السَّلامُ عليكُم ورَحمَةُ اللَّهِ - 00:00:10
هل العِلْمُ لا يَدُلُّ عَلَى وُجودِ اللَّهِ وَلا يَنفِي وُجودَ اللَّهِ؟ - 00:00:12
[-لا تستطيع أن تقول إن هناك (بالإنجليزية) إلهًا -أصلًا - (بالإنجليزية) علميًّا رصديًّا - 00:00:17
من ناحية العلوم التي بنيناها نحن البشر - 00:00:22
طوال الـ ٤٠٠ أو الـ ٥٠٠ سنة الماضية - 00:00:27
أو حتى ما قبلها، والتي تقوم على التجارب، وتقوم على الحاجات التي سبق وأن رأيناها. - 00:00:29
بناء على هذا، لا نقدر أن نثبت وجود الله.] - 00:00:35
[والعلم بحد ذاته -يا إخواني- يعني المجرد، - 00:00:37
العلم الذي يعني العلم التجريبي (بالإنجليزية) العلم الرصدي التجريبي المجرّد - 00:00:40
لا يُثْبِتُ وُجودَ اللَّهِ وَلا يَنفي وُجودَ اللَّهِ.] - 00:00:45
تَعالوا نَتَناوَلْ المَوْضوعَ بِدِقَّةٍ... - 00:00:48
السَّيَنْسْ "science" هُوَ العِلْمُ الرَصْدِيُّ التَّجْريبيُّ - 00:00:50
الرَّصْدُ يَشْتَمِلُ عَلَى دِراسَةِ الظَّواهِرِ، - 00:00:52
رَصْدِ آلِيَّاتِها، سَبْرِ عالَمِ الخَليَّةِ وَعالَمِ الذَّرَّةِ إلى الكَواكِبِ وَالمَجَرّاتِ، وَاستِكشافِ القَوانينِ. - 00:00:55
وَالتَّجْرِيبُ يَشْتَمِلُ عَلَى صِياغَةِ الفَرَضِيَّاتِ، وَإِجْراءِ التَّجارِبِ وِفْقَ مَنْهَجيّاتٍ عِلْميَّةٍ. - 00:01:02
لِذَلِكَ عِندَما نَقولُ: (سَيَنْسْ) في هذه الحلقةِ، فَنَحنُ نَعنِي النَّوعَينِ: التَّجْريبيَّ وَالرَّصْدِيَّ، - 00:01:09
مَعَ التَّرْكيزِ عَلَى الرَصْدي الَّذِي هُوَ أَصْلُ التَّجْرِيبِ. - 00:01:16
فَأَنْتَ تَرْصُدُ الظَّواهِرَ وَالعَلاقاتِ، فَتَصوغُ عَلَى أَسَاسِهَا الفَرَضِيَّاتِ، وَتُجَرِّبُ لِتَتَحَقَّقَ مِنْهَا. - 00:01:19
إذن، هَلْ العِلْمُ الرَصْدِيُّ التَّجْريبيُّ بِهذا التَّعْريفِ يُثْبِتُ أَوْ يَنْفِي وُجودَ اللَّهِ؟ - 00:01:26
بِدايَةً، هَلْ يُمْكِنُ إِثْباتُ وُجودِ اللَّهِ تَجْريبيًّا؟ - 00:01:33
الجَوابُ لا، لَكِنَّ التَّجْرِيبَ لَيسَ كُلَّ شَيءٍ في السَّيَنْسْ. - 00:01:37
فَالسَّيَنْسْ يَشْمَلُ رَصْدَ الظَّواهِرِ وَالمُشاهِداتِ وَاشْتِقاقَ القَوانينِ كَمَا ذَكَرْنَا. - 00:01:42
إذن، هَلْ يُمْكِنُ إِثْباتُ وُجودِ اللَّهِ رَصْدِيًّا؟ أَمَّا رَصْدُ ذاتِهِ سُبْحَانَهُ فَلا. - 00:01:48
حسنًا، في المُحَصِّلَةِ إِذَنْ، هَلْ يَعْنِي هذا أَنَّ العِلْمَ الرَصْدِيَّ التَّجْريبيَّ لا يَدُلُّ عَلَى اللَّهِ؟ - 00:01:55
الجَوابُ: بَلْ يَدُلُّ عَلَيهِ قَطْعًا، بِلا شَكٍّ وَلا رَيْبٍ، لا عَلَى ذاتِهِ فَحَسْبُ، بَلْ وَعَلَى صِفاتِهِ كَذَلِكَ. - 00:02:01
كَيْفَ؟! - 00:02:10
نَقولُ -يَا كِرام!-: أَثبَتْنَا في الحَلَقاتِ السّابِقَةِ أَنَّ السَّيَنْسْ (العِلْمُ الرَصْدِيُّ التَّجْريبيُّ) - 00:02:11
يَقومُ عَلَى مَنْظومَةٍ مِنْ أَرْبَعَةِ مَصادِرَ تُوَلِّدُ السَّيَنْسْ بِمَجْمُوعِهَا وَتَفاعُلِها فِيمَا بَينَها. - 00:02:17
فَالسَّيَنْسْ لَيسَ مَحْصُورًا في المُدْخَلَاتِ الحِسِّيَّةِ، - 00:02:24
الإِنسانُ لَيسَ مُجَرَّدَ كَامِيرَا تَلتَقِطُ صورَةً فَيُصْبِحُ اسْمُ الصّورَةِ سَيَنْسْ، - 00:02:26
أَوْ يُسَجِّلُ صَوْتًا فَيُصْبِحُ هذا التَّسْجيلُ سَيَنْسْ، الحِسُّ وَحْدَهُ -يَا كِرام- لا يَعْمَلُ شَيْئًا؛ - 00:02:33
فَاسْتِخْدامُ العَقْلِ وَالمُسَلَّماتِ وَأَخْبارِ البَاحِثِينَ الَّتِي دَلَّتْ الأَدِلَّةُ عَلَى صِدقِها - 00:02:39
جُزءٌ لا يَتجزَّأُ مِن تَعْريفِ العِلْمِ الرَصْدِيِّ التَّجْريبيِّ كَمَا بَيَّنَا بِالتَّفصِيلِ. - 00:02:45
والمَجلِسُ العِلْميُّ البَريطانيُّ حِينَ عَرَّفَ السَّيَنْسْ، بِمَا قَالَ إِنَّهُ أَوَّلُ تَعريفٍ رَسميٍّ، - 00:02:50
عَرَّفَهُ بِأَنَّهُ: مُتابَعَةُ المَعْرِفَةِ وَالفَهْمِ لِلْعَالَمِ الطَّبيعيِّ وَالاجتِماعيِّ، - 00:02:55
مِنْ خِلالِ اتِّباعِ مَنْهَجيَّةٍ مُنْتَظَمَةٍ مُسْتَنِدَةٍ إلى الدَّليلِ. - 00:03:01
مَعْرِفَةٌ، فَهْمٌ، مَنْهَجيَّةٌ، دَليلٌ، هَذِهِ كُلُّها مُصْطَلَحاتٌ تَشْتَمِلُ عَلَى اسْتِخْدامِ العَقْلِ، - 00:03:07
فَالسَّيَنْسْ (العِلْمُ الرَصْدِيُّ التَّجْريبيُّ) يَعْتَمِدُ عَلَى العَقْلِ، - 00:03:14
وَاسْمَحوا لِي هُنَا أَنْ أُعيدَ بِناءَ الرَّسْمِ، - 00:03:18
بِمَا يُبْرِزُ دَوْرَ العَقْلِ وَيُبَيِّنُ عَلاقَتَهُ بِمَصادِرِ العِلْمِ الأُخْرَى مِنْ جِهَةٍ وَبِالسَّيَنْسْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى. - 00:03:20
العَقْلُ يَنْطَلِقُ مِنْ مُسَلَّماتٍ (ضَروراتٍ عَقْليَّةٍ كالسَبَبيَّةِ)، - 00:03:28
وَمِن القَناعَةِ بِوُجُودِ انْتِظامٍ في الكَوْنِ، - 00:03:33
فَيَبْني عَلَى الأَخْبارِ العِلْميَّةِ لِلْبَاحِثِينَ، وَيُحَلِّلُ مُدْخَلاتِ الحِسِّ وَيَرْبِطُ فِيمَا بَيْنَها، - 00:03:36
وَيوَظِّفُ هذا كُلَّهُ لِإِنْتَاجِ السَّيَنْسْ. - 00:03:43
فَالْعَقْلُ لَهُ دَوْرٌ مَرْكَزيٌّ في هَذِهِ المَنْظومَةِ، - 00:03:46
وَالسَّيَنْسْ شَكْلٌ مِنْ أَشْكالِ العِلْمِ المُعْتَمِدَةِ عَلَى العَقْلِ. - 00:03:51
العِلْمُ لَيْسَ سَيَنْسْ فَقَطْ، - 00:03:56
هُنَاكَ أُمورٌ أُخْرَى يَتَّفِقُ العُقَلاءُ عَلَى أَنَّهَا مِنَ العِلْمِ، - 00:03:59
وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ داخِلَةً في تَعْريفِ السَّيَنْسْ. - 00:04:02
مِثْلَ: عِلْمِ الرِّيَاضِيَّاتِ، فَالرياضيّاتُ عِلْمٌ مُعْتَمِدٌ عَلَى العَقْلِ، وَلَيْسَ تَجْريبيًّا وَلا رَصْدِيًّا، - 00:04:06
بَلْ تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ كَثيرٌ مِنَ العُلُومِ التَّجْريبيَّةِ الرَصْدِيَّةِ. - 00:04:13
أَخْبارُ التّاريخِ المُتَضافِرَةُ مِنَ العِلْمِ - 00:04:17
كَوُجودِ حَضارَةِ الفَراعِنَةِ وَالفُرْسِ وَالرّومِ الَّذِينَ دَلَّتْ عَلَيْهِمْ آثارُهُمْ، - 00:04:20
وَتَضافُرُ أَخْبارِهِمْ وَمَلاحِمِهِم، - 00:04:25
وَاتِّفاقُ الكُتُبِ عَلَى جُزْئيّاتٍ مِنْ سيَرِهِمْ فَضْلًا عَنْ وُجودِهِمْ. - 00:04:27
فَالقَوْلُ بِوُجُودِ هَذِهِ الحَضَارَاتِ في المَاضِي عِلْمٌ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ في تَعْريفِ السَّيَنْسْ، - 00:04:32
بَلْ وَفي حَياتِكَ اليَوْميَّةِ تَعْلَمُ عِلْمًا يَقينيًّا بِوُجُودِ أَشْياءَ لَمْ تَرْصُدْها وَلَمْ تُجَرِّبْها، - 00:04:39
لَكِنْ تَضَافَرَتْ أَخْبارُ الآخَرِينَ عَنْهَا بِمَا لا يَدَعُ مَجَالًا لِلشَّكِّ في التَّزْويرِ أَوْ الخَطَأِ فِيهَا. - 00:04:45
فَالعِلْمُ دائِرَةٌ أَوْسَعُ، وَالسَّيَنْسْ شَكْلٌ مِنْ أَشْكَالِهِ، - 00:04:53
وَكُلُّ هَذِهِ الأَشْكَالِ مِنَ العِلْمِ مَبْنيَّةٌ عَلَى عَمَليّاتٍ عَقْليَّةٍ، - 00:04:57
فَالرياضيّاتُ عَقْليَّةٌ، وَقَبولُ الأَخْبارِ بِناءً عَلَى التَّحَقُّقِ مِنْ أَدِلَّتِها عَمَليَّةٌ عَقْليَّةٌ، - 00:05:02
وَالسَّيَنْسْ مَبْنيٌّ عَلَى عَمَليّاتٍ عَقْليَّةٍ، - 00:05:10
وَمَا خارِجَ دائِرَةِ العِلْمِ فَالجَهْلُ، وَالوَهْمُ، وَالظَّنُّ، وَالمَعْلومَةُ الخاطِئَةُ. - 00:05:14
حسنًا، هذا العَقْلُ الَّذِي هُوَ أَساسُ العِلْمِ، إِذَا أَعْمَلْناهُ في مُشاهَداتِ السَّيَنْسْ، إلى مَاذَا سَيُؤَدِّي؟ - 00:05:20
تَعالوا أُذَكِّرْكُمْ -يَا كِرام- بِمُشاهَداتٍ فَصَّلْنَا فِيهَا في الحَلَقاتِ الماضيَةِ، - 00:05:28
وَأَنَا هُنَا لَسْتُ بِصَدَدِ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِالتَّفْصِيلِ عَنْ هَذِهِ المُشاهَداتِ، - 00:05:34
فَقَدْ فَصَّلْنَا فِيهَا في حَلَقاتٍ كامِلَةٍ، وَإِنَّمَا نَشَدُّ خُيوطَها لنَسْتَدْعِيَها مِنْ ذاكِرَتِكُمْ، - 00:05:38
وَنَسْتَدْعِيَ مَعَهَا مَا بَسَطْناهُ مِنْ جَمالٍ وَرَوْعَةٍ وَإِحْكامٍ - 00:05:45
وَنُجيبَ السُّؤالَ الَّذِي كُنَّا نُثيرُهُ في كُلِّ مَرَّةٍ - 00:05:50
هَلْ هَذِهِ المُشاهَداتُ دالَّةٌ عَلَى العَبَثيَّةِ وَالعَدَميَّةِ وَالعَشْوائيَّةِ وَالعَمايَةِ وَالصُّدَفيَةِ؟ - 00:05:55
أَمْ عَلَى إِرادَةٍ وَعِلْمٍ وَحِكْمَةٍ وَتَقْديرٍ؟ - 00:06:02
طُولُ المادَّةِ الوِراثيَّةِ، الَّتِي إِذَا مُدَّتْ مِن جِسمِ إِنسانٍ واحِدٍ يَصِلُ إلى مِلْياراتِ الكِيلُومِتْرَاتِ، - 00:06:07
وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ نَشِطَةٌ تَتَعَرَّضُ لِلنَّسْخِ عَلَى مَدارِ السّاعَةِ. - 00:06:13
