السلامُ عليكم. - 00:00:00
جئنا إليها وهي منطلقةٌ كما في كلِّ يومٍ. - إلى أين يا فتاة؟ - 00:00:00
- إلى الجامعة، ثم إلى الوظيفة، إلى سوق العمل، إلى الإعلام - 00:00:04
- ماذا تريدين من ذلك؟ - 00:00:09
- أريد أن أثبت نفسي. - 00:00:10
- تثبتينها أمام مَن؟ - 00:00:12
- أمام نفسي، كي أحترم نفسي - 00:00:14
- كيف؟ - 00:00:17
- بالنجاح في الدراسة والعمل. - 00:00:18
- ماذا ستُثبتين لنفسكِ بذلك؟ - 00:00:20
- أنِّي لستُ أقلَّ من قريناتي ذكاءً ولا همَّةً ولا إنتاجيَّةً. - 00:00:22
- حسنًا، ومَن قال إنَّ هذه هي المعايير الصحيحة لتقييم نجاحكِ بصفتك امرأةً؟ - 00:00:27
مَن قال إنَّ الإنتاجيَّةَ هي الإنتاجيَّةُ في العمل الوظيفيِّ والمهنيِّ؟ - 00:00:32
- هذه هي المعايير التي يتعامل بها الناس. - 00:00:37
- إذن، فأنتِ تُثبتين للنَّاس وفقًا لمعاييرهم هُم! - 00:00:40
- نظرتي لنفسي ستتأثَّر -رغمًا عنِّي- بنظرة الناس إليّ. - 00:00:44
- هل أنت ناجحةٌ حقًّا وقويَّةٌ حقًّا - 00:00:48
إذا رهنتِ نظرتكِ إلى نفسكِ بنظرة الناس إليكِ وتقديرهم لنجاحكِ؟ - 00:00:52
هل ترهِنين سعادتَكِ بتحقيق النجاح وِفق المعايير التي يفرضها الناس؟ - 00:00:57
هل الناس هم الذين لهم الحقُّ أن يحدِّدوا متى تكونين ناجحةً ومتى تكونين فاشلةً؟ - 00:01:03
هل معاييرهم هي الحقُّ المُطلق لتشغلي بالك بها؟ - 00:01:10
ماذا إذا تغيَّرت معاييرهم -وهي حقًّا تتغيَّر مِن زمنٍ إلى آخر- - 00:01:14
هل ستحاولين تحقيق النجاح بمعاييرهم الجديدة؟ - 00:01:19
هل أنت تضمنين الاستقرار النفسيَّ بذلك؟ - 00:01:23
حسنًا، ماذا إذا لم تُثبِتي لهم أنَّكِ ناجحةٌ بمعاييرهم؟ - 00:01:25
- سأشعر بالفشل! - 00:01:30
- حسنًا، وإذا كنتِ ذكيَّةً صاحبةَ همَّةٍ، - 00:01:31
لكنَّ المجتمع ظلمكِ، - 00:01:34
نظامَ التعييناتِ ظلمكِ، - 00:01:35
اخْتِيرَت غيرُكِ للوظيفة؛ لأنَّها أجمل منكِ؛ لا لأنَّها أكثر كفاءة، - 00:01:37
هل ستشعرين بالفشل؟ - 00:01:41
لماذا ترْهنين حياتكِ بنظرة النَّاس لكِ؟ - 00:01:43
هل هدفكِ في الحياة نظرة الناس؟ - 00:01:46
بل هل تساءلتِ ما هدفك في الحياة؟ - 00:01:50
هل فكَّرتِ في: مَن أنتِ؟ - 00:01:53
لماذا أنتِ هنا في هذه الحياة؟ ماذا تريدين؟ - 00:01:55
إذا حدَّدتِ هدفكِ فإثباتُ النَّفس والبحثُ عن الذات يأتي تِلقائيًّا؛ - 00:01:58
لأنَّكِ ستجدينها في تحقيق هدفك. - 00:02:03
أنت -كونك مسلمةٍ- أليست لكِ أهدافٌ تميِّزكِ عن غيركِ؟ - 00:02:06
- لكن أنا أريد أن أحقِّق ذاتي بما لا يخالف ديني، - 00:02:10
فأخرج لميادين الدِّراسة والعمل وأنا ملتزمةٌ بحجابي. - 00:02:14
- هذه الطريقة هي أَسْلَمَةٌ سطحيَّةٌ لمفهومٍ مستورَدٍ، - 00:02:18
وكأنَّها خَتمٌ خارجيٌّ دون النَّظر في جذور الفكرة نفسها. - 00:02:22
القضيَّة ليست: (ماذا تلبسين) في المقام الأوَّل، - 00:02:26
بل المحرِّكُ الذي يدفعكِ إلى هذا العمل، - 00:02:29
وقيَمُكِ ومعاييركِ التي تقيِّمين بها الأمور. - 00:02:32
تحقيق الذات في الغرب مبنيٌّ على نظرتهم للحياة، - 00:02:36
النظرةِ الفرديَّة التي تُعرِض عن الله - 00:02:39
وما حدَّده للناس من أهدافٍ ومن أدوارٍ في هذه الحياة، - 00:02:42
ولا تحسِب حسابًا للآخرة، - 00:02:45
مرتبطٌ بسياقهم الاجتماعيِّ والثقافيِّ، - 00:02:48
مرتبطٌ بتعريفهم هم للسعادة والنجاح. - 00:02:51
أمَّا نحن فأمَّةٌ لها هدفها ومعاييرها، - 00:02:54
ولها قيمُها وتعريفاتها ونظرتها للكون والحياة، - 00:02:58
فلا أحقِّقُ ذاتي بعيدًا عن تحقيق غاية وجودي، - 00:03:02
﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [القرآن 6: 162]، - 00:03:06
فكلُّ حياتي عبادةٌ، - 00:03:12
وأنا أسعى لتحقيق نجاحي في هذه العبوديَّة لله، - 00:03:13
وأنا مؤمنٌ تمامًا أنَّه متضمِّنٌ لسعادتي ونجاحي؛ - 00:03:17
إذْ أومن بوعد الله -تعالى- القائل: - 00:03:22
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ [القرآن 16: 97]. - 00:03:25
في مقابل المفهوم الغربيِّ - 00:03:32
الذي ألَّه الإنسان وشهواته وأعرض عن العبوديَّة، - 00:03:33
فانطبق عليه قول الله تعالى: - 00:03:37
﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾ [القرآن 20: 124]. - 00:03:39
ألم يحدِّد خالقكِ -سبحانه- الذي تؤمنين به أهدافًا نهائيَّةً وقال: - 00:03:44
﴿وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ [القرآن 83: 26]؟ - 00:03:49
وأعطاكِ خريطة الطريق لهذه الأهداف، - 00:03:51
فمَن له الحقُّ بعد ذلك في تحديد معايير النجاح وأولويَّاته؟ - 00:03:54
الناس أم ربُّ الناس الذي خلقكِ وخلقهم، - 00:03:59
ورزقكِ ورزقهم، - 00:04:02
وبيده سعادتكِ وسعادتهم، وشقاؤكِ وشقاؤهم، - 00:04:04
وإليه معادكِ ومعادهم؟ - 00:04:08
ماذا إذا كانت معايير الناس فاسدةً - 00:04:10
ولا تحقِّقين النجاح في نظرهم إلَّا بإغضاب ربِّ الناس؟ - 00:04:13
ماذا -في المقابل- إذا كنتِ ناجحةً مَرضِيَّةً عند ربِّ الناس، - 00:04:17
وقمتِ بأعمال لم يطَّلع عليها إلَّا هو -سبحانه- - 00:04:22
ولم يرها الناس ولم تُثبتي لهم بها أيَّ شيءٍ، - 00:04:25
هل ضاعت هذه الأعمال، - 00:04:29
ولن تُسْهِمَ في نظرتكِ لنفسكِ واحترامكِ لذاتكِ؟ - 00:04:31
إذا لم تراعي هذا كلَّه وأصررتِ على إرضاء الناس، - 00:04:34
هل تظنِّين أنَّكِ ستخسرين في الآخرة فقط، وتحقِّقين السعادة والطمأنينة في الدنيا؟ - 00:04:38
أم ستكونين كمن قال الله فيهم: - 00:04:45
﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا... - 00:04:47
...وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [القرآن 18: 28] - 00:04:51
فينفرِط عليكِ عقد الحياة - 00:04:55
فلا تطمئنُّ نفسكِ، ولا تُرضِين ربَّكِ، ولا تستقيم علاقاتكِ بالآخرين، - 00:04:57
كما رأينا في الحلقات عن المرأة الغربيَّة. - 00:05:02
أيُّهما الصواب: - 00:05:05
أن تقدِّري ذاتَكِ بعيدًا عن نظرة الناس لها؟ - 00:05:06
أم أن تجعليهم الحَكَم؟ - 00:05:09
أن تجعلي هدفكِ ثابتًا، أم مضطربًا تضْطَربين معه؟ - 00:05:11
