سلسلة رحلة اليقين - القناة الرسمية د. إياد قنيبي

رحلة اليقين ٤١: إزالة الشحبار! - د. إياد قنيبي

إياد قنيبي

السَّلام عليكم - 00:00:06ضَ

أيها الكرام، في الحلقة الماضية صحَّحنا نَسَب العلم التجريبي السَّينس"science"، - 00:00:08ضَ

وبيَّنَّا أنّه ثمرةٌ لِمَنهج الإقرار بالخالقية الذي يعتمد في بناء المعرفة على كُلٍّ مِنَ: - 00:00:11ضَ

الفطرة والعقل والحِسّ والخبر، وبيَّنَّا أنّ العلم التجريبي بريءٌ من المادية، - 00:00:17ضَ

وأن المادية ما هي إلا إلحادٌ مُقَنَّع، لا يقوم بذاته، ولا يُقدِّمُ أيّةَ منفعة، - 00:00:23ضَ

بل ما هو إلا فَيروس تَقَرصَنَ على منهج الخالقية. - 00:00:30ضَ

هذا كُلُّهُ يتطلَّب مِنَّا إجراءاتٍ كثيرة لتصويب الأوضاع، الأوضاعِ التي بُنيَتْ على أكذوبةِ - 00:00:33ضَ

نِسبَة العلم التجريبي إلى المادِّية، وهي الأكذوبة التي تشرَّبَتْها عقول كثيرٍ من الناس، - 00:00:40ضَ

وخُدِعوا بها طويلًا. - 00:00:45ضَ

إجراءات تصويب الأوضاع هذه نُورِدُها اليومَ في نِقاطٍ مختصرة، - 00:00:47ضَ

يحتاج كُلٌّ منها إلى تفصيلٍ كثيرٍ لا يتَّسِعُ المقامُ له، - 00:00:51ضَ

لكن أترُكُها لِتَأمُّلِكم مرَّةً بعد مرة. - 00:00:54ضَ

الإجراء الأول: علينا أن نكُفَّ عن التقليل من شأن العلم التجريبي والحديثِ عن أمثلة تزويره - 00:00:57ضَ

وكأنَّها جزءٌ أصيلٌ فيه، - 00:01:02ضَ

وكأنَّ العلم التجريبي وليدُ أعدائنا وبضاعةُ خَصْمنا، التي تقف في مقابل إيماننا. - 00:01:04ضَ

بل العلم التجريبي هو ابن منهجنا الفِطْريّ المُقِرِّ بالخالقية، - 00:01:10ضَ

الابن المُختَطَف، ما عليه من تزوير وكذب في التفسير هو السخام والروائح الكريهة، - 00:01:15ضَ

التي وضعها المُختَطِفُ على العلم التجريب؛ ليَنسِبَهُ إليه. - 00:01:22ضَ

وكذلك تأليه العلم التجريبي، سخام لا ذَنْبَ للولد فيه، - 00:01:25ضَ

وكأنني بالعلم التجريبي يصرخ ويقول: "لماذا تَسُبُّونَني مع المُقَنَّع الذي اختطفني؟ - 00:01:30ضَ

أما يكفي تقصيركم في حقي؟ وتركي لهذا المُختَطِف؟ - 00:01:36ضَ

ثم أنتم تنتقصون منِّي معه وكأنَّنا شيءٌ واحد؟". - 00:01:39ضَ

مَهمّتنا هي غسل السخام والروائح الكريهة، - 00:01:44ضَ

وأن نعيد إلى العلم التجريبي نصاعته وأن نسعى لأن نكون روَّادَه، - 00:01:47ضَ

هذا كُلُه ُيشْعِرُكَ بأصالتك وأصالة الإيمان الذي تحمله في هذا الكون. - 00:01:52ضَ

الإجراء الثاني: هو أن نَكُفَّ عن استخدام عباراتٍ مثل: - 00:01:58ضَ

"هذه الظاهرة ليس لها تفسيرٌ علمي" دليلًا على وجود الخالق؛ - 00:02:02ضَ

فنحن بهذا كأننا نُسَلِّم بأن العلم التجريبي هو وليد المقنّع؛ فنريد أن نثبت عجزه - 00:02:06ضَ

