- ماذا تفعل؟ - 00:00:00
- سأريك كيف سأحول الحرباء إلى طائر - 00:00:02
- حقًّا؟! - 00:00:05
- انظر، هذه هي الحرباء - 00:00:06
- حسناً - 00:00:10
- لو فرضنا أننا صنعنا لها منقارا، هكذا... - 00:00:10
هذا هو المنقار - 00:00:15
والذيل قَصُرَ قليلًا، - 00:00:18
والأطراف قصّرناها أيضًا، - 00:00:22
انظر، ونضيف لها جناحان أيضًا، هكذا - 00:00:28
هذا جناح أيضا، - 00:00:32
انظر، ها هو قد طار - 00:00:35
السلام عليكم - 00:00:49
في مقال للكاتب الأمريكي نعوم تشومسكي "Noam Chomsky" بعنوان: - 00:00:50
(بالانجليزية) "عشر استراتيجيات للتلاعب من قِبَل الإعلام" - 00:00:52
ذكر الكاتب عشرَ وسائل يستخدمُها الإعلامُ ليغسلَ بها عقولَ الشعوب، - 00:00:55
وذكر منها: "خاطبهم كأطفال" - 00:01:01
هذا ما يفعلُه أتباعُ الخُرافة حين يتكلَّمون عن تحوُّل كائنٍ إلى آخر - 00:01:04
كأنَّ الكائنات الحيةَ لعبةٌ معجونيَّة، يمكن إعادة تشكيلها لإنتاجِ شكلٍ مِن آخرَ - 00:01:10
كأنَّها رسمةٌ بالقلم على ورقة، أو رسمة ثلاثية الأبعاد - 00:01:16
تعمل فيها استطالة هنا وتقصير هناك، ببضع ضغطاتٍ على فأرة الحاسب ثُمَّ فجأة: - 00:01:21
إذا لدينا كائنٌ آخر، - 00:01:27
دون أيَّة مراعاةٍ لما تتطلَّبُه هذه التَّغَيُّرات الشكلية الخارجيَّة - 00:01:29
من تغيُّراتٍ -ضخمةٍ جدًّا- في الأجهزة الحيويَّة والتشفير الوراثي - 00:01:34
تعالوا نأخذ مثالًا بسيطًا أقلَّ تعقيدًا - 00:01:39
لن نتحدَّث عن تحوَّلِ نوعٍ من الكائنات إلى نوعٍ آخر مختلفٍ تمامًا في أجهزته الحيوية، - 00:01:43
بل عن تغيُّرٍ بسيطٍ في نفس الكائن: - 00:01:49
الزرافةُ التي يفترض داروين "Darwin" وأتباعه أنَّ رقبتها استطالت عبر الأجيال - 00:01:52
داروين كان يرى -مثلَ لامارك "Lamarck" بأنَّ ذلك حصل نتيجة مدِّها عنقَها لتناول الورق، - 00:01:58
وأتباع داروين علموا أن ذلك خرافة فقالوا بدلًا منها: بل بالطَّفرات العشوائيَّة؛ - 00:02:04
طفراتٌ عشوائيَّة أطالت رقبتها وانتهت القصَّة - 00:02:10
تعالوا نرى -إخواني- ماذا تتطلَّب هذه الاستطالة من تغيُّراتٍ على مستوى أجهزة الجسم، - 00:02:14
ولنأخذ فقط القلب والأوعية الدموية - 00:02:21
المسافة بين القلب وأعلى رأس الزرافة تصل إلى (3) أمتار - 00:02:25
-يعني قريبًا من ارتفاع طابق- - 00:02:29
وبالتالي فقلب الزرافة يجب أن يكون قويًّا جدًّا ليتمكَّن من ضخِّ الدم - 00:02:32
إلى هذه المسافة عكسَ الجاذبيَّة، وهو بالفعل كذلك؛ - 00:02:38
فوزن قلبِها قد يتجاوز 11 كيلوغرام، - 00:02:42
وطول قلبها حوالي 60 سنتيمترًا، - 00:02:45
وسُمك جدرانه 7.5 سنتيمتر، - 00:02:48
وبالتالي فهو يضخُّ الدم بقوَّةٍ شديدة إلى رأس الزرافة عكسَ الجاذبية - 00:02:51
تخيَّل معي الآن عندما تنزل الزرافة رأسها لتشرب الماء - 00:02:57
القلب يعمل مع الجاذبيَّة الآن، وهذا الضخُّ القويُّ يُفترَض أن يفجِّر عروقَ رأسِها، - 00:03:01
لكنَّ هذا لا يحدث - 00:03:07
لماذا؟ - 00:03:09
لأنَّ هناك آليَّاتٍ عديدة لمنع حدوث ذلك - 00:03:10
أوَّلًا: هناك صمَّامات - 00:03:14
على طول الشرايين السُّباتيَّة المغذِّية للدماغ - 00:03:16
تُبطئ من اندفاع الدم نحو الدماغ عندما تحني الزرافةُ رأسَها، - 00:03:20
لكن حتى مع هذه الصمَّامات، فإنَّ آخر دفقةٍ من الدم للدِّماغ كفيلةٌ بتفجير - 00:03:24
الشرايين الصغيرة الموصلة له، - 00:03:30
لذلك فلدينا آليَّة حمايةٍ ثانية: وهي أنَّ الدم لا يذهب للدماغ وشرايينه الصغيرة مباشرةً، - 00:03:32
وإنَّما إلى شبكةٍ من الأوعية الدمويَّة أسفل الدماغ - 00:03:40
تعمل مثل الإسفنج لتمتصَّ الصدمةَ، - 00:03:44
ثمَّ تتكفَّل بتوزيع الدم برفقٍ في دماغ الزرافة - 00:03:47
هذه الشبكةُ من الأوعية الدمويَّة تتمدَّد لتستوعبَ كمِّيات الدم الزائدة - 00:03:51
عندما تُنزِل الزرافةُ رأسَها - 00:03:57
