تفسير ابن كثير | سورة الحج

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 8- سورة الحج | الأية 18

عبدالرحمن العجلان

الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم الم ترى ان الله يسجد له من في السماوات ومن في الارض. والشمس والقمر - 00:00:01ضَ

النجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس. وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب. ومن يهن الله فما له من مكرم ان الله يفعل ما يشاء لما بين جل وعلا في الاية السابقة اختلاف الناس - 00:00:37ضَ

في الاديان فمنهم المؤمن ومنهم الكافر والكفار مختلفون وهم ملل شتى. بين جل وعلى في هذه الاية الكريمة انه سبحانه هو المستحق للعبادة. وحده لا شريك له هو المستحق وحده للعبادة - 00:01:16ضَ

وان من ترك عبادته فقد ضل ضلالا مبينا وان جميع المخلوقات عاقلها وجمادها كلها خاضعة لله. متذللة بين يديه طائعة او مجبرة وان جميع المخلوقات تسجد لله جل وعلا طائعة مختارة - 00:02:03ضَ

الا فئة من الناس فئة من الناس تكبرت على عبادة الله جل وعلا وابت ان تخضع له وهي مدبرة بامره سبحانه وتعالى ولا يليق بها ذلك فمن هو اعظم منهم خلقا - 00:02:51ضَ

يسجدون لله جل وعلا. حتى الجمادات فهي تسجد لله وتسبح وبحمده وكذا الحيوانات التي لا عقل عندها فمن لم يعبد الله جل وعلا من المخلوقات من البني ادم فقد وخرج عما ينبغي ان يكون عليه. ما دام ان السماوات - 00:03:31ضَ

العظيمة والاراضين تسجد لله جل وعلا فابن ادم العاقل اولى بذلك يقول جل وعلا المتر ان الله يسجد له من في السماوات ومن في الارض الم تر الرؤيا هنا علمية قلبية - 00:04:17ضَ

وليست بصرية والخطاب لكل من يتأتى خطابه من العقلاء المتر الم تعلم ان الله يسجد له من في السماوات ومن في الارض جميع الملائكة والكواكب السيارة والثابتة وكل ما في السماوات - 00:04:56ضَ

فهو يسجد لله جل وعلا خضوعا وتذللا واعترافا بربوبية الله جل وعلا ومن في الارض كل ما في الارض من دواب وحيوانات عاقلة وغير عاقلة ومن شجر وجبال وانهار وبحار - 00:05:42ضَ

وكل من في الارض يسجد لله جل وعلا تذللا وخضوعا وطاعة لله تعالى والشمس والقمر والنجوم داخلة بمن في السماوات لكن افردها تعالى لانها عبدت من دون الله فبين جل وعلا انها لا تستحق العبادة - 00:06:25ضَ

بل هي عابدة لله ساجدة له فالعابد لله الساجد له لا يصح ان يصرف له شيء من انواع العبادة العبادة تصرف لمن يستحقها وهو الله تعالى. والشمس والقمر والنجوم والجبال التي هي جمادات - 00:07:10ضَ

تسجد لله جل وعلا وتسبح له كما تقدم قريبا ان الجبال تسبح مع داوود عليه الصلاة والسلام والشجر التي هي نبات لا يعقل تسبح لله جل وعلا وكذلك الدواب جميع الحيوانات في البر - 00:07:46ضَ

او البحر او الجو كلها تسبح لله جل وعلا وقد قال الله جل وعلا المتر ان الله يسجد له من في السماوات ومن في الارض وقال جل وعلا وان من شيء الا يسبح بحمده - 00:08:23ضَ

وان من شيء بمعنى ما ما من شيء الا يسبح بحمد الله تعالى وفي الصحيحين عن ابي ذر رظي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم - 00:08:52ضَ

اتدري اين تذهب هذه الشمس قلت الله ورسوله اعلم قال فانها تذهب فتسجد تحت العرش ثم تستعمر يعني تستأذن ربها جل وعلا في العودة فيوشك ان يقال لها ارجعي من حيث جئت - 00:09:13ضَ

يوشك يعني في اخر الزمان استأذن فيقال لها ارجعي من حيث جئتي. يعني تطلع من مغربها وذلك في اخر الزمان اذا اراد الله جل وعلا انقضاء وفناء هذا العالم من الامارات العلامات الدالة على قيام الساعة - 00:09:44ضَ

طلوع الشمس من مغربها وحينئذ اذا طلعت الشمس من مغربها لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل او كسبت في ايمانها خيرا وحينئذ يعقب ذلك قيام الساعة ولا تقوم الساعة حتى لا يقال في الارظ الله الله - 00:10:15ضَ

