم وانت على كل شيء شهيد قال ابن عباس رضي الله عنهما هي وفاة موت - 00:20:24
وقال غيره بل هي وفاة نوم اي رفعه الله جل وعلا اليه بعد ما القى عليه النوم لان النوم يطلق لان التوفي يطلق ايضا في القرآن على النوم مجازا كما في قوله سبحانه وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار - 00:20:43
وكما في قوله تعالى الله يتوفى الانفس حين موتها. والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الاخرى الى اجل مسمى اية سورة الزمر ايوة اما التي لم تمت الموت المعروف المقدر عليها من الله جل وعلا بقبض روحها - 00:21:07
فيميتها ربنا في منامها موتا شبيها بالموت التام النوم وفاة والموت وفاة ولكن يفصل بين المعنيين الاستعمال وموضع السياق قال الحسن وغيره في قوله اني متوفيك اي اني قابضك من الارض - 00:21:28
ومخلصك في السماء اي اني قابضك من الارض ومخلصك في السماء ورافعك اليه زيادة في بشارة عيسى بالرفعة الى محل كرامته سبحانه وموطن ملائكته ومعدن النزاهة عن الشرور والادناس كما قال تعالى في شأن ادريس ورفعناه مكانا عليا - 00:21:56
بل زاد الحق جل وعلا في بشارة عيسى اعظاما واكراما وقال جل جلاله اني متوفيك ورافعك الي ومطهرك من الذين كفروا اي مطهرك من دنس افترائهم عليك وعلى امك الطاهرة - 00:22:30
العذراء العابدة البتول ومطهرك من سوء عشرتهم ولؤم صحبتهم وما كانوا يرمونك به او يرمونه منك من الاذى والشر والقتل ثم زاد الله جل وعلا البشارة سرورا وقال سبحانه وتعالى - 00:22:57
وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا الى يوم القيامة. ثم الي مرجعكم فاحكم بينكم في ما كنتم فيه تختلفون بشارة عظيمة اي سيجعل الله جل وعلا الذين اتبعوك على منهاجك وملتك ودينك - 00:23:28
ودينك الحق الذي جئت به من عند الله سبحانه وتعالى سيجعل الله الذين اتبعوك من الحواريين ومن المؤمنين من اهل الاسلام من امة النبي محمد عليه الصلاة والسلام. ممن امنوا بنبوته ورسالته - 00:23:55
وممن امنوا بنبوة عيسى ورسالته ووصفوه بما يستحقه سيجعلهم الله فوق الذين كفروا الى يوم القيامة ظاهرين بالحجة والمنعة والقهر وسيرجع الجميع بعد ذلك الى الله للوقوف بين يديه ليحكم بينهم - 00:24:15
فيما كانوا فيه يختلفون من امر الدين ومن امر الدنيا. وهنا ينقسم الخلق الى فريقين. قال تعالى فاما الذين كفروا فاعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والاخرة. وما لهم من واما الذين امنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم اجورهم والله لا يحب الظالمين. الايتان ستة وخمسين وسبعة وخمسين - 00:24:38
من ايات سورة ال عمران الحكم في من امن وعمل الصالحات وان يوفيهم الله جل وعلا اجورهم والحكم فيمن كفر هو ان يعذبهم الله جل وعلا عذابا شديدا في الدنيا. بالقتل والخزي والذل - 00:25:05
ونحو ذلك وفي الاخرة بالعذاب الشديد والخزي الدائم فليس لهم ناصر ولا معين كما قال رب العالمين وما لهم من ناصرين ثم يبين الحق تبارك وتعالى ان كل ما انزله على قلب رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم من الايات - 00:25:26
في شأن اخيه عيسى صلى الله عليه وسلم انما هي دليل صدق رسول الله انما هي دليل صدق رسول الله ودليل صدق نبوته ورسالته لانه لم يكن يعلم عن ذلك شيئا على الاطلاق - 00:25:54
وقال له سبحانه ذلك نتلوه عليك من الايات والذكر الحكيم لما اتم الله جل وعلا ما اراد من امر عيسى عليه الصلاة والسلام من ابتداء تكوينه الى انتهاء رفعه وتطهيره - 00:26:16
