يسر اخوانكم في الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ الدكتور خالد بن عثمان السبق ان يقدموا لكم هذه المادة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما - 00:00:00
اما بعد فحديثنا لا يزال متصلا بسورة الفاتحة وحديثنا في هذا اليوم عن القضايا التي اشتملت عليها سورة الفاتحة تفصيلا. وقد عرفنا قبل بانها تدور على موضوعين اثنين هما الثناء - 00:00:20
والسؤال هذا على سبيل الاجمال واما على سبيل التفصيل فيقال في بيان هذه الامور المجملة ان سورة الفاتحة قد اختصت بامور لم توجد في سورة اخرى في كتاب الله عز وجل - 00:00:40
لهذا كانت اعظم سورة في كتاب الله تبارك وتعالى. فمن خصائص هذه السورة انها مبدأ القرآن. كما انها على جميع علومه لانها مشتملة على الثناء على الله عز وجل ومشتملة على الاقرار بعبادته والاخلاص - 00:01:00
له وسؤال الهداية منه والاشارة الى الاعتراف بالعجز عن القيام بشكر نعمه والى شأن المعاد وبيان عاقبة الجاحدين كل هذا تضمنته هذه السورة وكونها مبدأ القرآن هذا واضح واما انها تحتوي على جميع - 00:01:20
علوم القرآن فسيأتي الحديث عنه بشيء من التفصيل. ومعلوم ان العلوم التي اشتمل عليها القرآن متعددة. ينص عليها بعض المفسرين في اوائل تفسيرهم. وعلى كل حال هي مشتملة على الثناء على الله. لانك تقول الحمد لله - 00:01:40
لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين. فاضافة المحامد كما سيأتي هذا حمد اضافة اوصاف الكمال واعادة ذلك ثانيا هذا ثناء واعادته ثالثا يكون ذلك من قبيل التمجيد كما انها مشتملة على الاقرار بعبادته - 00:02:00
سبحانه وتعالى وهذا من وجوه عدة اذ ان ذلك يدل عليه لفظ الله واظافة جميع المحامد اليه كما سيأتي لانه لا تضاف المحامد الا الى المعبود وحده الكامل من كل وجه وكذلك في قولك رب العالمين اذ ان ذلك يلزم - 00:02:20
منه ان يكون هو المفرد بالعبادة. وكذلك ايضا في قولك اياك نعبد فهذا عين التوحيد. وكذلك في في قولك اياك نستعين اذ ان الاستعانة نوع من انواع العبادة كما انها متظمنة لسؤال الهداية في قوله - 00:02:40
اهدنا الصراط المستقيم والاشارة الى الاعتراف بالعجز عن القيام بشكر نعمه فانت تقول اياك نعبد اياك نستعين فاياك نستعين يخرج العبد بهذا من حوله وقوته وطاقته وذكائه ومهاراته ويعلن عجزه - 00:03:00
وانه مفتقر كل الافتقار الى مولاه سبحانه وتعالى لاعانته على الطاعة والعبادة والقيام بذكر وشكره وحسن عبادته واياك نستعين. ولهذا كانت هذه الجملة كما سيأتي تطرد عن العبد الغرور وجب والالتفات الى النفس والنظر اليها والى ما اوتي الانسان من الطاقات والقدر. كما انها ايضا متظمنة - 00:03:20
تأني المعاد وذلك من وجوه متعددة سيأتي الكلام عليها. ومن اوضحها قوله مالك يوم الدين مالك يوم يوم الدين فيوم الدين هو يوم الجزاء والحساب هو يوم القيامة وعاقبة الجاحدين الكافرين لانه قال اهدنا الصراط - 00:03:50
استقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. فيتمايز الناس في ذلك اليوم الى اهل انعام والى اهل ضلال والى اهل ضلال وغضب فهذه السورة اشتملت على هذه الموضوعات القرآنية جميعا وهي موضوعات عظيمة تكلم - 00:04:10
انهى القرآن في سور كثيرة واعاد فيها وبينها اعظم بيان فهي مضمنة في هذه السورة فهي سمدة على مقاصد القرآن الاصلية. والعلماء حينما يتكلمون على مقاصد القرآن. يعني الموضوعات التي جاء القرآن - 00:04:30
لمعالجتها وبيانها. وايات القرآن تدور عليها وتشرحها وتقررها بوجوه شتى نجد ان سورة الفاتحة قد تضمنت هذه المقاصد التي قصد القرآن ايضاحها وبيانها للناس. واعظم هذه المقاصد التعريف الذي جاء الرسل عليهم الصلاة والسلام اليه يدعون ويأمرون الناس بتوحيده وتعظيمه - 00:04:50
اللائق فهذه السورة تحدثت عن هذه القضية وبينتها وهذا البيان المتعلق بالتعريف بالمعبود بهذه السورة يتضح من خلال النظر في ثلاثة اسماء ذكرها الله عز وجل في صدر هذه السورة وهذه الاسماء الثلاثة - 00:05:20
ترجع اليها جميع الاسماء الحسنى وهذه الاسماء الثلاثة هي الله وعرفتم معناه وقلنا ان جميع الاسماء الحسنى ترجع اليه لفظا ومعنى وعلى كل حال وعلى اقل تقدير فهو يتضمن صفات الالهية جميعا والاسم - 00:05:40
الثاني هو الرب الحمد لله رب العالمين. فالرب في اقل التقديرات عندما لا نتوسع في بيان المعاني يدل عليها او يستلزمها او يتضمنها فانه في اقل تقدير يدل على صفات الربوبية وصفات الربوبية معروفة - 00:06:00
كثيرة جدا الخلق والرزق والاحياء والاماتة وتدبير امور الكائنات وما اشبه ذلك. فهذا كله من معاني الربوبية والاسم الثالث هو الرحمن وهو يتضمن اوصاف الاحسان والجود والبر وما الى ذلك من الاوصاف والاسماء - 00:06:20
التي تدور في هذا الفلك والسبيل. كما ان السورة ايضا مبنية على الالوهية والربوبية والرحمة. فقولك مثلا اياك نعبد مبني على الالوهية وذلك انك قدمت المعمول اياك نعبد ما قلت نعبدك فاياك - 00:06:40
كنعبد يقتضي الحصر فهو يدل على التوحيد توحيد العبادة من اياك نعبد واياك نستعين مبني على الربوبية لان الذي يعين ويقوي ويعطي ويهب ويمنع وما الى ذلك هو الرب. فالعطاء والمنع كله من معاني الربوبية - 00:07:00
واهدنا الصراط المستقيم مبني على الرحمة لان هداية الله عز وجل للعبد انما هي رحمة اسداها اليه واكرمه بها فالمرحوم من وفقه الله عز وجل لهداه فامن واتبع المرسلين فهذه اعظم رحمة تحصل للعبد - 00:07:20
ينتج عنها رحمات في الدنيا ورحمات في الاخرة. فكل رحمة هي ناشئة ومتولدة على هذه الرحمة. واذا عدم عبده هذه الرحمة رحمة الايمان والهداية والتوفيق الى سبيل الله عز وجل والى صراطه المستقيم فانه يحرم بعد - 00:07:40
ذلك رحمة الجنة. فالجنة هي رحمة الله عز وجل يرحم بها من يشاء. فمن حصل رحمته في الدنيا التي هي بداية الى الصراط المستقيم كان ذلك طريقا الى تحصيل الرحمة في الاخرة. فضلا عن كونه طريقا الى تحصيل رحمة اخرى - 00:08:00
في الدنيا وذلك بطمأنينة القلب وانشراح الصدر والنصر على الاعداء والتمكين والحفظ وما الى ذلك مما يحصل لاهل الايمان ويكرمهم الله عز وجل به. والحمد الذي ذكر في اول كلمة في هذه السورة اذا قلنا ان - 00:08:20
البسملة ليست اية منها الحمد يتضمن الامور الثلاثة ويتوجه اليها فالله عز وجل له الحمد المطلق الكامل في الهيته. وله الحمد المطلق الكامل في ربوبيته. وله الحمد المطلق الكامل في رحمانيته وفي اسمائه وصفاته. فهو المحمود في ذلك كله المحمود في افعاله فافعاله - 00:08:40
حق وصواب والمحمود في احكامه الشرعية واحكامه الكونية القدرية. فاحكامه الشرعية كلها حق وصواب ليس فيها خطأ وهي حكمة مبنية على علم يضع الامور فيها في مواضعها فلا يشرع تشريعا الا هو في غاية الاحكام. وكذلك الاحكام الكونية. فالله عز وجل لا يقضي قضاء في هذا الكون ولا يقع شيء - 00:09:10
الا بعلمه وقد اقتضت حكمته سبحانه وتعالى ان يقع. فكل ذلك التدبير وكل ذلك التسخير وكل ذلك الايجاد والاعدام والاحياء والاماتة والرزق وتفاضل الخلق في العطايا كله مبني على حكمة بالغة وعلى بصر - 00:09:40
وعلى علم كامل كما ان هذه السورة تتضمن موضوعا اخر من مقاصد القرآن وهو اثبات المعاد والجزاء. فالله عز وجل يشرح هذا الموضوع ويبين دلائل القدرة على ايجاد الخلق مرة ثانية. تارة - 00:10:00
بنشأتهم الاولى وتارة يلفت انظارهم الى الشجر الاخضر كيف اخرج منه نارا وتارتان يبين لهم اشياء مشاهدة في احياء الارض بعد موتها بانزال المطر عليها فتخرج الوان النباتات وتارة يلفت انظارهم - 00:10:20
الى وقائع حدثت من اماتة اقوام واحيائهم كالرجل الذي استبعد احياء الله عز وجل كالقرية بعد هلاكها وهلاك اهلها. استبعد ذلك في قدر البشر وفي طاقات البشر. فاماته الله عز وجل مئة عام ثم - 00:10:40
وبعث فاراه عملية الاحياء. وكذلك اولئك الالوف الذين خرجوا من ديارهم حضر الموت. فقال لهم الله موتوا ثم احياهم وكذلك ايضا اصحاب الكهف الذين بقوا تلك المدة الطويلة احياهم الله عز وجل ورأى الناس ذلك كما ان - 00:11:00
ايضا تتضمن التعريف بالصراط المستقيم. وهو الذي جاء الرسل عليهم الصلاة والسلام ليشرحوه للناس بينوا تفاصيله ونزلت الكتب شارحة له. اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا - 00:11:20