هذه الشبكةُ معقَّدةٌ للغاية وتُسمَّى ريتي ميرابيلي "rete mirabile"، - 00:03:59
ويسمُّونها أيضًا: (The wonderful network) أي، (الشبكة الرائعة) وهي بالفعل رائعة، - 00:04:03
وأُجْرِيَت عليها الكثير من الأبحاث العلمية - 00:04:08
الآلية الوقائيَّة الثالثة: هي وجود سبع صمَّامات في الوريد النازل من الرأس إلى القلب - 00:04:11
هذه الصمَّامات تمنع الدمَ النازل من الدماغ إلى القلب من الرجوع إلى الدماغ - 00:04:17
هذه الآليَّات الثلاثةُ تحمي دماغ الزرافة من الانفجار عندما تحني رأسها لتشرب - 00:04:24
حسنًا، عندما ترفع الزرافةُ رأسها من جديد، ماذا يحدث؟ - 00:04:30
تنقبض الأوعيةُ الدمويَّة في الشبكة الرائعة (rete mirabile) - 00:04:34
في الوقت المناسب لتضخَّ الدم إلى الدماغ، - 00:04:37
والصمَّامات في الشرايين المتوجِّهة من القلب إلى الدماغ تمنعُ انزلاقَ الدم إلى الأسفل، - 00:04:40
فيأخذ الدماغ حاجته من الدم، ولا يصيبها الدوار - 00:04:46
المشكلة العكسيَّة نُواجهها مع أرجل الزرافة، - 00:04:50
إذ أنَّه من المتوقَّع أن يتجمَّع فيها الدم وتنتفخَ الأرجل، - 00:04:53
لكنَّ ذلك لا يحصل، - 00:04:58
لأنَّها تمتلك جلدًا ثخينًا مشدودًا في ساقيها، - 00:04:59
مثلَ جوارب الضَّغط التي يستخدمُها بعض المرضى لمنع الدم من التجمُّع في الأطراف - 00:05:04
حتى وكالة ناسا "NASA" الفضائيَّة تدرس هذه الجزئيَّات في تصميم الزرافة، - 00:05:09
لتصمِّم أطقم جاذبية لرواد الفضاء - 00:05:14
كل هذا تطلَّبه طُول عنق الزرافة، وهذا على مستوى الجهاز الدموي فقط - 00:05:18
اقرأ -إن شئتَ- عمَّا يتطلَّبه طول عنقها في جهازها الهضمي والتنفسي والعصبي وغيرها - 00:05:24
كل هذا مثالٌ على التعقيد غير القابل للاختزال، - 00:05:32
فالآليَّات المذكورة كلُّها لا بُدَّ أن تتوفَّر دفعةً واحدة مع رقبةٍ طويلة، - 00:05:36
ولا تتوافق مع فكرة التدرُّج البطيء أبدًا، فقلب الزرافة الكبير سيُفجِّر عروقها لو كانت - 00:05:41
رقبتُها قصيرة، ولو كانت الرقبة طويلةً دون هذه الآليَّات المعقَّدة، - 00:05:49
فلن يصل الدم إلى الدماغ - 00:05:54
فالمسألة ليست كما يصوِّر كهنة الخرافة: - 00:05:57
مطٌّ للرقبة قليلًا بالرسم، أو على فوتوشوب وانتهتْ القصة - 00:05:59
في استغفالٍ واحتقارٍ لعقول متابعيهم - 00:06:03
كلُّ هذا لا مكان فيه للعشوائيَّة ولا الصُّدفيَّة - 00:06:07
أتعلمون -إخواني- ما معنى أن يتواجد قلب الزرافة الكبير؟ تتواجد (الشبكة الرائعة)؟ - 00:06:10
أو الصمَّامات؟ أو الجلد الثخين؟ - 00:06:17
كلٌّ من هذه التراكيب فيها عددٌ كبيرٌ جدًّا من البروتينات المختلفة المتكاملة المتناسقة - 00:06:20
ماذا يعني تكوُّنها بالعشوائيَّة؟ - 00:06:26
سأضرب لكم مثالًا يقرِّب الفكرة - 00:06:29
تَصوَّر معي 10 أجهزة كمبيوتر على كلٍّ منها ملفُّ وورد "Word" مختلف عن الآخر، - 00:06:31
وكلٌّ منها مشبوكٌ على طابعة تطبع ملفَّ الـ(وورد) بشكل آلي كلَّ ساعة، - 00:06:37
وأوراق الطابعة الناتجة هي بلغة بريل "braille" - 00:06:43
يقف بجانبها عميان، - 00:06:46
وكل أعمى يمسك الورقة الناتجة، - 00:06:47
يتلمَّسها بأصابعه ويركِّب على أساسها قطع ليغو "Lego" بأشكالٍ معيَّنة، - 00:06:50
ثمَّ هناك في وسط هذه الأجهزة شخصٌ أعمى أيضًا، - 00:06:56
يأخذ ما ينتجه العميان الـ(10)، فيجمعها في تركيبٍ ضخم. - 00:06:59
ملفَّات الوورد على أجهزة الكمبيوتر في مثالنا تشبه الشيفرة الوراثيَّة، - 00:07:05
بما فيها من جيناتٍ متنوِّعة، - 00:07:10
الطابعات تشبه عمل نسخ من هذه الجينات، أو ما يعرف بالـ(RNA)، - 00:07:11
العميان هم الرايبوزومات "Ribosomes" التي تقوم بقراءة النسخ، - 00:07:17
وتحويلها إلى بروتيناتٍ صغيرة، - 00:07:20
التركيب الضخم المتجمِّع في النهاية هو أحدُ بروتينات الخليَّة، - 00:07:22
والذي يتألَّف من عدَّة بروتينات صغيرة، - 00:07:26
وكلُّ هذا يمثِّل ما يحدث في خليةٍ واحدة من خلايا كائنٍ حيّ. - 00:07:29