من الذين كفروا اتبع كل ما تقدم من تفصيل الايات البينات بما يشهد على عظمة هذه الايات واعجازها في نظم ومضمونها الذي يؤكد صدق رسوله المصطفى المبلغ عن الله جل وعلا - 00:26:40
هذا كله من هذه الانباء العظيمة والامور الخطيرة الجسيمة لم تكن تعلم عنها شيئا يا رسول الله لا انت ولا قومك وربنا جل وعلا يتلوه عليك متتابعا بحكمة واحكام ثم يأتي - 00:27:05
هذا الاستئناف البياني البديع لبيان حال عبدالله ورسوله عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام فيقول جل جلاله في ايات عظيمة رائعة يقيم بها الحجة والمحجة في دلالة قاطعة وبراهين ساطعة - 00:27:38
وادلة ناصعة يقول جل جلاله ان مثل عيسى عند الله كمثل ادم خلقهم من تراب ثم قال له كن سيكون الحق من ربك فلا تكن من الممترين رقم ستين ان مثل عيسى عند الله - 00:28:06
كمثل ادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك فلا تكن من الممترين ايتان تسعة وخمسين وستين المثل في لغة العرب هو كلام يمثل عبرة مستخلصة - 00:28:36
من حادثة وواقعة معينة يردد هذا المثل في حادثة وواقعة اخرى مشابهة لها وهو هنا بمعنى الصفة والحالة العجيبة الشأن ومحل التمثيل في هذا الموضع بكون ادم وعيسى عليهم الصلاة والسلام قد خلقا - 00:29:00
من غير اب واذا كان الله جل وعلا قادرا ولا زال سبحانه على خلق انسان من غير اب ومن غير ام وهو ادم هو جل جلاله قادر على ان يخلق من ام دون اب - 00:29:35
والخلق من غير اب ومن غير ام اغرب واعجب واخرق للعادة وللقوانين وللنواميس من الخلق من ام من غير اب ولا يقدح ابدا في التشبيه هنا اشتمال المشبه به على زيادة في بعض الاوصاف. وهو كونه لا اب له ولا ام له وهو ادم - 00:30:01
وهذا كما ذكرت اعظم واعجب واغرب ليكون اوقع النفس واقطع للخصم ولقد خلقه الله جل وعلا من تراب ثم قال له كن بشرا فكان بشرا سويا كاملا جسدا وروحا بين يدي الله جل وعلا - 00:30:32
ولاحظ جمال القرآن وجلاله عبر بصيغة المضارع المقترن بالفاء في قوله كن فيكون لم يقل كن فكان انما قال كن فيكون دون الماضي اشارة الى ان ادم كان مع الامر كن كان - 00:30:53
من غير تخلف ولا تأخير وتنبيها على ان هذا هو الشأن الدائم المتجدد في كل امر مراد للملك القدير لا يتخلف ابدا عن مراد الامر العظيم اصلا ان مثل عيسى عند الله كمثل ادم - 00:31:13
خلقهم من تراب ثم قال له كن سيكون ثم بين الحق جل جلاله ان ما انزله على قلب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في شأن عيسى صلى الله عليه وسلم. بل وفي كل شأن هو الحق الذي - 00:31:34
لا شك فيه ولا مرية فيه. فقال جل جلاله الحق من ربك فلا تكن من الممترين نتوقف عند هذا القدر لنكمل في اللقاء المقبل ان قدر الله البقاء واللقاء. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد - 00:31:54
وعلى اله واصحابه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته - 00:32:16
التفريغ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي هدى بكتابه القلوب وانزله في اوجز لفظ واعجز اسلوب فاعيت بلاغته البلغاء وابكمت فصاحته الفصحاء واذهلت روعته الخطباء فهو الحجة البالغة والدلالة الدامغة والنعمة الباقية والعصمة الواقية - 00:00:00
