السلام عليكم - 00:00:00
- لماذا أُنجب أصلا وأتحمَّل تعب الأولاد؟! - 00:00:01
هل لمجرَّد أن أبدوَ طبيعيةً كباقي الناس؟! - 00:00:04
- هل الأولاد نعمةٌ حقا، وهم في صغرهم مصدرُ إرهاقي وشدِّ أعصابي، - 00:00:07
ثم إذا كَبِروا قليلًا عاشوا في عالمِهم الخاصِّ بعُزْلة عني، - 00:00:13
ثم إذا استقلُّوا وتركوا البيت - 00:00:17
تركوني لحُزني واكتئابي ولزوج ٍتوتَّرت علاقتي به لأجلهم؟! - 00:00:19
- هل يُعقلُ أن أرسلَ أبنائي للمدرسة، حتى إن أحسست أنها لا تقومُ بدورها، - 00:00:25
لكن من قبيل أن أرتاح من إزعاجهم لبضع ساعات أراعي فيها شؤوني قليلًا؟! - 00:00:31
- تقولون: إنَّ من أهمِّ أعمال المرأة تربيةَ أبنائها، التربية فقط؟! - 00:00:37
قدراتي وطاقاتي ووقتي ومواهبي أشغلُ معظم ذلك بالتربية فقط؟! - 00:00:41
- ألا يكفي أني وضعتُ أولادي في مدرسةٍ نصرفُ عليها مبالغَ ضخمة؟! - 00:00:47
-إذا أردتُ أن أُبرِّئ ذمَّتي تِجاه أولادي، - 00:00:51
ما الأمور التربويَّة التي يمكن أن أذهبَ بها إلى المدارس عند تسجيل أبنائي، - 00:00:54
وأسألَهم عن برامجهم لتحقيقها؟ - 00:01:00
- ما هي قِصَّة الطبيبَيْن اللذَيْن كانا يعطيان مرضى السرطان ماءً ومِلحًا؟ - 00:01:03
وما علاقة ذلك بالتربية؟ - 00:01:08
- تُحذِّروننا من الألعاب الإلكترونية - 00:01:10
وتوفيرِ الهواتف للأولاد يفتحون فيها ما شاءوا، - 00:01:12
حسنًا وكيف أملأ فراغَهم؟ - 00:01:16
هل المطلوب أن أَملأ فراغَهم كلَّه بنفسي وأنسى حالي؟ - 00:01:18
-ماذا إذا كنت لا أجد نفسي في زوجي وأولادي، - 00:01:22
وإنما في العمل الَّتطوعي والتَّثقيفي بل والدَّعوي؟ - 00:01:25
أليستْ هذه أهدافًا سامية؟! - 00:01:28
- زوجي لا يتعاون معي على تربية أولادنا، - 00:01:31
هل من العدل أن أتحمَّل الحِملَ وحدي؟! - 00:01:34
- حاولتُ أن أصلحَ ابني أو ابنتي لكنه ضلَّ وانحرف، - 00:01:37
وأنا مُحبَطةٌ حزينةٌ عليه، فماذا أفعل؟ - 00:01:41
- لماذا يظهرُ موضوعُ التربية عميقًا وليس بالسهل؟ - 00:01:45
أليست المسألة أيسر من ذلك، وكلُّ مولود يولد على الفطرة؟! - 00:01:48
بداية القصة -يا كرام: - 00:01:53
خلق الله الخلق لغاية، - 00:01:55
العبوديةُ لله بمفهومها الشامل الذي تكلَّمنا عنه المرَّة الماضية، - 00:01:57
هذه العبودية تحتاج نفوسًا شريفةً، - 00:02:03
عبَّر عن تشريفها الحفاوةُ باستقبال الإنسان وسجودُ الملائكة له - 00:02:06
ثم تسخيرُ كلِّ شيء لخدمته، - 00:02:11
﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ - 00:02:14
إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (القرآن 45: 13) - 00:02:19
كلُّ شيءٍ هو لأجلك وفي خدمتك؛ - 00:02:22
لتحقِّقَ هدفَ وجودِك من العبودية لله بمفهومها الشامل. - 00:02:25
ستحتاج لاكتساب صفات الشرف والكرامة لتَرقَى نفسُك لمهمة العمل للغاية العظمى، - 00:02:30
ولتحصيل العزة والتمكين والاستخلاف اللائق بأولياء الله، - 00:02:35
لذلك: ﴿مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ﴾ (القرآن 17: 15)، - 00:02:40
فأنت المستفيدُ في عمليَّةِ تأهيلها هذهِ، - 00:02:44
بالإضافة إلى النعيم المقيم في جنات الخلود. - 00:02:47
في المقابل: من تَغافل عن غاية وُجودِه ونَسِيَ ربَّه حُرِم هذا الشَّرفَ - 00:02:50
﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ﴾ (القرآن 59: 19) - 00:02:56
أنساهم أن يعملوا لخير أنفسهم وأن يُزكُّوها - 00:03:00
ويَبْنوا منها إنسانًا يعمل للغاية العظيمة التي أُوجِد من أجلها. - 00:03:04
عندما أستحضر أن غاية وجودي هي العبودية لله - 00:03:10
وما يَتْبعها من نَعيمٍ فإنَّ أفعالي كلَّها تَصُبُّ في تحقيق هذه الغاية، - 00:03:13
حتى الأفعالُ الفطريَّةُ كالزّواج والإنجاب، - 00:03:18
ومن جمال العبوديّة لله أنها تُعَزِّز لنا الاستمتاع الفطريَّ بنعمة الأولاد - 00:03:21
﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ... - 00:03:27
وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ (القرآن 25: 74) - 00:03:32
قرةَ أعينٍ في الدّنيا وفي الآخرة، - 00:03:35
مقابلَ الذين نسوا اللهَ فانقَلبتْ قرةُ العينِ عذابًا - 00:03:37
﴿فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ۚ... - 00:03:42
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا... - 00:03:45
وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ (القرآن 9: 55) - 00:03:50
أبنائي امتدادٌ لمشروعي بعد وفاتي؛ - 00:03:52
«أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» (صحيح مسلم)، - 00:03:56
لكنْ حتى يكونوا كذلك لا بدَّ من أن أبنيَ فيهم الإنسانَ الشريفَ الكريم - 00:03:58
كما أحبَّ اللهُ له أن يكون، - 00:04:03
وهذه هي التربية، - 00:04:05
كل هذا يجعل أبنائي وتربيتَهم في بُؤرَة اهتماماتي، فيصبحون أهمَّ مشاريعي. - 00:04:07
تبدأ المشكلة إخواني إذا نسينا الغاية العظمى من العبودية لله في هذا كلِّه، - 00:04:13
ولما كانت هذه الكلمةُ هي ضمنَ سلسلةٍ لكِ أنتِ -أيتها المسلمة- - 00:04:19
فسيكون تركيزُنا فيها على نفسكِ أنت؛ - 00:04:23
دورِها في التربية، - 00:04:26
لأنَّها ضمنَ دائرة النجاح في الأساسيات التي تكلَّمنا عنها - 00:04:28
قبل أن تنطلقي لمحاولة النّجاح والبحث عن الذات في مجالاتٍ أخرى - 00:04:33
تائهةً عن خارطة الأساسيات والأولويات التي تكلَّمنا عنها. - 00:04:38
التربية مسؤوليةٌ مشتركةٌ من الزوجين. - 00:04:42
ماذا إن قَصَّر الأب؟ - سنجيب، - 00:04:45
لكن حديثنا الآن هو لك أنت أيتها الكريمة، - 00:04:47
كثيرٌ من النساء عندما تسمع كلمة (تربية)، لا تَجِد لها وقعا كبيرًا في حسِّها. - 00:04:51
- تربية؟! أولادي يذهبون للمدارس، - 00:04:57
وقد حرصتُ أن أسجلهم في مدارسَ محافظةٍ وبيئات آمنة نسبيًّا، - 00:04:59
سيتربّون كما تربيتُ أنا، ماذا عليَّ أكثر من ذلك؟ - 00:05:04
حسنًا، تعالي نستعرض معًا ماذا تعني التربية، - 00:05:07
ثم نرى إن كان ابنُك يحصِّلُها في المدارس أو المجتمع حقًّا: - 00:05:11
التربية: تعني أن تُنشِّأ أبناءك على معاني الحياء والشهامة والنخوة والرحمة والكرامة - 00:05:15
والعِزَّةِ ورفضِ الظلم، والغضبِ لله، والغيرةِ على الحرمات، والنهيِ عن المنكر، وقوّةِ الشَّخصية، - 00:05:21
في هذا العالم الذي يحاول سحقَ هذه المعاني بكل الوسائلِ، - 00:05:28
ومنها التَّعليمُ والإعلامُ والرسوم المتحركة والألعابُ الإلكترونية - 00:05:32
بما فيها من إيحاءات مدروسةٍ تَهدِم الحياء وتُنمِّي العنف. - 00:05:36
التربية: تعني أن تعلِّمي ابنَك كيف يفكر، وكيف يطرحُ الأسئلة الصحيحة، - 00:05:41
وكيف يعبر عن نفسه، وكيف يميِّز بين العلم الحقيقيِّ والعلم الزَّائف، - 00:05:46
وكيف يَنقُد الأفكار التي تُعرَض عليه، - 00:05:51
كيف يعرف المغالطات في النقاش، التي يستخدمها المبطلون ليُشكِّكوه في دينه. - 00:05:53
وكيف يَتحقَّقُ من المعلومة. - 00:05:58
التربية تعني: أن تُعيني ابنَك وبنتك على اكتشاف نفسه، واستثمار جوانب قوته، - 00:06:00
ومن ثَمّ على اختيار الأهداف التي تُناسب قُدُراتِه وظُروفَه - 00:06:06
ويُساهم بها في إعزازِ أمَّته. - 00:06:11
أن تُعَلِّمي الولدَ أن: كُن نفسك، تَقبَّل نفسك، لا تَتَقَمَّصْ شخصيَّة غيرك، - 00:06:14
ولا تُحسَّ بالفشل إن لم تُحقِّق ما حقَّقه غيرُك، - 00:06:19
ولا ترسم أهدافًا لا تناسبك؛ فلكلٍّ شخصيته، - 00:06:23
لأنَّ ابنكِ بغير ذلك لن يقنع ولن يسعد. - 00:06:27
التربية تعني: أن تَدُلِّي أبناءَك على الإجابات عن الأسئلة الوجودية الكبرى: - 00:06:31
من أنا؟ من خلقني؟ إلى أين المصير؟ ما الغاية من وجودي؟ لماذا أنا مسلم؟ - 00:06:36
ما الأدلَّة على أن القرآن من عند الله؟ - 00:06:42
ما الأدلةُ على نبوة محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-؟ - 00:06:44
كيف حُفِظ القرآنُ والسُّنَّة اللذان أرجعُ إليهما في حياتي؟ - 00:06:48
التربية تعني: ألا يصير عُمُرُ الولَدِ اثنتين وعشرين سنة - 00:06:52
أَمْضى منها ثماني عشرة سنة في المدارس والجامعات، وهو لا يعرف إجابة هذه الأسئلة، - 00:06:55
بل ولا يعرف كيف يُفكِّر؛ - 00:07:01
فكلمة تأتي به وكلمة تُذْهِبُه، - 00:07:03
ومقالٌ تافهٌ أو مقطع فيديو يَخْلَعه من دينه بكل سهولة، - 00:07:05
ويناقشُ بكل سذاجة فاقِدًا لأدنى مقوِّمات التفكير الصحيح - 00:07:09
والنقاش العقلاني والنَّقد العلمي، وهو مغرورٌ بظنه أنه متعلم، - 00:07:15
بل ربما مهندس أو طبيب أو دكتور جامعي. - 00:07:19
التَّربية تعني: أن تربطي أبناءَك وبناتك بالرموز الحقيقية في تاريخهم الإسلامي، - 00:07:23
وتُعَرِّفِيهم بتاريخ أمَّتهم؛ - 00:07:28
ليعلموا أن لهم جذورا عميقةً ويعتزُّوا بها، - 00:07:30
بدل أن يكونوا طَحالبَ إِمَّعَاتٍ، مقلِّدين للزُّناة والمخمورين - 00:07:34
وتائهي مشاهيرِ مواقعِ التواصل الاجتماعي في لِبَاسِهم وقَصَّاتِ شعرهم وحركاتِهم. - 00:07:38
التربية تعني: تعويد ابنك أن يطرح سؤال: - 00:07:43
(لماذا أفعل ذلك؟) في كل ما يفعل؛ - 00:07:46
فهو ليس قَطيعِيًّا مُقلِّدًا تقليدًا أعمى. - 00:07:48
التربية تعني: أن تُنَمِّي في طفلك مَلَكَةَ التنبُّؤُ بالمُدْخَلَات؛ - 00:07:50
فينتبهَ لحيلِ وسائل الإعلام وطُرُقِها في محاولة إعادة صياغة نفسِيَّتِه وقِيَمِه، - 00:07:55
وأذكر كيف كان أبي -رحمه الله- يُنَبِّهُنَا على ذلك بمناقشة بعض ما نشاهد، - 00:08:02
وكان لذلك أثرٌ كبيرٌ. - 00:08:08
التربية تعني: أن تُحبِّبي إلى ابنك وابنتِك طلبَ العلم النافع في كل المجالات، - 00:08:10
وإمساكَ الكتبِ ومتابعةَ السلاسل، وشعارهم: (احرصْ على ما ينفعُك)؛ - 00:08:15
ليَشعروا بالامتلاء العقلي والروحي - 00:08:21
بدل الفراغ الذي يَدفَعُهم إلى متابعة توافهِ الـ(youtubers) - 00:08:23
أو الإدمانِ على المقاطع الإباحية، أو العيشِ في وهم الألعاب الإلكترونية. - 00:08:27
التربية تعني: أن تُولّدي لدى ابنك الحافزية ليتعلم ما يعينه على إتقان أدوات عصرِه؛ - 00:08:32
ليكون مؤثِّرًا وناجحًا بصفته مسلمًا؛ فيتعلَّم استخدام التقنية وإدارةَ المال - 00:08:38
ومهاراتِ الإقناع ومهاراتِ القيادة والعملَ في فريق. - 00:08:43
التربية تعني: أن تربطي أبناءك بالصحبة الصالحة، - 00:08:46
وتبحثي لهم عن رِفَاق الخير بحثًا، حتى وإن احتجتِ أن تعملي علاقاتٍ مع أمهات؛ - 00:08:50
لِتُوَفِّري المحاضنَ الآمنة ورِفَاقَ الصلاحِ لأبنائك. - 00:08:56
التربية تعني: أن تُعَلِّمي أبناءك وبناتِك ما نبثُه هنا - 00:09:00
من حقوق كل فردٍ من أفراد الأسرة وواجباته وأولوياته، - 00:09:04
وتُعَلِّمي ابنك أن يصل إخوانه ويحنَّ على أخته. - 00:09:08
التربية تعني: أن تعلمي أولادك الجِدِّيَّةَ وتَحَمُّلَ نتائج أفعالهم - 00:09:12
وتَوَقُّعَ الألم في الحياة والتعامُلَ معَه بصبرٍ ورضا، - 00:09:16
وأنهم ليسوا في هذه الحياةِ للراحة والرُّكونِ إلى الدنيا، - 00:09:20
وأَنَّها دارُ بلاءٍ لا دارُ جزاءٍ. - 00:09:25