لا الضالين فهو الطريق الوسط بين الطرق المختلفة المعوجة جاءت هذه الفاتحة مشيرة اليه وتعلم العبد كيف يدعو ربه ليسلكه هذا الصراط فيسير عليه ليحقق النجاة عند الله عز وجل. كما انها تضمنت تعريف الحال عند الرجوع الى الله عز وجل - 00:11:40
لان الناس في ذلك الحين ينقسمون الى منعم عليهم. ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا. ذلك الفضل من الله. فهذه هي الطائفة الاولى ويأتي - 00:12:06
اقوام ضلوا عن الحق لجهلهم به. فهؤلاء هم الضالون الذين اشارت اليهم هذه السورة. فكل من اعمى الله عز وجل قلبه عن معرفة الحق فزاغ عنه بسبب جهله فانه من هؤلاء ايا كان دينه ومذهبه. وكذلك اهل الغضب وهم كل من عرف الحق - 00:12:26
ولم يتبع هذا الحق فهو من اهل الغضب. فالناس على ثلاث طوائف قوم عرفوا الحق واتبعوه فهؤلاء هم اهل الانعام عرفوا الحق ولم يتبعوه. فهؤلاء هم اهل الغضب. وقوم لم يعرفوا الحق. واعماهم الله عز وجل عنه - 00:12:53
هؤلاء هم اهل الضلال فالذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا يعرفون حقيقة ما جاء به ولم يتبعوه هم من جملة المغضوب عليهم واول من يدخل في ذلك اليهود لانهم اهل علم ودراية واما النصارى فان الله عز وجل - 00:13:13
وصفهم بالضلال لان الغالب عليهم الجهل. ففيهم رهبانية وفيهم عبادة الا ان العلم قليل فيهم مقارنة باليهود فهؤلاء اهل الضلال. ولكن كل من عرف حقيقة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. او بلغته الدعوة - 00:13:33
من النصارى ولم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد اتضاح ذلك واستبانته فهو من اهل الغضب ولذلك نقول ان هؤلاء النصارى الذين عرفوا حقيقة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يتبعوه هم من جملة المغضوب عليهم - 00:13:53
كذلك ايضا طوائف من العالم من الوثنيين من عبدة النار من عبدة الاشجار من عبدة القبور كل من عرف الحق وحاد عنه لكبر او لهوى او لغير ذلك فهو من جملة المغضوب عليهم فهي تعرف الحال التي تكون - 00:14:13
واذا صار الناس الى الله عز وجل وما يحصل لهم فيه من الجزاء من قوله تعالى ما لك يوم الدين. فالدين معناه الجزاء معنى ذلك ان الناس سيجازون على اعمالهم لا يبعثون هكذا وانما يبعثون للجزاء والحساب كما انها - 00:14:33
الاعتبار تتضمن ايضا احوال المطيعين واحوال الجاحدين فان اهل الغضب مصيرهم الى النار الانعام يكون مصيرهم الى مقتضى ذلك من الاكرام والجنة والنظر الى وجه الله عز وجل الكريم كما ان هذه السورة ايضا تضمنت مقصدا كبيرا من مقاصد القرآن وهو اثبات النبوات. وذلك من تسعة اوجه - 00:14:53
في الفاظها وكلماتها وحروفها تجد ذلك واضحا فقوله الحمد لله كيف نعرف حمده وكيف نعرف انه متصف بالصفات التي يحمد عليها الا عن طريق الكتب وعن طريق الرسل عليهم الصلاة والسلام. كما ان في اثبات الحمد الكامل لله عز وجل. ووصفه باوصاف - 00:15:23
الكمال يقتضي ذلك كمال حكمته وانه لا يخلق الخلق عبثا ولا يتركهم سدى. اذا قلت الحمد لله هو محمود على كل حال. فمن ذلك انه لا يترك الخلق يخلقهم ثم يفنيهم من غير حكمة. من غير - 00:15:51
ان يرتب على هذا الخلق امرا عظيما يحصل بعد ذلك فان الحكمة تمنع من هذا فحكمته تبارك وتعالى تعالى اقتضت ان يخلق الناس وان يعطي كل واحد منهم رأس مال وهو العمر ثم يتجر كل انسان بما اعطاه الله عز وجل من هذا - 00:16:11
او من رأس هذا المال وهو الدقائق والساعات والثواني. فقوم يشمرون ويجدون ويجتهدون في تحصيل منازل عند الله عز عز وجل في دار كرامته. وقوم يشتطون ليحصلوا منازل في دركات النار. ثم اذا قدموا على الله - 00:16:31
عز وجل وقع بينهم التغابن والتفاوت العظيم. فاهل الجنة يتوارثون منازل اهل النار واهل النار يتوارثون منازل اهل الجنة يعني في النار فكل واحد له منزلان منزل في الجنة ومنزل - 00:16:51
في النار فذلك يوم التغابن. ثم ايضا انظر الى هذا الاسم الكريم الله اذ ان معناه انه هو المألوف المعبود؟ وهل يمكن ان يعبد الا عن طريق الرسل؟ وعن طريق الشرائع والكتب التي تأتي بها الرسل عليهم الصلاة والسلام - 00:17:10
كيف يعبد جل جلاله من غير بعث المرسلين؟ ثم تأمل كونه رب العالمين فان هذا يقتضي انه لا يتركهم هملا وشدى لان الرب يتعهد مربوبه بالاصلاح والتربية وهذا يقتضي ان يرسل - 00:17:30
الرسل فيأمرونهم وينهونهم وينزل عليهم الكتب. ثم تأمل ايضا الرحمن الرحيم فان رحمته سبحانه وتعالى تقتضي الا يترك عباده من غير بيان لما يرضيه وما يسخطه فالله عز وجل لا يؤاخذ الناس ولا يعاقبهم من غير ان يبعث اليهم الرسل يبينون الطريق الموصل اليه ويبينون اسباب سخطه - 00:17:50
ويبينون اسباب مرضاته. فلا يأخذهم تبارك وتعالى من غير بيان وتفهيم وتعليم لما يحبه وما يسخطه ولهذا يقول الله عز وجل في حق نبيه صلى الله عليه وسلم وما ارسلناك الا رحمة للعالمين. وتأمل - 00:18:20
كون الله عز وجل مالك يوم الدين فان من تمام ملكه ان يكون له رسل وكتب يبثها في قار مملكته لتبليغ اوامره ونواهيه. وتأمل في قوله يوم الدين. فهذا يوم الدين اي يوم الجزاء - 00:18:40
فمعنى ذلك ان الناس يجازون في الاخرة. وهذا الجزاء مرتب على امر وهو قيام الحجة. وكيف تقوم عليهم الحجة الا بعد ان يرسل اليهم الرسل وينزل عليهم الكتب. وتأمل قوله ايضا اياك نعبد فكيف يعبد الا بما شرع - 00:19:00
وكيف نعرف ما شرع الا بارسال المرسلين وانزال الكتب والشرائع. وتأمل قوله ايضا اهدنا الصراط المستقيم فالصراط المستقيم هو الصراط الموصل الى الله عز وجل هو اتباع القرآن هو سلوك الشريعة واتباع الرسول عليه الصلاة - 00:19:20
والسلام ولا يمكن للانسان ان يسلك الصراط المستقيم الا ببعث الرسل. وقد حاول اقوام ان يجتهدوا في التعبد في في ازمنة هي من ازمنة الفترات. واذا قرأت في اخبارهم وما وقع لهم من محاولات رأيت رحمة الله عز وجل ببعث الرسل - 00:19:40
عليهم الصلاة والسلام ليبينوا للناس الشرائع وتأمل قوله تعالى صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب المغضوب عليهم ولا الضالين. فهذه السبل صراط المنعم عليهم وصراط اهل الغضب وسبيل اهل الغضب وسبيل اهل - 00:20:00
الضلال لا يمكن ان يعرف ذلك ويميز الا عن طريق بعث الرسل عليهم الصلاة والسلام. وكذلك ايضا كيف قسم الناس الى اهل غضب والى اهل ضلال والى اهل انعام. كان الناس لربما في البلد المعين او في القبيلة المعينة - 00:20:20
على ملة واحدة فيأتي الرسول اليهم فيدعوهم الى الله عز وجل. ويبين لهم البراهين الدالة على صدقه فينقسم الناس في ذلك الى هذه الاقسام الثلاثة قوم يتبعونه فهؤلاء اهل الانعام وقوم يتبين لهم حقيقة ما جاء به - 00:20:40
يعرفون ذلك فينكرونه ويجحدونه فهؤلاء اهل الغضب وقوم اتباع كل ناعق يطمس الله عز وجل بصائره فلا يتبعون الحق وانما يتبعون سادتهم وكبراءهم او يعرضون عن ذلك بالكلية من غير قصد - 00:21:00
الى جحوده وتكذيبه لانه قام عندهم ما يدل على ذلك او انهم قصدوا تكذيبه كبر في وفيهم مثلا او نحو ذلك انما هم اشبه بالبهائم. يتبعون الكبراء والسادة فيحتجون الله عز وجل في هذه الحجة الواهية الساقطة. انا اطعنا سادتنا وكبرائنا فاضلونا السبيل. فهؤلاء كثيرون - 00:21:20
من البشر هم بهذه المثابة يلغون عقولهم ولا يفكرون ويتبعون هؤلاء المضلين هذه وجوه دلالة او اشتمال هذه السورة على مقاصد القرآن. كما انها مشتملة على انواع التوحيد الثلاثة العلمي توحيد الاسماء والصفات وتوحيد الربوبية مدار ذلك على الرب والرحمن - 00:21:50
والرحيم والمالك والله كل ذلك بالاضافة الى قوله الحمد فان ال كما سيأتي للاستغراق استغراق جميع المحامد ولا يمكن ان تضاف جميع المحامد الا لمن كان متصفا بجميع صفات الكمال والا فانه ينقص من حمده - 00:22:23
بقدر ما نقص من كماله. فاذا كان قد بلغ في الكمال غايته فان هذا يعني ان الحمد الكامل يضاف اليه وينسب اليه الفاتحة مشتملة على التوحيد العلمي الخبري بطريق مجمل - 00:22:43
بطريق مفصل اما الطريق المجمل فهو اثبات الحمد الكامل المطلق لله عز وجل. هذا يقتضي انه موصوف بجميع صافي الكمال وانه الرب الذي قد اتصف بصفات الربوبية جميعا وطريق مفصل وهو كما ذكرت. اثبات صفة الالهية والربوبية والرحمة والملك. وعلى هذه الاربع - 00:23:03