وهو شفاء الصدور والحكم العدل فيما احكم وتشابه من الامور. واشهد ان لا اله الا الله العزيز الغفور. واشهد ان سيدنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وخليله. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى اله الطيبين الطاهرين. واصحابه الغر الميامين - 00:00:26
تواجهي امهات المؤمنين. وصلي علينا يا رب معهم بمنك وكرمك ورحمتك وانت ارحم الراحمين وبعد فان العلوم وان تباينت اصولها وشرقت وغربت فصولها وتعددت وتنوعت ابوابها واحكامها فانا لا اقلل من قدرها وشأنها - 00:00:49
الا ان اعلاها قدرا واغلاها مهرا واقومها قيلا واوضحها سبيلا واصحها دليلا علم التفسير هو شمس ضحاها وبدر دجاهة ولم لا وشرف كل علم بشرف موضوعه. وموضوع علم التفسير كلام ربنا الملك القدير الذي هو منبع كل حكمة - 00:01:11
ومعدن كل فضيلة. واصل الاصول وطريق الوصول الى السعادة والنجاة في الدنيا والاخرة بصحبة الحبيب الرسول صلى الله عليه وسلم ونحن الليلة بحول الله وطوله وتوفيقه ومدده على موعد مع اللقاء الثاني والستين بعد المائتين من لقاءات التفسير - 00:01:37
وهو اللقاء السابع عشر من لقاءات تفسيرنا لسورة ال عمران وكنا قد توقفنا عند الاية الواحدة والخمسين. الا وهي قول رب العالمين ان الله ربي وربكم اعبدوه هذا صراط مستقيم - 00:02:01
ها هو قول عيسى ها هو قول عيسى عبد الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه يظهر عبوديته وخضوعه لربه جل وعلا ويدعو قومه الى افراد الله وحده الجامعي لكل صفات الكمال والجمال والجلال بالعبادة والتوحيد - 00:02:20
يدعو قومه الى افراد الله جل وعلا وحده بالعبادة والتوحيد بلا منازع او شريك والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه وهذه الاية من اعظم الادلة الكبرى على صدقه - 00:02:52
حيث اتفق جميع اخوانه من النبيين والمرسلين في الدعوة الى توحيد الله جل وعلا وافراده بالعبادة ان الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم هذا الطريق لا سواه هو الطريق الموصل الى رضوان الله جل علاه - 00:03:21
ان الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم فلما احس عيسى منهم الكفر قال من انصاري الى الله؟ قال الحواريون نحن انصار الله امنا بالله واشهد بانا مسلمون الاية رقم اتنين وخمسين - 00:03:49
اي لما رأى نبي الله عيسى على نبينا عليه الصلاة والسلام اعراضهم وصدودهم وعدم انقيادهم لامر الله جل وعلا بل وهموا بقتله قال من انصاري الى الله من يعاونني وينصرني - 00:04:14
ويكون معي لننصر دين الله جل وعلا رد الحواريون وهم صفوته الذين امنوا بالله وصدقوا نبي الله عيسى والحواريون انصار كل الانبياء والمرسلين. ما من نبي الا وله حواريون اي انصار واتباع - 00:04:38
كما في صحيح مسلم من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من نبي بعثه الله في امة قبلي الا وكان له من امته حواريون واصحاب - 00:05:11
يأخذون بسنته ويقتدون بامره ثم انه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن. ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن. ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من - 00:05:30
وقام حواري وانصار واتباع عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام ليعلنوا بوضوح وبقوة انهم انصار دين الله وانصار عبده ورسوله عيسى عليه الصلاة والسلام فقالوا له نحن انصار الله امنا بالله - 00:05:54