أن تقيسي نفسكِ بميزانٍ ربَّانيٍّ عادلٍ، أم بنظرةٍ بشريَّةٍ قاصرةٍ؟ - 00:05:15
أن تجمعي قلبكِ على رضى الله، أم تُبعثريه في وديان الناس؟ - 00:05:21
أن تزكِّي نفسكِ وتجاهديها لتستقيمَ على هذا كلِّه؟ - 00:05:26
أم تستسلمي لها ولضعفها؟ - 00:05:29
قد تقولين: - 00:05:32
حسنًا، هذا الكلام ماذا يختلف فيه الرجال عن النساء؟ - 00:05:33
هل النساء هنَّ المطالَبَات به دون الرجال؟ - 00:05:36
بل هو للرجال والنساء على حدٍّ سواء، - 00:05:39
بل ولنفسي وللدُّعاة والموجِّهين كما لسائر الناس. - 00:05:42
وعندما يُقال: - 00:05:46
"إنَّ على من يتصدَّى للدَّعوةِ والتَّوجيه أن يعتنيَ بعلاقته بالله" - 00:05:47
فلأجل هذا؛ - 00:05:53
لأجل أن يخرُج بنفسٍ قويَّةٍ تَفيضُ على النَّاس بما يَلزمهم، - 00:05:54
لا بنفسٍ هشَّةٍ، - 00:05:58
فيُحاوِلَ إثباتَ نفسِه أمامَهَم، - 00:06:00
ويرهَن نظرته لنفسه بمديحهم - 00:06:02
فيُسمِعَهُم ما يشتهون لا ما يحتاجون، - 00:06:05
على طريقة إسلام السُّوق. - 00:06:08
فكلُّ ما سبق خطابٌ عامٌّ للرجال والنساء، - 00:06:10
لكنَّنا نرى شقاء المرأة وتعبها أكثر، من مخالفة ذلك، - 00:06:14
فخروجها للناس بمفاهيمَ غيرِ منضبطةٍ - 00:06:18
-تريد أن تثبت ذاتها لهم بالمعايير الماديَّة والرأسماليَّة المفروضة- - 00:06:21
يجعلها عُرضةً للإذلال والاستغلال، كما رأينا في حلقة (المرأة الغربيَّة). - 00:06:27
فتحتاج المرأة مزيد مجاهدةٍ وتزكيةٍ لنفسها، - 00:06:32
لتخرج -إن أرادت أن تخرج- بنفسٍ ممتلئةٍ تريد أن تفيض على الآخرين، - 00:06:36
لا بنفسٍ جَوْعى تنتظر مِن الآخرين أن يملؤوها بالتقدير والعاطفة. - 00:06:41
تخرج بنَفْسٍ مستغنيةٍ قويَّةٍ، - 00:06:46
كفى الإسلامُ حاجاتِها بنظام القوامة أو الأبوَّة الصالحة، - 00:06:48
لا هشَّةٍ محتاجةٍ قابلةٍ للاستغلال - 00:06:52
في زمنٍ يكثر فيه ظُلم القويِّ للضعيف، - 00:06:56
رجلًا كان أو امرأةً؛ - 00:06:59
لأنَّ القِيَم الماديَّة تحلُّ فيه محلَّ قيم الإسلام. - 00:07:01
تحتاج المرأة أن تُعِزَّ نفسها - 00:07:04
لتعامِل الناس بشروطها المستمَدَّةِ مِن دِينها، - 00:07:06
لا بالشروط التي يفرضها السَّاسةُ والرأسماليُّون - 00:07:09
والمستعبِدون للبشر ومن لا يحترمون دينها. - 00:07:13
قد تقولين: - 00:07:16
لكن أنا ليس في بالي موضوعُ أن أثبت نفسي ولا ما شابه، - 00:07:17
وإنما أريد الشهادة والعمل للأيَّام حتَّى لا أكون عالةً على أحدٍ، - 00:07:20
فأنا قد لا أتزوَّج، وإذا تزوَّجت فلا أريد أن يستغلَّ زوجي حاجتي له. - 00:07:25
أو قد تقولين: - 00:07:30
أنا أعمل لأنِّي بحاجةٍ إلى المال - 00:07:31
لأنفق على نفسي أو على عيالي كمطلَّقةٍ، أو حتى على والديَّ. - 00:07:33
هذا موضوع سنطرحه أيضًا -بإذن الله- - 00:07:38
ومع ذلك فما نذكره في حلقتنا اليوم يلزمنا جميعًا -ذكورًا وإناثًا- - 00:07:41
أيًّا كان دافعنا للعمل والنجاحِ فيه. - 00:07:46
عندما تتميَّز المرأة المسلمة عن غيرها بهويَّتها الإسلاميَّة - 00:07:49
وتجعلُ هدفَها تحقيقَ العبوديَّة لله بمفهومها الشاملِ، - 00:07:53
وتجمعُ قلبَها بهذا الاتجاه، - 00:07:58
فإنَّ هذا يعني التزامها بالأولويَّات والأدوار التي حدَّدها الإسلام - 00:08:00
بما يحقِّق مصلحتها ومصلحة المجتمع، بتوازنٍ دون تضييع حقِّ أحدٍ. - 00:08:06
فهناك مستويات من النجاح للمرأة: - 00:08:12
النجاح في الأساسيَّات، والإضافيَّات، والاستثنائيَّات. - 00:08:15
أولًا: النجاح في الأساسيَّات -وهي فروض العين التي تجب على كلِّ امرأة: - 00:08:20
علاقتُها مع الله بالتوحيد الصافي، والابتعادُ عمَّا يخدش التوحيد، - 00:08:25
بالخضوع والاحتكام لله في أمرها كلِّه وأداءِ الفروض. - 00:08:29
علاقتُها مع نفسها بتقبُّل نفسِها وحبِّها؛ بأن تحمِل نفسَها على الخير وتُجنِّبها الشر. - 00:08:33
أدوارُها الأسريَّة ابنةً كانت أو زوجةً أو أمًّا أو أختًا. - 00:08:40
طلبُ العلم الذي يُعينها على أداء واجباتها في هذا كلِّه. - 00:08:44
النجاحُ في هذا المستوى ممَّا يجب على كلِّ امرأةٍ وفتاةٍ بلا استثناء، - 00:08:49
ومِن جمال الحنيفيَّة السَّمحة التي بُعث بها نبيُّنا -صلى الله عليه وسلم- - 00:08:54
أنَّ نجاح المرأة في صُلب الأساسيَّات -في ذاتها وعلاقتها بربِّها- هو نجاحٌ ميسَّر، - 00:08:59
يعبِّر عنه قوله -صلى الله عليه وسلم: - 00:09:06
«إذا صلَّتِ المرأة خَمْسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها - 00:09:09
قيل لها: ادخلي الجنَّة من أيِّ أبواب الجنَّة شئتِ» [مسند احمد]. - 00:09:14
نعم، عليها واجباتٌ بعد ذلك في التزكيَّة وبرِّ الوالدين والتربيَّة، - 00:09:18
والنجاح في هذا كلِّه أمرٌ عظيمٌ ليس بالسهل - 00:09:24
إلا على من وفَّقه الله، - 00:09:27
ولهذا فهي تقرأ في صلاتها: - 00:09:29
﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [القرآن 1: 5]. - 00:09:32
الرجل -بالمناسبة- مخاطَبٌ بنفس الأولويَّات، - 00:09:34
مطالَب بإعطاء الأولويَّة لنفسه وتزكيتها، ثم لأسرته، - 00:09:37
وهذا كلُّه ضمن المستوى الأوَّل الأساسي من النجاح، - 00:09:42
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [القرآن 66: 6]، - 00:09:46
«ابدأ بنفسك ثمَّ بمَنْ تَعُول» [المغني لابن قدامة]. - 00:09:51
لكنَّ الرجل له أدوارٌ إضافيَّةٌ؛ - 00:09:53
فهو مكلَّفٌ برعاية المرأة، أبًا كان أو زوجًا أو أخًا أو ابنًا، - 00:09:55
مكلَّفٌ بحمايتها والإنفاق عليها، وكفاية حاجاتها وتوفير السكن لها. - 00:10:00
وكذلك على أولاده؛ - 00:10:06
مكلَّفٌ بالإنفاق على أولاده وحمايتهم، - 00:10:07
فنجاحه في ذلك هو من الأساسيَّات التي يأثم إذا قصَّر فيها. - 00:10:10
فالأولويَّات للرجل والمرأة واحدةٌ، - 00:10:15
لكنَّ طبيعة الأدوار المحدَّدة من الخالق لكلٍّ منهما تختلف بما يناسب طبائع الجنسين. - 00:10:18
المهم جدًا هنا أن تعرف الأنثى أنَّها إنْ نجحت في هذه الأساسيات - 00:10:24
فعليها أن تشعر بالرضى والتقدير لنفسها، - 00:10:29
بغضِّ النظر عن إثبات نفسها للآخرين، - 00:10:33