ونتطلَّبَ دليلًا من خارجه على وجود الخالق. - 00:02:13ضَ

ماذا تريد أكثر من العلم التجريبي دليلًا على الخالق؟ - 00:02:18ضَ

ماذا تريد أكثر من انتظام الظواهر وإحكامها؟ بل ووجودها أساسًا؟ - 00:02:21ضَ

وافتقار ذلك كُلِّهِ إلى خالقٍ حكيمٍ عليمٍ قديرٍ إليه المنتهى، ولا يحتاج إلى غيره في وجوده. - 00:02:26ضَ

هذا كُلُّه خير دليل لِمَنْ سلِمَتْ عقولهم وقلوبهم، - 00:02:34ضَ

﴿قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ﴾ [القرآن الكريم 11: 101] - 00:02:39ضَ

خوارق العادات، التي ليس لها تفسير علمي، أيَّدَ الخالقُ بها الرُّسل - 00:02:47ضَ

لإثبات أمر ٍزائدٍ على وجود الخالق، ألا وهو: أنَّهم -بحقٍّ- رُسُلُ هذا الخالق، - 00:02:52ضَ

أمَّا وجودُه -سبحانه- - 00:02:59ضَ

فانتظام الكون، وما يصفه العلم التجريبي من ذلك دليلٌ كافٍ على الخالق لقومٍ يعقلون. - 00:03:00ضَ

الإجراء الثالث: هو أن نبوِّئَ العلم التجريبي السَّينس، مكانه المناسب بين إخوانه - 00:03:09ضَ

بعدما استرددناه إلى بيتنا الإيماني. - 00:03:16ضَ

الأب في هذا البيت، هو منهج الإقرار بالخالقية ومولِّدات المعرفة فيه، - 00:03:19ضَ

إخوان العلم التجريبي، هم باقي العلوم والمعارف الصحيحة، - 00:03:25ضَ

مما لا يحتاج في إثباته إلى دخول المختبر واستخراج الأنابيب وإجراء التفاعلات. - 00:03:28ضَ

فما صحَّ عن الله ورسوله من أخبارٍ غيبية عِلْم. - 00:03:34ضَ

فمولِّدات المعرفة في منهج الإقرار بالخالقية، دلّتنا على صدق النبي -صلى الله عليه وسلم-، - 00:03:38ضَ

الذي أخبرنا بكثير من الغيبيات. - 00:03:45ضَ

فالعلم التجريبي والغيبيات فرعان لأصلٍ واحد، وليس شرطًا أن يَدُلَّ أحدُهما على صِحَّة الآخر - 00:03:47ضَ

حتى نُصدِّقَ به، بل يكفي أن يدلّ على صِحَّتهما أصلُهما المشترك. - 00:03:55ضَ

إذا فهِمْتَ هذا، علِمْتَ أنه لا معنى لمعارضة الغيبيات بالعلم التجريبي، - 00:04:00ضَ

علِمْتَ مثلًا لماذا نؤمن بالحديث الصحيح الذي فيه أنَّ لجبريل -عليه السلام- (600) جناح - 00:04:06ضَ

دون أن يكون على ذلك دليلٌ من العلم التجريبي. - 00:04:13ضَ

وعلِمْتَ في الوقت ذاته مدى الجهل في نشر مقالٍ بعنوان: "أول دليل علمي - 00:04:16ضَ

(يقصدون من العلم التجريبي) يثبت وجود حياة أخرى بعد الموت". - 00:04:21ضَ

الإجراء الرابع: هو أن نُلغيَ من قاموسنا - 00:04:25ضَ

قسمة العلم والإيمان، المبنية على وهم إمكان الفصل بينهما؛ - 00:04:28ضَ

هذه القسمة إخواني تحمل في ثناياها ثلاثَ مشكلات: أولًا: توهُّمُ أن العلم - 00:04:34ضَ