اي يجب علينا ان نكون انصارا لله جل وعلا ولدينه. ولرسوله لاننا امنا بالله جل وعلا وهذا يوجب علينا ان ننصر دينه وان نتبع رسوله عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام - 00:06:26
ولم يكتف الحواريون بذلك بل اشهد على ذلك نبي الله عيسى وقالوا له واشهد بان مسلمون اي مستسلمون منقادون لامر الله جل وعلا ومطيعون لك ولما تأمرنا به لنصرة دين الله تبارك وتعالى - 00:06:47
وهذا اقرار من الحواريين بان دينهم هو الاسلام وبان الاسلام دين كل الانبياء والمرسلين صلوات الله عليهم اجمعين وقد بينت ذلك هذا وقد بينت ذلك مرارا ثم قام الحواريون يتضرعون الى الله سبحانه وتعالى - 00:07:16
بهذا الدعاء الودود الجميل ربنا امنا بما انزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين رقم تلاتة وخمسين ربنا امنا بما انزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين. اي لقد امنا بك يا ربنا - 00:07:42
ربنا الرب كما ذكرت مرارا هو الخالق ابتلاء والمربي غذاء والغافر انتهاء اعلن الحواريون ايمانهم اي امنا بك يا ربنا وبما انزلت من كتب على انبيائك ورسلك اتبعنا عبدك ورسولك عيسى عليه الصلاة والسلام - 00:08:03
فاكتبن في جملة من شهدوا لك بالوحدانية ولانبيائك بالنبوة والرسالة والتصديق يا له من دعاء جميل ربنا امنا بما انزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ثم بين الحق تبارك وتعالى - 00:08:32
ان اولئك الذين مكروا ودبروا لقتل عيسى قد احبط الله عملهم ورد الله مكرهم وكيدهم في نحورهم ونجى الله عبده ورسوله عيسى عليه الصلاة والسلام من شرورهم والله خير الماكرين - 00:09:03
وقال سبحانه ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين الاربعة وخمسين ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين للعلماء في مكر الله بهؤلاء المخادعين الخونة للعلماء في مكر الله بهم قولان القول الاول - 00:09:30
ان الله جل جلاله القى شبه عيسى على واحد منهم اي من اولئك اليهود الذين خرجوا يريدون قتل عيسى عليه الصلاة والسلام القى الله شبه عيسى على واحد منهم فاخذوه - 00:09:58
وقتلوه وصلبوه القول الثاني ان الله جل وعلا القى شبه عيسى على واحد من اصحابه وحوارييه فاخذوه وقتلوه وصلبوه ومكر الله جل وعلا بهم صفة مدح وكمال لانه مكر في موضعه - 00:10:16
لان المكر في غير موضعه صفة ذم وخيانة وخداع وتضليل وايصال الاذى لمن لا يستحقه اكرر مكر الله بهم في هذا الموضع صفة مدح وكمال لان المكر في غير موضعه صفة ذم. وخيانة - 00:10:49
خداع وتضليل وايصال الاذى لمن لا يستحقه. اما المكر في موضعه من الله جل وعلا بهم وهو عدل ورحمة وحفظ لرسله وانبيائه وعباده المؤمنين واخذ للكافرين والظالمين والماكرين المخادعين الخائنين - 00:11:13
والصفات ثلاثة انواع ارجو ان تتدبروا هذا الصفات ثلاثة انواع صفات كمال لا نقص فيها باي وجه من الوجوه صفة العلم والسمع والبصر والقدرة والرحمة وغيرها وهذه يوصف بها الله جل جلاله مطلقا بلا قيد - 00:11:40
النوع الثاني صفات نقص لا كمال فيها ولا مدح فيها وهذه لا يوصف بها الله جل وعلا ابدا صفة الاكل والنوم والعجز الظلم والخيانة وغيرها هذه الصفات لا يوصف بها رب الارض والسماوات ابدا - 00:12:19
لانه صفات نقص اما النوع الثالث من انواع الصفات صفات فيها كمال وفيها نقص فيها مدح وفيها ذم على حسب الحال التي تذكر فيه الصفة تدبروا هذا التأصيل على حسب الحال التي تذكر فيها الصفة - 00:12:48
