السلام عليكم - 00:00:00
أجرَيْنا استبيانًا عن المدارس في بلاد المسلمين: - 00:00:00
هل تُحقِّق الأركان التربويَّة التعليميَّة المطلوبةَ أم لا؟ - 00:00:03
سنستعرض معكم النتائج، ونرى دلالتها، - 00:00:08
ثم نرى معًا ما الذي أوصل التعليم إلى هذا الوضع، - 00:00:11
وسنمرُّ على البرامج الدوليَّة والمدارس التي تُقدِّم نفسها على أنَّها إسلاميَّةٌ؛ - 00:00:14
لنرى بعدها ملامِحَ الحلَّ للمشكلة التربويَّة التعليميَّة. - 00:00:20
في الاستبيان رشَّحنا (30) رُكنًا من أركان التربية والتعليم، - 00:00:24
والتي هدفُها بناءُ الإنسان: بناءُ عقيدتِه وفكرِه ونفسِه وعاطفته وشخصيَّته، - 00:00:28
وقُدرته على النَّقد والتحليل والتوازن وتحقيق السعادةِ واكتسابِ المعرفة النافعةِ، - 00:00:34
والتمتُّع بالحصانة أمام المؤذيات بأشكالها، وتحرُّره من الاستعباد لغير الله، - 00:00:40
وسنضع لكم الأركان الثلاثين في التعليقات لمن لم يطَّلع عليها بعد. - 00:00:46
هذه الأركان مُنطلِقةٌ من الملامح الخمسة للتعليم في المنظومة الإسلاميَّة، - 00:00:51
والتي عرضناها في الحلقة الماضية، فهي تنطلق من مرجعيَّة الوحي، - 00:00:56
وتهدف لبناء إنسانٍ يحقِّق الغايةَ من وجوده، ويَسْعَد في الدنيا والآخرة. - 00:01:01
عبَّأ الاستبيان حوالي (21600) مُستَجيب، - 00:01:07
الغالبيَّةُ العظمى منهم من دول العالم الإسلامي، - 00:01:12
وتلقَّوا تعليمَهم في المدارس، وليس التعليم الحر أو المنزلي، - 00:01:15
والنسب التي سنذكرها هي لهؤلاء الَّذين يشكِّلون الغالبيَّةَ العظمى. - 00:01:19
في الاستبيان سألنا: هل البنود التربويَّة التعليميَّة الثلاثون المذكورةُ - 00:01:24
هي من وجهة نظرك في مُجمَلها مهمَّةٌ؟ أم مفيدة لكن ليست أساسيَّة؟ أم غير مهمَّة؟ - 00:01:28
فأجاب (95%) منهم بأن هذه الأركان التربويَّة التعليميَّة مهمَّة بالفعل. - 00:01:36
إذا فنحن لا نقيِّم المدارس بناءً على وجهة نظرنا الشخصية - 00:01:42
بل على بنودٍ يتَّفق عامَّةُ المُستجيبين على أنها مهمَّةٌ. - 00:01:47
سألنا: لِكُلٍ من هذه الأركان الثلاثين؛ - 00:01:51
نرجو اختيار ما إذا كانت المدارس التي تلقَّيت التعليم فيها تحقِّق هذا البند - 00:01:54
بشكلٍ كبيرٍ، أو بشكلٍ جزئيٍّ غير كافٍ، أم لا تحقِّقه، - 00:02:00
أم على العكس لها أثرٌ سلبيٌّ على هذا الركن التربويِّ أو التعليميِّ، - 00:02:07
حسبنا المتوسِّط الحسابيّ للأركان الثلاثين: - 00:02:12
نعم بشكلٍ كبير -أن المدارس تحقق بشكل كبير: 12%؛ أي أنَّ متوسِّطَ نسبةِ الذين يرَون - 00:02:15
أن المدارس تحقِّق الأركان التربوية بشكلٍ كبيرٍ مُرضٍ هو 12% فقط من المشاركين. - 00:02:23
بشكلٍ جزئيٍّ غير كاف: 31% لا تحقِّقُه: 46% - 00:02:31
تؤثّر سلبًا عليه -أنَّ المدارس تؤثّر سلبًا على هذا الركن التربوي أو التعليمي: 11% - 00:02:39
إذا جمعنا (لا) -أنَّ المدارس لا تحقِّق هذا الركنَ- مع (التأثير السلبي) - 00:02:46
فإن نِسبةَ (57%) مقارنةٌ بـ(43%) لـ(نعم بشكل كبير) أو (بشكلٍ جزئي غير كاف). - 00:02:52
في 16 رُكنًا من الـ(30) كان التأثير السلبي للمدارس أكبرَ من تحقيقِها بشكلٍ كبيرٍ، - 00:03:02
أعلى ركن تربوي تحقيقًا كان: تعليمَ الطالب التوحيدَ وتجنيبه كلَّ ما يشوب التوحيد، - 00:03:09
ومع ذلك فالذين رأوا أن المدارس تحقِّقه بشكلٍ كبيرٍ هم 22% أي حوالي الخُمُس. - 00:03:17
أقلُّ ركنٍ تربويٍّ تحقيقًا حسب المشتركين كان التالي: (تعليمُه -أي الطالب والطالبة- - 00:03:24
المهاراتِ الحياتيَّة التي يحتاجُها بحسب دوره -أو دورها- في الحياة: - 00:03:31
كيف أستعدُّ للزواج، كيف أختار أو أقبل بشريك الحياة، كيفَ أُربّي، ولماذا أُربّي، - 00:03:36
كيف أكون أُمًّا، وكيف أكون أبًّا)، - 00:03:41
الذين رأَوا أنَّ المدارسَ تحقِّق هذا بشكلٍ كبيرٍ كانوا 5.25% فقط؛ أي حوالي 1 من 20، - 00:03:44
وحوالَي الضِعفُ رأوا أن المدارس لها أثرٌ سلبيٌّ على هذا الركن التربويِّ، - 00:03:52
ولعلَّنا لن نتفاجأَ إذا قرأْنا واقِعَ العوائل والزيجات - 00:03:58
والاستقرارِ الأُسريِّ على ضوء هذه النسب. - 00:04:02
عددٌ من الإخوة والأخوات علَّقوا بأنهم أصيبوا بالصدمة من مجرَّد تعبئةِ الاستبيان - 00:04:05
وأحسُّوا بالتَحسُّر على أنفسهم والخَوف على أبنائهم. - 00:04:11
إذن فالتعليم المدرسي -حسب الذين عَبَّأُوا الاستبيان- - 00:04:14
لا يُسهم إلا بنِسب ضعيفة جدا في بناء عقيدة الإنسان وفكرِه ونفسِه وعاطفته وشخصيته، - 00:04:18
وهي الأركان التي يراها المشاركون مهمَّةً بالفعل، - 00:04:27
بل وأحيانًا يؤثِّر على هذه الأركان بشكلٍ سلبيٍّ، - 00:04:30
وهذا يجعلنا نتساءل: ما الذي أوصَل التعليم في بلاد المسلمين إلى هذا الوضع؟ - 00:04:34
بيَّنَّا في حلقةِ (المدارس تعليم أم تعليب) تاريخَ نشأةِ المدارسِ عالميًّا، - 00:04:41
وأنَّها وُجدت في الأساس للسيطرة على المجتمعات وللـ(Indoctrination)؛ - 00:04:46
تكريسِ الأفكار والقِيَم التي تريدُها مجموعاتٌ متحكِّمَةٌ، - 00:04:51
ولتنتجَ أشخاصًا مُؤهَّلينَ للعمل في المنظومة الماديَّة، - 00:04:55
وليسَ لبناءِ إنسانٍ متحرِّرٍ من العبوديَّة للبشرِ، - 00:04:58
مُنسجمٍ قلبًا وعقلًا وروحًا وعاطفةً، يعملُ للغايةِ التي أُوجِد لها، - 00:05:03
ويُحقِّقُ سعادةَ الدنيا والآخرة -كما في مفهومِ التعليم في الإسلام. - 00:05:09
الأركان التربوية التعليمية الثلاثون مبنيَّةٌ على مفهوم التعليم في الإسلام، - 00:05:14
ولذلك فلا نتوقعُ أن تكون محقَّقةً في منظومة التعليم المدرسيِّ - 00:05:19
لا عالميًّا ولا في بلاد المسلمين؛ - 00:05:25
ففلسفةُ التعليم ببلاد المسلمين مستنسخةٌ من الفلسفة العالميِّة؛ (Indoctrination)، - 00:05:28
وإنتاج أشخاص ليعملوا في منظومة مادية، فالإنسان أشبه ما يكونُ بمنتج على خط إنتاج: - 00:05:34
مدرسة، ثانوية عامة، جامعة، شهادة، سوق عمل، وظيفة، راتب. - 00:05:41
اعتناءٌ بالجسد والدنيا دون إعطاءِ أولويَّةٍ للروحِ والآخرةِ، - 00:05:48
﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾ [القرآن 30: 7]. - 00:05:52
لذلك فلا غرابةَ أن تفشل هذه المنظومة في بناء الإنسان عالميًّا وفي بلاد المسلمين، - 00:05:58
شكلٌ من أشكالِ هذا الفشل عالميًّا هو ما عرضناه من تعاسة المرأة - 00:06:03
في حلقة (تحرير المرأة الغربية)، وهو ما يتم استنساخه لبلاد المسلمين. - 00:06:08
في بلاد المسلمين خلاصةُ ما جرى للنظام التعليميِّ هو هَدْمُ نقاطِ التميّز؛ - 00:06:13
هدْمُ الأركان الخمسةِ، فَلم يَعُد التعلُّم تَعَبُّديًّا ولا المسؤوليةُ فيه مشتركةً، - 00:06:18
بل أَمسكَ الاحتلالُ -ومِن بَعدِه الدولُ التابعة له- بزمام المناهج وتحكَّموا بها، - 00:06:24
وليست مرجعيَّتُه الوحيَ ولم تعُد مراكزُ الثقل الماليِّ موزَّعةً في المجتمع، - 00:06:29
ولا مخرجاتُ التعليمِ تقاسُ بتحقيقِ أهدافِ الوحي؛ - 00:06:35
بل تُقاس بالعلامة والتأهُّل للعمل بالمعايير المادِّيَّة. - 00:06:39
لكن بالاضافة إلى ذلك فمشكلة التعليم ببلاد المسلمين مُرَكَّبةٌ وأعقَدُ منها في الغرب؛ - 00:06:43
فهناك عوامل فسادٍ أخرى، منها: توسيدُ الأمر إلى غير أهله، إدارات ولجان تطوير ومراقبة - 00:06:49
تُختَار بناء على معايير ولائيّة انتفاعيّة، وليس على أسُسِ الأهليَّةِ والكفاءة، - 00:06:55
إضافةً إلى الحرص الشديدِ على تَطْويعِ الأجيال لمجموعاتٍ مُتحكِّمةٍ - 00:07:01
أكثرَ من الحرصِ على تعليمها، - 00:07:06
إضافةً إلى عدمِ تأهيلِ المعلِّمينَ وإلى احتياجِهم ماديًّا، - 00:07:08
إضافةً إلى تدخُّل ممنهَجٍ في المناهجِ لعزل الأجيال عن تاريخها وثقافتها وقدواتها، - 00:07:12
وإفراغِها من مخزونِها الفكريِّ والحضاريِّ وطمسِ هُويَّتِها، - 00:07:19
كما في مقرراتِ دراساتِ مؤسَّساتِ التخطيطِ الاستراتيجيِّ الغربيَّة -كمركزِ راند- - 00:07:24
وفي الفيديوهات التي تخرج بين الحين والآخر عن مناقشات في الدوائر السياسيَّة الغربيَّة - 00:07:28
حولَ التغييرات التي يجب إجراؤُها للمناهجِ في العالم الإسلامي. - 00:07:34
نظام التعليم المدرسيِّ في الدول الغربيَّةِ -على ما فيه- - 00:07:38
إلا أنه يعزِّز لدى طُلَّابه الانتماءَ إلى تاريخِهم والافتخار برموزهم، - 00:07:42
الأمر الذي لم يتمَّ استنساخُه لدولِ العالم الإسلامي، بل حُذف الكثيرُ من تاريخهم، - 00:07:47
ويُدرَّس الطلابُ محطَّاتٍ محدودةٍ على مبدأِ الـ(Normal Saline) - 00:07:54
الذي تكلَّمنا عنه في حلقة (بس تربية)، - 00:07:57
بحيث يتحقَّق وهم التعلُّم ويظنُّ الأولاد وأهلهم أنَّهم يتعلَّمون تاريخَ الإسلام والمسلمين. - 00:08:00
بعد انهدام عوامل القوَّة ووجودِ عوامل الفسادِ في التعليم - 00:08:07
لا حاجةَ لخُطَّةٍ تفصيليَّةٍ للدَّمار ولا للتدخُّلِ في كلِّ التفاصيلِ - 00:08:11
ولا لطَمسِ كلِّ معالم الإسلام من التعليم، - 00:08:16
بل يكفي ما تقدّم لئلا تقوم للتعليم المنشود قائمةٌ إذا بقي الحال على ما هو عليه. - 00:08:20
والمهم جدًّا هنا -إخواني- أن ندرك أنَّ هذا الفسادَ - 00:08:26
كان قد تسرَّب إلى المنظومةِ التعليميَّة في العالمِ الإسلاميِّ - 00:08:29
قبل تَعرُّضه للاحتلال العسكري المباشر، - 00:08:33
ولولا أنَّ هذا الفسادَ قد أصابنا لما كان فينا قابليَّةٌ أصلًا للاحتلال، - 00:08:36
﴿وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾ [القرآن 3: 120] - 00:08:41
فالحلُّ ينطلِقُ منَّا، وبدايتُه فَهْمُ واقعِنا، - 00:08:45
لا للتَّشكِّي والإلقاء باللَّوم على الآخرين، بل لنصلح هذا الواقع. - 00:08:48
أخطرُ ما في واقع التعليم اليومَ أنه لم يعُدْ يستند إلى مرجعيَّة الوحي، - 00:08:54
قد تتساءل: ماذا نعني بأن يكون الوحي هو مرجعيَّةَ التعليم؟ - 00:08:59
في عصور الازدهار الإسلاميِّ كان التُّقاةُ من العلماء المسلمين - 00:09:04
