السلام عليكم - 00:00:00ضَ

- لماذا أُنجب أصلا وأتحمَّل تعب الأولاد؟! - 00:00:01ضَ

هل لمجرَّد أن أبدوَ طبيعيةً كباقي الناس؟! - 00:00:04ضَ

- هل الأولاد نعمةٌ حقا، وهم في صغرهم مصدرُ إرهاقي وشدِّ أعصابي، - 00:00:07ضَ

ثم إذا كَبِروا قليلًا عاشوا في عالمِهم الخاصِّ بعُزْلة عني، - 00:00:13ضَ

ثم إذا استقلُّوا وتركوا البيت - 00:00:17ضَ

تركوني لحُزني واكتئابي ولزوج ٍتوتَّرت علاقتي به لأجلهم؟! - 00:00:19ضَ

- هل يُعقلُ أن أرسلَ أبنائي للمدرسة، حتى إن أحسست أنها لا تقومُ بدورها، - 00:00:25ضَ

لكن من قبيل أن أرتاح من إزعاجهم لبضع ساعات أراعي فيها شؤوني قليلًا؟! - 00:00:31ضَ

- تقولون: إنَّ من أهمِّ أعمال المرأة تربيةَ أبنائها، التربية فقط؟! - 00:00:37ضَ

قدراتي وطاقاتي ووقتي ومواهبي أشغلُ معظم ذلك بالتربية فقط؟! - 00:00:41ضَ

- ألا يكفي أني وضعتُ أولادي في مدرسةٍ نصرفُ عليها مبالغَ ضخمة؟! - 00:00:47ضَ

-إذا أردتُ أن أُبرِّئ ذمَّتي تِجاه أولادي، - 00:00:51ضَ

ما الأمور التربويَّة التي يمكن أن أذهبَ بها إلى المدارس عند تسجيل أبنائي، - 00:00:54ضَ

وأسألَهم عن برامجهم لتحقيقها؟ - 00:01:00ضَ

- ما هي قِصَّة الطبيبَيْن اللذَيْن كانا يعطيان مرضى السرطان ماءً ومِلحًا؟ - 00:01:03ضَ

وما علاقة ذلك بالتربية؟ - 00:01:08ضَ

- تُحذِّروننا من الألعاب الإلكترونية - 00:01:10ضَ

وتوفيرِ الهواتف للأولاد يفتحون فيها ما شاءوا، - 00:01:12ضَ

حسنًا وكيف أملأ فراغَهم؟ - 00:01:16ضَ

هل المطلوب أن أَملأ فراغَهم كلَّه بنفسي وأنسى حالي؟ - 00:01:18ضَ

-ماذا إذا كنت لا أجد نفسي في زوجي وأولادي، - 00:01:22ضَ

وإنما في العمل الَّتطوعي والتَّثقيفي بل والدَّعوي؟ - 00:01:25ضَ

أليستْ هذه أهدافًا سامية؟! - 00:01:28ضَ

- زوجي لا يتعاون معي على تربية أولادنا، - 00:01:31ضَ

هل من العدل أن أتحمَّل الحِملَ وحدي؟! - 00:01:34ضَ

- حاولتُ أن أصلحَ ابني أو ابنتي لكنه ضلَّ وانحرف، - 00:01:37ضَ

وأنا مُحبَطةٌ حزينةٌ عليه، فماذا أفعل؟ - 00:01:41ضَ

- لماذا يظهرُ موضوعُ التربية عميقًا وليس بالسهل؟ - 00:01:45ضَ

أليست المسألة أيسر من ذلك، وكلُّ مولود يولد على الفطرة؟! - 00:01:48ضَ

بداية القصة -يا كرام: - 00:01:53ضَ

خلق الله الخلق لغاية، - 00:01:55ضَ

العبوديةُ لله بمفهومها الشامل الذي تكلَّمنا عنه المرَّة الماضية، - 00:01:57ضَ

هذه العبودية تحتاج نفوسًا شريفةً، - 00:02:03ضَ

عبَّر عن تشريفها الحفاوةُ باستقبال الإنسان وسجودُ الملائكة له - 00:02:06ضَ

ثم تسخيرُ كلِّ شيء لخدمته، - 00:02:11ضَ

﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ - 00:02:14ضَ

إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (القرآن 45: 13) - 00:02:19ضَ

كلُّ شيءٍ هو لأجلك وفي خدمتك؛ - 00:02:22ضَ

لتحقِّقَ هدفَ وجودِك من العبودية لله بمفهومها الشامل. - 00:02:25ضَ

ستحتاج لاكتساب صفات الشرف والكرامة لتَرقَى نفسُك لمهمة العمل للغاية العظمى، - 00:02:30ضَ

ولتحصيل العزة والتمكين والاستخلاف اللائق بأولياء الله، - 00:02:35ضَ

لذلك: ﴿مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ﴾ (القرآن 17: 15)، - 00:02:40ضَ

فأنت المستفيدُ في عمليَّةِ تأهيلها هذهِ، - 00:02:44ضَ

بالإضافة إلى النعيم المقيم في جنات الخلود. - 00:02:47ضَ

في المقابل: من تَغافل عن غاية وُجودِه ونَسِيَ ربَّه حُرِم هذا الشَّرفَ - 00:02:50ضَ

﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ﴾ (القرآن 59: 19) - 00:02:56ضَ

أنساهم أن يعملوا لخير أنفسهم وأن يُزكُّوها - 00:03:00ضَ

ويَبْنوا منها إنسانًا يعمل للغاية العظيمة التي أُوجِد من أجلها. - 00:03:04ضَ

عندما أستحضر أن غاية وجودي هي العبودية لله - 00:03:10ضَ

وما يَتْبعها من نَعيمٍ فإنَّ أفعالي كلَّها تَصُبُّ في تحقيق هذه الغاية، - 00:03:13ضَ

حتى الأفعالُ الفطريَّةُ كالزّواج والإنجاب، - 00:03:18ضَ

ومن جمال العبوديّة لله أنها تُعَزِّز لنا الاستمتاع الفطريَّ بنعمة الأولاد - 00:03:21ضَ

﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ... - 00:03:27ضَ

وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ (القرآن 25: 74) - 00:03:32ضَ

قرةَ أعينٍ في الدّنيا وفي الآخرة، - 00:03:35ضَ

مقابلَ الذين نسوا اللهَ فانقَلبتْ قرةُ العينِ عذابًا - 00:03:37ضَ

﴿فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ۚ... - 00:03:42ضَ

إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا... - 00:03:45ضَ

وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ (القرآن 9: 55) - 00:03:50ضَ

أبنائي امتدادٌ لمشروعي بعد وفاتي؛ - 00:03:52ضَ

«أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» (صحيح مسلم)، - 00:03:56ضَ

لكنْ حتى يكونوا كذلك لا بدَّ من أن أبنيَ فيهم الإنسانَ الشريفَ الكريم - 00:03:58ضَ

كما أحبَّ اللهُ له أن يكون، - 00:04:03ضَ

وهذه هي التربية، - 00:04:05ضَ

كل هذا يجعل أبنائي وتربيتَهم في بُؤرَة اهتماماتي، فيصبحون أهمَّ مشاريعي. - 00:04:07ضَ

تبدأ المشكلة إخواني إذا نسينا الغاية العظمى من العبودية لله في هذا كلِّه، - 00:04:13ضَ

ولما كانت هذه الكلمةُ هي ضمنَ سلسلةٍ لكِ أنتِ -أيتها المسلمة- - 00:04:19ضَ

فسيكون تركيزُنا فيها على نفسكِ أنت؛ - 00:04:23ضَ

دورِها في التربية، - 00:04:26ضَ

لأنَّها ضمنَ دائرة النجاح في الأساسيات التي تكلَّمنا عنها - 00:04:28ضَ

قبل أن تنطلقي لمحاولة النّجاح والبحث عن الذات في مجالاتٍ أخرى - 00:04:33ضَ

تائهةً عن خارطة الأساسيات والأولويات التي تكلَّمنا عنها. - 00:04:38ضَ

التربية مسؤوليةٌ مشتركةٌ من الزوجين. - 00:04:42ضَ

ماذا إن قَصَّر الأب؟ - سنجيب، - 00:04:45ضَ

لكن حديثنا الآن هو لك أنت أيتها الكريمة، - 00:04:47ضَ

كثيرٌ من النساء عندما تسمع كلمة (تربية)، لا تَجِد لها وقعا كبيرًا في حسِّها. - 00:04:51ضَ