أتباع الخرافة يقولون: الطفرات العشوائيَّة هي التي أكسبت أسلاف الزرافة الآليَّات البديعةَ - 00:07:35
التي تكلَّمنا عنها أثناء استطالة عنقها بالتدريج، - 00:07:42
الطفرات العشوائيَّة؟! - 00:07:46
يعني تصوَّر أنَّنا أتينا بـ(10) أطفال في السنة الأولى من عمرهم، - 00:07:48
ووضعنا كلًّا منهم على أحد أجهزة الكمبيوتر، - 00:07:52
فصار يضرب على لوحة المفاتيح عشوائيًّا، - 00:07:55
فيُغيِّر في ملفِّ الـ(وورد) والطابعات تطبع، - 00:07:59
والعميان يجُمِّعون قِطعًا صغيرة على أساس الأوراق الجديدة - 00:08:02
طبعًا، تخليطات الأطفال هذه يجب أن تكون كثيرة حتى تُنتج لنا بروتينًا جديدًا، - 00:08:07
المشكلة أنَّ التخليط سيخرِّب ملفَّات الـ(وورد) الأصليَّة، - 00:08:13
أي: المادَّة الوراثيَّة اللازمة لإنتاج بروتيناتٍ ضروريَّةٍ لحياة الكائن - 00:08:17
المادَّة الوراثيَّة -إخواني- مؤلَّفة من مليارات الحروف، - 00:08:22
وفيها الشيفرة لعشرات آلاف البروتينات، - 00:08:25
تغييرٌ واحدٌ في مكانٍ حسَّاسٍ من هذه الحروف قد يكون مُميتًا أو يُنتج عاهةً في الحيوان - 00:08:28
سيقولون لك: لا مشكلة؛ الانتخاب الطبيعي سيقضي على الكائنات غير الصالحة للبقاء، - 00:08:37
ولك أن تتصوَّر كم سيكون عددُ هذه الكائنات مع تخليطات الأولاد - 00:08:43
استمرَّ الرُّضَّع في الضرب على لوحات المفاتيح، - 00:08:47
وفي يوم من الأيام نجحت تخليطات أحدهم في إنتاج فقرةٍ لها معنى، - 00:08:50
فتمَّ ترجمتها إلى بروتين صغير جديد مفيد، - 00:08:55
وتزامن هذا -بالصُّدْفة- مع أنَّ الرُضَّع الـ(9) الآخرين - 00:08:59
أنتجت تخليطاتهم أيضًا -وفي اللحظة نفسها- فقراتٍ مفيدة، - 00:09:03
تمَّ ترجمتُها إلى بروتينات صغيرة أخرى، - 00:09:08
والخبرُ الأسعدُ أنَّ هذا كلَّه حصل بالتزامن مع أنَّ تخليطات أطفالنا أعادت الشيفرة الوراثيَّة - 00:09:10
الأصليَّةَ كما كانت، لتُنتج البروتينات الأصليَّة اللازمة لحياة الكائن، - 00:09:17
وتجَّمعت البروتينات الصغيرة الجديدة؛ لتُنتج بروتينًا ضخمًا، - 00:09:22
سيكون خطوةً على طريق تَشَكُّل صمَّام - 00:09:26
أزيدكم من الشعر بيتًا، - 00:09:30
تزامن هذا الحدث السعيد مع عشوائيَّاتٍ مثلها، في مكانٍ آخر من المادَّة الوراثيَّة - 00:09:32
على كروموسومٍ "Chromosome" آخر، - 00:09:37
فأنتجتْ لنا -بمجموع الصُّدَف المتزامنة- بروتينًا آخرَ سيكون خطوةً على طريق زيادة حجم القلب، - 00:09:39
وهذا كلُّه أيضًا بالتزامن مع تخليطات على كروموسومٍ آخر، - 00:09:46
أدَّت إلى إنتاج كولاجين "Collagen" جديد، - 00:09:50
سيكون خطوةً على طريق تَشَكُّل جلدٍ سميكٍ في ساقَي الكائن، - 00:09:52
وبهذا تَكَوَّن لدينا كائنٌ انتقاليٌّ ناجحٌ، - 00:09:57
وسط بحرٍ من المحاولات الفاشلةِ التي قضتْ عليها الطبيعة، - 00:10:01
تَكَوَّن لدينا كائنٌ أطولُ رقبةً بقليل من الكائن الأول، - 00:10:06
تَكَوَّن هذا الكائن فصاح قائلًا: (بالإنجليزية) ها أنا ذا - 00:10:11
لكن، أين زوجتي؟! - 00:10:14
حتى تكتمل فرحة كائننا الجديد، - 00:10:17
فكلُّ هذه الضربات العشوائيَّة حدث مثلُها أو قريبٌ منها، - 00:10:19
بالتزامن لتُنتج كائنًا أنثى بمجموع الصُّدَف، بما يصلح لتزاوجها مع الذكر، - 00:10:23
ومع مرورِ ملايين السنين، واستمرارِ الرُضَّعِ في التخليط، - 00:10:30
وهدمِ ما بنوه من إضافاتٍ، ثم إعادتِه بالصُّدَف، - 00:10:34
ثم إضافة فقراتٍ جديدةٍ ذات معنى، - 00:10:38
تَكَوَّنَت عندنا الزرافة بقلبها الكبير، وشبكتِها الرائعة، وصمَّاماتِها، وجلدِها الخاصِّ، - 00:10:41
وتناسق أبعادها - 00:10:48
الدارسُ لعلم الأحياء سيفهم مَثَلي هذا تمامًا، - 00:10:50
وسيعلم أن الأمرَ في الحقيقة أعقدُ وأصعبُ من هذا بكثير - 00:10:54
وإذا أردت أخي أن تستوعب موضوع التشفير الوراثيِّ أكثرَ، - 00:10:59
