سلسلة رحلة اليقين - القناة الرسمية د. إياد قنيبي

رحلة_اليقين ٢٧: خاطبهم كأطفال - الدكتور إياد قنيبي

إياد قنيبي

- ماذا تفعل؟ - 00:00:00ضَ

- سأريك كيف سأحول الحرباء إلى طائر - 00:00:02ضَ

- حقًّا؟! - 00:00:05ضَ

- انظر، هذه هي الحرباء - 00:00:06ضَ

- حسناً - 00:00:10ضَ

- لو فرضنا أننا صنعنا لها منقارا، هكذا... - 00:00:10ضَ

هذا هو المنقار - 00:00:15ضَ

والذيل قَصُرَ قليلًا، - 00:00:18ضَ

والأطراف قصّرناها أيضًا، - 00:00:22ضَ

انظر، ونضيف لها جناحان أيضًا، هكذا - 00:00:28ضَ

هذا جناح أيضا، - 00:00:32ضَ

انظر، ها هو قد طار - 00:00:35ضَ

السلام عليكم - 00:00:49ضَ

في مقال للكاتب الأمريكي نعوم تشومسكي "Noam Chomsky" بعنوان: - 00:00:50ضَ

(بالانجليزية) "عشر استراتيجيات للتلاعب من قِبَل الإعلام" - 00:00:52ضَ

ذكر الكاتب عشرَ وسائل يستخدمُها الإعلامُ ليغسلَ بها عقولَ الشعوب، - 00:00:55ضَ

وذكر منها: "خاطبهم كأطفال" - 00:01:01ضَ

هذا ما يفعلُه أتباعُ الخُرافة حين يتكلَّمون عن تحوُّل كائنٍ إلى آخر - 00:01:04ضَ

كأنَّ الكائنات الحيةَ لعبةٌ معجونيَّة، يمكن إعادة تشكيلها لإنتاجِ شكلٍ مِن آخرَ - 00:01:10ضَ

كأنَّها رسمةٌ بالقلم على ورقة، أو رسمة ثلاثية الأبعاد - 00:01:16ضَ

تعمل فيها استطالة هنا وتقصير هناك، ببضع ضغطاتٍ على فأرة الحاسب ثُمَّ فجأة: - 00:01:21ضَ

إذا لدينا كائنٌ آخر، - 00:01:27ضَ

دون أيَّة مراعاةٍ لما تتطلَّبُه هذه التَّغَيُّرات الشكلية الخارجيَّة - 00:01:29ضَ

من تغيُّراتٍ -ضخمةٍ جدًّا- في الأجهزة الحيويَّة والتشفير الوراثي - 00:01:34ضَ

تعالوا نأخذ مثالًا بسيطًا أقلَّ تعقيدًا - 00:01:39ضَ

لن نتحدَّث عن تحوَّلِ نوعٍ من الكائنات إلى نوعٍ آخر مختلفٍ تمامًا في أجهزته الحيوية، - 00:01:43ضَ

بل عن تغيُّرٍ بسيطٍ في نفس الكائن: - 00:01:49ضَ

الزرافةُ التي يفترض داروين "Darwin" وأتباعه أنَّ رقبتها استطالت عبر الأجيال - 00:01:52ضَ

داروين كان يرى -مثلَ لامارك "Lamarck" بأنَّ ذلك حصل نتيجة مدِّها عنقَها لتناول الورق، - 00:01:58ضَ

وأتباع داروين علموا أن ذلك خرافة فقالوا بدلًا منها: بل بالطَّفرات العشوائيَّة؛ - 00:02:04ضَ

طفراتٌ عشوائيَّة أطالت رقبتها وانتهت القصَّة - 00:02:10ضَ

تعالوا نرى -إخواني- ماذا تتطلَّب هذه الاستطالة من تغيُّراتٍ على مستوى أجهزة الجسم، - 00:02:14ضَ

ولنأخذ فقط القلب والأوعية الدموية - 00:02:21ضَ

المسافة بين القلب وأعلى رأس الزرافة تصل إلى (3) أمتار - 00:02:25ضَ

-يعني قريبًا من ارتفاع طابق- - 00:02:29ضَ

وبالتالي فقلب الزرافة يجب أن يكون قويًّا جدًّا ليتمكَّن من ضخِّ الدم - 00:02:32ضَ