محصورٌ بالعلم التجريبي مع إهمال ما يَثبُتُ بالعقل أو النقل الصحيح - 00:04:41ضَ

-أي الدليل الخبري- مع أنَّ هذه أيضاً علوم. - 00:04:45ضَ

ثانياً: توهُّمُ أنَّ العلم التجريبي يقوم مستقلًا عن مولِّدات المعرفة - 00:04:49ضَ

في منهج الإقرار بالخالقية. - 00:04:54ضَ

ثالثاً: توهُّمُ الإيمان وكأنَّه خَيارٌ عاطفي اعتباطِيّ بلا حجة ولا برهان. - 00:04:56ضَ

هذه الأوهام هي التي تُنتِج لنا أقوالًا مثل: "بإمكانك أن تؤمِنَ إيمانًا دينيًا بما تشاء - 00:05:04ضَ

لكن لا تخلط ذلك بالعلم؛ فالإيمان له موضعه الذي يعمل فيه والعلم له موضعه". - 00:05:12ضَ

عبارة مليئة بالمغالطات بدهًا. - 00:05:19ضَ

وكذلك قولهم: "العلم التجريبي لا يتعارض مع الإيمان"، - 00:05:21ضَ

فمع أننا نقول هذه العبارة دفاعًا عن إيماننا فهي عبارة تُهَزِّل بِشِدَّة طبيعة العلاقة، - 00:05:24ضَ

فكأنك تقول: "فروع الشجرة لا تتعارض مع جذورها"، - 00:05:31ضَ

بل ولا يكفي في بيان العلاقة أن تقول: "أن الإيمان يشجع على العلم التجريبي"؛ - 00:05:35ضَ

فالمسألة أعمق من ذلك بكثير، - 00:05:40ضَ

فمنطلقات السَّينس -أي العلم التجريبي- كلها من منهج الخالقية، - 00:05:42ضَ

الذي هو في أنقى صوره في منظومتنا الإيمانية الإسلامية الخالية من تحريف. - 00:05:46ضَ

وملاحظةً مهمّةً -إخواني- نذكرها سريعًا: - 00:05:52ضَ

نحن نستخدم مصطلح (منهج الإقرار بالخالقية)؛ - 00:05:55ضَ

لأن هناك قدرًا مشتركا بيننا وبين أهل الأديان ممن يقرون بالخالقية، - 00:05:58ضَ

يفرقنا جميعًا عن المنكرين، لكن هذا لا يعني أننا وأهلَ الأديان الأخرى سواءٌ - 00:06:04ضَ

في نصاعة المنهج وسلامته من التحريف، - 00:06:11ضَ

بل قد تميَّزنا عنهم بسلامة الأخبار وصدقها؛ - 00:06:14ضَ

بما حفِظَ الله من كتابه وسنّة نبيه -صلى الله عليه وسلم- كما سنبيّنَ في السلسلة -بإذن الله-. - 00:06:18ضَ

الإجراء الخامس: هو إعادة تعريف العالِم، - 00:06:25ضَ

نحن نقول عن باحِثِي الغرب الملحدين علماء اختصارا وتنزلا، وإلا فهم، كلما نطقوا - 00:06:29ضَ

بهذيان حُمَّى المادية، يكونون من أجهل الخلق، مهما حملوا من شهاداتٍ - 00:06:37ضَ

ومهما كانت علاماتهم في اختبار الآي كيو"IQ-Test"؛ - 00:06:45ضَ

فعندهم جهل جوهري حرمهم من نفع معرفتهم، - 00:06:48ضَ

ولو كانوا علماء حقاً فـ ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [القرآن 35: 28] - 00:06:53ضَ

في الحديث الذي حسَّنه الألباني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: - 00:06:59ضَ

«ما تستقِلُّ الشمسُ فيبْقَى شيءٌ مِنَ خلْقِ اللهِ - 00:07:03ضَ

إلَّا سبَّحَ اللهَ بحمدِهِ إلَّا ما كانَ مِنَ الشياطينِ، وأغبياءِ بني آدَمَ» (أخرجه الطبراني) - 00:07:07ضَ