- تربية؟! أولادي يذهبون للمدارس، - 00:04:57ضَ

وقد حرصتُ أن أسجلهم في مدارسَ محافظةٍ وبيئات آمنة نسبيًّا، - 00:04:59ضَ

سيتربّون كما تربيتُ أنا، ماذا عليَّ أكثر من ذلك؟ - 00:05:04ضَ

حسنًا، تعالي نستعرض معًا ماذا تعني التربية، - 00:05:07ضَ

ثم نرى إن كان ابنُك يحصِّلُها في المدارس أو المجتمع حقًّا: - 00:05:11ضَ

التربية: تعني أن تُنشِّأ أبناءك على معاني الحياء والشهامة والنخوة والرحمة والكرامة - 00:05:15ضَ

والعِزَّةِ ورفضِ الظلم، والغضبِ لله، والغيرةِ على الحرمات، والنهيِ عن المنكر، وقوّةِ الشَّخصية، - 00:05:21ضَ

في هذا العالم الذي يحاول سحقَ هذه المعاني بكل الوسائلِ، - 00:05:28ضَ

ومنها التَّعليمُ والإعلامُ والرسوم المتحركة والألعابُ الإلكترونية - 00:05:32ضَ

بما فيها من إيحاءات مدروسةٍ تَهدِم الحياء وتُنمِّي العنف. - 00:05:36ضَ

التربية: تعني أن تعلِّمي ابنَك كيف يفكر، وكيف يطرحُ الأسئلة الصحيحة، - 00:05:41ضَ

وكيف يعبر عن نفسه، وكيف يميِّز بين العلم الحقيقيِّ والعلم الزَّائف، - 00:05:46ضَ

وكيف يَنقُد الأفكار التي تُعرَض عليه، - 00:05:51ضَ

كيف يعرف المغالطات في النقاش، التي يستخدمها المبطلون ليُشكِّكوه في دينه. - 00:05:53ضَ

وكيف يَتحقَّقُ من المعلومة. - 00:05:58ضَ

التربية تعني: أن تُعيني ابنَك وبنتك على اكتشاف نفسه، واستثمار جوانب قوته، - 00:06:00ضَ

ومن ثَمّ على اختيار الأهداف التي تُناسب قُدُراتِه وظُروفَه - 00:06:06ضَ

ويُساهم بها في إعزازِ أمَّته. - 00:06:11ضَ

أن تُعَلِّمي الولدَ أن: كُن نفسك، تَقبَّل نفسك، لا تَتَقَمَّصْ شخصيَّة غيرك، - 00:06:14ضَ

ولا تُحسَّ بالفشل إن لم تُحقِّق ما حقَّقه غيرُك، - 00:06:19ضَ

ولا ترسم أهدافًا لا تناسبك؛ فلكلٍّ شخصيته، - 00:06:23ضَ

لأنَّ ابنكِ بغير ذلك لن يقنع ولن يسعد. - 00:06:27ضَ

التربية تعني: أن تَدُلِّي أبناءَك على الإجابات عن الأسئلة الوجودية الكبرى: - 00:06:31ضَ

من أنا؟ من خلقني؟ إلى أين المصير؟ ما الغاية من وجودي؟ لماذا أنا مسلم؟ - 00:06:36ضَ

ما الأدلَّة على أن القرآن من عند الله؟ - 00:06:42ضَ

ما الأدلةُ على نبوة محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-؟ - 00:06:44ضَ

كيف حُفِظ القرآنُ والسُّنَّة اللذان أرجعُ إليهما في حياتي؟ - 00:06:48ضَ

التربية تعني: ألا يصير عُمُرُ الولَدِ اثنتين وعشرين سنة - 00:06:52ضَ

أَمْضى منها ثماني عشرة سنة في المدارس والجامعات، وهو لا يعرف إجابة هذه الأسئلة، - 00:06:55ضَ

بل ولا يعرف كيف يُفكِّر؛ - 00:07:01ضَ

فكلمة تأتي به وكلمة تُذْهِبُه، - 00:07:03ضَ

ومقالٌ تافهٌ أو مقطع فيديو يَخْلَعه من دينه بكل سهولة، - 00:07:05ضَ

ويناقشُ بكل سذاجة فاقِدًا لأدنى مقوِّمات التفكير الصحيح - 00:07:09ضَ

والنقاش العقلاني والنَّقد العلمي، وهو مغرورٌ بظنه أنه متعلم، - 00:07:15ضَ

بل ربما مهندس أو طبيب أو دكتور جامعي. - 00:07:19ضَ

التَّربية تعني: أن تربطي أبناءَك وبناتك بالرموز الحقيقية في تاريخهم الإسلامي، - 00:07:23ضَ

وتُعَرِّفِيهم بتاريخ أمَّتهم؛ - 00:07:28ضَ

ليعلموا أن لهم جذورا عميقةً ويعتزُّوا بها، - 00:07:30ضَ

بدل أن يكونوا طَحالبَ إِمَّعَاتٍ، مقلِّدين للزُّناة والمخمورين - 00:07:34ضَ

وتائهي مشاهيرِ مواقعِ التواصل الاجتماعي في لِبَاسِهم وقَصَّاتِ شعرهم وحركاتِهم. - 00:07:38ضَ

التربية تعني: تعويد ابنك أن يطرح سؤال: - 00:07:43ضَ

(لماذا أفعل ذلك؟) في كل ما يفعل؛ - 00:07:46ضَ

فهو ليس قَطيعِيًّا مُقلِّدًا تقليدًا أعمى. - 00:07:48ضَ

التربية تعني: أن تُنَمِّي في طفلك مَلَكَةَ التنبُّؤُ بالمُدْخَلَات؛ - 00:07:50ضَ

فينتبهَ لحيلِ وسائل الإعلام وطُرُقِها في محاولة إعادة صياغة نفسِيَّتِه وقِيَمِه، - 00:07:55ضَ

وأذكر كيف كان أبي -رحمه الله- يُنَبِّهُنَا على ذلك بمناقشة بعض ما نشاهد، - 00:08:02ضَ

وكان لذلك أثرٌ كبيرٌ. - 00:08:08ضَ

التربية تعني: أن تُحبِّبي إلى ابنك وابنتِك طلبَ العلم النافع في كل المجالات، - 00:08:10ضَ

وإمساكَ الكتبِ ومتابعةَ السلاسل، وشعارهم: (احرصْ على ما ينفعُك)؛ - 00:08:15ضَ

ليَشعروا بالامتلاء العقلي والروحي - 00:08:21ضَ

بدل الفراغ الذي يَدفَعُهم إلى متابعة توافهِ الـ(youtubers) - 00:08:23ضَ

أو الإدمانِ على المقاطع الإباحية، أو العيشِ في وهم الألعاب الإلكترونية. - 00:08:27ضَ

التربية تعني: أن تُولّدي لدى ابنك الحافزية ليتعلم ما يعينه على إتقان أدوات عصرِه؛ - 00:08:32ضَ

ليكون مؤثِّرًا وناجحًا بصفته مسلمًا؛ فيتعلَّم استخدام التقنية وإدارةَ المال - 00:08:38ضَ

ومهاراتِ الإقناع ومهاراتِ القيادة والعملَ في فريق. - 00:08:43ضَ

التربية تعني: أن تربطي أبناءك بالصحبة الصالحة، - 00:08:46ضَ

وتبحثي لهم عن رِفَاق الخير بحثًا، حتى وإن احتجتِ أن تعملي علاقاتٍ مع أمهات؛ - 00:08:50ضَ

لِتُوَفِّري المحاضنَ الآمنة ورِفَاقَ الصلاحِ لأبنائك. - 00:08:56ضَ

التربية تعني: أن تُعَلِّمي أبناءك وبناتِك ما نبثُه هنا - 00:09:00ضَ

من حقوق كل فردٍ من أفراد الأسرة وواجباته وأولوياته، - 00:09:04ضَ

وتُعَلِّمي ابنك أن يصل إخوانه ويحنَّ على أخته. - 00:09:08ضَ

التربية تعني: أن تعلمي أولادك الجِدِّيَّةَ وتَحَمُّلَ نتائج أفعالهم - 00:09:12ضَ

وتَوَقُّعَ الألم في الحياة والتعامُلَ معَه بصبرٍ ورضا، - 00:09:16ضَ

وأنهم ليسوا في هذه الحياةِ للراحة والرُّكونِ إلى الدنيا، - 00:09:20ضَ

وأَنَّها دارُ بلاءٍ لا دارُ جزاءٍ. - 00:09:25ضَ

التربية تعني: أن تربطي أبناءَك بالقرآن، وتُنَمِّي لديهم مَلكة فَهمه والاستدلال به، - 00:09:27ضَ

مما سيتطلب منك تحبيب اللغة العربية إليهم. - 00:09:33ضَ

التربية تعني: أن تُعَلِّمي أبناءَكِ أن شَرْع الله حاكمٌ على حياة المؤمن، - 00:09:37ضَ