إلى هذه المسافة عكسَ الجاذبيَّة، وهو بالفعل كذلك؛ - 00:02:38ضَ

فوزن قلبِها قد يتجاوز 11 كيلوغرام، - 00:02:42ضَ

وطول قلبها حوالي 60 سنتيمترًا، - 00:02:45ضَ

وسُمك جدرانه 7.5 سنتيمتر، - 00:02:48ضَ

وبالتالي فهو يضخُّ الدم بقوَّةٍ شديدة إلى رأس الزرافة عكسَ الجاذبية - 00:02:51ضَ

تخيَّل معي الآن عندما تنزل الزرافة رأسها لتشرب الماء - 00:02:57ضَ

القلب يعمل مع الجاذبيَّة الآن، وهذا الضخُّ القويُّ يُفترَض أن يفجِّر عروقَ رأسِها، - 00:03:01ضَ

لكنَّ هذا لا يحدث - 00:03:07ضَ

لماذا؟ - 00:03:09ضَ

لأنَّ هناك آليَّاتٍ عديدة لمنع حدوث ذلك - 00:03:10ضَ

أوَّلًا: هناك صمَّامات - 00:03:14ضَ

على طول الشرايين السُّباتيَّة المغذِّية للدماغ - 00:03:16ضَ

تُبطئ من اندفاع الدم نحو الدماغ عندما تحني الزرافةُ رأسَها، - 00:03:20ضَ

لكن حتى مع هذه الصمَّامات، فإنَّ آخر دفقةٍ من الدم للدِّماغ كفيلةٌ بتفجير - 00:03:24ضَ

الشرايين الصغيرة الموصلة له، - 00:03:30ضَ

لذلك فلدينا آليَّة حمايةٍ ثانية: وهي أنَّ الدم لا يذهب للدماغ وشرايينه الصغيرة مباشرةً، - 00:03:32ضَ

وإنَّما إلى شبكةٍ من الأوعية الدمويَّة أسفل الدماغ - 00:03:40ضَ

تعمل مثل الإسفنج لتمتصَّ الصدمةَ، - 00:03:44ضَ

ثمَّ تتكفَّل بتوزيع الدم برفقٍ في دماغ الزرافة - 00:03:47ضَ

هذه الشبكةُ من الأوعية الدمويَّة تتمدَّد لتستوعبَ كمِّيات الدم الزائدة - 00:03:51ضَ

عندما تُنزِل الزرافةُ رأسَها - 00:03:57ضَ

هذه الشبكةُ معقَّدةٌ للغاية وتُسمَّى ريتي ميرابيلي "rete mirabile"، - 00:03:59ضَ

ويسمُّونها أيضًا: (The wonderful network) أي، (الشبكة الرائعة) وهي بالفعل رائعة، - 00:04:03ضَ

وأُجْرِيَت عليها الكثير من الأبحاث العلمية - 00:04:08ضَ

الآلية الوقائيَّة الثالثة: هي وجود سبع صمَّامات في الوريد النازل من الرأس إلى القلب - 00:04:11ضَ

هذه الصمَّامات تمنع الدمَ النازل من الدماغ إلى القلب من الرجوع إلى الدماغ - 00:04:17ضَ

هذه الآليَّات الثلاثةُ تحمي دماغ الزرافة من الانفجار عندما تحني رأسها لتشرب - 00:04:24ضَ

حسنًا، عندما ترفع الزرافةُ رأسها من جديد، ماذا يحدث؟ - 00:04:30ضَ

تنقبض الأوعيةُ الدمويَّة في الشبكة الرائعة (rete mirabile) - 00:04:34ضَ

في الوقت المناسب لتضخَّ الدم إلى الدماغ، - 00:04:37ضَ

والصمَّامات في الشرايين المتوجِّهة من القلب إلى الدماغ تمنعُ انزلاقَ الدم إلى الأسفل، - 00:04:40ضَ

فيأخذ الدماغ حاجته من الدم، ولا يصيبها الدوار - 00:04:46ضَ

المشكلة العكسيَّة نُواجهها مع أرجل الزرافة، - 00:04:50ضَ

إذ أنَّه من المتوقَّع أن يتجمَّع فيها الدم وتنتفخَ الأرجل، - 00:04:53ضَ

لكنَّ ذلك لا يحصل، - 00:04:58ضَ

لأنَّها تمتلك جلدًا ثخينًا مشدودًا في ساقيها، - 00:04:59ضَ

مثلَ جوارب الضَّغط التي يستخدمُها بعض المرضى لمنع الدم من التجمُّع في الأطراف - 00:05:04ضَ

