سلسلة رحلة اليقين - القناة الرسمية د. إياد قنيبي
التفريغ
السَّلام عليكم - 00:00:06ضَ
أيها الكرام، في الحلقة الماضية صحَّحنا نَسَب العلم التجريبي السَّينس"science"، - 00:00:08ضَ
وبيَّنَّا أنّه ثمرةٌ لِمَنهج الإقرار بالخالقية الذي يعتمد في بناء المعرفة على كُلٍّ مِنَ: - 00:00:11ضَ
الفطرة والعقل والحِسّ والخبر، وبيَّنَّا أنّ العلم التجريبي بريءٌ من المادية، - 00:00:17ضَ
وأن المادية ما هي إلا إلحادٌ مُقَنَّع، لا يقوم بذاته، ولا يُقدِّمُ أيّةَ منفعة، - 00:00:23ضَ
بل ما هو إلا فَيروس تَقَرصَنَ على منهج الخالقية. - 00:00:30ضَ
هذا كُلُّهُ يتطلَّب مِنَّا إجراءاتٍ كثيرة لتصويب الأوضاع، الأوضاعِ التي بُنيَتْ على أكذوبةِ - 00:00:33ضَ
نِسبَة العلم التجريبي إلى المادِّية، وهي الأكذوبة التي تشرَّبَتْها عقول كثيرٍ من الناس، - 00:00:40ضَ
وخُدِعوا بها طويلًا. - 00:00:45ضَ
إجراءات تصويب الأوضاع هذه نُورِدُها اليومَ في نِقاطٍ مختصرة، - 00:00:47ضَ
يحتاج كُلٌّ منها إلى تفصيلٍ كثيرٍ لا يتَّسِعُ المقامُ له، - 00:00:51ضَ
لكن أترُكُها لِتَأمُّلِكم مرَّةً بعد مرة. - 00:00:54ضَ
الإجراء الأول: علينا أن نكُفَّ عن التقليل من شأن العلم التجريبي والحديثِ عن أمثلة تزويره - 00:00:57ضَ
وكأنَّها جزءٌ أصيلٌ فيه، - 00:01:02ضَ
وكأنَّ العلم التجريبي وليدُ أعدائنا وبضاعةُ خَصْمنا، التي تقف في مقابل إيماننا. - 00:01:04ضَ
بل العلم التجريبي هو ابن منهجنا الفِطْريّ المُقِرِّ بالخالقية، - 00:01:10ضَ
الابن المُختَطَف، ما عليه من تزوير وكذب في التفسير هو السخام والروائح الكريهة، - 00:01:15ضَ
التي وضعها المُختَطِفُ على العلم التجريب؛ ليَنسِبَهُ إليه. - 00:01:22ضَ
وكذلك تأليه العلم التجريبي، سخام لا ذَنْبَ للولد فيه، - 00:01:25ضَ
وكأنني بالعلم التجريبي يصرخ ويقول: "لماذا تَسُبُّونَني مع المُقَنَّع الذي اختطفني؟ - 00:01:30ضَ
أما يكفي تقصيركم في حقي؟ وتركي لهذا المُختَطِف؟ - 00:01:36ضَ
ثم أنتم تنتقصون منِّي معه وكأنَّنا شيءٌ واحد؟". - 00:01:39ضَ
مَهمّتنا هي غسل السخام والروائح الكريهة، - 00:01:44ضَ
وأن نعيد إلى العلم التجريبي نصاعته وأن نسعى لأن نكون روَّادَه، - 00:01:47ضَ
هذا كُلُه ُيشْعِرُكَ بأصالتك وأصالة الإيمان الذي تحمله في هذا الكون. - 00:01:52ضَ
الإجراء الثاني: هو أن نَكُفَّ عن استخدام عباراتٍ مثل: - 00:01:58ضَ
"هذه الظاهرة ليس لها تفسيرٌ علمي" دليلًا على وجود الخالق؛ - 00:02:02ضَ
فنحن بهذا كأننا نُسَلِّم بأن العلم التجريبي هو وليد المقنّع؛ فنريد أن نثبت عجزه - 00:02:06ضَ
ونتطلَّبَ دليلًا من خارجه على وجود الخالق. - 00:02:13ضَ
ماذا تريد أكثر من العلم التجريبي دليلًا على الخالق؟ - 00:02:18ضَ