وألا يَعْتَرفوا بأيَّة مرجعيةٍ غيرِه - 00:09:42ضَ

في زمنٍ يُرادُ لدين الله أن يُحصَرَ في شعائرَ محدودةٍ، - 00:09:45ضَ

ويكونَ التّقديسُ والتّعظيم لأهواء البشر. - 00:09:49ضَ

التربية تعني: أن تجعلي أعظمَ قيمة لدى أبنائك توحيدَ الله، تعظيم الله، - 00:09:52ضَ

ومحبةَ الله ورسولِه لتكون فوق كلِّ محبَّة، وتُجَنِّبِيهِم ما يشوبُ التوحيد. - 00:09:58ضَ

التربية تعني: أن تُعَلِّمي أبناءك الانتماء إلى أمتهم الإسلامية، والاهتمامَ بأحوالِها، - 00:10:04ضَ

وتحويلَ الهَمِّ لها إلى العمل بإيجابية دون يأس ولا إحباط. - 00:10:10ضَ

التربية تعني: بناء العلاقة الوطيدة مع أبنائك، والمحبَّةَ والثقةَ والاهتمامَ بهم، - 00:10:15ضَ

وسَماعَ مشكلاتِهم والصداقةَ معهم، وبغيرِ ذلك لن تحققي الأهداف التي ذكرنا. - 00:10:21ضَ

التربية تعني: أن تَتَعَرَّفِي على خصائص كل مرحلة عُمُريَّة لأبنائك وما يلزم لها، - 00:10:27ضَ

مع تنويع الأساليب: كالقصة واللعبة والنشاط الجماعي. - 00:10:33ضَ

التربية تعني: أن تُعِينِي ابنَك وابنتك على معالجة المشكلات - 00:10:37ضَ

التي تَعْرِضُ لهم في طريق بناء شخصياتهم، - 00:10:41ضَ

كما تحرصين على علاج أمراض أجسادهم، بل أكثر. - 00:10:45ضَ

التربية تعني: أن تكوني قدوةً عمليةً؛ - 00:10:48ضَ

تَتَمَثَّلين هذه المعاني كلَّها في ذاتك قبل أمر أولادك بها، - 00:10:50ضَ

فدمعةٌ صادقةٌ منك عند قراءة آية، أو ذِكْر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - 00:10:55ضَ

ستفعل فِعْلَها في قلبِ أولادِك أكثرَ من ألف درس دين في المدرسة. - 00:11:01ضَ

إصرارُكِ على ولدك أن يَقوم إلى صلاة الفجر أكْثرَ من إصرارك عليه أن يقوم إلى المدرسة - 00:11:06ضَ

يَبْنِي تَعظيمَ اللهِ في قلبه ويجعلُ اللهَ أوَّلًا في حياته بالفعل، - 00:11:11ضَ

وأَداؤُكِ لِدَوْركِ في غياب والدهم كما هو في وجوده - 00:11:17ضَ

يعلّمهم أن يجعلوا مراقبة الله نُصب أعينهم. - 00:11:21ضَ

بِرُّكِ بوالديك وخدمتُهما، - 00:11:24ضَ

وقراءتك كُتُبًا منهجية أمام الأولاد ومعهم وعدم الاقتصار على متفرقات مواقع التواصل، - 00:11:26ضَ

تَجْعَلُهم يَأْلَفون القراءة، - 00:11:33ضَ

ولن تحتاجي بعدها أن تملئِي وقتهم بنفسك، ما دمتِ قد وضعتِ قدمهم على الطريق. - 00:11:34ضَ

في المحصلة، التربية تعني: أن تبني الإنسان الذي يعمل لغاية: - 00:11:41ضَ

تحقيق العبودية بمفهومها الشامل لصلاح الدنيا والآخرة. - 00:11:47ضَ

أعرفتِ يا كريمة ما معنى التربية؟ وما معنى بناء الإنسان؟ - 00:11:53ضَ

أعرفت ما معنى: «وهي مسؤولة عن رعيتها»؟ [مسند أحمد]، - 00:11:57ضَ

ومعنى قولِ نبيِّنا في الحديث الذي أخرجه البخاري، - 00:12:00ضَ

-وهو حديث مخيف يُشعرك بعِظم المسؤولية: - 00:12:04ضَ

«ما مِنْ عَبْدٍ استَرْعاهُ اللهُ رعِيَّةً فلم يَحُطْها [بِنَصِيحة]... - 00:12:08ضَ

إلا لم يجد رائِحةَ الجنة» [صحيح البخاري] - 00:12:13ضَ

انظري إلى التعبير النبوي: "فَلَمْ يَحُطْهَا [بِنصيحة]"، - 00:12:16ضَ

مطلوبٌ منك أن تحيطي أولادك من كل مكان، - 00:12:19ضَ

ليس بكثرة النصائح والانتقادات؛ فهي تُحدِث السآمة والنفور من أولادك تجاهك، - 00:12:22ضَ

وإنما بالقُدوة العمليِّة والتّوجيهاتِ، عند الحاجة، وحمايتكِ لهم مما يَضُرُّهم، - 00:12:27ضَ

وحَزمُك في ذلك مع عَطْفِكِ ووُدِّك، - 00:12:33ضَ

تُحيطينهم حتى تحميهِم من سِهام الشهوات والشبهات التي تأتيهم من كل حَدْبٍ وصَوْبٍ. - 00:12:36ضَ

أنتِ المُؤَهَّلةُ لبناء هذا كلِّه في ابنك، - 00:12:42ضَ

وأنتِ المؤهَّلة لترسيخِ الأمانة في قلوب أبنائك بسلوكك العملي، - 00:12:45ضَ

كما في حديث حذيفة بن اليمان قال: حدثنا -يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم: - 00:12:50ضَ

«أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ. - 00:12:56ضَ

ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، ثمَّ علموا مِن السُّنَّة» [صحيح البخاري]. - 00:12:59ضَ

الأمانةُ: الصدقُ مع النفسِ، - 00:13:02ضَ

التي إن رسَّخْتِها في قلوب أبنائك نَفَعَهم القرآن والسنة، - 00:13:04ضَ

وإنْ لمْ تَزْرعِيها لم ينفعْهم شيء، وكانوا أرقاما في ظاهرة الغثائية والنِّفاق. - 00:13:09ضَ

سفيان الثوري قالت له أمُّه: - 00:13:14ضَ

(يا بنيَّ، اطلب العلم وأنا أكفيك من مغزلي... - 00:13:16ضَ

-أي أَحِيكُ الملابسَ وأبيعُها وأنفقُ عليك، لكن أنت تفرغْ لطلب العلم- - 00:13:19ضَ

يا بنيّ، إذا كتبتَ عشرةَ أحاديث فانظر... - 00:13:24ضَ

هل ترى في نفسك زيادةً في مَشْيِكَ وحِلْمك ووَقارك -أي في الأخلاق- - 00:13:27ضَ

فإن لم ترَ ذلك فاعلم أنه يضرّك ولا ينفعك). [تاريخ جرجان للسهمي: 449-450]، - 00:13:31ضَ

لم تَقُلْ له هاتِ علامةً لكي نفاخرَ بك، وتكونَ أحسنَ من ابنِ عمِّك، - 00:13:35ضَ

وإنما أُريدُ للعلم أن يؤثِّر في أخلاقكَ: تُعلِّمُه أمانةَ العِلْمِ. - 00:13:39ضَ

نشأ الإمام أحمد بن حنبل والشافعي يتيمَين، - 00:13:43ضَ

وتولَّت أمُّ كلٍّ منهما تربيتَه، - 00:13:46ضَ

فَأصْبَحَا من سادة الأمة في العلم والعمل، - 00:13:49ضَ

أنت المُؤَهَّلة لهذا كله لأنهم أبناؤكِ، - 00:13:52ضَ

ولنْ تعوِّضَ المدرسة ولا الحضانة ولا الروضة ولا الشغالةُ عنك أنت؛ - 00:13:55ضَ

فليست النائحةُ الثكلَى كالمستأجَرَة، - 00:14:00ضَ

فلا تستغربي حين كرَّم الإسلام الأمَّ وجعلَ الجنة عند رجلها. - 00:14:03ضَ

تصوري بعد هذا كلِّه لمَّا كنتِ تَقولين لنفسك: (التربية فقط؟!) - 00:14:07ضَ

وتضعي بعد سؤالك استفهامًا وتعجُّبًا، - 00:14:11ضَ

بينما كلمتُك هذه بحاجة إلى ألف تعجب. - 00:14:13ضَ

كلُّ هذه الأركانِ لتربية النفس البشرية - 00:14:17ضَ

أصْبَحت الثقافةُ السائدةُ أنها تجيء تلقائيًّا وليس ضروريًّا أن نتعلمها، - 00:14:19ضَ