دور الاسماء والصفات. واما توحيد الالهية فهي مشتملة عليه ابلغ اشتمال. فالحمد فالله يتضمن الصفة الالهية والجلال والجمال كما ان الرب يتضمن صفة الربوبية والفعل قدرة ونفوذ المشيئة والتدبير. ومعلوم ان الربوبية اذا ثبتت فانها تستلزم تستلزم الالهية. لان من ثبت انه الرب - 00:23:33
وانه النافع الضار المحيي المميت الرازق المعطي المانع فما الحاجة الى غيره؟ فيلزم من ذلك ان يعبد. ولهذا فان القرآن يقرر وهذه القضية كثيرا ويوجه السؤال للمشركين من الذي يخلق؟ من الذي يرزق؟ من الذي يحيي؟ من الذي يميت؟ فاذا اقروا وهم يقرون ان - 00:24:03
انه الله وحده فاذا هذا يقتضي ان توجه العبادة اليه. فما حاجتكم بهذه الالهة؟ من دون الله تبارك وتعالى كما ان اسم الرحمن يتضمن صفات الاحسان والجود والبر واللطف وكون الله عز وجل مالك يوم الدين - 00:24:23
المالك يتضمن اوصاف العدل والقبض والبسط والخفض والرفع والعطاء والمنع والاعزاز والاذلال والقهر والحكم فهكذا تضمنت هذه السورة انواع التوحيد الثلاثة توحيد الاسماء والصفات وتوحيد الربوبية وتوحيد وتوحيد الالهية واوضح - 00:24:43
موضع يدل فيها على توحيد الالهية هو اسم الله. لفظ الجلالة الله واياك نعبد واياك نستعين واذا اردنا ان نتأمل كل لفظة في هذه السورة ودلالتها على التوحيد فاننا نجد ذلك كثيرا حتى ان بعض اهل - 00:25:03
العلم لربما اوصلها الى اكثر من ثلاثين وجها. في دلالة سورة الفاتحة على التوحيد. بل ان بعضهم انبط من البسملة فقط ما يقرب من ثلاثين وجها في الدلالة على التوحيد. فالابتداء ببسم الله اذا قلنا ان البسملة - 00:25:23
اية من سورة الفاتحة الابتداء باسم الله وتأخير المتعلق المقدر بسم الله ابدأ بسم الله ابتدائي بسم الله اقرأ بسم الله قراءتي فالابتداء ببسم الله عز وجل له دلالة ومعنى وكذلك لفظ الجلالة الله كما قلنا يتضمن صفة الالهية - 00:25:43
وهي متضمنة لصفة لصفة الربوبية ودخول ال على الرحمن فهي تدل على الاختصاص. وكذلك دخول اهل على الرحيم وكذلك دخول ان على الحمد. لان هذا يعني الاستغراق. استغرقت من المحامد وكما قلت لا يكون الا للكامل - 00:26:03
لا يكون ذلك الا للكامل من كل وجه. وكذلك لام الاستحقاق الداخلة على لفظ الجلالة الحمد لله. اي ان الحمد مستحق لله تبارك وتعالى وحده لا شريك له. والمقصود بهذا الحمد هو الحمد التام. واما المحامد التي تضاف الى المخلوقين - 00:26:23
فهي بحسب ما اتصفوا به من اوصاف الكمال. ولذلك يتفاوتون فتجد ان بعضهم يحمد بما لم يحمد به الاخر. والحمد الموجه الى بعض الضعفاء المساكين من المخلوقين قد يكون اكثر من بعض اخوانهم من المخلوقين. واما الله عز وجل - 00:26:43
له الحمد الكامل الحمد لله فاللام هنا للاختصاص او للاستحقاق وكذلك دلالة الرب واضافته الى العالمين فالرب هذا يدل على توحيد الربوبية يتضمن توحيد الربوبية وهو يستلزم توحيد الالهية وكذلك ايضا حينما يضاف الى العالمين - 00:27:03
رب العالمين فمعنى ذلك انه رب العالم العلوي والسفلي. وكذلك ايضا دلالة العالمين وهو اسم لما سوى الله عز وجل فليس ثمة الا خالق او مخلوق. فكل هذا الخلق هو من جملة العالمين. قال فرعون وما رب العالمين؟ يقول لموسى - 00:27:23
صلى الله عليه وسلم يقول وما رب العالمين؟ قال رب السماوات والارض وما بينهما فهذا هو العالم او معنى ويدخل فيه كل شيء مما سوى الله عز وجل فالله ربه ومليكه. ثم تأمل في العالمين رب - 00:27:43
فهذا يدل على الاستغراق ايضا. وكذلك مجيء العالمين بصيغة الجمع فهو لا يختص بالعالم السفلي مثلا او العالم العلوي او يختص بعالم الادميين او بعالم الجن وانما رب العالمين من جميع الكائنات من - 00:28:03
طيور وانواع الدواب والادميين والجن والملائكة وما الى ذلك مما لا يحصيه ولا يعلمه الا الله جل جلاله وتأمل ايضا في قوله الرحمن الرحيم حيث انه يتضمن صفة الرحمة لله عز وجل وكذلك ايضا - 00:28:23
تأمل في دلالة مالك يوم الدين. من جهة دلالة لفظة مالك بمفردها. وفي القراءة الاخرى ملك. اي انه الذي له الملك المطلق وهذا لا يعارض ان بعض المخلوقين يقال له ملك لان ملكهم انما هو بتمليك الله عز وجل - 00:28:43
قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير. ثمان ملك المخلوقين مسبوق بي العدم. ويعقبه الزوال والذهاب. فهم اما ان يموتوا عنه - 00:29:03
واما ان يفارقهم في حياتهم واما ملك الله عز وجل فهو كامل ثابت راسخ لا يتبدل ولا يزول ثمان الملك اضافه الله عز وجل الى يوم الدين. وتأمل هذه الاضافة مع ان الله عز وجل مالك العالم. العلوي والسفلي - 00:29:23
فكله ملك لله عز وجل. فالله مالك يوم الدين وملك يوم الدين لان ذلك اليوم هو اليوم الاعظم. هو اليوم الذي يخضع فيه الخلائق. ويقول الله عز وجل لهم لمن الملك اليوم؟ فهو لله الواحد القهار. فلا احد يدعي في ذلك اليوم - 00:29:43
كان بينما في الدنيا قد يدعي الملك بعض المخلوقين وهم تحت ملك الله عز وجل وتصرفه. ولهذا يقال اذا كان الله عز وجل مالكا ليوم الدين فما دونه من الايام فملك الله عز وجل له ابلغ واكد واعظم - 00:30:03
وذلك من باب اولى فلا يفهم احد ان الله عز وجل هو مالك ليوم الدين وليس مالكا لغيره كهذه الحياة الدنيا لا اذا كان في ذلك اليوم الكبير الذي يجتمع فيه الاولون والاخرون يجتمع فيه الملوك من اول الدنيا الى اخرها - 00:30:23
فيه العوالم من الجن والانس والدواب والطير كل ذلك يجتمع في ذلك اليوم مع اهل السماوات فان هذا يقتضي ان ما عداه فان ذلك متحقق لله عز وجل من باب اولى. فالله عز وجل هو المالك وهو الملك - 00:30:43
كما سيأتي ايضاحه في الكلام على هذا الموضع من سورة الفاتحة باذن الله عز وجل. ثم ايضا تأمل لفظ الدين وهو الجزاء والحساب. فالذي يتولى حساب الناس والذي يتولى جزاءهم هو الله وحده لا شريك له. ولذلك فان الله - 00:31:03
عز وجل يبين لنبيه في مواضع من كتابه ان الذي عليه هو البلاغ فقط وان الحساب انما هو على الله عز وجل ان عليك الا البلاغ فمهمة الرسل عليهم الصلاة والسلام هي البلاغ. والله عز وجل هو الذي يتولى حسابهم بعد ايابهم - 00:31:23
فهذا معنى يختص بالله تبارك وتعالى. ثم ايضا تأمل في قوله اياك نعبد من جهة تقديم المعمول فهذا يعني الافراد بالعبادة التوحيد. ومن جهة الفعل نعبد اياك نعبد. فجميع الخلائق لا - 00:31:43
يخرجون عن هذا الاتصاف اما طوعا او قهرا. قهرا ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبدا. وطوعا هؤلاء هم اهل الايمان والاستجابة. فالخلق جميعا هم عبيد لله تبارك وتعالى. ثم ايضا تأمل - 00:32:03
في قوله اياك نستعين من جهة تقديم المعمول ايضا اذ ان ذلك يدل على الحصر فهو المستعان به وحده ايضا الاستعانة تدل على عجز وفقر بالنسبة للمستعين وتدل على كمال وقوة واقتدار وغنى - 00:32:23
بالنسبة للمستعان به ثم ايضا تأمل في وجه تخصيصه بطلب الهداية من جهة جمع الضمير في قوله اهدنا تطلب الهداية من الله عز وجل وكذلك ايضا تقول اهدنا فالخلق جميعا مفتقرون - 00:32:43
فكل الافتقار الى هداية الله عز وجل ولطفه ورحمته بهم فيبين لهم الحق ويوفقهم اتباعه ثم وايضا كون هذه الهداية مقيدة بانها الى الصراط المستقيم والصراط المستقيم انما هو التوحيد والايمان ولا - 00:33:03
يمكن ان يكون ذلك بعبادة غير الله عز وجل او التخليط في هذا المعنى. ثم تأمل ايضا في قوله صراط الذين انعمت عليهم لان من يهدي الى هذا الصراط الذي هو صراط من انعم الله عليهم يستحق الا يشتغل - 00:33:23
بغيره صراط الذين انعمت عليهم فلماذا يلتفت الى غيره؟ فيخضع المخلوق لهم ويعبد نفسه اليهم. لا يحصل من وذلك الا الخيبة والذل لمخلوق يماثله. فالذي يهدي الى الصراط الصحيح المستقيم صراط اهل الانعام - 00:33:43
هو الله عز وجل فلماذا يلتفت الى غيره؟ ولماذا يعبد غيره ويعظم غيره؟ التعظيم الذي يستحقه الله عز وجل. ثم تأمل في قوله ايضا غير المغضوب عليهم فالوصول الى النعم قد يكون منغصا مكدرا بغضب المنعم. فالله عز وجل - 00:34:03
لنا كيف ندعوه؟ اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم من غير غضب يصاحب ذلك داخله ويخالطه غير المغضوب عليهم ولا الضالين وذلك انه قد يتوهم متوهم ان تحصيل الرضا - 00:34:23