يستدلُّون بفطرهم وعقولهم السليمة على أن الوحي حقائقُ مطلقةٌ، - 00:09:07
والمنظومةُ المعرفيَّة لديهم واضحةٌ ومنسجمةٌ، - 00:09:13
فالقرآن والسنّة الثابتة علومٌ خبرية منسجمة مع العلوم الطبيعية والاجتماعية، لا تعارض؛ - 00:09:17
بل مصادرُ المعرفة -ومنها العقل- لا تكتسِب موثوقيَّةً - 00:09:24
إلا في ظلّ الاعتراف بخالقٍ مُطْلَقِ الكمال كما أثبتنا بالتفصيل في (رحلة اليقين)، - 00:09:28
يتقرَّب العالم إلى الله بدراسته وإسهامه في علوم الطبيعة، - 00:09:34
ويعبد الله بقراءة آياته المنظورة في الكون والحياة - 00:09:38
كما يعبده بقراءة آياته المسطورة في القرآن، - 00:09:42
يوَظِّف العلوم لنفع الناس، ويتعوَّذُ بالله من علم لا ينفع، - 00:09:45
ومن بابِ أَوْلَى يتوَرَّع عن توظيف العلم لأذيَّة الناس، - 00:09:49
وإذا أشْكلَ عليه شيء قام فصلى ركعتين ودعا ربَّه؛ لأنَّه خالقُ الكون وموجدُ قوانينه، - 00:09:54
فيستزيد من علمه الذي قال فيه: - 00:10:01
﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾ [القرآن 2: 255]، - 00:10:03
فروح العالِم وعقلُه وعقيدتُه وعلومُه منسجمَةٌ جميعًا، - 00:10:08
لا يزور العلم ليحقّق مآرب شخصيّة ولا يطوعه لأجندات أحد، بل يعلمُ أنه مستأمنٌ عليه، - 00:10:13
فالوحيُ محرِّكٌ لاستكشاف العلوم: ينسجِِم معها، - 00:10:20
ويُضفِي المصداقيَّةَ على أدوات استكشافها (كالعقل)، ويحرِّم تزوير العلوم والغشَّ فيها، - 00:10:24
ويجعلُ توظيفَها في ما ينفع الناسَ، ويحرِّم توظيفَها فيما يَضرُّهم. - 00:10:30
عندما أصابنا الوهَن، وتمَّ استنساخُ النظام التعليميِّ الغربيِّ لبلاد المسلمين، - 00:10:35
استُنسخت معه الخصومةُ بين الكنيسة والعلوم الطبيعية، - 00:10:40
كانت الكنيسة تمثّل عائقا عن التقدم الحضاري بتدخُّلاتِها غير المرحّب بها في العلوم - 00:10:44
دون مرجعيِّة وحيٍ محفوظ، فزوى الغربُ الدين في حصص مخصوصة ومنعه من التدخُّل في العلوم، - 00:10:50
والشيءُ ذاتُه تمَّ استنساخُه لبلاد المسلمين في التعليم النظاميِّ، - 00:10:57
أُلغيت مرجعيّة الوحي، فأصبح الوحي ممثلا في مادة في المدرسة اسمها (التربية الإسلامية)، - 00:11:01
وتَخَصُّصٍ في الجامعة اسمه (الشريعة)، - 00:11:08
ولم يَعُد الوحي مرجعيَّة العلوم الطبيعيَّة والاجتماعيَّة والروحَ المبثوثة فيها جميعا، - 00:11:12
يدرس الطالبُ في حصَّة الدِّين أن الرِّبا محرَّم ممحوقُ البركة، - 00:11:17
ثم يدرس في غيرها أنه من أركان الاقتصاد، - 00:11:21
يدرس في حصَّة الدين عن رابطةِ العقيدة ومرجعيَّة الشريعةِ - 00:11:24
ما يعارَضُ في غيرِها بِجَعْلِ الولاءِ على أساس حدودٍ - 00:11:28
وضَعَها المُستعمِرُ وبمرجعيَّةِ القانونِ المستورد غير المحكوم بالشريعةِ، - 00:11:31
يدرسُ ما يهيِّئه لأن يتخصَّص في الجامعة في الطب والصيدلة والهندسة والمحاسبة والمحاماة - 00:11:36
لكنه لا يدرس لا في المدرسة ولا في الجامعة فِقهَ هذه المِهن ولا ضوابطَها الشرعيَّة، - 00:11:42
بل وقد لا يعلم أن لها فقهًا وأحكامًا خاصّة أصلًا، ولا يُعلَّم معها مراقبةَ الله فيها. - 00:11:49
فينتج من ذلك شخصيّة مُفكّكة ترى الدين أحدَ الموادَّ الدراسية التي يدرسها لينجح فيها؛ - 00:11:56
لا نظامَ حياةٍ ولا حقائقَ مطلَقَةً، - 00:12:03
تَنتُجُ شخصيَّةٌ لا تستطيع التَوفيقَ بين الوحي والعلم الرصديِّ التجريبيِّ؛ - 00:12:05
بل تراهما متعارضين، ولا تستطيع التوفيق بين عالم الغَيب وعالمِ الشَّهادةِ، - 00:12:10
شخصية تقبل بمعايير مخالفة للوحي في الحكم على الأشياء بأنها حق أو باطل، صواب أو خطأ، - 00:12:15
ولا ترى في ذلك تعارُضًا مع انتسابها للإسلام، تَقولُ له: (هذا الفعل محرَّمٌ)، - 00:12:23
فيجيبك: من حقِّ من يفعلونه أن يفعلوه ما دام لا يؤذيك. - 00:12:28
إلى جانب ذلك انتشرت في العالم الإسلاميّ في أواخر القرن التاسع عشر -وأثناء الاحتلال- - 00:12:32
ظاهرةُ الإرساليَّات التنصيريَّةِ، وكان من أوائلِ المدارس ظهورًا في بلاد المسلمين - 00:12:38
المدارسُ التنصيريَّةُ، والتي درَسَ فيها عددٌ من أبناء المسلمين، - 00:12:43
وتبوَّأَ عددٌ منهم مناصبَ عاليةً في الدول، - 00:12:48
لم يتنصَّرْ هؤلاء، لكن كان لديهم انفكاكٌ واضحٌ عن الهويَّةِ الإسلاميَّة. - 00:12:51
كرَدَّةِ فِعْلٍ على انتشار هذه المدارس التنصيريَّةِ وتأثيرِها - 00:12:57
وكذلك -على قُصور المدارس النظاميَّةِ- ظهرت فكرةُ ما يُسمَّى بـ(المدارس الإسلامية)، - 00:13:01
هل هي مدارسُ نشأَتْ لتُعيدَ بناءَ التعليم على القواعدِ التي ذكرْنا - 00:13:07
فيكون تعليمًا باسم الله، ينطلق من مرجعيَّة الوحي كحقيقةٍ مُطلَقَةٍ حاكمةٍ على العلوم، - 00:13:12
هدفُه إنسانٍ متكامِلُ المكوناتِ يعمل للغاية العُظمى - 00:13:18
ويُحقِّق الأركانَ التربويَّة التعليميَّة -التي ذكرنا؟ - 00:13:23
ولا يُظنُّ أنَّ هذه المدارسَ كانت لديها الكفاءاتُ اللَّازمةُ والرؤيَةُ الواضحةُ - 00:13:26
التي تُمَكِّنها من ذلك مع حالة الوهَنِ العامَّة في الأُمَّةِ، - 00:13:31
وإنَّما كان هدفُها حمايةَ الهُويَّةِ الإسلامية للأبناء، - 00:13:36
فأضافتْ هذه المدارس حصصَ تلاوةٍ، أعطَت جوائزَ لمن يحفظون القرآن، - 00:13:39
أقامت أنشطةً لتَحبيب الدين إلى الأبناء، استقطَبت معلِّمين ومعلِّمات محبِّين للدين، - 00:13:44
يُحاولون غرسَ قيمه في الأبناء ضمنَ المتاح، وهذه كلُّها أشياءُ طيّبةٌ ذاتُ أثرٍ مهمّ، - 00:13:50
لكنَّها لا تجعَل التعليم إسلاميًّا بالفعل، ولا تحقّقُ أركانَ بناء الإنسان التي ذكرنا. - 00:13:56
إدراك ذلك مهم؛ حتَّى يكونَ لدى المخلصين في هذه المدارس أهداف واضحة يسعَوْن لتحقيقها، - 00:14:03
وَمُهِمٌّ حتَّى لا يظنَّ الآباءُ والأمهاتُ - 00:14:10
أنّهم أبرؤوا ذمَّتهم بوضع أبنائِهم في مدارس تُقدِّمُ نفسها على أنَّها إسلاميَّة. - 00:14:13
مع مرور الوقت تحولت فكرة (المدارس الإسلامية) هي الأخرى إلى سلعة رأسمالية في بعض الحالات - 00:14:19
يُغرَى المستثمِر بأن سِلعةَ المدارس الإسلاميَّةِ رائجةٌ ومطلوبةٌ، - 00:14:26
يُعيَّن المعلمون والمعلمات الأقل تكلفة بغض النظر عن تحقُّقِ قِيَم الإسلام في ذواتِهم - 00:14:30
فضلًا عن قُدرتِهم على تَنْشِئةَ الأجيالِ عليها، - 00:14:36
لا يُعطى المعلِّم الراتب الذي يكفيه لتفريغِ ذهنه لمَهمَّة التربيةِ والتَّعليم، - 00:14:39
وقد تخلَعُ المعلِّمةُ الجلبابَ أو العبايةَ التي تفرِضُها إدارةُ المدرسةِ - 00:14:44
بمجرِّد وصولِها لمَصَفِّ السيارات، - 00:14:49
وتدْخُلُ هذه المدارسُ مِضمارَ المنافسةِ مع المدارس الأخرى بنفس معايير النجاح، - 00:14:51
فقلَّما تُفاخر بخرِّيجيها على أنّهم حقّقوا شيئًا من أركان بناء الإنسان التي ذَكَرنا؛ - 00:14:57
بل تُفاخِرُ بأن خرِّيجِيها حقَّقوا علاماتٍ في التسعينات في الثانوية العامة، - 00:15:02
وبالتالي يتأهَّلون للجامعة، الشهادةِ، سوقِ العمل، الوظيفةِ والراتبِ، - 00:15:08
وتَبقَى مع ذلك الإضافاتُ المعتادة لتسميَةِ هذه المدارسِ بـ"الإسلامية" - 00:15:13
كحصَّة التلاوة ورحلة العُمرةِ. - 00:15:18
ولا شكَّ أن المسؤوليَّةَ مُشتركَةٌ، - 00:15:20
فغيابُ منظومة التفكيرِ المرتبطةِ بالوحيِ - 00:15:22
ليست مُشِكِلَةَ المدرسةِ فقط، وإنما هي مشكلةٌ في المجتمع والأُسرَةِ أيضًا، - 00:15:25
والأهلُ شركاءُ مع المدارس في صُنعِ هُويَّة الأبناء، - 00:15:30
ومع هذا فللدّقَّة والموضوعيّة تبقى المدارس التي ترفع شعار القيم الإسلاميّة بالعموم - 00:15:33
أقلَّ ضعفًا من غيرها في تحقيق الأركان التربوية المتعلقة بهويّة الطالب الإسلامية - 00:15:40
كما ظهَر ذلك أيضًا في نتائج الاستبيان، - 00:15:46
وكثيرًا ما يعتمد ذلك على وجود معلمٍ أو معلمة أصحابِ رسالةٍ يتأثَّر بهمُ الأبناء، - 00:15:49
ومع ذلك فوَضْعُ هذه المدارس دُونَ المأمولِ بكثير. - 00:15:55
عالميًّا ظهرتْ فكرةُ برامجِ التعليم الدوليةُ (International) - 00:15:59
مثلَ الـ(IG) البريطانية ثم الـ(IB) والـ(SAT) الأمريكيين، - 00:16:03
وهي بالعموم -على تباينٍ فيما بينَها- أفضلُ من المناهجِ الحكوميَّةِ في بلادِ المسلمين - 00:16:07
من حيثُ تنميَةُ القدرةِ على الربطِ والتحليلِ والتطبيقِ - 00:16:13
وبناِء جوانبَ من الشخصيِّة ومواكبةِ المُستَجِدَّات العِلميَّة، - 00:16:16
وهو ما تَدُلُّ عليه نتائج الاستبيان أيضًا، - 00:16:20
وعلى تباين فيما بينها صُمِّمتْ هذه البرامج ضمن منظومة العولمة (Globalisation)، - 00:16:23
منظومةٍ تريدُ أن توجِدَ لغة تعاملٍ مشترَكة بين الناس من مختلف الثقافات والأديان - 00:16:28
لغايات الانفتاح الاقتصادي والعملِ المشترَك في آلة المنظومةِ الماديَّة الرأسماليَّة، - 00:16:34
وبعضُها يهتَمُّ أيضًا بتأهيل الطالب للحياة الاجتماعيَّةِ - 00:16:40
ويرفع شعارَ تعزيزِ السِّلم العالميِّ من خلالِ التعليم. - 00:16:43
هذه البرامج التعليميَّة تضعُ أُطُرًا (Frame works) - 00:16:47
لتحقيق نتاجات تعليميّة معينة، وتصوغُ اختبارات لقياس النتاجات، - 00:16:51
دُور النَّشر تَدرُس النتاجات أو الأهداف المطلوبة، وتُصدِرُ كُتُبًا لتحقيقها، - 00:16:56
هذه البرامج التعليميَّة والمناهجُ الموجودة لتلبيتها تتجنّب مصادمة الأديان بشكل مباشر؛ - 00:17:02
لئَلَّا يُحدَّ من انتشارها، فهي حريصةٌ على الربح والانتشار، - 00:17:09
عدمُ المصادمةِ المباشرةِ هذا قد يبدو جيِّدًا، لكن ما الذي حصل؟ - 00:17:13
الذي حصَل أن هذه المناهج تجاوزَتِ الأديانَ حقَّها وباطِلَها، - 00:17:19
ليست فيها مرجعيَّةٌ دينيَّةٌ، وإنْ تكلَّمت عن الأديان فإنَّما تتكلَّم عنها كجزء من ثقافات الأمم، - 00:17:24
والمسلمون لم يقوموا بعمل مناهجَ خاصَّةٍ بهم تنطلق من مرجعيَّة الوحي، - 00:17:31