حتى وكالة ناسا "NASA" الفضائيَّة تدرس هذه الجزئيَّات في تصميم الزرافة، - 00:05:09ضَ

لتصمِّم أطقم جاذبية لرواد الفضاء - 00:05:14ضَ

كل هذا تطلَّبه طُول عنق الزرافة، وهذا على مستوى الجهاز الدموي فقط - 00:05:18ضَ

اقرأ -إن شئتَ- عمَّا يتطلَّبه طول عنقها في جهازها الهضمي والتنفسي والعصبي وغيرها - 00:05:24ضَ

كل هذا مثالٌ على التعقيد غير القابل للاختزال، - 00:05:32ضَ

فالآليَّات المذكورة كلُّها لا بُدَّ أن تتوفَّر دفعةً واحدة مع رقبةٍ طويلة، - 00:05:36ضَ

ولا تتوافق مع فكرة التدرُّج البطيء أبدًا، فقلب الزرافة الكبير سيُفجِّر عروقها لو كانت - 00:05:41ضَ

رقبتُها قصيرة، ولو كانت الرقبة طويلةً دون هذه الآليَّات المعقَّدة، - 00:05:49ضَ

فلن يصل الدم إلى الدماغ - 00:05:54ضَ

فالمسألة ليست كما يصوِّر كهنة الخرافة: - 00:05:57ضَ

مطٌّ للرقبة قليلًا بالرسم، أو على فوتوشوب وانتهتْ القصة - 00:05:59ضَ

في استغفالٍ واحتقارٍ لعقول متابعيهم - 00:06:03ضَ

كلُّ هذا لا مكان فيه للعشوائيَّة ولا الصُّدفيَّة - 00:06:07ضَ

أتعلمون -إخواني- ما معنى أن يتواجد قلب الزرافة الكبير؟ تتواجد (الشبكة الرائعة)؟ - 00:06:10ضَ

أو الصمَّامات؟ أو الجلد الثخين؟ - 00:06:17ضَ

كلٌّ من هذه التراكيب فيها عددٌ كبيرٌ جدًّا من البروتينات المختلفة المتكاملة المتناسقة - 00:06:20ضَ

ماذا يعني تكوُّنها بالعشوائيَّة؟ - 00:06:26ضَ

سأضرب لكم مثالًا يقرِّب الفكرة - 00:06:29ضَ

تَصوَّر معي 10 أجهزة كمبيوتر على كلٍّ منها ملفُّ وورد "Word" مختلف عن الآخر، - 00:06:31ضَ

وكلٌّ منها مشبوكٌ على طابعة تطبع ملفَّ الـ(وورد) بشكل آلي كلَّ ساعة، - 00:06:37ضَ

وأوراق الطابعة الناتجة هي بلغة بريل "braille" - 00:06:43ضَ

يقف بجانبها عميان، - 00:06:46ضَ

وكل أعمى يمسك الورقة الناتجة، - 00:06:47ضَ

يتلمَّسها بأصابعه ويركِّب على أساسها قطع ليغو "Lego" بأشكالٍ معيَّنة، - 00:06:50ضَ

ثمَّ هناك في وسط هذه الأجهزة شخصٌ أعمى أيضًا، - 00:06:56ضَ

يأخذ ما ينتجه العميان الـ(10)، فيجمعها في تركيبٍ ضخم. - 00:06:59ضَ

ملفَّات الوورد على أجهزة الكمبيوتر في مثالنا تشبه الشيفرة الوراثيَّة، - 00:07:05ضَ

بما فيها من جيناتٍ متنوِّعة، - 00:07:10ضَ

الطابعات تشبه عمل نسخ من هذه الجينات، أو ما يعرف بالـ(RNA)، - 00:07:11ضَ

العميان هم الرايبوزومات "Ribosomes" التي تقوم بقراءة النسخ، - 00:07:17ضَ

وتحويلها إلى بروتيناتٍ صغيرة، - 00:07:20ضَ

التركيب الضخم المتجمِّع في النهاية هو أحدُ بروتينات الخليَّة، - 00:07:22ضَ

والذي يتألَّف من عدَّة بروتينات صغيرة، - 00:07:26ضَ

وكلُّ هذا يمثِّل ما يحدث في خليةٍ واحدة من خلايا كائنٍ حيّ. - 00:07:29ضَ

أتباع الخرافة يقولون: الطفرات العشوائيَّة هي التي أكسبت أسلاف الزرافة الآليَّات البديعةَ - 00:07:35ضَ