فأرجو أن تعود للحلقة (19) من (رحلة اليقين) بعنوان: (الشيفرة الوراثيَّة المذهلة) - 00:11:03
الذي يفهم تركيبَ الخلية والتشفيرَ الوراثيِّ سيُدرك أنَّنا لو زودنا الخلية بمخازنَ لا تنتهي - 00:11:09
من الأحماض الأمينية، وعرَّضناها لكلِّ عواملِ الطفرات العشوائيَّة فإن الجوَّ والأرض، - 00:11:15
والبرَّ والبحرَ ستمتلئ بالمحاولات الفاشلة، والبروتينات عديمة القيمة، - 00:11:21
دون أن تتحوَّل الخليةُ بمجموع الصُّدَف لنوعٍ آخر من الخلايا - 00:11:26
هذا وآلافُ الخلايا تتجمَّعُ على رأس دَبُّوس - 00:11:32
كل ما ذكرناه -إخواني- هو في تغيُّر بسيطٍ نسبيٍّ في نفس الكائن، استطالةُ عنقه فقط - 00:11:36
لك أن تَتَصوَّر حجم المهزلة إذن، - 00:11:42
عندما يتكلم أتباع الخرافة عن تحوُّل الزواحف إلى الطيور، - 00:11:45
أو تحوُّل كائنٍ برِّي إلى الحوت، - 00:11:49
على ما بين هذه الكائنات من فروقاتٍ ضخمةٍ جدًّا في أجهزتها الحيويَّة كافَّة، - 00:11:52
بل وحاجتها إلى إنتاج أجهزةٍ جديدة، كجهاز الطيران أو السباحة - 00:11:58
عندما تدرك ذلك -أخي- فستُدرك مدى الاحتقار للعقل البشري الذي يمارسُه أنصارُ الخرافة - 00:12:04
حين يعرضون لك رسمةً كهذه، - 00:12:10
أو كهذه - 00:12:15
ريشٌ ينبت على أيدي الديناصور، ليستطيعَ التقاطَ البعوضةِ، - 00:12:17
في مهزلة دراميَّة - 00:12:21
عيبٌ -يا جماعة- واللهِ، عيبٌ - 00:12:23
«إنَّ ممَّا أَدرَكَ الناسُ مِن كلامِ النُّبُوَّةِ الأُولى: إذا لم تَستَحِ فاصنَعْ ما شِئتَ» (أخرجه البخاري) - 00:12:24
عندما تفهم هذا كلَّه ستستفزُّك هذه الرسوماتُ التي لا تحترمُ العقلَ ولا العِلمَ، - 00:12:29
وستُدركُ كم يخدع ريتشارد دوكينز "Richard Dawkins" قُرَّاءه ويستغفلُهم - 00:12:35
حين يُوهمهم بأن العين تكوَّنت شيئًا فشيئًا، من 1 إلى 100%، وكذلك أجنحةُ الطيور - 00:12:39
ستُدرك مدى الجهل الذي يتحلَّى به بعضُ عرَّابي الخُرافة العرب حين يقولون لك: - 00:12:47
"من الممكن أن تكون الزواحف قد نبت لها ريشٌ بالطفرات العشوائيَّة" نَبَتَ لها ريشٌ - 00:12:53
علمًا بأنَّ تركيبَ الريش معقدٌّ جدًّا جدًّا، - 00:12:58
ستُدرك أن الرسومات والخيالات التي يمرِّرها أتباع الخرافة بكل بساطةٍ - 00:13:01
-هكذا في كلمة أو رسمة- تتطلَّب ملايين التغييرات، - 00:13:06
أي ملايين الحروف الجديدة والمتغيِّرة التي يجب أن تكون كلُّها صحيحة، - 00:13:10
بل وكلُّها مرتبطةٌ ببعضها البعض - 00:13:16
أي أن العضو الجديد -كالجناح الذي سيظهر للدَّيناصور بزعمهم- - 00:13:19
يجب أن يتزامن معه تغيُّراتٌ عشوائيَّةٌ كثيرةٌ وصحيحةٌ كلُّها؛ - 00:13:23
لتغذية الجناح بالدم والأعصاب، - 00:13:28
ولربط عظامه الجديدة مع جسمه بالأربطة والعضلات وغيرها، - 00:13:32
وكلُّ هذا دون التأثير على باقي ملف الـ(وورد)، أو مع إرجاع أخطائه كما كانت - 00:13:37
كل هذا يمثِّله لك أتباعُ الخرافةِ بمطَّةٍ بسيطةٍ بالمعجون، - 00:13:44
ستدرك كم هو مضحك أن يصف أتباعُ الخرافةِ العقلاءَ المؤمنين بأنَّهم: (سطحيُّون ساذجون) - 00:13:50
لأنَّهم يرفضون خرافتَهم، - 00:13:56
ولنا وقفةٌ أخرى مع الموضوع حين نتكلَّم عن محاولةِ التوفيقِ بين الخرافةِ والإسلامِ، - 00:13:59
باقتراح فكرة: (التطوُّر المُوَجَّه)، - 00:14:04
كيف أن هذا يتطلَّب حدوث عددٍ ضخم جدًّا - 00:14:07
من التغيُّرات المقصودة في المادة الوراثية في تزامن، - 00:14:11
وهذا يناقضُ تعريفَ التطوُّر - 00:14:15
أمثلة: (خاطبهم كأطفال) كثيرةٌ جدًّا في كلام أتباع الخرافة، - 00:14:18
لكن لا نريد أن نُطيل عليكم، - 00:14:21
إذن، تحدَّثنا حتى الآن عن ثلاثة أساليب لترويج الخرافة: - 00:14:24
خلطُها بالحقائق، - 00:14:28
والإبهار لإقناعك بتأجير العقل، - 00:14:30
وخاطبهم كأطفال - 00:14:33
تابعوا معنا -إخواني- الحلقات القادمة؛ - 00:14:35
لنرى أساليبَ أُخرى. - 00:14:37
والسلام عليكم ورحمة الله - 00:14:38
