السلام عليكم ورحمة الله - 00:00:06
ناقشنا في حلقةِ (أحْرجتُك) مقولة: - 00:00:08
"ولذلك، ولذلك توجَد عُيوبٌ في الخَليقة، ستجد حتى في تركيب الإنسان عيوبًا - 00:00:11
تركيب الحيوانات فيه عيوب، تقول: أستغفر الله، فيه، فيه عيوب، وإلى الآن - 00:00:18
لم يثبت إلاّ أنّها عيوب" - 00:00:23
وذكرنا ما يتضمّنُه هذا الادّعاء من أسلوبٍ يُسمّى في عِلْم المُغالَطات المنطقيّة: - 00:00:26
(تحويلَ عِبء الإثبات) - 00:00:31
هُم يقع عليهِم عِبء التَّدليل على أنَّ العشوائيّة واللّاقَصْدِيّة - 00:00:33
يُمكن أنْ تأتيَ بكلِّ هذا الإتقان والتّصميم في الكائنات - 00:00:37
ويتمسّكون بأشياءَ يدّعون أنّها عيوبٌ، ثمّ يُطالبونك بإثباتِ أنّها ليست عُيوبًا - 00:00:41
وبيّنّا مع ذلك بالتّفصيل - 00:00:47
كيف يتّضِح أكثرَ وأكثر -بالعِلم الصّحيح- أنّ ما يدّعون أنّه عيوب، كشَبَكِيّة العين - 00:00:49
والزّائدة الدّوديّة، وقناة السَّائل المنويّ - 00:00:55
هي في الحقيقة أدلَّةٌ بديعةٌ على الإتقان والإحكام - 00:00:58
أمثلتنا اليوم -إخواني- هي من عالَم الحيوان - 00:01:02
ومُفاجآتها أكبر من مفاجآت الحلقة الماضية - 00:01:05
يقولون لك: "في الحيوانات أخطاء وأعضاء زائدةٌ تدلُّ على أَنّها لم تأتِ بِتصميم خالقٍ عليمٍ - 00:01:09
فما فائدة أجْنِحة الطُّيور التي لا تطير؟ ما فائدة العظام الخلفيّة في الحوت؟ - 00:01:16
ما فائدة الطّول الزّائد للعَصَب الحُنجريِّ الرّاجع لدى الزّرافة؟ - 00:01:22
تعالوا نتناولْ إحدى هذه النِّقاط اليوم ونؤجِّل الثّانية وقِصّتَها الفريدة الصّادِمة - 00:01:26
للحلقة القادمة - 00:01:33
أولًا: أجنحة الطّيور التي لا تطير - 00:01:35
قالوا: - 00:01:38
"ما مكان هذه الأجنحة؟ نعامةٌ بأجنحةٍ ولا تطير، أليس كذلك؟ - 00:01:39
الإيمّو بأجنحةٍ ولا تطير الرِّيّا لا تطير، ولماذا؟ - 00:01:44
والبطريق أيضًا، بأجنحة ولا يطير، وهذا جالاباجس بأجنحةٍ ولا يطير، - 00:01:50
لماذا؟ - 00:01:57
طبعًا سيسكت، ويَحُكُّ رأسه الواحد لماذا فعلًا؟ - 00:01:59
التَّّطور يقول لك: الجواب سهلٌ" - 00:02:03
لا، عفوًا - 00:02:05
قبل أن نسمع الجواب التَّطوريّ - 00:02:06
أنا حكَكْت رأسي فعلًا - 00:02:08
وكلّفتُ نفسي أن أبحث، وسألتُ البطريق: - 00:02:09
أصحيحٌ ما رواه بعضُهم عنّي وعنك؟ أَنّ فينا عيوبًا وأعضاءَ بلا فائدةٍ؟ - 00:02:12
أم ترى ما زعموا زُورًا، وبهتانًا، وإفْكًا؟ - 00:02:19
أمّا عنِّي، فقد رأيت في الحلقة الماضية ما زعَموه مِن أخطاء وزيادة أعضاء - 00:02:22
في جسمي البشريّ زورًا، وبهتانًا، وإفْكًا - 00:02:27
فماذا عنك؟ - 00:02:32
لم يُجبني البطريق بـ"لست أدري" على طريقة إيليا أبو ماضي - 00:02:33