بينما نصرف للشهادات الجامعية عشرين سنةً من حياتنا، - 00:14:25ضَ

وأكبر رسالة سلبية نوصلها لأولادنا بذلك - 00:14:30ضَ

أنَّ العبوديةَ لله بمعناها الشَّامل ليست هدفَ حياتِنا، - 00:14:34ضَ

وهم يتَشَرَّبون هذه الغَفْلَةَ يوميًّا مِن سُلُوكِنُا، - 00:14:39ضَ

يُعَبِّر عن ذلك تعليقُ إحدى الأخواتِ على حلقةِ: (المرأة والبحث عن الذات)، - 00:14:42ضَ

إذ قالت: "أعتبر نفسي ضحيةَ هذا التفكيرِ، - 00:14:47ضَ

فتربيتي كانت على هذا: - 00:14:50ضَ

(ذَاكَرِي فقط -أي ادرسي فقط- - 00:14:52ضَ

لا نريد منك إلا الانْكباب على الكتاب لتَحْصُلِي على أعلى الدرجات - 00:14:54ضَ

وتدخلي كليَّةً مميزة)، - 00:14:59ضَ

دخلتُ ثم تزوجتُ بدون أي تأسيس أو تعليم لكيفية إدارةِ البيت - 00:15:01ضَ

أو التعاملِ مع الزوج أو تربيةِ الأبناء، - 00:15:07ضَ

وفوقَ كلِّ هذا إحساسٌ قاتل بالذنبِ؛ لأني لم أكمل دراساتٍ عليا بعد الجامعة، - 00:15:10ضَ

الأهلُ يوصلون رسائلَ أن قيمتَك فيما وصلت إليه من مَركَزٍ - 00:15:17ضَ

وما حقَّقْتِه من إنجازٍ في مجال العمل، - 00:15:22ضَ

أما بيتُك فهذا تحصيل حاصل؛ كلُّ النساء يفعلنه؛ - 00:15:24ضَ

لا يُهمُّ كيف ولا يُهمُّ النتيجة، المهم أن نفتخر بك". - 00:15:28ضَ

إذن: "أما بيتك فتحصيل حاصل، كل النساء يفعلنه، المهم أن نفتخر بك" - 00:15:33ضَ

والأخرى تعلق بأن زوجها يُعَيِّرُها: لماذا لا تكونين كفلانة تشتغل وتأتي بالمال؟ - 00:15:39ضَ

البيت والأولاد؟! كلُّ الزوجاتِ عندهنَّ بيت وأولاد. - 00:15:44ضَ

تصوري كم عُمل فينا حتى تشوّهت عبارة (عَمَل المرأة في بيتها). - 00:15:47ضَ

وانحصرتْ في أذهاننا بالجمادات من المَجلى والغسَّالة والمِكنسة و الثلاجة. - 00:15:52ضَ

حين نسمعُ باستمرار عن أبناء -وبعضهم من عوائل تُصَنَّفُ على أنها ملتزمة- - 00:15:58ضَ

يُلحدون أو يميلون للشذوذ، وآباؤهم يتعجبون. - 00:16:03ضَ

من ماذا تتعجبون؟ - 00:16:07ضَ

هل حصَّنتم أبناءَكم وأحطتموهم بنصحكم كما أمر نبينا -صلى الله عليه وسلم؟ - 00:16:08ضَ

أم أنَّ أعداءَكم زرعوا في أبنائكم وأنتم غافلون؟ - 00:16:14ضَ

فها هم أعداؤنا يحصدون. - 00:16:18ضَ

هلا تقولين لي -حضرتك: المدارسُ، كم من هذه الأهداف تُحقِّق؟ - 00:16:20ضَ

بل هل هي تحقق هذه الأهداف أم تُدمِّرها؟ إلا من رحم ربي من معلمٍ هنا أو معلمة هناك. - 00:16:26ضَ

ولتطبيق عملي: إذا ذهبتِ لتُسَجِّلي ابنَك أو ابنتك في مدرسة، - 00:16:33ضَ

فأرجو أن تأخذي معك قائمة الـ21 مقوما من مقوِّمَات التربية التي ذكرناها، - 00:16:38ضَ

وتسألي المسؤولين في المدرسة: - 00:16:44ضَ

هلا تقولون لي كم من هذه الأهداف تُحقّقون؟ - 00:16:46ضَ

وما البرامج والأساليب التي تستخدمونها لتحققوها؟ - 00:16:49ضَ

من سنوات اكتُشِفَت حالةٌ لطبيبين في أحدِ المستشفيات الحكومية الكبرى في بلد عربي، - 00:16:53ضَ

يأتي مريضُ السرطان فيُصْرَف له دواءٌ، - 00:17:00ضَ

لكن -وبالتنسيق مع بعض الممرضين في المستشفى- لا يُعطي الطبيبان الدواءَ للمريض، - 00:17:03ضَ

بل يُباع في السوق السوداء، - 00:17:09ضَ

وأما المريضُ فيوضَع له حقن وريدية (Normal Saline) أي ماء وملح. - 00:17:11ضَ

مؤلمٌ، أليس كذلك؟! - 00:17:16ضَ

ما يحصل لعامَّة أبناء المسلمين هو الشيء نفسه. - 00:17:18ضَ

هم بحاجةٍ لعلاج إنسانيتهم من الجهل والهوى، - 00:17:22ضَ

لكن الذي يُعطى في كثير من المناهج التعليمية هو (Normal Saline)، - 00:17:26ضَ

بل في كثير من الأحيان سُموم، - 00:17:31ضَ

والأبوان يعتَبِران أنهما أدَّيا ما عليهما بإرسال الأولاد إلى هذه المدارس، - 00:17:34ضَ

ليس أخطرُ شيء أن تترك المريض دون علاج، بل أن تدخل لجسمه (Normal Saline) أو سموما، - 00:17:39ضَ

وأنت توهمه -وأهلَه- أنك تقدم له علاجًا. - 00:17:47ضَ

قد تقولينَ: لكن كلامكَ عن دوري في التربيةِ غيرُ واقعي، - 00:17:51ضَ

فأنت كأنك تريد من كل أمٍّ أن تكون عالمة في كل هذه المجالات. - 00:17:54ضَ

فأقول لك: المطلوب منك -يا كريمة- أن تبني الأساسَ، - 00:17:58ضَ

وتضعي قدمي ولدِكِ على الطريق الصحيح، - 00:18:02ضَ

وتُوَلِّدِي لديه الحافزيَّة للتعلُّم والعملِ بما يتعلم، - 00:18:05ضَ

ثم يكون دوركِ بعد هذا أن تعينيه وتشجعيه. - 00:18:09ضَ

طرأت عليه شبهة سمعها؟ تَعَالَ -يا بُني- نبحث عن الجواب، - 00:18:13ضَ

وتتعاوني معه في تعرُّف المصادرِ والمراجعِ الموثوقة والأشخاصِ الذين يَسمع لهم. - 00:18:17ضَ

عانت ابنتكِ من مشكلة نفسية؟ تعالي نَسْتَشِرْ مُخْتَصَّة... - 00:18:22ضَ

أبناؤكِ هم في صُلْب مشروعكِ. - 00:18:27ضَ

قد تقولين: أراك وضعتَ حِمل التربية علي، وماذا عن الأب؟! - 00:18:29ضَ

بدايةً ليست حِمْلًا، بل شرفًا: - 00:18:33ضَ

التربية والتزكية وبناء الإنسان، هذه وظيفة الأنبياء -عليهم السلام، - 00:18:36ضَ

وشرفُ العامل على قَدْرِ شَرَفِ العمل، - 00:18:42ضَ

وبما أنَّ عِبْءَ النفقة يَقَع على الرّجل - 00:18:44ضَ

مع ما يتطلَّبه ذلك من إنفاق ساعات في العمل خارج البيت عادةً، - 00:18:47ضَ

فبطبيعة الحال سيكون الوقت الذي تُمْضِينَه معَ أبْنائك أطولَ بكثيرٍ، - 00:18:51ضَ

وستكون فرصتُكِ في التربية أكبرَ، - 00:18:56ضَ

ومع ذلك فعلينا أن نُذَكِّر بأن التربية مسؤوليةٌ مشترَكةٌ بين الأب والأم، - 00:18:59ضَ

فمسؤولية بهذا الحجم تحتاج تعاونكما. - 00:19:04ضَ

في التعليق على حلقة: (أنا مش شغالة البيت)، اعترض بعض الرجال قائلين: - 00:19:08ضَ

"أتريدنا أن نَكُدَّ ونتعب في العمل، ثم تجلس المرأة مدللةً في البيت لا تعمل شيئا، - 00:19:13ضَ