كالمكر والخديعة والاستهزاء فالمكر والخديعة والاستهزاء في موضعه باعداء الله من الخائنين والمستهزئين والخونة المكر بهم صفات كمال لانها دليل على كمال العلم والقدرة والسلطان ولا ترد هذه الصفات المكر - 00:13:15
والخديعة والاستهزاء لا ترد ابدا على سبيل الاطلاق وانما تأتي في القرآن مقيدة بما يجعلها كمالا ومدحا في حق الله سبحانه وتعالى. تدبروا معي قال الله عز وجل ان المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم - 00:13:46
هذا خداع مقيد ليس مطلقا ابدا ان المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم فهذا خداع مقيد بالمنافقين وقال تعالى واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك. ويمكرون ويمكر الله - 00:14:09
الله خير الماكرين. هذا مكر مقيد بالمشركين هذا مكر مقيد بالمشركين الذين يمكرون بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ليقتلوك ولينالوا منه فمكر الله عز وجل بهم وقال تعالى في شأن المنافقين ايضا واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن مستهزئون - 00:14:36
بيقول الله يستهزأ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون الله يستهزئ بهم هذا استهزاء مطلق. كلا كلا له استهزاء مقيد بالمنافقين هذه الصفات المكر الخديعة والاستهزاء في السياق التي وردت فيه - 00:15:08
مقيدة بالمنافقين مرتين وبالمشركين مرة هي صفات كمال ومدح تدبروا معي ولكن لا يجوز ابدا ان نشتق من هذه الصفات الفعلية لرب البرية اسماء له سبحانه وتعالى كما فعل ذلك بعض المصنفين الذين كتبوا في الاسماء والصفات - 00:15:37
فاشتقوا من صفة المكر اسم الماكر وسموا ربنا جل وعلا بهذا الاستعان الله عن ذلك علوا كبيرا واشتقوا من فعل يخادعون الله والذين امنوا الى قوله وهو خادعهم يشتق اسم المخادع - 00:16:06
الله يستهزئ بهم اشتقوا اسم المستهزئ. تعالى الله عن ذلك حاشا لله ان يكون من اسمائه الماكر والمخادع والمستهزئ فلا يجوز ان نشتق من هذه الصفات الفعلية التي هي صفات مدح وعز وكمال وقدرة وسلطان في سياقها التي وردت فيه. لا يجوز ان نشتق منها - 00:16:35
اسماء لله سبحانه وتعالى فنحن نعلنها بوضوح كما كررناها لا ابالغ ان قلت الاف المرات يجب علينا نحن المؤمنين ان نثبت لله جل وعلا ما اثبته لذاته من اسماء الجلال وصفات الكمال - 00:17:06
وان نثبت له سبحانه وتعالى ما اثبته له اعرف الخلق به عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم. من اسماء وصفات الكمال من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل. ليس كمثله شيء - 00:17:39
وهو السميع البصير هذا معتقدنا الذي ندين به لربنا جل وعلا. ونسأل الله سبحانه وتعالى ان نلقاه به انه ولي ذلك والقادر عليه ثم بين الحق جل جلاله كيف دبر لعبده ورسوله عيسى - 00:18:09
وكيف نجاه وكيف اخفاه عن انظار اعدائه ورفعه اليه سبحانه وقال جل جلاله اذ قال الله يا عيسى اني متوفيك ورافعك الي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا الى يوم القيامة - 00:18:30
ثم الي مرجعكم فاحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون الاية رقم خمسة وخمسين اية جميلة الله جل وعلا يقول لعيسى على نبينا عليه الصلاة والسلام ايذكر يا محمد اذ قال الله تعالى لعيسى اني متوفيك - 00:19:00
ارجو ان تنتبهوا معي اي اذكر يا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ قال الله تعالى لعيسى صلى الله عليه وسلم اني متوفيك وظاهر المعنى اي مميتك اني متوفيك اي - 00:19:29