لانها لا تقوم الا على شرار الخلق وقد قال عليه الصلاة والسلام ان من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم احياء والذين يتخذون القبور مساجد صنفان شرار الناس الذين تقوم عليهم الساعة والصنف الاول وهم موجودون بكثرة - 00:10:45ضَ

الذين يتخذون القبور مساجد وفي مسند الامام احمد وسنن ابي داود والنسائي وابن ماجة من حديث الكسوف ان الشمس والقمر خلقان من خلق الله وانهما لا ينكشفان لموت احد ولا لحياة - 00:11:16ضَ

ولكن الله عز وجل اذا تجلى لشيء من خلقه خشع له وقال ابو العالية رحمه الله ما في السماء من نجم ولا شمس ولا قمر الا يقع لله ساجدا حين يغيب - 00:11:41ضَ

ثم لا ينصرف حتى يؤذن له فيأخذ ذات اليمين حتى يرجع الى مطلعه واما الجبال والشجر فسجودهما بفيئ ظلالهما عن اليمين وعن الشمائل وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال جاء رجل - 00:12:04ضَ

وقال يا رسول الله اني رأيتني الليلة وانا نائم. رؤيا من ام كاني اصلي خلف شجرة فسجدت فسجدت الشجرة لسجودي فسمعتها وهي تقول اللهم اكتب لي بها عندك اجرا وظع عني بها وزرا - 00:12:31ضَ

واجعلها لي عندك ذخرا. وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود قال ابن عباس رضي الله عنهما فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدة ثم سجد اسمعت وهو يقول مثل ما اخبره الرجل عن قول الشجرة - 00:12:57ضَ

وقد اقر النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول وقاله عند سجود التلاوة اللهم اكتب لي بها عندك اجرا وظع عني بها وزرا واجعلها لي عندك ذخرا. وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدي - 00:13:27ضَ

داود وقد جاء في الحديث في مسند الامام احمد وغيره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ ظهور الدواب بمنابر ورب مركوبة خير او اكثر ذكرا لله تعالى من راكبها - 00:13:52ضَ

الدواب مطيعة لله جل وعلا تذكر الله جل وعلا على حسب ما هيأها الله جل وعلى له والمشاهد في الدواب اذا اصابها عسر او تعسرت ولادتها انها ترفع رأسها الى السماء - 00:14:20ضَ

اسألوا الله جل وعلا الفرج وهي دابة فطرها الله جل وعلا على ذلك وكثير من الناس العقلاء يتكبرون عن عبادة الله جل وعلا وبعض الناس العقلاء ينكرون علو الله تعالى - 00:14:47ضَ

ويقولون ان الله جل وعلا حال في كل مكان. تعالى الله وتقدس عن قولهم علوا كبيرا ومثل هؤلاء البهائم اعرف بالله جل وعلا منهم. لانها البهيمة تعرف ان ربها جل وعلا فوق - 00:15:14ضَ

وقال جل وعلا وكثير من الناس اي كثير يسجد وهم المطيعون لله جل وعلا كثير من الناس يستحقون الثواب الجزيل من الله جل وعلا. كثير من الناس مطيعون لله جل وعلا - 00:15:39ضَ

فاتباع الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم من اولهم ادم عليه السلام الى خاتمته نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كلهم واتباعهم مطيعون لله جل وعلا فلذا فهم كثير وكثير من الناس - 00:15:57ضَ

وكثير حق عليه العذاب. كثير من الناس اعرض عن طاعة الله. اعرض عن عبادته تكبر على الله جل وعلا تكبر على رسل الله جل عليهم الصلاة والسلام. وهو في هذه الحال لم - 00:16:24ضَ

يضر الله شيئا ولم يضر الرسل ولم يضر المؤمنين وانما ظر نفسه وكثير حق عليه العذاب استحق العذاب باعراضه عن طاعة الله جل وعلا ثم بين جل وعلا ان الهداية بيده - 00:16:44ضَ

فقال ومن يهن الله فما له من مكرم هذا الذي استحق العذاب اهانه الله جل وعلا. ولم يرد الله جل وعلا له الخير. فلا يستطيع احد ان اذا هو مما هو فيه - 00:17:09ضَ

وذلك ان الهداية بيد الله فمن يستطيع احد ان ينقذ كافرا من كفره الا بتوفيق الله جل وعلا النبي صلى الله عليه وسلم حرص كل الحرص على هداية واسلام عمه ابي طالب - 00:17:31ضَ