بل وتقول لنا: ساعدوها أيضا في عمل البيت؟!" - 00:19:19ضَ

بل نقول -أخي: نحن نطالبك بمعاونتها في عمل البيت، - 00:19:22ضَ

والتقليلِ من المتطلَّباتِ لتُفَرِّغَها للمهمة الأعظم: بناءِ الإنسان، - 00:19:26ضَ

وعليكَ أن تُعِينَها على هذه المهمة أيضًا، - 00:19:32ضَ

لا أن تُقَصِّرَ في واجبكَ في التربية تحت عناوين: - 00:19:34ضَ

(أنا أعمل لأجلكم؛ لتحصيل قوتكم، وتكاليف الحياة عالية، وأيامنا صعبة)، - 00:19:37ضَ

وحتى الوقت الذي تمضيه في البيت ليس وقتًا نَوْعِيًّا تكون فيه متفرِّغ الذهن لأبنائك، - 00:19:43ضَ

بل تنشغل عنهم بالجوّال والاتصالات وغيرها. - 00:19:48ضَ

من لوازم القوامة التي تكلمنا عنها - 00:19:52ضَ

أن يكون الأب قدوةَ البيت في التوازن وإعطاءِ كلِّ ذي حقٍّ حقَّه، - 00:19:54ضَ

ومن ثمَّ، نُحَمِّلُه المسؤولية الأولى عن تحقيق ذلك، - 00:19:58ضَ

وقولُ النبي -صلى الله عليه وسلم- في من لم يَحُطْ رعيته بنصحه: - 00:20:02ضَ

«لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» مُوَجَّهٌ لك أنت أيضًا -أيها الرجل، - 00:20:07ضَ

وهناك أدوارٌ في تربية الأبناء لا يَصْلُح لها إلا أنت؛ - 00:20:12ضَ

(بما فضَّل الله بعضهم على بعض) [القرآن 4: 34]، - 00:20:16ضَ

ومن المُرهِق جِدًّا للمرأة والظلمِ لها مطالبتُها بها، - 00:20:18ضَ

فعليك أنت قيادةُ مشروع تربية وتذليلُ عَقَبَاتِه، - 00:20:21ضَ

رحلة تربية الأبناء -بدايتها الحقيقية- هي من اختيار الزوجة، واختيار الزوج - 00:20:25ضَ

الذي يشاركك في تحقيق الهدف الأعظم كما ذكرنا. - 00:20:30ضَ

لكن نقول لك أنتِ -يا كريمة: - 00:20:34ضَ

افترضي أن الأب لم يَقُمْ بدَوره في التربية - 00:20:37ضَ

طَالَبْتِهِ بذلك وذكّرته بالله، لكنه لا يتجاوب، - 00:20:40ضَ

فهل ستتركين أولادكِ؟ - 00:20:45ضَ

إذا الأب لم يأخذ الأولاد إلى مطاعيم شَلَلِ الأطفال والحَصْبَةِ والجُدَرِيِّ وغيرها، - 00:20:47ضَ

هل ستقولين: هو قصّر فلن أتحمل الحِمل وحدي، - 00:20:51ضَ

أم ستدفعك رحمتك إلى أخذهم؟ - 00:20:55ضَ

أليست نفسُ طفلِكِ وروحُه أَوْلى؟ - 00:20:58ضَ

<i>أقبلْ على النَّفسِ واستكملْ فضائلَها</i> <i>فأنتَ بالرُّوح لا بالجسم إنسانُ</i> - 00:21:01ضَ

لن تكون مهمةً سهلةً، لكنك تُبَرِّئين ذمَّتَك أمام الله، - 00:21:05ضَ

ولعلَّك تستعينين بمحاضِنَ تربويَّة، كالمراكز والدورات النافعة والصحبة الصالحة؛ - 00:21:09ضَ

لتساعد في سد الفجوة التي أحدثها الأب المُقَصِّرُ وتُعينَك على المهمة. - 00:21:15ضَ

قد تقولين: لكن بصراحة أنا نفسي فاقدة لكثير من معاني التربية ومقوماتها التي ذكرتها، - 00:21:20ضَ

فكيف أُنْشِئُ عليها أبنائي، وفاقدُ الشيءِ لا يُعطيه؟ - 00:21:26ضَ

صحيح، نحن نحتاج لأن نتربَّى على هذه المقومات أولًا ثم نُربِّي عليها أولادنا، - 00:21:30ضَ

وهذه رحلة حياة، تحتاج تَعَلُّما مستَمِرًّا وجُهْدًا ضخمًا واستعانةً بالله. - 00:21:36ضَ

عامَّةُ ما نَبُثُّه في المقالات والسلاسل - 00:21:42ضَ

هو محاولةٌ لبناء المقوِّمات التربويَّة المذكورة في أنفسنا، - 00:21:44ضَ

سواءً في رحلة اليقين أم في سلسلة المرأة أم في مسابقات الاستدلال بالقرآن أم في غيرِها، - 00:21:48ضَ

بالإضافة إلى سلاسلَ وكتبٍ، سنحيل عليها لمُرَبِّين فضلاءَ - 00:21:54ضَ

تَسُدُّ الثغرة وتعطي خارطة الطريق، - 00:21:58ضَ

ما نحاول إيصاله ما هو إلا (ألف باء) الحياة - 00:22:01ضَ

الذي كان يجب أن نتعلمه بَدْءًا من سنواتنا الأولى. - 00:22:04ضَ

فالحلُّ يبدأ من تعظيم أهميّة بناء الإنسان، - 00:22:09ضَ

ونحن الآن نخوض معركةَ استعادةِ السَوِيَّةِ النَّفْسيَّة، - 00:22:12ضَ

وتحريرِ الرِّوح والنَّفس والفِطرة، وإعادةِ إحياء الهدف. - 00:22:16ضَ

لكنْ الجميل في الأمر -في المقابل- هو أنكِ ستكتشفين وأنتِ تربين ابنك أنك تربين نفسك، - 00:22:20ضَ

نفسُك بينَ جنبيك لا ترينها، لكنْ ستَرينَ عُيوبَها وحِيَلَها، وجمالَ نتائج تربيتِها، - 00:22:26ضَ

ترين ذلك كله في ابنك وابنتك، - 00:22:33ضَ

وكأنها من حكمةِ الخلق وسنة الحياة، أننا في رحلة التَربية نَكْتَشف أنفسَنا: - 00:22:36ضَ

نَكتَشِفُ جَمال النفسِ البَشَرِيَّةِ التي وهبنا الله إياها، - 00:22:42ضَ

وجمالَ زَرْعِ البُذور فيها وسَقْيِهَا بماء الوحي وحصادِ النتائجِ، - 00:22:45ضَ

وجمالَ تحريرِها من الاحتلال، - 00:22:51ضَ

وبإمكانكِ أن تَرَيْ الإحساسَ بهذا الجَمال في التعليقات على الحلقات من إخوةٍ وأخواتٍ - 00:22:53ضَ

ذاقوا لَذَّة اكتشافِ الشَّريعة واكتشافِ نفوسِهم -بفضل الله. - 00:22:59ضَ

قد تقولين: لكنْ أَلَا ينبغي أن تَكون مسألةُ التربية أيسر من ذلك؟ - 00:23:03ضَ

أليس كلُّ مولودٍ يولد على الفِطرة؟ - 00:23:07ضَ

هل الأجيالُ المسلمةُ الأولى احتاجت لكل هذا التعقيدِ؟ - 00:23:09ضَ

فنقول -يا كريمة: - 00:23:13ضَ

مِنْ أخطَر ما حدث للمسلمين حين انسحبَ الاحتلال العسكريُّ من بلادهم - 00:23:14ضَ

أنهم ظنُّوا أنهم مستقلُّون؛ - 00:23:19ضَ

لأنهم ما عادوا يَرَوْنَ جنود العَدُوِّ يتَجَوَّلُونَ في الشَّوارعِ، - 00:23:22ضَ

ومن ثمَّ فهم لا يدركون الاحتلال النفسيَّ والفكريّ والروحيّ والقِيَميّ الذي يعيشونه، - 00:23:26ضَ

فلا يَسْعَوْن للتحرر، كما عبر أحدهم بشكل بليغ: - 00:23:32ضَ

<i>وأقولُ كلُّ بلادنا محتلةٌ</i> <i>لا فرقَ إِنْ رَحَلَ العِدا أو رانُوا</i> - 00:23:37ضَ

<i>ماذا نُفيدُ إذا استقَلَّت أرضُنا</i> <i>واحتُلَّتِ الأرواحُ والأبدانُ</i> - 00:23:43ضَ