مميتك فاصل فعل التوفي في اللغة اخذ الشيء وافيا تاما فيقال توفاه الله يقال توفاه الله اي قدر عليه الموت اي امات ويقال توفاه ملك الموت اي انفذ فيه ارادة الله فقبض روحه - 00:19:52
واسرح من هذه الاية اية سورة المائدة الا وهي قول الله فلما توفيتني كنت انت الرقيب عليهم وانت على كل شيء شهيد قال ابن عباس رضي الله عنهما هي وفاة موت - 00:20:24
وقال غيره بل هي وفاة نوم اي رفعه الله جل وعلا اليه بعد ما القى عليه النوم لان النوم يطلق لان التوفي يطلق ايضا في القرآن على النوم مجازا كما في قوله سبحانه وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار - 00:20:43
وكما في قوله تعالى الله يتوفى الانفس حين موتها. والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الاخرى الى اجل مسمى اية سورة الزمر ايوة اما التي لم تمت الموت المعروف المقدر عليها من الله جل وعلا بقبض روحها - 00:21:07
فيميتها ربنا في منامها موتا شبيها بالموت التام النوم وفاة والموت وفاة ولكن يفصل بين المعنيين الاستعمال وموضع السياق قال الحسن وغيره في قوله اني متوفيك اي اني قابضك من الارض - 00:21:28
ومخلصك في السماء اي اني قابضك من الارض ومخلصك في السماء ورافعك اليه زيادة في بشارة عيسى بالرفعة الى محل كرامته سبحانه وموطن ملائكته ومعدن النزاهة عن الشرور والادناس كما قال تعالى في شأن ادريس ورفعناه مكانا عليا - 00:21:56
بل زاد الحق جل وعلا في بشارة عيسى اعظاما واكراما وقال جل جلاله اني متوفيك ورافعك الي ومطهرك من الذين كفروا اي مطهرك من دنس افترائهم عليك وعلى امك الطاهرة - 00:22:30
العذراء العابدة البتول ومطهرك من سوء عشرتهم ولؤم صحبتهم وما كانوا يرمونك به او يرمونه منك من الاذى والشر والقتل ثم زاد الله جل وعلا البشارة سرورا وقال سبحانه وتعالى - 00:22:57
وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا الى يوم القيامة. ثم الي مرجعكم فاحكم بينكم في ما كنتم فيه تختلفون بشارة عظيمة اي سيجعل الله جل وعلا الذين اتبعوك على منهاجك وملتك ودينك - 00:23:28
ودينك الحق الذي جئت به من عند الله سبحانه وتعالى سيجعل الله الذين اتبعوك من الحواريين ومن المؤمنين من اهل الاسلام من امة النبي محمد عليه الصلاة والسلام. ممن امنوا بنبوته ورسالته - 00:23:55
وممن امنوا بنبوة عيسى ورسالته ووصفوه بما يستحقه سيجعلهم الله فوق الذين كفروا الى يوم القيامة ظاهرين بالحجة والمنعة والقهر وسيرجع الجميع بعد ذلك الى الله للوقوف بين يديه ليحكم بينهم - 00:24:15
فيما كانوا فيه يختلفون من امر الدين ومن امر الدنيا. وهنا ينقسم الخلق الى فريقين. قال تعالى فاما الذين كفروا فاعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والاخرة. وما لهم من واما الذين امنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم اجورهم والله لا يحب الظالمين. الايتان ستة وخمسين وسبعة وخمسين - 00:24:38
من ايات سورة ال عمران الحكم في من امن وعمل الصالحات وان يوفيهم الله جل وعلا اجورهم والحكم فيمن كفر هو ان يعذبهم الله جل وعلا عذابا شديدا في الدنيا. بالقتل والخزي والذل - 00:25:05
ونحو ذلك وفي الاخرة بالعذاب الشديد والخزي الدائم فليس لهم ناصر ولا معين كما قال رب العالمين وما لهم من ناصرين ثم يبين الحق تبارك وتعالى ان كل ما انزله على قلب رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم من الايات - 00:25:26
