تفسير ابن كثير | سورة الروم

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبد الرحمن العجلان | 1- سورة الروم من الآية (1) إلى الآية (5).

عبدالرحمن العجلان

الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الف لام ميم غلبت الروم في ادنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون - 00:00:00ضَ

في بيظة سنين لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم هذه السورة يسمى سورة الروم لانه ذكر في اولها الروم - 00:00:40ضَ

وهي من الصور المكية التي نزلت في مكة قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم الى المدينة وهي ستون اية وهي مفتتحة لقوله جل وعلا الف لام ميم الحروف المقطعة - 00:01:18ضَ

في اوائل السور وتقدم الكلام عليها اكثر من مرة في صور سابقة وان للعلماء رحمهم الله فيها اقوال منهم من قال لا نتعرض لها بتفسير وانما نقول الله اعلم بمراده بذلك - 00:01:52ضَ

ومنهم من قال انها تدل على اسم السورة او اسم القرآن او تدل على اسم الله الاعظم او انها كل حرف يدل على معنى واقوال كثيرة ولا شك ان فيها التعجيز - 00:02:25ضَ

والتحدي لكفار قريش وان هذا الكلام الذي اجزتم ان تأتوا بمثله وعجزتم ان تأتوا بعشر سور من مثله وعجزتم ان تأتوا بسورة مثله بانه كلام عربي مركب من الحروف التي تعرفونها - 00:02:47ضَ

الف لام ميم الف لام ميم راء الف لام ميم صاد وهكذا وقوله جل وعلا غلبت الروم في ادنى الارظ وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الامر من قبل ومن بعد - 00:03:11ضَ

ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم قدر هذه السورة معجزة من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم حيث اخبر عن شيء سيقع في المستقبل فوقع كما اخبر صلى الله عليه وسلم - 00:03:41ضَ

وذلك ان الرسول صلى الله عليه وسلم تلقى هذا الخبر من ربه جل وعلا غلبت الروم كان في ذلك الوقت دولتان عظيمتان هما اعظم الدول الموجودة فارس والروم وكما هي العادة - 00:04:14ضَ

بان الدولتين المتكافئتان يكون بينهما نزاع وقتال لان كل واحدة تريد العلو لها والسيطرة لها وكانت فارس والروم بينهما النزاع وكانت فارس عباد اوثان يعبدون النار وهم اميون وليس لهم كتاب - 00:04:53ضَ

وهم اشبه ما يكون بكفار قريش وكانت الروم اهل كتاب التوراة والانجيل وهم ينتسبون الى اسحاق ابن ابراهيم الخليل عليهم الصلاة والسلام وهم اهل كتاب وهم يؤمنون بوجود الله جل وعلا - 00:05:44ضَ

ويؤمنون بالبعث فهم فيهم شبه من المسلمين وكان المسلمون يودون انتصار الروم على الفرس ويتمنون ذلك وكفار قريش يودون انتصار الفرص على الروم لان كل واحد يود انتصار من فيه شبه منه - 00:06:22ضَ

وكانت الفرس اوسع واعظم من الروم وفي انتصار الروم تفاؤل من النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم لان الله سيؤيدهم وان كانوا قلة ظعاف وقبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة - 00:07:10ضَ

حصل قتال بين الدولتين الفرس والروم فانتصرت الفرس على الروم تسر بذلك المشركون. كفار قريش فرحوا بذلك وحزن لذلك المسلمون وقالت كفار قريش للصحابة رضي الله عنهم انتصر اصحابنا وهم اهل وثن - 00:07:49ضَ

واميون وليس لهم كتاب انتصروا على اهل الكتاب وسننتصر عليكم نحن فانزل الله جل وعلا غلبت الروم في ادنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين وفي هذه الاية - 00:08:25ضَ