ممن يطلب منه الرضا قد يكون مشوبا بشيء من الغواية. واما هذا الرضا الذي نطلبه من الله عز وجل وهو بسلوك طريق مستقيم. لا يشوبه غواية وانحراف وضلال. كما انه لا يلحق صاحبه غضب - 00:34:43
وسخط لله عز وجل لان الغضب والسخط انما يتعلق بمخالفة هذا الصراط وبالانحراف عنه فاذا سلكه الانسان فصار عليه سيرا صحيحا مع حسن القصد فان ذلك يكون سببا لنيل مرضاة الله تبارك وتعالى. كما ان هذه - 00:35:03
صورة ايضا تشتمل على الرد على جميع طوائف الانحراف. وذلك في قوله غير المغضوب عليهم ولا الضالين. اذ لا يخلو من ضل عن سلوك احد هذين السبيلين وعن الاتصاف باحد هذين الوصفين اما اهل الضلال واما اهل الغضب كما بينت - 00:35:23
كما انها تشتمل على الشفائين شفاء الابدان وشفاء القلوب. والله عز وجل يقول وننزل من القرآن ما هو شفاء رحمة للمؤمنين فجعله شفاء ولم يصفه بانه دواء. ولاحظ الفرق قد تقول انت هذا دواء. ولكنه لا يناسبك او - 00:35:43
لا يناسب من يصرف اليه فيتخلف عنه البرء بل قد ينعكس الحال فيكون ضررا عليه. فتأمل في قوله تبارك وتعالى يخرج من بطونها شراب مختلف الوانه فيه شفاء ما قال فيه دواء فعبر عن الغاية التي يوصل اليها والنتيجة - 00:36:03
مضمونة المأمونة وهي انه شفاء. ما قال دواء فان الدواء قد لا يتحصل اثره ولا يترتب عليه نتيجته المرجوة لوجود مانع او لفقد شرط. بينما وصفه الله عز وجل بانه شفاء. وهكذا القرآن وننزل من القرآن ما هو - 00:36:23
شفاء ورحمة للمؤمنين. ولا يزيد الظالمين الا خسارا. واعظم ذلك سورة الفاتحة. فهي مشتملة على شفاء القلوب لانها بينت صفة المعبود وبينت الطريق الموصل اليه وبينت ايضا الطرق الاخرى التي - 00:36:43
لتجافيها وتخالفها كما انها ايضا تشتمل على شفاء الابدان وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم وما ادراك انها فابلغ ما يرقى به الانسان في علته ومرضه ايا كانت انما هو سورة الفاتحة فهي مشتملة على هذا وهذا - 00:37:03
من نظر الى احوال الناس في عللهم وامراضهم واسقامهم ايا كانت ونظر في اثر القرآن لا سيما في سورة نظر في اثر ذلك وجد عجبا. وابن القيم رحمه الله كان يذكر عن نفسه انه مرض بمكة. فكان يرقي نفسه - 00:37:23
بسورة الفاتحة فقط يقول فرأيت لذلك اثرا عجيبا وانظر الى حال من يبتلون بتسلط الشياطين وبمسهم لهم كيف اذا قرأ عليهم القرآن سيما سورة الفاتحة رأيت لذلك اثرا عجيبان بليغا وذلك الرجل الذي لدغ - 00:37:43
كما في حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه فجاء اصحابه وقومه الى اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا هل فيكم من راق؟ فرقاه رجل منهم فقام كانما نشط من عقال. كانه ليس به بأس. وقد لدغ. فالحاصل ان هذه السورة مشتملة على هذا - 00:38:03
وهذا كما انها ايضا تشتمل من جهة او على سبيل التفصيل على شفاء القلوب بان القلوب وامراض القلوب يدور على اصلين. فساد العلم وهذا ينشأ عنه الضلال. وفساد القصد وهذا ينشأ عنه - 00:38:23
الغضب والشفاء منه في الهداية الى الصراط المستقيم. ولهذا نقول اهدنا الصراط المستقيم. واما الشفاء من الغضب فهو بالتحقق من اياك نعبد واياك نستعين اياك نعبد فمن عبد غير الله فقد حصل اعظم اسباب - 00:38:43
واياك نستعين فان هذا يدفع العجب عن الانسان الاول يدفع الشرك والرياء اياك نعبد ان توحد القصد والارادة فتريد وجه الله عز وجل فحسب فلواحد كن واحدا في واحد اعني سبيل الحق والايمان - 00:39:03
فيتوجه الانسان بكليته الى الله عز وجل. ان توحد قصدك. وكذلك ايضا اياك نستعين يدفع عنه عجب والزهو والنظر الى النفس وانه اهتدى لكمال عقله وكمال ادراكه ولحساباته وما الى ذلك - 00:39:23
فاذا تحقق العبد من ذلك من اياك نعبد واياك نستعين علما ومعرفة وعملا وحالا كان مهتديا والامراض التي تعرض للقلوب هي على قسمين اما كبر وهذا يدفع اياك نستعين واما رياء وشرك - 00:39:43
وهذا يدفع بقوله اياك نعبد. كما انها ايضا مشتملة على اصلي السعادة والفلاح والنجاح. وهذا الاصلان علمي وعملي. فاما العلمي فيتحقق بمعرفة المعبود ومعرفة الطريق الموصل اليه ومعرفة في النفس وادوائها وعللها فاذا عرف العبد ربه فانه لا يعبد احدا سواه ولا يعظم احدا سواه - 00:40:03
ولا يتوكل على احد سواه ولا يشرك معه الها اخر. ومن عرف الطريق الموصل الى الله عز وجل فانه لا يضل ولا يحيد عنها فيعبد الله عز وجل على بدع وضلالات واهواء ومن عرف النفس وادواء النفس وعلل النفس فانه يحملها - 00:40:33
على سلوك الصراط المستقيم فيدافع عنه الافات التي تعصف بالقلب وتتسلط على اصحاب القلوب المريضة فيبتلى العبد يبتلى بالرياء والعجب ويكون دائرا بينهما. تارة يشرك بنفسه بالعجب وتارة يكون اشراكه بغيره وذلك بالرياء حينما يلتفت الى المخلوقين في صرف شيئا من اعماله اليهم - 00:40:53
فيتقرب اليهم ويتزلف اليهم بما ينبغي ان يوجه الى الله تبارك وتعالى. فمعرفة الخالق واسمائه وصفاته وافعاله هذا اصل كبير. فضمنته سورة الفاتحة هو اصل من اصول السعادة والفلاح. تظمنته كما - 00:41:23
ما سمعتم في اياتها جميعا في قوله الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ومعرفة الطريق الموصل الى الله عز عز وجل ومعالم هذه الطريق والافات التي قد تقطع طريق السالك الى الله عز وجل وتحول بينه وبين الوصول الى - 00:41:43
الله جل جلاله وذلك في قوله اياك نعبد واياك نستعين. فيكون ذلك بعبادته وحده لا شريك له وبالاستعانة به على تحقيق هذا المطلوب الكبير. واما معرفة النفس وعيوبها فذلك بقوله اهدنا الصراط - 00:42:03
المستقيم فالعبد لا سبيل له الى السعادة الا بالاستقامة على الطريق الصحيح. ولا سبيل الى ذلك الى هذه الاستقامة الا بالهداية ولا يمكن ان تتحقق الهداية ولا العبادة الا باعانة الله عز وجل للعبد. وفي قوله - 00:42:23
بغير المغضوب عليهم ولا الضالين هذا بيان لطرفي الانحراف عن هذا الصراط بسبب فساد القصد او فساد العلم والاعتقاد. واما الاصل الثاني من اصول السعادة وهو الاصل العملي. وذلك يتحقق بمراعاة - 00:42:43
حقوق الله تعالى على العبد والقيام بها جميعا باخلاص ومتابعة فيكون محسنا مع الله عز وجل ولا سبيل للعبد الى ما لي هذين الاصلين الا باعانة الله عز وجل. فالعبد مضطر كل الاضطرار الى هداية ربه ومولاه. وان - 00:43:03
جنبه الخروج عن ذلك بسبب عارض من شبهة او شهوة. وعلى كل حال يقول ابن القيم رحمه الله او اول هذه السورة رحمة واوسطها هداية واخرها نعمة وحظ العبد من النعمة على قدر حظه من الهداية وحظه منها على قدر - 00:43:23
لحظه من الرحمة فعاد الأمر الى النعمة والرحمة. وهما من لوازم الربوبية والتي هي من موجبات الالهية. فمن تحقق بمعاني للفاتحة علما وعملا فقد فاز في كماله باوفر نصيب. كما ان هذه السورة الكريمة ايضا مشتملة على اثبات - 00:43:43
في ساعة علم الله عز وجل وذلك من وجوه اولها انه المحمود الموصوف بصفات الكمال ولا يمكن ان يكون محمودا الحمد الكامل وموصوفا بصفات الكمال الا ان يكون عالما باحوال العالم العلوي والسفلي. والوجه الثاني انه الاله - 00:44:03
المعبود وهذا يقتضي انه يعلم من عبده ومن لم يعبده ومن عبد غيره ووجه اخر وهو كون رب العالمين كونه رب العالمين. وهذا يقتضي ان يكون عالما بتفاصيل العالم الذي خلقه وهو ربه - 00:44:23
تبارك وتعالى فهو مدبر له لابد ان يعلم تفاصيله. وما يجري فيه وهكذا في كونه الرحمن الرحيم فهو ويعلم احوال الخلق ومن تكون له الرحمة ومن لا تكون ومن يستحق السخط وكذلك ايضا من كونه مالكا ليوم الدين - 00:44:43
ما لك يوم الدين. فهذا يقتضي انه يعلم احوال مملكته ليجازي كلا بعمله. المحسن باحسانه والمسيء ساعته وهكذا من كونه مستعانا به ومسئولا الهداية وهاديا ومنعما على من اطاعه ويغضب - 00:45:03
على من عصاه كل ذلك يدل على تعلق علمه بالجزئيات والكليات بدقائق الاشياء و عظائمها هذه جملة من الامور التي اشتملت عليها سورة الفاتحة للمزيد من مواد فضيلة الشيخ الدكتور خالد بن عثمان السبت يرجى زيارة الموقع الرسمي لفضيلته على الرابط دبليو دبليو دبليو دوت - 00:45:23
خالد السبت دوت كوم - 00:45:51