تَجاوزُ الأديان كان لا بُدَّ له أن يُحدث فراغًا علميًّا وفراغًا قِيميًّا أخلاقيًّا، - 00:17:37
فسدَّت المناهجُ هذا الفراغَ بتفسيراتٍ للحياة على اعتبارِ أنَّها (علميَّةٌ)، - 00:17:43
وبِقِيَمٍ على اعتبار أنَّها (إنسانيَّةٌ) يَجِبُ أن يَتَّفِقَ عليها الجميعُ. - 00:17:48
- كيف نشأت الكائنات؟ سؤال يحتاج جوابًا. - 00:17:53
=لا تُحدّثني عن خالق؛ فالخَلقُ أمرٌ غيبيّ، - 00:17:56
= لا تفرِضْ عليَّ معتقداتِك، ولا أفرِضُ عليك معتقداتي، - 00:17:59
= نحترم معتقدات بعضنا، لكنَّ هذا ليس عِلمًا، تعالَ نصطلحْ على تفسيرٍ (علميٍّ) - 00:18:01
فوُضِعَ الغيبُ كلُّه في سلَّةٍ واحدةٍ مع أنَّ منه ما هو بلا دليلٍ بالفعل، - 00:18:07
ومنه ما يدلُّ على صحَّتِه العقل والفطرة و(الساينس)، - 00:18:12
وعلى رأس ذلك وجودُ الخالقِ كما بيَّنَّا بالتفصيل في (رحلة اليقين). - 00:18:16
لكنَّ هذه المناهج حصرَت العلم بـ(الساينس)، - 00:18:21
وبالتالي أُخرِجَ الغَيبُ من دائرةِ العلم بمفهومه الشامل، - 00:18:24
وسُلِّطت التفسيرات الماديّة على ما لا يدخل في اختصاصها كنشأة الكون والحياة، - 00:18:27
ودُرِّسَت "نظريةُ التطوُّر" على أنها علْمٌ يفسِّر وجودَ الكائناتِ، - 00:18:33
مع أنها -بنسخَتِها الشائعةِ المفترِضَةِ لظهور الكائنات صدفةً- هي الأخرى غَيبٌ - 00:18:37
لكن غَيْبٌ غَبِيٌّ مصادِمٌ للعقل والفطرة و(السّاينس)، كما بينَّا في (رحلة اليقين). - 00:18:43
الفراغ القيميّ الأخلاقيّ الناشئ عن تنحِية الأديان تم تعويضه بقِيمٍ أخلاقيَّةٍ عولمية - 00:18:49
مرجعيَّتُها بشريَّةٌ وليسَتْ من الوحي، فيُعلَّم الطالبُ أن يكونَ ذا مبادئَ، - 00:18:56
منها: تقبّل الآخر، وأن يحترمَ حقوقَ الإنسان، ويرفعَ قِيَمَ الحريَّة والمساوَاة - 00:19:01
والعدالةِ الاجتماعية (Social Justice)، ويكونَ مواطِنًا عالميا (Global Citizen)... - 00:19:07
شعارات برّاقة، لكن هذا الآخر المطلوب تقبله قد يكون شاذّا جنسيّا أو من عبدة الشياطين. - 00:19:12
حقوق الإنسان مَنْ يُعرِّفها؟ إذا لم يِكُنِ الوحيَ المحفوظَ من خالق الإنسان - 00:19:20
فحقوقُ الإنسانِ والعدالة الاجتماعية قابلةٌ للتغيُّر والتنازعِ وتشملُ ما حرَّمه اللهُ - 00:19:25
وتؤدِّي في النهايةِ إلى الاعتداء على حقوق الآخرين. - 00:19:31
الحرية والمساواة إذا لم يكونا مضبوطَيْن بضابط الحقِّ والعدل من وحيٍ محفوظٍ - 00:19:35
فإنَّهما ينتهيَان بمعارضةِ الحقِّ والعدلِ والحريَّة والمساواةِ - 00:19:41
كما بينا في حلقة (تحرير المرأة) مثلا، وكما رأينا -مثلا- من حوادث تجريم كاتبي المحاكم - 00:19:46
إذا امتنعوا عن كتابةِ عَقد قِران رجلين على بعضهما لمخالفة ذلك لدينهم، - 00:19:52
يُجرَّمون لأنَّهم بذلك لا يحترمون حرِّيَّة الشواذِّ ومساواتَهم، - 00:19:58
وتنتهي المسألةُ بحريَّةٍ لفئةٍ على حسابِ فِئَةٍ، ولا يوجد حدٌّ فاصلٌ في ذلك - 00:20:03
لتمييز الحقِّ من الباطل؛ لعدم وجودِ مرجِعيِّةٍ من الوحي. - 00:20:09
لا يتعلَّم الطالبُ ذلكَ في هذه البرامج الدولية، بل تُكَرّسُ قِيم الحرية والمساواة - 00:20:14
على أنَّها المِسطَرةُ التي يُقَاس بها والمرجعيةُ التي يُحتكمُ إليها، - 00:20:19
ولا يَخطُر بباله أصلًا أن يُحاكِمَ هذه القِيَمَ والمعاييرَ إلى مرجعيَّةٍ غيرِها، - 00:20:24
خاصَّةً وأنَّ هذه القِيم مُخْتَلطة بقِيَمٍ جيِّدة بالفعل يتعلَّمها في هذه البرامج، - 00:20:29
مثل: الاهتمامِ بالبيئة واللاجئين، ومشكلةِ الفقر… - 00:20:36
لكنَّه لا يتعلَّم تحقيق العبوديَّة بمعناها الشامل والمتضمِّنَةِ لكلِّ خير فيما سبق، - 00:20:39
ولا يتعلَّم إحقاق الحقّ -الذي أمر الله به- ولا إبطالَ الباطل ولا إنكارَ المنكر - 00:20:45
ولا العملَ للآخرة، فهذه مفرداتٌ مبنيَّةٌ على مرجعيَّةِ الوحي، - 00:20:51
وبالتالي تَشَكَّل من ذلك منظومةٌ كاملةٌ بديلةٌ عن الأديان ومنها الإسلام. - 00:20:56
هذه المنظومة هي في واقعها أشبه بدين جديد؛ - 00:21:01
دينِ العلمويَّة (scientism) والإنسانوية (humanism)، - 00:21:05
دينُ (Be a good person) كن شخصًا جيِّدًا بالتعريف المائع. - 00:21:08
الإسلام يقول عن الله -تعالى: - 00:21:12
﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ [القرآن 7: 54]، - 00:21:14
كما أنَّه هو الخالقُ فهو -سبحانه- الذي يأمُر وينهَى ويُحَلِّل ويحرِّم - 00:21:16
ويضَع للبشر المعايير الصحيحة في تقييم الأشياء، - 00:21:21
بينَما في هذا الدين العلموَيُّ الإنسانويُّ، الخلقُ مُفَسَّرٌ بلا خالقٍ، - 00:21:24
وبالتالي فالأمرُ والمعاييرُ والأخلاقياتُ يصوغها الإنسان في مَعْزلٍ عن الوحيِ. - 00:21:29
ما دَورُ الدين بعد ذلك إذن؟ ليس له دَورٌ في نَظَرِ الطالب، - 00:21:35
وإذا دُرِّس فإنه يَظهر مُقحَما إِقحامًا ومحشورًا حشرًا غيرَ مبرَّرٍ، - 00:21:40
وبالتالي لم تتمَّ مهاجمةُ الدين، ولا إنكارُ الغيب صراحةً، - 00:21:45
لكنَّه عُزِلَ وهُمِّش وتُرِك يذْبَلُ ويموتُ في نفوس الطُلَّاب، - 00:21:49
بل إذا تعلَّم الطالبُ من دينه شيئًا - 00:21:54
وقد أُسِّسَ بنظريَّةٍ معرفِيَّةٍ مشوَّهةٍ وبمعايير أخلاقيَّةٍ منقطعةٍ عن الوحي - 00:21:56
فإنَّ الطالبَ سيُحاكِم دينَه وشريعتَه وتاريخَه وقيمَه بِناءً على المعايير الخطأ، - 00:22:02
يُعلَّمُ الطالبُ مثلًا أن يكون مُتَسائلًا، - 00:22:08
جميل، التساؤلُ أمرٌ يحثُّ عليه الإسلامُ الذي يَمنَعُ من التقليدِ الأعمى، - 00:22:10
لكن حين يأتي الطالبُ المُسلم ليتساءلَ عن حقائقِ دينِه - 00:22:15
كوجود الخالق والنبوات والجنة والنار، - 00:22:19
فسيُحاكِم ذلك كلّه إلى المعيار المادي الذي تعلمه فيرى أن هذه الأمور ليست (scientific) - 00:22:22
وقد تكرَّس في نفسِه أن "العلمَ" محصورٌ في (السّاينس) - 00:22:29
فيتشكَّكُ في دينه، - 00:22:33
يتعلَّم الطالبُ أن دينَه يقولُ أن المشركين في النار، - 00:22:34
مع أن بعض هؤلاء المشركين هم في نظر هذا الطالب (good persons)؛ - 00:22:38
أشخاصٌ جيِّدون بالمعاييرِ الإنسانويَّة، - 00:22:42
فيشكُّ في عدالةِ دينِه - 00:22:45
اللغة التي يدرسُ بها الطالب هي الإنجليزية، - 00:22:46
والأمثلة والمحتوى والتطبيقات هي من تاريخ وثقافات وحضارات الأمم الأخرى، - 00:22:49
والأبطالُ والقدواتُ هم أبطالُ وقدواتُ الأمم الأخرى، - 00:22:54
هذه المناهجُ لا يُذكر فيها قدواتُ المسلمين ولا إسهاماتُ المسلمين في العلوم، - 00:22:57
فيتطبَّع الطالبُ المسلم بطباع الأمم الأخرى بعد أن تشرَّب ثقافتَها ونطَقَ بلسانها، - 00:23:02
وينْسَلِخ من لُغتِه، وبالتالي ينفصل عن فَهم القرآن والسنة ومعرفةِ تراثِه وتاريخه، - 00:23:08
ينسلخُ من هُويَّتِه وانتمائِه لدينه وأمتِه وتاريخِه، - 00:23:14
لن يكون همُّه بعد ذلك نهضةَ أُمَّتِه ولا إعزازَها، بل يضيقُ صدره بالعيشِ فيها؛ - 00:23:18
إذ يرى نفسَه جاء لعالم فيه إنجازات مادية ليس له إسهام فيه، لا هو ولا أجداده حسب ظنه، - 00:23:24
وتتوجَّهُ قِبْلةُ قلبه للبلاد التي درَسَ مِنْهاجَها، - 00:23:32
ومما يزيد تمسك الطالب بالتفسيرات الماديَّة والمعايير الإنسانويَّة واللغة الإنجليزيِّة - 00:23:35
وثقافةِ الأمم الأخرى اختلاطُ ذلكَ كلِّه بالمحتوى التعليميِّ القويِّ نسبِيًّا - 00:23:41
والمساعدِ على التفكيرِ والتحليلِ والتطبيق والابتكار في جوانب حياتيَّةٍ كثيرةٍ، - 00:23:47
وأسلوبُ التعليمِ الذي يُشَجِّعُ الطالب على الحوارِ، ويَزْرع فيه تقديرَ النفس، - 00:23:52
وهي العناصرُ الغائبةُ عُمومًا من عامَّة المدارس الأخرى. - 00:23:57
الأهالي يضعون أبناءهم في هذه البرامج، إما حرصا على تلقّيهم لتعليم قوي في هذه الجوانب، - 00:24:01
أو ليتكلَّموا باللغة الإنجليزية، أو لِتكونَ لهم فُرَصٌ أكثرُ في الجامعات العالميَّة - 00:24:07
أو ليدخُلَ الأهالي والأبناء في زُمرةِ الـ(Elite) [النخبة]، - 00:24:12
أو هروبًا من المناهجِ الحكوميَّةِ ومشاكلِها الكثيرةِ، - 00:24:17
ثم يأتي كثيرٌ من هؤلاء الأهالي -ممن عندَهم بقيَّةُ انتماءٍ للإسلام- - 00:24:21
يأتونَ بأبنائهم بعد أن ألحَدُوا أو انحرفوا سُلوكيًّا طالبينَ المساعدة - 00:24:26
-كما يخبرني أصدقائي العاملون في ملفِّ العلاجِ والإرشادِ النفسيِّ، - 00:24:31
ولا يَخفَى أن المُخرَج النهائيَّ للتعليمِ بهذه البرامج - 00:24:36
يتأثَّرُ كثيرًا بالمُدرِّس وبسياسةِ المدرسة، - 00:24:39
وكثيرٌ من مدرِّسيها في بلاد المسلمين هم من غير المسلمين أصلًا أو من الملحدين حتى. - 00:24:42
هل كلُّ مَن يدرُس في هذه البرامج الدوليَّةِ يصيبه ما ذكرنا؟ - 00:24:48
لا طبعًا، هناك مَن نجَّاه الله من الوقوع في هذه المشاكل الفكريَّةِ والعقَدِيَّة - 00:24:51
بتربية الوالدين أو بمصادرَ معرفيَّةٍ ومؤثِّراتٍ أخرى. - 00:24:56
قد تقول: حسنًا، أما كان ينبغي لنا أن نستفيد من هذه البرامج - 00:25:00
من المحتوى العلميِّ الحقيقيِّ والأساليبِ وطُرُقِ العَرض - 00:25:04
ونُطَوِّر نحن برامجنا المنطلِقةَ من مرجعيَّة الوحي؟ - 00:25:07
بلى، لكنَّ هذا لم يحصُل على نطاقٍ واسعٍ للأسف، - 00:25:11
المدارس التي تقدِّم نفسها على أنها إسلامية اعتمدَ بعضها برامج التعليم الدوليَّة، - 00:25:15
لكن يأتي هنا السؤال مرة أخرى: - 00:25:21
هل تضع هذه المدارس البرامج الدولية في إطار معرفي إسلامي؟ - 00:25:24
هل المُعلِّم قادرٌ على أن يلاحظَ مواطن الخللِ ويعالجَها بطريقةٍ صحيحةٍ؟ - 00:25:29
هل هو مُدرِكٌ لاختلاف فلسفةِ هذه المناهجِ ومنطلَقاتها وغاياتِها عما في ديننا؟ - 00:25:34
هل هو مكفيٌّ مادِّيًّا وتلقَّى التدريبَ اللازمَ لهذا كلِّه؟ - 00:25:39
إذا مرَّ المُعَلِّم مثلًا بنظريَّة التطوُّر وقال لطلابه: - 00:25:43
(هذا مخالِفٌ لما في ديننا؛ لأنَّنا مسلمون ونعتقدُ بأنَّ الله -تعالى- خَلَقَ آدمَ) - 00:25:47