التربية تعني: أن تربطي أبناءَك بالقرآن، وتُنَمِّي لديهم مَلكة فَهمه والاستدلال به، - 00:09:27
مما سيتطلب منك تحبيب اللغة العربية إليهم. - 00:09:33
التربية تعني: أن تُعَلِّمي أبناءَكِ أن شَرْع الله حاكمٌ على حياة المؤمن، - 00:09:37
وألا يَعْتَرفوا بأيَّة مرجعيةٍ غيرِه - 00:09:42
في زمنٍ يُرادُ لدين الله أن يُحصَرَ في شعائرَ محدودةٍ، - 00:09:45
ويكونَ التّقديسُ والتّعظيم لأهواء البشر. - 00:09:49
التربية تعني: أن تجعلي أعظمَ قيمة لدى أبنائك توحيدَ الله، تعظيم الله، - 00:09:52
ومحبةَ الله ورسولِه لتكون فوق كلِّ محبَّة، وتُجَنِّبِيهِم ما يشوبُ التوحيد. - 00:09:58
التربية تعني: أن تُعَلِّمي أبناءك الانتماء إلى أمتهم الإسلامية، والاهتمامَ بأحوالِها، - 00:10:04
وتحويلَ الهَمِّ لها إلى العمل بإيجابية دون يأس ولا إحباط. - 00:10:10
التربية تعني: بناء العلاقة الوطيدة مع أبنائك، والمحبَّةَ والثقةَ والاهتمامَ بهم، - 00:10:15
وسَماعَ مشكلاتِهم والصداقةَ معهم، وبغيرِ ذلك لن تحققي الأهداف التي ذكرنا. - 00:10:21
التربية تعني: أن تَتَعَرَّفِي على خصائص كل مرحلة عُمُريَّة لأبنائك وما يلزم لها، - 00:10:27
مع تنويع الأساليب: كالقصة واللعبة والنشاط الجماعي. - 00:10:33
التربية تعني: أن تُعِينِي ابنَك وابنتك على معالجة المشكلات - 00:10:37
التي تَعْرِضُ لهم في طريق بناء شخصياتهم، - 00:10:41
كما تحرصين على علاج أمراض أجسادهم، بل أكثر. - 00:10:45
التربية تعني: أن تكوني قدوةً عمليةً؛ - 00:10:48
تَتَمَثَّلين هذه المعاني كلَّها في ذاتك قبل أمر أولادك بها، - 00:10:50
فدمعةٌ صادقةٌ منك عند قراءة آية، أو ذِكْر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - 00:10:55
ستفعل فِعْلَها في قلبِ أولادِك أكثرَ من ألف درس دين في المدرسة. - 00:11:01
إصرارُكِ على ولدك أن يَقوم إلى صلاة الفجر أكْثرَ من إصرارك عليه أن يقوم إلى المدرسة - 00:11:06
يَبْنِي تَعظيمَ اللهِ في قلبه ويجعلُ اللهَ أوَّلًا في حياته بالفعل، - 00:11:11
وأَداؤُكِ لِدَوْركِ في غياب والدهم كما هو في وجوده - 00:11:17
يعلّمهم أن يجعلوا مراقبة الله نُصب أعينهم. - 00:11:21
بِرُّكِ بوالديك وخدمتُهما، - 00:11:24
وقراءتك كُتُبًا منهجية أمام الأولاد ومعهم وعدم الاقتصار على متفرقات مواقع التواصل، - 00:11:26
تَجْعَلُهم يَأْلَفون القراءة، - 00:11:33
ولن تحتاجي بعدها أن تملئِي وقتهم بنفسك، ما دمتِ قد وضعتِ قدمهم على الطريق. - 00:11:34
في المحصلة، التربية تعني: أن تبني الإنسان الذي يعمل لغاية: - 00:11:41
تحقيق العبودية بمفهومها الشامل لصلاح الدنيا والآخرة. - 00:11:47
أعرفتِ يا كريمة ما معنى التربية؟ وما معنى بناء الإنسان؟ - 00:11:53
أعرفت ما معنى: «وهي مسؤولة عن رعيتها»؟ [مسند أحمد]، - 00:11:57
ومعنى قولِ نبيِّنا في الحديث الذي أخرجه البخاري، - 00:12:00
-وهو حديث مخيف يُشعرك بعِظم المسؤولية: - 00:12:04
«ما مِنْ عَبْدٍ استَرْعاهُ اللهُ رعِيَّةً فلم يَحُطْها [بِنَصِيحة]... - 00:12:08
إلا لم يجد رائِحةَ الجنة» [صحيح البخاري] - 00:12:13
انظري إلى التعبير النبوي: "فَلَمْ يَحُطْهَا [بِنصيحة]"، - 00:12:16
مطلوبٌ منك أن تحيطي أولادك من كل مكان، - 00:12:19
ليس بكثرة النصائح والانتقادات؛ فهي تُحدِث السآمة والنفور من أولادك تجاهك، - 00:12:22
وإنما بالقُدوة العمليِّة والتّوجيهاتِ، عند الحاجة، وحمايتكِ لهم مما يَضُرُّهم، - 00:12:27
وحَزمُك في ذلك مع عَطْفِكِ ووُدِّك، - 00:12:33
تُحيطينهم حتى تحميهِم من سِهام الشهوات والشبهات التي تأتيهم من كل حَدْبٍ وصَوْبٍ. - 00:12:36
أنتِ المُؤَهَّلةُ لبناء هذا كلِّه في ابنك، - 00:12:42
وأنتِ المؤهَّلة لترسيخِ الأمانة في قلوب أبنائك بسلوكك العملي، - 00:12:45
كما في حديث حذيفة بن اليمان قال: حدثنا -يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم: - 00:12:50
«أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ. - 00:12:56
ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، ثمَّ علموا مِن السُّنَّة» [صحيح البخاري]. - 00:12:59
الأمانةُ: الصدقُ مع النفسِ، - 00:13:02
التي إن رسَّخْتِها في قلوب أبنائك نَفَعَهم القرآن والسنة، - 00:13:04
وإنْ لمْ تَزْرعِيها لم ينفعْهم شيء، وكانوا أرقاما في ظاهرة الغثائية والنِّفاق. - 00:13:09
سفيان الثوري قالت له أمُّه: - 00:13:14
(يا بنيَّ، اطلب العلم وأنا أكفيك من مغزلي... - 00:13:16
-أي أَحِيكُ الملابسَ وأبيعُها وأنفقُ عليك، لكن أنت تفرغْ لطلب العلم- - 00:13:19
يا بنيّ، إذا كتبتَ عشرةَ أحاديث فانظر... - 00:13:24
هل ترى في نفسك زيادةً في مَشْيِكَ وحِلْمك ووَقارك -أي في الأخلاق- - 00:13:27
فإن لم ترَ ذلك فاعلم أنه يضرّك ولا ينفعك). [تاريخ جرجان للسهمي: 449-450]، - 00:13:31
لم تَقُلْ له هاتِ علامةً لكي نفاخرَ بك، وتكونَ أحسنَ من ابنِ عمِّك، - 00:13:35
وإنما أُريدُ للعلم أن يؤثِّر في أخلاقكَ: تُعلِّمُه أمانةَ العِلْمِ. - 00:13:39
نشأ الإمام أحمد بن حنبل والشافعي يتيمَين، - 00:13:43
وتولَّت أمُّ كلٍّ منهما تربيتَه، - 00:13:46
فَأصْبَحَا من سادة الأمة في العلم والعمل، - 00:13:49
أنت المُؤَهَّلة لهذا كله لأنهم أبناؤكِ، - 00:13:52
ولنْ تعوِّضَ المدرسة ولا الحضانة ولا الروضة ولا الشغالةُ عنك أنت؛ - 00:13:55
فليست النائحةُ الثكلَى كالمستأجَرَة، - 00:14:00
فلا تستغربي حين كرَّم الإسلام الأمَّ وجعلَ الجنة عند رجلها. - 00:14:03
تصوري بعد هذا كلِّه لمَّا كنتِ تَقولين لنفسك: (التربية فقط؟!) - 00:14:07
وتضعي بعد سؤالك استفهامًا وتعجُّبًا، - 00:14:11
بينما كلمتُك هذه بحاجة إلى ألف تعجب. - 00:14:13
كلُّ هذه الأركانِ لتربية النفس البشرية - 00:14:17
أصْبَحت الثقافةُ السائدةُ أنها تجيء تلقائيًّا وليس ضروريًّا أن نتعلمها، - 00:14:19
بينما نصرف للشهادات الجامعية عشرين سنةً من حياتنا، - 00:14:25
وأكبر رسالة سلبية نوصلها لأولادنا بذلك - 00:14:30
أنَّ العبوديةَ لله بمعناها الشَّامل ليست هدفَ حياتِنا، - 00:14:34
وهم يتَشَرَّبون هذه الغَفْلَةَ يوميًّا مِن سُلُوكِنُا، - 00:14:39
يُعَبِّر عن ذلك تعليقُ إحدى الأخواتِ على حلقةِ: (المرأة والبحث عن الذات)، - 00:14:42
إذ قالت: "أعتبر نفسي ضحيةَ هذا التفكيرِ، - 00:14:47
فتربيتي كانت على هذا: - 00:14:50
(ذَاكَرِي فقط -أي ادرسي فقط- - 00:14:52
لا نريد منك إلا الانْكباب على الكتاب لتَحْصُلِي على أعلى الدرجات - 00:14:54
وتدخلي كليَّةً مميزة)، - 00:14:59
دخلتُ ثم تزوجتُ بدون أي تأسيس أو تعليم لكيفية إدارةِ البيت - 00:15:01
أو التعاملِ مع الزوج أو تربيةِ الأبناء، - 00:15:07
وفوقَ كلِّ هذا إحساسٌ قاتل بالذنبِ؛ لأني لم أكمل دراساتٍ عليا بعد الجامعة، - 00:15:10
الأهلُ يوصلون رسائلَ أن قيمتَك فيما وصلت إليه من مَركَزٍ - 00:15:17
وما حقَّقْتِه من إنجازٍ في مجال العمل، - 00:15:22
أما بيتُك فهذا تحصيل حاصل؛ كلُّ النساء يفعلنه؛ - 00:15:24
لا يُهمُّ كيف ولا يُهمُّ النتيجة، المهم أن نفتخر بك". - 00:15:28
إذن: "أما بيتك فتحصيل حاصل، كل النساء يفعلنه، المهم أن نفتخر بك" - 00:15:33
والأخرى تعلق بأن زوجها يُعَيِّرُها: لماذا لا تكونين كفلانة تشتغل وتأتي بالمال؟ - 00:15:39
البيت والأولاد؟! كلُّ الزوجاتِ عندهنَّ بيت وأولاد. - 00:15:44
تصوري كم عُمل فينا حتى تشوّهت عبارة (عَمَل المرأة في بيتها). - 00:15:47
وانحصرتْ في أذهاننا بالجمادات من المَجلى والغسَّالة والمِكنسة و الثلاجة. - 00:15:52
حين نسمعُ باستمرار عن أبناء -وبعضهم من عوائل تُصَنَّفُ على أنها ملتزمة- - 00:15:58
يُلحدون أو يميلون للشذوذ، وآباؤهم يتعجبون. - 00:16:03
من ماذا تتعجبون؟ - 00:16:07
هل حصَّنتم أبناءَكم وأحطتموهم بنصحكم كما أمر نبينا -صلى الله عليه وسلم؟ - 00:16:08
أم أنَّ أعداءَكم زرعوا في أبنائكم وأنتم غافلون؟ - 00:16:14
فها هم أعداؤنا يحصدون. - 00:16:18
هلا تقولين لي -حضرتك: المدارسُ، كم من هذه الأهداف تُحقِّق؟ - 00:16:20
بل هل هي تحقق هذه الأهداف أم تُدمِّرها؟ إلا من رحم ربي من معلمٍ هنا أو معلمة هناك. - 00:16:26
ولتطبيق عملي: إذا ذهبتِ لتُسَجِّلي ابنَك أو ابنتك في مدرسة، - 00:16:33
فأرجو أن تأخذي معك قائمة الـ21 مقوما من مقوِّمَات التربية التي ذكرناها، - 00:16:38
وتسألي المسؤولين في المدرسة: - 00:16:44
هلا تقولون لي كم من هذه الأهداف تُحقّقون؟ - 00:16:46
وما البرامج والأساليب التي تستخدمونها لتحققوها؟ - 00:16:49
من سنوات اكتُشِفَت حالةٌ لطبيبين في أحدِ المستشفيات الحكومية الكبرى في بلد عربي، - 00:16:53
يأتي مريضُ السرطان فيُصْرَف له دواءٌ، - 00:17:00
لكن -وبالتنسيق مع بعض الممرضين في المستشفى- لا يُعطي الطبيبان الدواءَ للمريض، - 00:17:03
بل يُباع في السوق السوداء، - 00:17:09
وأما المريضُ فيوضَع له حقن وريدية (Normal Saline) أي ماء وملح. - 00:17:11
مؤلمٌ، أليس كذلك؟! - 00:17:16
ما يحصل لعامَّة أبناء المسلمين هو الشيء نفسه. - 00:17:18
هم بحاجةٍ لعلاج إنسانيتهم من الجهل والهوى، - 00:17:22
لكن الذي يُعطى في كثير من المناهج التعليمية هو (Normal Saline)، - 00:17:26
بل في كثير من الأحيان سُموم، - 00:17:31
والأبوان يعتَبِران أنهما أدَّيا ما عليهما بإرسال الأولاد إلى هذه المدارس، - 00:17:34
ليس أخطرُ شيء أن تترك المريض دون علاج، بل أن تدخل لجسمه (Normal Saline) أو سموما، - 00:17:39
وأنت توهمه -وأهلَه- أنك تقدم له علاجًا. - 00:17:47
قد تقولينَ: لكن كلامكَ عن دوري في التربيةِ غيرُ واقعي، - 00:17:51
فأنت كأنك تريد من كل أمٍّ أن تكون عالمة في كل هذه المجالات. - 00:17:54
فأقول لك: المطلوب منك -يا كريمة- أن تبني الأساسَ، - 00:17:58
وتضعي قدمي ولدِكِ على الطريق الصحيح، - 00:18:02
وتُوَلِّدِي لديه الحافزيَّة للتعلُّم والعملِ بما يتعلم، - 00:18:05
ثم يكون دوركِ بعد هذا أن تعينيه وتشجعيه. - 00:18:09
طرأت عليه شبهة سمعها؟ تَعَالَ -يا بُني- نبحث عن الجواب، - 00:18:13
وتتعاوني معه في تعرُّف المصادرِ والمراجعِ الموثوقة والأشخاصِ الذين يَسمع لهم. - 00:18:17
عانت ابنتكِ من مشكلة نفسية؟ تعالي نَسْتَشِرْ مُخْتَصَّة... - 00:18:22
أبناؤكِ هم في صُلْب مشروعكِ. - 00:18:27
قد تقولين: أراك وضعتَ حِمل التربية علي، وماذا عن الأب؟! - 00:18:29
بدايةً ليست حِمْلًا، بل شرفًا: - 00:18:33
التربية والتزكية وبناء الإنسان، هذه وظيفة الأنبياء -عليهم السلام، - 00:18:36
وشرفُ العامل على قَدْرِ شَرَفِ العمل، - 00:18:42
وبما أنَّ عِبْءَ النفقة يَقَع على الرّجل - 00:18:44
مع ما يتطلَّبه ذلك من إنفاق ساعات في العمل خارج البيت عادةً، - 00:18:47
فبطبيعة الحال سيكون الوقت الذي تُمْضِينَه معَ أبْنائك أطولَ بكثيرٍ، - 00:18:51
وستكون فرصتُكِ في التربية أكبرَ، - 00:18:56
ومع ذلك فعلينا أن نُذَكِّر بأن التربية مسؤوليةٌ مشترَكةٌ بين الأب والأم، - 00:18:59
فمسؤولية بهذا الحجم تحتاج تعاونكما. - 00:19:04
