تفسير ابن كثير | سورة السجدة

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبد الرحمن العجلان | 2- سورة السجدة من الآية (5) إلى الآية (9).

عبدالرحمن العجلان

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم يدبر الامر من السماء الى الارض ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون - 00:00:00ضَ

ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم الذي احسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الانسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين. ثم سواه ونفخ فيه من روحه. وجاء - 00:00:28ضَ

قال لكم السمع والابصار والافئدة قليلا ما تشكرون هذه الايات الكريمة من سورة السجدة يقول الله جل وعلا يدبر الامر من السماع الى الارض ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون - 00:00:53ضَ

جاءت هذه الاية بعد قوله جل وعلا الله الذي خلق السماوات والارض وما بينهما في ستة ايام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع افلا تتذكرون - 00:01:31ضَ

بين في الاية السابقة كمال قدرته في خلق السماوات والارض وما بينهما في ستة ايام وبين في هذه الاية انه يدبر الامر من السماء الى الارض فهو جل وعلا خلق - 00:01:56ضَ

ودبر وامر له الخلق وله الامر له التصرف المطلق جل وعلا يدبر الامر يعني يحكم الامر او يحكم بالامر وينزل القضاء والقدر ما قدره سبحانه وقيل ينزل الوحي مع جبريل عليه السلام - 00:02:32ضَ

من السماء الى الارض فالامر يأتي من السماء من الله جل وعلا الى الارض والاراضين السبع يعني جميع الاراضين الى تخوم الارض السفلى ثم يعرج اليه. يصعد اليه ويؤول اليه الامر - 00:03:09ضَ

يصعد اليه جبريل او يصعد اليه الامر الذي دبره سبحانه وتعالى في يوم كان مقداره الف سنة المفسرين رحمهم الله في هذا الجزء من الاية اقوال قال بعضهم يدبر الامر من السماء الى الارض في يوم كان مقداره الف سنة مما - 00:03:39ضَ

ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون اي ان الامر ينزل من السماء الى الارض ويعود كما امر جل وعلا من الارض الى السماء في وقت يسير - 00:04:24ضَ

بينما المسافة من السماء الدنيا الى الارض مسافة خمس مئة سنة بمقدار ما يسير الراكب خمسمائة سنة والعودة مثل ذلك. ومجموعها الف سنة اي ان الامر ينزل منه ويعود في لحظة - 00:04:54ضَ

بينما هو يستغرق لو كان على سير الرواحل وسير الادميين لاستغرق الف سنة لان ما بين السماء الدنيا الى الارض مسيرة خمس مئة سنة والعودة خمس مئة سنة هذا قول من من اقوال المفسرين وذكره الامام ابن كثير ونصبه الى بعض التابعين رحمهم الله - 00:05:26ضَ

وقال بعض المفسرين يدبر الامر من السماع الى الارض ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون يدبر الامر هلال الدنيا ثم يعود اليه الامر وحده جل وعلا في يوم القيامة - 00:06:05ضَ

له التدبير في الدنيا ويوم القيامة يرجع الامر اليه وذلك وذلك اليوم الذي هو يوم القيامة الف سنة والمراد بالف سنة يوم القيامة لانه ينتهي الامر الى الله جل وعلا - 00:06:42ضَ

لا امر ولا ناهي ولا حاكم الا هو سبحانه يصعد اليه الامر وحده والتصرف جل وعلا القول الاول ان المراد في الف سنة المسافة بين السماء والارض ذهابا وايابا وجبريل عليه السلام ينزل بالامر في لحظة - 00:07:15ضَ

القول الثاني ان المراد بالف سنة يوم القيامة وجل وعلا يدبر امور العباد في الدنيا فاذا انتهت الدنيا صعد الامر اليه وعرج الامر اليه لا الى غيره في ذلك اليوم الذي هو - 00:07:58ضَ

يعادل الف سنة وقد يقول قائل قال جل وعلا في اية اخرى تعرج الملائكة والروح اليه في يوم كان مقداره خمسين الف سنة اصبر صبرا جميلا في هذه الاية قال الف سنة وفي تلك الاية قال خمسين الف سنة - 00:08:22ضَ

قال الاولون الذين قالوا النزول والصعود نعم الف سنة من السماء الدنيا الى الارض ذهابا وايابا. وخمسين الف سنة من سدرة المنتهى الى الارض التي هي مكان ومنزل جبريل عليه السلام - 00:09:05ضَ