التي تكلَّمنا عنها أثناء استطالة عنقها بالتدريج، - 00:07:42ضَ

الطفرات العشوائيَّة؟! - 00:07:46ضَ

يعني تصوَّر أنَّنا أتينا بـ(10) أطفال في السنة الأولى من عمرهم، - 00:07:48ضَ

ووضعنا كلًّا منهم على أحد أجهزة الكمبيوتر، - 00:07:52ضَ

فصار يضرب على لوحة المفاتيح عشوائيًّا، - 00:07:55ضَ

فيُغيِّر في ملفِّ الـ(وورد) والطابعات تطبع، - 00:07:59ضَ

والعميان يجُمِّعون قِطعًا صغيرة على أساس الأوراق الجديدة - 00:08:02ضَ

طبعًا، تخليطات الأطفال هذه يجب أن تكون كثيرة حتى تُنتج لنا بروتينًا جديدًا، - 00:08:07ضَ

المشكلة أنَّ التخليط سيخرِّب ملفَّات الـ(وورد) الأصليَّة، - 00:08:13ضَ

أي: المادَّة الوراثيَّة اللازمة لإنتاج بروتيناتٍ ضروريَّةٍ لحياة الكائن - 00:08:17ضَ

المادَّة الوراثيَّة -إخواني- مؤلَّفة من مليارات الحروف، - 00:08:22ضَ

وفيها الشيفرة لعشرات آلاف البروتينات، - 00:08:25ضَ

تغييرٌ واحدٌ في مكانٍ حسَّاسٍ من هذه الحروف قد يكون مُميتًا أو يُنتج عاهةً في الحيوان - 00:08:28ضَ

سيقولون لك: لا مشكلة؛ الانتخاب الطبيعي سيقضي على الكائنات غير الصالحة للبقاء، - 00:08:37ضَ

ولك أن تتصوَّر كم سيكون عددُ هذه الكائنات مع تخليطات الأولاد - 00:08:43ضَ

استمرَّ الرُّضَّع في الضرب على لوحات المفاتيح، - 00:08:47ضَ

وفي يوم من الأيام نجحت تخليطات أحدهم في إنتاج فقرةٍ لها معنى، - 00:08:50ضَ

فتمَّ ترجمتها إلى بروتين صغير جديد مفيد، - 00:08:55ضَ

وتزامن هذا -بالصُّدْفة- مع أنَّ الرُضَّع الـ(9) الآخرين - 00:08:59ضَ

أنتجت تخليطاتهم أيضًا -وفي اللحظة نفسها- فقراتٍ مفيدة، - 00:09:03ضَ

تمَّ ترجمتُها إلى بروتينات صغيرة أخرى، - 00:09:08ضَ

والخبرُ الأسعدُ أنَّ هذا كلَّه حصل بالتزامن مع أنَّ تخليطات أطفالنا أعادت الشيفرة الوراثيَّة - 00:09:10ضَ

الأصليَّةَ كما كانت، لتُنتج البروتينات الأصليَّة اللازمة لحياة الكائن، - 00:09:17ضَ

وتجَّمعت البروتينات الصغيرة الجديدة؛ لتُنتج بروتينًا ضخمًا، - 00:09:22ضَ

سيكون خطوةً على طريق تَشَكُّل صمَّام - 00:09:26ضَ

أزيدكم من الشعر بيتًا، - 00:09:30ضَ

تزامن هذا الحدث السعيد مع عشوائيَّاتٍ مثلها، في مكانٍ آخر من المادَّة الوراثيَّة - 00:09:32ضَ

على كروموسومٍ "Chromosome" آخر، - 00:09:37ضَ

فأنتجتْ لنا -بمجموع الصُّدَف المتزامنة- بروتينًا آخرَ سيكون خطوةً على طريق زيادة حجم القلب، - 00:09:39ضَ

