تفسير ابن كثير | سورة الأنبياء

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 19- سورة الأنبياء | من الأية 92 إلى94

عبدالرحمن العجلان

الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون - 00:00:00ضَ

وتقطعوا امرهم بينهم كل الينا راجعون فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه فلا كفران لسعيه وانا له كاتبون يقول الله جل وعلا ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم - 00:00:41ضَ

فاعبدون ان هذه الشرعة والدين التي عليها كل من سبق ذكره من الانبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ان هذه امتكم ان هذه امتكم هذه ملتكم الانبياء عليهم الصلاة والسلام - 00:01:17ضَ

من ادم الى ان ختمهم الله جل وعلا بمحمد صلى الله عليه وسلم كلهم عقيدتهم واحدة واصل دينهم وهو افراد الله جل وعلا بالعبادة واحد لا يختلفون وانما يختلفون في الشرائع - 00:02:08ضَ

في الاحكام الاخرى قد يجب على امه ما لا يجب على الامة الاخرى وعما اصل الدين والعقيدة فهي واحدة ان هذه امتكم والامة تطلق على معان كثيرة ورد كثير منها في القرآن العظيم - 00:02:51ضَ

ان هذه امتكم امتكم هذه بمعنى دينكم ومثله قوله جل وعلا انا وجدنا ابائنا على امة اي على ومثله قوله جل وعلا يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا اني بما تعملون عليم - 00:03:35ضَ

وان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاتقون ومثله قوله جل وعلا وممن خلقنا امة هنا امة بمعنى الجماعة وممن خلقنا امة يهدون بالحق وبه يعدلون وكذا في مثل قوله جل وعلا ولتكن منكم امة - 00:04:15ضَ

يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون ولتكن منكم امة بمعنى جماعة وتأتي بمعنى السنين والزمن كما في قوله جل وعلا ولئن اخرنا عنهم العذاب الى امة معدودة - 00:04:56ضَ

الى امة معدودة يعني زمن زمن معدود ومثله في قوله جل وعلا والذكر بعد امه اي بعد زمن في سورة يوسف وتطلق ويراد بها الامام الذي يقتدى به في مثل قوله جل وعلا - 00:05:28ضَ

ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا. امة يعني اماما يقتدى به في الخير فكلمة امة اتت بالقرآن العظيم في معان عدة ان هذه امتكم اي دينكم وملتكم وشريعتكم امة واحدة - 00:06:02ضَ

قراءة الجمهور ان هذه امتكم امة واحدة برفع امتكم وبنصب امة واحدة لرفع امتكم على انها خبر ان واسمها اسم الاشارة ان هذه وامة واحدة حال قراءة اخرى ان هذه امتكم امة واحدة - 00:06:40ضَ

على ان كلمة امتكم بدل من اسم الاشارة والبدل من المنصوب منصوب في محل نصب اسم النا وامة واحدة خبر ان وانا ربكم فاتقون وانا ربكم هنا فاعبدون وفي سورة المؤمنون - 00:07:33ضَ

فاتقون دينكم وشريعتكم وملتكم واحدة وربكم واحد اعبدوه وحده لا شريك له وفي هذه الاية بيان من الله جل وعلا لان الشرعة العامة والملة العامة للامم ملة واحدة وهي دين الاسلام - 00:08:08ضَ

افراد الله جل وعلا بالعبادة الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك والرب واحد جل وعلا هو المستحق وحده للعبادة لا شريك له وكان الواجب على الامم عامة ان تكون كذلك - 00:08:42ضَ

وان يلزموا هذا المنهج فلا يحيدوا عنه ولكن الكثير منهم ترك ما امر به واخذ بما لم يؤمر به فلذا قال الله جل وعلا وتقطعوا امرهم بينهم كان المفروض ان يكونوا شيئا واحدا - 00:09:12ضَ

وان يكون الدين واحد والامة واحدة لكنهم لم يلتزموا بذلك بل تفرقوا وصاروا جماعات وامم واحزاب وتقطعوا امرهم صار امرهم بمثابة القطع كل جماعة معهم قطعة وشيء منه وكما قال عليه الصلاة والسلام - 00:09:45ضَ

افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الامة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة قالوا من هي يا رسول الله؟ قال من كان على مثل ما انا عليه واصحابي - 00:10:28ضَ

يعني ايه من كان على نهج الكتاب والسنة من اخذ بهدي السلف وهم اهل السنة والجماعة ومن عاداهم فهم يستحقون الدخول في النار ولا يقال انهم مخلدون فيها وتقطعوا امرهم - 00:11:04ضَ

اختلفوا وتفرقوا وقابلوه عن الاختلاف والتفرق وامروا بالاتفاق والاعتصام بحبل الله واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وتقطعوا امرهم امرهم منصوب يتقطعوا او منصوب بنزع الخافض وتقطعوا اصله في امرهم فحذف الجار فنصب - 00:11:36ضَ

لذلك على حذف الجار كل الينا راجعون هذا فيه حفز للهمم لتحري الحق والبحث عنه والاخذ به فالكل مردهم الى الله وكل يلقى الله جل وعلا بما كان يعتقده حال حياته - 00:12:26ضَ

فهذا يلقى الله جل وعلا على نهج السلف الصالح وعلى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام وهذا يلقى الله على اليهودية وهذا يلقى الله على النصرانية - 00:13:18ضَ