بل قال لي بلسان حاله: اصْحَبني في رحلةٍ في هذا المقطع - 00:02:37
من إنتاج "البي بي سي" لتعرف الجواب - 00:02:42
قال ليَ البطريق: - 00:02:45
حتى أعيش في الأجواء القطبيّة شديدة البرودة - 00:02:46
فإن جسمي مليءٌ بالدُّهون - 00:02:50
وحتى أحافظ على هذه الدُّهون فلا بُدَّ لي مِن أنْ أنزل في الماء لأصطاد - 00:02:52
لكن يا بطريق! - 00:02:58
كيف تستطيع أن تنزل بجسمك المليء بالشُّحوم - 00:02:59
والتي ستجعلكَ تطفو على الماء؟ - 00:03:03
أجابني: - 00:03:06
أرأيت هذه الأجنحة التي قالوا أنّها بلا فائدةٍ؟ - 00:03:07
تعال نر ماذا أصنع بها - 00:03:11
انظُر إليّ وأنا أضربُ بها الماء فأغوصُ بسرعةٍ عاليةٍ - 00:03:14
عميقًا عميقًا في البحر، تمامًا كما الطّائرِ في جوِّ السّماء - 00:03:17
انظر إليّ وأنا أستخدم أجنحتي لأتوجّه يَمنةً ويَسرًة كما أريد - 00:03:22
لكنْ، كيف استطعت أن تَخرجَ من الماء بهذه السّرعة الصّاروخيّة؟ - 00:03:35
أجابني البطريق: - 00:03:40
أرأيت هذه الأجنحة نفسها التي زعموا أنّها بلا فائدة؟ - 00:03:42
إنّها مصمَّمةٌ بشكلٍ عجيبٍ - 00:03:46
انظر إليّ ماذا سأفعل - 00:03:49
سأصعد لأسبحَ وأتقلّب عند سطح البحر أوّلًا - 00:03:51
أتدري لماذا؟ - 00:03:55
لأملأ ريش أجنحتي بفُقاعات الهواء، يساعدها على ذلك أنّ لديّ غُددًا - 00:03:56
تُفرز عليها مادّةً دهنيّة عازلَةً للماء - 00:04:02
انظر إلى فُقاعات الهواء وهي تَتجمّع بين الرّيش - 00:04:06
ثُمّ سأنزل في الماء مرة أخرى حتّى يقومَ الماء بضغْطِ أجنحتي - 00:04:10
وما حَوَته من هذه الفُقاعات وهذا يقلِّل كثافة جسمي - 00:04:14
فالآن، أستطيع أن أصعد إلى سطح البحر بسرعةٍ هائلةٍ - 00:04:19
مطلقًا فُقاعات الهواء كأنِّي طائرةٌ نفّاثةٌ - 00:04:23
وهذه الفُقاعات تُقلِّل احتكاك جسمي بالماء فتُسهِّل خروجي - 00:04:27
فبأجنحتي نزَلتُ لأكسب عيْشي، وبأجنحتي أصعد - 00:04:33
ولولا أجنحتي -التي زعموا أنّها بلا فائدةٍ- لما عِشت أصلًا! - 00:04:37
﴿هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبينٍ﴾ [القرآن11:31] - 00:04:42
هذا، ونحن لم نتكلّم عن تصميم الجهاز الدّمويِّ الذي يُمدُّ جناحيِ البطريق بالطّاقة، - 00:05:11
عن المواصفات الخاصّة لصِبغة الهيموغلوبين والميوغلوبين - 00:05:18
اللّتين تساعدان البطريق على البقاء 20 دقيقةً تحت الماء بشكلٍ متواصلٍ، - 00:05:21
عن كثافة عِظامه وعِظام جناحيْه التي تمكنُّه مِن هذا الغَوْص والصعود - 00:05:26
وانظروا -إخواني- - 00:05:32
كيف أنّ ما يجعل منه البعض شُبهةً يَتحوّل بالعِلم إلى دليلٍ جديدٍ - 00:05:33
على عظمة الله تعالى - 00:05:39
رأينا ذلك في شبكيّة العين وغيرها -الحلقةَ الماضيةَ- - 00:05:41