وهذا كلُّه أيضًا بالتزامن مع تخليطات على كروموسومٍ آخر، - 00:09:46ضَ

أدَّت إلى إنتاج كولاجين "Collagen" جديد، - 00:09:50ضَ

سيكون خطوةً على طريق تَشَكُّل جلدٍ سميكٍ في ساقَي الكائن، - 00:09:52ضَ

وبهذا تَكَوَّن لدينا كائنٌ انتقاليٌّ ناجحٌ، - 00:09:57ضَ

وسط بحرٍ من المحاولات الفاشلةِ التي قضتْ عليها الطبيعة، - 00:10:01ضَ

تَكَوَّن لدينا كائنٌ أطولُ رقبةً بقليل من الكائن الأول، - 00:10:06ضَ

تَكَوَّن هذا الكائن فصاح قائلًا: (بالإنجليزية) ها أنا ذا - 00:10:11ضَ

لكن، أين زوجتي؟! - 00:10:14ضَ

حتى تكتمل فرحة كائننا الجديد، - 00:10:17ضَ

فكلُّ هذه الضربات العشوائيَّة حدث مثلُها أو قريبٌ منها، - 00:10:19ضَ

بالتزامن لتُنتج كائنًا أنثى بمجموع الصُّدَف، بما يصلح لتزاوجها مع الذكر، - 00:10:23ضَ

ومع مرورِ ملايين السنين، واستمرارِ الرُضَّعِ في التخليط، - 00:10:30ضَ

وهدمِ ما بنوه من إضافاتٍ، ثم إعادتِه بالصُّدَف، - 00:10:34ضَ

ثم إضافة فقراتٍ جديدةٍ ذات معنى، - 00:10:38ضَ

تَكَوَّنَت عندنا الزرافة بقلبها الكبير، وشبكتِها الرائعة، وصمَّاماتِها، وجلدِها الخاصِّ، - 00:10:41ضَ

وتناسق أبعادها - 00:10:48ضَ

الدارسُ لعلم الأحياء سيفهم مَثَلي هذا تمامًا، - 00:10:50ضَ

وسيعلم أن الأمرَ في الحقيقة أعقدُ وأصعبُ من هذا بكثير - 00:10:54ضَ

وإذا أردت أخي أن تستوعب موضوع التشفير الوراثيِّ أكثرَ، - 00:10:59ضَ

فأرجو أن تعود للحلقة (19) من (رحلة اليقين) بعنوان: (الشيفرة الوراثيَّة المذهلة) - 00:11:03ضَ

الذي يفهم تركيبَ الخلية والتشفيرَ الوراثيِّ سيُدرك أنَّنا لو زودنا الخلية بمخازنَ لا تنتهي - 00:11:09ضَ

من الأحماض الأمينية، وعرَّضناها لكلِّ عواملِ الطفرات العشوائيَّة فإن الجوَّ والأرض، - 00:11:15ضَ

والبرَّ والبحرَ ستمتلئ بالمحاولات الفاشلة، والبروتينات عديمة القيمة، - 00:11:21ضَ

دون أن تتحوَّل الخليةُ بمجموع الصُّدَف لنوعٍ آخر من الخلايا - 00:11:26ضَ

هذا وآلافُ الخلايا تتجمَّعُ على رأس دَبُّوس - 00:11:32ضَ

كل ما ذكرناه -إخواني- هو في تغيُّر بسيطٍ نسبيٍّ في نفس الكائن، استطالةُ عنقه فقط - 00:11:36ضَ

لك أن تَتَصوَّر حجم المهزلة إذن، - 00:11:42ضَ

عندما يتكلم أتباع الخرافة عن تحوُّل الزواحف إلى الطيور، - 00:11:45ضَ

أو تحوُّل كائنٍ برِّي إلى الحوت، - 00:11:49ضَ

على ما بين هذه الكائنات من فروقاتٍ ضخمةٍ جدًّا في أجهزتها الحيويَّة كافَّة، - 00:11:52ضَ

بل وحاجتها إلى إنتاج أجهزةٍ جديدة، كجهاز الطيران أو السباحة - 00:11:58ضَ

عندما تدرك ذلك -أخي- فستُدرك مدى الاحتقار للعقل البشري الذي يمارسُه أنصارُ الخرافة - 00:12:04ضَ