مسافة خمسين الف سنة على القول الثاني ان المراد يوم القيامة قالوا يوم القيامة يتفاوت بحسب الناس والخلق بعضهم يكون عليه في الف سنة انه الف سنة وبعضهم يكون عليه كأنه - 00:09:32ضَ

خمسين الف سنة وبعضهم يكون عليه بقدر صلاة مكتوبة وبعضهم يكون عليه بنصف النهار قد جاء في الحديث انه يكون على المؤمن كقدر صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا قال ابراهيم التيمي - 00:10:01ضَ

لا يكون على المؤمنين الا كما يكون ما بين الظهر والعصر يوم القيامة لانهم يؤمر بهم الى الجنة وقال بعض السلف انا اعلم متى يدخل اهل الجنة الجنة الى متى؟ قال في نصف النهار وقت القائلة - 00:10:47ضَ

ومن اين ذلك؟ قال من الاية التي في سورة الفرقان اصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا واحسن ثم قيلا قال يدخلون الجنة وقت القائلة من هذه الاية ففهمنا من هذا ان الامر - 00:11:24ضَ

ان المراد بالف سنة قيل في الدنيا الصعود والنزول الى السماء. وقيل في يوم القيامة وقد توقف حبر هذه الامة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن القول في هذين اليومين - 00:11:57ضَ

فقال ابن ابي مليكة دخلت انا وعبدالله بن فيروز مولى عثمان بن عفان رضي الله عنهما على ابن عباس فسأله ابن فيروز عن هذه الاية وعن مقدار خمسين الف سنة - 00:12:22ضَ

يعني هذه الاية الف سنة والاية الاخرى التي في المعارج خمسين الف سنة فقال ابن عباس رضي الله عنهما ايام سماها الله تعالى لا ادري ما هي واكره ان اقول في كتاب - 00:12:44ضَ

ما لا اعلم ويقول سعيد ابن المسيب رحمه الله امام التابعين هذا ابن عباس يقول لا ادري وهو اعلم مني فانا لا ادري والمرء اذا اشكل عليه اية من ايات كتاب الله - 00:13:06ضَ

ولم يدري لها تفسيرا او بحث في كتب التفسير فلم يهتدي الى شيء معين يقول الله اعلم بمراده بذلك فوضوا العلم الى عالمه جل وعلا ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم - 00:13:34ضَ

ذلك الذي صنع هذه الاشياء الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش والذي يدبر الامر من السماء الى الارض ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون من هو هذا - 00:14:03ضَ

والله ذلك عالم الغيب والشهادة ذلك عالم الذي يعلم الغيب ما غاب وما خفي والشهادة ما هو ظاهر بين وواضح الغيب ما لا يعلمه احد يعلمه الله جل وعلا والشهادة ما هو بين واضح معلوم - 00:14:23ضَ

ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم. ذلك مبتدأ وعالم الغيب والشهادة معطوف على الغيب العزيز الممتنع جل وعلا المنتقم ممن اراد الانتقام منه الغالب الذي لا يغلب العزيز الذي لا يضام - 00:14:53ضَ

ولا يرد له امر الرحيم باوليائه العزيز في جانب اعدائه جل وعلا ينتقم ويأخذ العبد اخذ عزيز مقتدر الرحيم الذي يرحم اولياءه يرحم من يستحق الرحمة يرحم من يتوب اليه - 00:15:24ضَ

يرحم من يسأله الرحمة فهو جل وعلا عزيز قوي برحمة ورحيم جل وعلا بعزه لانه قد يكون المرء عزيز لكنه عنده بطش لا رحمة عنده ولا يعرف للرحمة طريقا وقد يكون المرء رحيم - 00:15:51ضَ

من ذلته وهوانه فيه رحمة وذلة ولا يعرف للعزة سبيلا والله جل وعلا جمع بينهما فهو عزيز قوي لا يغالب في جانب اعدائه رحيم رؤوف باوليائه جل وعلا الذي احسن كل شيء خلقه - 00:16:27ضَ

احسن كل شيء خلقه. بفتح اللام خلقه وبجزم اللام احسن كل شيء خلقه طلقة قراءتان سبعيتان الذي احسن كل شيء خلقه قرعة الجمهور اتقنه واحكم فهو له حكمة ما كان لمصلحة - 00:17:01ضَ