ماذا تريد أكثر من انتظام الظواهر وإحكامها؟ بل ووجودها أساسًا؟ - 00:02:21ضَ
وافتقار ذلك كُلِّهِ إلى خالقٍ حكيمٍ عليمٍ قديرٍ إليه المنتهى، ولا يحتاج إلى غيره في وجوده. - 00:02:26ضَ
هذا كُلُّه خير دليل لِمَنْ سلِمَتْ عقولهم وقلوبهم، - 00:02:34ضَ
﴿قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ﴾ [القرآن الكريم 11: 101] - 00:02:39ضَ
خوارق العادات، التي ليس لها تفسير علمي، أيَّدَ الخالقُ بها الرُّسل - 00:02:47ضَ
لإثبات أمر ٍزائدٍ على وجود الخالق، ألا وهو: أنَّهم -بحقٍّ- رُسُلُ هذا الخالق، - 00:02:52ضَ
أمَّا وجودُه -سبحانه- - 00:02:59ضَ
فانتظام الكون، وما يصفه العلم التجريبي من ذلك دليلٌ كافٍ على الخالق لقومٍ يعقلون. - 00:03:00ضَ
الإجراء الثالث: هو أن نبوِّئَ العلم التجريبي السَّينس، مكانه المناسب بين إخوانه - 00:03:09ضَ
بعدما استرددناه إلى بيتنا الإيماني. - 00:03:16ضَ
الأب في هذا البيت، هو منهج الإقرار بالخالقية ومولِّدات المعرفة فيه، - 00:03:19ضَ
إخوان العلم التجريبي، هم باقي العلوم والمعارف الصحيحة، - 00:03:25ضَ
مما لا يحتاج في إثباته إلى دخول المختبر واستخراج الأنابيب وإجراء التفاعلات. - 00:03:28ضَ
فما صحَّ عن الله ورسوله من أخبارٍ غيبية عِلْم. - 00:03:34ضَ
فمولِّدات المعرفة في منهج الإقرار بالخالقية، دلّتنا على صدق النبي -صلى الله عليه وسلم-، - 00:03:38ضَ
الذي أخبرنا بكثير من الغيبيات. - 00:03:45ضَ
فالعلم التجريبي والغيبيات فرعان لأصلٍ واحد، وليس شرطًا أن يَدُلَّ أحدُهما على صِحَّة الآخر - 00:03:47ضَ
حتى نُصدِّقَ به، بل يكفي أن يدلّ على صِحَّتهما أصلُهما المشترك. - 00:03:55ضَ
إذا فهِمْتَ هذا، علِمْتَ أنه لا معنى لمعارضة الغيبيات بالعلم التجريبي، - 00:04:00ضَ
علِمْتَ مثلًا لماذا نؤمن بالحديث الصحيح الذي فيه أنَّ لجبريل -عليه السلام- (600) جناح - 00:04:06ضَ
دون أن يكون على ذلك دليلٌ من العلم التجريبي. - 00:04:13ضَ
وعلِمْتَ في الوقت ذاته مدى الجهل في نشر مقالٍ بعنوان: "أول دليل علمي - 00:04:16ضَ
(يقصدون من العلم التجريبي) يثبت وجود حياة أخرى بعد الموت". - 00:04:21ضَ
الإجراء الرابع: هو أن نُلغيَ من قاموسنا - 00:04:25ضَ
قسمة العلم والإيمان، المبنية على وهم إمكان الفصل بينهما؛ - 00:04:28ضَ
هذه القسمة إخواني تحمل في ثناياها ثلاثَ مشكلات: أولًا: توهُّمُ أن العلم - 00:04:34ضَ
محصورٌ بالعلم التجريبي مع إهمال ما يَثبُتُ بالعقل أو النقل الصحيح - 00:04:41ضَ
-أي الدليل الخبري- مع أنَّ هذه أيضاً علوم. - 00:04:45ضَ
ثانياً: توهُّمُ أنَّ العلم التجريبي يقوم مستقلًا عن مولِّدات المعرفة - 00:04:49ضَ
في منهج الإقرار بالخالقية. - 00:04:54ضَ
