تفسير ابن كثير | سورة الروم

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبد الرحمن العجلان | 2- سورة الروم من الآية (6) إلى الآية (7).

عبدالرحمن العجلان

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن اكثر الناس لا يعلمون - 00:00:00ضَ

يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة هم غافلون هاتان الايتان الكريمتان من سورة الروم وعد الله لا يخلف الله وعده تقدم الايات قبلهما قوله جل وعلا الف لام ميم غلبت الروم في ادنى الارض - 00:00:31ضَ

في ادنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون بيظع سنين لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وعد الله لا يخلف الله وعده - 00:01:17ضَ

الايات قبل قوله وعد الله لا يخلف الله وعده وعد وخبر عن شيء سيقع في المستقبل ومن يخبر عن شيء سيقع في المستقبل يحاول ايجاده فيكون هناك مانع فوق طاقته وقدرته - 00:01:46ضَ

فلا يتحقق هذا بالنسبة للمخلوق واما بالنسبة للخالق جل وعلا فوعده حق وواقع لا محالة لانه لا يعجزه شيء ولا يرد امره احد فهو القادر المتصرف وعد الله هذا الذي وعد الله جل وعلا به وهو - 00:02:30ضَ

انتصار الروم على الفرس وان كان الفرس قد غلبوهم وجتاح ديارهم واخذوا شيئا من دولتهم وهم اي الفرس اقوى واكثر ولكن الله جل وعلا وعد بان ينتصر الروم على الفرس - 00:03:09ضَ

ووعده حق وواقع لا محالة وان كانوا قلة وضعفاء بالنسبة لعدوهم وعد الله حق المؤمن سمع وعد الله فامن به الكفار في شك ولهذا راهنوا على عدم انتصار الروم على الفرس - 00:03:48ضَ

كما تقدم لنا في درس امس راهنوا على قلائص من الابل خمس او سبع او مائة يدفعونها لابي بكر رضي الله عنه ان انتصر الروم على الفرس او يدفع لهم - 00:04:28ضَ

ابو بكر مثلها اذا لم يتحقق انتصار الروم على الفرس تراهنوا على ذلك كما راهن عليه ابو بكر رضي الله عنه اقرار من النبي صلى الله عليه وسلم. وذلك قبل تحريم الرهان - 00:04:54ضَ

وعد الله حق وعد الله لا يخلف الله وعده وعد هنا محلها من الاعراب مصدر مؤكد في مضمون الجملة لا للفعل لانه لم يتقدم وعد الواو والعين والدال لم يتقدم هذا اللفظ - 00:05:30ضَ

وانما تقدم معنا الوعد الذي هو الخبر من الله جل وعلا لان الروم سينتصرون على الفرس وتقدم ان عرفنا ان المسلمين يودون انتصار الروم على الفرس لان الروم اهل كتاب - 00:05:56ضَ

واما الفرس ووثنيون عباد النار ولذا يود المشركون من كفار قريش انتصار الفرس لانهم على شاكلتهم ويود المسلمون انتصار الروم لانهم اهل كتاب فوعد الله جل وعلا بما يسر المسلمين وانه واقع لا محالة - 00:06:23ضَ

وقال غلبت الروم في ادنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون ثم قال وعد الله حق وعد الله لا يخلف الله وعده الله جل وعلا لا يخلف وعده واما وعيده - 00:06:59ضَ

قد يخلفه جل وعلا تجاوزا وعفوا فان اخلاف الوعد بخل. والله منزه عن ذلك واخلاف الوعيد كرم وجود والله اهل لذلك والله جل وعلا يعد المؤمن الجنة ولن يخلف الله وعده - 00:07:31ضَ

وقد يتوعد الفاسق النار بالعذاب ثم يتجاوز الله جل وعلا عنه بفضل عمله الصالح وبرحمته جل وعلا فرق بين الوعد والوعيد. الوعد في الخير والوعيد في الشر والعذاب وعد الله لا يخلف الله وعده - 00:08:02ضَ