وها نحن نراه في جناحي البطريق الذي اتّخذ منه أتباع الخُرافة شُبهةً - 00:05:44
وهو مليءٌ بآيات العَظَمة، والحِكمة، والقُدرة - 00:05:50
ماذا عن النّعام؟ - 00:05:54
لديه أجنحةٌ ولا يَطير أيضًا - 00:05:56
كلِّفْ نفسك أيّها السّائل أن تتابع برنامجًا وثائقيًا - 00:05:58
لترى هذا الطّائر الذي تصل سرعته إلى 80 كيلومترًا في الساعة - 00:06:02
كيف يَستخدم أجنحته كمَكابح لتخفيف سرعته والدّوران المُفاجئ أثناء المطاردات - 00:06:07
أو الهربَ من الافتراس - 00:06:13
كيف يَستخدم أجنِحته لتخويف الحيوانات التي تعتدي على بيوضه - 00:06:14
وللاستعراض عند التّزاوج، وغيرِها، وغيرها - 00:06:19
ثمّ عُد بعد ذلك كلِّه واسمعهم يقولون: - 00:06:23
"فالآن، الخَلْقَويُّ أو التّكوينيُّ لا يستطيع أن يفسِّر لنا، لماذا هذه الطُّيور - 00:06:26
لها أجنحةٌ ولا تطير؟" - 00:06:33
بالإضافة إلى هذا كلِّه -إخواني- لاحِظوا مغالطةَ (الاستدلال الدّائريِّ) - 00:06:36
في الحديث عن أجنِحة الطّيور - 00:06:41
الاستدلال الدّائريُّ - 00:06:43
مغالطةٌ معروفةٌ في عِلم المغالطات المنطقيَّة - 00:06:45
يجعل فيها المدّعي برهانه مِن نفس الدّعوى التي يُريد بَرْهَنتَها - 00:06:49
أي أنَّ الدّعوى هي نفسُها النّتيجة - 00:06:54
حين يقولُ هؤلاء أنّ هذه الأجنحة بلا فائدةٍ - 00:06:57
ما الذي يجعلكم تحكمون أنّها بفائدةٍ أو بلا فائدةٍ؟ - 00:07:00
سيقولون: مساعدتُها للحيوان على البقاء حسب مفهوم الانتخاب الطبيعيِّ - 00:07:05
هذه الأجنحة لا تساعد الحيوان وبالتّالي فليس لها فائدةٌ - 00:07:10
وبالتّالي فقد جاءت بها الصُّدف العمياء، لا بتصميمٍ حكيمٍ - 00:07:14
يعني افتَرَضوا أنّ خُرافة التّطوُّر صحيحةٌ - 00:07:18
وبالتّالي فمِعيارها فيما له فائدةٌ وما ليس له فائدةٌ - 00:07:23
معيارٌ صحيحٌ - 00:07:27
وهو مساعدته على البقاء - 00:07:29
فحَكموا بأنّ هذه الأجنحةَ بلا فائدةٍ لأنّها لا تُساعد على البقاء بزعمهم - 00:07:30
وبالتّالي فلا خَلْقَ عن قَصْدٍ - 00:07:36
إذَنْ فالتّطوُّر صحيحٌ - 00:07:39
هذا هو الاستدلال الدّائري - 00:07:42
وهو يشبه أنْ أقول لك: - 00:07:43
أنا صادقٌ، وبما أنّي صادقٌ فإنْ قلتُ لك أنّي لا أكذب - 00:07:45
فأنا صادقٌ في هذه الدَّعوى، وبالتّالي فأنا صادقٌ - 00:07:50
الدّليل مأخوذٌ من الدعوى نفسِها - 00:07:54
فنقولُ لهم: - 00:07:58
المنظومة الإيمانيّة المُنسجمة المتوافقة مع العلم الصحيح - 00:07:59
الخاليةُ مِن مغالطاتكم تقول: - 00:08:03
أنَّ الخالق يخلق أشياء للجمال، فقال في أصنافٍ من الحيوانات: - 00:08:05
﴿ولكُمْ فيهَا جمَالٌ حينَ ترِيحُونَ وحينَ تسْرَحُونَ﴾ [القرآن6:16] - 00:08:11
فحتى لو افترضنا أنّ أجنحة وذيولَ الطُّيور الجميلة - 00:08:15