ولكن لما لم يرد الله جل وعلا له الهداية لم يهتد ولم يسلم ومات على ملة عبد المطلب فعرف من هذا ان الرسول صلى الله عليه وسلم وهو افضل الخلق على الاطلاق لا يستطيع - 00:17:56ضَ

توفيق احد للاسلام والايمان وانما الموفق هو الله جل وعلا ومن يهن الله فما له من مكرم ان الله يفعل ما يشاء فيه اثبات المشيئة لله جل وعلا وان ما شاءه الله كان وما لم يشأه لم يكن - 00:18:16ضَ

لو توجه الخلق اي كلهم لارادة شيء من الاشياء. لم يرده الله جل وعلا فلا يمكن ان يكون المشيئة بيد الله جل وعلا ما شاءه الله وجد لا محالة ولو كان الخلق كلهم ظد ذلك - 00:18:46ضَ

وما لم يشأه الله جل وعلا لن يكون ولو اراد ذلك كل الخلق وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس واعلم ان الامة لو اجتمعوا على ان ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك - 00:19:12ضَ

ولو اجتمعوا على ان يظروك بشيء لم يظروك الا بشيء قد كتبه الله عليك وقد قيل لعلي رضي الله عنه ان ها هنا رجلا يتكلم في المشيئة يعني كأنه ينكر مشيئة الله جل وعلا - 00:19:38ضَ

وكأنه يقول ان الامر انف. يعني الانسان يعمل ما شاء ويترك ما شاء بدون ان يكون تابعا لمشيئة الله الله جل وعلا فاستدعاه علي رضي الله عنه فقال له يا عبد الله - 00:19:57ضَ

خلقك الله كما يشاء او كما شئت. قال كما شاء الله قال فيمرضك اذا شاء او اذا شئت قال بل اذا شاء قال فيشفيك الله اذا شاء او اذا شئت قال قال بل اذا شاء قال فيدخلك حيث شاء او حيث - 00:20:17ضَ

او حيث شئت قال بل حيث شاء. قال والله لو قلت غير ذلك لضربت الذي فيه عيناك يعني لو انكرت مشيئة الله جل وعلا لضربت عنقك لانه حينئذ يكون كافرا مرتدا عن الاسلام فحل ماله ودمه - 00:20:42ضَ

والله جل وعلا اثبت لعباده مشيئة ولكنها تابعة بمشيئته سبحانه في قوله جل وعلا وما تشاؤون الا ان يشاء الله اثبت المشيئة ونفى كونها مستقلة بل هي تابعة لمشيئة الله جل وعلا - 00:21:11ضَ

ان الله يفعل ما يشاء لا راد لما اراده تعالى ولا موجد لما لم يشأه الله جل وعلا وعلى العبد ان يأخذ بالاسباب ويتقي الله جل وعلا ويبتعد عن معصيته - 00:21:40ضَ

ويعمل بطاعة الله جل وعلا ويعلم انه لن يعمل عملا الا والله جل وعلا شاءه فان كان عملا صالحا فالله جل وعلا شاءه ازلا قدرا وشرعا وان كان عمله سيء - 00:22:04ضَ

والله جل وعلا شاء ذلك قدرا ولم يحبه اراده ولم يحبه فلا تلازم بين الارادة ارادة الله جل وعلا ومحبته فعمل العبد لا يخرج عن ارادة الله جل وعلا ومشيئته - 00:22:33ضَ

والله جل وعلا احب من عباده ان يعملوا الخير وكره لهم ان يعملوا الشر ومن يهن الله فما له من مكرم ان الله يفعل ما يشاء. فالعبد يلح على الله جل وعلا بطلب - 00:22:58ضَ

بالهداية والتوفيق والاستمرار على طاعة الله وطلب الثبات كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ذلك دائما وابدا. كما قالت عائشة رضي الله عنها كان من اكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم. اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك - 00:23:20ضَ

وقالت له عائشة رضي الله عنها اوتخشى يا رسول الله؟ قال اوما علمت ان قلوب العباد بين اصبعين من اصابع الرحمن اذا اراد ان يقلب قلب عبد قلبه او كما قال صلى الله عليه وسلم - 00:23:44ضَ

وقد علمنا الله جل وعلا من الدعا ما ورد في كتابه العزيز ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة ارجو الله جل وعلا ان يثبتني واياكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة. وان يوفقنا للعمل الصالح - 00:24:01ضَ

الصالح الذي يرضيه عنا حتى نلقاه عليه. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسول نبينا محمد. وعلى اله صحبه اجمعين - 00:24:25ضَ