التَّشْفيرُ الوِراثيُّ، حَيْثُ تَحْتَوِي نَواةُ كُلِّ خَليَّةٍ عَلَى كَمٍّ هائِلٍ مِنَ المَعْلوماتيَّةِ - 00:06:17
الَّتِي تَتَحَوَّلُ إلى بُروتيناتٍ؛ يَعْنِي مادَّةٌ مَحْسوسَةٌ. - 00:06:22
تَصْنيعُ مِلْياراتِ أَشْكالِ البُروتيناتِ المُخْتَلِفَةِ في الإِنْسانِ، - 00:06:25
مِنْ ٢٠ إلى ٢٥ أَلف جِينٍ فَقَطْ بِفَضْلِ عَمَليّاتٍ كالقَطْعِ التَبادُليِّ وَتَعْديلاتِ مَا بَعْدَ التَّرْجَمَةِ. - 00:06:29
وُجودُ مِلْياراتِ الأَشْكَالِ مِنَ الكَائِنَاتِ الحَيَّةِ، - 00:06:36
كُلُّ كائِنٍ مِنْهَا مُحْكَمٌ مُتَناسِقٌ وَيَعْتَمِدُ بَعْضُها عَلَى بَعْضٍ، - 00:06:39
وَلَيْسَ بَيْنَها آثارٌ لِعَشْوائيَّةٍ عَمِيَّةٍ لاقَصْديَّةٍ. - 00:06:44
مُقاوَمَةُ البَكْتيرْيا للمُضَادَّاتِ الحَيَوِيَّةِ، - 00:06:47
عَنْ طَريقِ إِنْتاجِها لِبرُوتيناتٍ مُكَوَّنَةٍ مِنْ مِئاتِ الأَحْماضِ الأَمِينِيَّةِ المُرَتَّبَةِ بِدِقَّةٍ. - 00:06:50
مَا يَتَطَلَّبُهُ طُولُ عُنُقِ الزَّرافَةِ، - 00:06:56
مِنْ حَجْمٍ لِقَلْبِها وَسُمْكِ جُدْرانِهِ، وَصَماماتِ أَوْعيَتِها الدَّمَويَّةِ، - 00:06:58
وَالشَبَكَةِ الرّائِعَةِ (ريتي ميرابِلي "rete mirabile")، - 00:07:02
وغلظ جِلْدِ أَرْجُلِها، وَالتَشْفيرِ الوِراثيِّ المُنْتِجِ لِهَذا كُلِّهِ. - 00:07:04
التَّشابُهُ الكَبيرُ بَيْنَ الكَائِنَاتِ المَشيِميَّةِ وَالجِّرابيَّةِ، - 00:07:09
مَعَ الِاخْتِلافِ الكَبيرِ في تَشْفيرِها الوِراثيِّ. - 00:07:13
العَيْنُ وَتَرْكيبُها وَوَضْعُ شَبَكيَّتِها. - 00:07:15
البِطْريقُ وَتَرْكيبُ أَجْنِحَتِهِ وَغَيرُها... - 00:07:17
وَهَذِهِ أَمْثِلَةٌ قَليلَةٌ مِنْ عالَمِ الأَحْيَاءِ فَقَطْ، - 00:07:20
الَّذِي، كَمَا قُلْنَا، كُلُّ نُقْطَةٍ فِيه مَشْحونَةٌ بِأَمْثِلَةِ الإِتْقانِ وَالإِحْكامِ. - 00:07:24
هذا وَنَحْنُ لَمْ نَتَكَلَّمْ عَنِ الأَرْضِ وَطَبَقاتِها وَغِلافِها وَعَناصِرِها، وَالفَلَكِ وَالمَجَرّاتِ. - 00:07:29
أترى أَيَّ عَقْلٍ صَحيحٍ مُتَجَرِّدٍ مِن العَوائِقِ وَالمُؤَثِّراتِ النَّفْسيَّةِ، يَحْكُمُ بِأَنَّ هذا كُلَّهُ - 00:07:37
دَليلُ صُدْفَةٍ وَعَشْوائيَّةٍ وَعَمايَةٍ - 00:07:48
أَمْ بأنه دَليلُ عِلْمٍ وَحِكْمَةٍ وَقُدْرَةٍ وَتَقْديرٍ؟ - 00:07:52
هَلْ سَيَسْتَنْتِجُ العَقْلُ أَنَّ هذا كُلَّهُ عَمَلُ العَدَمِ (اللَّاشَيء)؟ أَمْ أَنَّهُ فِعْلُ فاعِلٍ؟ - 00:07:57
هذا الفاعِلُ المُتَّصِفُ بِمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ مُشاهَداتُ السَّيَنْسْ مِن عِلْمٍ وَحِكْمَةٍ وَقُدْرَةٍ وَعَظَمَةٍ - 00:08:04
هُوَ ما اسْمُهُ في المَنْظومَةِ الإِسْلاميَّةِ "اللَّهُ" -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-. - 00:08:11
فَنَحْنُ لا نَفْتَرِضُ وُجودَ اللَّهِ، - 00:08:15
بَلْ العَقْلُ الَّذِي استَخدَمناه في العِلْمِ الرَصْدِيِّ التَّجْريبيِّ - 00:08:18
هوَ ذاتُهُ الَّذِي يَسْتَدِلُّ بِهذا العِلْمِ، عَلَى شَكْلٍ آخَرٍ مِنَ العِلْمِ، عَلَى العِلْمِ بِالخَالِقِ وَصِفاتِهِ. - 00:08:21
إِذَا أَسْقَطْنا العَقْلَ سَقَطَ مَعَهُ السَّيَنْسْ، - 00:08:29
وَإِذَا اسْتَخْدَمْناه دَلَّنَا أَعْظَمَ مَا دَلَّنا عَلَى الخالِقِ وَصِفاتِهِ. - 00:08:32
فَإِمَّا أَنْ تَقْبَلَ بِالعَقْلِ وَمَا يَنْتُجُ عَنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تُسْقِطَهُ وَتُسْقِطَ مَا يَنْتُجُ عَنْهُ. - 00:08:37
فَالعَلَاقَةُ تَلازُميَّةٌ، وَلَيْسَ مَوْقِفًا عِلْمِيًّا وَلا عَقْلِيًّا - 00:08:43
أَنْ تَسْتَخْدِمَ العَقْلَ في إِنْتاجِ العِلْمِ الرَصْدِيِّ التَّجْريبيِّ، - 00:08:48
ثُمَّ تَمْنَعَ العَقْلَ مِنْ أَنْ يَسيرَ بِكَ خُطْوَةً إِضافيَّةً ليَسْتَدِلَّ لَكَ بِهذا العِلْمِ عَلَى الخالِقِ وَصِفاتِهِ - 00:08:51
هَذِهِ انْتِقائيَّةٌ لا مُبَرِّرَ لَهَا مِنْ عَقْلٍ أَوْ عِلْمٍ. - 00:08:59
لَسْتَ مُطالَبًا بأن تَسْتَدِلَ عَلَى اللَّهِ بِمَصْدَرٍ إِضَافِيٍّ لِلعِلْمِ لَمْ تَسْتَخْدِمْهُ في بِناءِ السَّيَنْسْ، - 00:09:05
بَلْ هُوَ ذاتُهُ عَقْلُكَ. - 00:09:12
كُلُّ المَطْلوبِ مِنْكَ - 00:09:14
هُوَ أَنْ لا تَحْجُرَ عَلَيْهِ أَنْ يَسيرَ خُطْوَةً إلى الأَمَامِ في اسْتِنْتاجِ وُجودِ الخالِقِ وَصِفاتِهِ. - 00:09:15
كُلُّ المَطْلوبِ مِنْكَ أَنْ لا تَكونَ مُنْغَلِقًا ضَيِّقَ الأُفُقِ. - 00:09:22
السَّيَنْسْ لَيْسَ صُوَرًا مُلْتَقَطَةً وَلا أَصْوَاتًا ولا أَرْقَامًا مُجَرَّدَةً، - 00:09:27
وَالإِنْسانُ لَيْسَ آلَةً صَمّاءَ تَلْتَقِطُ صورَةً، ثُمَّ لا عَقْلَ وَلا تَحْليلَ وَلا اسْتِنْتاجَ. - 00:09:31
السَّيَنْسْ عِلْمٌ، وَمَا دَامَ قُلْنَا كَلِمَةَ (عِلْمٍ)، فَهُنَاكَ عَمَليّاتٌ عَقْليَّةٌ، - 00:09:38
وَمَا دَامَ العقل دَخَلَ، فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَ بِوُجُودِ خالِقٍ. - 00:09:44
حسنًا، مَا الَّذِي فَعَلَتْهُ المادّيَّةُ تَحْدِيدًا؟ - 00:09:48
أَوَّلًا: مَنَعَت المادّيَّةُ العَقْلَ مِن أَنْ يَسْتَدِلَّ بِالسَّيَنْسْ عَلَى الخالِقِ وَصِفاتِهِ - 00:09:52
بِدَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ لا يَدْخُلُ في العِلْمِ المادّيِّ المَحْسوسِ، - 00:09:57
وَتَلَاعَبَتْ بِالأَلْفَاظِ فَجَعَلَت العِلْمَ مَحْصُورًا في السَّيَنْسْ، - 00:10:01
ثُمَّ عدَّتْ كُلَّ مَا خارِجَ السَّيَنْسْ: لاعِلْمَ: جَهْلًا، إِيمَانًا اعْتِباطيًّا، تَخاريفَ. - 00:10:07
وَبَعْدَ مَا حَصَرَتْ المادّيَّةُ العِلْمَ في السَّيَنْسْ، اسْتَخْدَمَتِ المُغالَطَةَ المُسَمّاةَ - 00:10:14
(بالإنجليزية) مغالطةَ التقسيمِ الخاطئِ إِمَّا السَّيَنْسْ -الَّذِي حُصِرَ فِيهِ العِلْمُ- وَإِمَّا الجَهْلُ - 00:10:19
فَإِذَا أَرَادَ العالِمُ أَنْ يَخْرُجَ عَنِ الحُدودِ الَّتِي افْتَعَلتْهَا المادّيَّةُ لِلسَّيَنْسْ، - 00:10:25
فَإِنَّ المادّيّينَ يَصِفُونَهُ بِأَنَّهُ بَدَأَ يَتْرُكُ التَّفْكيرَ العِلْميَّ وَيَنْتَقِلُ إلى العَوَاطِفِ وَالتَّخاريفِ... - 00:10:31
يَصِفُونَهُ بِأَنَّهُ (بالإنجليزية) لا عِلميٌّ، - 00:10:38
وَاسْتَثْنَت المادّيَّةُ مِنْ هَذِهِ القِسْمَةِ الثُّنائيَّةِ عُلُومًا تَعْتَرِفُ هِيَ بِهَا عَمَلِيًّا، - 00:10:42
مَعَ أَنَّهَا لا تَدْخُلُ في دائِرَةِ السَّيَنْسْ كالرِّيَاضِيَّاتِ وَالتّاريخِ الموَثَّقِ - 00:10:48
الَّذِي يَصوْغُ لَهُ المَادِّيُّونَ الوَثائِقيّاتِ وَيَهْتَمُّونَ بِهِ أَيَّما اهتِمامٍ. - 00:10:53
وَلَنَا أَنْ نَتَساءَلَ: مَا المُبَرِّرُ لِهَذِهِ الِانْتِقائيَّةِ؟ - 00:10:59
لِمَاذَا تَعامَلَتْ المادّيَّةُ مَعَ وُجودِ الخالِقِ وَصِفاتِهِ بِغَيْرِ مَا تَعامَلَتْ بِهِ مَعَ أُمورٍ أُخْرَى ثَبَتَتْ بِالعَقْلِ - 00:11:03
لا بِالسَّيَنْسْ كالرِّيَاضِيَّاتِ وَالتّاريخِ مَثَلًا؟ - 00:11:11
وَلَمّا ألَحَّ العَقْلُ وَالفِطْرَةُ بِالسُّؤَالِ عَن تَفسيرِ نَشْأَةِ الكَوْنِ وَالحَياةِ، - 00:11:15
وَتَفْسيرِ حالَةِ الإِتْقانِ وَالإِحْكامِ وَالاِنْتِظامِ، - 00:11:19
افْتَرَضَتِ المادّيَّةُ تَفْسيراتٍ كالتَّطَوُّرِ الصُّدَفي، وَكَوْنٍ أَوْجَدَ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ - 00:11:22
وَأكوانٍ لانِهائيَّةٍ، وَذَكاءِ المَيكْروباتِ، - 00:11:28
وَأَقحَمَتْ هَذِهِ التَّفْسيراتِ في دائِرَةِ السَّيَنْسْ، - 00:11:31
مع أَنَّهَا لا هِيَ حِسّيَّةٌ وَلا يَدُلُّ عَلَيْهَا العَقْلُ، بَلْ تُصادِمُهُ. - 00:11:35
فَلَيْسَتْ مِنَ العِلْمِ في شَيْءٍ وَلا تَقَعُ في دائِرَتِهِ، بَلْ هِيَ مِنَ الجَهْلِ وَالتَّخاريفِ، - 00:11:40
وَمَعَ ذَلِكَ جَعَلَت المادّيَّةُ هَذِهِ التَّفْسيراتِ بَديلَةً عَنْ وُجودِ الخالِقِ الَّذِي هُوَ عِلْمٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ العَقْلُ. - 00:11:46
هذا -إِخوانِي- عَدَا عَنْ مَا بَيَّنَّاهُ - 00:11:55
مِن أَنَّ المادّيَّةَ تُلغي كُلَّ مَصادِرِ العِلْمِ الَّتِي يَقومُ عَلَيهَا السَّيَنْسْ. - 00:11:58
لِذَلِكَ لا تعجبوا -إِخوانِي!- عِندَمَا أُصِرُّ عِندَ الِاختِصارِ عَلَى ذِكْرِ كَلِمَةِ سَيَنْسْ؛ - 00:12:04
فَإِمَّا أَنْ أَقولَ: العِلْمُ الرَصَدِيُّ التَّجْريبيُّ، أَو إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَختَصِرَ قُلت: السَّيَنْسْ وَلا أَقولُ العِلْمَ؛ - 00:12:10