في التعليق على حلقة: (أنا مش شغالة البيت)، اعترض بعض الرجال قائلين: - 00:19:08
"أتريدنا أن نَكُدَّ ونتعب في العمل، ثم تجلس المرأة مدللةً في البيت لا تعمل شيئا، - 00:19:13
بل وتقول لنا: ساعدوها أيضا في عمل البيت؟!" - 00:19:19
بل نقول -أخي: نحن نطالبك بمعاونتها في عمل البيت، - 00:19:22
والتقليلِ من المتطلَّباتِ لتُفَرِّغَها للمهمة الأعظم: بناءِ الإنسان، - 00:19:26
وعليكَ أن تُعِينَها على هذه المهمة أيضًا، - 00:19:32
لا أن تُقَصِّرَ في واجبكَ في التربية تحت عناوين: - 00:19:34
(أنا أعمل لأجلكم؛ لتحصيل قوتكم، وتكاليف الحياة عالية، وأيامنا صعبة)، - 00:19:37
وحتى الوقت الذي تمضيه في البيت ليس وقتًا نَوْعِيًّا تكون فيه متفرِّغ الذهن لأبنائك، - 00:19:43
بل تنشغل عنهم بالجوّال والاتصالات وغيرها. - 00:19:48
من لوازم القوامة التي تكلمنا عنها - 00:19:52
أن يكون الأب قدوةَ البيت في التوازن وإعطاءِ كلِّ ذي حقٍّ حقَّه، - 00:19:54
ومن ثمَّ، نُحَمِّلُه المسؤولية الأولى عن تحقيق ذلك، - 00:19:58
وقولُ النبي -صلى الله عليه وسلم- في من لم يَحُطْ رعيته بنصحه: - 00:20:02
«لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» مُوَجَّهٌ لك أنت أيضًا -أيها الرجل، - 00:20:07
وهناك أدوارٌ في تربية الأبناء لا يَصْلُح لها إلا أنت؛ - 00:20:12
(بما فضَّل الله بعضهم على بعض) [القرآن 4: 34]، - 00:20:16
ومن المُرهِق جِدًّا للمرأة والظلمِ لها مطالبتُها بها، - 00:20:18
فعليك أنت قيادةُ مشروع تربية وتذليلُ عَقَبَاتِه، - 00:20:21
رحلة تربية الأبناء -بدايتها الحقيقية- هي من اختيار الزوجة، واختيار الزوج - 00:20:25
الذي يشاركك في تحقيق الهدف الأعظم كما ذكرنا. - 00:20:30
لكن نقول لك أنتِ -يا كريمة: - 00:20:34
افترضي أن الأب لم يَقُمْ بدَوره في التربية - 00:20:37
طَالَبْتِهِ بذلك وذكّرته بالله، لكنه لا يتجاوب، - 00:20:40
فهل ستتركين أولادكِ؟ - 00:20:45
إذا الأب لم يأخذ الأولاد إلى مطاعيم شَلَلِ الأطفال والحَصْبَةِ والجُدَرِيِّ وغيرها، - 00:20:47
هل ستقولين: هو قصّر فلن أتحمل الحِمل وحدي، - 00:20:51
أم ستدفعك رحمتك إلى أخذهم؟ - 00:20:55
أليست نفسُ طفلِكِ وروحُه أَوْلى؟ - 00:20:58
<i>أقبلْ على النَّفسِ واستكملْ فضائلَها</i> <i>فأنتَ بالرُّوح لا بالجسم إنسانُ</i> - 00:21:01
لن تكون مهمةً سهلةً، لكنك تُبَرِّئين ذمَّتَك أمام الله، - 00:21:05
ولعلَّك تستعينين بمحاضِنَ تربويَّة، كالمراكز والدورات النافعة والصحبة الصالحة؛ - 00:21:09
لتساعد في سد الفجوة التي أحدثها الأب المُقَصِّرُ وتُعينَك على المهمة. - 00:21:15
قد تقولين: لكن بصراحة أنا نفسي فاقدة لكثير من معاني التربية ومقوماتها التي ذكرتها، - 00:21:20
فكيف أُنْشِئُ عليها أبنائي، وفاقدُ الشيءِ لا يُعطيه؟ - 00:21:26
صحيح، نحن نحتاج لأن نتربَّى على هذه المقومات أولًا ثم نُربِّي عليها أولادنا، - 00:21:30
وهذه رحلة حياة، تحتاج تَعَلُّما مستَمِرًّا وجُهْدًا ضخمًا واستعانةً بالله. - 00:21:36
عامَّةُ ما نَبُثُّه في المقالات والسلاسل - 00:21:42
هو محاولةٌ لبناء المقوِّمات التربويَّة المذكورة في أنفسنا، - 00:21:44
سواءً في رحلة اليقين أم في سلسلة المرأة أم في مسابقات الاستدلال بالقرآن أم في غيرِها، - 00:21:48
بالإضافة إلى سلاسلَ وكتبٍ، سنحيل عليها لمُرَبِّين فضلاءَ - 00:21:54
تَسُدُّ الثغرة وتعطي خارطة الطريق، - 00:21:58
ما نحاول إيصاله ما هو إلا (ألف باء) الحياة - 00:22:01
الذي كان يجب أن نتعلمه بَدْءًا من سنواتنا الأولى. - 00:22:04
فالحلُّ يبدأ من تعظيم أهميّة بناء الإنسان، - 00:22:09
ونحن الآن نخوض معركةَ استعادةِ السَوِيَّةِ النَّفْسيَّة، - 00:22:12
وتحريرِ الرِّوح والنَّفس والفِطرة، وإعادةِ إحياء الهدف. - 00:22:16
لكنْ الجميل في الأمر -في المقابل- هو أنكِ ستكتشفين وأنتِ تربين ابنك أنك تربين نفسك، - 00:22:20
نفسُك بينَ جنبيك لا ترينها، لكنْ ستَرينَ عُيوبَها وحِيَلَها، وجمالَ نتائج تربيتِها، - 00:22:26
ترين ذلك كله في ابنك وابنتك، - 00:22:33
وكأنها من حكمةِ الخلق وسنة الحياة، أننا في رحلة التَربية نَكْتَشف أنفسَنا: - 00:22:36
نَكتَشِفُ جَمال النفسِ البَشَرِيَّةِ التي وهبنا الله إياها، - 00:22:42
وجمالَ زَرْعِ البُذور فيها وسَقْيِهَا بماء الوحي وحصادِ النتائجِ، - 00:22:45
وجمالَ تحريرِها من الاحتلال، - 00:22:51
وبإمكانكِ أن تَرَيْ الإحساسَ بهذا الجَمال في التعليقات على الحلقات من إخوةٍ وأخواتٍ - 00:22:53
ذاقوا لَذَّة اكتشافِ الشَّريعة واكتشافِ نفوسِهم -بفضل الله. - 00:22:59
قد تقولين: لكنْ أَلَا ينبغي أن تَكون مسألةُ التربية أيسر من ذلك؟ - 00:23:03
أليس كلُّ مولودٍ يولد على الفِطرة؟ - 00:23:07
هل الأجيالُ المسلمةُ الأولى احتاجت لكل هذا التعقيدِ؟ - 00:23:09
فنقول -يا كريمة: - 00:23:13
مِنْ أخطَر ما حدث للمسلمين حين انسحبَ الاحتلال العسكريُّ من بلادهم - 00:23:14
أنهم ظنُّوا أنهم مستقلُّون؛ - 00:23:19
لأنهم ما عادوا يَرَوْنَ جنود العَدُوِّ يتَجَوَّلُونَ في الشَّوارعِ، - 00:23:22
ومن ثمَّ فهم لا يدركون الاحتلال النفسيَّ والفكريّ والروحيّ والقِيَميّ الذي يعيشونه، - 00:23:26
فلا يَسْعَوْن للتحرر، كما عبر أحدهم بشكل بليغ: - 00:23:32
<i>وأقولُ كلُّ بلادنا محتلةٌ</i> <i>لا فرقَ إِنْ رَحَلَ العِدا أو رانُوا</i> - 00:23:37
<i>ماذا نُفيدُ إذا استقَلَّت أرضُنا</i> <i>واحتُلَّتِ الأرواحُ والأبدانُ</i> - 00:23:43
<i>ستعودُ أوطاني إلى أوطانِها</i> <i>إنْ عادَ إنسانًا بِها الإنسانُ</i> - 00:23:48
كانت أجيال المسلمين الأولى على الفطرة والسَوِيَّة النَفْسيَّة، - 00:23:57
فعاشت بصدقٍ لتحقيق العبوديَّة الشاملة، - 00:24:01
وكان هذا الهدفُ مُحرِّكًا لأفعالها، - 00:24:04
بحيث كان الأصل أن تخرج أفعالها على السليقة -دون تَكَلُّفٍ- في الاتجاه الصحيح. - 00:24:06
نُفوسٌ مُعْتَزَّةٌ بالوحي، تثقُ به ثقةً مطلقةً، - 00:24:11
وتنفرُ من الجاهليَّة الماضية والجاهليات المحيطة بها، - 00:24:15
وتحتقرها وتَسُدُّ منافذَها إلى القلوب، - 00:24:19
وتُعيد النَّظر في كل موروثاتِها وتُحَاكمها للمعايير الربانية، - 00:24:22
قد تُعاوِدُها نَزَغَات من الجاهلية بين الحين والآخر، - 00:24:27
لكنَّها تُدرك أنها جاهليَّة، فتُجاهدها وتَتَخلص مِنْها، - 00:24:30
وتَقَعُ في مَعَاصٍ، لكنْ تدرك أنها معاصٍ، - 00:24:35
بينما مولود اليوم يولد على الفطرة فما تلبثُ منظومة الاحتلال الناعم - 00:24:38
أن تطمَسَها، وتُشَرِّقَه وتُغَرِّبَهُ نَفسِيًّا وفكريًّا وقِيَمِيًّا، - 00:24:43
وتُغْرقَه في سيل متتابع من الفتن والشبهات، وتُلَبِّس الحق له بالباطل، - 00:24:48
ومغناطيسُ العبودية لله -الذي يجمع الشتات- غير موجود، - 00:24:54
فتبدو العملية صعبةً لأننا [نجمع] شتاتَ النفس المتفلت - 00:24:58
الذي يتجاذبه الدعاة على أبواب جهنم، - 00:25:02
كان القرآن مَفهُومًا يُحدِثُ أثرَه البليغَ في النفوس، - 00:25:05
والآن يُشْكِل فهمه على عامة العرب، - 00:25:08
فدوركِ -يا كريمة- أن تنفضي هذا الرُكَام عن فطرة أبنائك - 00:25:12
وتَنْصِبي أمام أعينِهم الهدفَ الذي يجمع شتاتهم، وتُقَرِّبي إليهم الوحيَ. - 00:25:16
قد تقولين: بعدما ذكرتَه، فإني أخاف على مستقبل أبنائي، - 00:25:22
بل وقد أتردد في الإنجاب من أصله! - 00:25:26
فنقول لك: من قَدَرِ الله لهذه الأمة أن تكونَ هي الغالبةَ في النهاية: - 00:25:29
فتحُ روما المُبشَّر بِه، ودُخُولُ الإسلامِ كلَّ بيتٍ، - 00:25:34
هذا كلُّه سيكون على يدِ ذريَّةٍ من أبناءِ المسلمين، - 00:25:38
فلَنْ يَنقرضَ المسلمون ويأتيَ أناسٌ من كوكبٍ آخرَ لينصروا الدين، - 00:25:42
وبُشْرَيَاتُ نبينا -صلى الله عليه وسلم- من مقاصدها - 00:25:47
سَكْبُ هَذِه الطُّمَأنينة في قُلوبنا وأن نَّعلم أننا نُقَارِع في جَولَتنا - 00:25:51
ونُسَلِّم الراية لأبنائنا بحسن تربيتهم؛ ليستكملوا طريق النصر، والعاقبة للمتقين. - 00:25:56
أخطر ما يَحصُل في تربية الأبناء -أيتها الكريمة- - 00:26:03
والسبب الرئيسُ في ضياعهم وتحوُّلِهم إلى مصدر شقاء للوالدين - 00:26:06
هو نِسيان الوالدين لهذه المعاني؛ - 00:26:11
نِسيانُ أنَّ الأبناءَ وتربيتَهم - 00:26:14
يجب أن تكون من مشروع تحقيق الغاية العظمى: العبوديَّةِ لله. - 00:26:16
يتزوج الشاب والفتاة، وينجبان لأن الناس ينجبون لا أكثر، - 00:26:21
وأحيانا للاستمتاع بغريزة الأبوّة والأمومة، والاستِئْناسِ بصوت الأطفال في البيت، - 00:26:26
ثم ماذا؟ - لا شيء... - 00:26:32
أنتَ تبحث عما تهواه نفسُك وتستمتِعُ به أكثَرَ من أداءِ واجِبِك الأُسَرِيِّ، - 00:26:33
وأنتِ تبحثين عن تحقيق ذاتك ورسمِ قصة نجاحِك بعيدًا عن الأولاد. - 00:26:38
هذا النوع من الآباء والأمهات سيجِد نفسه يصطَدِمُ بأولاده، - 00:26:43
سيراهم عَقَبةً في طريق طموحاته أو هواياته؛ - 00:26:48
لأن أولادَه هؤلاء ليسوا جزءًا من طموحاته، - 00:26:51
وسينفعل ويتَأفَّفُ عندما يأخذون من وقته؛ لأنهم يُعِيقُونَه عن تحقيقِ مشاريعه - 00:26:55
التي ليسوا هم جزءًا منها، - 00:27:01
وهذا الانفعال والتوتُّر يُضاعِف الفشل في التربية. - 00:27:04
الأبناء الضائعون بين أبوَين لا يَجِدَانِ متعةً في تربيتهم - 00:27:07
سيبدؤون بعمل المشكلات، وستَتَوتَّر علاقتُهم بكما -أيها الأبوان، - 00:27:11
بل سيصبحون مصدرَ توتُّر العلاقات بينَكُما بصفتكما زوجين، - 00:27:17
فكلٌّ منكما يتِّهم الآخرَ أنه السببُ، - 00:27:21
وكلٌّ منكما يُلْقي بحِمْل الأولادِ الثقيل على الآخر، - 00:27:24
وأولادكما ينظرون، ويَحفُر في صدورهم أنكما تتعاملان معهم كحِمْل مزعج، - 00:27:28
بدلَ أن تستمتعا بالقربِ منهم. - 00:27:35
هُنَا ماذا يفعل كثير من الآباء والأمهات؟ - 00:27:37
يُقدِّمون أخطر رِشْوةٍ للأولاد؛ - 00:27:41
فيوفِّرون للأولاد ما يهْوَوْنَه حتى وإن كان ضارًّا بهم، - 00:27:44
ولسان حال الأب أو الأم: - 00:27:48
بُنيّ، أنا مشغول عنك، لا تأخذ من وقتي وذهني الكثير! - 00:27:50
ماذا تريد؟ أطعامًا؟ خذ! - 00:27:53
أحلوياتٍ ولو ضارة؟ خذ! - 00:27:55
أمصروفًا زائدًا ولو كان مُفْسِدًا؟ خذ! - 00:27:57
أموبايلا؟ أتابلت؟ أآيباد؟ خذ! - 00:28:00
أإكس بوكس؟ أبلاي ستيشن؟ خذ! - 00:28:03
خُذ ما تريد وارحل عني، لا تزعجْني! - 00:28:06
إِبَرٌ لِتَخدير نفْسِ الولد التي تَصرُخ من الجهل والفراغ الروحي - 00:28:09
مُطالبَةً بما يضُرُّها ولا ينفعُها. - 00:28:15
علّقت إحدى الأخوات على الحلقة الماضية قائلة: - 00:28:17
"زوجي طيب وملتزم، - 00:28:20
لكنه لا يُساهم في تربية أولادِه، إلا بتلبية رغباتهم وإرضائهم وملاعبتهم؛ - 00:28:22
حتى لا يُحسُّوا بالنقص عن غيرهم من الأولاد -كما يقول، - 00:28:29
محاولاتي لوضعِ هدف لهم وتلقينِهم للمبادئ وحثِّهم على الصلاة - 00:28:33
وتَجنُّبِ التَّفاهة وطلبِ العلمِ النافعِ - 00:28:37
تَجْعلني شريرةَ البيت ومُتسلِّطةً صارمةً - 00:28:40
في مقابل لينِه وحنانِه وإغراقِه في تَسْهيلِ حياتِهم وتبسيطِها، - 00:28:43