عليها أن تشعر بتقدير نفسها لأنَّها بالفعل حقَّقت غاية خَلْقها، - 00:10:36
وأثبتت نفسها كما يحبُّ ربُّها، أمام نفسِها - 00:10:41
وأمام أهلها الذين هم بحاجتها حقًّا وهي بحاجتهم حقًّا كذلك. - 00:10:44
فهنا ميدان التنافس الأهمُّ، - 00:10:50
إن نجحتِ فيه فأنتِ بذلك علامتُكِ كاملةٌ، - 00:10:52
أي لستِ محتاجةً إلى النجاح حتى تبحثي عنه، - 00:10:54
ذاتُك ليست ضائعةً لتبحثي عنها، ولا منكَرَةً لتُثبتيها، - 00:10:58
إن نجحت في هذه الأساسيَّات. - 00:11:03
المستوى الثاني من النجاح: - 00:11:05
مساهمة المرأة مباشرةً -دون واسطةٍ- في النفع العام، - 00:11:07
بأن تكون معلِّمةً أو طبيبةً أو غير ذلك ممَّا يناسب طبيعتها. - 00:11:10
ونحن نسمِّي هذا الشكل (مساهمةً دون واسطةٍ) - 00:11:15
لأنَّ المرأة عندما تؤدِّي دورها الأسريَّ فإنَّ كلَّ نجاحٍ للرجال هو نجاحٌ لها، - 00:11:18
فهي من فريق عملٍ واحدٍ - 00:11:24
يهدف لإعلاء كلمة الله، - 00:11:26
ولتحقيق استقلاليَّةَ الأمَّة اقتصاديًا، - 00:11:27
والاستخلاف في الأرض، والتمكين للمسلمين فيها. - 00:11:30
فالمرأة تسند ظهور الرجال في ذلك، - 00:11:33
وتوفِّر لهم بيئة الاستقرار النفسيِّ والإنتاج، - 00:11:35
وتربِّي جيلًا ناجحًا، - 00:11:38
فنجاحهم نجاحٌ لها. - 00:11:41
إذا تحرَّرت المسلمة عن النظرة الرأسماليَّة - 00:11:43
فإنَّ عملها ضمن فريق عمل الأسرة هذا لا يقلُّ عندها أهميَّةً عن عملها الظاهر للناس؛ - 00:11:45
ففي الإسلام: «إنَّما الأعمال بالنيَّات» [صحيح البخاري]، - 00:11:52
والذي يحدِّد المعايير ليس البشر بل ربُّ البشر، - 00:11:55
وربُّ البشر -سبحانه- جعل الإعانة كالفعل، - 00:11:58
فالدالُّ على الخير كفاعله، - 00:12:01
فالمرأة التي تُعين الرجال على الخير - 00:12:03
وتحمي ظهورهم بالعناية بالبيت والأسرة - 00:12:06
لها مثل أجرهم، - 00:12:09
والله مطَّلعٌ على عملها، ويجزيها به. - 00:12:10
لكنْ في المنظومة الماديَّة - 00:12:14
لا بدَّ أن يرى الناس أرقامًا لتثبت المرأة نفسها لهم. - 00:12:15
حسنًا، فإذا استطاعت المرأة أداء واجباتها في الأساسيَّات، - 00:12:19
وأرادت بعد ذلك أن تعمل خارج نطاق الأسرة - 00:12:23
فيما يناسب طبيعتها من أعمالٍ مباحةٍ في ظروفٍ شرعيَّةٍ، - 00:12:26
وبإذنٍ ممَّن له قوامةٌ عليها؟ - 00:12:30
جميلٌ، وقد يدخل بعض ذلك في فروض الكفايات، - 00:12:33
وهو من أشكال عمارة الأرض وتحقيق العبوديَّة بمفهومها الشامل، - 00:12:36
لكنَّ النجاح في هذا المستوى يخاطب به قِسم من النساء، - 00:12:40
وليس واجبًا عليهنَّ جميعًا، - 00:12:44
فإن قام به قسم من النساء والفتيات تحقَّقت الفائدة، - 00:12:46
واللواتي يقمن به لا يقمن به لإثبات ذاتٍ ضائعةٍ، - 00:12:50
بل لتلبية حاجةٍ حقيقيَّةٍ. - 00:12:55
أين المشكلة إذن؟ - 00:12:58
المشكلة عندما يخاطَب بهذا المستوى الثاني من النجاح (100%) من الفتيات والنساء، - 00:12:59
هنا يحدث خلط الموازين واختلال الأولويَّات، - 00:13:05
عندما تُبنى ثقافة المجتمع على إقحام كلِّ الفتيات في هذه الميادين - 00:13:09
دراسةً وعملًا على أنَّها معيار النجاح الوحيد. - 00:13:13
المشكلة عندما تُبنى المنظومة التعليميَّة والإعلاميَّة بطريقةٍ عولميَّة - 00:13:17
تهدم الحدود الفاصلة بين أمَّة الإسلام وسائر الأمم - 00:13:22
لصالح الساسة والرأسماليِّين، - 00:13:26
فيأزُّونها أزَّ الشياطين لتشعر بالنقص والدونيَّة والفشل، - 00:13:29
ويروِّجون لها وللمجتمع معاييرهم الماديَّة في تقييمها بدل المعايير الربانيَّة. - 00:13:34
كلُّ هذا مع تهميشٍ تامٍّ لمستوى النجاح الأوَّل الأساسيِّ، - 00:13:41
ألا وهو بناء شخصيَّةِ أنثى سويةٍ مستقرَّةٍ مطمئنةٍ متوازنةٍ واثقةٍ، - 00:13:45
مصطلِحةٍ مع نفسها، مقدِّرةٍ لذاتها، - 00:13:51
ناجحةٍ في علاقتها مع ربِّها، - 00:13:53
وفي أداء أدوارِها الأسريَّة التي لا تقوم إلَّا بها. - 00:13:56
يهمِّشون هذا كلَّه، - 00:13:59
بل ويعملون على تدميرها نفسيًّا في مستوى النجاح الأساسيِّ، - 00:14:01
فيُشوِّهون علاقتها بربِّها وعلاقتها بنفسها، - 00:14:05
ويشحنونها شحنًا عاطفيًّا مشوَّهًا بمسلسلاتهم وأغانيهم وأفلامهم. - 00:14:08
وفي الوقت ذاته يشوِّهون لها مؤسَّسة الأسرة والزواج الحلال، - 00:14:14
ويزرعون فيها النِّديَّة مع أوليائها من الرجال، - 00:14:18
ويُهمِلون النجاحات والناجحات في المستوى الأوَّل، - 00:14:22
الناجحات في علاقاتهنَّ الأسريَّة وفي التربيَّة. - 00:14:26
ثمَّ يقولون للفتاة: - 00:14:29
اخرجي، تعالي إلى ميادين الجامعة والعمل، تخلَّصي من الإحساس بالنقص والفشل! - 00:14:31
فتخرج الفتاة لميادين الدراسة والعمل وهي هشَّةٌ، ضعيفةٌ، قلِقةٌ، ضائعةٌ، - 00:14:37
ويصبح العمل هدفًا تهدر لأجله مِن نفسها وإيمانها، - 00:14:44
فتزداد فشَلًا في مستوى النجاح الأساسيِّ، - 00:14:48
ويصبح عملُها مذلَّةً لها ووسيلةً لاستعبادها مِن قِبل الساسة والرأسمالييِّن، - 00:14:51
إذ تعمل في الظروف التي يُمْلونها هم، بالشروط التي يريدونها هم، - 00:14:57
لتحقِّق ذاتها التي أوهموها أنها ضائعةٌ وستجدها عندهم. - 00:15:02
فتعاني المرأة وتعاني الفتاة، - 00:15:07
ومع ذلك فالذين أزُّوها أزًّا لتخوض هذه الميادين - 00:15:10
يهمِّشون الآلام والمشاكل التي تتعرَّض لها الأنثى في هذه الميادين، - 00:15:13
من ناحيةٍ بدنيَّةٍ ونفسيَّةٍ وأسريَّةٍ ومجتمعيَّةٍ، - 00:15:18
ليقع المزيد من الضحايا في هذه الدوَّامة. - 00:15:21
المشكلة هي حينما تنطلق الفتاة إلى مستوى النجاح الثاني - 00:15:24
الاختياريِّ غيرِ اللازم لكلِّ الفتيات، - 00:15:27
وهي فاشلةٌ في المستوى الأساسيِّ الأوَّلِ، - 00:15:30
فتنطلق بلا نفسيَّةٍ محصَّنةٍ، ولا رؤيةٍ واضحةٍ، - 00:15:33
ولا معاييرَ منضبطةٍ، ولا دوافع صحيحةٍ، - 00:15:37
فتجني على نفسِها، وتبحث عن ذاتها الضائعة في المكان الخطأ. - 00:15:40
وقد تتزوَّج وتشكِّل أسرةً وهي بهذه الصفات، - 00:15:45
فتنتج للأمة المزيد من هؤلاء الأفراد على شاكلتها. - 00:15:49
هنا سيقول لنا كثيرٌ من الفتيات والنساء: - 00:15:53