التفريغ
- ماذا تفعل؟ - 00:00:00
- سأريك كيف سأحول الحرباء إلى طائر - 00:00:02
- حقًّا؟! - 00:00:05
- انظر، هذه هي الحرباء - 00:00:06
- حسناً - 00:00:10
- لو فرضنا أننا صنعنا لها منقارا، هكذا... - 00:00:10
هذا هو المنقار - 00:00:15
والذيل قَصُرَ قليلًا، - 00:00:18
والأطراف قصّرناها أيضًا، - 00:00:22
انظر، ونضيف لها جناحان أيضًا، هكذا - 00:00:28
هذا جناح أيضا، - 00:00:32
انظر، ها هو قد طار - 00:00:35
السلام عليكم - 00:00:49
في مقال للكاتب الأمريكي نعوم تشومسكي "Noam Chomsky" بعنوان: - 00:00:50
(بالانجليزية) "عشر استراتيجيات للتلاعب من قِبَل الإعلام" - 00:00:52
ذكر الكاتب عشرَ وسائل يستخدمُها الإعلامُ ليغسلَ بها عقولَ الشعوب، - 00:00:55
وذكر منها: "خاطبهم كأطفال" - 00:01:01
هذا ما يفعلُه أتباعُ الخُرافة حين يتكلَّمون عن تحوُّل كائنٍ إلى آخر - 00:01:04
كأنَّ الكائنات الحيةَ لعبةٌ معجونيَّة، يمكن إعادة تشكيلها لإنتاجِ شكلٍ مِن آخرَ - 00:01:10
كأنَّها رسمةٌ بالقلم على ورقة، أو رسمة ثلاثية الأبعاد - 00:01:16
تعمل فيها استطالة هنا وتقصير هناك، ببضع ضغطاتٍ على فأرة الحاسب ثُمَّ فجأة: - 00:01:21
إذا لدينا كائنٌ آخر، - 00:01:27
دون أيَّة مراعاةٍ لما تتطلَّبُه هذه التَّغَيُّرات الشكلية الخارجيَّة - 00:01:29
من تغيُّراتٍ -ضخمةٍ جدًّا- في الأجهزة الحيويَّة والتشفير الوراثي - 00:01:34
تعالوا نأخذ مثالًا بسيطًا أقلَّ تعقيدًا - 00:01:39
لن نتحدَّث عن تحوَّلِ نوعٍ من الكائنات إلى نوعٍ آخر مختلفٍ تمامًا في أجهزته الحيوية، - 00:01:43
بل عن تغيُّرٍ بسيطٍ في نفس الكائن: - 00:01:49
الزرافةُ التي يفترض داروين "Darwin" وأتباعه أنَّ رقبتها استطالت عبر الأجيال - 00:01:52
داروين كان يرى -مثلَ لامارك "Lamarck" بأنَّ ذلك حصل نتيجة مدِّها عنقَها لتناول الورق، - 00:01:58
وأتباع داروين علموا أن ذلك خرافة فقالوا بدلًا منها: بل بالطَّفرات العشوائيَّة؛ - 00:02:04
طفراتٌ عشوائيَّة أطالت رقبتها وانتهت القصَّة - 00:02:10
تعالوا نرى -إخواني- ماذا تتطلَّب هذه الاستطالة من تغيُّراتٍ على مستوى أجهزة الجسم، - 00:02:14
ولنأخذ فقط القلب والأوعية الدموية - 00:02:21
المسافة بين القلب وأعلى رأس الزرافة تصل إلى (3) أمتار - 00:02:25
-يعني قريبًا من ارتفاع طابق- - 00:02:29
وبالتالي فقلب الزرافة يجب أن يكون قويًّا جدًّا ليتمكَّن من ضخِّ الدم - 00:02:32
إلى هذه المسافة عكسَ الجاذبيَّة، وهو بالفعل كذلك؛ - 00:02:38
فوزن قلبِها قد يتجاوز 11 كيلوغرام، - 00:02:42
وطول قلبها حوالي 60 سنتيمترًا، - 00:02:45
وسُمك جدرانه 7.5 سنتيمتر، - 00:02:48
وبالتالي فهو يضخُّ الدم بقوَّةٍ شديدة إلى رأس الزرافة عكسَ الجاذبية - 00:02:51
تخيَّل معي الآن عندما تنزل الزرافة رأسها لتشرب الماء - 00:02:57
القلب يعمل مع الجاذبيَّة الآن، وهذا الضخُّ القويُّ يُفترَض أن يفجِّر عروقَ رأسِها، - 00:03:01
لكنَّ هذا لا يحدث - 00:03:07
لماذا؟ - 00:03:09
لأنَّ هناك آليَّاتٍ عديدة لمنع حدوث ذلك - 00:03:10
أوَّلًا: هناك صمَّامات - 00:03:14
على طول الشرايين السُّباتيَّة المغذِّية للدماغ - 00:03:16
تُبطئ من اندفاع الدم نحو الدماغ عندما تحني الزرافةُ رأسَها، - 00:03:20
لكن حتى مع هذه الصمَّامات، فإنَّ آخر دفقةٍ من الدم للدِّماغ كفيلةٌ بتفجير - 00:03:24
الشرايين الصغيرة الموصلة له، - 00:03:30
لذلك فلدينا آليَّة حمايةٍ ثانية: وهي أنَّ الدم لا يذهب للدماغ وشرايينه الصغيرة مباشرةً، - 00:03:32
وإنَّما إلى شبكةٍ من الأوعية الدمويَّة أسفل الدماغ - 00:03:40
تعمل مثل الإسفنج لتمتصَّ الصدمةَ، - 00:03:44
ثمَّ تتكفَّل بتوزيع الدم برفقٍ في دماغ الزرافة - 00:03:47
هذه الشبكةُ من الأوعية الدمويَّة تتمدَّد لتستوعبَ كمِّيات الدم الزائدة - 00:03:51
عندما تُنزِل الزرافةُ رأسَها - 00:03:57