بشارة للصحابة لان الروم ستغلب الفرس وحدده الله جل وعلا بقوله في بضع سنين يعني خلال بضع سنين والبضع من الثلاثة الى العشرة ما بينهما فلما نزلت الايات سر بذلك الصحابة رضي الله عنهم - 00:09:01ضَ

وخرج بهذه الايات ابو بكر رضي الله عنه يتلوها على الناس وان الروم ستنتصر على الفرس لا محالة بخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى وقال وقال امية بن خلف - 00:09:50ضَ

واخوه او ابو سفيان لابي بكر الصديق رضي الله عنه لن تغلب الروم الفرس لن يحصل ذلك فقال ابو بكر اخبرني بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى - 00:10:19ضَ

وان الروم ستغلب لا محالة وقالوا له تعال نقامرك وقامرهم رضي الله عنه قبل ان يحرم القمار والرهان وحددوا وقت ثلاث او اربع او خمس سنوات على قلائص من الابل - 00:10:48ضَ

فجاء ابو بكر رضي الله عنه يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بما فعل وقال النبي صلى الله عليه وسلم الا احتفظت لان البظع من الثلاث الى التسع او العشر - 00:11:18ضَ

ويجوز ان لا يحصل الانتصار خلال المدة التي حددتها معهم ولكن زد في القلائص وزد في الاجل المدة فخرج اليهم ابو بكر رضي الله عنه وزاد معهم القنائص الى مائة من الابل - 00:11:40ضَ

يدفعها المغلوب وحدد المدة بتسع او سبع سنوات وخلال المدة انتصر الروم على الفرس فاخذ ابو بكر رضي الله عنه القلائص من ورثة امية ابن خلف لانه مات بمكة من اثر ضربة ظربها اياه النبي صلى الله عليه وسلم - 00:12:07ضَ

فمات امية بخلف ابن خلف بمكة فاخذ ابو بكر الصديق رضي الله عنه القلائص اي الابل وقال له النبي صلى الله عليه وسلم خذها وتصدق بها وتلك خبر عن مستقبل - 00:12:45ضَ

وقع كما اخبر الله جل وعلا ويروى انه حصل الانتصار للروم على الفرس يوم بدر وقيل يوم صلح الحديبية من بعد سبع سنوات من انتصار الفرس على الروم تسر المسلمون بذلك - 00:13:13ضَ

لما نصرهم الله جل وعلا في بدر وكذلك النصر الذي حصل لهم في صلح الحديبية وسروا بانتصار الروم على الفرس لان الروم اهل كتاب وكذلك المرء يسر انتصار الاقل على الاعظم - 00:13:48ضَ

انه بانتصار الاعظم تحصل الفوضى ويخرب الديار وبانتصار الاقل على الاعظم يكون فيه نوع من مكافحة ونوع من الوقوف في وجه العدو العدو الاعظم غلبت الروم هذه القراءة المشهورة ورؤيا - 00:14:22ضَ

قراءة اخرى تروى عن ابن عباس رضي الله عنهما غلبت الروم في ادنى الارظ على ان الاية لم تنزل الا بعد غلبت الروم بعد كون الروم غلبوا الفرس ولكن المشهور هو الصحيح - 00:14:59ضَ

ان القراءة بضم الغين غلبت الروم غلبت الروم في ادنى الارظ ادنى العرض ادنى ارض الروم للعرب او ادنى ارض الروم لفارس او ادنى ارض الروم للروم يعني طرفها وقيل ان الوقعة التي وقعت بين الفرس والروم كانت باذرعات - 00:15:20ضَ

هي اقرب ارض الروم لمكة وقيل بالجزيرة دجلة والفرات وتكون حينئذ ادنى بالنسبة لارض كسرى اقرب اليها وقيل بالاردن فهي ادنى ارض الروم للروم في ادنى الارظ وهم من بعد غلبهم - 00:16:20ضَ