<i>ستعودُ أوطاني إلى أوطانِها</i> <i>إنْ عادَ إنسانًا بِها الإنسانُ</i> - 00:23:48ضَ

كانت أجيال المسلمين الأولى على الفطرة والسَوِيَّة النَفْسيَّة، - 00:23:57ضَ

فعاشت بصدقٍ لتحقيق العبوديَّة الشاملة، - 00:24:01ضَ

وكان هذا الهدفُ مُحرِّكًا لأفعالها، - 00:24:04ضَ

بحيث كان الأصل أن تخرج أفعالها على السليقة -دون تَكَلُّفٍ- في الاتجاه الصحيح. - 00:24:06ضَ

نُفوسٌ مُعْتَزَّةٌ بالوحي، تثقُ به ثقةً مطلقةً، - 00:24:11ضَ

وتنفرُ من الجاهليَّة الماضية والجاهليات المحيطة بها، - 00:24:15ضَ

وتحتقرها وتَسُدُّ منافذَها إلى القلوب، - 00:24:19ضَ

وتُعيد النَّظر في كل موروثاتِها وتُحَاكمها للمعايير الربانية، - 00:24:22ضَ

قد تُعاوِدُها نَزَغَات من الجاهلية بين الحين والآخر، - 00:24:27ضَ

لكنَّها تُدرك أنها جاهليَّة، فتُجاهدها وتَتَخلص مِنْها، - 00:24:30ضَ

وتَقَعُ في مَعَاصٍ، لكنْ تدرك أنها معاصٍ، - 00:24:35ضَ

بينما مولود اليوم يولد على الفطرة فما تلبثُ منظومة الاحتلال الناعم - 00:24:38ضَ

أن تطمَسَها، وتُشَرِّقَه وتُغَرِّبَهُ نَفسِيًّا وفكريًّا وقِيَمِيًّا، - 00:24:43ضَ

وتُغْرقَه في سيل متتابع من الفتن والشبهات، وتُلَبِّس الحق له بالباطل، - 00:24:48ضَ

ومغناطيسُ العبودية لله -الذي يجمع الشتات- غير موجود، - 00:24:54ضَ

فتبدو العملية صعبةً لأننا [نجمع] شتاتَ النفس المتفلت - 00:24:58ضَ

الذي يتجاذبه الدعاة على أبواب جهنم، - 00:25:02ضَ

كان القرآن مَفهُومًا يُحدِثُ أثرَه البليغَ في النفوس، - 00:25:05ضَ

والآن يُشْكِل فهمه على عامة العرب، - 00:25:08ضَ

فدوركِ -يا كريمة- أن تنفضي هذا الرُكَام عن فطرة أبنائك - 00:25:12ضَ

وتَنْصِبي أمام أعينِهم الهدفَ الذي يجمع شتاتهم، وتُقَرِّبي إليهم الوحيَ. - 00:25:16ضَ

قد تقولين: بعدما ذكرتَه، فإني أخاف على مستقبل أبنائي، - 00:25:22ضَ

بل وقد أتردد في الإنجاب من أصله! - 00:25:26ضَ

فنقول لك: من قَدَرِ الله لهذه الأمة أن تكونَ هي الغالبةَ في النهاية: - 00:25:29ضَ

فتحُ روما المُبشَّر بِه، ودُخُولُ الإسلامِ كلَّ بيتٍ، - 00:25:34ضَ

هذا كلُّه سيكون على يدِ ذريَّةٍ من أبناءِ المسلمين، - 00:25:38ضَ

فلَنْ يَنقرضَ المسلمون ويأتيَ أناسٌ من كوكبٍ آخرَ لينصروا الدين، - 00:25:42ضَ

وبُشْرَيَاتُ نبينا -صلى الله عليه وسلم- من مقاصدها - 00:25:47ضَ

سَكْبُ هَذِه الطُّمَأنينة في قُلوبنا وأن نَّعلم أننا نُقَارِع في جَولَتنا - 00:25:51ضَ

ونُسَلِّم الراية لأبنائنا بحسن تربيتهم؛ ليستكملوا طريق النصر، والعاقبة للمتقين. - 00:25:56ضَ

أخطر ما يَحصُل في تربية الأبناء -أيتها الكريمة- - 00:26:03ضَ

والسبب الرئيسُ في ضياعهم وتحوُّلِهم إلى مصدر شقاء للوالدين - 00:26:06ضَ

هو نِسيان الوالدين لهذه المعاني؛ - 00:26:11ضَ

نِسيانُ أنَّ الأبناءَ وتربيتَهم - 00:26:14ضَ

يجب أن تكون من مشروع تحقيق الغاية العظمى: العبوديَّةِ لله. - 00:26:16ضَ

يتزوج الشاب والفتاة، وينجبان لأن الناس ينجبون لا أكثر، - 00:26:21ضَ

وأحيانا للاستمتاع بغريزة الأبوّة والأمومة، والاستِئْناسِ بصوت الأطفال في البيت، - 00:26:26ضَ

ثم ماذا؟ - لا شيء... - 00:26:32ضَ

أنتَ تبحث عما تهواه نفسُك وتستمتِعُ به أكثَرَ من أداءِ واجِبِك الأُسَرِيِّ، - 00:26:33ضَ

وأنتِ تبحثين عن تحقيق ذاتك ورسمِ قصة نجاحِك بعيدًا عن الأولاد. - 00:26:38ضَ

هذا النوع من الآباء والأمهات سيجِد نفسه يصطَدِمُ بأولاده، - 00:26:43ضَ

سيراهم عَقَبةً في طريق طموحاته أو هواياته؛ - 00:26:48ضَ

لأن أولادَه هؤلاء ليسوا جزءًا من طموحاته، - 00:26:51ضَ

وسينفعل ويتَأفَّفُ عندما يأخذون من وقته؛ لأنهم يُعِيقُونَه عن تحقيقِ مشاريعه - 00:26:55ضَ

التي ليسوا هم جزءًا منها، - 00:27:01ضَ

وهذا الانفعال والتوتُّر يُضاعِف الفشل في التربية. - 00:27:04ضَ

الأبناء الضائعون بين أبوَين لا يَجِدَانِ متعةً في تربيتهم - 00:27:07ضَ

سيبدؤون بعمل المشكلات، وستَتَوتَّر علاقتُهم بكما -أيها الأبوان، - 00:27:11ضَ

بل سيصبحون مصدرَ توتُّر العلاقات بينَكُما بصفتكما زوجين، - 00:27:17ضَ

فكلٌّ منكما يتِّهم الآخرَ أنه السببُ، - 00:27:21ضَ

وكلٌّ منكما يُلْقي بحِمْل الأولادِ الثقيل على الآخر، - 00:27:24ضَ

وأولادكما ينظرون، ويَحفُر في صدورهم أنكما تتعاملان معهم كحِمْل مزعج، - 00:27:28ضَ

بدلَ أن تستمتعا بالقربِ منهم. - 00:27:35ضَ

هُنَا ماذا يفعل كثير من الآباء والأمهات؟ - 00:27:37ضَ

يُقدِّمون أخطر رِشْوةٍ للأولاد؛ - 00:27:41ضَ

فيوفِّرون للأولاد ما يهْوَوْنَه حتى وإن كان ضارًّا بهم، - 00:27:44ضَ

ولسان حال الأب أو الأم: - 00:27:48ضَ

بُنيّ، أنا مشغول عنك، لا تأخذ من وقتي وذهني الكثير! - 00:27:50ضَ

ماذا تريد؟ أطعامًا؟ خذ! - 00:27:53ضَ

أحلوياتٍ ولو ضارة؟ خذ! - 00:27:55ضَ

أمصروفًا زائدًا ولو كان مُفْسِدًا؟ خذ! - 00:27:57ضَ

أموبايلا؟ أتابلت؟ أآيباد؟ خذ! - 00:28:00ضَ

أإكس بوكس؟ أبلاي ستيشن؟ خذ! - 00:28:03ضَ

خُذ ما تريد وارحل عني، لا تزعجْني! - 00:28:06ضَ

إِبَرٌ لِتَخدير نفْسِ الولد التي تَصرُخ من الجهل والفراغ الروحي - 00:28:09ضَ

مُطالبَةً بما يضُرُّها ولا ينفعُها. - 00:28:15ضَ

علّقت إحدى الأخوات على الحلقة الماضية قائلة: - 00:28:17ضَ

"زوجي طيب وملتزم، - 00:28:20ضَ

لكنه لا يُساهم في تربية أولادِه، إلا بتلبية رغباتهم وإرضائهم وملاعبتهم؛ - 00:28:22ضَ