هل هذا كلامٌ شافٍ للطلَّاب أم أنه يجعلُهم يُحِسُّون بتعارض "العلم" مع الدين؟ - 00:25:52
هذه القضايا المتعلِّقةُ بنظريَّةِ المعرفةِ والتفريقِ بين العلم الزائف والحقيقيِّ - 00:25:58
نُعالِجُها في (رحلة اليقين)، - 00:26:03
وقد عبَّر عددٌ من المُعَلِّمين في البرامج الدوليَّةِ - 00:26:04
عن أنَّهم استفادوا منها في تدريس طُلَّابِهم -بفضل الله، - 00:26:08
لكنْ ماذا عن الغالبيَّة العُظمى منهم؟ - 00:26:11
وهل تُترك المسألة لاطِّلاع كلّ معلِّم على حدةٍ ولمجهودِه الشخصيِّ - 00:26:13
بدلَ أن تكون سياسةً تَعملُ عليها المدرسةُ التي تقدِّم نفسَها على أنها إسلامية؟ - 00:26:18
عددٌ من الطلَّاب الذين يُلحِدون أو يَتشكَّكُون يحصُل لهم ذلك - 00:26:23
بعد أن يدرُسوا في المنهاج الدوليِّ مساقاتِ نظريِّةِ المعرفةِ (Theory of Knowledge) - 00:26:28
والتي تُدرَّس بطريقةٍ تحصُر العلم بـ(الساينس)، وتستثني الغيبَ - 00:26:32
الذي يدلُّ عليه العقلُ والفطرة والـ(ساينس)، وتسد مكانه بغيبيات مفترضة معارضة لذلك كله. - 00:26:36
إذا أحسن المعلم المسلم فهم نظريَّة المعرفة الإسلامية وقدَّمها لطلابه بشكل مبرهِن رصين - 00:26:43
فإنَّه يبني لديهم القاعدةَ التي تُهيِّئُهم للانتفاعِ بما يدرُسونه من علوم بعدها. - 00:26:50
إذن فنحن أمامَ أزمةٍ تعليميَّةٍ مركَّبةٍ من غيابِ مناهجَ تناسُبنا كأمَّةٍ مسلمة - 00:26:56
تنطلق من مرجعيَّةِ الوحي ومن نظريَّةٍ معرفيَّةٍ متكاملةٍ رصينةٍ، - 00:27:02
ومن غيابِ تأهيلِ المدرِّسين لتقديم هذه المناهج، - 00:27:07
ومن غيابِ تبنِّي هذا المشروع على مستوى الدُول والمدارسِ بأشكالِها. - 00:27:10
حسنًا، ما الحلول المقترَحة لمشكلة التعليم؟ - 00:27:14
لا بدّ أن ندرك -إخواني- أنَّ مشكلة التعليم - 00:27:17
لا تُحلُّ بمَعزلٍ عن مشاكلِ الأُمَّة السياسيَّةِ والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، - 00:27:20
ولا وهي في حالةٍ من التبعيَّة، ولا بدَّ أن ندرك أن تَرْكَ المنظومة المدرسيَّةِ - 00:27:24
دون وجودِ بديلٍ مُتَبَلْوِرٍ قد يكون ضَرُّه أكثرَ من نفعه، - 00:27:29
وعلينا أن نحذَر من الحماس في تجنيب أبنائنا هذه المضارَّ - 00:27:34
ثم نتركُهم في فراغٍ لا نملؤُه، مما قد يؤدي إلى انتكاسةٍ وفتنةٍ. - 00:27:38
ومع ذلك فما يمكن عملُه كثيرٌ وكثيرٌ جدًّا، وما بوُسعنا عملُه لا يجوز لنا التقصير فيه. - 00:27:42
- أوَّلًا: نشر الوعي:- أن ندركَ جميعًا خُطورَةَ الأمر، - 00:27:50
ونصحوَ من وَهْم التعلم الذي يُقدَّم لأبنائنا في عامَّة المدارس، - 00:27:53
ونجعلَ الأركان التربويَّة التعليميَّة الثلاثينَ التي ذكرناها في بُؤْرةِ تركيزِنا - 00:27:57
هي أو غيرها مما يؤدّي فكرتها، فنحن لا ندّعي كمالها وإنما نضع بذرة قابلة للنقد والتطوير - 00:28:02
علينا أن ننشرَ الوعي بهذه الأزمةِ التربوية وبهذه الإحصاءات وبهذه الأركان التربويَّة - 00:28:10
وبالملامح الخمسة المذكورةِ للتعليم في الإسلام، ونطالبَ بها على كلِّ مستوى، - 00:28:15
وعندما نأخذ أبناءَنا إلى المدارس نسأل إداراتِها: - 00:28:19
هل تقتنعون بضرورةِ هذه الأركان والمنطلقات؟ - 00:28:23
إن كان الجواب (نعم) فماذا بذلْتم في سبيل تحقيقِها؟ - 00:28:26
أرونا برامجَكم ووسائلَكم ونتاجَكم السابقة في هذا، - 00:28:29
مُفرداتُ هذه الأركان كثيرٌ منها غائبٌ من قواميسِنا، غائبٌ من ذاكرتِنا ووَعينا، - 00:28:33
فعلَينا إحياؤها من جديدٍ. - 00:28:39
- ثانيًا: إعطاءُ الأولويَّة:- أن نعطيَ لهذه الأركان الأولويَّة - 00:28:41
في أن تُزرَع في أبنائِنا ونتخذ شتَّى السبُل لذلك… - 00:28:45
<i>أقبل على الروح فاستكمل فضائلَها</i> <i>فأنت بالروح لا بالجسم إنسان</i> - 00:28:49
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [القرآن 6: 66] - 00:28:53
ما ذكرْنا من أركانٍ تربويَّةٍ تعليميَّةٍ ينهض بدُنيا أبنائنا ودينِهم لا بدينهم فقط، - 00:28:57
وهو أَدعَى لأن يكونوا قُرَّةَ عينٍ لنَا، بارِّين بِنَا، - 00:29:02
طريقًا لنا إلى الجنة، رفقاء لنا فيها بإذن الله، - 00:29:06
عظّم هذه الأركان في نفس ابنك، وأعطِ للمدرسة حجمها المناسبَ. - 00:29:10
علينا أن نكفّ عن إشعار أبنائنا بأن مهمّتهم في الحياة الاختبارُ والعلامةُ والشهادةُ، - 00:29:14
وأنْ نعطيَ الأولويةَ للقراءاتِ والمطالعاتِ والدوراتِ والأنشطةِ - 00:29:20
التي تحقِّق هذه الأركانَ المذكورة، وأن نتمثَّلَها في أنفسنا لنكون لهم قدوةً. - 00:29:24
- ثالثا: سدُّ الفراغ:- - 00:29:30
نحن في زمنٍ أُتيح فيه التواصلُ عن بُعدٍ، ولم يعُد التعليم محصورا بين جدران المدرسة، - 00:29:32
فجديرٌ بنا أن نبدأَ العمل على تصميم برامجَ تنطلقُ من المنطلَقاتِ الإسلاميَّة - 00:29:37
وتُحقِّقَ الأركان المذكورَةَ، ونعملَ على التوفيقِ بين من يقدِّمونها - 00:29:42
-ممن يشاركوننا الهمَّ والرؤيةَ- ومن يتلقَّونها من أبنائنا، - 00:29:47
وهذا أيضًا سيكون فيه مُتَنَفَّسٌ للعوائِل المسلِمةِ في الدول الغربيَّة - 00:29:51
والذين يشتَكون بحُرقَةٍ قائلين: أبناؤنا يضيعون منا في المدارس. - 00:29:55
هناك جهود بُذِلت في هذا المجال، تحتاج تنسيقًا وأن يُثريَ بعضُها بعضًا بالخبرات. - 00:29:59
- رابعًا: إحياءُ مفهوم المؤدِّب:- - 00:30:05
كان الناس في عصور الازدهار الإسلامي يأتون لأبنائهم بمن يُعلِّمهم ويصقُل شخصيَّاتِهم، - 00:30:07
ليس المطلوبُ تحفيظَ القرآنِ فحسب؛ بل مؤدبٌ متكاملُ الشخصيَّةِ - 00:30:13
يتمثَّل ما ذكرناه من أركانٍ في نفسه؛ ليكونَ قادرًا على تنشئةِ ابنك علَيْه، - 00:30:17
يُرافقُه إلى السوقِ، إلى الأنشطةِ، يوجِّهُه عمليًّا، وكذلك مؤدِّبَةٌ لبناتِك، - 00:30:23
هذا لا يُعفي الأب أو الأمَّ من المهمَّة، لكنه يعينُهما، - 00:30:29
والأبناء يستجيبون للغريب عنهم أكثر من الوالدين المألوفين في كثيرٍ من الأحيان. - 00:30:33
الأركانُ الَّتي ذكرنا تَصلُح لأن تكون عقْدًا بينك وبين هذا المؤدِّب، - 00:30:38
تسأله: كيف ستغرس في ابني هذه القِيَم والمعاني؟ - 00:30:43
أيَّ الكتبِ والسلاسلِ ستعتَمِدُ؟ أيَّ الدورات والمحاضرات والأنشطةِ؟ - 00:30:46
ولا تتوقعْ أن يقومَ المؤدِّب بهذه المهمَّة تطوُّعًا بلا مقابلٍ، - 00:30:50
علَينا أن نتوقَّف -إخواني- عن استرخاص إنسانيَّة أبنائنا، - 00:30:54
كما أنك تسخو لتحسّن لغة ابنك الإنجليزية أو لدروس خصوصيّة ليتميَّز في الثانوية العامة، - 00:30:58
فأَوْلى بك أن تسخوَ لصلاح دنياه وروحِه ونفسِه وآخرتِه، - 00:31:04
وما تبخلُ بإنفاقِه في ذلك ستنفِقُه على أمراضِه النفسيَّةِ - 00:31:09
وعلى طيشِه ووسائلِ ترفيهٍ ضارَّةٍ يُدمِنُ عليهَا لتملأَ روحَه الخاويةَ، - 00:31:13
وفوقَ ذلك خسارتُه وضياعُ دينِه. - 00:31:19
هل الشباب والفتياتُ المؤهلُّون لدور المؤدِّب موجودون؟ - 00:31:21
نعم، خاصَّة في آخر المرحلةِ المدرسيَّة وبداياتِ الجامعيَّة، - 00:31:24
لكن مع قِلَّة ذاتِ اليدِ سُرعانَ ما يدخلون -هم الآخرون- - 00:31:28
في دوَّامة الوظيفة والبحث عن لقمة العيش. - 00:31:32
- خامسًا: المزيج المطلوب:- - 00:31:35
إخوانَنا وأحبائنَا طلَّابَ الجامعات مِمَّن يحمِل همَّ أمَّته، أتقنوا تخصُّصاتكم! - 00:31:37
وفي الوقت ذاته اطلبوا العلم الشرعيَّ في دوراتٍ نافعة كدورة (صناعة المحاور)، - 00:31:42
والتي تؤسِّس المسلم فكريًّا وعقديًّا، وترسي له القواعد التي يبني عليها بالعلم النافع، - 00:31:47
فالأمَّة في أَمَسِّ الحاجة إلى من يحقِّقُون هذا المزيجَ المتناغمَ - 00:31:53
من التمكُّن في العلوم الطبيعيَّة والإنسانيَّةِ والشرعيَّة معًا - 00:31:58
ويكونون قدوات تبعث العزَّة في أبنائنا وعلى أكتافِهم يقومُ التعليم النافع -بإذن الله. - 00:32:02
-سادسا: [إلى المستثمرين في التعليم]: أيها المستثمرون في التعليم! - 00:32:08
أنتم تتعاملون مع أخطر استثمارٍ؛ الاستثمارِ في الإنسان، - 00:32:10
قد تعيِّنون معلِّمين ومعلِّمات بأدنى راتبٍ ممكنٍ، - 00:32:14
ثم تُنفقون من الأرباح في بناء المساجد ورفع المآذن والقِباب وزخرفتِها، - 00:32:17
لمن تَبنون والأجيالُ تُصَدُّ عن دينها؟! - 00:32:22
أولى بكم تخصيصُ مبالغَ لتأهيلِ المعلمين ليَتَشرَّبوا مرجعيَّة الوحيِ، - 00:32:24
ويتشرَّبوا منه نظريَّةَ المعرفةِ الإسلاميَّة، - 00:32:29
ويجعلوه بعد ذلك الروحَ السارية فيما يتعلَّمه أبناؤُنا وبناتُنا، - 00:32:31
وأن تَكْفُوهم ماديًّا برواتبَ جيِّدةٍ لتتفرغَ أذهانُهم لهذه المهمَّة، - 00:32:36
وهذا يحتاج أيضًا تفكيرًا على المدى البعيد بتبنِّي الأذكياء الأنقياء من الشباب - 00:32:41
في مراحلِ الدراسةِ المبكِّرة وقبل التخصُّصِ ليكتسبوا العلوم بهذه الرؤية، - 00:32:46
ولا تتوقَّعوا أن تواجهَ الجهودُ العالميَّةُ الجبَّارة - 00:32:51
ببعضِ المظاهر والأنشطة الإسلاميَّة وإن كانت نافعةً. - 00:32:54
-سابعا: [إلى المعلمين والمعلمات]: مع كل ما ذكرنا، - 00:32:57
لا نُنكِر أن هناك معلِّمين ومعلِّماتٍ في البرامج العادية والدولية - 00:32:58
لديهم هُويَّتُهم الإسلامية وغَيْرَتُهم على دينهم، فنُذكِّر هؤلاء بمهمَّتهم العظيمةِ - 00:33:02
والثغرِ الخطير الذي يقِفون عليه، ونسأل الله أن يوفقهم ويعينهم. - 00:33:08
ولنتذكَّر ختامًا -إخواني- أن الله لم يجعل مصائرَنا بأيدي غيرنا؛ - 00:33:13
بل بيدِه وحده -سبحانه، وهو القائل: - 00:33:17
﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [القرآن 64: 16] - 00:33:20
ومن أعظم التقوى تقوى الله في تعليم أبنائنا، - 00:33:22
﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ [القرآن 65: 2]. - 00:33:25
كان هذا استطرادًا لازمًا في التهيئة لموضوع تعليمِ المرأة الجامعيِّ، - 00:33:29
والذي سنُناقشُه في الحلقة القادمة -بإذن الله. - 00:33:33
والسلامُ عليكم ورحمة الله. - 00:33:36