فَإِنَّ بِدايَةَ الوُقوعِ في فَخِّ المادّيَّةِ هُوَ حَصْرُ العِلْمِ في (السَّيَنْسْ). - 00:12:18
عِنْدَمَا نَفْهَمُ أَنَّ مَدارَ الأَمْرِ عَلَى هَذِهِ المَنْظومَةِ وَمَرْكَزيَّةِ العَقْلِ فِيهَا؛ - 00:12:23
فَإِنَّنَا نُدْرِكُ أَنَّ الدَّلالَةَ عَلَى الخالِقِ عِلْمٌ... عِلْمٌ مَدْعومٌ بِالأَدِلَّةِ، وَمِنْهَا السَّيَنْسْ. - 00:12:28
فَالَّذِي يَسْتَنْتِجُ مِنَ السَّيَنْسْ وُجودَ الخالِقِ هُوَ شَخْصٌ رَفَضَ الحُدودَ الوَهْمِيَّةَ الَّتِي افتَعَلتْها المادّيَّةُ، - 00:12:36
وَأَطْلَقَ العِنانَ لِعَقْلِهِ أَنْ يَرْتَقِيَ بِهِ رُتْبَةً أَعْلَى في العِلْمِ، - 00:12:43
أَعْلَى مِنْ حَصْرِ النَّفْسِ في المَحْسوساتِ. - 00:12:48
فَالمَسْأَلَةُ لَيسَتْ (بالإنجليزية) قفزةً إيمانيّةً، إِيمَانًا غَيْرَ مَدْعومٍ بِالدَّلِيلِ، - 00:12:51
بَلْ (بالإنجليزية) قفزةٌ ذهنيّةٌ، عَمَليَّةٌ عَقْليَّةٌ عِلْميَّةٌ بُرْهانيَّةٌ استِدْلاليَّةٌ - 00:12:55
هذا وَنَحْنُ قَدْ بَيَّنَا لَكَ أَنَّ مَصادِرَ العِلْمِ أَصْلًا، وَمِنْهَا العِلْمُ الرَصْدِيُّ التَّجْريبيُّ، - 00:13:02
لا مَوْثوقيَّةَ لَهَا إِلَّا في مَنْهَجِ الإِيمَانِ بالخلق. - 00:13:08
وَلاحِظوا -يَا كِرام!- أَنَّنَا هُنَا نَتَكَلَّمُ عَن أَحَدِ أَدِلَّةِ وُجودِ اللَّهِ - 00:13:14
مَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّيَنْسْ تَحْدِيدًا وَهُوَ: دَليلُ الإِتْقانِ وَالإِحْكَامِ، - 00:13:18
وَإِلَّا فَقَدْ فَصَّلْنَا في دَليلِ الخَلْقِ وَالإيجادِ وَهُوَ دَليلٌ عَقْليٌّ، - 00:13:22
وَفَصَّلْنَا كَذَلِكَ سَابِقًا في الأَدِلَّةِ الفِطْريَّةِ عَلَى وُجودِ اللَّهِ. - 00:13:27
وَرَحِمَ اللَّهُ ابْنَ تَيْميَّةَ إِذْ قَالَ: "كُلَّمَا كَانَ النّاسُ إلى الشَّيْءِ أَحْوَجَ كَانَ الرَّبُّ بِهِ أَجْوَدَ". - 00:13:32
فَاَلْعِبادُ في أَشَدِّ الحاجَةِ إلى التَّعَرُّفِ عَلَى خالِقِهِمْ وَصِفاتِهِ؛ - 00:13:40
فَجَعَلَ الأَدِلَّةَ عَلَيْهِ في الآيَاتِ الكَوْنيَّةِ وَالعُقولِ وَالفِطَرِ. - 00:13:44
حسنًا، إِذَا كَانَ السَّيَنْسْ يَدُلُّ قَطْعًا عَلَى اللَّهِ وَصِفاتِهِ، - 00:13:50
فَلِمَاذَا لَمْ يُؤْمِنْ كَثيرٌ مِنْ عُلَماءِ السَّيَنْسْ؟ - 00:13:53
هَلْ كَمَا يَقُولُ أَحَدُهُمْ: - 00:13:57
[هوكينْجْ "Stephen Hawking" عالِمٌ فَذٌّ عالِمٌ اسْتِثْنائيٌّ، لَكِنَّهُ لَيْسَ فَيْلَسوفًا، - 00:13:59
أَنَا أَعْرِفُ مَاذَا أَقولُ، - 00:14:05
وَلَيْسَ لَاهوتيًّا عَظِيمًا. - 00:14:06
والعلم بحد ذاته -يا إخواني- يعني المجرد، - 00:14:09
(بالإنجليزية) العلمُ بالمجرّد يَعني، - 00:14:14
لا يُثْبِتُ وُجودَ اللَّهِ وَلا يَنفي وُجودَ اللَّهِ. - 00:14:16
تَعْرِفُونَ لِمَاذَا؟! لِأَنَّ العِلْمَ لَيْسَ الماورائيَّة - 00:14:18
العِلْمُ لا يَهْتَمُّ بِمَا وَراء الطَّبيعَةِ إِنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِهِ أَصْلًا، العِلْمُ يَهْتَمُّ بِعالَمِ الشَّهادَةِ فَقَطْ، - 00:14:21
وَلِذَلِكَ كُلُّ الحَقائِقِ العِلْميَّةِ يُمْكِنُ أَنْ تُسْتَخْدَمَ مُقَدِّماتٍ (بالإنجليزية) مُقدّماتٍ منطقيّةٍ يَعْني - 00:14:29
في قِيَاسَاتٍ -أَيُّهَا الإِخْوَةُ- في (بِالإِنْجِليزِيَّةِ) تَفْكيرٍ، في اسْتِدْلالاتٍ - 00:14:35
تُثْبِتُ ماذا؟ أَشْياءَ... وَرُبَّمَا تُثْبِتُ نَقائِضَها... - 00:14:40
حَسَبَ مَاذَا؟ حَسَبَ الفَلْسَفَةِ العِلْميَّةِ أَوْ اللّاهوتيَّةِ - 00:14:42
أَوْ المَوْقِفِ الماورائيِّ الَّذِي يَصْدُرُ عَنْهُ العالِمُ.] - 00:14:46
بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ قَصْدِ قائِلِ هذا الكَلامِ - 00:14:50
فَقَدْ يَفْهَمُ البَعْضُ هذا الكَلامَ وَكَأَنَّ المُشاهَداتِ العِلْميَّةَ بِحَدِّ ذَاتِهَا لا تَدُلُّ عَلَى شَيءٍ، حِياديَّةٌ - 00:14:53
وَإِنَّمَا تَتَشَكَّلُ وَتَتَقَوْلَبُ حَسَبَ فَلْسَفَةِ العالَمِ، - 00:14:59
لِأَنَّ الحَقيقَةَ العِلْميَّةَ نَفْسَها قابِلَةٌ لِتَفْسيراتٍ فَلْسَفيَّةٍ مُتَعَدِّدَةٍ، - 00:15:03
فَالمُؤْمِنُ يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى إيمانِهِ وَالمُلْحِدِ يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى إِلْحادِهِ، - 00:15:10
وَكَأَنَّ المُؤْمِنَ قَادَهُ عَقْلُهُ إلى وُجُودِ اللَّهِ بَيْنَمَا المُلْحِدُ قَادَهُ عَقْلُهُ إلى نَفْيِ وُجُودِ اللَّهِ. - 00:15:14
فَنَقُولُ -إِخوانِي: لا يُمْكِنُ لِلْعَقْلِ أَنْ يَقودَ إلى الشَّيءِ وَنَقيضِهِ، - 00:15:22
لا يُمْكِنُ لِلْعَقْلِ أَنْ يَحْكُمَ بِالشَّيءِ وَضِدِّهِ - 00:15:28
أَنْ يَحْكُمَ بِأَنَّ هذا الكَوْنَ أَثَرٌ عَنْ حِكْمَةٍ وَعِلْمٍ وَعَظَمَةٍ، - 00:15:31
وَأَنْ يَحْكُمَ العقل فِي الوَقْتِ ذاتِهِ أَنَّ الكَوْنَ عَمَلُ عَشْوائيَّةٍ وَصُدَفِيَّةٍ وَعَمايَةٍ. - 00:15:37
فَالَّذِي يَصِلُ لِنَفْيِ الخالِقِ لا تُسَمَّى فَلْسَفَتُهُ عِلْميَّةً - 00:15:43
وَلَيْسَ العَقْلُ هُوَ الَّذِي أَوْصَلَهُ لِهَذِهِ النَّتيجَةِ، - 00:15:48
بَلْ هَذِهِ النَّتيجَةُ تُلْغي العَقْلَ. - 00:15:52
حسنًا، هَؤُلَاءِ العُلَماءُ الظّاهِرُ أَنَّهُمْ عُقَلاءُ، لَيْسُوا بِمَجانينَ، بَلْ وَأَذْكياءُ. - 00:15:54
فَمَا الَّذِي أَوْصَلَهُمْ إلى مَا وَصَلوا إِلَيْهِ؟! - 00:16:01
مَا الَّذِي عَطَّلَ عَمَلَ عُقولِهِمْ أَنْ تَصِلَ بِهِم إلى الخالِقِ وَصِفاتِهِ؟ - 00:16:04
أَسْبابٌ كَثيرَةٌ أَثْبَتْناها في الحَلَقاتِ الماضيَةِ: - 00:16:09
عُقَدٌ نَفْسيَّةٌ مِنْ سُلوكِ الكَنيسَةِ، الوُقوعُ في الثُّنائيَّةِ المَشْؤومَةِ - 00:16:12
إِمَّا دِينٌ مُحَرَّفٌ وإما مادِّيَّةٌ وَإِلْحادٌ، - 00:16:17
دُونَ البَحْثِ عَن مَنْظومَةٍ دينيَّةٍ تُخاطِبُ العَقْلَ وَالفِطْرَةَ. - 00:16:20
الكِبْرُ وَالغُرورُ وَإيثارُ الدُّنْيَا - 00:16:24
الخَوْفُ مِنْ سَطْوَةِ العصابة الداروينيّة أَوْ الطَّمَعُ في إِغْراءاتِهِ كَمَا بَيِّنَا - 00:16:26
وُقوعٌ في المُغالَطاتِ المَنْطِقيَّةِ وَالحِيَلِ النَّفْسيَّةِ كالـ ١٥ مُغالَطَةً وَحيلَةً الَّتِي أَثْبَتْناها عَلَيْهِمْ - 00:16:30
أَنْ يَكونَ الشَّخْصُ عالِمًا فِي مَجالِهِ لا يَعْنِي بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ مُحايِدٌ وَلا أَنَّهُ أَمينٌ - 00:16:38
وَلا يَعْنِينَا أَنْ نُحَلِّلَ أَسْبابَ إِلْحادِ مَنْ أَلْحَدَ - 00:16:44
المُهِمُّ أَلّا نُؤَجِّرَ عُقولَنا لِأَحَدٍ انْبِهارًا بِأَلْقابِهِ وَإِنْجَازَاتِهِ - 00:16:47
وَأَنْ نَعْلَمَ أَنَّ اسْتِدْلالَهُمْ بِمُشاهَداتِ السَّيَنْسْ عَلَى إِلْحادِهِمْ - 00:16:53
لا يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ المُشاهَداتِ قابِلَةٌ في ذَاتِهَا لِهَذا الِاسْتِخْدامِ، وَلا أَنَّهَا مُحايِدَةٌ، - 00:16:57
بَلْ هِيَ تَدُلُّ العاقِلُ الَّذِي تَجَرَّدَ عَنِ المَوَانِعِ تَدُلُّهُ قَطْعًا عَلَى الخالِقِ وَصِفاتِهِ. - 00:17:04
لِذَا فَقَدْ كَانَ عَمَلُنا فِي رِحْلَةِ اليَقينِ أَنْ نُبَيِّنَ لَكُمْ الحَقائِقَ العِلْميَّةَ مُجَرَّدَةً واضِحَةً - 00:17:11
كَيْ لا تُؤَجِّرَ عَقْلَك لَنَا وَلا لِلْمُلْحَدِينَ، وَلا تُقَلِّدَنا وَلا تُقَلِّدَهُمْ - 00:17:17
بَلْ تَرَكْنا الحُكْمَ لِعُقولِكُمْ. - 00:17:23
هَلْ تَدُلُّ هَذِهِ الحَقائِقُ وَالمُشاهَداتُ الطَّبيعيَّةُ عَلَى عَشْوائيَّةٍ وَصُدَفِيَّةٍ وَعَمايَةٍ وَعَدَميَّةٍ؟ - 00:17:25
أَمْ عَلَى خَلْقِ قَيُّومٍ حَكيمٍ قَدِيرٍ عَليمٍ عَظيمٍ؟ - 00:17:32
شَرَحْنا لَكَ مَا قَامَتْ بِهِ بَكْتِيرْيا إيشريش إيكولاي "Escherichia Coli" - 00:17:38
مِنْ عَمَليَّةِ نَسْخِها لِلْجِينِ الَّذِي تَحْتَاجُهُ، - 00:17:41
وَوَضْعِ النُّسْخَةِ في المَكانِ المُناسِبِ مِنْ مادَّتِها الوِراثيَّةِ، - 00:17:44
لِتَتَمَكَّنَ مِن التِقاطِ وَهَضْمِ السّيتْرات ْ "Citrate" - 00:17:47
فِي خُطُواتٍ شَديدَةِ الدِّقَّةِ أَشْبَهَ بِالهَنْدَسَةِ الوِراثيَّةِ. - 00:17:49
شَرَحْنَا لَكَ كَيْفَ عَكَسُوا دَلالَتَها تَمَامًا وَجَعَلُوهَا مِثَالًا عَلَى عَشْوائيَّةٍ مُفيدَةٍ، - 00:17:54
وَكَيْفَ جَعَلُوا أَمْثِلَةَ عَظَمَةِ الخَلْقِ في شَبَكِيَّةِ العَيْنِ وَأَجْنِحَةِ البِطْريقِ وَعِظامِ الحُوتِ الخَلْفيَّةِ - 00:18:00