هذه الشبكةُ معقَّدةٌ للغاية وتُسمَّى ريتي ميرابيلي "rete mirabile"، - 00:03:59
ويسمُّونها أيضًا: (The wonderful network) أي، (الشبكة الرائعة) وهي بالفعل رائعة، - 00:04:03
وأُجْرِيَت عليها الكثير من الأبحاث العلمية - 00:04:08
الآلية الوقائيَّة الثالثة: هي وجود سبع صمَّامات في الوريد النازل من الرأس إلى القلب - 00:04:11
هذه الصمَّامات تمنع الدمَ النازل من الدماغ إلى القلب من الرجوع إلى الدماغ - 00:04:17
هذه الآليَّات الثلاثةُ تحمي دماغ الزرافة من الانفجار عندما تحني رأسها لتشرب - 00:04:24
حسنًا، عندما ترفع الزرافةُ رأسها من جديد، ماذا يحدث؟ - 00:04:30
تنقبض الأوعيةُ الدمويَّة في الشبكة الرائعة (rete mirabile) - 00:04:34
في الوقت المناسب لتضخَّ الدم إلى الدماغ، - 00:04:37
والصمَّامات في الشرايين المتوجِّهة من القلب إلى الدماغ تمنعُ انزلاقَ الدم إلى الأسفل، - 00:04:40
فيأخذ الدماغ حاجته من الدم، ولا يصيبها الدوار - 00:04:46
المشكلة العكسيَّة نُواجهها مع أرجل الزرافة، - 00:04:50
إذ أنَّه من المتوقَّع أن يتجمَّع فيها الدم وتنتفخَ الأرجل، - 00:04:53
لكنَّ ذلك لا يحصل، - 00:04:58
لأنَّها تمتلك جلدًا ثخينًا مشدودًا في ساقيها، - 00:04:59
مثلَ جوارب الضَّغط التي يستخدمُها بعض المرضى لمنع الدم من التجمُّع في الأطراف - 00:05:04
حتى وكالة ناسا "NASA" الفضائيَّة تدرس هذه الجزئيَّات في تصميم الزرافة، - 00:05:09
لتصمِّم أطقم جاذبية لرواد الفضاء - 00:05:14
كل هذا تطلَّبه طُول عنق الزرافة، وهذا على مستوى الجهاز الدموي فقط - 00:05:18
اقرأ -إن شئتَ- عمَّا يتطلَّبه طول عنقها في جهازها الهضمي والتنفسي والعصبي وغيرها - 00:05:24
كل هذا مثالٌ على التعقيد غير القابل للاختزال، - 00:05:32
فالآليَّات المذكورة كلُّها لا بُدَّ أن تتوفَّر دفعةً واحدة مع رقبةٍ طويلة، - 00:05:36
ولا تتوافق مع فكرة التدرُّج البطيء أبدًا، فقلب الزرافة الكبير سيُفجِّر عروقها لو كانت - 00:05:41
رقبتُها قصيرة، ولو كانت الرقبة طويلةً دون هذه الآليَّات المعقَّدة، - 00:05:49
فلن يصل الدم إلى الدماغ - 00:05:54
فالمسألة ليست كما يصوِّر كهنة الخرافة: - 00:05:57
مطٌّ للرقبة قليلًا بالرسم، أو على فوتوشوب وانتهتْ القصة - 00:05:59
في استغفالٍ واحتقارٍ لعقول متابعيهم - 00:06:03
كلُّ هذا لا مكان فيه للعشوائيَّة ولا الصُّدفيَّة - 00:06:07
أتعلمون -إخواني- ما معنى أن يتواجد قلب الزرافة الكبير؟ تتواجد (الشبكة الرائعة)؟ - 00:06:10
أو الصمَّامات؟ أو الجلد الثخين؟ - 00:06:17
كلٌّ من هذه التراكيب فيها عددٌ كبيرٌ جدًّا من البروتينات المختلفة المتكاملة المتناسقة - 00:06:20
ماذا يعني تكوُّنها بالعشوائيَّة؟ - 00:06:26
سأضرب لكم مثالًا يقرِّب الفكرة - 00:06:29
تَصوَّر معي 10 أجهزة كمبيوتر على كلٍّ منها ملفُّ وورد "Word" مختلف عن الآخر، - 00:06:31
وكلٌّ منها مشبوكٌ على طابعة تطبع ملفَّ الـ(وورد) بشكل آلي كلَّ ساعة، - 00:06:37
وأوراق الطابعة الناتجة هي بلغة بريل "braille" - 00:06:43
يقف بجانبها عميان، - 00:06:46
وكل أعمى يمسك الورقة الناتجة، - 00:06:47
يتلمَّسها بأصابعه ويركِّب على أساسها قطع ليغو "Lego" بأشكالٍ معيَّنة، - 00:06:50
ثمَّ هناك في وسط هذه الأجهزة شخصٌ أعمى أيضًا، - 00:06:56
يأخذ ما ينتجه العميان الـ(10)، فيجمعها في تركيبٍ ضخم. - 00:06:59
ملفَّات الوورد على أجهزة الكمبيوتر في مثالنا تشبه الشيفرة الوراثيَّة، - 00:07:05
بما فيها من جيناتٍ متنوِّعة، - 00:07:10
الطابعات تشبه عمل نسخ من هذه الجينات، أو ما يعرف بالـ(RNA)، - 00:07:11
العميان هم الرايبوزومات "Ribosomes" التي تقوم بقراءة النسخ، - 00:07:17
وتحويلها إلى بروتيناتٍ صغيرة، - 00:07:20
التركيب الضخم المتجمِّع في النهاية هو أحدُ بروتينات الخليَّة، - 00:07:22
والذي يتألَّف من عدَّة بروتينات صغيرة، - 00:07:26
وكلُّ هذا يمثِّل ما يحدث في خليةٍ واحدة من خلايا كائنٍ حيّ. - 00:07:29