التفريغ
السلام عليكم - 00:00:00
أجرَيْنا استبيانًا عن المدارس في بلاد المسلمين: - 00:00:00
هل تُحقِّق الأركان التربويَّة التعليميَّة المطلوبةَ أم لا؟ - 00:00:03
سنستعرض معكم النتائج، ونرى دلالتها، - 00:00:08
ثم نرى معًا ما الذي أوصل التعليم إلى هذا الوضع، - 00:00:11
وسنمرُّ على البرامج الدوليَّة والمدارس التي تُقدِّم نفسها على أنَّها إسلاميَّةٌ؛ - 00:00:14
لنرى بعدها ملامِحَ الحلَّ للمشكلة التربويَّة التعليميَّة. - 00:00:20
في الاستبيان رشَّحنا (30) رُكنًا من أركان التربية والتعليم، - 00:00:24
والتي هدفُها بناءُ الإنسان: بناءُ عقيدتِه وفكرِه ونفسِه وعاطفته وشخصيَّته، - 00:00:28
وقُدرته على النَّقد والتحليل والتوازن وتحقيق السعادةِ واكتسابِ المعرفة النافعةِ، - 00:00:34
والتمتُّع بالحصانة أمام المؤذيات بأشكالها، وتحرُّره من الاستعباد لغير الله، - 00:00:40
وسنضع لكم الأركان الثلاثين في التعليقات لمن لم يطَّلع عليها بعد. - 00:00:46
هذه الأركان مُنطلِقةٌ من الملامح الخمسة للتعليم في المنظومة الإسلاميَّة، - 00:00:51
والتي عرضناها في الحلقة الماضية، فهي تنطلق من مرجعيَّة الوحي، - 00:00:56
وتهدف لبناء إنسانٍ يحقِّق الغايةَ من وجوده، ويَسْعَد في الدنيا والآخرة. - 00:01:01
عبَّأ الاستبيان حوالي (21600) مُستَجيب، - 00:01:07
الغالبيَّةُ العظمى منهم من دول العالم الإسلامي، - 00:01:12
وتلقَّوا تعليمَهم في المدارس، وليس التعليم الحر أو المنزلي، - 00:01:15
والنسب التي سنذكرها هي لهؤلاء الَّذين يشكِّلون الغالبيَّةَ العظمى. - 00:01:19
في الاستبيان سألنا: هل البنود التربويَّة التعليميَّة الثلاثون المذكورةُ - 00:01:24
هي من وجهة نظرك في مُجمَلها مهمَّةٌ؟ أم مفيدة لكن ليست أساسيَّة؟ أم غير مهمَّة؟ - 00:01:28
فأجاب (95%) منهم بأن هذه الأركان التربويَّة التعليميَّة مهمَّة بالفعل. - 00:01:36
إذا فنحن لا نقيِّم المدارس بناءً على وجهة نظرنا الشخصية - 00:01:42
بل على بنودٍ يتَّفق عامَّةُ المُستجيبين على أنها مهمَّةٌ. - 00:01:47
سألنا: لِكُلٍ من هذه الأركان الثلاثين؛ - 00:01:51
نرجو اختيار ما إذا كانت المدارس التي تلقَّيت التعليم فيها تحقِّق هذا البند - 00:01:54
بشكلٍ كبيرٍ، أو بشكلٍ جزئيٍّ غير كافٍ، أم لا تحقِّقه، - 00:02:00
أم على العكس لها أثرٌ سلبيٌّ على هذا الركن التربويِّ أو التعليميِّ، - 00:02:07
حسبنا المتوسِّط الحسابيّ للأركان الثلاثين: - 00:02:12
نعم بشكلٍ كبير -أن المدارس تحقق بشكل كبير: 12%؛ أي أنَّ متوسِّطَ نسبةِ الذين يرَون - 00:02:15
أن المدارس تحقِّق الأركان التربوية بشكلٍ كبيرٍ مُرضٍ هو 12% فقط من المشاركين. - 00:02:23
بشكلٍ جزئيٍّ غير كاف: 31% لا تحقِّقُه: 46% - 00:02:31
تؤثّر سلبًا عليه -أنَّ المدارس تؤثّر سلبًا على هذا الركن التربوي أو التعليمي: 11% - 00:02:39
إذا جمعنا (لا) -أنَّ المدارس لا تحقِّق هذا الركنَ- مع (التأثير السلبي) - 00:02:46
فإن نِسبةَ (57%) مقارنةٌ بـ(43%) لـ(نعم بشكل كبير) أو (بشكلٍ جزئي غير كاف). - 00:02:52
في 16 رُكنًا من الـ(30) كان التأثير السلبي للمدارس أكبرَ من تحقيقِها بشكلٍ كبيرٍ، - 00:03:02
أعلى ركن تربوي تحقيقًا كان: تعليمَ الطالب التوحيدَ وتجنيبه كلَّ ما يشوب التوحيد، - 00:03:09
ومع ذلك فالذين رأوا أن المدارس تحقِّقه بشكلٍ كبيرٍ هم 22% أي حوالي الخُمُس. - 00:03:17
أقلُّ ركنٍ تربويٍّ تحقيقًا حسب المشتركين كان التالي: (تعليمُه -أي الطالب والطالبة- - 00:03:24
المهاراتِ الحياتيَّة التي يحتاجُها بحسب دوره -أو دورها- في الحياة: - 00:03:31
كيف أستعدُّ للزواج، كيف أختار أو أقبل بشريك الحياة، كيفَ أُربّي، ولماذا أُربّي، - 00:03:36
كيف أكون أُمًّا، وكيف أكون أبًّا)، - 00:03:41
الذين رأَوا أنَّ المدارسَ تحقِّق هذا بشكلٍ كبيرٍ كانوا 5.25% فقط؛ أي حوالي 1 من 20، - 00:03:44
وحوالَي الضِعفُ رأوا أن المدارس لها أثرٌ سلبيٌّ على هذا الركن التربويِّ، - 00:03:52
ولعلَّنا لن نتفاجأَ إذا قرأْنا واقِعَ العوائل والزيجات - 00:03:58
والاستقرارِ الأُسريِّ على ضوء هذه النسب. - 00:04:02
عددٌ من الإخوة والأخوات علَّقوا بأنهم أصيبوا بالصدمة من مجرَّد تعبئةِ الاستبيان - 00:04:05
وأحسُّوا بالتَحسُّر على أنفسهم والخَوف على أبنائهم. - 00:04:11
إذن فالتعليم المدرسي -حسب الذين عَبَّأُوا الاستبيان- - 00:04:14
لا يُسهم إلا بنِسب ضعيفة جدا في بناء عقيدة الإنسان وفكرِه ونفسِه وعاطفته وشخصيته، - 00:04:18
وهي الأركان التي يراها المشاركون مهمَّةً بالفعل، - 00:04:27
بل وأحيانًا يؤثِّر على هذه الأركان بشكلٍ سلبيٍّ، - 00:04:30
وهذا يجعلنا نتساءل: ما الذي أوصَل التعليم في بلاد المسلمين إلى هذا الوضع؟ - 00:04:34
بيَّنَّا في حلقةِ (المدارس تعليم أم تعليب) تاريخَ نشأةِ المدارسِ عالميًّا، - 00:04:41
وأنَّها وُجدت في الأساس للسيطرة على المجتمعات وللـ(Indoctrination)؛ - 00:04:46
تكريسِ الأفكار والقِيَم التي تريدُها مجموعاتٌ متحكِّمَةٌ، - 00:04:51
ولتنتجَ أشخاصًا مُؤهَّلينَ للعمل في المنظومة الماديَّة، - 00:04:55
وليسَ لبناءِ إنسانٍ متحرِّرٍ من العبوديَّة للبشرِ، - 00:04:58
مُنسجمٍ قلبًا وعقلًا وروحًا وعاطفةً، يعملُ للغايةِ التي أُوجِد لها، - 00:05:03
ويُحقِّقُ سعادةَ الدنيا والآخرة -كما في مفهومِ التعليم في الإسلام. - 00:05:09
الأركان التربوية التعليمية الثلاثون مبنيَّةٌ على مفهوم التعليم في الإسلام، - 00:05:14
ولذلك فلا نتوقعُ أن تكون محقَّقةً في منظومة التعليم المدرسيِّ - 00:05:19
لا عالميًّا ولا في بلاد المسلمين؛ - 00:05:25
ففلسفةُ التعليم ببلاد المسلمين مستنسخةٌ من الفلسفة العالميِّة؛ (Indoctrination)، - 00:05:28
وإنتاج أشخاص ليعملوا في منظومة مادية، فالإنسان أشبه ما يكونُ بمنتج على خط إنتاج: - 00:05:34
مدرسة، ثانوية عامة، جامعة، شهادة، سوق عمل، وظيفة، راتب. - 00:05:41
اعتناءٌ بالجسد والدنيا دون إعطاءِ أولويَّةٍ للروحِ والآخرةِ، - 00:05:48
﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾ [القرآن 30: 7]. - 00:05:52
لذلك فلا غرابةَ أن تفشل هذه المنظومة في بناء الإنسان عالميًّا وفي بلاد المسلمين، - 00:05:58
شكلٌ من أشكالِ هذا الفشل عالميًّا هو ما عرضناه من تعاسة المرأة - 00:06:03
في حلقة (تحرير المرأة الغربية)، وهو ما يتم استنساخه لبلاد المسلمين. - 00:06:08
في بلاد المسلمين خلاصةُ ما جرى للنظام التعليميِّ هو هَدْمُ نقاطِ التميّز؛ - 00:06:13
هدْمُ الأركان الخمسةِ، فَلم يَعُد التعلُّم تَعَبُّديًّا ولا المسؤوليةُ فيه مشتركةً، - 00:06:18
بل أَمسكَ الاحتلالُ -ومِن بَعدِه الدولُ التابعة له- بزمام المناهج وتحكَّموا بها، - 00:06:24
وليست مرجعيَّتُه الوحيَ ولم تعُد مراكزُ الثقل الماليِّ موزَّعةً في المجتمع، - 00:06:29
ولا مخرجاتُ التعليمِ تقاسُ بتحقيقِ أهدافِ الوحي؛ - 00:06:35
بل تُقاس بالعلامة والتأهُّل للعمل بالمعايير المادِّيَّة. - 00:06:39
لكن بالاضافة إلى ذلك فمشكلة التعليم ببلاد المسلمين مُرَكَّبةٌ وأعقَدُ منها في الغرب؛ - 00:06:43
فهناك عوامل فسادٍ أخرى، منها: توسيدُ الأمر إلى غير أهله، إدارات ولجان تطوير ومراقبة - 00:06:49
تُختَار بناء على معايير ولائيّة انتفاعيّة، وليس على أسُسِ الأهليَّةِ والكفاءة، - 00:06:55
إضافةً إلى الحرص الشديدِ على تَطْويعِ الأجيال لمجموعاتٍ مُتحكِّمةٍ - 00:07:01
أكثرَ من الحرصِ على تعليمها، - 00:07:06
إضافةً إلى عدمِ تأهيلِ المعلِّمينَ وإلى احتياجِهم ماديًّا، - 00:07:08
إضافةً إلى تدخُّل ممنهَجٍ في المناهجِ لعزل الأجيال عن تاريخها وثقافتها وقدواتها، - 00:07:12
وإفراغِها من مخزونِها الفكريِّ والحضاريِّ وطمسِ هُويَّتِها، - 00:07:19
كما في مقرراتِ دراساتِ مؤسَّساتِ التخطيطِ الاستراتيجيِّ الغربيَّة -كمركزِ راند- - 00:07:24
وفي الفيديوهات التي تخرج بين الحين والآخر عن مناقشات في الدوائر السياسيَّة الغربيَّة - 00:07:28
حولَ التغييرات التي يجب إجراؤُها للمناهجِ في العالم الإسلامي. - 00:07:34
نظام التعليم المدرسيِّ في الدول الغربيَّةِ -على ما فيه- - 00:07:38
إلا أنه يعزِّز لدى طُلَّابه الانتماءَ إلى تاريخِهم والافتخار برموزهم، - 00:07:42
الأمر الذي لم يتمَّ استنساخُه لدولِ العالم الإسلامي، بل حُذف الكثيرُ من تاريخهم، - 00:07:47
ويُدرَّس الطلابُ محطَّاتٍ محدودةٍ على مبدأِ الـ(Normal Saline) - 00:07:54
الذي تكلَّمنا عنه في حلقة (بس تربية)، - 00:07:57
بحيث يتحقَّق وهم التعلُّم ويظنُّ الأولاد وأهلهم أنَّهم يتعلَّمون تاريخَ الإسلام والمسلمين. - 00:08:00
بعد انهدام عوامل القوَّة ووجودِ عوامل الفسادِ في التعليم - 00:08:07
لا حاجةَ لخُطَّةٍ تفصيليَّةٍ للدَّمار ولا للتدخُّلِ في كلِّ التفاصيلِ - 00:08:11
ولا لطَمسِ كلِّ معالم الإسلام من التعليم، - 00:08:16
بل يكفي ما تقدّم لئلا تقوم للتعليم المنشود قائمةٌ إذا بقي الحال على ما هو عليه. - 00:08:20
والمهم جدًّا هنا -إخواني- أن ندرك أنَّ هذا الفسادَ - 00:08:26
كان قد تسرَّب إلى المنظومةِ التعليميَّة في العالمِ الإسلاميِّ - 00:08:29
قبل تَعرُّضه للاحتلال العسكري المباشر، - 00:08:33
ولولا أنَّ هذا الفسادَ قد أصابنا لما كان فينا قابليَّةٌ أصلًا للاحتلال، - 00:08:36
﴿وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾ [القرآن 3: 120] - 00:08:41
فالحلُّ ينطلِقُ منَّا، وبدايتُه فَهْمُ واقعِنا، - 00:08:45
لا للتَّشكِّي والإلقاء باللَّوم على الآخرين، بل لنصلح هذا الواقع. - 00:08:48
أخطرُ ما في واقع التعليم اليومَ أنه لم يعُدْ يستند إلى مرجعيَّة الوحي، - 00:08:54
قد تتساءل: ماذا نعني بأن يكون الوحي هو مرجعيَّةَ التعليم؟ - 00:08:59
في عصور الازدهار الإسلاميِّ كان التُّقاةُ من العلماء المسلمين - 00:09:04