لكنَّني أستطيع أن أجمع بين النجاحين في نفس الوقت؛ - 00:15:56
النجاح في الأساسيَّات، والنجاح في العمل المهني. - 00:16:00
لن أجيبكِ بتوقُّعاتٍ مستقبليَّةٍ بل بواقعٍ مشهودٍ، - 00:16:03
ما الذي يحصل من جرَّاء هذه القناعة في الواقع؟ - 00:16:07
عندما تدخل المرأة في دوامة العمل الوظيفيِّ النمطيِّ بدوام (8) ساعاتٍ وتوابعها، - 00:16:10
ماذا ستبقي لها من طاقةٍ؟ - 00:16:16
وعن أيِّ نجاحٍ في المستوى الأوَّل نتكلَّم؟ - 00:16:19
ألا يصبح كثيرٌ من واجبات المستوى الأساسيِّ بالنسبة لها أمانيَ مؤجَّلةً - 00:16:22
تنضم لقائمة (سوف أعمل)، - 00:16:27
في حين أن العمل الوظيفيَّ لا يسعُها تأخيره؟ - 00:16:29
وتمرُّ على ذلك الشهور والسنين. - 00:16:32
ألا نرى نتاج ذلك من نساء حاملاتٍ لمسؤوليَّاتٍ فوق طاقتهنَّ، - 00:16:35
متوتِّراتٍ نفسيًّا، مشتَّتاتٍ - 00:16:40
شاعراتٍ بالتقصير والضياع وعدم الرضا عن أدائهنَّ في كلِّ شيءٍ غالبًا، - 00:16:42
وما ينتج عن ذلك من مشكلاتٍ نفسيَّةٍ وتربويَّةٍ لديها ولدى أبنائها، - 00:16:47
وتفكُّكٍ أسريٍّ، ليس بالضرورة أن يكون طلاقًا، - 00:16:52
بل لطالما قامت بيوتٌ على جفاء وسوء علاقات قد يكون أسوأ من الطلاق. - 00:16:56
قد يستطيع بعض النساء التوفيق بين مستويي النجاح، - 00:17:01
ولكن هذه نُدرةٌ يصعب القياس عليها، - 00:17:05
ولا ينبغي أن تكون الأصل في المجتمع، - 00:17:08
ولا الثقافة التي يُخاطب بها الجميع. - 00:17:10
فما بالكم عندما يتوجَّه الإعلام إلى مخاطبة المرأة بالمستوى الثالث من النجاح، - 00:17:13
ألا وهو: النجاح في الاستثنائيَّات. - 00:17:18
كوني مكتشِفةً، مخترعةً، إعلاميَّةً مشهورةً، مديرة شركةٍ، - 00:17:20
وعندما يتم تقديم هذه النماذج كرموزٍ وقدواتٍ لكلِّ الفتيات، - 00:17:25
بحيث تقارن الفتاة نفسها بهنَّ، - 00:17:29
ثمَّ تشعر بالفشل والألم إذا لم تحقِّق مثل ما حقَّقنه، - 00:17:31
ولن تحقِّقه؛ إذ أنَّنا لم نُخلَق جميعًا استثنائيِّين. - 00:17:35
ما بالكم عندما تشغل الفتاة بهذا، - 00:17:40
ولا هي ولا هؤلاء الرموز حقَّقن المستوى الأساسيَّ الأوَّل اللازم من النجاح. - 00:17:42
في حين ينبغي أن تُبنى ثقافة المجتمع كلِّه على - 00:17:48
أن لا تنتقل المرأة من دائرةٍ إلى التي تليها إلَّا بعد إحكام الأولى، - 00:17:52
وإلا كانت كطبيبٍ يعرِّض نفسه لمرضى الأمراض المُعدية بأشكالها، - 00:17:57
وهو عديم المناعة وغير آخذٍ بوسائل الحماية، - 00:18:02
ويبرِّر بأنَّ علاج الناس خيرٌ ونفعٌ عامٌّ! - 00:18:05
نعم، كان في الأمَّة استثنائيَّاتٌ كخديجة -رضي الله عنها- - 00:18:08
التي كانت باللغة المعاصرة: امرأة أعمالٍ ناجحةٍ، - 00:18:12
ودعمت الدعوة بمالها، - 00:18:15
لكنَّها كانت في الوقت ذاته مثالًا للنجاح في الأساسيَّات. - 00:18:17
المرأة المؤمنة تستحضر قول نبيها صلى الله عليه وسلم: - 00:18:21
«فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه» [صحيح البخاري]، - 00:18:25
وقوله: - 00:18:27
«وهي مسئولةٌ عن رعيَّتها» [صحيح البخاري]، - 00:18:28
فلن تُقدِّمَ على النجاح في هذه المسئوليَّةِ نجاحًا لم تُكلَّفْ به، - 00:18:31
ولن تبحث عن نجاحٍ إضافيٍّ وهي لم تعطِ أصحاب الحقوق حقوقهم، - 00:18:36
وإلَّا كانت كمَدينٍ يتبرَّع بالمال. - 00:18:40
فالمرأة الناجحة في الأساسيَّات - 00:18:43
قد تعمل من بيتها أو بدوامٍ جزئيٍّ وضمن تحكُّمها، - 00:18:45
مع كون السيادة للمستوى الأوَّل وجُلِّ الوقت فيه، - 00:18:49
قد تؤخِّر هذا العمل - 00:18:52
إلى ما بعد وصولها حدًّا مُرضيًا من قوَّة النفس واستقلال أبنائها، - 00:18:54
وبعد أن قامت بما عليها واكتسبت خبرة التربيَّة وحِكمتها، - 00:18:58
ممَّا يؤهِّلها للنجاح في الإضافيَّات. - 00:19:03
ولا شيء يستعجلها في ذلك - 00:19:05
لأنَّها لا تنطلي عليها حيل من يأُزُّونها ويُشعِرونها بالدُّونيَّة والفشل. - 00:19:07
مرة أخرى: - 00:19:13
بماذا يختلف الرجل عن المرأة في ذلك؟ - 00:19:14
يختلف بأنَّ الإسلام أوجب عليه النَّفقة على المرأة وعلى الأبناء، - 00:19:17
وحمايتهم وتوفير السكن والعيش الكريم لهم، - 00:19:22
وفق ما حدَّده الإسلام من تقسيم الأدوار، - 00:19:25
فنجاحه في ذلك هو من الأساسيَّات التي يأثم إذا فرَّط فيها. - 00:19:28
فخطابنا له هو خطابنا للمرأة تمامًا من حيث التزام الأولويَّات كما شرعها الله، - 00:19:33
وعلى الرجل أن يسعى سعيه على الرزق لا من قبيل إثبات الذات للناس، - 00:19:39
بل أداءً لأمر الله -تعالى- وتحقيقًا للعبوديَّة بمفهومها الشامل. - 00:19:44
فإذا انهمك الرجل في العمل حبًّا في المال، - 00:19:50
أو إثباتًا للذات، أو منافسةً للآخرين، - 00:19:52
على حساب زوجته وأولاده - 00:19:56
وإعطائهم حقوقهم من عاطفته ووقته وتوجيهه - 00:19:58
فهو آثمٌ كالمرأة التي تنشغل عن الأساسيَّات. - 00:20:02
ربمَّا ما زالت لديكِ أسئلةٌ: - 00:20:06
هل تقولون لي هذا الكلام لتقنعوني بالزواج وتكوين أسرةٍ - 00:20:08
بدلًا من الدراسة الجامعيَّة والعمل؟ - 00:20:12
هل المطلوب من المرأة أن تكون شغَّالة البيت؟ - 00:20:14
ماذا إذا كنتُ لا أجد نفسي مع زوجٍ وأولادٍ، - 00:20:17
وإنَّما في العمل التطوُّعيِّ أو التثقيفيِّ، - 00:20:20
أليست هذه أهدافًا ساميةً وليست ماديَّةً كما تقولون؟ - 00:20:22
تقولون: (تربية الأولاد)، - 00:20:26
أليست العبارةَ إيّاها: "كوني شمعةً تحترق لتضيء للآخرين"؟ - 00:20:28
أليس في شهادة المرأة وعملها حمايةً لها؟ - 00:20:32
سنجيبك عن هذه الأسئلة كلِّها في ما يأتي بإذن الله. - 00:20:35
خلاصة ما قلناه اليوم: - 00:20:39
أنت مسلمةٌ، فلكِ تميُّزكِ وأهدافكِ، - 00:20:41
فحقِّقي ذاتك بالعمل لتحقيق هذه الأهداف ضمن الأولويَّات الصحيحة، - 00:20:44
هنا النجاح وهذا ميدان التنافس الحقيقيِّ، - 00:20:50
ومن هنا تنشأ شخصيَّتكِ أنثى سويةً مستقرَّةً مطمئنةً متوازنةً واثقةً، - 00:20:53
مصطلِحةً مع نفسها، مقدِّرةً لذاتها، - 00:21:01
ناجحةً في علاقاتها، ومُرضيةً لربِّها. - 00:21:05
والسلام عليكم ورحمة الله. - 00:21:08