التفريغ
يسر اخوانكم في الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ الدكتور خالد بن عثمان السبق ان يقدموا لكم هذه المادة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما - 00:00:00
اما بعد فحديثنا لا يزال متصلا بسورة الفاتحة وحديثنا في هذا اليوم عن القضايا التي اشتملت عليها سورة الفاتحة تفصيلا. وقد عرفنا قبل بانها تدور على موضوعين اثنين هما الثناء - 00:00:20
والسؤال هذا على سبيل الاجمال واما على سبيل التفصيل فيقال في بيان هذه الامور المجملة ان سورة الفاتحة قد اختصت بامور لم توجد في سورة اخرى في كتاب الله عز وجل - 00:00:40
لهذا كانت اعظم سورة في كتاب الله تبارك وتعالى. فمن خصائص هذه السورة انها مبدأ القرآن. كما انها على جميع علومه لانها مشتملة على الثناء على الله عز وجل ومشتملة على الاقرار بعبادته والاخلاص - 00:01:00
له وسؤال الهداية منه والاشارة الى الاعتراف بالعجز عن القيام بشكر نعمه والى شأن المعاد وبيان عاقبة الجاحدين كل هذا تضمنته هذه السورة وكونها مبدأ القرآن هذا واضح واما انها تحتوي على جميع - 00:01:20
علوم القرآن فسيأتي الحديث عنه بشيء من التفصيل. ومعلوم ان العلوم التي اشتمل عليها القرآن متعددة. ينص عليها بعض المفسرين في اوائل تفسيرهم. وعلى كل حال هي مشتملة على الثناء على الله. لانك تقول الحمد لله - 00:01:40
لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين. فاضافة المحامد كما سيأتي هذا حمد اضافة اوصاف الكمال واعادة ذلك ثانيا هذا ثناء واعادته ثالثا يكون ذلك من قبيل التمجيد كما انها مشتملة على الاقرار بعبادته - 00:02:00
سبحانه وتعالى وهذا من وجوه عدة اذ ان ذلك يدل عليه لفظ الله واظافة جميع المحامد اليه كما سيأتي لانه لا تضاف المحامد الا الى المعبود وحده الكامل من كل وجه وكذلك في قولك رب العالمين اذ ان ذلك يلزم - 00:02:20
منه ان يكون هو المفرد بالعبادة. وكذلك ايضا في قولك اياك نعبد فهذا عين التوحيد. وكذلك في في قولك اياك نستعين اذ ان الاستعانة نوع من انواع العبادة كما انها متظمنة لسؤال الهداية في قوله - 00:02:40
اهدنا الصراط المستقيم والاشارة الى الاعتراف بالعجز عن القيام بشكر نعمه فانت تقول اياك نعبد اياك نستعين فاياك نستعين يخرج العبد بهذا من حوله وقوته وطاقته وذكائه ومهاراته ويعلن عجزه - 00:03:00
وانه مفتقر كل الافتقار الى مولاه سبحانه وتعالى لاعانته على الطاعة والعبادة والقيام بذكر وشكره وحسن عبادته واياك نستعين. ولهذا كانت هذه الجملة كما سيأتي تطرد عن العبد الغرور وجب والالتفات الى النفس والنظر اليها والى ما اوتي الانسان من الطاقات والقدر. كما انها ايضا متظمنة - 00:03:20
تأني المعاد وذلك من وجوه متعددة سيأتي الكلام عليها. ومن اوضحها قوله مالك يوم الدين مالك يوم يوم الدين فيوم الدين هو يوم الجزاء والحساب هو يوم القيامة وعاقبة الجاحدين الكافرين لانه قال اهدنا الصراط - 00:03:50
استقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. فيتمايز الناس في ذلك اليوم الى اهل انعام والى اهل ضلال والى اهل ضلال وغضب فهذه السورة اشتملت على هذه الموضوعات القرآنية جميعا وهي موضوعات عظيمة تكلم - 00:04:10
انهى القرآن في سور كثيرة واعاد فيها وبينها اعظم بيان فهي مضمنة في هذه السورة فهي سمدة على مقاصد القرآن الاصلية. والعلماء حينما يتكلمون على مقاصد القرآن. يعني الموضوعات التي جاء القرآن - 00:04:30
لمعالجتها وبيانها. وايات القرآن تدور عليها وتشرحها وتقررها بوجوه شتى نجد ان سورة الفاتحة قد تضمنت هذه المقاصد التي قصد القرآن ايضاحها وبيانها للناس. واعظم هذه المقاصد التعريف الذي جاء الرسل عليهم الصلاة والسلام اليه يدعون ويأمرون الناس بتوحيده وتعظيمه - 00:04:50
اللائق فهذه السورة تحدثت عن هذه القضية وبينتها وهذا البيان المتعلق بالتعريف بالمعبود بهذه السورة يتضح من خلال النظر في ثلاثة اسماء ذكرها الله عز وجل في صدر هذه السورة وهذه الاسماء الثلاثة - 00:05:20
ترجع اليها جميع الاسماء الحسنى وهذه الاسماء الثلاثة هي الله وعرفتم معناه وقلنا ان جميع الاسماء الحسنى ترجع اليه لفظا ومعنى وعلى كل حال وعلى اقل تقدير فهو يتضمن صفات الالهية جميعا والاسم - 00:05:40
الثاني هو الرب الحمد لله رب العالمين. فالرب في اقل التقديرات عندما لا نتوسع في بيان المعاني يدل عليها او يستلزمها او يتضمنها فانه في اقل تقدير يدل على صفات الربوبية وصفات الربوبية معروفة - 00:06:00
كثيرة جدا الخلق والرزق والاحياء والاماتة وتدبير امور الكائنات وما اشبه ذلك. فهذا كله من معاني الربوبية والاسم الثالث هو الرحمن وهو يتضمن اوصاف الاحسان والجود والبر وما الى ذلك من الاوصاف والاسماء - 00:06:20
التي تدور في هذا الفلك والسبيل. كما ان السورة ايضا مبنية على الالوهية والربوبية والرحمة. فقولك مثلا اياك نعبد مبني على الالوهية وذلك انك قدمت المعمول اياك نعبد ما قلت نعبدك فاياك - 00:06:40
كنعبد يقتضي الحصر فهو يدل على التوحيد توحيد العبادة من اياك نعبد واياك نستعين مبني على الربوبية لان الذي يعين ويقوي ويعطي ويهب ويمنع وما الى ذلك هو الرب. فالعطاء والمنع كله من معاني الربوبية - 00:07:00
واهدنا الصراط المستقيم مبني على الرحمة لان هداية الله عز وجل للعبد انما هي رحمة اسداها اليه واكرمه بها فالمرحوم من وفقه الله عز وجل لهداه فامن واتبع المرسلين فهذه اعظم رحمة تحصل للعبد - 00:07:20
ينتج عنها رحمات في الدنيا ورحمات في الاخرة. فكل رحمة هي ناشئة ومتولدة على هذه الرحمة. واذا عدم عبده هذه الرحمة رحمة الايمان والهداية والتوفيق الى سبيل الله عز وجل والى صراطه المستقيم فانه يحرم بعد - 00:07:40
ذلك رحمة الجنة. فالجنة هي رحمة الله عز وجل يرحم بها من يشاء. فمن حصل رحمته في الدنيا التي هي بداية الى الصراط المستقيم كان ذلك طريقا الى تحصيل الرحمة في الاخرة. فضلا عن كونه طريقا الى تحصيل رحمة اخرى - 00:08:00
في الدنيا وذلك بطمأنينة القلب وانشراح الصدر والنصر على الاعداء والتمكين والحفظ وما الى ذلك مما يحصل لاهل الايمان ويكرمهم الله عز وجل به. والحمد الذي ذكر في اول كلمة في هذه السورة اذا قلنا ان - 00:08:20
البسملة ليست اية منها الحمد يتضمن الامور الثلاثة ويتوجه اليها فالله عز وجل له الحمد المطلق الكامل في الهيته. وله الحمد المطلق الكامل في ربوبيته. وله الحمد المطلق الكامل في رحمانيته وفي اسمائه وصفاته. فهو المحمود في ذلك كله المحمود في افعاله فافعاله - 00:08:40
حق وصواب والمحمود في احكامه الشرعية واحكامه الكونية القدرية. فاحكامه الشرعية كلها حق وصواب ليس فيها خطأ وهي حكمة مبنية على علم يضع الامور فيها في مواضعها فلا يشرع تشريعا الا هو في غاية الاحكام. وكذلك الاحكام الكونية. فالله عز وجل لا يقضي قضاء في هذا الكون ولا يقع شيء - 00:09:10
الا بعلمه وقد اقتضت حكمته سبحانه وتعالى ان يقع. فكل ذلك التدبير وكل ذلك التسخير وكل ذلك الايجاد والاعدام والاحياء والاماتة والرزق وتفاضل الخلق في العطايا كله مبني على حكمة بالغة وعلى بصر - 00:09:40
وعلى علم كامل كما ان هذه السورة تتضمن موضوعا اخر من مقاصد القرآن وهو اثبات المعاد والجزاء. فالله عز وجل يشرح هذا الموضوع ويبين دلائل القدرة على ايجاد الخلق مرة ثانية. تارة - 00:10:00
بنشأتهم الاولى وتارة يلفت انظارهم الى الشجر الاخضر كيف اخرج منه نارا وتارتان يبين لهم اشياء مشاهدة في احياء الارض بعد موتها بانزال المطر عليها فتخرج الوان النباتات وتارة يلفت انظارهم - 00:10:20
الى وقائع حدثت من اماتة اقوام واحيائهم كالرجل الذي استبعد احياء الله عز وجل كالقرية بعد هلاكها وهلاك اهلها. استبعد ذلك في قدر البشر وفي طاقات البشر. فاماته الله عز وجل مئة عام ثم - 00:10:40
وبعث فاراه عملية الاحياء. وكذلك اولئك الالوف الذين خرجوا من ديارهم حضر الموت. فقال لهم الله موتوا ثم احياهم وكذلك ايضا اصحاب الكهف الذين بقوا تلك المدة الطويلة احياهم الله عز وجل ورأى الناس ذلك كما ان - 00:11:00
ايضا تتضمن التعريف بالصراط المستقيم. وهو الذي جاء الرسل عليهم الصلاة والسلام ليشرحوه للناس بينوا تفاصيله ونزلت الكتب شارحة له. اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا - 00:11:20