أُكابِدُ وما زِلْتُ، لكن هل أستمرُّ في هذا الدور الصعب وحدي؟ - 00:28:49
وإلى متى، والطفل ينجذب للترفيه والتّدليل، وينفر من الإلزام والإجهاد الذي أُمَثِّله؟" - 00:28:54
فنقول: نعم يا أختي الكريمة، - 00:29:01
استمري مع تنويع الأساليب ومَزْجِ ما تقومين به بالعَطْفِ وإظهارِ الاهتمام، - 00:29:03
واطلبي من زوجك الكريم أن يحضر الحلقة أيضا، - 00:29:09
ولكِ -بإذن الله- على صبرك وجهادِك الأجر العظيم. - 00:29:13
في مقابل الإهمال هناك الاهتمام المدمِّر، - 00:29:16
الخطورة أننا إذا قلنا للمرأة: اهتمي بأبنائك، - 00:29:20
ولم نشرحْ كيف يجبُ أن يكون هذا الاهتمام، - 00:29:23
فستظُنُّ أن احتراقَ أعصابِها لأَجْلِهم والتصاقها النفسيّ بهم هو الاهتمام المطلوب، - 00:29:26
وتَظُنُّ أن تفريغهم للدراسة دون إشراكِهم في واجباتِ البيت، - 00:29:32
وتسميعَ الدروس لهم والصُراخَ عليهم لِيحُلُّوا واجباتهم المدرسية، - 00:29:36
وتحمُّلَ مسؤولياتِهم عنْهم حتى على مستوى ترتيبِ الفراشِ، - 00:29:41
وقَتْلَ قدرتِهم على الاستقلالية: - 00:29:45
هو الاهتمامُ، وأنها بذلك أدَّت ما عليها تِجَاهَهم بَلْ وزيادة، - 00:29:48
وهي في الحقيقةِ تُفَرِّغُ شِحنةَ الإحساس بالمسؤولية في المكان الخطأ تمامًا، - 00:29:52
فتؤذي نفسها وتؤذيهم، وتَحسِبُ أنها تحسن صُنعًا. - 00:29:58
عندما يكون هدفُنا العبوديةَ لله، - 00:30:02
فإنَّ هذا الاهتمام سيتَّخذ الأشكال الصحيحةَ في بناء الإنسان، - 00:30:04
وبغير ذلك سيكون الاهتمام مؤذيًا. - 00:30:10
(أريد لابني أن ينجح في حياته): - 00:30:13
ما مفهوم النجاح؟ ما معايير النجاح؟ - 00:30:15
إن أردتِ أن تساعدي أبناءك في دراستهم فحببي إليهم العلم: - 00:30:18
عَلِّمِيهِم كيف يُنَظِّمُون جداولهم، وكيف يُفَكِّرُون في مسائلَ من هذا النوعِ، - 00:30:22
وكيف يُحَلِّلُون ويربطون، - 00:30:26
لا على طريقة (تعال سمّع لي)، وهي أشهر كلمة في ثقافتنا التدريسية، - 00:30:28
ثم بعد ذلك دعيهم يتحمِّلُوا مَسؤولية تقصيرهم في واجباتهم، - 00:30:33
ولا تَدَعي ذلك يُفسد علاقتَك بهم، أو يشحَنُ جوَّ البيت بالتَّوتر والصُّراخ. - 00:30:37
من أهمِّ مبادئ تربية أولادك -كونك أُمًّا- - 00:30:43
هو أن تَتَخَلَّيْ عن رحمتكِ المُؤذيَةِ وتَدَخُّلاتِكِ، - 00:30:46
وتُصبحي أكثر عَقلانِيَّة وهدوءًا واعتناءً بنفسك، - 00:30:50
لا أن تكوني أمًّا مُحترقة تعانين من التوتر والقلق تحت شعار (الاهتمام بالأولاد)، - 00:30:54
أعصابُك مشدودةٌ، وعلى أُهْبةِ الاستعداد، ومُستَنْزفَةً نفسيًّا، - 00:31:00
وسريعةَ الانفجارِ معهم ومع الزوج، - 00:31:04
فكم من امرأة بعد الإنجاب وبعد أن يَكبُر الأولاد قليلًا تصبح أمًّا فقط لا زوجة، - 00:31:06
تتوتَّر علاقتُها مع زوجها، فيرى أبناؤها -الذين يفترض أنها احترقت من أجلهم- - 00:31:12
يرون أمًّا فاشلةً في العلاقة الذاتيَّة مع نفسها ومع زوجها ومعهم، - 00:31:18
محترقةً متوترةً، فترسم الأم بذلك لأولادها وبناتها صورة بائسةً للحياة ولمؤسسة الأسرة، - 00:31:24
فينفِرون من الزواج الحلال بل ومن الإسلام الذي شَرَعَه وحَثَّ عَلَيْه وحَرَّم غَيره، - 00:31:32
ويبحث الأولاد والبنات عن الإشباع العاطفيِّ في العلاقات غير الشرعية؛ - 00:31:38
لأنهم لا يريدون تَكرار تجرِبة الزواج الفاشلة. - 00:31:43
- 00:31:47
شعار: (كوني شمعةً تحترقُ لتُضيءَ الدربَ للأولاد) شعارٌ خاطئ؛ - 00:31:48
ديننا يعلمنا «وَلِنَفْسِكَ عليكَ حقًّا... فأَعْطِ كلَّ ذي حق حقَّه» [صحيح البخاري]، - 00:31:51
وإذا احترقتِ فلن تُنيري حياة الأولاد، بل ستُسوِّدينَ برماد هذا الاحتراق حياتَهم. - 00:31:57
لا تحترقي! بل أضيئي حياتهم بتوازنك واطمئنانك، - 00:32:03
وأعطي نفسكِ حقَّها وَفق دوائر الأولويَّات التي تكلَّمنا عنها. - 00:32:07
انْبَسِطي مع نفسك ورَفِّهِي عنها، ثم انْبَسِطِي مع زوجكِ وأعطِيه حقَّه، - 00:32:12
وستنصلح أمورُ أولادكِ بعد ذلك بإذن الله. - 00:32:17
لا تُعلِّقي نجاحَك بنجاح أولادك فيما يفرِضُه المجتمع من معايير، - 00:32:20
مثل: الدراسة المدرسية والشهادة الجامعيَّة والعلامات، - 00:32:24
ولا تنشغلي بالآخرين ورأيِهم، وصورةِ أولادكِ أمامَهم - 00:32:28
على حساب نفسك وحظِّها من الخير، وأن يكون الله أولا في حياتكِ وحياة أولادك. - 00:32:31
كوني نَموذَجًا للتوازن والسعادة، - 00:32:38
فهذا يُعينُ أولادَكِ على نَجاحٍ حَقيقِيٍّ في الدين والدنيا، - 00:32:41
وأن يُنْشِئُوا هم أيضًا أُسَرًا متوازنةً سعيدةً. - 00:32:45
حسنًا، جعلتُ العبوديةَ لله هدفَ حياتي، - 00:32:49
وأنا مُهْتَمَّةٌ بِهداية أبنائي وعبوديتِهم لله وبآخرتِهم، - 00:32:53
أو أنِّي تَنبَّهْتُ لهذه المعاني بعدما كَبُرَ أولادي، - 00:32:58
وحاولت أن أتَدارك ما فات، لكنَّ أولادي لا يستَجِيبون، - 00:33:02
وأنا أشعرُ الآن بالإحباطِ والفَشَلِ مما يؤذي نفسي. - 00:33:06
هنا تأتي الشريعة لتُرسّم الحدود، وتمنع هذا الاهتمام من أن يطغى على اهتمامكِ بنفسك، - 00:33:10
وتمنعُكِ من إحراق نفسك حسرةً عليهم؛ - 00:33:17
فإنَّ ذلك يؤذيكِ، ثم يعود بالأذيَّة على أولادكِ؛ - 00:33:20
إذ لن تكوني قويةً متماسكةً في مُحاوَلَةِ إنقاذِهم، - 00:33:23
هنا يأتيكِ كتابُ الله ليقول: - 00:33:28
﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ - 00:33:30
وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ﴾ [القرآن 28: 56]، - 00:33:32
وليُذَكِّركِ بأن نبيَ الله نوحًا لم يستطع أن يُنقِذَ ابنَه، - 00:33:35
وقضاءُ الله نافذٌ، - 00:33:40
فلا يَطغَ الاهتمام بابنكِ أو ابنتك على اهتمامك بنجاة نفسكِ، - 00:33:42
مَن انحَرفَ ابنُها أو ابنتُها أو عاشوا حياة الغافلين، - 00:33:47
فصحيح أن عليها أن تراجعَ نفسها وتُفَكِّرَ ما الأسبابُ يا تُرَى، - 00:33:51
وتَسعى إلى تداركِ ما فاتَ، وتُصْلِحَ فيما تبقى قَدْرَ الإمكان، لكن دون إحباط، - 00:33:56
ومع حذرٍ شديد من أن يدخل الشيطان إلى قلبها من باب محاسبة النفس، - 00:34:01
ومن ثم المبالغة في جَلد الذات. - 00:34:06
قد تقولين: أنا مقتنعة عقليًّا بما تقول، لكن نفسيًّا، لا أجد نفسي مع زوجي وأولادي، - 00:34:08
وإنما في العمل التطوعي أو التثقيفي أو حتى العمل الدّعوي، أليست هذه أهدافا سامية؟ - 00:34:15
فنقول -يا كريمة: - 00:34:21
يعلِّمُنا دينُنا أن أحدنا لا يعمل ما يستمتع به فقط؛ بل ما يَجب عليه، - 00:34:22
ومن الهوى أن تُخالفي سُلَّمَ الأولويات، وتُقدِّمي محبوبَ نفسك على محبوبِ الله، - 00:34:28
حتى وإن كان ما تحبينه طاعةً، - 00:34:34
وهذا من معاني قول الله -تعالى: - 00:34:37
﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ - 00:34:39
فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ﴾ [القرآن 79: 40-41] - 00:34:43
شرعُ الله الذي يأمركِ أن تَرْعَيْ أبناءَك وتُغَالبي نفسَك في ذلك - 00:34:45
إن كنتِ لا تجدين متعةً في هذه الرعايةِ والتربية، - 00:34:50
هو ذاته شرعُ اللهِ الذي يأمر ابنَكِ أن يرعاكِ عند كِبَركِ ويغالبَ نفسَه، - 00:34:53
حتى وإن كان لا يَجِد نَفْسَه ومُتْعتَه في خدمتكِ وتلبية حاجاتكِ، ويجِدُ ذلك مُمِلًّا بالنسبة له، - 00:34:59
حتى وإن كان يريد أن ينشغل عنك بطاعةٍ. - 00:35:07
نبينا -صلى الله عليه وسلم- - 00:35:10
قال لمعاوية السلمي الذي جاء يريد الخروج للجهاد مع النبي: - 00:35:12
«وَيْحَكَ! الزَمْ رِجْلَها فثَمَّ الْجَنَّةُ» يَعنِي أُمَّه، [سنن ابن ماجه] - 00:35:16
وجُرَيْجٌ العابدُ ابتَلاه الله لأنَّه شَغَلَ نفسَه بصلاته - 00:35:20
عن نداء أمه كما في البخاري ومسلم، - 00:35:24
وأُويسٌ القَرنيّ مَنَعَه من نيل شرفِ الهِجرة إلى النبي وصحبتِه - 00:35:27
بِرُّه بأمه ولزومُ خدمتِها. - 00:35:31
الأعمال المذكورة في هذه الأحاديث الصحيحةِ - 00:35:33
-جهاد الطلب (أي الفتوحات)، وصلاة النّافلة، والهِجرةُ- هي من أشرفِ الأعمال - 00:35:36
لكنَّ الله قدَّم عليها بِرَّ الأُمِّ، - 00:35:41
ولَعَلَّ أصحابَها كانوا مِمَّن تعتمد عليهم أمَّهاتهم. - 00:35:44
اللهُ الذي يأمرك أن تَرعَيْ أولادكِ وتُحَقِّقي عبوديَّتَكِ في ذلك - 00:35:48
هو الذي يأمرهم أن يبرُّوك عندما تَكْبُرين، ويُحقِّقوا عزَّ عُبوديَّتهم في الذلِّ لك: - 00:35:52
﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ﴾ [القرآن 17: 24]، - 00:35:57
ولنا عِبْرةٌ فيما يَحصُل بكبار السن في أوروبا - 00:36:00
مع وباء فيروس كورونا وما يتعرضون له من إهمال، - 00:36:04
وأيقني -أختي- أنكِ إن قدمتِ محبوبَ الله على محبوب نفسكِ - 00:36:08
ومارستِ بِناءَ الإنسان بهذه الأهداف العظيمة وعلى أُسُسٍ تربوية سليمة، - 00:36:12
فإن الحِمْلَ سينقلب إلى متعة ورضا عن النفس واحترام لِلذَّاتِ، - 00:36:17
أكثرَ من أية متعة أخرى يمكن أن تُحصِّليها. - 00:36:23
هل علمتِ -يا كريمة- ما معنى تربية؟ - 00:36:26
رحلة طويلة تحتاج صَبْرًا؛ - 00:36:29
فهي بناء الإنسان الذي يستحقُّ الخلود في جِوار الله بدَلَ أن يكون وقود جهنم - 00:36:31
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [القرآن 66: 6] - 00:36:37
ابنك أو ابنتك وقايةٌ لك من النار - 00:36:43
«مَنِ يلي مِنَ هَذِهِ البَنَاتِ شَيْئًا، فأحْسَنَ إلَيْهِنَّ كُنَّ له سِتْرًا مِنَ النَّارِ» (صحيح البخاري)، - 00:36:46
ابنك وابنتك امتدادٌ نافعٌ لك بعد مماتك - 00:36:51
«إِنَّ اللَّهَ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ - 00:36:54
فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مِنْ أَيْنَ لِي هَذَا؟ - 00:36:58
فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ» [فتح القدير] - 00:37:00
وهو -وهي- مع هذا كُلِّه قُرَّة عين لكِ في الدنيا إن أحسنتِ تربيتَهما. - 00:37:02
طريق ليست بالسهل، لكنّ ثماره عظيمة جدًا. - 00:37:09
قد تتعثرين أحيانًا، ويثقل الحمل عليكِ أحيانًا، - 00:37:12
لكن: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (القرآن 29: 69)، - 00:37:16
الله معكِ، يجبر نقصك ويعينك، - 00:37:23
فـ«سددوا وقاربوا وأبشروا» [الصحيحين]، - 00:37:26
إنه مقامٌ عظيمٌ، بحيث لما سأل السائل: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ - 00:37:28
قال نبيكِ -صلى الله عليه وسلم: «أُمُّكَ» - 00:37:34
قال: ثم من؟ قال: «أُمُّكَ» - 00:37:37
قال: ثم من؟ قال «أُمُّكَ» - 00:37:39
قال: ثم من؟ قال «أَبُوكَ» [صحيح ابن حبان] - 00:37:41
﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ... - 00:37:43
إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا... - 00:37:48
فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا - 00:37:52
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ (القرآن 17: 23-24) - 00:37:58
وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا - 00:38:05
والسَّلام عليكم ورحمة الله. - 00:38:09