يستدلُّون بفطرهم وعقولهم السليمة على أن الوحي حقائقُ مطلقةٌ، - 00:09:07
والمنظومةُ المعرفيَّة لديهم واضحةٌ ومنسجمةٌ، - 00:09:13
فالقرآن والسنّة الثابتة علومٌ خبرية منسجمة مع العلوم الطبيعية والاجتماعية، لا تعارض؛ - 00:09:17
بل مصادرُ المعرفة -ومنها العقل- لا تكتسِب موثوقيَّةً - 00:09:24
إلا في ظلّ الاعتراف بخالقٍ مُطْلَقِ الكمال كما أثبتنا بالتفصيل في (رحلة اليقين)، - 00:09:28
يتقرَّب العالم إلى الله بدراسته وإسهامه في علوم الطبيعة، - 00:09:34
ويعبد الله بقراءة آياته المنظورة في الكون والحياة - 00:09:38
كما يعبده بقراءة آياته المسطورة في القرآن، - 00:09:42
يوَظِّف العلوم لنفع الناس، ويتعوَّذُ بالله من علم لا ينفع، - 00:09:45
ومن بابِ أَوْلَى يتوَرَّع عن توظيف العلم لأذيَّة الناس، - 00:09:49
وإذا أشْكلَ عليه شيء قام فصلى ركعتين ودعا ربَّه؛ لأنَّه خالقُ الكون وموجدُ قوانينه، - 00:09:54
فيستزيد من علمه الذي قال فيه: - 00:10:01
﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾ [القرآن 2: 255]، - 00:10:03
فروح العالِم وعقلُه وعقيدتُه وعلومُه منسجمَةٌ جميعًا، - 00:10:08
لا يزور العلم ليحقّق مآرب شخصيّة ولا يطوعه لأجندات أحد، بل يعلمُ أنه مستأمنٌ عليه، - 00:10:13
فالوحيُ محرِّكٌ لاستكشاف العلوم: ينسجِِم معها، - 00:10:20
ويُضفِي المصداقيَّةَ على أدوات استكشافها (كالعقل)، ويحرِّم تزوير العلوم والغشَّ فيها، - 00:10:24
ويجعلُ توظيفَها في ما ينفع الناسَ، ويحرِّم توظيفَها فيما يَضرُّهم. - 00:10:30
عندما أصابنا الوهَن، وتمَّ استنساخُ النظام التعليميِّ الغربيِّ لبلاد المسلمين، - 00:10:35
استُنسخت معه الخصومةُ بين الكنيسة والعلوم الطبيعية، - 00:10:40
كانت الكنيسة تمثّل عائقا عن التقدم الحضاري بتدخُّلاتِها غير المرحّب بها في العلوم - 00:10:44
دون مرجعيِّة وحيٍ محفوظ، فزوى الغربُ الدين في حصص مخصوصة ومنعه من التدخُّل في العلوم، - 00:10:50
والشيءُ ذاتُه تمَّ استنساخُه لبلاد المسلمين في التعليم النظاميِّ، - 00:10:57
أُلغيت مرجعيّة الوحي، فأصبح الوحي ممثلا في مادة في المدرسة اسمها (التربية الإسلامية)، - 00:11:01
وتَخَصُّصٍ في الجامعة اسمه (الشريعة)، - 00:11:08
ولم يَعُد الوحي مرجعيَّة العلوم الطبيعيَّة والاجتماعيَّة والروحَ المبثوثة فيها جميعا، - 00:11:12
يدرس الطالبُ في حصَّة الدِّين أن الرِّبا محرَّم ممحوقُ البركة، - 00:11:17
ثم يدرس في غيرها أنه من أركان الاقتصاد، - 00:11:21
يدرس في حصَّة الدين عن رابطةِ العقيدة ومرجعيَّة الشريعةِ - 00:11:24
ما يعارَضُ في غيرِها بِجَعْلِ الولاءِ على أساس حدودٍ - 00:11:28
وضَعَها المُستعمِرُ وبمرجعيَّةِ القانونِ المستورد غير المحكوم بالشريعةِ، - 00:11:31
يدرسُ ما يهيِّئه لأن يتخصَّص في الجامعة في الطب والصيدلة والهندسة والمحاسبة والمحاماة - 00:11:36
لكنه لا يدرس لا في المدرسة ولا في الجامعة فِقهَ هذه المِهن ولا ضوابطَها الشرعيَّة، - 00:11:42
بل وقد لا يعلم أن لها فقهًا وأحكامًا خاصّة أصلًا، ولا يُعلَّم معها مراقبةَ الله فيها. - 00:11:49
فينتج من ذلك شخصيّة مُفكّكة ترى الدين أحدَ الموادَّ الدراسية التي يدرسها لينجح فيها؛ - 00:11:56
لا نظامَ حياةٍ ولا حقائقَ مطلَقَةً، - 00:12:03
تَنتُجُ شخصيَّةٌ لا تستطيع التَوفيقَ بين الوحي والعلم الرصديِّ التجريبيِّ؛ - 00:12:05
بل تراهما متعارضين، ولا تستطيع التوفيق بين عالم الغَيب وعالمِ الشَّهادةِ، - 00:12:10
شخصية تقبل بمعايير مخالفة للوحي في الحكم على الأشياء بأنها حق أو باطل، صواب أو خطأ، - 00:12:15
ولا ترى في ذلك تعارُضًا مع انتسابها للإسلام، تَقولُ له: (هذا الفعل محرَّمٌ)، - 00:12:23
فيجيبك: من حقِّ من يفعلونه أن يفعلوه ما دام لا يؤذيك. - 00:12:28
إلى جانب ذلك انتشرت في العالم الإسلاميّ في أواخر القرن التاسع عشر -وأثناء الاحتلال- - 00:12:32
ظاهرةُ الإرساليَّات التنصيريَّةِ، وكان من أوائلِ المدارس ظهورًا في بلاد المسلمين - 00:12:38
المدارسُ التنصيريَّةُ، والتي درَسَ فيها عددٌ من أبناء المسلمين، - 00:12:43
وتبوَّأَ عددٌ منهم مناصبَ عاليةً في الدول، - 00:12:48
لم يتنصَّرْ هؤلاء، لكن كان لديهم انفكاكٌ واضحٌ عن الهويَّةِ الإسلاميَّة. - 00:12:51
كرَدَّةِ فِعْلٍ على انتشار هذه المدارس التنصيريَّةِ وتأثيرِها - 00:12:57
وكذلك -على قُصور المدارس النظاميَّةِ- ظهرت فكرةُ ما يُسمَّى بـ(المدارس الإسلامية)، - 00:13:01
هل هي مدارسُ نشأَتْ لتُعيدَ بناءَ التعليم على القواعدِ التي ذكرْنا - 00:13:07
فيكون تعليمًا باسم الله، ينطلق من مرجعيَّة الوحي كحقيقةٍ مُطلَقَةٍ حاكمةٍ على العلوم، - 00:13:12
هدفُه إنسانٍ متكامِلُ المكوناتِ يعمل للغاية العُظمى - 00:13:18
ويُحقِّق الأركانَ التربويَّة التعليميَّة -التي ذكرنا؟ - 00:13:23
ولا يُظنُّ أنَّ هذه المدارسَ كانت لديها الكفاءاتُ اللَّازمةُ والرؤيَةُ الواضحةُ - 00:13:26
التي تُمَكِّنها من ذلك مع حالة الوهَنِ العامَّة في الأُمَّةِ، - 00:13:31
وإنَّما كان هدفُها حمايةَ الهُويَّةِ الإسلامية للأبناء، - 00:13:36
فأضافتْ هذه المدارس حصصَ تلاوةٍ، أعطَت جوائزَ لمن يحفظون القرآن، - 00:13:39
أقامت أنشطةً لتَحبيب الدين إلى الأبناء، استقطَبت معلِّمين ومعلِّمات محبِّين للدين، - 00:13:44
يُحاولون غرسَ قيمه في الأبناء ضمنَ المتاح، وهذه كلُّها أشياءُ طيّبةٌ ذاتُ أثرٍ مهمّ، - 00:13:50
لكنَّها لا تجعَل التعليم إسلاميًّا بالفعل، ولا تحقّقُ أركانَ بناء الإنسان التي ذكرنا. - 00:13:56
إدراك ذلك مهم؛ حتَّى يكونَ لدى المخلصين في هذه المدارس أهداف واضحة يسعَوْن لتحقيقها، - 00:14:03
وَمُهِمٌّ حتَّى لا يظنَّ الآباءُ والأمهاتُ - 00:14:10
أنّهم أبرؤوا ذمَّتهم بوضع أبنائِهم في مدارس تُقدِّمُ نفسها على أنَّها إسلاميَّة. - 00:14:13
مع مرور الوقت تحولت فكرة (المدارس الإسلامية) هي الأخرى إلى سلعة رأسمالية في بعض الحالات - 00:14:19
يُغرَى المستثمِر بأن سِلعةَ المدارس الإسلاميَّةِ رائجةٌ ومطلوبةٌ، - 00:14:26
يُعيَّن المعلمون والمعلمات الأقل تكلفة بغض النظر عن تحقُّقِ قِيَم الإسلام في ذواتِهم - 00:14:30
فضلًا عن قُدرتِهم على تَنْشِئةَ الأجيالِ عليها، - 00:14:36
لا يُعطى المعلِّم الراتب الذي يكفيه لتفريغِ ذهنه لمَهمَّة التربيةِ والتَّعليم، - 00:14:39
وقد تخلَعُ المعلِّمةُ الجلبابَ أو العبايةَ التي تفرِضُها إدارةُ المدرسةِ - 00:14:44
بمجرِّد وصولِها لمَصَفِّ السيارات، - 00:14:49
وتدْخُلُ هذه المدارسُ مِضمارَ المنافسةِ مع المدارس الأخرى بنفس معايير النجاح، - 00:14:51
فقلَّما تُفاخر بخرِّيجيها على أنّهم حقّقوا شيئًا من أركان بناء الإنسان التي ذَكَرنا؛ - 00:14:57
بل تُفاخِرُ بأن خرِّيجِيها حقَّقوا علاماتٍ في التسعينات في الثانوية العامة، - 00:15:02
وبالتالي يتأهَّلون للجامعة، الشهادةِ، سوقِ العمل، الوظيفةِ والراتبِ، - 00:15:08
وتَبقَى مع ذلك الإضافاتُ المعتادة لتسميَةِ هذه المدارسِ بـ"الإسلامية" - 00:15:13
كحصَّة التلاوة ورحلة العُمرةِ. - 00:15:18
ولا شكَّ أن المسؤوليَّةَ مُشتركَةٌ، - 00:15:20
فغيابُ منظومة التفكيرِ المرتبطةِ بالوحيِ - 00:15:22
ليست مُشِكِلَةَ المدرسةِ فقط، وإنما هي مشكلةٌ في المجتمع والأُسرَةِ أيضًا، - 00:15:25
والأهلُ شركاءُ مع المدارس في صُنعِ هُويَّة الأبناء، - 00:15:30
ومع هذا فللدّقَّة والموضوعيّة تبقى المدارس التي ترفع شعار القيم الإسلاميّة بالعموم - 00:15:33
أقلَّ ضعفًا من غيرها في تحقيق الأركان التربوية المتعلقة بهويّة الطالب الإسلامية - 00:15:40
كما ظهَر ذلك أيضًا في نتائج الاستبيان، - 00:15:46
وكثيرًا ما يعتمد ذلك على وجود معلمٍ أو معلمة أصحابِ رسالةٍ يتأثَّر بهمُ الأبناء، - 00:15:49
ومع ذلك فوَضْعُ هذه المدارس دُونَ المأمولِ بكثير. - 00:15:55
عالميًّا ظهرتْ فكرةُ برامجِ التعليم الدوليةُ (International) - 00:15:59
مثلَ الـ(IG) البريطانية ثم الـ(IB) والـ(SAT) الأمريكيين، - 00:16:03
وهي بالعموم -على تباينٍ فيما بينَها- أفضلُ من المناهجِ الحكوميَّةِ في بلادِ المسلمين - 00:16:07
من حيثُ تنميَةُ القدرةِ على الربطِ والتحليلِ والتطبيقِ - 00:16:13
وبناِء جوانبَ من الشخصيِّة ومواكبةِ المُستَجِدَّات العِلميَّة، - 00:16:16
وهو ما تَدُلُّ عليه نتائج الاستبيان أيضًا، - 00:16:20
وعلى تباين فيما بينها صُمِّمتْ هذه البرامج ضمن منظومة العولمة (Globalisation)، - 00:16:23
منظومةٍ تريدُ أن توجِدَ لغة تعاملٍ مشترَكة بين الناس من مختلف الثقافات والأديان - 00:16:28
لغايات الانفتاح الاقتصادي والعملِ المشترَك في آلة المنظومةِ الماديَّة الرأسماليَّة، - 00:16:34
وبعضُها يهتَمُّ أيضًا بتأهيل الطالب للحياة الاجتماعيَّةِ - 00:16:40
ويرفع شعارَ تعزيزِ السِّلم العالميِّ من خلالِ التعليم. - 00:16:43
هذه البرامج التعليميَّة تضعُ أُطُرًا (Frame works) - 00:16:47
لتحقيق نتاجات تعليميّة معينة، وتصوغُ اختبارات لقياس النتاجات، - 00:16:51
دُور النَّشر تَدرُس النتاجات أو الأهداف المطلوبة، وتُصدِرُ كُتُبًا لتحقيقها، - 00:16:56
هذه البرامج التعليميَّة والمناهجُ الموجودة لتلبيتها تتجنّب مصادمة الأديان بشكل مباشر؛ - 00:17:02
لئَلَّا يُحدَّ من انتشارها، فهي حريصةٌ على الربح والانتشار، - 00:17:09
عدمُ المصادمةِ المباشرةِ هذا قد يبدو جيِّدًا، لكن ما الذي حصل؟ - 00:17:13
الذي حصَل أن هذه المناهج تجاوزَتِ الأديانَ حقَّها وباطِلَها، - 00:17:19
ليست فيها مرجعيَّةٌ دينيَّةٌ، وإنْ تكلَّمت عن الأديان فإنَّما تتكلَّم عنها كجزء من ثقافات الأمم، - 00:17:24
والمسلمون لم يقوموا بعمل مناهجَ خاصَّةٍ بهم تنطلق من مرجعيَّة الوحي، - 00:17:31