لا الضالين فهو الطريق الوسط بين الطرق المختلفة المعوجة جاءت هذه الفاتحة مشيرة اليه وتعلم العبد كيف يدعو ربه ليسلكه هذا الصراط فيسير عليه ليحقق النجاة عند الله عز وجل. كما انها تضمنت تعريف الحال عند الرجوع الى الله عز وجل - 00:11:40
لان الناس في ذلك الحين ينقسمون الى منعم عليهم. ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا. ذلك الفضل من الله. فهذه هي الطائفة الاولى ويأتي - 00:12:06
اقوام ضلوا عن الحق لجهلهم به. فهؤلاء هم الضالون الذين اشارت اليهم هذه السورة. فكل من اعمى الله عز وجل قلبه عن معرفة الحق فزاغ عنه بسبب جهله فانه من هؤلاء ايا كان دينه ومذهبه. وكذلك اهل الغضب وهم كل من عرف الحق - 00:12:26
ولم يتبع هذا الحق فهو من اهل الغضب. فالناس على ثلاث طوائف قوم عرفوا الحق واتبعوه فهؤلاء هم اهل الانعام عرفوا الحق ولم يتبعوه. فهؤلاء هم اهل الغضب. وقوم لم يعرفوا الحق. واعماهم الله عز وجل عنه - 00:12:53
هؤلاء هم اهل الضلال فالذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا يعرفون حقيقة ما جاء به ولم يتبعوه هم من جملة المغضوب عليهم واول من يدخل في ذلك اليهود لانهم اهل علم ودراية واما النصارى فان الله عز وجل - 00:13:13
وصفهم بالضلال لان الغالب عليهم الجهل. ففيهم رهبانية وفيهم عبادة الا ان العلم قليل فيهم مقارنة باليهود فهؤلاء اهل الضلال. ولكن كل من عرف حقيقة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. او بلغته الدعوة - 00:13:33
من النصارى ولم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد اتضاح ذلك واستبانته فهو من اهل الغضب ولذلك نقول ان هؤلاء النصارى الذين عرفوا حقيقة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يتبعوه هم من جملة المغضوب عليهم - 00:13:53
كذلك ايضا طوائف من العالم من الوثنيين من عبدة النار من عبدة الاشجار من عبدة القبور كل من عرف الحق وحاد عنه لكبر او لهوى او لغير ذلك فهو من جملة المغضوب عليهم فهي تعرف الحال التي تكون - 00:14:13
واذا صار الناس الى الله عز وجل وما يحصل لهم فيه من الجزاء من قوله تعالى ما لك يوم الدين. فالدين معناه الجزاء معنى ذلك ان الناس سيجازون على اعمالهم لا يبعثون هكذا وانما يبعثون للجزاء والحساب كما انها - 00:14:33
الاعتبار تتضمن ايضا احوال المطيعين واحوال الجاحدين فان اهل الغضب مصيرهم الى النار الانعام يكون مصيرهم الى مقتضى ذلك من الاكرام والجنة والنظر الى وجه الله عز وجل الكريم كما ان هذه السورة ايضا تضمنت مقصدا كبيرا من مقاصد القرآن وهو اثبات النبوات. وذلك من تسعة اوجه - 00:14:53
في الفاظها وكلماتها وحروفها تجد ذلك واضحا فقوله الحمد لله كيف نعرف حمده وكيف نعرف انه متصف بالصفات التي يحمد عليها الا عن طريق الكتب وعن طريق الرسل عليهم الصلاة والسلام. كما ان في اثبات الحمد الكامل لله عز وجل. ووصفه باوصاف - 00:15:23
الكمال يقتضي ذلك كمال حكمته وانه لا يخلق الخلق عبثا ولا يتركهم سدى. اذا قلت الحمد لله هو محمود على كل حال. فمن ذلك انه لا يترك الخلق يخلقهم ثم يفنيهم من غير حكمة. من غير - 00:15:51
ان يرتب على هذا الخلق امرا عظيما يحصل بعد ذلك فان الحكمة تمنع من هذا فحكمته تبارك وتعالى تعالى اقتضت ان يخلق الناس وان يعطي كل واحد منهم رأس مال وهو العمر ثم يتجر كل انسان بما اعطاه الله عز وجل من هذا - 00:16:11
او من رأس هذا المال وهو الدقائق والساعات والثواني. فقوم يشمرون ويجدون ويجتهدون في تحصيل منازل عند الله عز عز وجل في دار كرامته. وقوم يشتطون ليحصلوا منازل في دركات النار. ثم اذا قدموا على الله - 00:16:31
عز وجل وقع بينهم التغابن والتفاوت العظيم. فاهل الجنة يتوارثون منازل اهل النار واهل النار يتوارثون منازل اهل الجنة يعني في النار فكل واحد له منزلان منزل في الجنة ومنزل - 00:16:51
في النار فذلك يوم التغابن. ثم ايضا انظر الى هذا الاسم الكريم الله اذ ان معناه انه هو المألوف المعبود؟ وهل يمكن ان يعبد الا عن طريق الرسل؟ وعن طريق الشرائع والكتب التي تأتي بها الرسل عليهم الصلاة والسلام - 00:17:10
كيف يعبد جل جلاله من غير بعث المرسلين؟ ثم تأمل كونه رب العالمين فان هذا يقتضي انه لا يتركهم هملا وشدى لان الرب يتعهد مربوبه بالاصلاح والتربية وهذا يقتضي ان يرسل - 00:17:30
الرسل فيأمرونهم وينهونهم وينزل عليهم الكتب. ثم تأمل ايضا الرحمن الرحيم فان رحمته سبحانه وتعالى تقتضي الا يترك عباده من غير بيان لما يرضيه وما يسخطه فالله عز وجل لا يؤاخذ الناس ولا يعاقبهم من غير ان يبعث اليهم الرسل يبينون الطريق الموصل اليه ويبينون اسباب سخطه - 00:17:50
ويبينون اسباب مرضاته. فلا يأخذهم تبارك وتعالى من غير بيان وتفهيم وتعليم لما يحبه وما يسخطه ولهذا يقول الله عز وجل في حق نبيه صلى الله عليه وسلم وما ارسلناك الا رحمة للعالمين. وتأمل - 00:18:20
كون الله عز وجل مالك يوم الدين فان من تمام ملكه ان يكون له رسل وكتب يبثها في قار مملكته لتبليغ اوامره ونواهيه. وتأمل في قوله يوم الدين. فهذا يوم الدين اي يوم الجزاء - 00:18:40
فمعنى ذلك ان الناس يجازون في الاخرة. وهذا الجزاء مرتب على امر وهو قيام الحجة. وكيف تقوم عليهم الحجة الا بعد ان يرسل اليهم الرسل وينزل عليهم الكتب. وتأمل قوله ايضا اياك نعبد فكيف يعبد الا بما شرع - 00:19:00
وكيف نعرف ما شرع الا بارسال المرسلين وانزال الكتب والشرائع. وتأمل قوله ايضا اهدنا الصراط المستقيم فالصراط المستقيم هو الصراط الموصل الى الله عز وجل هو اتباع القرآن هو سلوك الشريعة واتباع الرسول عليه الصلاة - 00:19:20
والسلام ولا يمكن للانسان ان يسلك الصراط المستقيم الا ببعث الرسل. وقد حاول اقوام ان يجتهدوا في التعبد في في ازمنة هي من ازمنة الفترات. واذا قرأت في اخبارهم وما وقع لهم من محاولات رأيت رحمة الله عز وجل ببعث الرسل - 00:19:40
عليهم الصلاة والسلام ليبينوا للناس الشرائع وتأمل قوله تعالى صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب المغضوب عليهم ولا الضالين. فهذه السبل صراط المنعم عليهم وصراط اهل الغضب وسبيل اهل الغضب وسبيل اهل - 00:20:00
الضلال لا يمكن ان يعرف ذلك ويميز الا عن طريق بعث الرسل عليهم الصلاة والسلام. وكذلك ايضا كيف قسم الناس الى اهل غضب والى اهل ضلال والى اهل انعام. كان الناس لربما في البلد المعين او في القبيلة المعينة - 00:20:20
على ملة واحدة فيأتي الرسول اليهم فيدعوهم الى الله عز وجل. ويبين لهم البراهين الدالة على صدقه فينقسم الناس في ذلك الى هذه الاقسام الثلاثة قوم يتبعونه فهؤلاء اهل الانعام وقوم يتبين لهم حقيقة ما جاء به - 00:20:40
يعرفون ذلك فينكرونه ويجحدونه فهؤلاء اهل الغضب وقوم اتباع كل ناعق يطمس الله عز وجل بصائره فلا يتبعون الحق وانما يتبعون سادتهم وكبراءهم او يعرضون عن ذلك بالكلية من غير قصد - 00:21:00
الى جحوده وتكذيبه لانه قام عندهم ما يدل على ذلك او انهم قصدوا تكذيبه كبر في وفيهم مثلا او نحو ذلك انما هم اشبه بالبهائم. يتبعون الكبراء والسادة فيحتجون الله عز وجل في هذه الحجة الواهية الساقطة. انا اطعنا سادتنا وكبرائنا فاضلونا السبيل. فهؤلاء كثيرون - 00:21:20
من البشر هم بهذه المثابة يلغون عقولهم ولا يفكرون ويتبعون هؤلاء المضلين هذه وجوه دلالة او اشتمال هذه السورة على مقاصد القرآن. كما انها مشتملة على انواع التوحيد الثلاثة العلمي توحيد الاسماء والصفات وتوحيد الربوبية مدار ذلك على الرب والرحمن - 00:21:50
والرحيم والمالك والله كل ذلك بالاضافة الى قوله الحمد فان ال كما سيأتي للاستغراق استغراق جميع المحامد ولا يمكن ان تضاف جميع المحامد الا لمن كان متصفا بجميع صفات الكمال والا فانه ينقص من حمده - 00:22:23
بقدر ما نقص من كماله. فاذا كان قد بلغ في الكمال غايته فان هذا يعني ان الحمد الكامل يضاف اليه وينسب اليه الفاتحة مشتملة على التوحيد العلمي الخبري بطريق مجمل - 00:22:43
بطريق مفصل اما الطريق المجمل فهو اثبات الحمد الكامل المطلق لله عز وجل. هذا يقتضي انه موصوف بجميع صافي الكمال وانه الرب الذي قد اتصف بصفات الربوبية جميعا وطريق مفصل وهو كما ذكرت. اثبات صفة الالهية والربوبية والرحمة والملك. وعلى هذه الاربع - 00:23:03