Transcription
السلام عليكم - 00:00:00
- لماذا أُنجب أصلا وأتحمَّل تعب الأولاد؟! - 00:00:01
هل لمجرَّد أن أبدوَ طبيعيةً كباقي الناس؟! - 00:00:04
- هل الأولاد نعمةٌ حقا، وهم في صغرهم مصدرُ إرهاقي وشدِّ أعصابي، - 00:00:07
ثم إذا كَبِروا قليلًا عاشوا في عالمِهم الخاصِّ بعُزْلة عني، - 00:00:13
ثم إذا استقلُّوا وتركوا البيت - 00:00:17
تركوني لحُزني واكتئابي ولزوج ٍتوتَّرت علاقتي به لأجلهم؟! - 00:00:19
- هل يُعقلُ أن أرسلَ أبنائي للمدرسة، حتى إن أحسست أنها لا تقومُ بدورها، - 00:00:25
لكن من قبيل أن أرتاح من إزعاجهم لبضع ساعات أراعي فيها شؤوني قليلًا؟! - 00:00:31
- تقولون: إنَّ من أهمِّ أعمال المرأة تربيةَ أبنائها، التربية فقط؟! - 00:00:37
قدراتي وطاقاتي ووقتي ومواهبي أشغلُ معظم ذلك بالتربية فقط؟! - 00:00:41
- ألا يكفي أني وضعتُ أولادي في مدرسةٍ نصرفُ عليها مبالغَ ضخمة؟! - 00:00:47
-إذا أردتُ أن أُبرِّئ ذمَّتي تِجاه أولادي، - 00:00:51
ما الأمور التربويَّة التي يمكن أن أذهبَ بها إلى المدارس عند تسجيل أبنائي، - 00:00:54
وأسألَهم عن برامجهم لتحقيقها؟ - 00:01:00
- ما هي قِصَّة الطبيبَيْن اللذَيْن كانا يعطيان مرضى السرطان ماءً ومِلحًا؟ - 00:01:03
وما علاقة ذلك بالتربية؟ - 00:01:08
- تُحذِّروننا من الألعاب الإلكترونية - 00:01:10
وتوفيرِ الهواتف للأولاد يفتحون فيها ما شاءوا، - 00:01:12
حسنًا وكيف أملأ فراغَهم؟ - 00:01:16
هل المطلوب أن أَملأ فراغَهم كلَّه بنفسي وأنسى حالي؟ - 00:01:18
-ماذا إذا كنت لا أجد نفسي في زوجي وأولادي، - 00:01:22
وإنما في العمل الَّتطوعي والتَّثقيفي بل والدَّعوي؟ - 00:01:25
أليستْ هذه أهدافًا سامية؟! - 00:01:28
- زوجي لا يتعاون معي على تربية أولادنا، - 00:01:31
هل من العدل أن أتحمَّل الحِملَ وحدي؟! - 00:01:34
- حاولتُ أن أصلحَ ابني أو ابنتي لكنه ضلَّ وانحرف، - 00:01:37
وأنا مُحبَطةٌ حزينةٌ عليه، فماذا أفعل؟ - 00:01:41
- لماذا يظهرُ موضوعُ التربية عميقًا وليس بالسهل؟ - 00:01:45
أليست المسألة أيسر من ذلك، وكلُّ مولود يولد على الفطرة؟! - 00:01:48
بداية القصة -يا كرام: - 00:01:53
خلق الله الخلق لغاية، - 00:01:55
العبوديةُ لله بمفهومها الشامل الذي تكلَّمنا عنه المرَّة الماضية، - 00:01:57
هذه العبودية تحتاج نفوسًا شريفةً، - 00:02:03
عبَّر عن تشريفها الحفاوةُ باستقبال الإنسان وسجودُ الملائكة له - 00:02:06
ثم تسخيرُ كلِّ شيء لخدمته، - 00:02:11
﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ - 00:02:14
إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (القرآن 45: 13) - 00:02:19
كلُّ شيءٍ هو لأجلك وفي خدمتك؛ - 00:02:22
لتحقِّقَ هدفَ وجودِك من العبودية لله بمفهومها الشامل. - 00:02:25
ستحتاج لاكتساب صفات الشرف والكرامة لتَرقَى نفسُك لمهمة العمل للغاية العظمى، - 00:02:30
ولتحصيل العزة والتمكين والاستخلاف اللائق بأولياء الله، - 00:02:35
لذلك: ﴿مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ﴾ (القرآن 17: 15)، - 00:02:40
فأنت المستفيدُ في عمليَّةِ تأهيلها هذهِ، - 00:02:44
بالإضافة إلى النعيم المقيم في جنات الخلود. - 00:02:47
في المقابل: من تَغافل عن غاية وُجودِه ونَسِيَ ربَّه حُرِم هذا الشَّرفَ - 00:02:50
﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ﴾ (القرآن 59: 19) - 00:02:56
أنساهم أن يعملوا لخير أنفسهم وأن يُزكُّوها - 00:03:00
ويَبْنوا منها إنسانًا يعمل للغاية العظيمة التي أُوجِد من أجلها. - 00:03:04
عندما أستحضر أن غاية وجودي هي العبودية لله - 00:03:10
وما يَتْبعها من نَعيمٍ فإنَّ أفعالي كلَّها تَصُبُّ في تحقيق هذه الغاية، - 00:03:13
حتى الأفعالُ الفطريَّةُ كالزّواج والإنجاب، - 00:03:18
ومن جمال العبوديّة لله أنها تُعَزِّز لنا الاستمتاع الفطريَّ بنعمة الأولاد - 00:03:21
﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ... - 00:03:27
وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ (القرآن 25: 74) - 00:03:32
قرةَ أعينٍ في الدّنيا وفي الآخرة، - 00:03:35
مقابلَ الذين نسوا اللهَ فانقَلبتْ قرةُ العينِ عذابًا - 00:03:37
﴿فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ۚ... - 00:03:42
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا... - 00:03:45
وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ (القرآن 9: 55) - 00:03:50
أبنائي امتدادٌ لمشروعي بعد وفاتي؛ - 00:03:52
«أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» (صحيح مسلم)، - 00:03:56
لكنْ حتى يكونوا كذلك لا بدَّ من أن أبنيَ فيهم الإنسانَ الشريفَ الكريم - 00:03:58
كما أحبَّ اللهُ له أن يكون، - 00:04:03
وهذه هي التربية، - 00:04:05
كل هذا يجعل أبنائي وتربيتَهم في بُؤرَة اهتماماتي، فيصبحون أهمَّ مشاريعي. - 00:04:07
تبدأ المشكلة إخواني إذا نسينا الغاية العظمى من العبودية لله في هذا كلِّه، - 00:04:13
ولما كانت هذه الكلمةُ هي ضمنَ سلسلةٍ لكِ أنتِ -أيتها المسلمة- - 00:04:19
فسيكون تركيزُنا فيها على نفسكِ أنت؛ - 00:04:23
دورِها في التربية، - 00:04:26
لأنَّها ضمنَ دائرة النجاح في الأساسيات التي تكلَّمنا عنها - 00:04:28
قبل أن تنطلقي لمحاولة النّجاح والبحث عن الذات في مجالاتٍ أخرى - 00:04:33
تائهةً عن خارطة الأساسيات والأولويات التي تكلَّمنا عنها. - 00:04:38
التربية مسؤوليةٌ مشتركةٌ من الزوجين. - 00:04:42
ماذا إن قَصَّر الأب؟ - سنجيب، - 00:04:45
لكن حديثنا الآن هو لك أنت أيتها الكريمة، - 00:04:47
كثيرٌ من النساء عندما تسمع كلمة (تربية)، لا تَجِد لها وقعا كبيرًا في حسِّها. - 00:04:51
- تربية؟! أولادي يذهبون للمدارس، - 00:04:57
وقد حرصتُ أن أسجلهم في مدارسَ محافظةٍ وبيئات آمنة نسبيًّا، - 00:04:59
سيتربّون كما تربيتُ أنا، ماذا عليَّ أكثر من ذلك؟ - 00:05:04
حسنًا، تعالي نستعرض معًا ماذا تعني التربية، - 00:05:07
ثم نرى إن كان ابنُك يحصِّلُها في المدارس أو المجتمع حقًّا: - 00:05:11
التربية: تعني أن تُنشِّأ أبناءك على معاني الحياء والشهامة والنخوة والرحمة والكرامة - 00:05:15
والعِزَّةِ ورفضِ الظلم، والغضبِ لله، والغيرةِ على الحرمات، والنهيِ عن المنكر، وقوّةِ الشَّخصية، - 00:05:21
في هذا العالم الذي يحاول سحقَ هذه المعاني بكل الوسائلِ، - 00:05:28
ومنها التَّعليمُ والإعلامُ والرسوم المتحركة والألعابُ الإلكترونية - 00:05:32
بما فيها من إيحاءات مدروسةٍ تَهدِم الحياء وتُنمِّي العنف. - 00:05:36
التربية: تعني أن تعلِّمي ابنَك كيف يفكر، وكيف يطرحُ الأسئلة الصحيحة، - 00:05:41
وكيف يعبر عن نفسه، وكيف يميِّز بين العلم الحقيقيِّ والعلم الزَّائف، - 00:05:46
وكيف يَنقُد الأفكار التي تُعرَض عليه، - 00:05:51
كيف يعرف المغالطات في النقاش، التي يستخدمها المبطلون ليُشكِّكوه في دينه. - 00:05:53
وكيف يَتحقَّقُ من المعلومة. - 00:05:58
التربية تعني: أن تُعيني ابنَك وبنتك على اكتشاف نفسه، واستثمار جوانب قوته، - 00:06:00
ومن ثَمّ على اختيار الأهداف التي تُناسب قُدُراتِه وظُروفَه - 00:06:06
ويُساهم بها في إعزازِ أمَّته. - 00:06:11
أن تُعَلِّمي الولدَ أن: كُن نفسك، تَقبَّل نفسك، لا تَتَقَمَّصْ شخصيَّة غيرك، - 00:06:14
ولا تُحسَّ بالفشل إن لم تُحقِّق ما حقَّقه غيرُك، - 00:06:19
ولا ترسم أهدافًا لا تناسبك؛ فلكلٍّ شخصيته، - 00:06:23
لأنَّ ابنكِ بغير ذلك لن يقنع ولن يسعد. - 00:06:27
التربية تعني: أن تَدُلِّي أبناءَك على الإجابات عن الأسئلة الوجودية الكبرى: - 00:06:31
من أنا؟ من خلقني؟ إلى أين المصير؟ ما الغاية من وجودي؟ لماذا أنا مسلم؟ - 00:06:36
ما الأدلَّة على أن القرآن من عند الله؟ - 00:06:42
ما الأدلةُ على نبوة محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-؟ - 00:06:44
كيف حُفِظ القرآنُ والسُّنَّة اللذان أرجعُ إليهما في حياتي؟ - 00:06:48
التربية تعني: ألا يصير عُمُرُ الولَدِ اثنتين وعشرين سنة - 00:06:52
أَمْضى منها ثماني عشرة سنة في المدارس والجامعات، وهو لا يعرف إجابة هذه الأسئلة، - 00:06:55
بل ولا يعرف كيف يُفكِّر؛ - 00:07:01
فكلمة تأتي به وكلمة تُذْهِبُه، - 00:07:03
ومقالٌ تافهٌ أو مقطع فيديو يَخْلَعه من دينه بكل سهولة، - 00:07:05
ويناقشُ بكل سذاجة فاقِدًا لأدنى مقوِّمات التفكير الصحيح - 00:07:09
والنقاش العقلاني والنَّقد العلمي، وهو مغرورٌ بظنه أنه متعلم، - 00:07:15
بل ربما مهندس أو طبيب أو دكتور جامعي. - 00:07:19
التَّربية تعني: أن تربطي أبناءَك وبناتك بالرموز الحقيقية في تاريخهم الإسلامي، - 00:07:23
وتُعَرِّفِيهم بتاريخ أمَّتهم؛ - 00:07:28
ليعلموا أن لهم جذورا عميقةً ويعتزُّوا بها، - 00:07:30
بدل أن يكونوا طَحالبَ إِمَّعَاتٍ، مقلِّدين للزُّناة والمخمورين - 00:07:34
وتائهي مشاهيرِ مواقعِ التواصل الاجتماعي في لِبَاسِهم وقَصَّاتِ شعرهم وحركاتِهم. - 00:07:38
التربية تعني: تعويد ابنك أن يطرح سؤال: - 00:07:43
(لماذا أفعل ذلك؟) في كل ما يفعل؛ - 00:07:46
فهو ليس قَطيعِيًّا مُقلِّدًا تقليدًا أعمى. - 00:07:48
التربية تعني: أن تُنَمِّي في طفلك مَلَكَةَ التنبُّؤُ بالمُدْخَلَات؛ - 00:07:50
فينتبهَ لحيلِ وسائل الإعلام وطُرُقِها في محاولة إعادة صياغة نفسِيَّتِه وقِيَمِه، - 00:07:55
وأذكر كيف كان أبي -رحمه الله- يُنَبِّهُنَا على ذلك بمناقشة بعض ما نشاهد، - 00:08:02
وكان لذلك أثرٌ كبيرٌ. - 00:08:08
التربية تعني: أن تُحبِّبي إلى ابنك وابنتِك طلبَ العلم النافع في كل المجالات، - 00:08:10
وإمساكَ الكتبِ ومتابعةَ السلاسل، وشعارهم: (احرصْ على ما ينفعُك)؛ - 00:08:15
ليَشعروا بالامتلاء العقلي والروحي - 00:08:21
بدل الفراغ الذي يَدفَعُهم إلى متابعة توافهِ الـ(youtubers) - 00:08:23
أو الإدمانِ على المقاطع الإباحية، أو العيشِ في وهم الألعاب الإلكترونية. - 00:08:27
التربية تعني: أن تُولّدي لدى ابنك الحافزية ليتعلم ما يعينه على إتقان أدوات عصرِه؛ - 00:08:32
ليكون مؤثِّرًا وناجحًا بصفته مسلمًا؛ فيتعلَّم استخدام التقنية وإدارةَ المال - 00:08:38
ومهاراتِ الإقناع ومهاراتِ القيادة والعملَ في فريق. - 00:08:43
التربية تعني: أن تربطي أبناءك بالصحبة الصالحة، - 00:08:46
وتبحثي لهم عن رِفَاق الخير بحثًا، حتى وإن احتجتِ أن تعملي علاقاتٍ مع أمهات؛ - 00:08:50
لِتُوَفِّري المحاضنَ الآمنة ورِفَاقَ الصلاحِ لأبنائك. - 00:08:56
التربية تعني: أن تُعَلِّمي أبناءك وبناتِك ما نبثُه هنا - 00:09:00
من حقوق كل فردٍ من أفراد الأسرة وواجباته وأولوياته، - 00:09:04
وتُعَلِّمي ابنك أن يصل إخوانه ويحنَّ على أخته. - 00:09:08
التربية تعني: أن تعلمي أولادك الجِدِّيَّةَ وتَحَمُّلَ نتائج أفعالهم - 00:09:12
وتَوَقُّعَ الألم في الحياة والتعامُلَ معَه بصبرٍ ورضا، - 00:09:16
وأنهم ليسوا في هذه الحياةِ للراحة والرُّكونِ إلى الدنيا، - 00:09:20
وأَنَّها دارُ بلاءٍ لا دارُ جزاءٍ. - 00:09:25