هنا من اضافة المصدر الى مفعوله لا الى فاعله لانهم مغلوبين في ادنى الارض وهم من بعد غلبهم. يعني من بعد كونهم مغلوبين اللي يبون ستظهر لهم الغلبة خبر من الله جل وعلا للمستقبل. بالمستقبل وقع كما اخبر جل وعلا - 00:17:14ضَ

وهم من بعد غلبهم من بعد كونهم مغلوبين سيغلبون الفرس وتكون الدولة لهم والغلبة لهم متى يكون هذا؟ قال الله جل وعلا فيه بضع سنين ستكون الغلبة للروم على الفرس في بضع سنين - 00:17:52ضَ

كما قدمنا من الثلاثة الى العشرة اربع خمس ست سبع ثمان تسع عشر خلال هذه المدة في بضع سنين ووقع كما اخبر جل وعلا ويروى انه وقع وقعت الغلبة بعد سبع سنوات - 00:18:22ضَ

من نزول هذه الايات لله الامر من قبل ومن بعد يعني الغلبة بامر الله جل وعلا ليست الغلبة عن كثرة القوة وكثرة العدد والتمكن في القوة وانما هذا سبب من الاسباب - 00:18:52ضَ

لكن قد تنفع الاسباب وقد لا تنفع الامر كله بيد الله جل وعلا لله الامر يعز من يشاء ويذل من يشاء يجعل الولاية لمن شاء وينزعها عمن شاء لا راد لامره جل وعلا - 00:19:22ضَ

يعني لا تظنوا ان غلبة الفرس في الاول كان لقوتهم وغلبة الروم في الثاني كان لانهم تمكنوا وزادوا وصاروا اقوى من الفرس؟ لا قد يغلبون وهم اقل بنصر الله جل وعلا - 00:19:58ضَ

ولا تظنوا ان الغلبة دائما للاكثر في هذا بشارة للنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة لان الله جل وعلا سينصرهم على عدوهم وان كانوا قلة وان كان اعداؤهم كثر كما نصرهم الله جل وعلا في بدر - 00:20:23ضَ

وكان النصر العظيم وعدد المسلمين قليل وعدتهم ضعيفة وعدد المشركين كثير وعدتهم قوية لكن النصر بيد الله جل وعلا لله الامر من قبل ومن بعد من قبل نصر هؤلاء على هؤلاء ومن ومن بعد نصر هؤلاء على هؤلاء. دائما - 00:20:50ضَ

ابدا وازلا الامر بيد الله جل وعلا. لا شريك له في ذلك والاسباب قد تنفع وقد لا تنفع اذا لم يرد الله جل وعلا نفعها فلا تنفع قد يغلب العدد الكثير - 00:21:20ضَ

يغلبهم العدد القليل باذن الله جل وعلا لله الامر من قبل ومن بعد. ويومئذ يفرح المؤمنون يومئذ ينصر الله الروم على الفرس يفرح المؤمنون بذلك لان الروم اهل كتاب ويعترفون بوجود الله جل وعلا - 00:21:44ضَ

ويؤمنون بالبعث ويومئذ يفرح المؤمنون بهذا النصر وقد نصر الله جل وعلا المسلمين فيه في بدر او في صلح الحديبية القولين وكذلك دخل كثير من الناس في دين الله وهذا نصر من الله للمسلمين - 00:22:16ضَ

لما وقع ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم اسلم كثير من الكفار تصديقا للنبي صلى الله عليه وسلم حيث ظهرت معجزته ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر المؤمن يفرح بنصر الله - 00:22:52ضَ

الله جل وعلا نصر عباده المؤمنين كما نصر اهل الكتاب على اهل الاوثان وذلك يفرح المؤمن كما قال الله جل وعلا لتجدن اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود والذين اشركوا - 00:23:26ضَ

ولتجدن اقربهم مودة للذين امنوا الذين قالوا انا نصارى. وكلهم كفار. اليهود والنصارى والمشركون كلهم كفار. لكن بعظهم اقرب الى المؤمنين من بعظ ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء - 00:23:51ضَ