دور الاسماء والصفات. واما توحيد الالهية فهي مشتملة عليه ابلغ اشتمال. فالحمد فالله يتضمن الصفة الالهية والجلال والجمال كما ان الرب يتضمن صفة الربوبية والفعل قدرة ونفوذ المشيئة والتدبير. ومعلوم ان الربوبية اذا ثبتت فانها تستلزم تستلزم الالهية. لان من ثبت انه الرب - 00:23:33
وانه النافع الضار المحيي المميت الرازق المعطي المانع فما الحاجة الى غيره؟ فيلزم من ذلك ان يعبد. ولهذا فان القرآن يقرر وهذه القضية كثيرا ويوجه السؤال للمشركين من الذي يخلق؟ من الذي يرزق؟ من الذي يحيي؟ من الذي يميت؟ فاذا اقروا وهم يقرون ان - 00:24:03
انه الله وحده فاذا هذا يقتضي ان توجه العبادة اليه. فما حاجتكم بهذه الالهة؟ من دون الله تبارك وتعالى كما ان اسم الرحمن يتضمن صفات الاحسان والجود والبر واللطف وكون الله عز وجل مالك يوم الدين - 00:24:23
المالك يتضمن اوصاف العدل والقبض والبسط والخفض والرفع والعطاء والمنع والاعزاز والاذلال والقهر والحكم فهكذا تضمنت هذه السورة انواع التوحيد الثلاثة توحيد الاسماء والصفات وتوحيد الربوبية وتوحيد وتوحيد الالهية واوضح - 00:24:43
موضع يدل فيها على توحيد الالهية هو اسم الله. لفظ الجلالة الله واياك نعبد واياك نستعين واذا اردنا ان نتأمل كل لفظة في هذه السورة ودلالتها على التوحيد فاننا نجد ذلك كثيرا حتى ان بعض اهل - 00:25:03
العلم لربما اوصلها الى اكثر من ثلاثين وجها. في دلالة سورة الفاتحة على التوحيد. بل ان بعضهم انبط من البسملة فقط ما يقرب من ثلاثين وجها في الدلالة على التوحيد. فالابتداء ببسم الله اذا قلنا ان البسملة - 00:25:23
اية من سورة الفاتحة الابتداء باسم الله وتأخير المتعلق المقدر بسم الله ابدأ بسم الله ابتدائي بسم الله اقرأ بسم الله قراءتي فالابتداء ببسم الله عز وجل له دلالة ومعنى وكذلك لفظ الجلالة الله كما قلنا يتضمن صفة الالهية - 00:25:43
وهي متضمنة لصفة لصفة الربوبية ودخول ال على الرحمن فهي تدل على الاختصاص. وكذلك دخول اهل على الرحيم وكذلك دخول ان على الحمد. لان هذا يعني الاستغراق. استغرقت من المحامد وكما قلت لا يكون الا للكامل - 00:26:03
لا يكون ذلك الا للكامل من كل وجه. وكذلك لام الاستحقاق الداخلة على لفظ الجلالة الحمد لله. اي ان الحمد مستحق لله تبارك وتعالى وحده لا شريك له. والمقصود بهذا الحمد هو الحمد التام. واما المحامد التي تضاف الى المخلوقين - 00:26:23
فهي بحسب ما اتصفوا به من اوصاف الكمال. ولذلك يتفاوتون فتجد ان بعضهم يحمد بما لم يحمد به الاخر. والحمد الموجه الى بعض الضعفاء المساكين من المخلوقين قد يكون اكثر من بعض اخوانهم من المخلوقين. واما الله عز وجل - 00:26:43
له الحمد الكامل الحمد لله فاللام هنا للاختصاص او للاستحقاق وكذلك دلالة الرب واضافته الى العالمين فالرب هذا يدل على توحيد الربوبية يتضمن توحيد الربوبية وهو يستلزم توحيد الالهية وكذلك ايضا حينما يضاف الى العالمين - 00:27:03
رب العالمين فمعنى ذلك انه رب العالم العلوي والسفلي. وكذلك ايضا دلالة العالمين وهو اسم لما سوى الله عز وجل فليس ثمة الا خالق او مخلوق. فكل هذا الخلق هو من جملة العالمين. قال فرعون وما رب العالمين؟ يقول لموسى - 00:27:23
صلى الله عليه وسلم يقول وما رب العالمين؟ قال رب السماوات والارض وما بينهما فهذا هو العالم او معنى ويدخل فيه كل شيء مما سوى الله عز وجل فالله ربه ومليكه. ثم تأمل في العالمين رب - 00:27:43
فهذا يدل على الاستغراق ايضا. وكذلك مجيء العالمين بصيغة الجمع فهو لا يختص بالعالم السفلي مثلا او العالم العلوي او يختص بعالم الادميين او بعالم الجن وانما رب العالمين من جميع الكائنات من - 00:28:03
طيور وانواع الدواب والادميين والجن والملائكة وما الى ذلك مما لا يحصيه ولا يعلمه الا الله جل جلاله وتأمل ايضا في قوله الرحمن الرحيم حيث انه يتضمن صفة الرحمة لله عز وجل وكذلك ايضا - 00:28:23
تأمل في دلالة مالك يوم الدين. من جهة دلالة لفظة مالك بمفردها. وفي القراءة الاخرى ملك. اي انه الذي له الملك المطلق وهذا لا يعارض ان بعض المخلوقين يقال له ملك لان ملكهم انما هو بتمليك الله عز وجل - 00:28:43
قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير. ثمان ملك المخلوقين مسبوق بي العدم. ويعقبه الزوال والذهاب. فهم اما ان يموتوا عنه - 00:29:03
واما ان يفارقهم في حياتهم واما ملك الله عز وجل فهو كامل ثابت راسخ لا يتبدل ولا يزول ثمان الملك اضافه الله عز وجل الى يوم الدين. وتأمل هذه الاضافة مع ان الله عز وجل مالك العالم. العلوي والسفلي - 00:29:23
فكله ملك لله عز وجل. فالله مالك يوم الدين وملك يوم الدين لان ذلك اليوم هو اليوم الاعظم. هو اليوم الذي يخضع فيه الخلائق. ويقول الله عز وجل لهم لمن الملك اليوم؟ فهو لله الواحد القهار. فلا احد يدعي في ذلك اليوم - 00:29:43
كان بينما في الدنيا قد يدعي الملك بعض المخلوقين وهم تحت ملك الله عز وجل وتصرفه. ولهذا يقال اذا كان الله عز وجل مالكا ليوم الدين فما دونه من الايام فملك الله عز وجل له ابلغ واكد واعظم - 00:30:03
وذلك من باب اولى فلا يفهم احد ان الله عز وجل هو مالك ليوم الدين وليس مالكا لغيره كهذه الحياة الدنيا لا اذا كان في ذلك اليوم الكبير الذي يجتمع فيه الاولون والاخرون يجتمع فيه الملوك من اول الدنيا الى اخرها - 00:30:23
فيه العوالم من الجن والانس والدواب والطير كل ذلك يجتمع في ذلك اليوم مع اهل السماوات فان هذا يقتضي ان ما عداه فان ذلك متحقق لله عز وجل من باب اولى. فالله عز وجل هو المالك وهو الملك - 00:30:43
كما سيأتي ايضاحه في الكلام على هذا الموضع من سورة الفاتحة باذن الله عز وجل. ثم ايضا تأمل لفظ الدين وهو الجزاء والحساب. فالذي يتولى حساب الناس والذي يتولى جزاءهم هو الله وحده لا شريك له. ولذلك فان الله - 00:31:03
عز وجل يبين لنبيه في مواضع من كتابه ان الذي عليه هو البلاغ فقط وان الحساب انما هو على الله عز وجل ان عليك الا البلاغ فمهمة الرسل عليهم الصلاة والسلام هي البلاغ. والله عز وجل هو الذي يتولى حسابهم بعد ايابهم - 00:31:23
فهذا معنى يختص بالله تبارك وتعالى. ثم ايضا تأمل في قوله اياك نعبد من جهة تقديم المعمول فهذا يعني الافراد بالعبادة التوحيد. ومن جهة الفعل نعبد اياك نعبد. فجميع الخلائق لا - 00:31:43
يخرجون عن هذا الاتصاف اما طوعا او قهرا. قهرا ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبدا. وطوعا هؤلاء هم اهل الايمان والاستجابة. فالخلق جميعا هم عبيد لله تبارك وتعالى. ثم ايضا تأمل - 00:32:03
في قوله اياك نستعين من جهة تقديم المعمول ايضا اذ ان ذلك يدل على الحصر فهو المستعان به وحده ايضا الاستعانة تدل على عجز وفقر بالنسبة للمستعين وتدل على كمال وقوة واقتدار وغنى - 00:32:23
بالنسبة للمستعان به ثم ايضا تأمل في وجه تخصيصه بطلب الهداية من جهة جمع الضمير في قوله اهدنا تطلب الهداية من الله عز وجل وكذلك ايضا تقول اهدنا فالخلق جميعا مفتقرون - 00:32:43
فكل الافتقار الى هداية الله عز وجل ولطفه ورحمته بهم فيبين لهم الحق ويوفقهم اتباعه ثم وايضا كون هذه الهداية مقيدة بانها الى الصراط المستقيم والصراط المستقيم انما هو التوحيد والايمان ولا - 00:33:03
يمكن ان يكون ذلك بعبادة غير الله عز وجل او التخليط في هذا المعنى. ثم تأمل ايضا في قوله صراط الذين انعمت عليهم لان من يهدي الى هذا الصراط الذي هو صراط من انعم الله عليهم يستحق الا يشتغل - 00:33:23
بغيره صراط الذين انعمت عليهم فلماذا يلتفت الى غيره؟ فيخضع المخلوق لهم ويعبد نفسه اليهم. لا يحصل من وذلك الا الخيبة والذل لمخلوق يماثله. فالذي يهدي الى الصراط الصحيح المستقيم صراط اهل الانعام - 00:33:43
هو الله عز وجل فلماذا يلتفت الى غيره؟ ولماذا يعبد غيره ويعظم غيره؟ التعظيم الذي يستحقه الله عز وجل. ثم تأمل في قوله ايضا غير المغضوب عليهم فالوصول الى النعم قد يكون منغصا مكدرا بغضب المنعم. فالله عز وجل - 00:34:03
لنا كيف ندعوه؟ اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم من غير غضب يصاحب ذلك داخله ويخالطه غير المغضوب عليهم ولا الضالين وذلك انه قد يتوهم متوهم ان تحصيل الرضا - 00:34:23