أقوال هؤلاء العلماء التي نسخر منها غباء، - 00:07:14ضَ

القول بنشوء الكون ذاتيًا بلا خالق، بل بمجموعة صدف غباء، - 00:07:18ضَ

القول بالتطور الصُدَفِي غباء، - 00:07:23ضَ

القول بأكوان لا حصر لها كتفسير للضبط الدقيق غباء، - 00:07:26ضَ

كل هذا وغيره غباوات يترفَّع عنها من سلِمَتْ له مصادر المعرفة، - 00:07:31ضَ

وإن كانت علامته متدنّية في (بالإنجليزية) اختبار الـIQ. - 00:07:37ضَ

وعلماء الغرب هؤلاء ما أنتجوا شيئًا نافعًا إلَّا بمقدار ما أخذوا من مولدات المعرفة - 00:07:40ضَ

في منهج الخالقية، وتنكروا لغبائهم المادِّي. - 00:07:47ضَ

في المقابل، العالِمُ هو صاحب النظرة السوية لمصادر المعرفة، سليمُ الفطرة، سليمُ العقل، - 00:07:51ضَ

المتَفكِّر في الكون بحسِّه، العالِم بأمارات الخبر الصحيح، المتلقي له بالقَبول... هذا عالِم، - 00:07:59ضَ

ولا ينبغي أن نفسِّر مِثلَ قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [قرآن 35: 28] - 00:08:07ضَ

بأنهم العلماء بأسباب نزول الآيات، ومعانيها، وأسانيد الحديث، وأحكامها فقط، بل العالِم هو - 00:08:12ضَ

من سلِمَتْ له مُولِّداتُ المعرفة؛ فهذا ينفعه العلم الخَبَري عن الله ورسوله والعلمُ التجريبي - 00:08:19ضَ

التأمّليّ بالنظر في الكون ويزيده هدًى؛ إذ مِشكاتُه يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار، - 00:08:26ضَ

وعلمه بآيات الله المسطورة يدعو إلى العلم بآيات الله المنظورة، - 00:08:34ضَ

﴿قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [القرآن 10: 101] - 00:08:40ضَ

وعلمه بآيات الله المنظورة يزيد الإيمانَ والفهم لآياته المسطورة، - 00:08:43ضَ

ويشهد لهذا سياق الآية: - 00:08:48ضَ

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً - 00:08:50ضَ

فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا - 00:08:55ضَ

وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ - 00:08:58ضَ

أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَمِنَ النَّاسِ - 00:09:02ضَ

وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ - 00:09:05ضَ

إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ - 00:09:10ضَ

الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ [القرآن 35: 27 - 28] - 00:09:13ضَ

فالحديث في الآيات عن مشاهدات كونية عن علم رصدي نافع؛ - 00:09:17ضَ

فلا ينبغي الفصل بين علماء الشريعة وعلماء الطبيعة؛ - 00:09:21ضَ

إذ أن الاستقلال بأحدهما لا يسمى علمًا. - 00:09:25ضَ

بهذا نكون إخواني قد أتينا على ختام هذه الحلقة، - 00:09:29ضَ

التي أسأل الله -تعالى-، أن تكون مع الحلقة السابقة علامةً منهجية فارقة، - 00:09:32ضَ

رتبت الأفكار لدينا، استطردنا فيها عن موضوع أساليب التضليل في خرافة التطور. - 00:09:38ضَ

في الحلقة القادمة نعود لموضوع خرافة التطور، لَنُطَبِّق عليها ما تعلمناه - 00:09:44ضَ

من فكِّ الارتباط بين تخريفات الإلحاد المُقَنَّع، - 00:09:49ضَ

والانجازات العلمية النافعة، - 00:09:52ضَ

فتابعوا معنا! والسَّلام عليكم ورحمة الله. - 00:09:54ضَ