كالطّواويس وغيرها لا تُساعد على البقاء - 00:08:20
وحتّى لو افترضنا أنّكم اطَّلَعتم على أحاسيس هذه الطّيور ومُيولها الجنسيّة - 00:08:23
وأثبتُّم أنّها لا تُساعد في التّزاوج - 00:08:28
فيكفي أنّها تدلُّ العقلاءَ على أنَّ لهذا الجمال خالقًا - 00:08:31
فكيف عندما نرى أنّ هذه الأجنحة ليست مفيدةً جماليًّا لنا -نحن عباد الله- فحسب - 00:08:50
ولا مفيدةً لهذه الطُّيور فحسب بل تبلغُ أنْ تكون أساسيّةً لحياتها - 00:08:57
كما رأينا في البطريق والنّعام - 00:09:02
ختامًا -إخواني- - 00:09:05
أنا احترتُ حقيقةً في إعطاء عنوانٍ لهذه الحلقة - 00:09:06
فنحن اعتدنا أنْ نذكر مغالطةً منطقيَّة أو حيلةً نفسيَّةً، ثم نُعطي أمثلة عليها - 00:09:10
ذكرنا في الحلقات السّابقة أسلوبَ (خلطِ الخرافة بالحقائق) - 00:09:16
وأسلوبَ (أجِّرني عقلك) و(خاطِبهم كأطفال) - 00:09:19
و(تحويلَ عبء الإثبات) - 00:09:23
ماذا نسمي اليوم قولهم: - 00:09:25
الجناح للطيران - 00:09:28
وبما أنّ البطريق لا يطير والنّعامة لا تطير - 00:09:29
إذن أجنحتها بلا فائدةٍ - 00:09:32
وهذا يدلُّ على أنّ الكائنات الحيّة جاءت بالتّطور الصُّدَفيّ - 00:09:34
ماذا نسمّي كلامهم هذا بعدما رأينا الذي رأيناه؟ - 00:09:39
هل هو مثالٌ آخر على (خاطِبهم كأطفال) يحتقِرون به عقول أتباعهم؟ - 00:09:44
أم هي مغالطة (الاحتجاج بالجهل) إذ يَجهلون أو يَتجاهلون - 00:09:49
وظيفة جُزءٍ من جِسم الكائن الحيّ فيجعلون جهلهم هذا حُجّة؟ - 00:09:54
أم هي مُغالطة (آلهةِ الفجَوات)؟ لديهم فجَواتٌ معرفيَّةٌ - 00:09:58
فيسدُّونها بنسبة الأفعال إلى الخرافة - 00:10:03
أي بما أنّه لا فائدة للأجنحة فمَن غيره؟ لا بُدَّ أنَّه التَّطور - 00:10:05
هو الذي جاء بهذه الأجنحة! - 00:10:11
أم هي مغالطة (التّضليل بالمقدِّمات الخاطئة)؟ حيث بدأوا بمقدِّمةِ أنّها أجنحةٌ بلا فائدةٍ - 00:10:13
وانتقلوا بالمستمِع إلى نتائج رتّبوها على هذه المقدِّمة دون أن يُعطوه فرصةً - 00:10:19
لمحاكمة صحّةِ المقدِّمة أصلًا؟ - 00:10:25
أم هي مغالطةُ (الاستدلال الدّائريِّ) كما شرحنا؟ - 00:10:28
أم أنّها مغالطةُ (تحويل عبء الإثبات)؟ إذ تعامَوا عن كلِّ أمثلة الإتقان والإحكام - 00:10:32
لا أقول في الكائنات الحيَّة بشكلٍ عامّ فحسب، بل وفي نفس الحيوانات - 00:10:37
التي اتّخذوا من أجنحتها شُبُهات - 00:10:42
وبدلَ إثباتهم قدرة العشوائيّة، والصُّدَفيَّة، والانتخاب الأعمى - 00:10:45
على الإتيان بهذا كله - 00:10:49
حوّلوا عِبء إثبات وظيفةِ أجنحة الطُّيور علينا - 00:10:51
أم أنّها ظُلماتٌ بعضُها فوق بعض؟ - 00:10:55
احترت حقيقةً - إخواني - ماذا أسمّيها - 00:11:00
وأترك الجواب لكم - 00:11:03
والسَّلام عليكم - 00:11:04