تَجاوزُ الأديان كان لا بُدَّ له أن يُحدث فراغًا علميًّا وفراغًا قِيميًّا أخلاقيًّا، - 00:17:37
فسدَّت المناهجُ هذا الفراغَ بتفسيراتٍ للحياة على اعتبارِ أنَّها (علميَّةٌ)، - 00:17:43
وبِقِيَمٍ على اعتبار أنَّها (إنسانيَّةٌ) يَجِبُ أن يَتَّفِقَ عليها الجميعُ. - 00:17:48
- كيف نشأت الكائنات؟ سؤال يحتاج جوابًا. - 00:17:53
=لا تُحدّثني عن خالق؛ فالخَلقُ أمرٌ غيبيّ، - 00:17:56
= لا تفرِضْ عليَّ معتقداتِك، ولا أفرِضُ عليك معتقداتي، - 00:17:59
= نحترم معتقدات بعضنا، لكنَّ هذا ليس عِلمًا، تعالَ نصطلحْ على تفسيرٍ (علميٍّ) - 00:18:01
فوُضِعَ الغيبُ كلُّه في سلَّةٍ واحدةٍ مع أنَّ منه ما هو بلا دليلٍ بالفعل، - 00:18:07
ومنه ما يدلُّ على صحَّتِه العقل والفطرة و(الساينس)، - 00:18:12
وعلى رأس ذلك وجودُ الخالقِ كما بيَّنَّا بالتفصيل في (رحلة اليقين). - 00:18:16
لكنَّ هذه المناهج حصرَت العلم بـ(الساينس)، - 00:18:21
وبالتالي أُخرِجَ الغَيبُ من دائرةِ العلم بمفهومه الشامل، - 00:18:24
وسُلِّطت التفسيرات الماديّة على ما لا يدخل في اختصاصها كنشأة الكون والحياة، - 00:18:27
ودُرِّسَت "نظريةُ التطوُّر" على أنها علْمٌ يفسِّر وجودَ الكائناتِ، - 00:18:33
مع أنها -بنسخَتِها الشائعةِ المفترِضَةِ لظهور الكائنات صدفةً- هي الأخرى غَيبٌ - 00:18:37
لكن غَيْبٌ غَبِيٌّ مصادِمٌ للعقل والفطرة و(السّاينس)، كما بينَّا في (رحلة اليقين). - 00:18:43
الفراغ القيميّ الأخلاقيّ الناشئ عن تنحِية الأديان تم تعويضه بقِيمٍ أخلاقيَّةٍ عولمية - 00:18:49
مرجعيَّتُها بشريَّةٌ وليسَتْ من الوحي، فيُعلَّم الطالبُ أن يكونَ ذا مبادئَ، - 00:18:56
منها: تقبّل الآخر، وأن يحترمَ حقوقَ الإنسان، ويرفعَ قِيَمَ الحريَّة والمساوَاة - 00:19:01
والعدالةِ الاجتماعية (Social Justice)، ويكونَ مواطِنًا عالميا (Global Citizen)... - 00:19:07
شعارات برّاقة، لكن هذا الآخر المطلوب تقبله قد يكون شاذّا جنسيّا أو من عبدة الشياطين. - 00:19:12
حقوق الإنسان مَنْ يُعرِّفها؟ إذا لم يِكُنِ الوحيَ المحفوظَ من خالق الإنسان - 00:19:20
فحقوقُ الإنسانِ والعدالة الاجتماعية قابلةٌ للتغيُّر والتنازعِ وتشملُ ما حرَّمه اللهُ - 00:19:25
وتؤدِّي في النهايةِ إلى الاعتداء على حقوق الآخرين. - 00:19:31
الحرية والمساواة إذا لم يكونا مضبوطَيْن بضابط الحقِّ والعدل من وحيٍ محفوظٍ - 00:19:35
فإنَّهما ينتهيَان بمعارضةِ الحقِّ والعدلِ والحريَّة والمساواةِ - 00:19:41
كما بينا في حلقة (تحرير المرأة) مثلا، وكما رأينا -مثلا- من حوادث تجريم كاتبي المحاكم - 00:19:46
إذا امتنعوا عن كتابةِ عَقد قِران رجلين على بعضهما لمخالفة ذلك لدينهم، - 00:19:52
يُجرَّمون لأنَّهم بذلك لا يحترمون حرِّيَّة الشواذِّ ومساواتَهم، - 00:19:58
وتنتهي المسألةُ بحريَّةٍ لفئةٍ على حسابِ فِئَةٍ، ولا يوجد حدٌّ فاصلٌ في ذلك - 00:20:03
لتمييز الحقِّ من الباطل؛ لعدم وجودِ مرجِعيِّةٍ من الوحي. - 00:20:09
لا يتعلَّم الطالبُ ذلكَ في هذه البرامج الدولية، بل تُكَرّسُ قِيم الحرية والمساواة - 00:20:14
على أنَّها المِسطَرةُ التي يُقَاس بها والمرجعيةُ التي يُحتكمُ إليها، - 00:20:19
ولا يَخطُر بباله أصلًا أن يُحاكِمَ هذه القِيَمَ والمعاييرَ إلى مرجعيَّةٍ غيرِها، - 00:20:24
خاصَّةً وأنَّ هذه القِيم مُخْتَلطة بقِيَمٍ جيِّدة بالفعل يتعلَّمها في هذه البرامج، - 00:20:29
مثل: الاهتمامِ بالبيئة واللاجئين، ومشكلةِ الفقر… - 00:20:36
لكنَّه لا يتعلَّم تحقيق العبوديَّة بمعناها الشامل والمتضمِّنَةِ لكلِّ خير فيما سبق، - 00:20:39
ولا يتعلَّم إحقاق الحقّ -الذي أمر الله به- ولا إبطالَ الباطل ولا إنكارَ المنكر - 00:20:45
ولا العملَ للآخرة، فهذه مفرداتٌ مبنيَّةٌ على مرجعيَّةِ الوحي، - 00:20:51
وبالتالي تَشَكَّل من ذلك منظومةٌ كاملةٌ بديلةٌ عن الأديان ومنها الإسلام. - 00:20:56
هذه المنظومة هي في واقعها أشبه بدين جديد؛ - 00:21:01
دينِ العلمويَّة (scientism) والإنسانوية (humanism)، - 00:21:05
دينُ (Be a good person) كن شخصًا جيِّدًا بالتعريف المائع. - 00:21:08
الإسلام يقول عن الله -تعالى: - 00:21:12
﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ [القرآن 7: 54]، - 00:21:14
كما أنَّه هو الخالقُ فهو -سبحانه- الذي يأمُر وينهَى ويُحَلِّل ويحرِّم - 00:21:16
ويضَع للبشر المعايير الصحيحة في تقييم الأشياء، - 00:21:21
بينَما في هذا الدين العلموَيُّ الإنسانويُّ، الخلقُ مُفَسَّرٌ بلا خالقٍ، - 00:21:24
وبالتالي فالأمرُ والمعاييرُ والأخلاقياتُ يصوغها الإنسان في مَعْزلٍ عن الوحيِ. - 00:21:29
ما دَورُ الدين بعد ذلك إذن؟ ليس له دَورٌ في نَظَرِ الطالب، - 00:21:35
وإذا دُرِّس فإنه يَظهر مُقحَما إِقحامًا ومحشورًا حشرًا غيرَ مبرَّرٍ، - 00:21:40
وبالتالي لم تتمَّ مهاجمةُ الدين، ولا إنكارُ الغيب صراحةً، - 00:21:45
لكنَّه عُزِلَ وهُمِّش وتُرِك يذْبَلُ ويموتُ في نفوس الطُلَّاب، - 00:21:49
بل إذا تعلَّم الطالبُ من دينه شيئًا - 00:21:54
وقد أُسِّسَ بنظريَّةٍ معرفِيَّةٍ مشوَّهةٍ وبمعايير أخلاقيَّةٍ منقطعةٍ عن الوحي - 00:21:56
فإنَّ الطالبَ سيُحاكِم دينَه وشريعتَه وتاريخَه وقيمَه بِناءً على المعايير الخطأ، - 00:22:02
يُعلَّمُ الطالبُ مثلًا أن يكون مُتَسائلًا، - 00:22:08
جميل، التساؤلُ أمرٌ يحثُّ عليه الإسلامُ الذي يَمنَعُ من التقليدِ الأعمى، - 00:22:10
لكن حين يأتي الطالبُ المُسلم ليتساءلَ عن حقائقِ دينِه - 00:22:15
كوجود الخالق والنبوات والجنة والنار، - 00:22:19
فسيُحاكِم ذلك كلّه إلى المعيار المادي الذي تعلمه فيرى أن هذه الأمور ليست (scientific) - 00:22:22
وقد تكرَّس في نفسِه أن "العلمَ" محصورٌ في (السّاينس) - 00:22:29
فيتشكَّكُ في دينه، - 00:22:33
يتعلَّم الطالبُ أن دينَه يقولُ أن المشركين في النار، - 00:22:34
مع أن بعض هؤلاء المشركين هم في نظر هذا الطالب (good persons)؛ - 00:22:38
أشخاصٌ جيِّدون بالمعاييرِ الإنسانويَّة، - 00:22:42
فيشكُّ في عدالةِ دينِه - 00:22:45
اللغة التي يدرسُ بها الطالب هي الإنجليزية، - 00:22:46
والأمثلة والمحتوى والتطبيقات هي من تاريخ وثقافات وحضارات الأمم الأخرى، - 00:22:49
والأبطالُ والقدواتُ هم أبطالُ وقدواتُ الأمم الأخرى، - 00:22:54
هذه المناهجُ لا يُذكر فيها قدواتُ المسلمين ولا إسهاماتُ المسلمين في العلوم، - 00:22:57
فيتطبَّع الطالبُ المسلم بطباع الأمم الأخرى بعد أن تشرَّب ثقافتَها ونطَقَ بلسانها، - 00:23:02
وينْسَلِخ من لُغتِه، وبالتالي ينفصل عن فَهم القرآن والسنة ومعرفةِ تراثِه وتاريخه، - 00:23:08
ينسلخُ من هُويَّتِه وانتمائِه لدينه وأمتِه وتاريخِه، - 00:23:14
لن يكون همُّه بعد ذلك نهضةَ أُمَّتِه ولا إعزازَها، بل يضيقُ صدره بالعيشِ فيها؛ - 00:23:18
إذ يرى نفسَه جاء لعالم فيه إنجازات مادية ليس له إسهام فيه، لا هو ولا أجداده حسب ظنه، - 00:23:24
وتتوجَّهُ قِبْلةُ قلبه للبلاد التي درَسَ مِنْهاجَها، - 00:23:32
ومما يزيد تمسك الطالب بالتفسيرات الماديَّة والمعايير الإنسانويَّة واللغة الإنجليزيِّة - 00:23:35
وثقافةِ الأمم الأخرى اختلاطُ ذلكَ كلِّه بالمحتوى التعليميِّ القويِّ نسبِيًّا - 00:23:41
والمساعدِ على التفكيرِ والتحليلِ والتطبيق والابتكار في جوانب حياتيَّةٍ كثيرةٍ، - 00:23:47
وأسلوبُ التعليمِ الذي يُشَجِّعُ الطالب على الحوارِ، ويَزْرع فيه تقديرَ النفس، - 00:23:52
وهي العناصرُ الغائبةُ عُمومًا من عامَّة المدارس الأخرى. - 00:23:57
الأهالي يضعون أبناءهم في هذه البرامج، إما حرصا على تلقّيهم لتعليم قوي في هذه الجوانب، - 00:24:01
أو ليتكلَّموا باللغة الإنجليزية، أو لِتكونَ لهم فُرَصٌ أكثرُ في الجامعات العالميَّة - 00:24:07
أو ليدخُلَ الأهالي والأبناء في زُمرةِ الـ(Elite) [النخبة]، - 00:24:12
أو هروبًا من المناهجِ الحكوميَّةِ ومشاكلِها الكثيرةِ، - 00:24:17
ثم يأتي كثيرٌ من هؤلاء الأهالي -ممن عندَهم بقيَّةُ انتماءٍ للإسلام- - 00:24:21
يأتونَ بأبنائهم بعد أن ألحَدُوا أو انحرفوا سُلوكيًّا طالبينَ المساعدة - 00:24:26
-كما يخبرني أصدقائي العاملون في ملفِّ العلاجِ والإرشادِ النفسيِّ، - 00:24:31
ولا يَخفَى أن المُخرَج النهائيَّ للتعليمِ بهذه البرامج - 00:24:36
يتأثَّرُ كثيرًا بالمُدرِّس وبسياسةِ المدرسة، - 00:24:39
وكثيرٌ من مدرِّسيها في بلاد المسلمين هم من غير المسلمين أصلًا أو من الملحدين حتى. - 00:24:42
هل كلُّ مَن يدرُس في هذه البرامج الدوليَّةِ يصيبه ما ذكرنا؟ - 00:24:48
لا طبعًا، هناك مَن نجَّاه الله من الوقوع في هذه المشاكل الفكريَّةِ والعقَدِيَّة - 00:24:51
بتربية الوالدين أو بمصادرَ معرفيَّةٍ ومؤثِّراتٍ أخرى. - 00:24:56
قد تقول: حسنًا، أما كان ينبغي لنا أن نستفيد من هذه البرامج - 00:25:00
من المحتوى العلميِّ الحقيقيِّ والأساليبِ وطُرُقِ العَرض - 00:25:04
ونُطَوِّر نحن برامجنا المنطلِقةَ من مرجعيَّة الوحي؟ - 00:25:07
بلى، لكنَّ هذا لم يحصُل على نطاقٍ واسعٍ للأسف، - 00:25:11
المدارس التي تقدِّم نفسها على أنها إسلامية اعتمدَ بعضها برامج التعليم الدوليَّة، - 00:25:15
لكن يأتي هنا السؤال مرة أخرى: - 00:25:21
هل تضع هذه المدارس البرامج الدولية في إطار معرفي إسلامي؟ - 00:25:24
هل المُعلِّم قادرٌ على أن يلاحظَ مواطن الخللِ ويعالجَها بطريقةٍ صحيحةٍ؟ - 00:25:29
هل هو مُدرِكٌ لاختلاف فلسفةِ هذه المناهجِ ومنطلَقاتها وغاياتِها عما في ديننا؟ - 00:25:34
هل هو مكفيٌّ مادِّيًّا وتلقَّى التدريبَ اللازمَ لهذا كلِّه؟ - 00:25:39
إذا مرَّ المُعَلِّم مثلًا بنظريَّة التطوُّر وقال لطلابه: - 00:25:43
(هذا مخالِفٌ لما في ديننا؛ لأنَّنا مسلمون ونعتقدُ بأنَّ الله -تعالى- خَلَقَ آدمَ) - 00:25:47