وخلاف الوعد كما يتقدم انه ملمة ودلالة على العجز ان المرء قد يعد بالشيء فيعجز عن تحقيقه او لا يقدر والله جل وعلا القادر على كل شيء. وعد الله لا يخلف الله وعده - 00:08:37ضَ

ولكن اكثر الناس لا يعلمون ولكن اكثر الناس لا يعلمون اكثر الناس يشكون في ذلك الله جل وعلا وعد وعد رسله وعباده المؤمنين بالنصر المؤمن موقن بذلك لا محالة سيتم النصر باذن الله - 00:09:06ضَ

عاجلا او اجلا واما الكافر فيشك في هذا الوعد ولكن اكثر الناس لا يعلمون لانهم لم يعرفوا الله جل وعلا حق المعرفة فلم يعترفوا له جل وعلا بما يستحق وفي قوله جل وعلا ولكن اكثر الناس لا يعلمون - 00:09:41ضَ

دلالة على ان الاكثرية غالبا على الضلال والقلة هم الذين على الحق كما في قوله جل وعلا وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله وقوله جل وعلا - 00:10:23ضَ

وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين في هذا تنبيه للمرء بان لا يغتر الاكثرية وكما ورد لان بعث الجنة من كل الف واحد وتسعمائة وتسعة وتسعون الى النار ولكن اكثر الناس لا يعلمون - 00:11:10ضَ

المراد باكثر الناس هنا قيل عامة الكفار والفرص والمثبطون للروم وكفار قريش وغيرهم وقيل المراد بالاية هنا كفار قريش لان الخلاف بين المسلمين وكفار قريش في وقوع هذا الامر وهم المعنيون - 00:11:47ضَ

بنزول الاية والله اعلم ولكن كما قال المفسرون رحمهم الله العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وقد يكون سبب الاية نازل في كفار قريش خاصة ولكن العبرة بالعموم يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا - 00:12:33ضَ

قد يقول قائل لقوله جل وعلا ولكن اكثر الناس لا يعلمون اليس المراد الكفار والمشركون بلى يقال عندهم علم وعندهم اختراع وعندهم تفكير واوجدوا اشياء بعقولهم وافكارهم اختراعهم ما كان يتوقع ان تصير وتوجد - 00:13:18ضَ

فكيف نفى الله جل وعلا عنهم العلم في قوله ولكن اكثر الناس لا يعلمون يقول نعم لا يعلمون ما ينفعهم لا يعلمون ما فيه سعادتهم في الدنيا والاخرة واما العلم - 00:13:56ضَ

الظاهر الدنيوي وهذا لا ينفعهم عند الله شيئا ولا يفيدهم منه وقت وجودهم في الدنيا وهي ايام قلائل ثم مآلهم الى النار فهل استفادوا هذا من علمهم؟ لا قال جل وعلا - 00:14:21ضَ

جوابا على مثل هذا السؤال كيف نفى الله جل وعلا عنهم العلم؟ قال يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا هذا علمهم وهم عن الاخرة هم غافلون يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا. الحياة الدنيا لها ظاهر - 00:14:50ضَ

ولها باطن وظاهرها المتعة التمتع بها والتلذذ بملاذ الحياة الدنيا من مآكل ومشارب وملابس ومراكب وغيرها الاستفادة من الاختراعات والمبتكرات والاشياء الدقيقة هذي ظاهر الحياة الدنيا وباطنها ما هو باطلها وحقيقتها - 00:15:20ضَ

انها مزرعة الاخرة مزرعة الاخرة يا مكان الزرع والعمل الصالح للاخرة فمن عمل صالحا في دنياه ربح الدنيا والاخرة ومن لم يعمل صالحا في دنياه خسر الدنيا والاخرة كيف يقال خسر الدنيا وقد استفاد الاموال الطائلة - 00:16:01ضَ

والمتاع نعم خسر الحقيقة خسر النفع العظيم الذي يعود اليه من الدنيا. وهو الاستعداد للاخرة واما ملاذ الدنيا فليست ربحا لانها تنتهي وتزول وبعد انتهائها لو سئل العبد هل مر عليه خير قط - 00:16:38ضَ