أَمْثِلَةً عَلَى أَخْطاء في التَّصْميمِ وَأَعْضاء بِلا فائِدَةٍ - 00:18:07
وَكَيْفَ رَدُّوا عَلَى كُلِّ مَا في الخَليَّةِ مِن رَوْعَةٍ وَإِتْقانٍ - 00:18:11
بِأَنَّهُ لَعَلَّ كَائِنَاتٍ فَضائيَّةً بَذَرَتْ بَذْرَةَ الحَياةِ عَلَى الأَرْضِ، - 00:18:14
وَالمُغالَطاتِ المَنْطِقيَّةَ وَالتَّزْوِيرَ الَّذِي يَسْتَخْدِمُونَهُ في هذا كُلِّهِ؛ - 00:18:19
فَهَلْ سُلوكُهُمْ هذا يُثْبِتُ أَنَّ هَذِهِ الحَقائِقَ العِلْميَّةَ قابِلَةٌ لِتَفْسيراتٍ مُخْتَلِفَةٍ؟ - 00:18:23
أَمْ هذا كُلُّهُ يُثْبِتُ أَنَّهُ وَكَمَا قالَ اللَّهُ تَعالَى: - 00:18:30
﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [القرآن 101:10] - 00:18:35
سَتَقُولُ لِي: أَنْتَ تَسْتَدِلُ بِآياتٍ قُرْآنِيَّةٍ، افْتَرِضْ أَنِّي لا أومن بِالقُرآنِ. - 00:18:43
فَأَقولُ لَكَ: بَلْ أَسْتَشْهِدُ لَكَ بِالوَاقِعِ عَلَى صِدْقِ القُرْآنِ، أَسْتَشْهِدُ لَكَ بِالوَاقِعِ عَلَى صِدْقِ القُرْآنِ. - 00:18:48
جَلَّيْتُ لَكَ في الحَلَقاتِ الماضيَةِ الحَقائِقَ العِلْميَّةَ لِنَقُولَ لَكَ: - 00:18:55
أما وَقَدْ رَأَيْتَ رَوْعَةَ هَذِهِ المُشاهَداتِ، - 00:19:00
فَما الوَصْفُ لِمَنْ يَتَّخِذُها دَلالَةً عَلَى إِنْكارِ الخالِقِ إِلَّا مَا وَصَفَهُ بِهِ القُرْآنُ إِذْ قالَ: - 00:19:02
﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ﴾ [القرآن 49:29] - 00:19:09
فَالوَاقِعُ يَشْهَدُ لِصِدْقِ آياتِ القُرْآنِ في وَصْفِ هَؤلاءِ - 00:19:12
وَبِقَدْرِ مَا تَفْهَمُ الحَقائِقَ العِلْمِيَّةَ تُدْرِكُ صِدْقَ وَصْفِ القُرْآنِ لِمَنْ أَنْكَرَها بِأَنَّهُ كافِرٌ - 00:19:16
يَعْنِي غَطَّى عَلَى الحَقائقِ. - 00:19:22
وَضَّحْنا لَكَ الحَقائِقَ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ مَنْ يُنْكِرُ دَلالَتَها عَلَى الخالِقِ، - 00:19:24
بَلْ وَيَتَّخِذُها دَلِيلًا عَلَى إِلْحادِهِ، عَلِمْتَ أَنَّهُ كَذَّابٌ وَخائِنٌ لِأَمانَةِ العِلْمِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: - 00:19:29
﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ﴾ [القرآن 32:31] - 00:19:36
أي غَدّارٍ جاحِدٍ لِلنِّعْمَةِ. - 00:19:40
فَتَنْهَضُ هِمَّتُكَ أَنْ لا تَتْرُكَ العِلْمَ الطَّبيعيَّ لِهَؤُلَاءِ، بَلْ تَتَعَلَّمُهُ لِتَكُونَ أَمِينًا عَلَيْهِ. - 00:19:43
بَعْدَ هذا الخِطابِ إلى عُمُومِ النّاسِ بِالأَدِلَّةِ العَقْليَّةِ - 00:19:49
نَتَوَجَّهُ خِتامًا لِلْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَعَلَّهُمْ أَصَابَتْهُمْ لَوْثَةُ أَنَّ العِلْمَ الطَّبيعيَّ مُحايِدٌ، - 00:19:52
بِمَعْنَى أَنَّهُ لا يَدُلُّ عَلَى وُجودِ اللَّهِ وَلا يَنْفِي وُجودَ اللَّهِ، - 00:19:58
وَهُمْ في الوَقْتِ ذاتِهِ لا يُدْرِكُونَ حَجْمَ تَعارُضِ ظَنِّهِمْ هذا مَعَ القُرْآنِ الَّذِي بِهِ يُؤْمِنُونَ - 00:20:02
فَنَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ أَكْثَرَ مَا أَحَالَ عَلَيْهِ القُرْآنُ في البَرْهَنَةِ وَالتَّدْليلِ عَلَى حَقائِقِ الإِيمَانِ - 00:20:09
هُوَ المُشاهَداتُ الكَوْنيَّةُ الظّاهِرَةُ وَهذا سَيَنْسْ، عِلْمٌ رَصْدِيٌّ. - 00:20:16
العِلْمُ الرَصْدِيُّ الحَديثُ هُوَ دُخولٌ في تَفاصيلِ هَذِهِ المُشاهَداتِ الظّاهِرَةِ - 00:20:21
بِمَا يَكْشِفُ المَزيدَ مِنْ جَمالِها وَرَوْعَتِها وَإِبْهارِها. - 00:20:26
فَإِذَا قُلْتَ: مُشاهَداتُ العِلْمِ الحَديثِ لا تَدُلُّ عَلَى الخالِقِ، فَمَعْنَى ذَلِكَ: - 00:20:30
﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾ [القرآن 17:88] - 00:20:35
لا تَدُلُّ عَلَى شَيءٍ، - 00:20:38
وَكُلُّ مَا يَقُولُهُ القُرْآنُ فِيهِ مِنَ المُشاهَداتِ: "إِنَّ في ذَلِكَ لَآياتٍ..." لَيْسَ بِآياتٍ. - 00:20:39
تَأَمَّلْ مَثَلًا خَواتيمَ الآياتِ في سورَةِ الرّومِ بَعْدَ الحَديثِ عَنْ مُشاهَداتٍ عِلْميَّةٍ في الأَنْفُسِ وَالآفاقِ: - 00:20:46
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [القرآن 21:30] - 00:20:53
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾ [القرآن 22:30] - 00:20:57
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [القرآن 24:30] - 00:21:00
دَلالَةُ المُشاهَداتِ العِلْميَّةِ الظّاهِرَةِ وَالتَّفْصيليَّةِ الَّتِي فَصَّلَها العِلْمُ الطَّبيعيُّ، - 00:21:03
دَلالَتُها عَلَى الخالِقِ هِيَ كُبْرَى الحَقائِقِ الكَوْنيَّةِ وَأُوْلَى البَديهيّاتِ وَالضَّروراتِ العَقْليَّةِ، - 00:21:08
وَالقُرْآنُ يَسْتَدِلُّ بِالمُشاهَداتِ الكَوْنيَّةِ لا عَلَى وُجودِ الخالِقِ فَحَسْبُ، - 00:21:14
بَلْ وَعَلَى وَحْدانيِّتِهِ مِنَ انْتِظامِ مَلَكوتِهِ، - 00:21:20
وَعَلَى عَظَمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَقَيّوميَّتِهِ، وَقُدْرَتِهِ عَلَى البَعْثِ وَالنُشورِ. - 00:21:23
الِاسْتِدْلالُ هُوَ عَلَى هَذِهِ الأَشْياءِ وَهُوَ اسْتِدْلالٌ قَطْعيٌّ، - 00:21:29
فَتَصَوَّرْ حين يَجْعَلُ واحِد المُشاهَداتِ العِلْميَّةَ غير دالَّةٍ حَتَّى عَلَى وُجودِ الخالِقِ ذاتِهِ... - 00:21:33
تَصَوَّرْ ضَياعَ وَضَلالَ مَنْ يَقُولُ: "لا تُدْخِلوا الإِيمَانَ في السَّيَنْسْ!" - 00:21:41
أَنْتَ يا أَخِي مَأْمورٌ شَرْعًا أَنْ تَتَأَمَّلَ السَّيَنْسْ الرَصْدِي -آياتِ اللَّهِ الكَوْنيَّةِ- لِتُقَوّيَ إيمانَكَ، - 00:21:46
وَيَجِبُ عَلَيْكَ بصفتك مُسْلِمًا أَنْ لا تَنْجَرَّ إلى التَّأْطِيرِ الَّذِي فَصَلَ بَيْنَها وَبَيْنَ اللَّهِ، - 00:21:53
وَأَلَّا تَحْجُرَ عَقْلَكَ عِنْدَ الحُدودِ الوَهْميَّةِ الَّتِي وَضَعَتْهَا المادّيَّةُ - 00:21:59
فَتُحْرَمَ مِنَ الِانْتِفاعِ بِآياتِ اللَّهِ الكَوْنيَّةِ - 00:22:03
وَكَذَلِكَ مِنْ آياتِ القُرْآنِ الَّتِي تُحيلُكَ إلَى الِانْتِفاعِ بِهَذِهِ الآياتِ الكَوْنيَّةِ، - 00:22:06
بَلْ لَعَلَّ مِنْ تَمامِ عَدْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ أَنَّهُ كُلَّمَا تَقَدَّمَ الزَّمانُ وَابْتَعَدَ النّاسُ عَنْ عَهْدِ النُّبوَّةِ - 00:22:11
تَضَاعَفَتْ هَذِهِ الأَدِلَّةُ العِلْميَّةُ لِتَكُونَ حُجَجًا جَديدَةً عَلَيْنَا، - 00:22:18
حَظِيْنَا بِهَا نَحْنُ وَلَمْ يَحْظَ بِهَا الأَوَّلُونَ الَّذِينَ شَاهَدُوا النَّبيَّ أَوْ كَانُوا قَريبي عَهْدٍ بِهِ. - 00:22:23
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ﴾ [القرآن 149:6] - 00:22:29
فَالمُشْكِلَةُ لَيْسَتْ نَقْصًا في الحُجَجِ وَالبَيِّناتِ، بَلْ هِيَ مُقْنِعَةٌ مُخْضِعَةٌ لِسَليمِ العَقْلِ، سَليمِ القَلْبِ. - 00:22:33
لِذَلِكَ إِذَا رَأَيْنا أَنَّ كَثِيرًا مِنْ عُلَماءِ الطَّبيعَةِ مادِّيّونَ - 00:22:40
فلا يَنْبَغِي أَنْ يُشَكِّكَنا هذا في قوَّةِ الأَدِلَّةِ الَّتِي أَقَامَهَا اللَّهُ تَعَالَى. - 00:22:43
هَؤُلَاءِ بَعْضُهُمْ عُلَماءُ أَذْكياءُ في مَجالاتِهِمْ، لَكِنْ هذا لا عَلاقَةَ لَهُ بِالسَّلَامَةِ القَلْبيَّةِ - 00:22:48
وَالَّتِي إِذَا انْعَدَمَتْ تَعَطَّلَتْ مَعَهَا قُدْرَةُ هذا العالِمِ عَلَى الِاسْتِفادَةِ مِنْ قُدُرَاتِهِ العَقْليَّةِ، - 00:22:54
وَأَصْبَحَ يَسْتَثْني تَمَامًا الِاعْتِرافَ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ بَدِيلًا عَنْ ذَلِكَ بِنَظَرِياتٍ غايَةٍ في التَّفاهَةِ، - 00:23:00
﴿فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ - 00:23:07
إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ [القرآن 26:46] - 00:23:12
مَنْ يَجْحَدُونَ الخالِقَ فَهُمْ حَسْبَ الوَصْفِ القُرْآنيِّ لا يَعْقِلُونَ - 00:23:16
حَتَّى وَإِنْ أَعْمَلوا عُقولَهُمْ في السَّيَنْسْ وَبَرَعوا فِيهِ؛ - 00:23:19
فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ لِأَنَّهُمْ عَطَّلوا عُقولَهُمْ عَنِ الِانْتِفاعِ بِالسَّيَنْسْ - 00:23:23
وَالِاسْتِدْلالِ بِهِ عَلَى العِلْمِ الأَعْظَمِ بِوُجُودِ الخالِقِ وَصِفاتِهِ. - 00:23:28
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: - 00:23:32
﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ - 00:23:33
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [القرآن 7:26-8] - 00:23:44