التربية تعني: أن تربطي أبناءَك بالقرآن، وتُنَمِّي لديهم مَلكة فَهمه والاستدلال به، - 00:09:27
مما سيتطلب منك تحبيب اللغة العربية إليهم. - 00:09:33
التربية تعني: أن تُعَلِّمي أبناءَكِ أن شَرْع الله حاكمٌ على حياة المؤمن، - 00:09:37
وألا يَعْتَرفوا بأيَّة مرجعيةٍ غيرِه - 00:09:42
في زمنٍ يُرادُ لدين الله أن يُحصَرَ في شعائرَ محدودةٍ، - 00:09:45
ويكونَ التّقديسُ والتّعظيم لأهواء البشر. - 00:09:49
التربية تعني: أن تجعلي أعظمَ قيمة لدى أبنائك توحيدَ الله، تعظيم الله، - 00:09:52
ومحبةَ الله ورسولِه لتكون فوق كلِّ محبَّة، وتُجَنِّبِيهِم ما يشوبُ التوحيد. - 00:09:58
التربية تعني: أن تُعَلِّمي أبناءك الانتماء إلى أمتهم الإسلامية، والاهتمامَ بأحوالِها، - 00:10:04
وتحويلَ الهَمِّ لها إلى العمل بإيجابية دون يأس ولا إحباط. - 00:10:10
التربية تعني: بناء العلاقة الوطيدة مع أبنائك، والمحبَّةَ والثقةَ والاهتمامَ بهم، - 00:10:15
وسَماعَ مشكلاتِهم والصداقةَ معهم، وبغيرِ ذلك لن تحققي الأهداف التي ذكرنا. - 00:10:21
التربية تعني: أن تَتَعَرَّفِي على خصائص كل مرحلة عُمُريَّة لأبنائك وما يلزم لها، - 00:10:27
مع تنويع الأساليب: كالقصة واللعبة والنشاط الجماعي. - 00:10:33
التربية تعني: أن تُعِينِي ابنَك وابنتك على معالجة المشكلات - 00:10:37
التي تَعْرِضُ لهم في طريق بناء شخصياتهم، - 00:10:41
كما تحرصين على علاج أمراض أجسادهم، بل أكثر. - 00:10:45
التربية تعني: أن تكوني قدوةً عمليةً؛ - 00:10:48
تَتَمَثَّلين هذه المعاني كلَّها في ذاتك قبل أمر أولادك بها، - 00:10:50
فدمعةٌ صادقةٌ منك عند قراءة آية، أو ذِكْر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - 00:10:55
ستفعل فِعْلَها في قلبِ أولادِك أكثرَ من ألف درس دين في المدرسة. - 00:11:01
إصرارُكِ على ولدك أن يَقوم إلى صلاة الفجر أكْثرَ من إصرارك عليه أن يقوم إلى المدرسة - 00:11:06
يَبْنِي تَعظيمَ اللهِ في قلبه ويجعلُ اللهَ أوَّلًا في حياته بالفعل، - 00:11:11
وأَداؤُكِ لِدَوْركِ في غياب والدهم كما هو في وجوده - 00:11:17
يعلّمهم أن يجعلوا مراقبة الله نُصب أعينهم. - 00:11:21
بِرُّكِ بوالديك وخدمتُهما، - 00:11:24
وقراءتك كُتُبًا منهجية أمام الأولاد ومعهم وعدم الاقتصار على متفرقات مواقع التواصل، - 00:11:26
تَجْعَلُهم يَأْلَفون القراءة، - 00:11:33
ولن تحتاجي بعدها أن تملئِي وقتهم بنفسك، ما دمتِ قد وضعتِ قدمهم على الطريق. - 00:11:34
في المحصلة، التربية تعني: أن تبني الإنسان الذي يعمل لغاية: - 00:11:41
تحقيق العبودية بمفهومها الشامل لصلاح الدنيا والآخرة. - 00:11:47
أعرفتِ يا كريمة ما معنى التربية؟ وما معنى بناء الإنسان؟ - 00:11:53
أعرفت ما معنى: «وهي مسؤولة عن رعيتها»؟ [مسند أحمد]، - 00:11:57
ومعنى قولِ نبيِّنا في الحديث الذي أخرجه البخاري، - 00:12:00
-وهو حديث مخيف يُشعرك بعِظم المسؤولية: - 00:12:04
«ما مِنْ عَبْدٍ استَرْعاهُ اللهُ رعِيَّةً فلم يَحُطْها [بِنَصِيحة]... - 00:12:08
إلا لم يجد رائِحةَ الجنة» [صحيح البخاري] - 00:12:13
انظري إلى التعبير النبوي: "فَلَمْ يَحُطْهَا [بِنصيحة]"، - 00:12:16
مطلوبٌ منك أن تحيطي أولادك من كل مكان، - 00:12:19
ليس بكثرة النصائح والانتقادات؛ فهي تُحدِث السآمة والنفور من أولادك تجاهك، - 00:12:22
وإنما بالقُدوة العمليِّة والتّوجيهاتِ، عند الحاجة، وحمايتكِ لهم مما يَضُرُّهم، - 00:12:27
وحَزمُك في ذلك مع عَطْفِكِ ووُدِّك، - 00:12:33
تُحيطينهم حتى تحميهِم من سِهام الشهوات والشبهات التي تأتيهم من كل حَدْبٍ وصَوْبٍ. - 00:12:36
أنتِ المُؤَهَّلةُ لبناء هذا كلِّه في ابنك، - 00:12:42
وأنتِ المؤهَّلة لترسيخِ الأمانة في قلوب أبنائك بسلوكك العملي، - 00:12:45
كما في حديث حذيفة بن اليمان قال: حدثنا -يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم: - 00:12:50
«أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ. - 00:12:56
ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، ثمَّ علموا مِن السُّنَّة» [صحيح البخاري]. - 00:12:59
الأمانةُ: الصدقُ مع النفسِ، - 00:13:02
التي إن رسَّخْتِها في قلوب أبنائك نَفَعَهم القرآن والسنة، - 00:13:04
وإنْ لمْ تَزْرعِيها لم ينفعْهم شيء، وكانوا أرقاما في ظاهرة الغثائية والنِّفاق. - 00:13:09
سفيان الثوري قالت له أمُّه: - 00:13:14
(يا بنيَّ، اطلب العلم وأنا أكفيك من مغزلي... - 00:13:16
-أي أَحِيكُ الملابسَ وأبيعُها وأنفقُ عليك، لكن أنت تفرغْ لطلب العلم- - 00:13:19
يا بنيّ، إذا كتبتَ عشرةَ أحاديث فانظر... - 00:13:24
هل ترى في نفسك زيادةً في مَشْيِكَ وحِلْمك ووَقارك -أي في الأخلاق- - 00:13:27
فإن لم ترَ ذلك فاعلم أنه يضرّك ولا ينفعك). [تاريخ جرجان للسهمي: 449-450]، - 00:13:31
لم تَقُلْ له هاتِ علامةً لكي نفاخرَ بك، وتكونَ أحسنَ من ابنِ عمِّك، - 00:13:35
وإنما أُريدُ للعلم أن يؤثِّر في أخلاقكَ: تُعلِّمُه أمانةَ العِلْمِ. - 00:13:39
نشأ الإمام أحمد بن حنبل والشافعي يتيمَين، - 00:13:43
وتولَّت أمُّ كلٍّ منهما تربيتَه، - 00:13:46
فَأصْبَحَا من سادة الأمة في العلم والعمل، - 00:13:49
أنت المُؤَهَّلة لهذا كله لأنهم أبناؤكِ، - 00:13:52
ولنْ تعوِّضَ المدرسة ولا الحضانة ولا الروضة ولا الشغالةُ عنك أنت؛ - 00:13:55
فليست النائحةُ الثكلَى كالمستأجَرَة، - 00:14:00
فلا تستغربي حين كرَّم الإسلام الأمَّ وجعلَ الجنة عند رجلها. - 00:14:03
تصوري بعد هذا كلِّه لمَّا كنتِ تَقولين لنفسك: (التربية فقط؟!) - 00:14:07
وتضعي بعد سؤالك استفهامًا وتعجُّبًا، - 00:14:11
بينما كلمتُك هذه بحاجة إلى ألف تعجب. - 00:14:13
كلُّ هذه الأركانِ لتربية النفس البشرية - 00:14:17
أصْبَحت الثقافةُ السائدةُ أنها تجيء تلقائيًّا وليس ضروريًّا أن نتعلمها، - 00:14:19
بينما نصرف للشهادات الجامعية عشرين سنةً من حياتنا، - 00:14:25
وأكبر رسالة سلبية نوصلها لأولادنا بذلك - 00:14:30
أنَّ العبوديةَ لله بمعناها الشَّامل ليست هدفَ حياتِنا، - 00:14:34
وهم يتَشَرَّبون هذه الغَفْلَةَ يوميًّا مِن سُلُوكِنُا، - 00:14:39
يُعَبِّر عن ذلك تعليقُ إحدى الأخواتِ على حلقةِ: (المرأة والبحث عن الذات)، - 00:14:42
إذ قالت: "أعتبر نفسي ضحيةَ هذا التفكيرِ، - 00:14:47
فتربيتي كانت على هذا: - 00:14:50
(ذَاكَرِي فقط -أي ادرسي فقط- - 00:14:52
لا نريد منك إلا الانْكباب على الكتاب لتَحْصُلِي على أعلى الدرجات - 00:14:54
وتدخلي كليَّةً مميزة)، - 00:14:59
دخلتُ ثم تزوجتُ بدون أي تأسيس أو تعليم لكيفية إدارةِ البيت - 00:15:01
أو التعاملِ مع الزوج أو تربيةِ الأبناء، - 00:15:07
وفوقَ كلِّ هذا إحساسٌ قاتل بالذنبِ؛ لأني لم أكمل دراساتٍ عليا بعد الجامعة، - 00:15:10
الأهلُ يوصلون رسائلَ أن قيمتَك فيما وصلت إليه من مَركَزٍ - 00:15:17
وما حقَّقْتِه من إنجازٍ في مجال العمل، - 00:15:22
أما بيتُك فهذا تحصيل حاصل؛ كلُّ النساء يفعلنه؛ - 00:15:24
لا يُهمُّ كيف ولا يُهمُّ النتيجة، المهم أن نفتخر بك". - 00:15:28
إذن: "أما بيتك فتحصيل حاصل، كل النساء يفعلنه، المهم أن نفتخر بك" - 00:15:33
والأخرى تعلق بأن زوجها يُعَيِّرُها: لماذا لا تكونين كفلانة تشتغل وتأتي بالمال؟ - 00:15:39
البيت والأولاد؟! كلُّ الزوجاتِ عندهنَّ بيت وأولاد. - 00:15:44
تصوري كم عُمل فينا حتى تشوّهت عبارة (عَمَل المرأة في بيتها). - 00:15:47
وانحصرتْ في أذهاننا بالجمادات من المَجلى والغسَّالة والمِكنسة و الثلاجة. - 00:15:52
حين نسمعُ باستمرار عن أبناء -وبعضهم من عوائل تُصَنَّفُ على أنها ملتزمة- - 00:15:58
يُلحدون أو يميلون للشذوذ، وآباؤهم يتعجبون. - 00:16:03
من ماذا تتعجبون؟ - 00:16:07
هل حصَّنتم أبناءَكم وأحطتموهم بنصحكم كما أمر نبينا -صلى الله عليه وسلم؟ - 00:16:08
أم أنَّ أعداءَكم زرعوا في أبنائكم وأنتم غافلون؟ - 00:16:14
فها هم أعداؤنا يحصدون. - 00:16:18
هلا تقولين لي -حضرتك: المدارسُ، كم من هذه الأهداف تُحقِّق؟ - 00:16:20
بل هل هي تحقق هذه الأهداف أم تُدمِّرها؟ إلا من رحم ربي من معلمٍ هنا أو معلمة هناك. - 00:16:26
ولتطبيق عملي: إذا ذهبتِ لتُسَجِّلي ابنَك أو ابنتك في مدرسة، - 00:16:33
فأرجو أن تأخذي معك قائمة الـ21 مقوما من مقوِّمَات التربية التي ذكرناها، - 00:16:38
وتسألي المسؤولين في المدرسة: - 00:16:44
هلا تقولون لي كم من هذه الأهداف تُحقّقون؟ - 00:16:46
وما البرامج والأساليب التي تستخدمونها لتحققوها؟ - 00:16:49
من سنوات اكتُشِفَت حالةٌ لطبيبين في أحدِ المستشفيات الحكومية الكبرى في بلد عربي، - 00:16:53
يأتي مريضُ السرطان فيُصْرَف له دواءٌ، - 00:17:00
لكن -وبالتنسيق مع بعض الممرضين في المستشفى- لا يُعطي الطبيبان الدواءَ للمريض، - 00:17:03
بل يُباع في السوق السوداء، - 00:17:09
وأما المريضُ فيوضَع له حقن وريدية (Normal Saline) أي ماء وملح. - 00:17:11
مؤلمٌ، أليس كذلك؟! - 00:17:16
ما يحصل لعامَّة أبناء المسلمين هو الشيء نفسه. - 00:17:18
هم بحاجةٍ لعلاج إنسانيتهم من الجهل والهوى، - 00:17:22
لكن الذي يُعطى في كثير من المناهج التعليمية هو (Normal Saline)، - 00:17:26
بل في كثير من الأحيان سُموم، - 00:17:31
والأبوان يعتَبِران أنهما أدَّيا ما عليهما بإرسال الأولاد إلى هذه المدارس، - 00:17:34
ليس أخطرُ شيء أن تترك المريض دون علاج، بل أن تدخل لجسمه (Normal Saline) أو سموما، - 00:17:39
وأنت توهمه -وأهلَه- أنك تقدم له علاجًا. - 00:17:47
قد تقولينَ: لكن كلامكَ عن دوري في التربيةِ غيرُ واقعي، - 00:17:51
فأنت كأنك تريد من كل أمٍّ أن تكون عالمة في كل هذه المجالات. - 00:17:54
فأقول لك: المطلوب منك -يا كريمة- أن تبني الأساسَ، - 00:17:58
وتضعي قدمي ولدِكِ على الطريق الصحيح، - 00:18:02
وتُوَلِّدِي لديه الحافزيَّة للتعلُّم والعملِ بما يتعلم، - 00:18:05
ثم يكون دوركِ بعد هذا أن تعينيه وتشجعيه. - 00:18:09
طرأت عليه شبهة سمعها؟ تَعَالَ -يا بُني- نبحث عن الجواب، - 00:18:13
وتتعاوني معه في تعرُّف المصادرِ والمراجعِ الموثوقة والأشخاصِ الذين يَسمع لهم. - 00:18:17
عانت ابنتكِ من مشكلة نفسية؟ تعالي نَسْتَشِرْ مُخْتَصَّة... - 00:18:22
أبناؤكِ هم في صُلْب مشروعكِ. - 00:18:27
قد تقولين: أراك وضعتَ حِمل التربية علي، وماذا عن الأب؟! - 00:18:29
بدايةً ليست حِمْلًا، بل شرفًا: - 00:18:33
التربية والتزكية وبناء الإنسان، هذه وظيفة الأنبياء -عليهم السلام، - 00:18:36
وشرفُ العامل على قَدْرِ شَرَفِ العمل، - 00:18:42
وبما أنَّ عِبْءَ النفقة يَقَع على الرّجل - 00:18:44
مع ما يتطلَّبه ذلك من إنفاق ساعات في العمل خارج البيت عادةً، - 00:18:47
فبطبيعة الحال سيكون الوقت الذي تُمْضِينَه معَ أبْنائك أطولَ بكثيرٍ، - 00:18:51
وستكون فرصتُكِ في التربية أكبرَ، - 00:18:56
ومع ذلك فعلينا أن نُذَكِّر بأن التربية مسؤوليةٌ مشترَكةٌ بين الأب والأم، - 00:18:59
فمسؤولية بهذا الحجم تحتاج تعاونكما. - 00:19:04