وهذا يلقى الله على المذاهب السيئة المخالفة للكتاب والسنة وفي قوله جل وعلا كل الينا راجعون ترغيب وتهديد ترغيب لمن اخذ في النهج القويم وسلك الصراط المستقيم بان مرده الى الله جل وعلا وسيجازيه على ذلك اوفى الجزاء - 00:13:47ضَ

وتهديد لمن حاد عن الصراط المستقيم لان مرده الى الله جل وعلا هو الذي يتولى عقابه على رده الكتاب والسنة والاخذ بما لم يؤمر به كل الينا الى الله جل وعلا راجعون مردهم اليه سبحانه وتعالى - 00:14:31ضَ

ثم قال جل وعلا فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وانا له كاتبون من عمل عملا صالحا وهو مؤمن بالله جل وعلا فعمله محفوظ له يطلق الكفر - 00:15:03ضَ

ويراد به ظد الايمان ويطلق الكفر ويراد به كفر النعمة واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن بهذا الشرط لان المرء - 00:15:48ضَ

قد يعمل من الصالحات قد يتصدق قد يحسن الى الغير قد يعمل عملا صالحا ينتفع به لكنه خال من الايمان بالله غير مؤمن هذا ينتفع بعمله في الدنيا يثاب عليه في الدنيا - 00:16:19ضَ

لكن في الاخرة لا فلا يثاب في الاخرة الا المؤمن الموحد واما المشرك فلا قيمة لعمله في الدار الاخرة كما قال الله جل وعلا في حق المشركين وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا - 00:16:56ضَ

فالعمل اذا لم يكن صاحبه موصوفا بالايمان والتوحيد فلا قيمة لعمله وان كان ظاهره الصلاح فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه بل يشكر ولا يكفر فعمله محفوظ له - 00:17:32ضَ

لا يجحد ولا يبخس ولا ينقص منه فلا كفران لسعيه وانا له كاتبون مكتوب عمله محفوظ له يجده احوج ما يكون اليه وافيا غير منقوص فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يرى - 00:18:08ضَ

اي عمل صالح وان قل فانه يحفظ له ويكتب له ويستفيد منه في الدار الاخرة ومفهوم هذه الاية ان من تجرد عن الايمان فلا قيمة لعمله فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن - 00:18:49ضَ

والحال انه مؤمن واما اذا تجرد عن الايمان حتى لو عمل الصالحات فلا قيمة لعمله لا يكتب له ولا يحفظ. وانما قد يثاب عليه في الدنيا ما يعطيه الله جل وعلا من الصحة - 00:19:22ضَ

والجاه والمال والولد ونحو ذلك مما يعطي الله جل وعلا في الدنيا البر والفاجر والمؤمن والكافر لكن المؤمن يثاب على عمله في الدنيا وفي الاخرة والكافر يثاب على عمله في الدنيا فقط - 00:19:47ضَ

والله جل وعلا محسن اعمال عباده حافظ لها ووكل بها الملائكة الكرام الكاتبين يكتبونها ويسجلونها فتعرض على العباد حال المحاسبة يقال له عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا فلا يستطيع ان ينكر - 00:20:16ضَ

فاذا عرف العبد ان عمله محصى خيره وشره كله مضبوط مدون فانه يتأمل ويحاسب نفسه ولا يعطي لنفسه يرخي لها العنان تعاملوا كيفما شاءت اذا علم انه مسؤول عن عمله - 00:20:52ضَ

ومحصى ومكتوب ينتفع بخيره ويتضرر بشره الا ان تجاوز الله عنه اذا علم ذلك فانه يتفطن لنفسه ويتأمل في منهجه وسيره ويحاسب نفسه في الاقوال والافعال والاعتقاد لان لا تأتي صحيفته يوم القيامة - 00:21:31ضَ

وقد ملئت من الاعمال السيئة وقلت فيها الاعمال الحسنة او كثرت الاعمال الحسنة وكثرت وكثرت الاعمال السيئة تحيط الاعمال السيئة بالاعمال الحسنة وتقضي عليها فلا يبقى له شيء والله جل وعلا يقول - 00:22:13ضَ

ومن اراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فاولئك كان سعيهم مشكورا ان يشكر عملهم وسعيهم ويحفظ لهم بانهم ارادوا الاخرة وعملوا لها العمل اللائق ففي هذه الاية الكريمة تحسن - 00:22:42ضَ

للهمم بالاجتهاد بالاعمال الصالحة لانها محفوظة مدخرة عند الله جل وعلا كتبت في صحائف العبد يجدها في وقت هو احوج ما يكون اليها وانه لا بد من الايمان بالله جل وعلا - 00:23:14ضَ

فيكون عمل المرء بعيدا عن الشرك الاصغر والاكبر بعيدا عن الشرك الاكبر وعن الشرك الاصغر الذي هو الرياء فاذا عمل المرء عملا لله ولغيره رده الله جل وعلا كما ورد في الحديث - 00:23:50ضَ

ان الله جل وعلا يقول انا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا اشرك معي فيه غيري تركته وشركه تركته له لان الله جل وعلا لا يقبل من العمل الا ما اريد به وجهه - 00:24:27ضَ

فعلى المؤمن ان يتفقد عمله وان يخلص نيته لله جل وعلا ليكون عمله نافعا باذن الله وان قل واما العمل غير الخالص لله فلا ينفع صاحبه وان كثر هذا وارجو الله جل وعلا ان يمن علي وعليكم بالعلم النافع - 00:24:53ضَ

والعمل الصالح وان يجعلنا جميعا من الهداة المهتدين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:25:26ضَ