هذا عِلْمٌ رَصْدِيٌّ، وَالعُلُومُ الرَصْدِيَّةُ الحَديثَةُ كَشَفَتْ لَنَا مَزِيدًا مِنْ تَفاصيلِهِ وَرَوْعَتِهِ. - 00:23:52
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً... إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً... تَوْكيدٌ تِلْوَ تَوْكيدٍ... إِنَّ... لَآيَةً... - 00:23:59
إِذَنْ السَّيَنْسْ فِيهِ دَلالَةٌ بِلَا شَكٍّ. - 00:24:07
حسنًا، أَيْنَ المُشْكِلَةُ إِذَنْ؟ تُتابِعُ الآيَةَ: - 00:24:10
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [القرآن 26 :7-8] - 00:24:14
لَيْسَ عِنْدَهُمْ اسْتِعْدادٌ لِلإِيمَانِ. - 00:24:19
إِذَا قِيلَ لواحِدٍ أَعْمَى: مَا رَأْيُكَ بِهَذا المَنْظَرِ الطَّبيعيِّ الجَميلِ؟ - 00:24:22
فَقَالَ لَكَ: لا أرى الجَمالَ الَّذِي تَتَكَلَّمونَ عَنْهُ. - 00:24:25
فَهَلْ هذا لِمُشْكِلَةٍ في المَنْظَرِ أَمْ لِمُشْكِلَةٍ في الأَعْمَى؟ - 00:24:29
هَلْ نَقولُ: الأمر فِعْلًا نِسْبيٌّ، - 00:24:34
فَالمَنْظَرُ الطَّبيعيُّ مَوْجودٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُبْصِرِ وَجَميلٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُبْصِرِ، - 00:24:37
لَكِنَّهُ غَيْرُ مَوْجودٍ وَلا جَميل بِالنِّسْبَةِ لِلأَعْمَى؟ - 00:24:41
لا، بَلْ هُوَ مَوْجودٌ يَقِينًا وَجَميلٌ يَقِينًا، لَكِنَّ المُشْكِلَةَ فِيمَنْ لا يَرَاهُ وَلا يُدْرِكُ جَمالَهُ - 00:24:44
فَلا عَجَبَ أَنْ يُكْثِرَ القُرْآنُ مِنْ وَصْفِ هَؤُلَاءِ بِالعَمَى وَأَنْ يَكونَ عَماهُمْ عَمَى القُلوبِ وَالبَصائِرِ، - 00:24:52
فَإِنَّ أَعْمَى البَصَرِ قَدْ يَجْبُرُ فَقْدَ بَصَرِهِ بِسَمْعِهِ وَعَقْلِهِ وَفِطْرَتِهِ وَيُؤْجَرُ عَلَى صَبْرِهِ، أَمَّا هَؤُلَاءِ: - 00:24:57
﴿فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ - 00:25:05
إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ [القرآن 26:46] - 00:25:10
خِتامًا، إِذَا قِيلَ لَنَا: هَلْ السَّيَنْسْ يَدُلُّ عَلَى وُجودِ اللَّهِ؟ - 00:25:13
فَالجَوَابُ: لا يَدُلُّ السَّيَنْسْ الإِنْسانَ العاقِلَ عَلَى شَيْءٍ كَمَا يَدُلُّهُ عَلَى وُجودِ اللَّهِ وَصِفاتِ اللَّهِ. - 00:25:18
فَإِنَّ أَفْرادَ السَّيَنْسْ وَمُشاهَداتِهِ المُتَنَوِّعَةِ يَدُلُّ كُلٌّ مِنْهَا عَلَى جُزْئيّاتٍ مِنَ الحَقائِقِ مُتَفَرِّقَةً، - 00:25:26
وَتَدُلُّ كُلُّها مُجْتَمِعَةً عَلَى خالِقٍ عَظيمٍ حَكيمٍ قَيُّومٍ عَليمٍ أَحْسَنَ كُلَّ شَيءٍ خَلَقَهُ، - 00:25:34
﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚإِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾ [القرآن 88:27] - 00:25:43
وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحمَةُ اللَّهِ. - 00:25:49
التفريغ
السَّلامُ عليكُم ورَحمَةُ اللَّهِ - 00:00:10
هل العِلْمُ لا يَدُلُّ عَلَى وُجودِ اللَّهِ وَلا يَنفِي وُجودَ اللَّهِ؟ - 00:00:12
[-لا تستطيع أن تقول إن هناك (بالإنجليزية) إلهًا -أصلًا - (بالإنجليزية) علميًّا رصديًّا - 00:00:17
من ناحية العلوم التي بنيناها نحن البشر - 00:00:22
طوال الـ ٤٠٠ أو الـ ٥٠٠ سنة الماضية - 00:00:27
أو حتى ما قبلها، والتي تقوم على التجارب، وتقوم على الحاجات التي سبق وأن رأيناها. - 00:00:29
بناء على هذا، لا نقدر أن نثبت وجود الله.] - 00:00:35
[والعلم بحد ذاته -يا إخواني- يعني المجرد، - 00:00:37
العلم الذي يعني العلم التجريبي (بالإنجليزية) العلم الرصدي التجريبي المجرّد - 00:00:40
لا يُثْبِتُ وُجودَ اللَّهِ وَلا يَنفي وُجودَ اللَّهِ.] - 00:00:45
تَعالوا نَتَناوَلْ المَوْضوعَ بِدِقَّةٍ... - 00:00:48
السَّيَنْسْ "science" هُوَ العِلْمُ الرَصْدِيُّ التَّجْريبيُّ - 00:00:50
الرَّصْدُ يَشْتَمِلُ عَلَى دِراسَةِ الظَّواهِرِ، - 00:00:52
رَصْدِ آلِيَّاتِها، سَبْرِ عالَمِ الخَليَّةِ وَعالَمِ الذَّرَّةِ إلى الكَواكِبِ وَالمَجَرّاتِ، وَاستِكشافِ القَوانينِ. - 00:00:55
وَالتَّجْرِيبُ يَشْتَمِلُ عَلَى صِياغَةِ الفَرَضِيَّاتِ، وَإِجْراءِ التَّجارِبِ وِفْقَ مَنْهَجيّاتٍ عِلْميَّةٍ. - 00:01:02
لِذَلِكَ عِندَما نَقولُ: (سَيَنْسْ) في هذه الحلقةِ، فَنَحنُ نَعنِي النَّوعَينِ: التَّجْريبيَّ وَالرَّصْدِيَّ، - 00:01:09
مَعَ التَّرْكيزِ عَلَى الرَصْدي الَّذِي هُوَ أَصْلُ التَّجْرِيبِ. - 00:01:16
فَأَنْتَ تَرْصُدُ الظَّواهِرَ وَالعَلاقاتِ، فَتَصوغُ عَلَى أَسَاسِهَا الفَرَضِيَّاتِ، وَتُجَرِّبُ لِتَتَحَقَّقَ مِنْهَا. - 00:01:19
إذن، هَلْ العِلْمُ الرَصْدِيُّ التَّجْريبيُّ بِهذا التَّعْريفِ يُثْبِتُ أَوْ يَنْفِي وُجودَ اللَّهِ؟ - 00:01:26
بِدايَةً، هَلْ يُمْكِنُ إِثْباتُ وُجودِ اللَّهِ تَجْريبيًّا؟ - 00:01:33
الجَوابُ لا، لَكِنَّ التَّجْرِيبَ لَيسَ كُلَّ شَيءٍ في السَّيَنْسْ. - 00:01:37
فَالسَّيَنْسْ يَشْمَلُ رَصْدَ الظَّواهِرِ وَالمُشاهِداتِ وَاشْتِقاقَ القَوانينِ كَمَا ذَكَرْنَا. - 00:01:42
إذن، هَلْ يُمْكِنُ إِثْباتُ وُجودِ اللَّهِ رَصْدِيًّا؟ أَمَّا رَصْدُ ذاتِهِ سُبْحَانَهُ فَلا. - 00:01:48
حسنًا، في المُحَصِّلَةِ إِذَنْ، هَلْ يَعْنِي هذا أَنَّ العِلْمَ الرَصْدِيَّ التَّجْريبيَّ لا يَدُلُّ عَلَى اللَّهِ؟ - 00:01:55
الجَوابُ: بَلْ يَدُلُّ عَلَيهِ قَطْعًا، بِلا شَكٍّ وَلا رَيْبٍ، لا عَلَى ذاتِهِ فَحَسْبُ، بَلْ وَعَلَى صِفاتِهِ كَذَلِكَ. - 00:02:01
كَيْفَ؟! - 00:02:10
نَقولُ -يَا كِرام!-: أَثبَتْنَا في الحَلَقاتِ السّابِقَةِ أَنَّ السَّيَنْسْ (العِلْمُ الرَصْدِيُّ التَّجْريبيُّ) - 00:02:11
يَقومُ عَلَى مَنْظومَةٍ مِنْ أَرْبَعَةِ مَصادِرَ تُوَلِّدُ السَّيَنْسْ بِمَجْمُوعِهَا وَتَفاعُلِها فِيمَا بَينَها. - 00:02:17
فَالسَّيَنْسْ لَيسَ مَحْصُورًا في المُدْخَلَاتِ الحِسِّيَّةِ، - 00:02:24
الإِنسانُ لَيسَ مُجَرَّدَ كَامِيرَا تَلتَقِطُ صورَةً فَيُصْبِحُ اسْمُ الصّورَةِ سَيَنْسْ، - 00:02:26
أَوْ يُسَجِّلُ صَوْتًا فَيُصْبِحُ هذا التَّسْجيلُ سَيَنْسْ، الحِسُّ وَحْدَهُ -يَا كِرام- لا يَعْمَلُ شَيْئًا؛ - 00:02:33
فَاسْتِخْدامُ العَقْلِ وَالمُسَلَّماتِ وَأَخْبارِ البَاحِثِينَ الَّتِي دَلَّتْ الأَدِلَّةُ عَلَى صِدقِها - 00:02:39
جُزءٌ لا يَتجزَّأُ مِن تَعْريفِ العِلْمِ الرَصْدِيِّ التَّجْريبيِّ كَمَا بَيَّنَا بِالتَّفصِيلِ. - 00:02:45
والمَجلِسُ العِلْميُّ البَريطانيُّ حِينَ عَرَّفَ السَّيَنْسْ، بِمَا قَالَ إِنَّهُ أَوَّلُ تَعريفٍ رَسميٍّ، - 00:02:50
عَرَّفَهُ بِأَنَّهُ: مُتابَعَةُ المَعْرِفَةِ وَالفَهْمِ لِلْعَالَمِ الطَّبيعيِّ وَالاجتِماعيِّ، - 00:02:55
مِنْ خِلالِ اتِّباعِ مَنْهَجيَّةٍ مُنْتَظَمَةٍ مُسْتَنِدَةٍ إلى الدَّليلِ. - 00:03:01
مَعْرِفَةٌ، فَهْمٌ، مَنْهَجيَّةٌ، دَليلٌ، هَذِهِ كُلُّها مُصْطَلَحاتٌ تَشْتَمِلُ عَلَى اسْتِخْدامِ العَقْلِ، - 00:03:07
فَالسَّيَنْسْ (العِلْمُ الرَصْدِيُّ التَّجْريبيُّ) يَعْتَمِدُ عَلَى العَقْلِ، - 00:03:14
وَاسْمَحوا لِي هُنَا أَنْ أُعيدَ بِناءَ الرَّسْمِ، - 00:03:18
بِمَا يُبْرِزُ دَوْرَ العَقْلِ وَيُبَيِّنُ عَلاقَتَهُ بِمَصادِرِ العِلْمِ الأُخْرَى مِنْ جِهَةٍ وَبِالسَّيَنْسْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى. - 00:03:20
العَقْلُ يَنْطَلِقُ مِنْ مُسَلَّماتٍ (ضَروراتٍ عَقْليَّةٍ كالسَبَبيَّةِ)، - 00:03:28
وَمِن القَناعَةِ بِوُجُودِ انْتِظامٍ في الكَوْنِ، - 00:03:33
فَيَبْني عَلَى الأَخْبارِ العِلْميَّةِ لِلْبَاحِثِينَ، وَيُحَلِّلُ مُدْخَلاتِ الحِسِّ وَيَرْبِطُ فِيمَا بَيْنَها، - 00:03:36
وَيوَظِّفُ هذا كُلَّهُ لِإِنْتَاجِ السَّيَنْسْ. - 00:03:43
فَالْعَقْلُ لَهُ دَوْرٌ مَرْكَزيٌّ في هَذِهِ المَنْظومَةِ، - 00:03:46
وَالسَّيَنْسْ شَكْلٌ مِنْ أَشْكالِ العِلْمِ المُعْتَمِدَةِ عَلَى العَقْلِ. - 00:03:51
العِلْمُ لَيْسَ سَيَنْسْ فَقَطْ، - 00:03:56
هُنَاكَ أُمورٌ أُخْرَى يَتَّفِقُ العُقَلاءُ عَلَى أَنَّهَا مِنَ العِلْمِ، - 00:03:59
وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ داخِلَةً في تَعْريفِ السَّيَنْسْ. - 00:04:02
مِثْلَ: عِلْمِ الرِّيَاضِيَّاتِ، فَالرياضيّاتُ عِلْمٌ مُعْتَمِدٌ عَلَى العَقْلِ، وَلَيْسَ تَجْريبيًّا وَلا رَصْدِيًّا، - 00:04:06
بَلْ تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ كَثيرٌ مِنَ العُلُومِ التَّجْريبيَّةِ الرَصْدِيَّةِ. - 00:04:13