اوجده جل وعلا احسن كل شيء خلقه خلق الانسان على صورة وخلق الحيوانات على صورة ولم يجعل صور الحيوانات كصور بني ادم ولم يجعل صور الحيوانات متشابهة وفصل الانسان على قدر حاجته - 00:17:38ضَ

وعلى مقتضى الحكمة فيما يقوم به معاشه من اليدين والرجلين والوجه وتناسب الاعضاء بعضها مع بعض وتقسيم اصابع اليدين وتقسيم اصابع الرجلين ووضع المفاصل بالايدي والارجل لتكون مطاوعة للانسان سهلة الحركة - 00:18:13ضَ

سهلة الانقباض وهيأ للانسان ما لم يهيئه للحيوان وهيأ للحيوان على قدر حالته وحاجته ومصلحته وما يقوم به معاشه الذي احسن كل شيء خلقه قال بعض المفسرين هذا في تقديم وتأخير - 00:18:53ضَ

والتقدير الذي احسن خلق كل شيء والمعنى معلوم سواء كان تقديم او لم يكن. الذي احسن كل شيء خلقه. قال ابن عباس رضي الله عنه اتقنه واحكمه وقيل علم كيف يخلق كل شيء - 00:19:35ضَ

الذي احسن كل شيء خلقه القراءة الاخرى لها معنى يستفاد من هذا التشكيل يعني الهم كل انسان ما يقوم به معاشه كما قال الله جل وعلا اعطى كل شيء خلقه ثم هدى - 00:20:09ضَ

فداه الى الامور التي يحتاج اليها هداه الى ستر عورته هداه للبنا هداه للزراعة هداه للنجارة هداه للتصميم والعمل لكل ما يحتاج اليه وما تقوم به اموره في المعاش هداه لتعلم الطب لتعلم الهندسة لتعلم ما يحتاج اليه الناس - 00:20:36ضَ

الذي احسن كل شيء خلقة يعني جعل كل شيء يحسن الشيء الذي يحتاج اليه وبدأ خلق الانسان من طين بعد ان ذكر جل وعلا نعمته ومنة وهدايته للناس قال وبدأ خلق الانسان من طين. بين مبدأ خلق الانسان - 00:21:12ضَ

والمراد بالانسان هنا ادم بانه هو المخلوق من طين والله جل وعلا خلقه من طين وبدأ خلق الانسان من طين ثم جعل نسله ذريته لانها تنشل منه وكل ذرية تنسل ممن هي منه يعني تخرج بانسياب وسهولة - 00:22:02ضَ

بدون كلفة ولا مشقة وجعل نسله من سلالة سلالة خلاصة ماء يخرج كما قال الله جل وعلا من بين الصلب والترائب من ماء يخرج من بين الصلب صلب الرجل وهي عظام الظهر والترائب - 00:22:35ضَ

ضرائب المرأة وهي عظام الصدر فيتكون الولد من هذا الماء من سلالة من ماء مهين ما ان مهين حقير لا قيمة له هذا مبدأ الانسان الذي كرمه الله جل وعلا - 00:23:03ضَ

واعطاه ما لم يعطي غيره وجعل نسله من سلالة من ماء مهين الذي هو المني اي ظعيف او حقير او لا يؤبه له ثم سواه سوى خلقه من هذا الماء - 00:23:43ضَ

جعله يتدرج اولا نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم يجعل الله جل وعلا هذه المضغة عظام ثم يكسوها لحم ثم ينفخ فيه الروح ثم يخرج طفلا رضيعا ثم شابا وهكذا حتى يتوفاه الله - 00:24:10ضَ

ثم سواه على احسن صورة ولم يجعله على صورة الحيوانات يمشي على يديه ورجليه واكرمه بستر العورة واكرمه بان يسر له وسخر له ما في السماوات وما في الارض كلها تجري لمصلحته - 00:24:45ضَ

وفي النهاية اكرمه جل وعلا بستره بعد موته بقبره ثم اماته فاقبره مما امتن الله جل وعلا به على العباد ان الله جل وعلا جعل القبر سترا لبني ادم ثم سواه - 00:25:16ضَ

ونفخ فيه الذي هو ادم الروح والاظافة الى الله جل وعلا اظافة تشريف وتكريم وليست اضافة تبعيض والله جل وعلا خلق ادم ولم يجعل فيه شيئا من ذاته جل وعلا - 00:25:45ضَ