التفريغ
السلامُ عليكم. - 00:00:00
جئنا إليها وهي منطلقةٌ كما في كلِّ يومٍ. - إلى أين يا فتاة؟ - 00:00:00
- إلى الجامعة، ثم إلى الوظيفة، إلى سوق العمل، إلى الإعلام - 00:00:04
- ماذا تريدين من ذلك؟ - 00:00:09
- أريد أن أثبت نفسي. - 00:00:10
- تثبتينها أمام مَن؟ - 00:00:12
- أمام نفسي، كي أحترم نفسي - 00:00:14
- كيف؟ - 00:00:17
- بالنجاح في الدراسة والعمل. - 00:00:18
- ماذا ستُثبتين لنفسكِ بذلك؟ - 00:00:20
- أنِّي لستُ أقلَّ من قريناتي ذكاءً ولا همَّةً ولا إنتاجيَّةً. - 00:00:22
- حسنًا، ومَن قال إنَّ هذه هي المعايير الصحيحة لتقييم نجاحكِ بصفتك امرأةً؟ - 00:00:27
مَن قال إنَّ الإنتاجيَّةَ هي الإنتاجيَّةُ في العمل الوظيفيِّ والمهنيِّ؟ - 00:00:32
- هذه هي المعايير التي يتعامل بها الناس. - 00:00:37
- إذن، فأنتِ تُثبتين للنَّاس وفقًا لمعاييرهم هُم! - 00:00:40
- نظرتي لنفسي ستتأثَّر -رغمًا عنِّي- بنظرة الناس إليّ. - 00:00:44
- هل أنت ناجحةٌ حقًّا وقويَّةٌ حقًّا - 00:00:48
إذا رهنتِ نظرتكِ إلى نفسكِ بنظرة الناس إليكِ وتقديرهم لنجاحكِ؟ - 00:00:52
هل ترهِنين سعادتَكِ بتحقيق النجاح وِفق المعايير التي يفرضها الناس؟ - 00:00:57
هل الناس هم الذين لهم الحقُّ أن يحدِّدوا متى تكونين ناجحةً ومتى تكونين فاشلةً؟ - 00:01:03
هل معاييرهم هي الحقُّ المُطلق لتشغلي بالك بها؟ - 00:01:10
ماذا إذا تغيَّرت معاييرهم -وهي حقًّا تتغيَّر مِن زمنٍ إلى آخر- - 00:01:14
هل ستحاولين تحقيق النجاح بمعاييرهم الجديدة؟ - 00:01:19
هل أنت تضمنين الاستقرار النفسيَّ بذلك؟ - 00:01:23
حسنًا، ماذا إذا لم تُثبِتي لهم أنَّكِ ناجحةٌ بمعاييرهم؟ - 00:01:25
- سأشعر بالفشل! - 00:01:30
- حسنًا، وإذا كنتِ ذكيَّةً صاحبةَ همَّةٍ، - 00:01:31
لكنَّ المجتمع ظلمكِ، - 00:01:34
نظامَ التعييناتِ ظلمكِ، - 00:01:35
اخْتِيرَت غيرُكِ للوظيفة؛ لأنَّها أجمل منكِ؛ لا لأنَّها أكثر كفاءة، - 00:01:37
هل ستشعرين بالفشل؟ - 00:01:41
لماذا ترْهنين حياتكِ بنظرة النَّاس لكِ؟ - 00:01:43
هل هدفكِ في الحياة نظرة الناس؟ - 00:01:46
بل هل تساءلتِ ما هدفك في الحياة؟ - 00:01:50
هل فكَّرتِ في: مَن أنتِ؟ - 00:01:53
لماذا أنتِ هنا في هذه الحياة؟ ماذا تريدين؟ - 00:01:55
إذا حدَّدتِ هدفكِ فإثباتُ النَّفس والبحثُ عن الذات يأتي تِلقائيًّا؛ - 00:01:58
لأنَّكِ ستجدينها في تحقيق هدفك. - 00:02:03
أنت -كونك مسلمةٍ- أليست لكِ أهدافٌ تميِّزكِ عن غيركِ؟ - 00:02:06
- لكن أنا أريد أن أحقِّق ذاتي بما لا يخالف ديني، - 00:02:10
فأخرج لميادين الدِّراسة والعمل وأنا ملتزمةٌ بحجابي. - 00:02:14
- هذه الطريقة هي أَسْلَمَةٌ سطحيَّةٌ لمفهومٍ مستورَدٍ، - 00:02:18
وكأنَّها خَتمٌ خارجيٌّ دون النَّظر في جذور الفكرة نفسها. - 00:02:22
القضيَّة ليست: (ماذا تلبسين) في المقام الأوَّل، - 00:02:26
بل المحرِّكُ الذي يدفعكِ إلى هذا العمل، - 00:02:29
وقيَمُكِ ومعاييركِ التي تقيِّمين بها الأمور. - 00:02:32
تحقيق الذات في الغرب مبنيٌّ على نظرتهم للحياة، - 00:02:36
النظرةِ الفرديَّة التي تُعرِض عن الله - 00:02:39
وما حدَّده للناس من أهدافٍ ومن أدوارٍ في هذه الحياة، - 00:02:42
ولا تحسِب حسابًا للآخرة، - 00:02:45
مرتبطٌ بسياقهم الاجتماعيِّ والثقافيِّ، - 00:02:48
مرتبطٌ بتعريفهم هم للسعادة والنجاح. - 00:02:51
أمَّا نحن فأمَّةٌ لها هدفها ومعاييرها، - 00:02:54
ولها قيمُها وتعريفاتها ونظرتها للكون والحياة، - 00:02:58
فلا أحقِّقُ ذاتي بعيدًا عن تحقيق غاية وجودي، - 00:03:02
﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [القرآن 6: 162]، - 00:03:06
فكلُّ حياتي عبادةٌ، - 00:03:12
وأنا أسعى لتحقيق نجاحي في هذه العبوديَّة لله، - 00:03:13
وأنا مؤمنٌ تمامًا أنَّه متضمِّنٌ لسعادتي ونجاحي؛ - 00:03:17
إذْ أومن بوعد الله -تعالى- القائل: - 00:03:22
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ [القرآن 16: 97]. - 00:03:25
في مقابل المفهوم الغربيِّ - 00:03:32
الذي ألَّه الإنسان وشهواته وأعرض عن العبوديَّة، - 00:03:33
فانطبق عليه قول الله تعالى: - 00:03:37
﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾ [القرآن 20: 124]. - 00:03:39
ألم يحدِّد خالقكِ -سبحانه- الذي تؤمنين به أهدافًا نهائيَّةً وقال: - 00:03:44
﴿وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ [القرآن 83: 26]؟ - 00:03:49
وأعطاكِ خريطة الطريق لهذه الأهداف، - 00:03:51
فمَن له الحقُّ بعد ذلك في تحديد معايير النجاح وأولويَّاته؟ - 00:03:54
الناس أم ربُّ الناس الذي خلقكِ وخلقهم، - 00:03:59
ورزقكِ ورزقهم، - 00:04:02
وبيده سعادتكِ وسعادتهم، وشقاؤكِ وشقاؤهم، - 00:04:04
وإليه معادكِ ومعادهم؟ - 00:04:08
ماذا إذا كانت معايير الناس فاسدةً - 00:04:10
ولا تحقِّقين النجاح في نظرهم إلَّا بإغضاب ربِّ الناس؟ - 00:04:13
ماذا -في المقابل- إذا كنتِ ناجحةً مَرضِيَّةً عند ربِّ الناس، - 00:04:17
وقمتِ بأعمال لم يطَّلع عليها إلَّا هو -سبحانه- - 00:04:22
ولم يرها الناس ولم تُثبتي لهم بها أيَّ شيءٍ، - 00:04:25
هل ضاعت هذه الأعمال، - 00:04:29
ولن تُسْهِمَ في نظرتكِ لنفسكِ واحترامكِ لذاتكِ؟ - 00:04:31
إذا لم تراعي هذا كلَّه وأصررتِ على إرضاء الناس، - 00:04:34
هل تظنِّين أنَّكِ ستخسرين في الآخرة فقط، وتحقِّقين السعادة والطمأنينة في الدنيا؟ - 00:04:38
أم ستكونين كمن قال الله فيهم: - 00:04:45
﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا... - 00:04:47
...وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [القرآن 18: 28] - 00:04:51
فينفرِط عليكِ عقد الحياة - 00:04:55
فلا تطمئنُّ نفسكِ، ولا تُرضِين ربَّكِ، ولا تستقيم علاقاتكِ بالآخرين، - 00:04:57
كما رأينا في الحلقات عن المرأة الغربيَّة. - 00:05:02
أيُّهما الصواب: - 00:05:05
أن تقدِّري ذاتَكِ بعيدًا عن نظرة الناس لها؟ - 00:05:06
أم أن تجعليهم الحَكَم؟ - 00:05:09
أن تجعلي هدفكِ ثابتًا، أم مضطربًا تضْطَربين معه؟ - 00:05:11