أَخْبارُ التّاريخِ المُتَضافِرَةُ مِنَ العِلْمِ - 00:04:17
كَوُجودِ حَضارَةِ الفَراعِنَةِ وَالفُرْسِ وَالرّومِ الَّذِينَ دَلَّتْ عَلَيْهِمْ آثارُهُمْ، - 00:04:20
وَتَضافُرُ أَخْبارِهِمْ وَمَلاحِمِهِم، - 00:04:25
وَاتِّفاقُ الكُتُبِ عَلَى جُزْئيّاتٍ مِنْ سيَرِهِمْ فَضْلًا عَنْ وُجودِهِمْ. - 00:04:27
فَالقَوْلُ بِوُجُودِ هَذِهِ الحَضَارَاتِ في المَاضِي عِلْمٌ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ في تَعْريفِ السَّيَنْسْ، - 00:04:32
بَلْ وَفي حَياتِكَ اليَوْميَّةِ تَعْلَمُ عِلْمًا يَقينيًّا بِوُجُودِ أَشْياءَ لَمْ تَرْصُدْها وَلَمْ تُجَرِّبْها، - 00:04:39
لَكِنْ تَضَافَرَتْ أَخْبارُ الآخَرِينَ عَنْهَا بِمَا لا يَدَعُ مَجَالًا لِلشَّكِّ في التَّزْويرِ أَوْ الخَطَأِ فِيهَا. - 00:04:45
فَالعِلْمُ دائِرَةٌ أَوْسَعُ، وَالسَّيَنْسْ شَكْلٌ مِنْ أَشْكَالِهِ، - 00:04:53
وَكُلُّ هَذِهِ الأَشْكَالِ مِنَ العِلْمِ مَبْنيَّةٌ عَلَى عَمَليّاتٍ عَقْليَّةٍ، - 00:04:57
فَالرياضيّاتُ عَقْليَّةٌ، وَقَبولُ الأَخْبارِ بِناءً عَلَى التَّحَقُّقِ مِنْ أَدِلَّتِها عَمَليَّةٌ عَقْليَّةٌ، - 00:05:02
وَالسَّيَنْسْ مَبْنيٌّ عَلَى عَمَليّاتٍ عَقْليَّةٍ، - 00:05:10
وَمَا خارِجَ دائِرَةِ العِلْمِ فَالجَهْلُ، وَالوَهْمُ، وَالظَّنُّ، وَالمَعْلومَةُ الخاطِئَةُ. - 00:05:14
حسنًا، هذا العَقْلُ الَّذِي هُوَ أَساسُ العِلْمِ، إِذَا أَعْمَلْناهُ في مُشاهَداتِ السَّيَنْسْ، إلى مَاذَا سَيُؤَدِّي؟ - 00:05:20
تَعالوا أُذَكِّرْكُمْ -يَا كِرام- بِمُشاهَداتٍ فَصَّلْنَا فِيهَا في الحَلَقاتِ الماضيَةِ، - 00:05:28
وَأَنَا هُنَا لَسْتُ بِصَدَدِ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِالتَّفْصِيلِ عَنْ هَذِهِ المُشاهَداتِ، - 00:05:34
فَقَدْ فَصَّلْنَا فِيهَا في حَلَقاتٍ كامِلَةٍ، وَإِنَّمَا نَشَدُّ خُيوطَها لنَسْتَدْعِيَها مِنْ ذاكِرَتِكُمْ، - 00:05:38
وَنَسْتَدْعِيَ مَعَهَا مَا بَسَطْناهُ مِنْ جَمالٍ وَرَوْعَةٍ وَإِحْكامٍ - 00:05:45
وَنُجيبَ السُّؤالَ الَّذِي كُنَّا نُثيرُهُ في كُلِّ مَرَّةٍ - 00:05:50
هَلْ هَذِهِ المُشاهَداتُ دالَّةٌ عَلَى العَبَثيَّةِ وَالعَدَميَّةِ وَالعَشْوائيَّةِ وَالعَمايَةِ وَالصُّدَفيَةِ؟ - 00:05:55
أَمْ عَلَى إِرادَةٍ وَعِلْمٍ وَحِكْمَةٍ وَتَقْديرٍ؟ - 00:06:02
طُولُ المادَّةِ الوِراثيَّةِ، الَّتِي إِذَا مُدَّتْ مِن جِسمِ إِنسانٍ واحِدٍ يَصِلُ إلى مِلْياراتِ الكِيلُومِتْرَاتِ، - 00:06:07
وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ نَشِطَةٌ تَتَعَرَّضُ لِلنَّسْخِ عَلَى مَدارِ السّاعَةِ. - 00:06:13
التَّشْفيرُ الوِراثيُّ، حَيْثُ تَحْتَوِي نَواةُ كُلِّ خَليَّةٍ عَلَى كَمٍّ هائِلٍ مِنَ المَعْلوماتيَّةِ - 00:06:17
الَّتِي تَتَحَوَّلُ إلى بُروتيناتٍ؛ يَعْنِي مادَّةٌ مَحْسوسَةٌ. - 00:06:22
تَصْنيعُ مِلْياراتِ أَشْكالِ البُروتيناتِ المُخْتَلِفَةِ في الإِنْسانِ، - 00:06:25
مِنْ ٢٠ إلى ٢٥ أَلف جِينٍ فَقَطْ بِفَضْلِ عَمَليّاتٍ كالقَطْعِ التَبادُليِّ وَتَعْديلاتِ مَا بَعْدَ التَّرْجَمَةِ. - 00:06:29
وُجودُ مِلْياراتِ الأَشْكَالِ مِنَ الكَائِنَاتِ الحَيَّةِ، - 00:06:36
كُلُّ كائِنٍ مِنْهَا مُحْكَمٌ مُتَناسِقٌ وَيَعْتَمِدُ بَعْضُها عَلَى بَعْضٍ، - 00:06:39
وَلَيْسَ بَيْنَها آثارٌ لِعَشْوائيَّةٍ عَمِيَّةٍ لاقَصْديَّةٍ. - 00:06:44
مُقاوَمَةُ البَكْتيرْيا للمُضَادَّاتِ الحَيَوِيَّةِ، - 00:06:47
عَنْ طَريقِ إِنْتاجِها لِبرُوتيناتٍ مُكَوَّنَةٍ مِنْ مِئاتِ الأَحْماضِ الأَمِينِيَّةِ المُرَتَّبَةِ بِدِقَّةٍ. - 00:06:50
مَا يَتَطَلَّبُهُ طُولُ عُنُقِ الزَّرافَةِ، - 00:06:56
مِنْ حَجْمٍ لِقَلْبِها وَسُمْكِ جُدْرانِهِ، وَصَماماتِ أَوْعيَتِها الدَّمَويَّةِ، - 00:06:58
وَالشَبَكَةِ الرّائِعَةِ (ريتي ميرابِلي "rete mirabile")، - 00:07:02
وغلظ جِلْدِ أَرْجُلِها، وَالتَشْفيرِ الوِراثيِّ المُنْتِجِ لِهَذا كُلِّهِ. - 00:07:04
التَّشابُهُ الكَبيرُ بَيْنَ الكَائِنَاتِ المَشيِميَّةِ وَالجِّرابيَّةِ، - 00:07:09
مَعَ الِاخْتِلافِ الكَبيرِ في تَشْفيرِها الوِراثيِّ. - 00:07:13
العَيْنُ وَتَرْكيبُها وَوَضْعُ شَبَكيَّتِها. - 00:07:15
البِطْريقُ وَتَرْكيبُ أَجْنِحَتِهِ وَغَيرُها... - 00:07:17
وَهَذِهِ أَمْثِلَةٌ قَليلَةٌ مِنْ عالَمِ الأَحْيَاءِ فَقَطْ، - 00:07:20
الَّذِي، كَمَا قُلْنَا، كُلُّ نُقْطَةٍ فِيه مَشْحونَةٌ بِأَمْثِلَةِ الإِتْقانِ وَالإِحْكامِ. - 00:07:24
هذا وَنَحْنُ لَمْ نَتَكَلَّمْ عَنِ الأَرْضِ وَطَبَقاتِها وَغِلافِها وَعَناصِرِها، وَالفَلَكِ وَالمَجَرّاتِ. - 00:07:29
أترى أَيَّ عَقْلٍ صَحيحٍ مُتَجَرِّدٍ مِن العَوائِقِ وَالمُؤَثِّراتِ النَّفْسيَّةِ، يَحْكُمُ بِأَنَّ هذا كُلَّهُ - 00:07:37
دَليلُ صُدْفَةٍ وَعَشْوائيَّةٍ وَعَمايَةٍ - 00:07:48
أَمْ بأنه دَليلُ عِلْمٍ وَحِكْمَةٍ وَقُدْرَةٍ وَتَقْديرٍ؟ - 00:07:52
هَلْ سَيَسْتَنْتِجُ العَقْلُ أَنَّ هذا كُلَّهُ عَمَلُ العَدَمِ (اللَّاشَيء)؟ أَمْ أَنَّهُ فِعْلُ فاعِلٍ؟ - 00:07:57
هذا الفاعِلُ المُتَّصِفُ بِمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ مُشاهَداتُ السَّيَنْسْ مِن عِلْمٍ وَحِكْمَةٍ وَقُدْرَةٍ وَعَظَمَةٍ - 00:08:04
هُوَ ما اسْمُهُ في المَنْظومَةِ الإِسْلاميَّةِ "اللَّهُ" -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-. - 00:08:11
فَنَحْنُ لا نَفْتَرِضُ وُجودَ اللَّهِ، - 00:08:15
بَلْ العَقْلُ الَّذِي استَخدَمناه في العِلْمِ الرَصْدِيِّ التَّجْريبيِّ - 00:08:18
هوَ ذاتُهُ الَّذِي يَسْتَدِلُّ بِهذا العِلْمِ، عَلَى شَكْلٍ آخَرٍ مِنَ العِلْمِ، عَلَى العِلْمِ بِالخَالِقِ وَصِفاتِهِ. - 00:08:21
إِذَا أَسْقَطْنا العَقْلَ سَقَطَ مَعَهُ السَّيَنْسْ، - 00:08:29
وَإِذَا اسْتَخْدَمْناه دَلَّنَا أَعْظَمَ مَا دَلَّنا عَلَى الخالِقِ وَصِفاتِهِ. - 00:08:32
فَإِمَّا أَنْ تَقْبَلَ بِالعَقْلِ وَمَا يَنْتُجُ عَنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تُسْقِطَهُ وَتُسْقِطَ مَا يَنْتُجُ عَنْهُ. - 00:08:37
فَالعَلَاقَةُ تَلازُميَّةٌ، وَلَيْسَ مَوْقِفًا عِلْمِيًّا وَلا عَقْلِيًّا - 00:08:43
أَنْ تَسْتَخْدِمَ العَقْلَ في إِنْتاجِ العِلْمِ الرَصْدِيِّ التَّجْريبيِّ، - 00:08:48
ثُمَّ تَمْنَعَ العَقْلَ مِنْ أَنْ يَسيرَ بِكَ خُطْوَةً إِضافيَّةً ليَسْتَدِلَّ لَكَ بِهذا العِلْمِ عَلَى الخالِقِ وَصِفاتِهِ - 00:08:51
هَذِهِ انْتِقائيَّةٌ لا مُبَرِّرَ لَهَا مِنْ عَقْلٍ أَوْ عِلْمٍ. - 00:08:59
لَسْتَ مُطالَبًا بأن تَسْتَدِلَ عَلَى اللَّهِ بِمَصْدَرٍ إِضَافِيٍّ لِلعِلْمِ لَمْ تَسْتَخْدِمْهُ في بِناءِ السَّيَنْسْ، - 00:09:05
بَلْ هُوَ ذاتُهُ عَقْلُكَ. - 00:09:12
كُلُّ المَطْلوبِ مِنْكَ - 00:09:14
هُوَ أَنْ لا تَحْجُرَ عَلَيْهِ أَنْ يَسيرَ خُطْوَةً إلى الأَمَامِ في اسْتِنْتاجِ وُجودِ الخالِقِ وَصِفاتِهِ. - 00:09:15
كُلُّ المَطْلوبِ مِنْكَ أَنْ لا تَكونَ مُنْغَلِقًا ضَيِّقَ الأُفُقِ. - 00:09:22
السَّيَنْسْ لَيْسَ صُوَرًا مُلْتَقَطَةً وَلا أَصْوَاتًا ولا أَرْقَامًا مُجَرَّدَةً، - 00:09:27
وَالإِنْسانُ لَيْسَ آلَةً صَمّاءَ تَلْتَقِطُ صورَةً، ثُمَّ لا عَقْلَ وَلا تَحْليلَ وَلا اسْتِنْتاجَ. - 00:09:31
السَّيَنْسْ عِلْمٌ، وَمَا دَامَ قُلْنَا كَلِمَةَ (عِلْمٍ)، فَهُنَاكَ عَمَليّاتٌ عَقْليَّةٌ، - 00:09:38
وَمَا دَامَ العقل دَخَلَ، فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَ بِوُجُودِ خالِقٍ. - 00:09:44
حسنًا، مَا الَّذِي فَعَلَتْهُ المادّيَّةُ تَحْدِيدًا؟ - 00:09:48
أَوَّلًا: مَنَعَت المادّيَّةُ العَقْلَ مِن أَنْ يَسْتَدِلَّ بِالسَّيَنْسْ عَلَى الخالِقِ وَصِفاتِهِ - 00:09:52
بِدَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ لا يَدْخُلُ في العِلْمِ المادّيِّ المَحْسوسِ، - 00:09:57
وَتَلَاعَبَتْ بِالأَلْفَاظِ فَجَعَلَت العِلْمَ مَحْصُورًا في السَّيَنْسْ، - 00:10:01
ثُمَّ عدَّتْ كُلَّ مَا خارِجَ السَّيَنْسْ: لاعِلْمَ: جَهْلًا، إِيمَانًا اعْتِباطيًّا، تَخاريفَ. - 00:10:07
وَبَعْدَ مَا حَصَرَتْ المادّيَّةُ العِلْمَ في السَّيَنْسْ، اسْتَخْدَمَتِ المُغالَطَةَ المُسَمّاةَ - 00:10:14