حين يعرضون لك رسمةً كهذه، - 00:12:10ضَ

أو كهذه - 00:12:15ضَ

ريشٌ ينبت على أيدي الديناصور، ليستطيعَ التقاطَ البعوضةِ، - 00:12:17ضَ

في مهزلة دراميَّة - 00:12:21ضَ

عيبٌ -يا جماعة- واللهِ، عيبٌ - 00:12:23ضَ

«إنَّ ممَّا أَدرَكَ الناسُ مِن كلامِ النُّبُوَّةِ الأُولى: إذا لم تَستَحِ فاصنَعْ ما شِئتَ» (أخرجه البخاري) - 00:12:24ضَ

عندما تفهم هذا كلَّه ستستفزُّك هذه الرسوماتُ التي لا تحترمُ العقلَ ولا العِلمَ، - 00:12:29ضَ

وستُدركُ كم يخدع ريتشارد دوكينز "Richard Dawkins" قُرَّاءه ويستغفلُهم - 00:12:35ضَ

حين يُوهمهم بأن العين تكوَّنت شيئًا فشيئًا، من 1 إلى 100%، وكذلك أجنحةُ الطيور - 00:12:39ضَ

ستُدرك مدى الجهل الذي يتحلَّى به بعضُ عرَّابي الخُرافة العرب حين يقولون لك: - 00:12:47ضَ

"من الممكن أن تكون الزواحف قد نبت لها ريشٌ بالطفرات العشوائيَّة" نَبَتَ لها ريشٌ - 00:12:53ضَ

علمًا بأنَّ تركيبَ الريش معقدٌّ جدًّا جدًّا، - 00:12:58ضَ

ستُدرك أن الرسومات والخيالات التي يمرِّرها أتباع الخرافة بكل بساطةٍ - 00:13:01ضَ

-هكذا في كلمة أو رسمة- تتطلَّب ملايين التغييرات، - 00:13:06ضَ

أي ملايين الحروف الجديدة والمتغيِّرة التي يجب أن تكون كلُّها صحيحة، - 00:13:10ضَ

بل وكلُّها مرتبطةٌ ببعضها البعض - 00:13:16ضَ

أي أن العضو الجديد -كالجناح الذي سيظهر للدَّيناصور بزعمهم- - 00:13:19ضَ

يجب أن يتزامن معه تغيُّراتٌ عشوائيَّةٌ كثيرةٌ وصحيحةٌ كلُّها؛ - 00:13:23ضَ

لتغذية الجناح بالدم والأعصاب، - 00:13:28ضَ

ولربط عظامه الجديدة مع جسمه بالأربطة والعضلات وغيرها، - 00:13:32ضَ

وكلُّ هذا دون التأثير على باقي ملف الـ(وورد)، أو مع إرجاع أخطائه كما كانت - 00:13:37ضَ

كل هذا يمثِّله لك أتباعُ الخرافةِ بمطَّةٍ بسيطةٍ بالمعجون، - 00:13:44ضَ

ستدرك كم هو مضحك أن يصف أتباعُ الخرافةِ العقلاءَ المؤمنين بأنَّهم: (سطحيُّون ساذجون) - 00:13:50ضَ

لأنَّهم يرفضون خرافتَهم، - 00:13:56ضَ

ولنا وقفةٌ أخرى مع الموضوع حين نتكلَّم عن محاولةِ التوفيقِ بين الخرافةِ والإسلامِ، - 00:13:59ضَ

باقتراح فكرة: (التطوُّر المُوَجَّه)، - 00:14:04ضَ

كيف أن هذا يتطلَّب حدوث عددٍ ضخم جدًّا - 00:14:07ضَ

من التغيُّرات المقصودة في المادة الوراثية في تزامن، - 00:14:11ضَ

وهذا يناقضُ تعريفَ التطوُّر - 00:14:15ضَ

أمثلة: (خاطبهم كأطفال) كثيرةٌ جدًّا في كلام أتباع الخرافة، - 00:14:18ضَ

لكن لا نريد أن نُطيل عليكم، - 00:14:21ضَ

إذن، تحدَّثنا حتى الآن عن ثلاثة أساليب لترويج الخرافة: - 00:14:24ضَ

خلطُها بالحقائق، - 00:14:28ضَ

والإبهار لإقناعك بتأجير العقل، - 00:14:30ضَ

وخاطبهم كأطفال - 00:14:33ضَ

تابعوا معنا -إخواني- الحلقات القادمة؛ - 00:14:35ضَ

لنرى أساليبَ أُخرى. - 00:14:37ضَ

والسلام عليكم ورحمة الله - 00:14:38ضَ