في التعليق على حلقة: (أنا مش شغالة البيت)، اعترض بعض الرجال قائلين: - 00:19:08
"أتريدنا أن نَكُدَّ ونتعب في العمل، ثم تجلس المرأة مدللةً في البيت لا تعمل شيئا، - 00:19:13
بل وتقول لنا: ساعدوها أيضا في عمل البيت؟!" - 00:19:19
بل نقول -أخي: نحن نطالبك بمعاونتها في عمل البيت، - 00:19:22
والتقليلِ من المتطلَّباتِ لتُفَرِّغَها للمهمة الأعظم: بناءِ الإنسان، - 00:19:26
وعليكَ أن تُعِينَها على هذه المهمة أيضًا، - 00:19:32
لا أن تُقَصِّرَ في واجبكَ في التربية تحت عناوين: - 00:19:34
(أنا أعمل لأجلكم؛ لتحصيل قوتكم، وتكاليف الحياة عالية، وأيامنا صعبة)، - 00:19:37
وحتى الوقت الذي تمضيه في البيت ليس وقتًا نَوْعِيًّا تكون فيه متفرِّغ الذهن لأبنائك، - 00:19:43
بل تنشغل عنهم بالجوّال والاتصالات وغيرها. - 00:19:48
من لوازم القوامة التي تكلمنا عنها - 00:19:52
أن يكون الأب قدوةَ البيت في التوازن وإعطاءِ كلِّ ذي حقٍّ حقَّه، - 00:19:54
ومن ثمَّ، نُحَمِّلُه المسؤولية الأولى عن تحقيق ذلك، - 00:19:58
وقولُ النبي -صلى الله عليه وسلم- في من لم يَحُطْ رعيته بنصحه: - 00:20:02
«لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» مُوَجَّهٌ لك أنت أيضًا -أيها الرجل، - 00:20:07
وهناك أدوارٌ في تربية الأبناء لا يَصْلُح لها إلا أنت؛ - 00:20:12
(بما فضَّل الله بعضهم على بعض) [القرآن 4: 34]، - 00:20:16
ومن المُرهِق جِدًّا للمرأة والظلمِ لها مطالبتُها بها، - 00:20:18
فعليك أنت قيادةُ مشروع تربية وتذليلُ عَقَبَاتِه، - 00:20:21
رحلة تربية الأبناء -بدايتها الحقيقية- هي من اختيار الزوجة، واختيار الزوج - 00:20:25
الذي يشاركك في تحقيق الهدف الأعظم كما ذكرنا. - 00:20:30
لكن نقول لك أنتِ -يا كريمة: - 00:20:34
افترضي أن الأب لم يَقُمْ بدَوره في التربية - 00:20:37
طَالَبْتِهِ بذلك وذكّرته بالله، لكنه لا يتجاوب، - 00:20:40
فهل ستتركين أولادكِ؟ - 00:20:45
إذا الأب لم يأخذ الأولاد إلى مطاعيم شَلَلِ الأطفال والحَصْبَةِ والجُدَرِيِّ وغيرها، - 00:20:47
هل ستقولين: هو قصّر فلن أتحمل الحِمل وحدي، - 00:20:51
أم ستدفعك رحمتك إلى أخذهم؟ - 00:20:55
أليست نفسُ طفلِكِ وروحُه أَوْلى؟ - 00:20:58
<i>أقبلْ على النَّفسِ واستكملْ فضائلَها</i> <i>فأنتَ بالرُّوح لا بالجسم إنسانُ</i> - 00:21:01
لن تكون مهمةً سهلةً، لكنك تُبَرِّئين ذمَّتَك أمام الله، - 00:21:05
ولعلَّك تستعينين بمحاضِنَ تربويَّة، كالمراكز والدورات النافعة والصحبة الصالحة؛ - 00:21:09
لتساعد في سد الفجوة التي أحدثها الأب المُقَصِّرُ وتُعينَك على المهمة. - 00:21:15
قد تقولين: لكن بصراحة أنا نفسي فاقدة لكثير من معاني التربية ومقوماتها التي ذكرتها، - 00:21:20
فكيف أُنْشِئُ عليها أبنائي، وفاقدُ الشيءِ لا يُعطيه؟ - 00:21:26
صحيح، نحن نحتاج لأن نتربَّى على هذه المقومات أولًا ثم نُربِّي عليها أولادنا، - 00:21:30
وهذه رحلة حياة، تحتاج تَعَلُّما مستَمِرًّا وجُهْدًا ضخمًا واستعانةً بالله. - 00:21:36
عامَّةُ ما نَبُثُّه في المقالات والسلاسل - 00:21:42
هو محاولةٌ لبناء المقوِّمات التربويَّة المذكورة في أنفسنا، - 00:21:44
سواءً في رحلة اليقين أم في سلسلة المرأة أم في مسابقات الاستدلال بالقرآن أم في غيرِها، - 00:21:48
بالإضافة إلى سلاسلَ وكتبٍ، سنحيل عليها لمُرَبِّين فضلاءَ - 00:21:54
تَسُدُّ الثغرة وتعطي خارطة الطريق، - 00:21:58
ما نحاول إيصاله ما هو إلا (ألف باء) الحياة - 00:22:01
الذي كان يجب أن نتعلمه بَدْءًا من سنواتنا الأولى. - 00:22:04
فالحلُّ يبدأ من تعظيم أهميّة بناء الإنسان، - 00:22:09
ونحن الآن نخوض معركةَ استعادةِ السَوِيَّةِ النَّفْسيَّة، - 00:22:12
وتحريرِ الرِّوح والنَّفس والفِطرة، وإعادةِ إحياء الهدف. - 00:22:16
لكنْ الجميل في الأمر -في المقابل- هو أنكِ ستكتشفين وأنتِ تربين ابنك أنك تربين نفسك، - 00:22:20
نفسُك بينَ جنبيك لا ترينها، لكنْ ستَرينَ عُيوبَها وحِيَلَها، وجمالَ نتائج تربيتِها، - 00:22:26
ترين ذلك كله في ابنك وابنتك، - 00:22:33
وكأنها من حكمةِ الخلق وسنة الحياة، أننا في رحلة التَربية نَكْتَشف أنفسَنا: - 00:22:36
نَكتَشِفُ جَمال النفسِ البَشَرِيَّةِ التي وهبنا الله إياها، - 00:22:42
وجمالَ زَرْعِ البُذور فيها وسَقْيِهَا بماء الوحي وحصادِ النتائجِ، - 00:22:45
وجمالَ تحريرِها من الاحتلال، - 00:22:51
وبإمكانكِ أن تَرَيْ الإحساسَ بهذا الجَمال في التعليقات على الحلقات من إخوةٍ وأخواتٍ - 00:22:53
ذاقوا لَذَّة اكتشافِ الشَّريعة واكتشافِ نفوسِهم -بفضل الله. - 00:22:59
قد تقولين: لكنْ أَلَا ينبغي أن تَكون مسألةُ التربية أيسر من ذلك؟ - 00:23:03
أليس كلُّ مولودٍ يولد على الفِطرة؟ - 00:23:07
هل الأجيالُ المسلمةُ الأولى احتاجت لكل هذا التعقيدِ؟ - 00:23:09
فنقول -يا كريمة: - 00:23:13
مِنْ أخطَر ما حدث للمسلمين حين انسحبَ الاحتلال العسكريُّ من بلادهم - 00:23:14
أنهم ظنُّوا أنهم مستقلُّون؛ - 00:23:19
لأنهم ما عادوا يَرَوْنَ جنود العَدُوِّ يتَجَوَّلُونَ في الشَّوارعِ، - 00:23:22
ومن ثمَّ فهم لا يدركون الاحتلال النفسيَّ والفكريّ والروحيّ والقِيَميّ الذي يعيشونه، - 00:23:26
فلا يَسْعَوْن للتحرر، كما عبر أحدهم بشكل بليغ: - 00:23:32
<i>وأقولُ كلُّ بلادنا محتلةٌ</i> <i>لا فرقَ إِنْ رَحَلَ العِدا أو رانُوا</i> - 00:23:37
<i>ماذا نُفيدُ إذا استقَلَّت أرضُنا</i> <i>واحتُلَّتِ الأرواحُ والأبدانُ</i> - 00:23:43
<i>ستعودُ أوطاني إلى أوطانِها</i> <i>إنْ عادَ إنسانًا بِها الإنسانُ</i> - 00:23:48
كانت أجيال المسلمين الأولى على الفطرة والسَوِيَّة النَفْسيَّة، - 00:23:57
فعاشت بصدقٍ لتحقيق العبوديَّة الشاملة، - 00:24:01
وكان هذا الهدفُ مُحرِّكًا لأفعالها، - 00:24:04
بحيث كان الأصل أن تخرج أفعالها على السليقة -دون تَكَلُّفٍ- في الاتجاه الصحيح. - 00:24:06
نُفوسٌ مُعْتَزَّةٌ بالوحي، تثقُ به ثقةً مطلقةً، - 00:24:11
وتنفرُ من الجاهليَّة الماضية والجاهليات المحيطة بها، - 00:24:15
وتحتقرها وتَسُدُّ منافذَها إلى القلوب، - 00:24:19
وتُعيد النَّظر في كل موروثاتِها وتُحَاكمها للمعايير الربانية، - 00:24:22
قد تُعاوِدُها نَزَغَات من الجاهلية بين الحين والآخر، - 00:24:27
لكنَّها تُدرك أنها جاهليَّة، فتُجاهدها وتَتَخلص مِنْها، - 00:24:30
وتَقَعُ في مَعَاصٍ، لكنْ تدرك أنها معاصٍ، - 00:24:35
بينما مولود اليوم يولد على الفطرة فما تلبثُ منظومة الاحتلال الناعم - 00:24:38
أن تطمَسَها، وتُشَرِّقَه وتُغَرِّبَهُ نَفسِيًّا وفكريًّا وقِيَمِيًّا، - 00:24:43
وتُغْرقَه في سيل متتابع من الفتن والشبهات، وتُلَبِّس الحق له بالباطل، - 00:24:48
ومغناطيسُ العبودية لله -الذي يجمع الشتات- غير موجود، - 00:24:54
فتبدو العملية صعبةً لأننا [نجمع] شتاتَ النفس المتفلت - 00:24:58
الذي يتجاذبه الدعاة على أبواب جهنم، - 00:25:02
كان القرآن مَفهُومًا يُحدِثُ أثرَه البليغَ في النفوس، - 00:25:05
والآن يُشْكِل فهمه على عامة العرب، - 00:25:08
فدوركِ -يا كريمة- أن تنفضي هذا الرُكَام عن فطرة أبنائك - 00:25:12
وتَنْصِبي أمام أعينِهم الهدفَ الذي يجمع شتاتهم، وتُقَرِّبي إليهم الوحيَ. - 00:25:16
قد تقولين: بعدما ذكرتَه، فإني أخاف على مستقبل أبنائي، - 00:25:22
بل وقد أتردد في الإنجاب من أصله! - 00:25:26
فنقول لك: من قَدَرِ الله لهذه الأمة أن تكونَ هي الغالبةَ في النهاية: - 00:25:29
فتحُ روما المُبشَّر بِه، ودُخُولُ الإسلامِ كلَّ بيتٍ، - 00:25:34
هذا كلُّه سيكون على يدِ ذريَّةٍ من أبناءِ المسلمين، - 00:25:38
فلَنْ يَنقرضَ المسلمون ويأتيَ أناسٌ من كوكبٍ آخرَ لينصروا الدين، - 00:25:42
وبُشْرَيَاتُ نبينا -صلى الله عليه وسلم- من مقاصدها - 00:25:47
سَكْبُ هَذِه الطُّمَأنينة في قُلوبنا وأن نَّعلم أننا نُقَارِع في جَولَتنا - 00:25:51
ونُسَلِّم الراية لأبنائنا بحسن تربيتهم؛ ليستكملوا طريق النصر، والعاقبة للمتقين. - 00:25:56
أخطر ما يَحصُل في تربية الأبناء -أيتها الكريمة- - 00:26:03
والسبب الرئيسُ في ضياعهم وتحوُّلِهم إلى مصدر شقاء للوالدين - 00:26:06
هو نِسيان الوالدين لهذه المعاني؛ - 00:26:11
نِسيانُ أنَّ الأبناءَ وتربيتَهم - 00:26:14
يجب أن تكون من مشروع تحقيق الغاية العظمى: العبوديَّةِ لله. - 00:26:16
يتزوج الشاب والفتاة، وينجبان لأن الناس ينجبون لا أكثر، - 00:26:21
وأحيانا للاستمتاع بغريزة الأبوّة والأمومة، والاستِئْناسِ بصوت الأطفال في البيت، - 00:26:26
ثم ماذا؟ - لا شيء... - 00:26:32
أنتَ تبحث عما تهواه نفسُك وتستمتِعُ به أكثَرَ من أداءِ واجِبِك الأُسَرِيِّ، - 00:26:33
وأنتِ تبحثين عن تحقيق ذاتك ورسمِ قصة نجاحِك بعيدًا عن الأولاد. - 00:26:38
هذا النوع من الآباء والأمهات سيجِد نفسه يصطَدِمُ بأولاده، - 00:26:43
سيراهم عَقَبةً في طريق طموحاته أو هواياته؛ - 00:26:48
لأن أولادَه هؤلاء ليسوا جزءًا من طموحاته، - 00:26:51
وسينفعل ويتَأفَّفُ عندما يأخذون من وقته؛ لأنهم يُعِيقُونَه عن تحقيقِ مشاريعه - 00:26:55
التي ليسوا هم جزءًا منها، - 00:27:01
وهذا الانفعال والتوتُّر يُضاعِف الفشل في التربية. - 00:27:04
الأبناء الضائعون بين أبوَين لا يَجِدَانِ متعةً في تربيتهم - 00:27:07
سيبدؤون بعمل المشكلات، وستَتَوتَّر علاقتُهم بكما -أيها الأبوان، - 00:27:11
بل سيصبحون مصدرَ توتُّر العلاقات بينَكُما بصفتكما زوجين، - 00:27:17
فكلٌّ منكما يتِّهم الآخرَ أنه السببُ، - 00:27:21
وكلٌّ منكما يُلْقي بحِمْل الأولادِ الثقيل على الآخر، - 00:27:24
وأولادكما ينظرون، ويَحفُر في صدورهم أنكما تتعاملان معهم كحِمْل مزعج، - 00:27:28
بدلَ أن تستمتعا بالقربِ منهم. - 00:27:35
هُنَا ماذا يفعل كثير من الآباء والأمهات؟ - 00:27:37
يُقدِّمون أخطر رِشْوةٍ للأولاد؛ - 00:27:41
فيوفِّرون للأولاد ما يهْوَوْنَه حتى وإن كان ضارًّا بهم، - 00:27:44
ولسان حال الأب أو الأم: - 00:27:48
بُنيّ، أنا مشغول عنك، لا تأخذ من وقتي وذهني الكثير! - 00:27:50
ماذا تريد؟ أطعامًا؟ خذ! - 00:27:53
أحلوياتٍ ولو ضارة؟ خذ! - 00:27:55
أمصروفًا زائدًا ولو كان مُفْسِدًا؟ خذ! - 00:27:57
أموبايلا؟ أتابلت؟ أآيباد؟ خذ! - 00:28:00
أإكس بوكس؟ أبلاي ستيشن؟ خذ! - 00:28:03
خُذ ما تريد وارحل عني، لا تزعجْني! - 00:28:06
إِبَرٌ لِتَخدير نفْسِ الولد التي تَصرُخ من الجهل والفراغ الروحي - 00:28:09
مُطالبَةً بما يضُرُّها ولا ينفعُها. - 00:28:15
علّقت إحدى الأخوات على الحلقة الماضية قائلة: - 00:28:17
"زوجي طيب وملتزم، - 00:28:20
لكنه لا يُساهم في تربية أولادِه، إلا بتلبية رغباتهم وإرضائهم وملاعبتهم؛ - 00:28:22
حتى لا يُحسُّوا بالنقص عن غيرهم من الأولاد -كما يقول، - 00:28:29
محاولاتي لوضعِ هدف لهم وتلقينِهم للمبادئ وحثِّهم على الصلاة - 00:28:33
وتَجنُّبِ التَّفاهة وطلبِ العلمِ النافعِ - 00:28:37
تَجْعلني شريرةَ البيت ومُتسلِّطةً صارمةً - 00:28:40