أن تقيسي نفسكِ بميزانٍ ربَّانيٍّ عادلٍ، أم بنظرةٍ بشريَّةٍ قاصرةٍ؟ - 00:05:15
أن تجمعي قلبكِ على رضى الله، أم تُبعثريه في وديان الناس؟ - 00:05:21
أن تزكِّي نفسكِ وتجاهديها لتستقيمَ على هذا كلِّه؟ - 00:05:26
أم تستسلمي لها ولضعفها؟ - 00:05:29
قد تقولين: - 00:05:32
حسنًا، هذا الكلام ماذا يختلف فيه الرجال عن النساء؟ - 00:05:33
هل النساء هنَّ المطالَبَات به دون الرجال؟ - 00:05:36
بل هو للرجال والنساء على حدٍّ سواء، - 00:05:39
بل ولنفسي وللدُّعاة والموجِّهين كما لسائر الناس. - 00:05:42
وعندما يُقال: - 00:05:46
"إنَّ على من يتصدَّى للدَّعوةِ والتَّوجيه أن يعتنيَ بعلاقته بالله" - 00:05:47
فلأجل هذا؛ - 00:05:53
لأجل أن يخرُج بنفسٍ قويَّةٍ تَفيضُ على النَّاس بما يَلزمهم، - 00:05:54
لا بنفسٍ هشَّةٍ، - 00:05:58
فيُحاوِلَ إثباتَ نفسِه أمامَهَم، - 00:06:00
ويرهَن نظرته لنفسه بمديحهم - 00:06:02
فيُسمِعَهُم ما يشتهون لا ما يحتاجون، - 00:06:05
على طريقة إسلام السُّوق. - 00:06:08
فكلُّ ما سبق خطابٌ عامٌّ للرجال والنساء، - 00:06:10
لكنَّنا نرى شقاء المرأة وتعبها أكثر، من مخالفة ذلك، - 00:06:14
فخروجها للناس بمفاهيمَ غيرِ منضبطةٍ - 00:06:18
-تريد أن تثبت ذاتها لهم بالمعايير الماديَّة والرأسماليَّة المفروضة- - 00:06:21
يجعلها عُرضةً للإذلال والاستغلال، كما رأينا في حلقة (المرأة الغربيَّة). - 00:06:27
فتحتاج المرأة مزيد مجاهدةٍ وتزكيةٍ لنفسها، - 00:06:32
لتخرج -إن أرادت أن تخرج- بنفسٍ ممتلئةٍ تريد أن تفيض على الآخرين، - 00:06:36
لا بنفسٍ جَوْعى تنتظر مِن الآخرين أن يملؤوها بالتقدير والعاطفة. - 00:06:41
تخرج بنَفْسٍ مستغنيةٍ قويَّةٍ، - 00:06:46
كفى الإسلامُ حاجاتِها بنظام القوامة أو الأبوَّة الصالحة، - 00:06:48
لا هشَّةٍ محتاجةٍ قابلةٍ للاستغلال - 00:06:52
في زمنٍ يكثر فيه ظُلم القويِّ للضعيف، - 00:06:56
رجلًا كان أو امرأةً؛ - 00:06:59
لأنَّ القِيَم الماديَّة تحلُّ فيه محلَّ قيم الإسلام. - 00:07:01
تحتاج المرأة أن تُعِزَّ نفسها - 00:07:04
لتعامِل الناس بشروطها المستمَدَّةِ مِن دِينها، - 00:07:06
لا بالشروط التي يفرضها السَّاسةُ والرأسماليُّون - 00:07:09
والمستعبِدون للبشر ومن لا يحترمون دينها. - 00:07:13
قد تقولين: - 00:07:16
لكن أنا ليس في بالي موضوعُ أن أثبت نفسي ولا ما شابه، - 00:07:17
وإنما أريد الشهادة والعمل للأيَّام حتَّى لا أكون عالةً على أحدٍ، - 00:07:20
فأنا قد لا أتزوَّج، وإذا تزوَّجت فلا أريد أن يستغلَّ زوجي حاجتي له. - 00:07:25
أو قد تقولين: - 00:07:30
أنا أعمل لأنِّي بحاجةٍ إلى المال - 00:07:31
لأنفق على نفسي أو على عيالي كمطلَّقةٍ، أو حتى على والديَّ. - 00:07:33
هذا موضوع سنطرحه أيضًا -بإذن الله- - 00:07:38
ومع ذلك فما نذكره في حلقتنا اليوم يلزمنا جميعًا -ذكورًا وإناثًا- - 00:07:41
أيًّا كان دافعنا للعمل والنجاحِ فيه. - 00:07:46
عندما تتميَّز المرأة المسلمة عن غيرها بهويَّتها الإسلاميَّة - 00:07:49
وتجعلُ هدفَها تحقيقَ العبوديَّة لله بمفهومها الشاملِ، - 00:07:53
وتجمعُ قلبَها بهذا الاتجاه، - 00:07:58
فإنَّ هذا يعني التزامها بالأولويَّات والأدوار التي حدَّدها الإسلام - 00:08:00
بما يحقِّق مصلحتها ومصلحة المجتمع، بتوازنٍ دون تضييع حقِّ أحدٍ. - 00:08:06
فهناك مستويات من النجاح للمرأة: - 00:08:12
النجاح في الأساسيَّات، والإضافيَّات، والاستثنائيَّات. - 00:08:15
أولًا: النجاح في الأساسيَّات -وهي فروض العين التي تجب على كلِّ امرأة: - 00:08:20
علاقتُها مع الله بالتوحيد الصافي، والابتعادُ عمَّا يخدش التوحيد، - 00:08:25
بالخضوع والاحتكام لله في أمرها كلِّه وأداءِ الفروض. - 00:08:29
علاقتُها مع نفسها بتقبُّل نفسِها وحبِّها؛ بأن تحمِل نفسَها على الخير وتُجنِّبها الشر. - 00:08:33
أدوارُها الأسريَّة ابنةً كانت أو زوجةً أو أمًّا أو أختًا. - 00:08:40
طلبُ العلم الذي يُعينها على أداء واجباتها في هذا كلِّه. - 00:08:44
النجاحُ في هذا المستوى ممَّا يجب على كلِّ امرأةٍ وفتاةٍ بلا استثناء، - 00:08:49
ومِن جمال الحنيفيَّة السَّمحة التي بُعث بها نبيُّنا -صلى الله عليه وسلم- - 00:08:54
أنَّ نجاح المرأة في صُلب الأساسيَّات -في ذاتها وعلاقتها بربِّها- هو نجاحٌ ميسَّر، - 00:08:59
يعبِّر عنه قوله -صلى الله عليه وسلم: - 00:09:06
«إذا صلَّتِ المرأة خَمْسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها - 00:09:09
قيل لها: ادخلي الجنَّة من أيِّ أبواب الجنَّة شئتِ» [مسند احمد]. - 00:09:14
نعم، عليها واجباتٌ بعد ذلك في التزكيَّة وبرِّ الوالدين والتربيَّة، - 00:09:18
والنجاح في هذا كلِّه أمرٌ عظيمٌ ليس بالسهل - 00:09:24
إلا على من وفَّقه الله، - 00:09:27
ولهذا فهي تقرأ في صلاتها: - 00:09:29
﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [القرآن 1: 5]. - 00:09:32
الرجل -بالمناسبة- مخاطَبٌ بنفس الأولويَّات، - 00:09:34
مطالَب بإعطاء الأولويَّة لنفسه وتزكيتها، ثم لأسرته، - 00:09:37
وهذا كلُّه ضمن المستوى الأوَّل الأساسي من النجاح، - 00:09:42
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [القرآن 66: 6]، - 00:09:46
«ابدأ بنفسك ثمَّ بمَنْ تَعُول» [المغني لابن قدامة]. - 00:09:51
لكنَّ الرجل له أدوارٌ إضافيَّةٌ؛ - 00:09:53
فهو مكلَّفٌ برعاية المرأة، أبًا كان أو زوجًا أو أخًا أو ابنًا، - 00:09:55
مكلَّفٌ بحمايتها والإنفاق عليها، وكفاية حاجاتها وتوفير السكن لها. - 00:10:00
وكذلك على أولاده؛ - 00:10:06
مكلَّفٌ بالإنفاق على أولاده وحمايتهم، - 00:10:07
فنجاحه في ذلك هو من الأساسيَّات التي يأثم إذا قصَّر فيها. - 00:10:10
فالأولويَّات للرجل والمرأة واحدةٌ، - 00:10:15
لكنَّ طبيعة الأدوار المحدَّدة من الخالق لكلٍّ منهما تختلف بما يناسب طبائع الجنسين. - 00:10:18
المهم جدًا هنا أن تعرف الأنثى أنَّها إنْ نجحت في هذه الأساسيات - 00:10:24
فعليها أن تشعر بالرضى والتقدير لنفسها، - 00:10:29
بغضِّ النظر عن إثبات نفسها للآخرين، - 00:10:33