أتباع الخرافة يقولون: الطفرات العشوائيَّة هي التي أكسبت أسلاف الزرافة الآليَّات البديعةَ - 00:07:35
التي تكلَّمنا عنها أثناء استطالة عنقها بالتدريج، - 00:07:42
الطفرات العشوائيَّة؟! - 00:07:46
يعني تصوَّر أنَّنا أتينا بـ(10) أطفال في السنة الأولى من عمرهم، - 00:07:48
ووضعنا كلًّا منهم على أحد أجهزة الكمبيوتر، - 00:07:52
فصار يضرب على لوحة المفاتيح عشوائيًّا، - 00:07:55
فيُغيِّر في ملفِّ الـ(وورد) والطابعات تطبع، - 00:07:59
والعميان يجُمِّعون قِطعًا صغيرة على أساس الأوراق الجديدة - 00:08:02
طبعًا، تخليطات الأطفال هذه يجب أن تكون كثيرة حتى تُنتج لنا بروتينًا جديدًا، - 00:08:07
المشكلة أنَّ التخليط سيخرِّب ملفَّات الـ(وورد) الأصليَّة، - 00:08:13
أي: المادَّة الوراثيَّة اللازمة لإنتاج بروتيناتٍ ضروريَّةٍ لحياة الكائن - 00:08:17
المادَّة الوراثيَّة -إخواني- مؤلَّفة من مليارات الحروف، - 00:08:22
وفيها الشيفرة لعشرات آلاف البروتينات، - 00:08:25
تغييرٌ واحدٌ في مكانٍ حسَّاسٍ من هذه الحروف قد يكون مُميتًا أو يُنتج عاهةً في الحيوان - 00:08:28
سيقولون لك: لا مشكلة؛ الانتخاب الطبيعي سيقضي على الكائنات غير الصالحة للبقاء، - 00:08:37
ولك أن تتصوَّر كم سيكون عددُ هذه الكائنات مع تخليطات الأولاد - 00:08:43
استمرَّ الرُّضَّع في الضرب على لوحات المفاتيح، - 00:08:47
وفي يوم من الأيام نجحت تخليطات أحدهم في إنتاج فقرةٍ لها معنى، - 00:08:50
فتمَّ ترجمتها إلى بروتين صغير جديد مفيد، - 00:08:55
وتزامن هذا -بالصُّدْفة- مع أنَّ الرُضَّع الـ(9) الآخرين - 00:08:59
أنتجت تخليطاتهم أيضًا -وفي اللحظة نفسها- فقراتٍ مفيدة، - 00:09:03
تمَّ ترجمتُها إلى بروتينات صغيرة أخرى، - 00:09:08
والخبرُ الأسعدُ أنَّ هذا كلَّه حصل بالتزامن مع أنَّ تخليطات أطفالنا أعادت الشيفرة الوراثيَّة - 00:09:10
الأصليَّةَ كما كانت، لتُنتج البروتينات الأصليَّة اللازمة لحياة الكائن، - 00:09:17
وتجَّمعت البروتينات الصغيرة الجديدة؛ لتُنتج بروتينًا ضخمًا، - 00:09:22
سيكون خطوةً على طريق تَشَكُّل صمَّام - 00:09:26
أزيدكم من الشعر بيتًا، - 00:09:30
تزامن هذا الحدث السعيد مع عشوائيَّاتٍ مثلها، في مكانٍ آخر من المادَّة الوراثيَّة - 00:09:32
على كروموسومٍ "Chromosome" آخر، - 00:09:37
فأنتجتْ لنا -بمجموع الصُّدَف المتزامنة- بروتينًا آخرَ سيكون خطوةً على طريق زيادة حجم القلب، - 00:09:39
وهذا كلُّه أيضًا بالتزامن مع تخليطات على كروموسومٍ آخر، - 00:09:46
أدَّت إلى إنتاج كولاجين "Collagen" جديد، - 00:09:50
سيكون خطوةً على طريق تَشَكُّل جلدٍ سميكٍ في ساقَي الكائن، - 00:09:52
وبهذا تَكَوَّن لدينا كائنٌ انتقاليٌّ ناجحٌ، - 00:09:57
وسط بحرٍ من المحاولات الفاشلةِ التي قضتْ عليها الطبيعة، - 00:10:01
تَكَوَّن لدينا كائنٌ أطولُ رقبةً بقليل من الكائن الأول، - 00:10:06
تَكَوَّن هذا الكائن فصاح قائلًا: (بالإنجليزية) ها أنا ذا - 00:10:11
لكن، أين زوجتي؟! - 00:10:14
حتى تكتمل فرحة كائننا الجديد، - 00:10:17
فكلُّ هذه الضربات العشوائيَّة حدث مثلُها أو قريبٌ منها، - 00:10:19
بالتزامن لتُنتج كائنًا أنثى بمجموع الصُّدَف، بما يصلح لتزاوجها مع الذكر، - 00:10:23
ومع مرورِ ملايين السنين، واستمرارِ الرُضَّعِ في التخليط، - 00:10:30
وهدمِ ما بنوه من إضافاتٍ، ثم إعادتِه بالصُّدَف، - 00:10:34
ثم إضافة فقراتٍ جديدةٍ ذات معنى، - 00:10:38
تَكَوَّنَت عندنا الزرافة بقلبها الكبير، وشبكتِها الرائعة، وصمَّاماتِها، وجلدِها الخاصِّ، - 00:10:41
وتناسق أبعادها - 00:10:48
الدارسُ لعلم الأحياء سيفهم مَثَلي هذا تمامًا، - 00:10:50
وسيعلم أن الأمرَ في الحقيقة أعقدُ وأصعبُ من هذا بكثير - 00:10:54
وإذا أردت أخي أن تستوعب موضوع التشفير الوراثيِّ أكثرَ، - 00:10:59