هل هذا كلامٌ شافٍ للطلَّاب أم أنه يجعلُهم يُحِسُّون بتعارض "العلم" مع الدين؟ - 00:25:52
هذه القضايا المتعلِّقةُ بنظريَّةِ المعرفةِ والتفريقِ بين العلم الزائف والحقيقيِّ - 00:25:58
نُعالِجُها في (رحلة اليقين)، - 00:26:03
وقد عبَّر عددٌ من المُعَلِّمين في البرامج الدوليَّةِ - 00:26:04
عن أنَّهم استفادوا منها في تدريس طُلَّابِهم -بفضل الله، - 00:26:08
لكنْ ماذا عن الغالبيَّة العُظمى منهم؟ - 00:26:11
وهل تُترك المسألة لاطِّلاع كلّ معلِّم على حدةٍ ولمجهودِه الشخصيِّ - 00:26:13
بدلَ أن تكون سياسةً تَعملُ عليها المدرسةُ التي تقدِّم نفسَها على أنها إسلامية؟ - 00:26:18
عددٌ من الطلَّاب الذين يُلحِدون أو يَتشكَّكُون يحصُل لهم ذلك - 00:26:23
بعد أن يدرُسوا في المنهاج الدوليِّ مساقاتِ نظريِّةِ المعرفةِ (Theory of Knowledge) - 00:26:28
والتي تُدرَّس بطريقةٍ تحصُر العلم بـ(الساينس)، وتستثني الغيبَ - 00:26:32
الذي يدلُّ عليه العقلُ والفطرة والـ(ساينس)، وتسد مكانه بغيبيات مفترضة معارضة لذلك كله. - 00:26:36
إذا أحسن المعلم المسلم فهم نظريَّة المعرفة الإسلامية وقدَّمها لطلابه بشكل مبرهِن رصين - 00:26:43
فإنَّه يبني لديهم القاعدةَ التي تُهيِّئُهم للانتفاعِ بما يدرُسونه من علوم بعدها. - 00:26:50
إذن فنحن أمامَ أزمةٍ تعليميَّةٍ مركَّبةٍ من غيابِ مناهجَ تناسُبنا كأمَّةٍ مسلمة - 00:26:56
تنطلق من مرجعيَّةِ الوحي ومن نظريَّةٍ معرفيَّةٍ متكاملةٍ رصينةٍ، - 00:27:02
ومن غيابِ تأهيلِ المدرِّسين لتقديم هذه المناهج، - 00:27:07
ومن غيابِ تبنِّي هذا المشروع على مستوى الدُول والمدارسِ بأشكالِها. - 00:27:10
حسنًا، ما الحلول المقترَحة لمشكلة التعليم؟ - 00:27:14
لا بدّ أن ندرك -إخواني- أنَّ مشكلة التعليم - 00:27:17
لا تُحلُّ بمَعزلٍ عن مشاكلِ الأُمَّة السياسيَّةِ والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، - 00:27:20
ولا وهي في حالةٍ من التبعيَّة، ولا بدَّ أن ندرك أن تَرْكَ المنظومة المدرسيَّةِ - 00:27:24
دون وجودِ بديلٍ مُتَبَلْوِرٍ قد يكون ضَرُّه أكثرَ من نفعه، - 00:27:29
وعلينا أن نحذَر من الحماس في تجنيب أبنائنا هذه المضارَّ - 00:27:34
ثم نتركُهم في فراغٍ لا نملؤُه، مما قد يؤدي إلى انتكاسةٍ وفتنةٍ. - 00:27:38
ومع ذلك فما يمكن عملُه كثيرٌ وكثيرٌ جدًّا، وما بوُسعنا عملُه لا يجوز لنا التقصير فيه. - 00:27:42
- أوَّلًا: نشر الوعي:- أن ندركَ جميعًا خُطورَةَ الأمر، - 00:27:50
ونصحوَ من وَهْم التعلم الذي يُقدَّم لأبنائنا في عامَّة المدارس، - 00:27:53
ونجعلَ الأركان التربويَّة التعليميَّة الثلاثينَ التي ذكرناها في بُؤْرةِ تركيزِنا - 00:27:57
هي أو غيرها مما يؤدّي فكرتها، فنحن لا ندّعي كمالها وإنما نضع بذرة قابلة للنقد والتطوير - 00:28:02
علينا أن ننشرَ الوعي بهذه الأزمةِ التربوية وبهذه الإحصاءات وبهذه الأركان التربويَّة - 00:28:10
وبالملامح الخمسة المذكورةِ للتعليم في الإسلام، ونطالبَ بها على كلِّ مستوى، - 00:28:15
وعندما نأخذ أبناءَنا إلى المدارس نسأل إداراتِها: - 00:28:19
هل تقتنعون بضرورةِ هذه الأركان والمنطلقات؟ - 00:28:23
إن كان الجواب (نعم) فماذا بذلْتم في سبيل تحقيقِها؟ - 00:28:26
أرونا برامجَكم ووسائلَكم ونتاجَكم السابقة في هذا، - 00:28:29
مُفرداتُ هذه الأركان كثيرٌ منها غائبٌ من قواميسِنا، غائبٌ من ذاكرتِنا ووَعينا، - 00:28:33
فعلَينا إحياؤها من جديدٍ. - 00:28:39
- ثانيًا: إعطاءُ الأولويَّة:- أن نعطيَ لهذه الأركان الأولويَّة - 00:28:41
في أن تُزرَع في أبنائِنا ونتخذ شتَّى السبُل لذلك… - 00:28:45
<i>أقبل على الروح فاستكمل فضائلَها</i> <i>فأنت بالروح لا بالجسم إنسان</i> - 00:28:49
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [القرآن 6: 66] - 00:28:53
ما ذكرْنا من أركانٍ تربويَّةٍ تعليميَّةٍ ينهض بدُنيا أبنائنا ودينِهم لا بدينهم فقط، - 00:28:57
وهو أَدعَى لأن يكونوا قُرَّةَ عينٍ لنَا، بارِّين بِنَا، - 00:29:02
طريقًا لنا إلى الجنة، رفقاء لنا فيها بإذن الله، - 00:29:06
عظّم هذه الأركان في نفس ابنك، وأعطِ للمدرسة حجمها المناسبَ. - 00:29:10
علينا أن نكفّ عن إشعار أبنائنا بأن مهمّتهم في الحياة الاختبارُ والعلامةُ والشهادةُ، - 00:29:14
وأنْ نعطيَ الأولويةَ للقراءاتِ والمطالعاتِ والدوراتِ والأنشطةِ - 00:29:20
التي تحقِّق هذه الأركانَ المذكورة، وأن نتمثَّلَها في أنفسنا لنكون لهم قدوةً. - 00:29:24
- ثالثا: سدُّ الفراغ:- - 00:29:30
نحن في زمنٍ أُتيح فيه التواصلُ عن بُعدٍ، ولم يعُد التعليم محصورا بين جدران المدرسة، - 00:29:32
فجديرٌ بنا أن نبدأَ العمل على تصميم برامجَ تنطلقُ من المنطلَقاتِ الإسلاميَّة - 00:29:37
وتُحقِّقَ الأركان المذكورَةَ، ونعملَ على التوفيقِ بين من يقدِّمونها - 00:29:42
-ممن يشاركوننا الهمَّ والرؤيةَ- ومن يتلقَّونها من أبنائنا، - 00:29:47
وهذا أيضًا سيكون فيه مُتَنَفَّسٌ للعوائِل المسلِمةِ في الدول الغربيَّة - 00:29:51
والذين يشتَكون بحُرقَةٍ قائلين: أبناؤنا يضيعون منا في المدارس. - 00:29:55
هناك جهود بُذِلت في هذا المجال، تحتاج تنسيقًا وأن يُثريَ بعضُها بعضًا بالخبرات. - 00:29:59
- رابعًا: إحياءُ مفهوم المؤدِّب:- - 00:30:05
كان الناس في عصور الازدهار الإسلامي يأتون لأبنائهم بمن يُعلِّمهم ويصقُل شخصيَّاتِهم، - 00:30:07
ليس المطلوبُ تحفيظَ القرآنِ فحسب؛ بل مؤدبٌ متكاملُ الشخصيَّةِ - 00:30:13
يتمثَّل ما ذكرناه من أركانٍ في نفسه؛ ليكونَ قادرًا على تنشئةِ ابنك علَيْه، - 00:30:17
يُرافقُه إلى السوقِ، إلى الأنشطةِ، يوجِّهُه عمليًّا، وكذلك مؤدِّبَةٌ لبناتِك، - 00:30:23
هذا لا يُعفي الأب أو الأمَّ من المهمَّة، لكنه يعينُهما، - 00:30:29
والأبناء يستجيبون للغريب عنهم أكثر من الوالدين المألوفين في كثيرٍ من الأحيان. - 00:30:33
الأركانُ الَّتي ذكرنا تَصلُح لأن تكون عقْدًا بينك وبين هذا المؤدِّب، - 00:30:38
تسأله: كيف ستغرس في ابني هذه القِيَم والمعاني؟ - 00:30:43
أيَّ الكتبِ والسلاسلِ ستعتَمِدُ؟ أيَّ الدورات والمحاضرات والأنشطةِ؟ - 00:30:46
ولا تتوقعْ أن يقومَ المؤدِّب بهذه المهمَّة تطوُّعًا بلا مقابلٍ، - 00:30:50
علَينا أن نتوقَّف -إخواني- عن استرخاص إنسانيَّة أبنائنا، - 00:30:54
كما أنك تسخو لتحسّن لغة ابنك الإنجليزية أو لدروس خصوصيّة ليتميَّز في الثانوية العامة، - 00:30:58
فأَوْلى بك أن تسخوَ لصلاح دنياه وروحِه ونفسِه وآخرتِه، - 00:31:04
وما تبخلُ بإنفاقِه في ذلك ستنفِقُه على أمراضِه النفسيَّةِ - 00:31:09
وعلى طيشِه ووسائلِ ترفيهٍ ضارَّةٍ يُدمِنُ عليهَا لتملأَ روحَه الخاويةَ، - 00:31:13
وفوقَ ذلك خسارتُه وضياعُ دينِه. - 00:31:19
هل الشباب والفتياتُ المؤهلُّون لدور المؤدِّب موجودون؟ - 00:31:21
نعم، خاصَّة في آخر المرحلةِ المدرسيَّة وبداياتِ الجامعيَّة، - 00:31:24
لكن مع قِلَّة ذاتِ اليدِ سُرعانَ ما يدخلون -هم الآخرون- - 00:31:28
في دوَّامة الوظيفة والبحث عن لقمة العيش. - 00:31:32
- خامسًا: المزيج المطلوب:- - 00:31:35
إخوانَنا وأحبائنَا طلَّابَ الجامعات مِمَّن يحمِل همَّ أمَّته، أتقنوا تخصُّصاتكم! - 00:31:37
وفي الوقت ذاته اطلبوا العلم الشرعيَّ في دوراتٍ نافعة كدورة (صناعة المحاور)، - 00:31:42
والتي تؤسِّس المسلم فكريًّا وعقديًّا، وترسي له القواعد التي يبني عليها بالعلم النافع، - 00:31:47
فالأمَّة في أَمَسِّ الحاجة إلى من يحقِّقُون هذا المزيجَ المتناغمَ - 00:31:53
من التمكُّن في العلوم الطبيعيَّة والإنسانيَّةِ والشرعيَّة معًا - 00:31:58
ويكونون قدوات تبعث العزَّة في أبنائنا وعلى أكتافِهم يقومُ التعليم النافع -بإذن الله. - 00:32:02
-سادسا: [إلى المستثمرين في التعليم]: أيها المستثمرون في التعليم! - 00:32:08
أنتم تتعاملون مع أخطر استثمارٍ؛ الاستثمارِ في الإنسان، - 00:32:10
قد تعيِّنون معلِّمين ومعلِّمات بأدنى راتبٍ ممكنٍ، - 00:32:14
ثم تُنفقون من الأرباح في بناء المساجد ورفع المآذن والقِباب وزخرفتِها، - 00:32:17
لمن تَبنون والأجيالُ تُصَدُّ عن دينها؟! - 00:32:22
أولى بكم تخصيصُ مبالغَ لتأهيلِ المعلمين ليَتَشرَّبوا مرجعيَّة الوحيِ، - 00:32:24
ويتشرَّبوا منه نظريَّةَ المعرفةِ الإسلاميَّة، - 00:32:29
ويجعلوه بعد ذلك الروحَ السارية فيما يتعلَّمه أبناؤُنا وبناتُنا، - 00:32:31
وأن تَكْفُوهم ماديًّا برواتبَ جيِّدةٍ لتتفرغَ أذهانُهم لهذه المهمَّة، - 00:32:36
وهذا يحتاج أيضًا تفكيرًا على المدى البعيد بتبنِّي الأذكياء الأنقياء من الشباب - 00:32:41
في مراحلِ الدراسةِ المبكِّرة وقبل التخصُّصِ ليكتسبوا العلوم بهذه الرؤية، - 00:32:46
ولا تتوقَّعوا أن تواجهَ الجهودُ العالميَّةُ الجبَّارة - 00:32:51
ببعضِ المظاهر والأنشطة الإسلاميَّة وإن كانت نافعةً. - 00:32:54
-سابعا: [إلى المعلمين والمعلمات]: مع كل ما ذكرنا، - 00:32:57
لا نُنكِر أن هناك معلِّمين ومعلِّماتٍ في البرامج العادية والدولية - 00:32:58
لديهم هُويَّتُهم الإسلامية وغَيْرَتُهم على دينهم، فنُذكِّر هؤلاء بمهمَّتهم العظيمةِ - 00:33:02
والثغرِ الخطير الذي يقِفون عليه، ونسأل الله أن يوفقهم ويعينهم. - 00:33:08
ولنتذكَّر ختامًا -إخواني- أن الله لم يجعل مصائرَنا بأيدي غيرنا؛ - 00:33:13
بل بيدِه وحده -سبحانه، وهو القائل: - 00:33:17
﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [القرآن 64: 16] - 00:33:20
ومن أعظم التقوى تقوى الله في تعليم أبنائنا، - 00:33:22
﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ [القرآن 65: 2]. - 00:33:25
كان هذا استطرادًا لازمًا في التهيئة لموضوع تعليمِ المرأة الجامعيِّ، - 00:33:29
والذي سنُناقشُه في الحلقة القادمة -بإذن الله. - 00:33:33
والسلامُ عليكم ورحمة الله. - 00:33:36