في مقابل لينِه وحنانِه وإغراقِه في تَسْهيلِ حياتِهم وتبسيطِها، - 00:28:43
أُكابِدُ وما زِلْتُ، لكن هل أستمرُّ في هذا الدور الصعب وحدي؟ - 00:28:49
وإلى متى، والطفل ينجذب للترفيه والتّدليل، وينفر من الإلزام والإجهاد الذي أُمَثِّله؟" - 00:28:54
فنقول: نعم يا أختي الكريمة، - 00:29:01
استمري مع تنويع الأساليب ومَزْجِ ما تقومين به بالعَطْفِ وإظهارِ الاهتمام، - 00:29:03
واطلبي من زوجك الكريم أن يحضر الحلقة أيضا، - 00:29:09
ولكِ -بإذن الله- على صبرك وجهادِك الأجر العظيم. - 00:29:13
في مقابل الإهمال هناك الاهتمام المدمِّر، - 00:29:16
الخطورة أننا إذا قلنا للمرأة: اهتمي بأبنائك، - 00:29:20
ولم نشرحْ كيف يجبُ أن يكون هذا الاهتمام، - 00:29:23
فستظُنُّ أن احتراقَ أعصابِها لأَجْلِهم والتصاقها النفسيّ بهم هو الاهتمام المطلوب، - 00:29:26
وتَظُنُّ أن تفريغهم للدراسة دون إشراكِهم في واجباتِ البيت، - 00:29:32
وتسميعَ الدروس لهم والصُراخَ عليهم لِيحُلُّوا واجباتهم المدرسية، - 00:29:36
وتحمُّلَ مسؤولياتِهم عنْهم حتى على مستوى ترتيبِ الفراشِ، - 00:29:41
وقَتْلَ قدرتِهم على الاستقلالية: - 00:29:45
هو الاهتمامُ، وأنها بذلك أدَّت ما عليها تِجَاهَهم بَلْ وزيادة، - 00:29:48
وهي في الحقيقةِ تُفَرِّغُ شِحنةَ الإحساس بالمسؤولية في المكان الخطأ تمامًا، - 00:29:52
فتؤذي نفسها وتؤذيهم، وتَحسِبُ أنها تحسن صُنعًا. - 00:29:58
عندما يكون هدفُنا العبوديةَ لله، - 00:30:02
فإنَّ هذا الاهتمام سيتَّخذ الأشكال الصحيحةَ في بناء الإنسان، - 00:30:04
وبغير ذلك سيكون الاهتمام مؤذيًا. - 00:30:10
(أريد لابني أن ينجح في حياته): - 00:30:13
ما مفهوم النجاح؟ ما معايير النجاح؟ - 00:30:15
إن أردتِ أن تساعدي أبناءك في دراستهم فحببي إليهم العلم: - 00:30:18
عَلِّمِيهِم كيف يُنَظِّمُون جداولهم، وكيف يُفَكِّرُون في مسائلَ من هذا النوعِ، - 00:30:22
وكيف يُحَلِّلُون ويربطون، - 00:30:26
لا على طريقة (تعال سمّع لي)، وهي أشهر كلمة في ثقافتنا التدريسية، - 00:30:28
ثم بعد ذلك دعيهم يتحمِّلُوا مَسؤولية تقصيرهم في واجباتهم، - 00:30:33
ولا تَدَعي ذلك يُفسد علاقتَك بهم، أو يشحَنُ جوَّ البيت بالتَّوتر والصُّراخ. - 00:30:37
من أهمِّ مبادئ تربية أولادك -كونك أُمًّا- - 00:30:43
هو أن تَتَخَلَّيْ عن رحمتكِ المُؤذيَةِ وتَدَخُّلاتِكِ، - 00:30:46
وتُصبحي أكثر عَقلانِيَّة وهدوءًا واعتناءً بنفسك، - 00:30:50
لا أن تكوني أمًّا مُحترقة تعانين من التوتر والقلق تحت شعار (الاهتمام بالأولاد)، - 00:30:54
أعصابُك مشدودةٌ، وعلى أُهْبةِ الاستعداد، ومُستَنْزفَةً نفسيًّا، - 00:31:00
وسريعةَ الانفجارِ معهم ومع الزوج، - 00:31:04
فكم من امرأة بعد الإنجاب وبعد أن يَكبُر الأولاد قليلًا تصبح أمًّا فقط لا زوجة، - 00:31:06
تتوتَّر علاقتُها مع زوجها، فيرى أبناؤها -الذين يفترض أنها احترقت من أجلهم- - 00:31:12
يرون أمًّا فاشلةً في العلاقة الذاتيَّة مع نفسها ومع زوجها ومعهم، - 00:31:18
محترقةً متوترةً، فترسم الأم بذلك لأولادها وبناتها صورة بائسةً للحياة ولمؤسسة الأسرة، - 00:31:24
فينفِرون من الزواج الحلال بل ومن الإسلام الذي شَرَعَه وحَثَّ عَلَيْه وحَرَّم غَيره، - 00:31:32
ويبحث الأولاد والبنات عن الإشباع العاطفيِّ في العلاقات غير الشرعية؛ - 00:31:38
لأنهم لا يريدون تَكرار تجرِبة الزواج الفاشلة. - 00:31:43
- 00:31:47
شعار: (كوني شمعةً تحترقُ لتُضيءَ الدربَ للأولاد) شعارٌ خاطئ؛ - 00:31:48
ديننا يعلمنا «وَلِنَفْسِكَ عليكَ حقًّا... فأَعْطِ كلَّ ذي حق حقَّه» [صحيح البخاري]، - 00:31:51
وإذا احترقتِ فلن تُنيري حياة الأولاد، بل ستُسوِّدينَ برماد هذا الاحتراق حياتَهم. - 00:31:57
لا تحترقي! بل أضيئي حياتهم بتوازنك واطمئنانك، - 00:32:03
وأعطي نفسكِ حقَّها وَفق دوائر الأولويَّات التي تكلَّمنا عنها. - 00:32:07
انْبَسِطي مع نفسك ورَفِّهِي عنها، ثم انْبَسِطِي مع زوجكِ وأعطِيه حقَّه، - 00:32:12
وستنصلح أمورُ أولادكِ بعد ذلك بإذن الله. - 00:32:17
لا تُعلِّقي نجاحَك بنجاح أولادك فيما يفرِضُه المجتمع من معايير، - 00:32:20
مثل: الدراسة المدرسية والشهادة الجامعيَّة والعلامات، - 00:32:24
ولا تنشغلي بالآخرين ورأيِهم، وصورةِ أولادكِ أمامَهم - 00:32:28
على حساب نفسك وحظِّها من الخير، وأن يكون الله أولا في حياتكِ وحياة أولادك. - 00:32:31
كوني نَموذَجًا للتوازن والسعادة، - 00:32:38
فهذا يُعينُ أولادَكِ على نَجاحٍ حَقيقِيٍّ في الدين والدنيا، - 00:32:41
وأن يُنْشِئُوا هم أيضًا أُسَرًا متوازنةً سعيدةً. - 00:32:45
حسنًا، جعلتُ العبوديةَ لله هدفَ حياتي، - 00:32:49
وأنا مُهْتَمَّةٌ بِهداية أبنائي وعبوديتِهم لله وبآخرتِهم، - 00:32:53
أو أنِّي تَنبَّهْتُ لهذه المعاني بعدما كَبُرَ أولادي، - 00:32:58
وحاولت أن أتَدارك ما فات، لكنَّ أولادي لا يستَجِيبون، - 00:33:02
وأنا أشعرُ الآن بالإحباطِ والفَشَلِ مما يؤذي نفسي. - 00:33:06
هنا تأتي الشريعة لتُرسّم الحدود، وتمنع هذا الاهتمام من أن يطغى على اهتمامكِ بنفسك، - 00:33:10
وتمنعُكِ من إحراق نفسك حسرةً عليهم؛ - 00:33:17
فإنَّ ذلك يؤذيكِ، ثم يعود بالأذيَّة على أولادكِ؛ - 00:33:20
إذ لن تكوني قويةً متماسكةً في مُحاوَلَةِ إنقاذِهم، - 00:33:23
هنا يأتيكِ كتابُ الله ليقول: - 00:33:28
﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ - 00:33:30
وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ﴾ [القرآن 28: 56]، - 00:33:32
وليُذَكِّركِ بأن نبيَ الله نوحًا لم يستطع أن يُنقِذَ ابنَه، - 00:33:35
وقضاءُ الله نافذٌ، - 00:33:40
فلا يَطغَ الاهتمام بابنكِ أو ابنتك على اهتمامك بنجاة نفسكِ، - 00:33:42
مَن انحَرفَ ابنُها أو ابنتُها أو عاشوا حياة الغافلين، - 00:33:47
فصحيح أن عليها أن تراجعَ نفسها وتُفَكِّرَ ما الأسبابُ يا تُرَى، - 00:33:51
وتَسعى إلى تداركِ ما فاتَ، وتُصْلِحَ فيما تبقى قَدْرَ الإمكان، لكن دون إحباط، - 00:33:56
ومع حذرٍ شديد من أن يدخل الشيطان إلى قلبها من باب محاسبة النفس، - 00:34:01
ومن ثم المبالغة في جَلد الذات. - 00:34:06
قد تقولين: أنا مقتنعة عقليًّا بما تقول، لكن نفسيًّا، لا أجد نفسي مع زوجي وأولادي، - 00:34:08
وإنما في العمل التطوعي أو التثقيفي أو حتى العمل الدّعوي، أليست هذه أهدافا سامية؟ - 00:34:15
فنقول -يا كريمة: - 00:34:21
يعلِّمُنا دينُنا أن أحدنا لا يعمل ما يستمتع به فقط؛ بل ما يَجب عليه، - 00:34:22
ومن الهوى أن تُخالفي سُلَّمَ الأولويات، وتُقدِّمي محبوبَ نفسك على محبوبِ الله، - 00:34:28
حتى وإن كان ما تحبينه طاعةً، - 00:34:34
وهذا من معاني قول الله -تعالى: - 00:34:37
﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ - 00:34:39
فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ﴾ [القرآن 79: 40-41] - 00:34:43
شرعُ الله الذي يأمركِ أن تَرْعَيْ أبناءَك وتُغَالبي نفسَك في ذلك - 00:34:45
إن كنتِ لا تجدين متعةً في هذه الرعايةِ والتربية، - 00:34:50
هو ذاته شرعُ اللهِ الذي يأمر ابنَكِ أن يرعاكِ عند كِبَركِ ويغالبَ نفسَه، - 00:34:53
حتى وإن كان لا يَجِد نَفْسَه ومُتْعتَه في خدمتكِ وتلبية حاجاتكِ، ويجِدُ ذلك مُمِلًّا بالنسبة له، - 00:34:59
حتى وإن كان يريد أن ينشغل عنك بطاعةٍ. - 00:35:07
نبينا -صلى الله عليه وسلم- - 00:35:10
قال لمعاوية السلمي الذي جاء يريد الخروج للجهاد مع النبي: - 00:35:12
«وَيْحَكَ! الزَمْ رِجْلَها فثَمَّ الْجَنَّةُ» يَعنِي أُمَّه، [سنن ابن ماجه] - 00:35:16
وجُرَيْجٌ العابدُ ابتَلاه الله لأنَّه شَغَلَ نفسَه بصلاته - 00:35:20
عن نداء أمه كما في البخاري ومسلم، - 00:35:24
وأُويسٌ القَرنيّ مَنَعَه من نيل شرفِ الهِجرة إلى النبي وصحبتِه - 00:35:27
بِرُّه بأمه ولزومُ خدمتِها. - 00:35:31
الأعمال المذكورة في هذه الأحاديث الصحيحةِ - 00:35:33
-جهاد الطلب (أي الفتوحات)، وصلاة النّافلة، والهِجرةُ- هي من أشرفِ الأعمال - 00:35:36
لكنَّ الله قدَّم عليها بِرَّ الأُمِّ، - 00:35:41
ولَعَلَّ أصحابَها كانوا مِمَّن تعتمد عليهم أمَّهاتهم. - 00:35:44
اللهُ الذي يأمرك أن تَرعَيْ أولادكِ وتُحَقِّقي عبوديَّتَكِ في ذلك - 00:35:48
هو الذي يأمرهم أن يبرُّوك عندما تَكْبُرين، ويُحقِّقوا عزَّ عُبوديَّتهم في الذلِّ لك: - 00:35:52
﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ﴾ [القرآن 17: 24]، - 00:35:57
ولنا عِبْرةٌ فيما يَحصُل بكبار السن في أوروبا - 00:36:00
مع وباء فيروس كورونا وما يتعرضون له من إهمال، - 00:36:04
وأيقني -أختي- أنكِ إن قدمتِ محبوبَ الله على محبوب نفسكِ - 00:36:08
ومارستِ بِناءَ الإنسان بهذه الأهداف العظيمة وعلى أُسُسٍ تربوية سليمة، - 00:36:12
فإن الحِمْلَ سينقلب إلى متعة ورضا عن النفس واحترام لِلذَّاتِ، - 00:36:17
أكثرَ من أية متعة أخرى يمكن أن تُحصِّليها. - 00:36:23
هل علمتِ -يا كريمة- ما معنى تربية؟ - 00:36:26
رحلة طويلة تحتاج صَبْرًا؛ - 00:36:29
فهي بناء الإنسان الذي يستحقُّ الخلود في جِوار الله بدَلَ أن يكون وقود جهنم - 00:36:31
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [القرآن 66: 6] - 00:36:37
ابنك أو ابنتك وقايةٌ لك من النار - 00:36:43
«مَنِ يلي مِنَ هَذِهِ البَنَاتِ شَيْئًا، فأحْسَنَ إلَيْهِنَّ كُنَّ له سِتْرًا مِنَ النَّارِ» (صحيح البخاري)، - 00:36:46
ابنك وابنتك امتدادٌ نافعٌ لك بعد مماتك - 00:36:51
«إِنَّ اللَّهَ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ - 00:36:54
فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مِنْ أَيْنَ لِي هَذَا؟ - 00:36:58
فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ» [فتح القدير] - 00:37:00
وهو -وهي- مع هذا كُلِّه قُرَّة عين لكِ في الدنيا إن أحسنتِ تربيتَهما. - 00:37:02
طريق ليست بالسهل، لكنّ ثماره عظيمة جدًا. - 00:37:09
قد تتعثرين أحيانًا، ويثقل الحمل عليكِ أحيانًا، - 00:37:12
لكن: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (القرآن 29: 69)، - 00:37:16
الله معكِ، يجبر نقصك ويعينك، - 00:37:23
فـ«سددوا وقاربوا وأبشروا» [الصحيحين]، - 00:37:26
إنه مقامٌ عظيمٌ، بحيث لما سأل السائل: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ - 00:37:28
قال نبيكِ -صلى الله عليه وسلم: «أُمُّكَ» - 00:37:34
قال: ثم من؟ قال: «أُمُّكَ» - 00:37:37
قال: ثم من؟ قال «أُمُّكَ» - 00:37:39
قال: ثم من؟ قال «أَبُوكَ» [صحيح ابن حبان] - 00:37:41
﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ... - 00:37:43
إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا... - 00:37:48
فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا - 00:37:52
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ (القرآن 17: 23-24) - 00:37:58
وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا - 00:38:05
والسَّلام عليكم ورحمة الله. - 00:38:09