وانما قوله جل وعلا ثم نفخ فيه من روحه ثم سواه ونفخ فيهم من روحه من روحه اضافة تشريف كقول بيت الله وناقة الله كل هذه يقال لها اضافة تشريف - 00:26:17ضَ

وتكريم في هذا المضاف الى الله جل وعلا ونفخ فيه من روحه. هذا كله في حق ادم وجعل لكم السمع ثم عاد جل وعلا لمخاطبة الخلق عموما وجعل لكم بعد هذا التطوير - 00:26:39ضَ

جعل لكم السمع والابصار والافئدة جعل لكم السمع والبصر والفؤاد الذي هو القلب افرد الله جل وعلا السمع وجمع الابصار والافئدة وجعل لكم السمع ولم يقل الاسماع وقال الابصار ولم يقل البصر - 00:27:09ضَ

والافئدة القلوب اولا من حيث الترتيب قال بعض المفسرين رحمهم الله لانها على حسب الادراك فالمرء اولا يسمع اسمع الصوت ثم يرى المتكلم ثم يتدبر قوله بفؤاده بقلبه يسمع باذنه - 00:27:44ضَ

ثم يبصر بعينه ثم يتأمل ويتدبر بقلبه وافرد السمع لانه مصدر والمصدر المفرد فيه يطلق على الفرد وعلى الجمع والابصار والافئدة قالوا وجعل مصدر والله اعلم لانه يأتي دفعة واحدة - 00:28:19ضَ

ولا يتحكم فيه الانسان يعني يسمع الكلام سواء جاء من امامه او من خلفه او من عن يمينه او شماله الصوت يسمعه مطلقة بخلاف البصر فهو يتحكم فيه شيء من - 00:28:55ضَ

التحكم وهو اغماض العينين وعدم اطلاق النظر وكذلك الفؤاد يستطيع ان يتدبر ويتأمل شيئا ما ويستطيع ان يصرف النظر والتأمل والتدبر عن شيء ما بخلاف السمع فهو يسمعه بلا اختيار - 00:29:20ضَ

وجعل لكم السمع والابصار والافئدة وهذه نعمة عظيمة امتن الله جل وعلا بها على العباد يسمعون ما يقال وينظرون ما يرى ويتأملون ويتدبرون بعقولهم وافكارهم ما يدرك بالعقول والافكار فجعل السمع ليسمع به الانسان - 00:29:52ضَ

وليستفيد من سمعه في طاعة الله جل وعلا وجعل البصر ليبصر به وليستفيد من بصره في طاعة الله جل وعلا وجعل الفؤاد الذي هو القلب والادراك ليدرك بقلبه وليتأمل ولينظر في نفسه ليجتهد في طاعة الله جل وعلا - 00:30:27ضَ

وشكر نعمة هذه الحواس العظمى باستعمالها في طاعة الله جل وعلا وكفرها باستعمالها في معصية الله جل وعلا وجعل لكم السمع والابصار والافئدة قليلا ما تشكرون لا تحصوها وما بكم من نعمة فمن الله - 00:30:52ضَ

لكن الشاكر من العباد قليل جعلنا الله واياكم من هؤلاء القليل الشاكرون قليل وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين وبعثوا الجنة من كل الف واحد - 00:31:46ضَ

وتسعمائة وتسعة وتسعون الى النار الاكثرية على الضلال والقلة على الحق والهدى ولهذا قال جل وعلا قليلا ما تشكرون. يغني قليل شكركم لهذه النعمة قليل منكم من يشكر والكثير يكفر هذه النعمة - 00:32:11ضَ

يتمتع بنعم الله جل وعلا. ويستعين بها على معصيته والعياذ بالله والله جل وعلا يوضح لعباده نعم وقدرته وكمال اوصافه ليعبدوه حق عبادته وليخلصوا له العبادة وليرعوا ويرجعوا عن معصيته - 00:32:39ضَ

وليتوبوا من اللجوء الى غيره. والتوجه الى غيره ممن لا ينفع ولا يضر ايا كان حتى ولو كان ملكا مقربا او نبيا مرسل فهؤلاء لا ينفعون ولا يظرون الا بامر الله جل وعلا - 00:33:14ضَ

ومن صرف شيئا من انواع العبادة لمخلوق كائنا من كان حتى وان كان جبريل وان كان محمد صلى الله عليه وسلم فقد كفر بالله العظيم وحبط عمله اوله واخره الا ان يتوب - 00:33:43ضَ

ومن تاب تاب الله عليه والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:34:01ضَ