التفريغ
السلام عليكم ورحمة الله - 00:00:06
ناقشنا في حلقةِ (أحْرجتُك) مقولة: - 00:00:08
"ولذلك، ولذلك توجَد عُيوبٌ في الخَليقة، ستجد حتى في تركيب الإنسان عيوبًا - 00:00:11
تركيب الحيوانات فيه عيوب، تقول: أستغفر الله، فيه، فيه عيوب، وإلى الآن - 00:00:18
لم يثبت إلاّ أنّها عيوب" - 00:00:23
وذكرنا ما يتضمّنُه هذا الادّعاء من أسلوبٍ يُسمّى في عِلْم المُغالَطات المنطقيّة: - 00:00:26
(تحويلَ عِبء الإثبات) - 00:00:31
هُم يقع عليهِم عِبء التَّدليل على أنَّ العشوائيّة واللّاقَصْدِيّة - 00:00:33
يُمكن أنْ تأتيَ بكلِّ هذا الإتقان والتّصميم في الكائنات - 00:00:37
ويتمسّكون بأشياءَ يدّعون أنّها عيوبٌ، ثمّ يُطالبونك بإثباتِ أنّها ليست عُيوبًا - 00:00:41
وبيّنّا مع ذلك بالتّفصيل - 00:00:47
كيف يتّضِح أكثرَ وأكثر -بالعِلم الصّحيح- أنّ ما يدّعون أنّه عيوب، كشَبَكِيّة العين - 00:00:49
والزّائدة الدّوديّة، وقناة السَّائل المنويّ - 00:00:55
هي في الحقيقة أدلَّةٌ بديعةٌ على الإتقان والإحكام - 00:00:58
أمثلتنا اليوم -إخواني- هي من عالَم الحيوان - 00:01:02
ومُفاجآتها أكبر من مفاجآت الحلقة الماضية - 00:01:05
يقولون لك: "في الحيوانات أخطاء وأعضاء زائدةٌ تدلُّ على أَنّها لم تأتِ بِتصميم خالقٍ عليمٍ - 00:01:09
فما فائدة أجْنِحة الطُّيور التي لا تطير؟ ما فائدة العظام الخلفيّة في الحوت؟ - 00:01:16
ما فائدة الطّول الزّائد للعَصَب الحُنجريِّ الرّاجع لدى الزّرافة؟ - 00:01:22
تعالوا نتناولْ إحدى هذه النِّقاط اليوم ونؤجِّل الثّانية وقِصّتَها الفريدة الصّادِمة - 00:01:26
للحلقة القادمة - 00:01:33
أولًا: أجنحة الطّيور التي لا تطير - 00:01:35
قالوا: - 00:01:38
"ما مكان هذه الأجنحة؟ نعامةٌ بأجنحةٍ ولا تطير، أليس كذلك؟ - 00:01:39
الإيمّو بأجنحةٍ ولا تطير الرِّيّا لا تطير، ولماذا؟ - 00:01:44
والبطريق أيضًا، بأجنحة ولا يطير، وهذا جالاباجس بأجنحةٍ ولا يطير، - 00:01:50
لماذا؟ - 00:01:57
طبعًا سيسكت، ويَحُكُّ رأسه الواحد لماذا فعلًا؟ - 00:01:59
التَّّطور يقول لك: الجواب سهلٌ" - 00:02:03
لا، عفوًا - 00:02:05
قبل أن نسمع الجواب التَّطوريّ - 00:02:06
أنا حكَكْت رأسي فعلًا - 00:02:08
وكلّفتُ نفسي أن أبحث، وسألتُ البطريق: - 00:02:09
أصحيحٌ ما رواه بعضُهم عنّي وعنك؟ أَنّ فينا عيوبًا وأعضاءَ بلا فائدةٍ؟ - 00:02:12
أم ترى ما زعموا زُورًا، وبهتانًا، وإفْكًا؟ - 00:02:19
أمّا عنِّي، فقد رأيت في الحلقة الماضية ما زعَموه مِن أخطاء وزيادة أعضاء - 00:02:22
في جسمي البشريّ زورًا، وبهتانًا، وإفْكًا - 00:02:27
فماذا عنك؟ - 00:02:32
لم يُجبني البطريق بـ"لست أدري" على طريقة إيليا أبو ماضي - 00:02:33