في شأن اخيه عيسى صلى الله عليه وسلم انما هي دليل صدق رسول الله انما هي دليل صدق رسول الله ودليل صدق نبوته ورسالته لانه لم يكن يعلم عن ذلك شيئا على الاطلاق - 00:25:54
وقال له سبحانه ذلك نتلوه عليك من الايات والذكر الحكيم لما اتم الله جل وعلا ما اراد من امر عيسى عليه الصلاة والسلام من ابتداء تكوينه الى انتهاء رفعه وتطهيره - 00:26:16
من الذين كفروا اتبع كل ما تقدم من تفصيل الايات البينات بما يشهد على عظمة هذه الايات واعجازها في نظم ومضمونها الذي يؤكد صدق رسوله المصطفى المبلغ عن الله جل وعلا - 00:26:40
هذا كله من هذه الانباء العظيمة والامور الخطيرة الجسيمة لم تكن تعلم عنها شيئا يا رسول الله لا انت ولا قومك وربنا جل وعلا يتلوه عليك متتابعا بحكمة واحكام ثم يأتي - 00:27:05
هذا الاستئناف البياني البديع لبيان حال عبدالله ورسوله عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام فيقول جل جلاله في ايات عظيمة رائعة يقيم بها الحجة والمحجة في دلالة قاطعة وبراهين ساطعة - 00:27:38
وادلة ناصعة يقول جل جلاله ان مثل عيسى عند الله كمثل ادم خلقهم من تراب ثم قال له كن سيكون الحق من ربك فلا تكن من الممترين رقم ستين ان مثل عيسى عند الله - 00:28:06
كمثل ادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك فلا تكن من الممترين ايتان تسعة وخمسين وستين المثل في لغة العرب هو كلام يمثل عبرة مستخلصة - 00:28:36
من حادثة وواقعة معينة يردد هذا المثل في حادثة وواقعة اخرى مشابهة لها وهو هنا بمعنى الصفة والحالة العجيبة الشأن ومحل التمثيل في هذا الموضع بكون ادم وعيسى عليهم الصلاة والسلام قد خلقا - 00:29:00
من غير اب واذا كان الله جل وعلا قادرا ولا زال سبحانه على خلق انسان من غير اب ومن غير ام وهو ادم هو جل جلاله قادر على ان يخلق من ام دون اب - 00:29:35
والخلق من غير اب ومن غير ام اغرب واعجب واخرق للعادة وللقوانين وللنواميس من الخلق من ام من غير اب ولا يقدح ابدا في التشبيه هنا اشتمال المشبه به على زيادة في بعض الاوصاف. وهو كونه لا اب له ولا ام له وهو ادم - 00:30:01
وهذا كما ذكرت اعظم واعجب واغرب ليكون اوقع النفس واقطع للخصم ولقد خلقه الله جل وعلا من تراب ثم قال له كن بشرا فكان بشرا سويا كاملا جسدا وروحا بين يدي الله جل وعلا - 00:30:32
ولاحظ جمال القرآن وجلاله عبر بصيغة المضارع المقترن بالفاء في قوله كن فيكون لم يقل كن فكان انما قال كن فيكون دون الماضي اشارة الى ان ادم كان مع الامر كن كان - 00:30:53
من غير تخلف ولا تأخير وتنبيها على ان هذا هو الشأن الدائم المتجدد في كل امر مراد للملك القدير لا يتخلف ابدا عن مراد الامر العظيم اصلا ان مثل عيسى عند الله كمثل ادم - 00:31:13
خلقهم من تراب ثم قال له كن سيكون ثم بين الحق جل جلاله ان ما انزله على قلب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في شأن عيسى صلى الله عليه وسلم. بل وفي كل شأن هو الحق الذي - 00:31:34
لا شك فيه ولا مرية فيه. فقال جل جلاله الحق من ربك فلا تكن من الممترين نتوقف عند هذا القدر لنكمل في اللقاء المقبل ان قدر الله البقاء واللقاء. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد - 00:31:54
وعلى اله واصحابه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته - 00:32:16