حتى لا يُحسُّوا بالنقص عن غيرهم من الأولاد -كما يقول، - 00:28:29ضَ

محاولاتي لوضعِ هدف لهم وتلقينِهم للمبادئ وحثِّهم على الصلاة - 00:28:33ضَ

وتَجنُّبِ التَّفاهة وطلبِ العلمِ النافعِ - 00:28:37ضَ

تَجْعلني شريرةَ البيت ومُتسلِّطةً صارمةً - 00:28:40ضَ

في مقابل لينِه وحنانِه وإغراقِه في تَسْهيلِ حياتِهم وتبسيطِها، - 00:28:43ضَ

أُكابِدُ وما زِلْتُ، لكن هل أستمرُّ في هذا الدور الصعب وحدي؟ - 00:28:49ضَ

وإلى متى، والطفل ينجذب للترفيه والتّدليل، وينفر من الإلزام والإجهاد الذي أُمَثِّله؟" - 00:28:54ضَ

فنقول: نعم يا أختي الكريمة، - 00:29:01ضَ

استمري مع تنويع الأساليب ومَزْجِ ما تقومين به بالعَطْفِ وإظهارِ الاهتمام، - 00:29:03ضَ

واطلبي من زوجك الكريم أن يحضر الحلقة أيضا، - 00:29:09ضَ

ولكِ -بإذن الله- على صبرك وجهادِك الأجر العظيم. - 00:29:13ضَ

في مقابل الإهمال هناك الاهتمام المدمِّر، - 00:29:16ضَ

الخطورة أننا إذا قلنا للمرأة: اهتمي بأبنائك، - 00:29:20ضَ

ولم نشرحْ كيف يجبُ أن يكون هذا الاهتمام، - 00:29:23ضَ

فستظُنُّ أن احتراقَ أعصابِها لأَجْلِهم والتصاقها النفسيّ بهم هو الاهتمام المطلوب، - 00:29:26ضَ

وتَظُنُّ أن تفريغهم للدراسة دون إشراكِهم في واجباتِ البيت، - 00:29:32ضَ

وتسميعَ الدروس لهم والصُراخَ عليهم لِيحُلُّوا واجباتهم المدرسية، - 00:29:36ضَ

وتحمُّلَ مسؤولياتِهم عنْهم حتى على مستوى ترتيبِ الفراشِ، - 00:29:41ضَ

وقَتْلَ قدرتِهم على الاستقلالية: - 00:29:45ضَ

هو الاهتمامُ، وأنها بذلك أدَّت ما عليها تِجَاهَهم بَلْ وزيادة، - 00:29:48ضَ

وهي في الحقيقةِ تُفَرِّغُ شِحنةَ الإحساس بالمسؤولية في المكان الخطأ تمامًا، - 00:29:52ضَ

فتؤذي نفسها وتؤذيهم، وتَحسِبُ أنها تحسن صُنعًا. - 00:29:58ضَ

عندما يكون هدفُنا العبوديةَ لله، - 00:30:02ضَ

فإنَّ هذا الاهتمام سيتَّخذ الأشكال الصحيحةَ في بناء الإنسان، - 00:30:04ضَ

وبغير ذلك سيكون الاهتمام مؤذيًا. - 00:30:10ضَ

(أريد لابني أن ينجح في حياته): - 00:30:13ضَ

ما مفهوم النجاح؟ ما معايير النجاح؟ - 00:30:15ضَ

إن أردتِ أن تساعدي أبناءك في دراستهم فحببي إليهم العلم: - 00:30:18ضَ

عَلِّمِيهِم كيف يُنَظِّمُون جداولهم، وكيف يُفَكِّرُون في مسائلَ من هذا النوعِ، - 00:30:22ضَ

وكيف يُحَلِّلُون ويربطون، - 00:30:26ضَ

لا على طريقة (تعال سمّع لي)، وهي أشهر كلمة في ثقافتنا التدريسية، - 00:30:28ضَ

ثم بعد ذلك دعيهم يتحمِّلُوا مَسؤولية تقصيرهم في واجباتهم، - 00:30:33ضَ

ولا تَدَعي ذلك يُفسد علاقتَك بهم، أو يشحَنُ جوَّ البيت بالتَّوتر والصُّراخ. - 00:30:37ضَ

من أهمِّ مبادئ تربية أولادك -كونك أُمًّا- - 00:30:43ضَ

هو أن تَتَخَلَّيْ عن رحمتكِ المُؤذيَةِ وتَدَخُّلاتِكِ، - 00:30:46ضَ

وتُصبحي أكثر عَقلانِيَّة وهدوءًا واعتناءً بنفسك، - 00:30:50ضَ

لا أن تكوني أمًّا مُحترقة تعانين من التوتر والقلق تحت شعار (الاهتمام بالأولاد)، - 00:30:54ضَ

أعصابُك مشدودةٌ، وعلى أُهْبةِ الاستعداد، ومُستَنْزفَةً نفسيًّا، - 00:31:00ضَ

وسريعةَ الانفجارِ معهم ومع الزوج، - 00:31:04ضَ

فكم من امرأة بعد الإنجاب وبعد أن يَكبُر الأولاد قليلًا تصبح أمًّا فقط لا زوجة، - 00:31:06ضَ

تتوتَّر علاقتُها مع زوجها، فيرى أبناؤها -الذين يفترض أنها احترقت من أجلهم- - 00:31:12ضَ

يرون أمًّا فاشلةً في العلاقة الذاتيَّة مع نفسها ومع زوجها ومعهم، - 00:31:18ضَ

محترقةً متوترةً، فترسم الأم بذلك لأولادها وبناتها صورة بائسةً للحياة ولمؤسسة الأسرة، - 00:31:24ضَ

فينفِرون من الزواج الحلال بل ومن الإسلام الذي شَرَعَه وحَثَّ عَلَيْه وحَرَّم غَيره، - 00:31:32ضَ

ويبحث الأولاد والبنات عن الإشباع العاطفيِّ في العلاقات غير الشرعية؛ - 00:31:38ضَ

لأنهم لا يريدون تَكرار تجرِبة الزواج الفاشلة. - 00:31:43ضَ

- 00:31:47ضَ

شعار: (كوني شمعةً تحترقُ لتُضيءَ الدربَ للأولاد) شعارٌ خاطئ؛ - 00:31:48ضَ

ديننا يعلمنا «وَلِنَفْسِكَ عليكَ حقًّا... فأَعْطِ كلَّ ذي حق حقَّه» [صحيح البخاري]، - 00:31:51ضَ

وإذا احترقتِ فلن تُنيري حياة الأولاد، بل ستُسوِّدينَ برماد هذا الاحتراق حياتَهم. - 00:31:57ضَ

لا تحترقي! بل أضيئي حياتهم بتوازنك واطمئنانك، - 00:32:03ضَ

وأعطي نفسكِ حقَّها وَفق دوائر الأولويَّات التي تكلَّمنا عنها. - 00:32:07ضَ

انْبَسِطي مع نفسك ورَفِّهِي عنها، ثم انْبَسِطِي مع زوجكِ وأعطِيه حقَّه، - 00:32:12ضَ

وستنصلح أمورُ أولادكِ بعد ذلك بإذن الله. - 00:32:17ضَ

لا تُعلِّقي نجاحَك بنجاح أولادك فيما يفرِضُه المجتمع من معايير، - 00:32:20ضَ

مثل: الدراسة المدرسية والشهادة الجامعيَّة والعلامات، - 00:32:24ضَ

ولا تنشغلي بالآخرين ورأيِهم، وصورةِ أولادكِ أمامَهم - 00:32:28ضَ

على حساب نفسك وحظِّها من الخير، وأن يكون الله أولا في حياتكِ وحياة أولادك. - 00:32:31ضَ

كوني نَموذَجًا للتوازن والسعادة، - 00:32:38ضَ

فهذا يُعينُ أولادَكِ على نَجاحٍ حَقيقِيٍّ في الدين والدنيا، - 00:32:41ضَ

وأن يُنْشِئُوا هم أيضًا أُسَرًا متوازنةً سعيدةً. - 00:32:45ضَ

حسنًا، جعلتُ العبوديةَ لله هدفَ حياتي، - 00:32:49ضَ

وأنا مُهْتَمَّةٌ بِهداية أبنائي وعبوديتِهم لله وبآخرتِهم، - 00:32:53ضَ

أو أنِّي تَنبَّهْتُ لهذه المعاني بعدما كَبُرَ أولادي، - 00:32:58ضَ

وحاولت أن أتَدارك ما فات، لكنَّ أولادي لا يستَجِيبون، - 00:33:02ضَ

وأنا أشعرُ الآن بالإحباطِ والفَشَلِ مما يؤذي نفسي. - 00:33:06ضَ

هنا تأتي الشريعة لتُرسّم الحدود، وتمنع هذا الاهتمام من أن يطغى على اهتمامكِ بنفسك، - 00:33:10ضَ