قال لا نسي كلما مر عليه من نعيم الدنيا اذهب ليس بشيء كزل لا يدوب يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا هذه المخترعات والمبتكرات من مراكب الجو والبحر البر التي تسابق الريح - 00:17:13ضَ

وهذه المخترعات الاتصالات والمكالمات يكلم المرء في وهو في مكان ما من كان في اقصى الدنيا وكأنه بجواره وكأنه ملصق شفتيه باذنيه وهو في اقصى الدنيا وما ادركوه من علم الحياة - 00:17:54ضَ

وما ينتفع به في الدنيا الكهرباء وغيرها من الامور كل هذا متاع من متاع الحياة الدنيا وهو اذا وجد يستفيد منه الصالح والطالح البر والفاجر يشتركون فيه والاخرة عند ربك - 00:18:38ضَ

للمتقين يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا واما حقيقة الحياة الدنيا انها تفنى وان الناس يؤولون بعد ذلك الى الله جل وعلا في الدار الاخرة وانه ليس هناك الا جنة او نار - 00:19:12ضَ

هذا معرضون عنه وهم عن الاخرة وهم غافلون وهم عن الاخرة قرر الضمير هم للتأكيد وهم غافلون عن امور الاخرة وما ذاك الا حرمان من الله جل وعلا الا لو تأملت - 00:19:43ضَ

في حالة بعض المخترعين والمفكرين من الكفار لوجدت فكره فكر عجيب وغريب ويدرك ما لا يدرك غيره ولكنه عما ينفعه معرض عما ينفعه في الدار الاخرة معرض لو حدثته عن اخلاص العبادة لله - 00:20:18ضَ

والايمان باليوم الاخر وهو عاقل مدرك تتهكم بك ولم يقبل منك واستجهلك في هذا الحديث والله جل وعلا ما خلق الخلق ومنهم هو ما خلق الا للعبادة وما خلقت الجن - 00:21:00ضَ

والانس الا ليعبدون. عموما وكونهم عمي عما ينفعهم ومبصرون في امور دنياهم هذا الى الله جل وعلا وهو الذي اعمى بصائرهم لحكمة يريدها الله جل وعلا قال الحسن البصري رحمه الله - 00:21:35ضَ

ان احدهم يعني احد اصحاب الدنيا لا ينقر الدرهم في طرف ظفره فيذكر وزنه لا يخطئ وهو لا يحسن يصلي نجد بعض المفكرين وبعض الحذاق في بعض الصناعات ما يتعلق - 00:22:28ضَ

في مهنته من بنا او هندسة او نجارة او زراعة او حدادة حاذق فيها كل الحذق لكنه لكن لو سألته كيف يصلي لاخطأ في صلاته فلا يقال ان هذا المخطئ في صلاته لا يعلم شيئا - 00:22:59ضَ

يعلم امور الدنيا حاذق فيها لا يغلب لكنه محروم من معرفة ما فيه سعادته في الدنيا والاخرة وهو التفقه في دين الله والفقه في دين الله واجب على المسلم فيما لا تصح عبادته الا به - 00:23:35ضَ

واما التعمق في المسائل الفقهية فهذا الى العلماء واصحاب الاختصاص لكن ما يلزم معرفته للعبادة من صلاة وزكاة وصوم وحج وغير ذلك من انواع العبادة يجب على المسلم ان يتعلمها - 00:24:14ضَ

ولا يجهله لانه خلق للعبادة فيجب ان يتفقه كيف يعبد الله جل وعلا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من يرد الله به خيرا يفقهه واما الفقه في امور الدنيا فهذا لا يدل على ارادة الخير من الله جل وعلا لعبده - 00:24:38ضَ

يبصره بامور دنياه ويكون محروما من التفقه في امور دينه لكن اذا اراد الله جل وعلا بعبده خيرا في امور دينه يعبد الله على بصيرة يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا - 00:25:14ضَ

وهم عن الاخرة هم غافلون وما ذاك الا حرمان من الله جل وعلا ودلالة على شكوتهم وانهم لن يستفيدوا من دنياهم خيرا والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد - 00:25:47ضَ

وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:26:09ضَ