ثالثاً: توهُّمُ الإيمان وكأنَّه خَيارٌ عاطفي اعتباطِيّ بلا حجة ولا برهان. - 00:04:56ضَ
هذه الأوهام هي التي تُنتِج لنا أقوالًا مثل: "بإمكانك أن تؤمِنَ إيمانًا دينيًا بما تشاء - 00:05:04ضَ
لكن لا تخلط ذلك بالعلم؛ فالإيمان له موضعه الذي يعمل فيه والعلم له موضعه". - 00:05:12ضَ
عبارة مليئة بالمغالطات بدهًا. - 00:05:19ضَ
وكذلك قولهم: "العلم التجريبي لا يتعارض مع الإيمان"، - 00:05:21ضَ
فمع أننا نقول هذه العبارة دفاعًا عن إيماننا فهي عبارة تُهَزِّل بِشِدَّة طبيعة العلاقة، - 00:05:24ضَ
فكأنك تقول: "فروع الشجرة لا تتعارض مع جذورها"، - 00:05:31ضَ
بل ولا يكفي في بيان العلاقة أن تقول: "أن الإيمان يشجع على العلم التجريبي"؛ - 00:05:35ضَ
فالمسألة أعمق من ذلك بكثير، - 00:05:40ضَ
فمنطلقات السَّينس -أي العلم التجريبي- كلها من منهج الخالقية، - 00:05:42ضَ
الذي هو في أنقى صوره في منظومتنا الإيمانية الإسلامية الخالية من تحريف. - 00:05:46ضَ
وملاحظةً مهمّةً -إخواني- نذكرها سريعًا: - 00:05:52ضَ
نحن نستخدم مصطلح (منهج الإقرار بالخالقية)؛ - 00:05:55ضَ
لأن هناك قدرًا مشتركا بيننا وبين أهل الأديان ممن يقرون بالخالقية، - 00:05:58ضَ
يفرقنا جميعًا عن المنكرين، لكن هذا لا يعني أننا وأهلَ الأديان الأخرى سواءٌ - 00:06:04ضَ
في نصاعة المنهج وسلامته من التحريف، - 00:06:11ضَ
بل قد تميَّزنا عنهم بسلامة الأخبار وصدقها؛ - 00:06:14ضَ
بما حفِظَ الله من كتابه وسنّة نبيه -صلى الله عليه وسلم- كما سنبيّنَ في السلسلة -بإذن الله-. - 00:06:18ضَ
الإجراء الخامس: هو إعادة تعريف العالِم، - 00:06:25ضَ
نحن نقول عن باحِثِي الغرب الملحدين علماء اختصارا وتنزلا، وإلا فهم، كلما نطقوا - 00:06:29ضَ
بهذيان حُمَّى المادية، يكونون من أجهل الخلق، مهما حملوا من شهاداتٍ - 00:06:37ضَ
ومهما كانت علاماتهم في اختبار الآي كيو"IQ-Test"؛ - 00:06:45ضَ
فعندهم جهل جوهري حرمهم من نفع معرفتهم، - 00:06:48ضَ
ولو كانوا علماء حقاً فـ ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [القرآن 35: 28] - 00:06:53ضَ
في الحديث الذي حسَّنه الألباني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: - 00:06:59ضَ
«ما تستقِلُّ الشمسُ فيبْقَى شيءٌ مِنَ خلْقِ اللهِ - 00:07:03ضَ
إلَّا سبَّحَ اللهَ بحمدِهِ إلَّا ما كانَ مِنَ الشياطينِ، وأغبياءِ بني آدَمَ» (أخرجه الطبراني) - 00:07:07ضَ
أقوال هؤلاء العلماء التي نسخر منها غباء، - 00:07:14ضَ
القول بنشوء الكون ذاتيًا بلا خالق، بل بمجموعة صدف غباء، - 00:07:18ضَ
القول بالتطور الصُدَفِي غباء، - 00:07:23ضَ
القول بأكوان لا حصر لها كتفسير للضبط الدقيق غباء، - 00:07:26ضَ
كل هذا وغيره غباوات يترفَّع عنها من سلِمَتْ له مصادر المعرفة، - 00:07:31ضَ