وتمنعُكِ من إحراق نفسك حسرةً عليهم؛ - 00:33:17ضَ

فإنَّ ذلك يؤذيكِ، ثم يعود بالأذيَّة على أولادكِ؛ - 00:33:20ضَ

إذ لن تكوني قويةً متماسكةً في مُحاوَلَةِ إنقاذِهم، - 00:33:23ضَ

هنا يأتيكِ كتابُ الله ليقول: - 00:33:28ضَ

﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ - 00:33:30ضَ

وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ﴾ [القرآن 28: 56]، - 00:33:32ضَ

وليُذَكِّركِ بأن نبيَ الله نوحًا لم يستطع أن يُنقِذَ ابنَه، - 00:33:35ضَ

وقضاءُ الله نافذٌ، - 00:33:40ضَ

فلا يَطغَ الاهتمام بابنكِ أو ابنتك على اهتمامك بنجاة نفسكِ، - 00:33:42ضَ

مَن انحَرفَ ابنُها أو ابنتُها أو عاشوا حياة الغافلين، - 00:33:47ضَ

فصحيح أن عليها أن تراجعَ نفسها وتُفَكِّرَ ما الأسبابُ يا تُرَى، - 00:33:51ضَ

وتَسعى إلى تداركِ ما فاتَ، وتُصْلِحَ فيما تبقى قَدْرَ الإمكان، لكن دون إحباط، - 00:33:56ضَ

ومع حذرٍ شديد من أن يدخل الشيطان إلى قلبها من باب محاسبة النفس، - 00:34:01ضَ

ومن ثم المبالغة في جَلد الذات. - 00:34:06ضَ

قد تقولين: أنا مقتنعة عقليًّا بما تقول، لكن نفسيًّا، لا أجد نفسي مع زوجي وأولادي، - 00:34:08ضَ

وإنما في العمل التطوعي أو التثقيفي أو حتى العمل الدّعوي، أليست هذه أهدافا سامية؟ - 00:34:15ضَ

فنقول -يا كريمة: - 00:34:21ضَ

يعلِّمُنا دينُنا أن أحدنا لا يعمل ما يستمتع به فقط؛ بل ما يَجب عليه، - 00:34:22ضَ

ومن الهوى أن تُخالفي سُلَّمَ الأولويات، وتُقدِّمي محبوبَ نفسك على محبوبِ الله، - 00:34:28ضَ

حتى وإن كان ما تحبينه طاعةً، - 00:34:34ضَ

وهذا من معاني قول الله -تعالى: - 00:34:37ضَ

﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ ۝ - 00:34:39ضَ

فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ﴾ [القرآن 79: 40-41] - 00:34:43ضَ

شرعُ الله الذي يأمركِ أن تَرْعَيْ أبناءَك وتُغَالبي نفسَك في ذلك - 00:34:45ضَ

إن كنتِ لا تجدين متعةً في هذه الرعايةِ والتربية، - 00:34:50ضَ

هو ذاته شرعُ اللهِ الذي يأمر ابنَكِ أن يرعاكِ عند كِبَركِ ويغالبَ نفسَه، - 00:34:53ضَ

حتى وإن كان لا يَجِد نَفْسَه ومُتْعتَه في خدمتكِ وتلبية حاجاتكِ، ويجِدُ ذلك مُمِلًّا بالنسبة له، - 00:34:59ضَ

حتى وإن كان يريد أن ينشغل عنك بطاعةٍ. - 00:35:07ضَ

نبينا -صلى الله عليه وسلم- - 00:35:10ضَ

قال لمعاوية السلمي الذي جاء يريد الخروج للجهاد مع النبي: - 00:35:12ضَ

«وَيْحَكَ! الزَمْ رِجْلَها فثَمَّ الْجَنَّةُ» يَعنِي أُمَّه، [سنن ابن ماجه] - 00:35:16ضَ

وجُرَيْجٌ العابدُ ابتَلاه الله لأنَّه شَغَلَ نفسَه بصلاته - 00:35:20ضَ

عن نداء أمه كما في البخاري ومسلم، - 00:35:24ضَ

وأُويسٌ القَرنيّ مَنَعَه من نيل شرفِ الهِجرة إلى النبي وصحبتِه - 00:35:27ضَ

بِرُّه بأمه ولزومُ خدمتِها. - 00:35:31ضَ

الأعمال المذكورة في هذه الأحاديث الصحيحةِ - 00:35:33ضَ

-جهاد الطلب (أي الفتوحات)، وصلاة النّافلة، والهِجرةُ- هي من أشرفِ الأعمال - 00:35:36ضَ

لكنَّ الله قدَّم عليها بِرَّ الأُمِّ، - 00:35:41ضَ

ولَعَلَّ أصحابَها كانوا مِمَّن تعتمد عليهم أمَّهاتهم. - 00:35:44ضَ

اللهُ الذي يأمرك أن تَرعَيْ أولادكِ وتُحَقِّقي عبوديَّتَكِ في ذلك - 00:35:48ضَ

هو الذي يأمرهم أن يبرُّوك عندما تَكْبُرين، ويُحقِّقوا عزَّ عُبوديَّتهم في الذلِّ لك: - 00:35:52ضَ

﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ﴾ [القرآن 17: 24]، - 00:35:57ضَ

ولنا عِبْرةٌ فيما يَحصُل بكبار السن في أوروبا - 00:36:00ضَ

مع وباء فيروس كورونا وما يتعرضون له من إهمال، - 00:36:04ضَ

وأيقني -أختي- أنكِ إن قدمتِ محبوبَ الله على محبوب نفسكِ - 00:36:08ضَ

ومارستِ بِناءَ الإنسان بهذه الأهداف العظيمة وعلى أُسُسٍ تربوية سليمة، - 00:36:12ضَ

فإن الحِمْلَ سينقلب إلى متعة ورضا عن النفس واحترام لِلذَّاتِ، - 00:36:17ضَ

أكثرَ من أية متعة أخرى يمكن أن تُحصِّليها. - 00:36:23ضَ

هل علمتِ -يا كريمة- ما معنى تربية؟ - 00:36:26ضَ

رحلة طويلة تحتاج صَبْرًا؛ - 00:36:29ضَ

فهي بناء الإنسان الذي يستحقُّ الخلود في جِوار الله بدَلَ أن يكون وقود جهنم - 00:36:31ضَ

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [القرآن 66: 6] - 00:36:37ضَ

ابنك أو ابنتك وقايةٌ لك من النار - 00:36:43ضَ

«مَنِ يلي مِنَ هَذِهِ البَنَاتِ شَيْئًا، فأحْسَنَ إلَيْهِنَّ كُنَّ له سِتْرًا مِنَ النَّارِ» (صحيح البخاري)، - 00:36:46ضَ

ابنك وابنتك امتدادٌ نافعٌ لك بعد مماتك - 00:36:51ضَ

«إِنَّ اللَّهَ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ - 00:36:54ضَ

فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مِنْ أَيْنَ لِي هَذَا؟ - 00:36:58ضَ

فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ» [فتح القدير] - 00:37:00ضَ

وهو -وهي- مع هذا كُلِّه قُرَّة عين لكِ في الدنيا إن أحسنتِ تربيتَهما. - 00:37:02ضَ

طريق ليست بالسهل، لكنّ ثماره عظيمة جدًا. - 00:37:09ضَ

قد تتعثرين أحيانًا، ويثقل الحمل عليكِ أحيانًا، - 00:37:12ضَ

لكن: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (القرآن 29: 69)، - 00:37:16ضَ

الله معكِ، يجبر نقصك ويعينك، - 00:37:23ضَ

فـ«سددوا وقاربوا وأبشروا» [الصحيحين]، - 00:37:26ضَ

إنه مقامٌ عظيمٌ، بحيث لما سأل السائل: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ - 00:37:28ضَ

قال نبيكِ -صلى الله عليه وسلم: «أُمُّكَ» - 00:37:34ضَ

قال: ثم من؟ قال: «أُمُّكَ» - 00:37:37ضَ

قال: ثم من؟ قال «أُمُّكَ» - 00:37:39ضَ

قال: ثم من؟ قال «أَبُوكَ» [صحيح ابن حبان] - 00:37:41ضَ

﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ... - 00:37:43ضَ

إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا... - 00:37:48ضَ

فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ۝ - 00:37:52ضَ

وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ (القرآن 17: 23-24) - 00:37:58ضَ

وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا - 00:38:05ضَ

والسَّلام عليكم ورحمة الله. - 00:38:09ضَ