ممن يطلب منه الرضا قد يكون مشوبا بشيء من الغواية. واما هذا الرضا الذي نطلبه من الله عز وجل وهو بسلوك طريق مستقيم. لا يشوبه غواية وانحراف وضلال. كما انه لا يلحق صاحبه غضب - 00:34:43
وسخط لله عز وجل لان الغضب والسخط انما يتعلق بمخالفة هذا الصراط وبالانحراف عنه فاذا سلكه الانسان فصار عليه سيرا صحيحا مع حسن القصد فان ذلك يكون سببا لنيل مرضاة الله تبارك وتعالى. كما ان هذه - 00:35:03
صورة ايضا تشتمل على الرد على جميع طوائف الانحراف. وذلك في قوله غير المغضوب عليهم ولا الضالين. اذ لا يخلو من ضل عن سلوك احد هذين السبيلين وعن الاتصاف باحد هذين الوصفين اما اهل الضلال واما اهل الغضب كما بينت - 00:35:23
كما انها تشتمل على الشفائين شفاء الابدان وشفاء القلوب. والله عز وجل يقول وننزل من القرآن ما هو شفاء رحمة للمؤمنين فجعله شفاء ولم يصفه بانه دواء. ولاحظ الفرق قد تقول انت هذا دواء. ولكنه لا يناسبك او - 00:35:43
لا يناسب من يصرف اليه فيتخلف عنه البرء بل قد ينعكس الحال فيكون ضررا عليه. فتأمل في قوله تبارك وتعالى يخرج من بطونها شراب مختلف الوانه فيه شفاء ما قال فيه دواء فعبر عن الغاية التي يوصل اليها والنتيجة - 00:36:03
مضمونة المأمونة وهي انه شفاء. ما قال دواء فان الدواء قد لا يتحصل اثره ولا يترتب عليه نتيجته المرجوة لوجود مانع او لفقد شرط. بينما وصفه الله عز وجل بانه شفاء. وهكذا القرآن وننزل من القرآن ما هو - 00:36:23
شفاء ورحمة للمؤمنين. ولا يزيد الظالمين الا خسارا. واعظم ذلك سورة الفاتحة. فهي مشتملة على شفاء القلوب لانها بينت صفة المعبود وبينت الطريق الموصل اليه وبينت ايضا الطرق الاخرى التي - 00:36:43
لتجافيها وتخالفها كما انها ايضا تشتمل على شفاء الابدان وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم وما ادراك انها فابلغ ما يرقى به الانسان في علته ومرضه ايا كانت انما هو سورة الفاتحة فهي مشتملة على هذا وهذا - 00:37:03
من نظر الى احوال الناس في عللهم وامراضهم واسقامهم ايا كانت ونظر في اثر القرآن لا سيما في سورة نظر في اثر ذلك وجد عجبا. وابن القيم رحمه الله كان يذكر عن نفسه انه مرض بمكة. فكان يرقي نفسه - 00:37:23
بسورة الفاتحة فقط يقول فرأيت لذلك اثرا عجيبا وانظر الى حال من يبتلون بتسلط الشياطين وبمسهم لهم كيف اذا قرأ عليهم القرآن سيما سورة الفاتحة رأيت لذلك اثرا عجيبان بليغا وذلك الرجل الذي لدغ - 00:37:43
كما في حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه فجاء اصحابه وقومه الى اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا هل فيكم من راق؟ فرقاه رجل منهم فقام كانما نشط من عقال. كانه ليس به بأس. وقد لدغ. فالحاصل ان هذه السورة مشتملة على هذا - 00:38:03
وهذا كما انها ايضا تشتمل من جهة او على سبيل التفصيل على شفاء القلوب بان القلوب وامراض القلوب يدور على اصلين. فساد العلم وهذا ينشأ عنه الضلال. وفساد القصد وهذا ينشأ عنه - 00:38:23
الغضب والشفاء منه في الهداية الى الصراط المستقيم. ولهذا نقول اهدنا الصراط المستقيم. واما الشفاء من الغضب فهو بالتحقق من اياك نعبد واياك نستعين اياك نعبد فمن عبد غير الله فقد حصل اعظم اسباب - 00:38:43
واياك نستعين فان هذا يدفع العجب عن الانسان الاول يدفع الشرك والرياء اياك نعبد ان توحد القصد والارادة فتريد وجه الله عز وجل فحسب فلواحد كن واحدا في واحد اعني سبيل الحق والايمان - 00:39:03
فيتوجه الانسان بكليته الى الله عز وجل. ان توحد قصدك. وكذلك ايضا اياك نستعين يدفع عنه عجب والزهو والنظر الى النفس وانه اهتدى لكمال عقله وكمال ادراكه ولحساباته وما الى ذلك - 00:39:23
فاذا تحقق العبد من ذلك من اياك نعبد واياك نستعين علما ومعرفة وعملا وحالا كان مهتديا والامراض التي تعرض للقلوب هي على قسمين اما كبر وهذا يدفع اياك نستعين واما رياء وشرك - 00:39:43
وهذا يدفع بقوله اياك نعبد. كما انها ايضا مشتملة على اصلي السعادة والفلاح والنجاح. وهذا الاصلان علمي وعملي. فاما العلمي فيتحقق بمعرفة المعبود ومعرفة الطريق الموصل اليه ومعرفة في النفس وادوائها وعللها فاذا عرف العبد ربه فانه لا يعبد احدا سواه ولا يعظم احدا سواه - 00:40:03
ولا يتوكل على احد سواه ولا يشرك معه الها اخر. ومن عرف الطريق الموصل الى الله عز وجل فانه لا يضل ولا يحيد عنها فيعبد الله عز وجل على بدع وضلالات واهواء ومن عرف النفس وادواء النفس وعلل النفس فانه يحملها - 00:40:33
على سلوك الصراط المستقيم فيدافع عنه الافات التي تعصف بالقلب وتتسلط على اصحاب القلوب المريضة فيبتلى العبد يبتلى بالرياء والعجب ويكون دائرا بينهما. تارة يشرك بنفسه بالعجب وتارة يكون اشراكه بغيره وذلك بالرياء حينما يلتفت الى المخلوقين في صرف شيئا من اعماله اليهم - 00:40:53
فيتقرب اليهم ويتزلف اليهم بما ينبغي ان يوجه الى الله تبارك وتعالى. فمعرفة الخالق واسمائه وصفاته وافعاله هذا اصل كبير. فضمنته سورة الفاتحة هو اصل من اصول السعادة والفلاح. تظمنته كما - 00:41:23
ما سمعتم في اياتها جميعا في قوله الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ومعرفة الطريق الموصل الى الله عز عز وجل ومعالم هذه الطريق والافات التي قد تقطع طريق السالك الى الله عز وجل وتحول بينه وبين الوصول الى - 00:41:43
الله جل جلاله وذلك في قوله اياك نعبد واياك نستعين. فيكون ذلك بعبادته وحده لا شريك له وبالاستعانة به على تحقيق هذا المطلوب الكبير. واما معرفة النفس وعيوبها فذلك بقوله اهدنا الصراط - 00:42:03
المستقيم فالعبد لا سبيل له الى السعادة الا بالاستقامة على الطريق الصحيح. ولا سبيل الى ذلك الى هذه الاستقامة الا بالهداية ولا يمكن ان تتحقق الهداية ولا العبادة الا باعانة الله عز وجل للعبد. وفي قوله - 00:42:23
بغير المغضوب عليهم ولا الضالين هذا بيان لطرفي الانحراف عن هذا الصراط بسبب فساد القصد او فساد العلم والاعتقاد. واما الاصل الثاني من اصول السعادة وهو الاصل العملي. وذلك يتحقق بمراعاة - 00:42:43
حقوق الله تعالى على العبد والقيام بها جميعا باخلاص ومتابعة فيكون محسنا مع الله عز وجل ولا سبيل للعبد الى ما لي هذين الاصلين الا باعانة الله عز وجل. فالعبد مضطر كل الاضطرار الى هداية ربه ومولاه. وان - 00:43:03
جنبه الخروج عن ذلك بسبب عارض من شبهة او شهوة. وعلى كل حال يقول ابن القيم رحمه الله او اول هذه السورة رحمة واوسطها هداية واخرها نعمة وحظ العبد من النعمة على قدر حظه من الهداية وحظه منها على قدر - 00:43:23
لحظه من الرحمة فعاد الأمر الى النعمة والرحمة. وهما من لوازم الربوبية والتي هي من موجبات الالهية. فمن تحقق بمعاني للفاتحة علما وعملا فقد فاز في كماله باوفر نصيب. كما ان هذه السورة الكريمة ايضا مشتملة على اثبات - 00:43:43
في ساعة علم الله عز وجل وذلك من وجوه اولها انه المحمود الموصوف بصفات الكمال ولا يمكن ان يكون محمودا الحمد الكامل وموصوفا بصفات الكمال الا ان يكون عالما باحوال العالم العلوي والسفلي. والوجه الثاني انه الاله - 00:44:03
المعبود وهذا يقتضي انه يعلم من عبده ومن لم يعبده ومن عبد غيره ووجه اخر وهو كون رب العالمين كونه رب العالمين. وهذا يقتضي ان يكون عالما بتفاصيل العالم الذي خلقه وهو ربه - 00:44:23
تبارك وتعالى فهو مدبر له لابد ان يعلم تفاصيله. وما يجري فيه وهكذا في كونه الرحمن الرحيم فهو ويعلم احوال الخلق ومن تكون له الرحمة ومن لا تكون ومن يستحق السخط وكذلك ايضا من كونه مالكا ليوم الدين - 00:44:43
ما لك يوم الدين. فهذا يقتضي انه يعلم احوال مملكته ليجازي كلا بعمله. المحسن باحسانه والمسيء ساعته وهكذا من كونه مستعانا به ومسئولا الهداية وهاديا ومنعما على من اطاعه ويغضب - 00:45:03
على من عصاه كل ذلك يدل على تعلق علمه بالجزئيات والكليات بدقائق الاشياء و عظائمها هذه جملة من الامور التي اشتملت عليها سورة الفاتحة للمزيد من مواد فضيلة الشيخ الدكتور خالد بن عثمان السبت يرجى زيارة الموقع الرسمي لفضيلته على الرابط دبليو دبليو دبليو دوت - 00:45:23
خالد السبت دوت كوم - 00:45:51