وإن كانت علامته متدنّية في (بالإنجليزية) اختبار الـIQ. - 00:07:37ضَ
وعلماء الغرب هؤلاء ما أنتجوا شيئًا نافعًا إلَّا بمقدار ما أخذوا من مولدات المعرفة - 00:07:40ضَ
في منهج الخالقية، وتنكروا لغبائهم المادِّي. - 00:07:47ضَ
في المقابل، العالِمُ هو صاحب النظرة السوية لمصادر المعرفة، سليمُ الفطرة، سليمُ العقل، - 00:07:51ضَ
المتَفكِّر في الكون بحسِّه، العالِم بأمارات الخبر الصحيح، المتلقي له بالقَبول... هذا عالِم، - 00:07:59ضَ
ولا ينبغي أن نفسِّر مِثلَ قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [قرآن 35: 28] - 00:08:07ضَ
بأنهم العلماء بأسباب نزول الآيات، ومعانيها، وأسانيد الحديث، وأحكامها فقط، بل العالِم هو - 00:08:12ضَ
من سلِمَتْ له مُولِّداتُ المعرفة؛ فهذا ينفعه العلم الخَبَري عن الله ورسوله والعلمُ التجريبي - 00:08:19ضَ
التأمّليّ بالنظر في الكون ويزيده هدًى؛ إذ مِشكاتُه يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار، - 00:08:26ضَ
وعلمه بآيات الله المسطورة يدعو إلى العلم بآيات الله المنظورة، - 00:08:34ضَ
﴿قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [القرآن 10: 101] - 00:08:40ضَ
وعلمه بآيات الله المنظورة يزيد الإيمانَ والفهم لآياته المسطورة، - 00:08:43ضَ
ويشهد لهذا سياق الآية: - 00:08:48ضَ
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً - 00:08:50ضَ
فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا - 00:08:55ضَ
وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ - 00:08:58ضَ
أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَمِنَ النَّاسِ - 00:09:02ضَ
وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ - 00:09:05ضَ
إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ - 00:09:10ضَ
الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ [القرآن 35: 27 - 28] - 00:09:13ضَ
فالحديث في الآيات عن مشاهدات كونية عن علم رصدي نافع؛ - 00:09:17ضَ
فلا ينبغي الفصل بين علماء الشريعة وعلماء الطبيعة؛ - 00:09:21ضَ
إذ أن الاستقلال بأحدهما لا يسمى علمًا. - 00:09:25ضَ
بهذا نكون إخواني قد أتينا على ختام هذه الحلقة، - 00:09:29ضَ
التي أسأل الله -تعالى-، أن تكون مع الحلقة السابقة علامةً منهجية فارقة، - 00:09:32ضَ
رتبت الأفكار لدينا، استطردنا فيها عن موضوع أساليب التضليل في خرافة التطور. - 00:09:38ضَ
في الحلقة القادمة نعود لموضوع خرافة التطور، لَنُطَبِّق عليها ما تعلمناه - 00:09:44ضَ
من فكِّ الارتباط بين تخريفات الإلحاد المُقَنَّع، - 00:09:49ضَ
والانجازات العلمية النافعة، - 00:09:52ضَ
فتابعوا معنا! والسَّلام عليكم ورحمة الله. - 00:09:54ضَ