(بالإنجليزية) مغالطةَ التقسيمِ الخاطئِ إِمَّا السَّيَنْسْ -الَّذِي حُصِرَ فِيهِ العِلْمُ- وَإِمَّا الجَهْلُ - 00:10:19
فَإِذَا أَرَادَ العالِمُ أَنْ يَخْرُجَ عَنِ الحُدودِ الَّتِي افْتَعَلتْهَا المادّيَّةُ لِلسَّيَنْسْ، - 00:10:25
فَإِنَّ المادّيّينَ يَصِفُونَهُ بِأَنَّهُ بَدَأَ يَتْرُكُ التَّفْكيرَ العِلْميَّ وَيَنْتَقِلُ إلى العَوَاطِفِ وَالتَّخاريفِ... - 00:10:31
يَصِفُونَهُ بِأَنَّهُ (بالإنجليزية) لا عِلميٌّ، - 00:10:38
وَاسْتَثْنَت المادّيَّةُ مِنْ هَذِهِ القِسْمَةِ الثُّنائيَّةِ عُلُومًا تَعْتَرِفُ هِيَ بِهَا عَمَلِيًّا، - 00:10:42
مَعَ أَنَّهَا لا تَدْخُلُ في دائِرَةِ السَّيَنْسْ كالرِّيَاضِيَّاتِ وَالتّاريخِ الموَثَّقِ - 00:10:48
الَّذِي يَصوْغُ لَهُ المَادِّيُّونَ الوَثائِقيّاتِ وَيَهْتَمُّونَ بِهِ أَيَّما اهتِمامٍ. - 00:10:53
وَلَنَا أَنْ نَتَساءَلَ: مَا المُبَرِّرُ لِهَذِهِ الِانْتِقائيَّةِ؟ - 00:10:59
لِمَاذَا تَعامَلَتْ المادّيَّةُ مَعَ وُجودِ الخالِقِ وَصِفاتِهِ بِغَيْرِ مَا تَعامَلَتْ بِهِ مَعَ أُمورٍ أُخْرَى ثَبَتَتْ بِالعَقْلِ - 00:11:03
لا بِالسَّيَنْسْ كالرِّيَاضِيَّاتِ وَالتّاريخِ مَثَلًا؟ - 00:11:11
وَلَمّا ألَحَّ العَقْلُ وَالفِطْرَةُ بِالسُّؤَالِ عَن تَفسيرِ نَشْأَةِ الكَوْنِ وَالحَياةِ، - 00:11:15
وَتَفْسيرِ حالَةِ الإِتْقانِ وَالإِحْكامِ وَالاِنْتِظامِ، - 00:11:19
افْتَرَضَتِ المادّيَّةُ تَفْسيراتٍ كالتَّطَوُّرِ الصُّدَفي، وَكَوْنٍ أَوْجَدَ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ - 00:11:22
وَأكوانٍ لانِهائيَّةٍ، وَذَكاءِ المَيكْروباتِ، - 00:11:28
وَأَقحَمَتْ هَذِهِ التَّفْسيراتِ في دائِرَةِ السَّيَنْسْ، - 00:11:31
مع أَنَّهَا لا هِيَ حِسّيَّةٌ وَلا يَدُلُّ عَلَيْهَا العَقْلُ، بَلْ تُصادِمُهُ. - 00:11:35
فَلَيْسَتْ مِنَ العِلْمِ في شَيْءٍ وَلا تَقَعُ في دائِرَتِهِ، بَلْ هِيَ مِنَ الجَهْلِ وَالتَّخاريفِ، - 00:11:40
وَمَعَ ذَلِكَ جَعَلَت المادّيَّةُ هَذِهِ التَّفْسيراتِ بَديلَةً عَنْ وُجودِ الخالِقِ الَّذِي هُوَ عِلْمٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ العَقْلُ. - 00:11:46
هذا -إِخوانِي- عَدَا عَنْ مَا بَيَّنَّاهُ - 00:11:55
مِن أَنَّ المادّيَّةَ تُلغي كُلَّ مَصادِرِ العِلْمِ الَّتِي يَقومُ عَلَيهَا السَّيَنْسْ. - 00:11:58
لِذَلِكَ لا تعجبوا -إِخوانِي!- عِندَمَا أُصِرُّ عِندَ الِاختِصارِ عَلَى ذِكْرِ كَلِمَةِ سَيَنْسْ؛ - 00:12:04
فَإِمَّا أَنْ أَقولَ: العِلْمُ الرَصَدِيُّ التَّجْريبيُّ، أَو إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَختَصِرَ قُلت: السَّيَنْسْ وَلا أَقولُ العِلْمَ؛ - 00:12:10
فَإِنَّ بِدايَةَ الوُقوعِ في فَخِّ المادّيَّةِ هُوَ حَصْرُ العِلْمِ في (السَّيَنْسْ). - 00:12:18
عِنْدَمَا نَفْهَمُ أَنَّ مَدارَ الأَمْرِ عَلَى هَذِهِ المَنْظومَةِ وَمَرْكَزيَّةِ العَقْلِ فِيهَا؛ - 00:12:23
فَإِنَّنَا نُدْرِكُ أَنَّ الدَّلالَةَ عَلَى الخالِقِ عِلْمٌ... عِلْمٌ مَدْعومٌ بِالأَدِلَّةِ، وَمِنْهَا السَّيَنْسْ. - 00:12:28
فَالَّذِي يَسْتَنْتِجُ مِنَ السَّيَنْسْ وُجودَ الخالِقِ هُوَ شَخْصٌ رَفَضَ الحُدودَ الوَهْمِيَّةَ الَّتِي افتَعَلتْها المادّيَّةُ، - 00:12:36
وَأَطْلَقَ العِنانَ لِعَقْلِهِ أَنْ يَرْتَقِيَ بِهِ رُتْبَةً أَعْلَى في العِلْمِ، - 00:12:43
أَعْلَى مِنْ حَصْرِ النَّفْسِ في المَحْسوساتِ. - 00:12:48
فَالمَسْأَلَةُ لَيسَتْ (بالإنجليزية) قفزةً إيمانيّةً، إِيمَانًا غَيْرَ مَدْعومٍ بِالدَّلِيلِ، - 00:12:51
بَلْ (بالإنجليزية) قفزةٌ ذهنيّةٌ، عَمَليَّةٌ عَقْليَّةٌ عِلْميَّةٌ بُرْهانيَّةٌ استِدْلاليَّةٌ - 00:12:55
هذا وَنَحْنُ قَدْ بَيَّنَا لَكَ أَنَّ مَصادِرَ العِلْمِ أَصْلًا، وَمِنْهَا العِلْمُ الرَصْدِيُّ التَّجْريبيُّ، - 00:13:02
لا مَوْثوقيَّةَ لَهَا إِلَّا في مَنْهَجِ الإِيمَانِ بالخلق. - 00:13:08
وَلاحِظوا -يَا كِرام!- أَنَّنَا هُنَا نَتَكَلَّمُ عَن أَحَدِ أَدِلَّةِ وُجودِ اللَّهِ - 00:13:14
مَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّيَنْسْ تَحْدِيدًا وَهُوَ: دَليلُ الإِتْقانِ وَالإِحْكَامِ، - 00:13:18
وَإِلَّا فَقَدْ فَصَّلْنَا في دَليلِ الخَلْقِ وَالإيجادِ وَهُوَ دَليلٌ عَقْليٌّ، - 00:13:22
وَفَصَّلْنَا كَذَلِكَ سَابِقًا في الأَدِلَّةِ الفِطْريَّةِ عَلَى وُجودِ اللَّهِ. - 00:13:27
وَرَحِمَ اللَّهُ ابْنَ تَيْميَّةَ إِذْ قَالَ: "كُلَّمَا كَانَ النّاسُ إلى الشَّيْءِ أَحْوَجَ كَانَ الرَّبُّ بِهِ أَجْوَدَ". - 00:13:32
فَاَلْعِبادُ في أَشَدِّ الحاجَةِ إلى التَّعَرُّفِ عَلَى خالِقِهِمْ وَصِفاتِهِ؛ - 00:13:40
فَجَعَلَ الأَدِلَّةَ عَلَيْهِ في الآيَاتِ الكَوْنيَّةِ وَالعُقولِ وَالفِطَرِ. - 00:13:44
حسنًا، إِذَا كَانَ السَّيَنْسْ يَدُلُّ قَطْعًا عَلَى اللَّهِ وَصِفاتِهِ، - 00:13:50
فَلِمَاذَا لَمْ يُؤْمِنْ كَثيرٌ مِنْ عُلَماءِ السَّيَنْسْ؟ - 00:13:53
هَلْ كَمَا يَقُولُ أَحَدُهُمْ: - 00:13:57
[هوكينْجْ "Stephen Hawking" عالِمٌ فَذٌّ عالِمٌ اسْتِثْنائيٌّ، لَكِنَّهُ لَيْسَ فَيْلَسوفًا، - 00:13:59
أَنَا أَعْرِفُ مَاذَا أَقولُ، - 00:14:05
وَلَيْسَ لَاهوتيًّا عَظِيمًا. - 00:14:06
والعلم بحد ذاته -يا إخواني- يعني المجرد، - 00:14:09
(بالإنجليزية) العلمُ بالمجرّد يَعني، - 00:14:14
لا يُثْبِتُ وُجودَ اللَّهِ وَلا يَنفي وُجودَ اللَّهِ. - 00:14:16
تَعْرِفُونَ لِمَاذَا؟! لِأَنَّ العِلْمَ لَيْسَ الماورائيَّة - 00:14:18
العِلْمُ لا يَهْتَمُّ بِمَا وَراء الطَّبيعَةِ إِنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِهِ أَصْلًا، العِلْمُ يَهْتَمُّ بِعالَمِ الشَّهادَةِ فَقَطْ، - 00:14:21
وَلِذَلِكَ كُلُّ الحَقائِقِ العِلْميَّةِ يُمْكِنُ أَنْ تُسْتَخْدَمَ مُقَدِّماتٍ (بالإنجليزية) مُقدّماتٍ منطقيّةٍ يَعْني - 00:14:29
في قِيَاسَاتٍ -أَيُّهَا الإِخْوَةُ- في (بِالإِنْجِليزِيَّةِ) تَفْكيرٍ، في اسْتِدْلالاتٍ - 00:14:35
تُثْبِتُ ماذا؟ أَشْياءَ... وَرُبَّمَا تُثْبِتُ نَقائِضَها... - 00:14:40
حَسَبَ مَاذَا؟ حَسَبَ الفَلْسَفَةِ العِلْميَّةِ أَوْ اللّاهوتيَّةِ - 00:14:42
أَوْ المَوْقِفِ الماورائيِّ الَّذِي يَصْدُرُ عَنْهُ العالِمُ.] - 00:14:46
بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ قَصْدِ قائِلِ هذا الكَلامِ - 00:14:50
فَقَدْ يَفْهَمُ البَعْضُ هذا الكَلامَ وَكَأَنَّ المُشاهَداتِ العِلْميَّةَ بِحَدِّ ذَاتِهَا لا تَدُلُّ عَلَى شَيءٍ، حِياديَّةٌ - 00:14:53
وَإِنَّمَا تَتَشَكَّلُ وَتَتَقَوْلَبُ حَسَبَ فَلْسَفَةِ العالَمِ، - 00:14:59
لِأَنَّ الحَقيقَةَ العِلْميَّةَ نَفْسَها قابِلَةٌ لِتَفْسيراتٍ فَلْسَفيَّةٍ مُتَعَدِّدَةٍ، - 00:15:03
فَالمُؤْمِنُ يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى إيمانِهِ وَالمُلْحِدِ يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى إِلْحادِهِ، - 00:15:10
وَكَأَنَّ المُؤْمِنَ قَادَهُ عَقْلُهُ إلى وُجُودِ اللَّهِ بَيْنَمَا المُلْحِدُ قَادَهُ عَقْلُهُ إلى نَفْيِ وُجُودِ اللَّهِ. - 00:15:14
فَنَقُولُ -إِخوانِي: لا يُمْكِنُ لِلْعَقْلِ أَنْ يَقودَ إلى الشَّيءِ وَنَقيضِهِ، - 00:15:22
لا يُمْكِنُ لِلْعَقْلِ أَنْ يَحْكُمَ بِالشَّيءِ وَضِدِّهِ - 00:15:28
أَنْ يَحْكُمَ بِأَنَّ هذا الكَوْنَ أَثَرٌ عَنْ حِكْمَةٍ وَعِلْمٍ وَعَظَمَةٍ، - 00:15:31
وَأَنْ يَحْكُمَ العقل فِي الوَقْتِ ذاتِهِ أَنَّ الكَوْنَ عَمَلُ عَشْوائيَّةٍ وَصُدَفِيَّةٍ وَعَمايَةٍ. - 00:15:37
فَالَّذِي يَصِلُ لِنَفْيِ الخالِقِ لا تُسَمَّى فَلْسَفَتُهُ عِلْميَّةً - 00:15:43
وَلَيْسَ العَقْلُ هُوَ الَّذِي أَوْصَلَهُ لِهَذِهِ النَّتيجَةِ، - 00:15:48
بَلْ هَذِهِ النَّتيجَةُ تُلْغي العَقْلَ. - 00:15:52
حسنًا، هَؤُلَاءِ العُلَماءُ الظّاهِرُ أَنَّهُمْ عُقَلاءُ، لَيْسُوا بِمَجانينَ، بَلْ وَأَذْكياءُ. - 00:15:54
فَمَا الَّذِي أَوْصَلَهُمْ إلى مَا وَصَلوا إِلَيْهِ؟! - 00:16:01
مَا الَّذِي عَطَّلَ عَمَلَ عُقولِهِمْ أَنْ تَصِلَ بِهِم إلى الخالِقِ وَصِفاتِهِ؟ - 00:16:04
أَسْبابٌ كَثيرَةٌ أَثْبَتْناها في الحَلَقاتِ الماضيَةِ: - 00:16:09