بل قال لي بلسان حاله: اصْحَبني في رحلةٍ في هذا المقطع - 00:02:37
من إنتاج "البي بي سي" لتعرف الجواب - 00:02:42
قال ليَ البطريق: - 00:02:45
حتى أعيش في الأجواء القطبيّة شديدة البرودة - 00:02:46
فإن جسمي مليءٌ بالدُّهون - 00:02:50
وحتى أحافظ على هذه الدُّهون فلا بُدَّ لي مِن أنْ أنزل في الماء لأصطاد - 00:02:52
لكن يا بطريق! - 00:02:58
كيف تستطيع أن تنزل بجسمك المليء بالشُّحوم - 00:02:59
والتي ستجعلكَ تطفو على الماء؟ - 00:03:03
أجابني: - 00:03:06
أرأيت هذه الأجنحة التي قالوا أنّها بلا فائدةٍ؟ - 00:03:07
تعال نر ماذا أصنع بها - 00:03:11
انظُر إليّ وأنا أضربُ بها الماء فأغوصُ بسرعةٍ عاليةٍ - 00:03:14
عميقًا عميقًا في البحر، تمامًا كما الطّائرِ في جوِّ السّماء - 00:03:17
انظر إليّ وأنا أستخدم أجنحتي لأتوجّه يَمنةً ويَسرًة كما أريد - 00:03:22
لكنْ، كيف استطعت أن تَخرجَ من الماء بهذه السّرعة الصّاروخيّة؟ - 00:03:35
أجابني البطريق: - 00:03:40
أرأيت هذه الأجنحة نفسها التي زعموا أنّها بلا فائدة؟ - 00:03:42
إنّها مصمَّمةٌ بشكلٍ عجيبٍ - 00:03:46
انظر إليّ ماذا سأفعل - 00:03:49
سأصعد لأسبحَ وأتقلّب عند سطح البحر أوّلًا - 00:03:51
أتدري لماذا؟ - 00:03:55
لأملأ ريش أجنحتي بفُقاعات الهواء، يساعدها على ذلك أنّ لديّ غُددًا - 00:03:56
تُفرز عليها مادّةً دهنيّة عازلَةً للماء - 00:04:02
انظر إلى فُقاعات الهواء وهي تَتجمّع بين الرّيش - 00:04:06
ثُمّ سأنزل في الماء مرة أخرى حتّى يقومَ الماء بضغْطِ أجنحتي - 00:04:10
وما حَوَته من هذه الفُقاعات وهذا يقلِّل كثافة جسمي - 00:04:14
فالآن، أستطيع أن أصعد إلى سطح البحر بسرعةٍ هائلةٍ - 00:04:19
مطلقًا فُقاعات الهواء كأنِّي طائرةٌ نفّاثةٌ - 00:04:23
وهذه الفُقاعات تُقلِّل احتكاك جسمي بالماء فتُسهِّل خروجي - 00:04:27
فبأجنحتي نزَلتُ لأكسب عيْشي، وبأجنحتي أصعد - 00:04:33
ولولا أجنحتي -التي زعموا أنّها بلا فائدةٍ- لما عِشت أصلًا! - 00:04:37
﴿هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبينٍ﴾ [القرآن11:31] - 00:04:42
هذا، ونحن لم نتكلّم عن تصميم الجهاز الدّمويِّ الذي يُمدُّ جناحيِ البطريق بالطّاقة، - 00:05:11
عن المواصفات الخاصّة لصِبغة الهيموغلوبين والميوغلوبين - 00:05:18
اللّتين تساعدان البطريق على البقاء 20 دقيقةً تحت الماء بشكلٍ متواصلٍ، - 00:05:21
عن كثافة عِظامه وعِظام جناحيْه التي تمكنُّه مِن هذا الغَوْص والصعود - 00:05:26
وانظروا -إخواني- - 00:05:32
كيف أنّ ما يجعل منه البعض شُبهةً يَتحوّل بالعِلم إلى دليلٍ جديدٍ - 00:05:33
على عظمة الله تعالى - 00:05:39
رأينا ذلك في شبكيّة العين وغيرها -الحلقةَ الماضيةَ- - 00:05:41