عليها أن تشعر بتقدير نفسها لأنَّها بالفعل حقَّقت غاية خَلْقها، - 00:10:36
وأثبتت نفسها كما يحبُّ ربُّها، أمام نفسِها - 00:10:41
وأمام أهلها الذين هم بحاجتها حقًّا وهي بحاجتهم حقًّا كذلك. - 00:10:44
فهنا ميدان التنافس الأهمُّ، - 00:10:50
إن نجحتِ فيه فأنتِ بذلك علامتُكِ كاملةٌ، - 00:10:52
أي لستِ محتاجةً إلى النجاح حتى تبحثي عنه، - 00:10:54
ذاتُك ليست ضائعةً لتبحثي عنها، ولا منكَرَةً لتُثبتيها، - 00:10:58
إن نجحت في هذه الأساسيَّات. - 00:11:03
المستوى الثاني من النجاح: - 00:11:05
مساهمة المرأة مباشرةً -دون واسطةٍ- في النفع العام، - 00:11:07
بأن تكون معلِّمةً أو طبيبةً أو غير ذلك ممَّا يناسب طبيعتها. - 00:11:10
ونحن نسمِّي هذا الشكل (مساهمةً دون واسطةٍ) - 00:11:15
لأنَّ المرأة عندما تؤدِّي دورها الأسريَّ فإنَّ كلَّ نجاحٍ للرجال هو نجاحٌ لها، - 00:11:18
فهي من فريق عملٍ واحدٍ - 00:11:24
يهدف لإعلاء كلمة الله، - 00:11:26
ولتحقيق استقلاليَّةَ الأمَّة اقتصاديًا، - 00:11:27
والاستخلاف في الأرض، والتمكين للمسلمين فيها. - 00:11:30
فالمرأة تسند ظهور الرجال في ذلك، - 00:11:33
وتوفِّر لهم بيئة الاستقرار النفسيِّ والإنتاج، - 00:11:35
وتربِّي جيلًا ناجحًا، - 00:11:38
فنجاحهم نجاحٌ لها. - 00:11:41
إذا تحرَّرت المسلمة عن النظرة الرأسماليَّة - 00:11:43
فإنَّ عملها ضمن فريق عمل الأسرة هذا لا يقلُّ عندها أهميَّةً عن عملها الظاهر للناس؛ - 00:11:45
ففي الإسلام: «إنَّما الأعمال بالنيَّات» [صحيح البخاري]، - 00:11:52
والذي يحدِّد المعايير ليس البشر بل ربُّ البشر، - 00:11:55
وربُّ البشر -سبحانه- جعل الإعانة كالفعل، - 00:11:58
فالدالُّ على الخير كفاعله، - 00:12:01
فالمرأة التي تُعين الرجال على الخير - 00:12:03
وتحمي ظهورهم بالعناية بالبيت والأسرة - 00:12:06
لها مثل أجرهم، - 00:12:09
والله مطَّلعٌ على عملها، ويجزيها به. - 00:12:10
لكنْ في المنظومة الماديَّة - 00:12:14
لا بدَّ أن يرى الناس أرقامًا لتثبت المرأة نفسها لهم. - 00:12:15
حسنًا، فإذا استطاعت المرأة أداء واجباتها في الأساسيَّات، - 00:12:19
وأرادت بعد ذلك أن تعمل خارج نطاق الأسرة - 00:12:23
فيما يناسب طبيعتها من أعمالٍ مباحةٍ في ظروفٍ شرعيَّةٍ، - 00:12:26
وبإذنٍ ممَّن له قوامةٌ عليها؟ - 00:12:30
جميلٌ، وقد يدخل بعض ذلك في فروض الكفايات، - 00:12:33
وهو من أشكال عمارة الأرض وتحقيق العبوديَّة بمفهومها الشامل، - 00:12:36
لكنَّ النجاح في هذا المستوى يخاطب به قِسم من النساء، - 00:12:40
وليس واجبًا عليهنَّ جميعًا، - 00:12:44
فإن قام به قسم من النساء والفتيات تحقَّقت الفائدة، - 00:12:46
واللواتي يقمن به لا يقمن به لإثبات ذاتٍ ضائعةٍ، - 00:12:50
بل لتلبية حاجةٍ حقيقيَّةٍ. - 00:12:55
أين المشكلة إذن؟ - 00:12:58
المشكلة عندما يخاطَب بهذا المستوى الثاني من النجاح (100%) من الفتيات والنساء، - 00:12:59
هنا يحدث خلط الموازين واختلال الأولويَّات، - 00:13:05
عندما تُبنى ثقافة المجتمع على إقحام كلِّ الفتيات في هذه الميادين - 00:13:09
دراسةً وعملًا على أنَّها معيار النجاح الوحيد. - 00:13:13
المشكلة عندما تُبنى المنظومة التعليميَّة والإعلاميَّة بطريقةٍ عولميَّة - 00:13:17
تهدم الحدود الفاصلة بين أمَّة الإسلام وسائر الأمم - 00:13:22
لصالح الساسة والرأسماليِّين، - 00:13:26
فيأزُّونها أزَّ الشياطين لتشعر بالنقص والدونيَّة والفشل، - 00:13:29
ويروِّجون لها وللمجتمع معاييرهم الماديَّة في تقييمها بدل المعايير الربانيَّة. - 00:13:34
كلُّ هذا مع تهميشٍ تامٍّ لمستوى النجاح الأوَّل الأساسيِّ، - 00:13:41
ألا وهو بناء شخصيَّةِ أنثى سويةٍ مستقرَّةٍ مطمئنةٍ متوازنةٍ واثقةٍ، - 00:13:45
مصطلِحةٍ مع نفسها، مقدِّرةٍ لذاتها، - 00:13:51
ناجحةٍ في علاقتها مع ربِّها، - 00:13:53
وفي أداء أدوارِها الأسريَّة التي لا تقوم إلَّا بها. - 00:13:56
يهمِّشون هذا كلَّه، - 00:13:59
بل ويعملون على تدميرها نفسيًّا في مستوى النجاح الأساسيِّ، - 00:14:01
فيُشوِّهون علاقتها بربِّها وعلاقتها بنفسها، - 00:14:05
ويشحنونها شحنًا عاطفيًّا مشوَّهًا بمسلسلاتهم وأغانيهم وأفلامهم. - 00:14:08
وفي الوقت ذاته يشوِّهون لها مؤسَّسة الأسرة والزواج الحلال، - 00:14:14
ويزرعون فيها النِّديَّة مع أوليائها من الرجال، - 00:14:18
ويُهمِلون النجاحات والناجحات في المستوى الأوَّل، - 00:14:22
الناجحات في علاقاتهنَّ الأسريَّة وفي التربيَّة. - 00:14:26
ثمَّ يقولون للفتاة: - 00:14:29
اخرجي، تعالي إلى ميادين الجامعة والعمل، تخلَّصي من الإحساس بالنقص والفشل! - 00:14:31
فتخرج الفتاة لميادين الدراسة والعمل وهي هشَّةٌ، ضعيفةٌ، قلِقةٌ، ضائعةٌ، - 00:14:37
ويصبح العمل هدفًا تهدر لأجله مِن نفسها وإيمانها، - 00:14:44
فتزداد فشَلًا في مستوى النجاح الأساسيِّ، - 00:14:48
ويصبح عملُها مذلَّةً لها ووسيلةً لاستعبادها مِن قِبل الساسة والرأسمالييِّن، - 00:14:51
إذ تعمل في الظروف التي يُمْلونها هم، بالشروط التي يريدونها هم، - 00:14:57
لتحقِّق ذاتها التي أوهموها أنها ضائعةٌ وستجدها عندهم. - 00:15:02
فتعاني المرأة وتعاني الفتاة، - 00:15:07
ومع ذلك فالذين أزُّوها أزًّا لتخوض هذه الميادين - 00:15:10
يهمِّشون الآلام والمشاكل التي تتعرَّض لها الأنثى في هذه الميادين، - 00:15:13
من ناحيةٍ بدنيَّةٍ ونفسيَّةٍ وأسريَّةٍ ومجتمعيَّةٍ، - 00:15:18
ليقع المزيد من الضحايا في هذه الدوَّامة. - 00:15:21
المشكلة هي حينما تنطلق الفتاة إلى مستوى النجاح الثاني - 00:15:24
الاختياريِّ غيرِ اللازم لكلِّ الفتيات، - 00:15:27
وهي فاشلةٌ في المستوى الأساسيِّ الأوَّلِ، - 00:15:30
فتنطلق بلا نفسيَّةٍ محصَّنةٍ، ولا رؤيةٍ واضحةٍ، - 00:15:33
ولا معاييرَ منضبطةٍ، ولا دوافع صحيحةٍ، - 00:15:37
فتجني على نفسِها، وتبحث عن ذاتها الضائعة في المكان الخطأ. - 00:15:40
وقد تتزوَّج وتشكِّل أسرةً وهي بهذه الصفات، - 00:15:45
فتنتج للأمة المزيد من هؤلاء الأفراد على شاكلتها. - 00:15:49
هنا سيقول لنا كثيرٌ من الفتيات والنساء: - 00:15:53