النصر بيد الله ينصر جل وعلا من اراد نصره قل عدده او كثر رويت عدته او ضعفت وفي هذا ان المرء يفوض الامر لله جل وعلا ولا يعتمد على الاسباب - 00:24:20ضَ

وانما يفعل الاسباب يفعل الاسباب كما قال الله جل وعلا واعدوا لهم ما استطعتم من قوة امر بفعل الاسباب. لكن اياك ان تعتمد على الاسباب الاسباب لا يعتمد عليها ويوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم - 00:24:53ضَ

فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين انه قال بعض الحاضرين لن نغلب اليوم من قلة حصارت الغلبة ثم النصر بعد ذلك باذن الله فالمؤمن - 00:25:20ضَ

يفعل الاسباب ولا يعتمد عليها ولا يجوز ترك الاسباب ان يقول المرء مثلا ان كان الله قد قسم لي ولدا فسيأتي ولن اتزوج هذا كحل لن اتزوج وان كان الله قد قسم لي ولدا فسيأتيني - 00:25:48ضَ

يخرج من جنبك فاذا تزوج فهل يصح له ان يعتمد على زواجه بانه سيرزق الولد لا محالة؟ لا قد يتزوج زوجة وثانية وثالثة ورابعة ولا يرزق شيء فلا يجوز للمرء - 00:26:15ضَ

ان يعتمد على الاسباب كما لا يجوز له ان يقصر في فعل السبب والايات والاحاديث في هذا كثيرة اعدوا لهم ما استطعتم من قوة هذا فعل اسباب بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز - 00:26:41ضَ

في ختام هذه الاية العظيمة من يذكر الله جل وعلا اسمه العزيز الذي لا يغالب والغالب جل وعلا ومن اراد ان يغالب الله فهو مغلوب وهو العزيز يعز من شاء - 00:27:09ضَ

ويذل من شاء الرحيم بعباده المؤمنين فهو عزيز في جانب الكفار جل وعلا رحيم في جانب المؤمنين وهكذا اذا دعا المسلم ربه جل وعلا ان يدعوه باسمه المناسب لما يطلب - 00:27:35ضَ

فمثلا اذا طلب الرأفة والرحمة يقول يا رؤوف يا رحيم ارحمني يا لطيف الطف بي ولا يقول يا رؤوف يا رحيم اخذل الكفار والمشركين وانما يقول يا عزيز يا جبار - 00:28:13ضَ

اكسر شوكتهم واخذلهم وهكذا فاذا دعا المسلم ربه جل وعلا فيدعوه بالاسم المناسب لما يطلب والله جل وعلا واوصوهم بصفات الكمال منزه عن صفات النقص والعيب والاثبات لله جل وعلا توقيفي - 00:28:39ضَ

يعني لا يجوز ان نأتي لله جل وعلا باسماء من عندنا وانما نصف ربنا جل وعلا بما وصف به نفسه في كتابه العزيز او على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم - 00:29:09ضَ

وننفي عن ربنا جل وعلا جميع صفات النقص والعيب على حد قوله جل وعلا ليس كمثله شيء هذا في جانب النفي وهو السميع البصير في جانب الاثبات نثبت ما اثبته الله جل وعلا لنفسه ولا نزيد - 00:29:33ضَ

ونمشي عن ربنا عن ربنا جل وعلا جميعا صفات النقص والعيب لم يلد ولم يولد ولا نقيس ربنا جل وعلا بصفات المخلوقين وقد تكون الصفة بالنسبة للمخلوق صفة كمال لكنها لا تليق بالله جل وعلا - 00:29:59ضَ

فنصف ربنا جل وعلا بما وصف به نفسه في كتابه العزيز او وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم وننزه ربنا جل وعلا عن كل صفة نقص وعيب لا تليق به - 00:30:31ضَ

والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:30:52ضَ