فأرجو أن تعود للحلقة (19) من (رحلة اليقين) بعنوان: (الشيفرة الوراثيَّة المذهلة) - 00:11:03
الذي يفهم تركيبَ الخلية والتشفيرَ الوراثيِّ سيُدرك أنَّنا لو زودنا الخلية بمخازنَ لا تنتهي - 00:11:09
من الأحماض الأمينية، وعرَّضناها لكلِّ عواملِ الطفرات العشوائيَّة فإن الجوَّ والأرض، - 00:11:15
والبرَّ والبحرَ ستمتلئ بالمحاولات الفاشلة، والبروتينات عديمة القيمة، - 00:11:21
دون أن تتحوَّل الخليةُ بمجموع الصُّدَف لنوعٍ آخر من الخلايا - 00:11:26
هذا وآلافُ الخلايا تتجمَّعُ على رأس دَبُّوس - 00:11:32
كل ما ذكرناه -إخواني- هو في تغيُّر بسيطٍ نسبيٍّ في نفس الكائن، استطالةُ عنقه فقط - 00:11:36
لك أن تَتَصوَّر حجم المهزلة إذن، - 00:11:42
عندما يتكلم أتباع الخرافة عن تحوُّل الزواحف إلى الطيور، - 00:11:45
أو تحوُّل كائنٍ برِّي إلى الحوت، - 00:11:49
على ما بين هذه الكائنات من فروقاتٍ ضخمةٍ جدًّا في أجهزتها الحيويَّة كافَّة، - 00:11:52
بل وحاجتها إلى إنتاج أجهزةٍ جديدة، كجهاز الطيران أو السباحة - 00:11:58
عندما تدرك ذلك -أخي- فستُدرك مدى الاحتقار للعقل البشري الذي يمارسُه أنصارُ الخرافة - 00:12:04
حين يعرضون لك رسمةً كهذه، - 00:12:10
أو كهذه - 00:12:15
ريشٌ ينبت على أيدي الديناصور، ليستطيعَ التقاطَ البعوضةِ، - 00:12:17
في مهزلة دراميَّة - 00:12:21
عيبٌ -يا جماعة- واللهِ، عيبٌ - 00:12:23
«إنَّ ممَّا أَدرَكَ الناسُ مِن كلامِ النُّبُوَّةِ الأُولى: إذا لم تَستَحِ فاصنَعْ ما شِئتَ» (أخرجه البخاري) - 00:12:24
عندما تفهم هذا كلَّه ستستفزُّك هذه الرسوماتُ التي لا تحترمُ العقلَ ولا العِلمَ، - 00:12:29
وستُدركُ كم يخدع ريتشارد دوكينز "Richard Dawkins" قُرَّاءه ويستغفلُهم - 00:12:35
حين يُوهمهم بأن العين تكوَّنت شيئًا فشيئًا، من 1 إلى 100%، وكذلك أجنحةُ الطيور - 00:12:39
ستُدرك مدى الجهل الذي يتحلَّى به بعضُ عرَّابي الخُرافة العرب حين يقولون لك: - 00:12:47
"من الممكن أن تكون الزواحف قد نبت لها ريشٌ بالطفرات العشوائيَّة" نَبَتَ لها ريشٌ - 00:12:53
علمًا بأنَّ تركيبَ الريش معقدٌّ جدًّا جدًّا، - 00:12:58
ستُدرك أن الرسومات والخيالات التي يمرِّرها أتباع الخرافة بكل بساطةٍ - 00:13:01
-هكذا في كلمة أو رسمة- تتطلَّب ملايين التغييرات، - 00:13:06
أي ملايين الحروف الجديدة والمتغيِّرة التي يجب أن تكون كلُّها صحيحة، - 00:13:10
بل وكلُّها مرتبطةٌ ببعضها البعض - 00:13:16
أي أن العضو الجديد -كالجناح الذي سيظهر للدَّيناصور بزعمهم- - 00:13:19
يجب أن يتزامن معه تغيُّراتٌ عشوائيَّةٌ كثيرةٌ وصحيحةٌ كلُّها؛ - 00:13:23
لتغذية الجناح بالدم والأعصاب، - 00:13:28
ولربط عظامه الجديدة مع جسمه بالأربطة والعضلات وغيرها، - 00:13:32
وكلُّ هذا دون التأثير على باقي ملف الـ(وورد)، أو مع إرجاع أخطائه كما كانت - 00:13:37
كل هذا يمثِّله لك أتباعُ الخرافةِ بمطَّةٍ بسيطةٍ بالمعجون، - 00:13:44
ستدرك كم هو مضحك أن يصف أتباعُ الخرافةِ العقلاءَ المؤمنين بأنَّهم: (سطحيُّون ساذجون) - 00:13:50
لأنَّهم يرفضون خرافتَهم، - 00:13:56
ولنا وقفةٌ أخرى مع الموضوع حين نتكلَّم عن محاولةِ التوفيقِ بين الخرافةِ والإسلامِ، - 00:13:59
باقتراح فكرة: (التطوُّر المُوَجَّه)، - 00:14:04
كيف أن هذا يتطلَّب حدوث عددٍ ضخم جدًّا - 00:14:07
من التغيُّرات المقصودة في المادة الوراثية في تزامن، - 00:14:11
وهذا يناقضُ تعريفَ التطوُّر - 00:14:15
أمثلة: (خاطبهم كأطفال) كثيرةٌ جدًّا في كلام أتباع الخرافة، - 00:14:18
لكن لا نريد أن نُطيل عليكم، - 00:14:21
إذن، تحدَّثنا حتى الآن عن ثلاثة أساليب لترويج الخرافة: - 00:14:24
خلطُها بالحقائق، - 00:14:28
والإبهار لإقناعك بتأجير العقل، - 00:14:30
وخاطبهم كأطفال - 00:14:33
تابعوا معنا -إخواني- الحلقات القادمة؛ - 00:14:35
لنرى أساليبَ أُخرى. - 00:14:37
والسلام عليكم ورحمة الله - 00:14:38