لكنَّني أستطيع أن أجمع بين النجاحين في نفس الوقت؛ - 00:15:56
النجاح في الأساسيَّات، والنجاح في العمل المهني. - 00:16:00
لن أجيبكِ بتوقُّعاتٍ مستقبليَّةٍ بل بواقعٍ مشهودٍ، - 00:16:03
ما الذي يحصل من جرَّاء هذه القناعة في الواقع؟ - 00:16:07
عندما تدخل المرأة في دوامة العمل الوظيفيِّ النمطيِّ بدوام (8) ساعاتٍ وتوابعها، - 00:16:10
ماذا ستبقي لها من طاقةٍ؟ - 00:16:16
وعن أيِّ نجاحٍ في المستوى الأوَّل نتكلَّم؟ - 00:16:19
ألا يصبح كثيرٌ من واجبات المستوى الأساسيِّ بالنسبة لها أمانيَ مؤجَّلةً - 00:16:22
تنضم لقائمة (سوف أعمل)، - 00:16:27
في حين أن العمل الوظيفيَّ لا يسعُها تأخيره؟ - 00:16:29
وتمرُّ على ذلك الشهور والسنين. - 00:16:32
ألا نرى نتاج ذلك من نساء حاملاتٍ لمسؤوليَّاتٍ فوق طاقتهنَّ، - 00:16:35
متوتِّراتٍ نفسيًّا، مشتَّتاتٍ - 00:16:40
شاعراتٍ بالتقصير والضياع وعدم الرضا عن أدائهنَّ في كلِّ شيءٍ غالبًا، - 00:16:42
وما ينتج عن ذلك من مشكلاتٍ نفسيَّةٍ وتربويَّةٍ لديها ولدى أبنائها، - 00:16:47
وتفكُّكٍ أسريٍّ، ليس بالضرورة أن يكون طلاقًا، - 00:16:52
بل لطالما قامت بيوتٌ على جفاء وسوء علاقات قد يكون أسوأ من الطلاق. - 00:16:56
قد يستطيع بعض النساء التوفيق بين مستويي النجاح، - 00:17:01
ولكن هذه نُدرةٌ يصعب القياس عليها، - 00:17:05
ولا ينبغي أن تكون الأصل في المجتمع، - 00:17:08
ولا الثقافة التي يُخاطب بها الجميع. - 00:17:10
فما بالكم عندما يتوجَّه الإعلام إلى مخاطبة المرأة بالمستوى الثالث من النجاح، - 00:17:13
ألا وهو: النجاح في الاستثنائيَّات. - 00:17:18
كوني مكتشِفةً، مخترعةً، إعلاميَّةً مشهورةً، مديرة شركةٍ، - 00:17:20
وعندما يتم تقديم هذه النماذج كرموزٍ وقدواتٍ لكلِّ الفتيات، - 00:17:25
بحيث تقارن الفتاة نفسها بهنَّ، - 00:17:29
ثمَّ تشعر بالفشل والألم إذا لم تحقِّق مثل ما حقَّقنه، - 00:17:31
ولن تحقِّقه؛ إذ أنَّنا لم نُخلَق جميعًا استثنائيِّين. - 00:17:35
ما بالكم عندما تشغل الفتاة بهذا، - 00:17:40
ولا هي ولا هؤلاء الرموز حقَّقن المستوى الأساسيَّ الأوَّل اللازم من النجاح. - 00:17:42
في حين ينبغي أن تُبنى ثقافة المجتمع كلِّه على - 00:17:48
أن لا تنتقل المرأة من دائرةٍ إلى التي تليها إلَّا بعد إحكام الأولى، - 00:17:52
وإلا كانت كطبيبٍ يعرِّض نفسه لمرضى الأمراض المُعدية بأشكالها، - 00:17:57
وهو عديم المناعة وغير آخذٍ بوسائل الحماية، - 00:18:02
ويبرِّر بأنَّ علاج الناس خيرٌ ونفعٌ عامٌّ! - 00:18:05
نعم، كان في الأمَّة استثنائيَّاتٌ كخديجة -رضي الله عنها- - 00:18:08
التي كانت باللغة المعاصرة: امرأة أعمالٍ ناجحةٍ، - 00:18:12
ودعمت الدعوة بمالها، - 00:18:15
لكنَّها كانت في الوقت ذاته مثالًا للنجاح في الأساسيَّات. - 00:18:17
المرأة المؤمنة تستحضر قول نبيها صلى الله عليه وسلم: - 00:18:21
«فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه» [صحيح البخاري]، - 00:18:25
وقوله: - 00:18:27
«وهي مسئولةٌ عن رعيَّتها» [صحيح البخاري]، - 00:18:28
فلن تُقدِّمَ على النجاح في هذه المسئوليَّةِ نجاحًا لم تُكلَّفْ به، - 00:18:31
ولن تبحث عن نجاحٍ إضافيٍّ وهي لم تعطِ أصحاب الحقوق حقوقهم، - 00:18:36
وإلَّا كانت كمَدينٍ يتبرَّع بالمال. - 00:18:40
فالمرأة الناجحة في الأساسيَّات - 00:18:43
قد تعمل من بيتها أو بدوامٍ جزئيٍّ وضمن تحكُّمها، - 00:18:45
مع كون السيادة للمستوى الأوَّل وجُلِّ الوقت فيه، - 00:18:49
قد تؤخِّر هذا العمل - 00:18:52
إلى ما بعد وصولها حدًّا مُرضيًا من قوَّة النفس واستقلال أبنائها، - 00:18:54
وبعد أن قامت بما عليها واكتسبت خبرة التربيَّة وحِكمتها، - 00:18:58
ممَّا يؤهِّلها للنجاح في الإضافيَّات. - 00:19:03
ولا شيء يستعجلها في ذلك - 00:19:05
لأنَّها لا تنطلي عليها حيل من يأُزُّونها ويُشعِرونها بالدُّونيَّة والفشل. - 00:19:07
مرة أخرى: - 00:19:13
بماذا يختلف الرجل عن المرأة في ذلك؟ - 00:19:14
يختلف بأنَّ الإسلام أوجب عليه النَّفقة على المرأة وعلى الأبناء، - 00:19:17
وحمايتهم وتوفير السكن والعيش الكريم لهم، - 00:19:22
وفق ما حدَّده الإسلام من تقسيم الأدوار، - 00:19:25
فنجاحه في ذلك هو من الأساسيَّات التي يأثم إذا فرَّط فيها. - 00:19:28
فخطابنا له هو خطابنا للمرأة تمامًا من حيث التزام الأولويَّات كما شرعها الله، - 00:19:33
وعلى الرجل أن يسعى سعيه على الرزق لا من قبيل إثبات الذات للناس، - 00:19:39
بل أداءً لأمر الله -تعالى- وتحقيقًا للعبوديَّة بمفهومها الشامل. - 00:19:44
فإذا انهمك الرجل في العمل حبًّا في المال، - 00:19:50
أو إثباتًا للذات، أو منافسةً للآخرين، - 00:19:52
على حساب زوجته وأولاده - 00:19:56
وإعطائهم حقوقهم من عاطفته ووقته وتوجيهه - 00:19:58
فهو آثمٌ كالمرأة التي تنشغل عن الأساسيَّات. - 00:20:02
ربمَّا ما زالت لديكِ أسئلةٌ: - 00:20:06
هل تقولون لي هذا الكلام لتقنعوني بالزواج وتكوين أسرةٍ - 00:20:08
بدلًا من الدراسة الجامعيَّة والعمل؟ - 00:20:12
هل المطلوب من المرأة أن تكون شغَّالة البيت؟ - 00:20:14
ماذا إذا كنتُ لا أجد نفسي مع زوجٍ وأولادٍ، - 00:20:17
وإنَّما في العمل التطوُّعيِّ أو التثقيفيِّ، - 00:20:20
أليست هذه أهدافًا ساميةً وليست ماديَّةً كما تقولون؟ - 00:20:22
تقولون: (تربية الأولاد)، - 00:20:26
أليست العبارةَ إيّاها: "كوني شمعةً تحترق لتضيء للآخرين"؟ - 00:20:28
أليس في شهادة المرأة وعملها حمايةً لها؟ - 00:20:32
سنجيبك عن هذه الأسئلة كلِّها في ما يأتي بإذن الله. - 00:20:35
خلاصة ما قلناه اليوم: - 00:20:39
أنت مسلمةٌ، فلكِ تميُّزكِ وأهدافكِ، - 00:20:41
فحقِّقي ذاتك بالعمل لتحقيق هذه الأهداف ضمن الأولويَّات الصحيحة، - 00:20:44
هنا النجاح وهذا ميدان التنافس الحقيقيِّ، - 00:20:50
ومن هنا تنشأ شخصيَّتكِ أنثى سويةً مستقرَّةً مطمئنةً متوازنةً واثقةً، - 00:20:53
مصطلِحةً مع نفسها، مقدِّرةً لذاتها، - 00:21:01
ناجحةً في علاقاتها، ومُرضيةً لربِّها. - 00:21:05
والسلام عليكم ورحمة الله. - 00:21:08