وها نحن نراه في جناحي البطريق الذي اتّخذ منه أتباع الخُرافة شُبهةً - 00:05:44
وهو مليءٌ بآيات العَظَمة، والحِكمة، والقُدرة - 00:05:50
ماذا عن النّعام؟ - 00:05:54
لديه أجنحةٌ ولا يَطير أيضًا - 00:05:56
كلِّفْ نفسك أيّها السّائل أن تتابع برنامجًا وثائقيًا - 00:05:58
لترى هذا الطّائر الذي تصل سرعته إلى 80 كيلومترًا في الساعة - 00:06:02
كيف يَستخدم أجنحته كمَكابح لتخفيف سرعته والدّوران المُفاجئ أثناء المطاردات - 00:06:07
أو الهربَ من الافتراس - 00:06:13
كيف يَستخدم أجنِحته لتخويف الحيوانات التي تعتدي على بيوضه - 00:06:14
وللاستعراض عند التّزاوج، وغيرِها، وغيرها - 00:06:19
ثمّ عُد بعد ذلك كلِّه واسمعهم يقولون: - 00:06:23
"فالآن، الخَلْقَويُّ أو التّكوينيُّ لا يستطيع أن يفسِّر لنا، لماذا هذه الطُّيور - 00:06:26
لها أجنحةٌ ولا تطير؟" - 00:06:33
بالإضافة إلى هذا كلِّه -إخواني- لاحِظوا مغالطةَ (الاستدلال الدّائريِّ) - 00:06:36
في الحديث عن أجنِحة الطّيور - 00:06:41
الاستدلال الدّائريُّ - 00:06:43
مغالطةٌ معروفةٌ في عِلم المغالطات المنطقيَّة - 00:06:45
يجعل فيها المدّعي برهانه مِن نفس الدّعوى التي يُريد بَرْهَنتَها - 00:06:49
أي أنَّ الدّعوى هي نفسُها النّتيجة - 00:06:54
حين يقولُ هؤلاء أنّ هذه الأجنحة بلا فائدةٍ - 00:06:57
ما الذي يجعلكم تحكمون أنّها بفائدةٍ أو بلا فائدةٍ؟ - 00:07:00
سيقولون: مساعدتُها للحيوان على البقاء حسب مفهوم الانتخاب الطبيعيِّ - 00:07:05
هذه الأجنحة لا تساعد الحيوان وبالتّالي فليس لها فائدةٌ - 00:07:10
وبالتّالي فقد جاءت بها الصُّدف العمياء، لا بتصميمٍ حكيمٍ - 00:07:14
يعني افتَرَضوا أنّ خُرافة التّطوُّر صحيحةٌ - 00:07:18
وبالتّالي فمِعيارها فيما له فائدةٌ وما ليس له فائدةٌ - 00:07:23
معيارٌ صحيحٌ - 00:07:27
وهو مساعدته على البقاء - 00:07:29
فحَكموا بأنّ هذه الأجنحةَ بلا فائدةٍ لأنّها لا تُساعد على البقاء بزعمهم - 00:07:30
وبالتّالي فلا خَلْقَ عن قَصْدٍ - 00:07:36
إذَنْ فالتّطوُّر صحيحٌ - 00:07:39
هذا هو الاستدلال الدّائري - 00:07:42
وهو يشبه أنْ أقول لك: - 00:07:43
أنا صادقٌ، وبما أنّي صادقٌ فإنْ قلتُ لك أنّي لا أكذب - 00:07:45
فأنا صادقٌ في هذه الدَّعوى، وبالتّالي فأنا صادقٌ - 00:07:50
الدّليل مأخوذٌ من الدعوى نفسِها - 00:07:54
فنقولُ لهم: - 00:07:58
المنظومة الإيمانيّة المُنسجمة المتوافقة مع العلم الصحيح - 00:07:59
الخاليةُ مِن مغالطاتكم تقول: - 00:08:03
أنَّ الخالق يخلق أشياء للجمال، فقال في أصنافٍ من الحيوانات: - 00:08:05
﴿ولكُمْ فيهَا جمَالٌ حينَ ترِيحُونَ وحينَ تسْرَحُونَ﴾ [القرآن6:16] - 00:08:11
فحتى لو افترضنا أنّ أجنحة وذيولَ الطُّيور الجميلة - 00:08:15
كالطّواويس وغيرها لا تُساعد على البقاء - 00:08:20
وحتّى لو افترضنا أنّكم اطَّلَعتم على أحاسيس هذه الطّيور ومُيولها الجنسيّة - 00:08:23
وأثبتُّم أنّها لا تُساعد في التّزاوج - 00:08:28
فيكفي أنّها تدلُّ العقلاءَ على أنَّ لهذا الجمال خالقًا - 00:08:31
فكيف عندما نرى أنّ هذه الأجنحة ليست مفيدةً جماليًّا لنا -نحن عباد الله- فحسب - 00:08:50
ولا مفيدةً لهذه الطُّيور فحسب بل تبلغُ أنْ تكون أساسيّةً لحياتها - 00:08:57
كما رأينا في البطريق والنّعام - 00:09:02
ختامًا -إخواني- - 00:09:05
أنا احترتُ حقيقةً في إعطاء عنوانٍ لهذه الحلقة - 00:09:06
فنحن اعتدنا أنْ نذكر مغالطةً منطقيَّة أو حيلةً نفسيَّةً، ثم نُعطي أمثلة عليها - 00:09:10
ذكرنا في الحلقات السّابقة أسلوبَ (خلطِ الخرافة بالحقائق) - 00:09:16
وأسلوبَ (أجِّرني عقلك) و(خاطِبهم كأطفال) - 00:09:19
و(تحويلَ عبء الإثبات) - 00:09:23
ماذا نسمي اليوم قولهم: - 00:09:25
الجناح للطيران - 00:09:28
وبما أنّ البطريق لا يطير والنّعامة لا تطير - 00:09:29
إذن أجنحتها بلا فائدةٍ - 00:09:32
وهذا يدلُّ على أنّ الكائنات الحيّة جاءت بالتّطور الصُّدَفيّ - 00:09:34
ماذا نسمّي كلامهم هذا بعدما رأينا الذي رأيناه؟ - 00:09:39
هل هو مثالٌ آخر على (خاطِبهم كأطفال) يحتقِرون به عقول أتباعهم؟ - 00:09:44
أم هي مغالطة (الاحتجاج بالجهل) إذ يَجهلون أو يَتجاهلون - 00:09:49
وظيفة جُزءٍ من جِسم الكائن الحيّ فيجعلون جهلهم هذا حُجّة؟ - 00:09:54
أم هي مُغالطة (آلهةِ الفجَوات)؟ لديهم فجَواتٌ معرفيَّةٌ - 00:09:58
فيسدُّونها بنسبة الأفعال إلى الخرافة - 00:10:03
أي بما أنّه لا فائدة للأجنحة فمَن غيره؟ لا بُدَّ أنَّه التَّطور - 00:10:05
هو الذي جاء بهذه الأجنحة! - 00:10:11
أم هي مغالطة (التّضليل بالمقدِّمات الخاطئة)؟ حيث بدأوا بمقدِّمةِ أنّها أجنحةٌ بلا فائدةٍ - 00:10:13
وانتقلوا بالمستمِع إلى نتائج رتّبوها على هذه المقدِّمة دون أن يُعطوه فرصةً - 00:10:19
لمحاكمة صحّةِ المقدِّمة أصلًا؟ - 00:10:25
أم هي مغالطةُ (الاستدلال الدّائريِّ) كما شرحنا؟ - 00:10:28
أم أنّها مغالطةُ (تحويل عبء الإثبات)؟ إذ تعامَوا عن كلِّ أمثلة الإتقان والإحكام - 00:10:32
لا أقول في الكائنات الحيَّة بشكلٍ عامّ فحسب، بل وفي نفس الحيوانات - 00:10:37
التي اتّخذوا من أجنحتها شُبُهات - 00:10:42
وبدلَ إثباتهم قدرة العشوائيّة، والصُّدَفيَّة، والانتخاب الأعمى - 00:10:45
على الإتيان بهذا كله - 00:10:49
حوّلوا عِبء إثبات وظيفةِ أجنحة الطُّيور علينا - 00:10:51
أم أنّها ظُلماتٌ بعضُها فوق بعض؟ - 00:10:55
احترت حقيقةً - إخواني - ماذا أسمّيها - 00:11:00
وأترك الجواب لكم - 00:11:03
والسَّلام عليكم - 00:11:04