عُقَدٌ نَفْسيَّةٌ مِنْ سُلوكِ الكَنيسَةِ، الوُقوعُ في الثُّنائيَّةِ المَشْؤومَةِ - 00:16:12
إِمَّا دِينٌ مُحَرَّفٌ وإما مادِّيَّةٌ وَإِلْحادٌ، - 00:16:17
دُونَ البَحْثِ عَن مَنْظومَةٍ دينيَّةٍ تُخاطِبُ العَقْلَ وَالفِطْرَةَ. - 00:16:20
الكِبْرُ وَالغُرورُ وَإيثارُ الدُّنْيَا - 00:16:24
الخَوْفُ مِنْ سَطْوَةِ العصابة الداروينيّة أَوْ الطَّمَعُ في إِغْراءاتِهِ كَمَا بَيِّنَا - 00:16:26
وُقوعٌ في المُغالَطاتِ المَنْطِقيَّةِ وَالحِيَلِ النَّفْسيَّةِ كالـ ١٥ مُغالَطَةً وَحيلَةً الَّتِي أَثْبَتْناها عَلَيْهِمْ - 00:16:30
أَنْ يَكونَ الشَّخْصُ عالِمًا فِي مَجالِهِ لا يَعْنِي بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ مُحايِدٌ وَلا أَنَّهُ أَمينٌ - 00:16:38
وَلا يَعْنِينَا أَنْ نُحَلِّلَ أَسْبابَ إِلْحادِ مَنْ أَلْحَدَ - 00:16:44
المُهِمُّ أَلّا نُؤَجِّرَ عُقولَنا لِأَحَدٍ انْبِهارًا بِأَلْقابِهِ وَإِنْجَازَاتِهِ - 00:16:47
وَأَنْ نَعْلَمَ أَنَّ اسْتِدْلالَهُمْ بِمُشاهَداتِ السَّيَنْسْ عَلَى إِلْحادِهِمْ - 00:16:53
لا يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ المُشاهَداتِ قابِلَةٌ في ذَاتِهَا لِهَذا الِاسْتِخْدامِ، وَلا أَنَّهَا مُحايِدَةٌ، - 00:16:57
بَلْ هِيَ تَدُلُّ العاقِلُ الَّذِي تَجَرَّدَ عَنِ المَوَانِعِ تَدُلُّهُ قَطْعًا عَلَى الخالِقِ وَصِفاتِهِ. - 00:17:04
لِذَا فَقَدْ كَانَ عَمَلُنا فِي رِحْلَةِ اليَقينِ أَنْ نُبَيِّنَ لَكُمْ الحَقائِقَ العِلْميَّةَ مُجَرَّدَةً واضِحَةً - 00:17:11
كَيْ لا تُؤَجِّرَ عَقْلَك لَنَا وَلا لِلْمُلْحَدِينَ، وَلا تُقَلِّدَنا وَلا تُقَلِّدَهُمْ - 00:17:17
بَلْ تَرَكْنا الحُكْمَ لِعُقولِكُمْ. - 00:17:23
هَلْ تَدُلُّ هَذِهِ الحَقائِقُ وَالمُشاهَداتُ الطَّبيعيَّةُ عَلَى عَشْوائيَّةٍ وَصُدَفِيَّةٍ وَعَمايَةٍ وَعَدَميَّةٍ؟ - 00:17:25
أَمْ عَلَى خَلْقِ قَيُّومٍ حَكيمٍ قَدِيرٍ عَليمٍ عَظيمٍ؟ - 00:17:32
شَرَحْنا لَكَ مَا قَامَتْ بِهِ بَكْتِيرْيا إيشريش إيكولاي "Escherichia Coli" - 00:17:38
مِنْ عَمَليَّةِ نَسْخِها لِلْجِينِ الَّذِي تَحْتَاجُهُ، - 00:17:41
وَوَضْعِ النُّسْخَةِ في المَكانِ المُناسِبِ مِنْ مادَّتِها الوِراثيَّةِ، - 00:17:44
لِتَتَمَكَّنَ مِن التِقاطِ وَهَضْمِ السّيتْرات ْ "Citrate" - 00:17:47
فِي خُطُواتٍ شَديدَةِ الدِّقَّةِ أَشْبَهَ بِالهَنْدَسَةِ الوِراثيَّةِ. - 00:17:49
شَرَحْنَا لَكَ كَيْفَ عَكَسُوا دَلالَتَها تَمَامًا وَجَعَلُوهَا مِثَالًا عَلَى عَشْوائيَّةٍ مُفيدَةٍ، - 00:17:54
وَكَيْفَ جَعَلُوا أَمْثِلَةَ عَظَمَةِ الخَلْقِ في شَبَكِيَّةِ العَيْنِ وَأَجْنِحَةِ البِطْريقِ وَعِظامِ الحُوتِ الخَلْفيَّةِ - 00:18:00
أَمْثِلَةً عَلَى أَخْطاء في التَّصْميمِ وَأَعْضاء بِلا فائِدَةٍ - 00:18:07
وَكَيْفَ رَدُّوا عَلَى كُلِّ مَا في الخَليَّةِ مِن رَوْعَةٍ وَإِتْقانٍ - 00:18:11
بِأَنَّهُ لَعَلَّ كَائِنَاتٍ فَضائيَّةً بَذَرَتْ بَذْرَةَ الحَياةِ عَلَى الأَرْضِ، - 00:18:14
وَالمُغالَطاتِ المَنْطِقيَّةَ وَالتَّزْوِيرَ الَّذِي يَسْتَخْدِمُونَهُ في هذا كُلِّهِ؛ - 00:18:19
فَهَلْ سُلوكُهُمْ هذا يُثْبِتُ أَنَّ هَذِهِ الحَقائِقَ العِلْميَّةَ قابِلَةٌ لِتَفْسيراتٍ مُخْتَلِفَةٍ؟ - 00:18:23
أَمْ هذا كُلُّهُ يُثْبِتُ أَنَّهُ وَكَمَا قالَ اللَّهُ تَعالَى: - 00:18:30
﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [القرآن 101:10] - 00:18:35
سَتَقُولُ لِي: أَنْتَ تَسْتَدِلُ بِآياتٍ قُرْآنِيَّةٍ، افْتَرِضْ أَنِّي لا أومن بِالقُرآنِ. - 00:18:43
فَأَقولُ لَكَ: بَلْ أَسْتَشْهِدُ لَكَ بِالوَاقِعِ عَلَى صِدْقِ القُرْآنِ، أَسْتَشْهِدُ لَكَ بِالوَاقِعِ عَلَى صِدْقِ القُرْآنِ. - 00:18:48
جَلَّيْتُ لَكَ في الحَلَقاتِ الماضيَةِ الحَقائِقَ العِلْميَّةَ لِنَقُولَ لَكَ: - 00:18:55
أما وَقَدْ رَأَيْتَ رَوْعَةَ هَذِهِ المُشاهَداتِ، - 00:19:00
فَما الوَصْفُ لِمَنْ يَتَّخِذُها دَلالَةً عَلَى إِنْكارِ الخالِقِ إِلَّا مَا وَصَفَهُ بِهِ القُرْآنُ إِذْ قالَ: - 00:19:02
﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ﴾ [القرآن 49:29] - 00:19:09
فَالوَاقِعُ يَشْهَدُ لِصِدْقِ آياتِ القُرْآنِ في وَصْفِ هَؤلاءِ - 00:19:12
وَبِقَدْرِ مَا تَفْهَمُ الحَقائِقَ العِلْمِيَّةَ تُدْرِكُ صِدْقَ وَصْفِ القُرْآنِ لِمَنْ أَنْكَرَها بِأَنَّهُ كافِرٌ - 00:19:16
يَعْنِي غَطَّى عَلَى الحَقائقِ. - 00:19:22
وَضَّحْنا لَكَ الحَقائِقَ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ مَنْ يُنْكِرُ دَلالَتَها عَلَى الخالِقِ، - 00:19:24
بَلْ وَيَتَّخِذُها دَلِيلًا عَلَى إِلْحادِهِ، عَلِمْتَ أَنَّهُ كَذَّابٌ وَخائِنٌ لِأَمانَةِ العِلْمِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: - 00:19:29
﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ﴾ [القرآن 32:31] - 00:19:36
أي غَدّارٍ جاحِدٍ لِلنِّعْمَةِ. - 00:19:40
فَتَنْهَضُ هِمَّتُكَ أَنْ لا تَتْرُكَ العِلْمَ الطَّبيعيَّ لِهَؤُلَاءِ، بَلْ تَتَعَلَّمُهُ لِتَكُونَ أَمِينًا عَلَيْهِ. - 00:19:43
بَعْدَ هذا الخِطابِ إلى عُمُومِ النّاسِ بِالأَدِلَّةِ العَقْليَّةِ - 00:19:49
نَتَوَجَّهُ خِتامًا لِلْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَعَلَّهُمْ أَصَابَتْهُمْ لَوْثَةُ أَنَّ العِلْمَ الطَّبيعيَّ مُحايِدٌ، - 00:19:52
بِمَعْنَى أَنَّهُ لا يَدُلُّ عَلَى وُجودِ اللَّهِ وَلا يَنْفِي وُجودَ اللَّهِ، - 00:19:58
وَهُمْ في الوَقْتِ ذاتِهِ لا يُدْرِكُونَ حَجْمَ تَعارُضِ ظَنِّهِمْ هذا مَعَ القُرْآنِ الَّذِي بِهِ يُؤْمِنُونَ - 00:20:02
فَنَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ أَكْثَرَ مَا أَحَالَ عَلَيْهِ القُرْآنُ في البَرْهَنَةِ وَالتَّدْليلِ عَلَى حَقائِقِ الإِيمَانِ - 00:20:09
هُوَ المُشاهَداتُ الكَوْنيَّةُ الظّاهِرَةُ وَهذا سَيَنْسْ، عِلْمٌ رَصْدِيٌّ. - 00:20:16
العِلْمُ الرَصْدِيُّ الحَديثُ هُوَ دُخولٌ في تَفاصيلِ هَذِهِ المُشاهَداتِ الظّاهِرَةِ - 00:20:21
بِمَا يَكْشِفُ المَزيدَ مِنْ جَمالِها وَرَوْعَتِها وَإِبْهارِها. - 00:20:26
فَإِذَا قُلْتَ: مُشاهَداتُ العِلْمِ الحَديثِ لا تَدُلُّ عَلَى الخالِقِ، فَمَعْنَى ذَلِكَ: - 00:20:30
﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾ [القرآن 17:88] - 00:20:35
لا تَدُلُّ عَلَى شَيءٍ، - 00:20:38
وَكُلُّ مَا يَقُولُهُ القُرْآنُ فِيهِ مِنَ المُشاهَداتِ: "إِنَّ في ذَلِكَ لَآياتٍ..." لَيْسَ بِآياتٍ. - 00:20:39
تَأَمَّلْ مَثَلًا خَواتيمَ الآياتِ في سورَةِ الرّومِ بَعْدَ الحَديثِ عَنْ مُشاهَداتٍ عِلْميَّةٍ في الأَنْفُسِ وَالآفاقِ: - 00:20:46
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [القرآن 21:30] - 00:20:53
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾ [القرآن 22:30] - 00:20:57
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [القرآن 24:30] - 00:21:00
دَلالَةُ المُشاهَداتِ العِلْميَّةِ الظّاهِرَةِ وَالتَّفْصيليَّةِ الَّتِي فَصَّلَها العِلْمُ الطَّبيعيُّ، - 00:21:03
دَلالَتُها عَلَى الخالِقِ هِيَ كُبْرَى الحَقائِقِ الكَوْنيَّةِ وَأُوْلَى البَديهيّاتِ وَالضَّروراتِ العَقْليَّةِ، - 00:21:08
وَالقُرْآنُ يَسْتَدِلُّ بِالمُشاهَداتِ الكَوْنيَّةِ لا عَلَى وُجودِ الخالِقِ فَحَسْبُ، - 00:21:14
بَلْ وَعَلَى وَحْدانيِّتِهِ مِنَ انْتِظامِ مَلَكوتِهِ، - 00:21:20
وَعَلَى عَظَمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَقَيّوميَّتِهِ، وَقُدْرَتِهِ عَلَى البَعْثِ وَالنُشورِ. - 00:21:23
الِاسْتِدْلالُ هُوَ عَلَى هَذِهِ الأَشْياءِ وَهُوَ اسْتِدْلالٌ قَطْعيٌّ، - 00:21:29
فَتَصَوَّرْ حين يَجْعَلُ واحِد المُشاهَداتِ العِلْميَّةَ غير دالَّةٍ حَتَّى عَلَى وُجودِ الخالِقِ ذاتِهِ... - 00:21:33
تَصَوَّرْ ضَياعَ وَضَلالَ مَنْ يَقُولُ: "لا تُدْخِلوا الإِيمَانَ في السَّيَنْسْ!" - 00:21:41
أَنْتَ يا أَخِي مَأْمورٌ شَرْعًا أَنْ تَتَأَمَّلَ السَّيَنْسْ الرَصْدِي -آياتِ اللَّهِ الكَوْنيَّةِ- لِتُقَوّيَ إيمانَكَ، - 00:21:46
وَيَجِبُ عَلَيْكَ بصفتك مُسْلِمًا أَنْ لا تَنْجَرَّ إلى التَّأْطِيرِ الَّذِي فَصَلَ بَيْنَها وَبَيْنَ اللَّهِ، - 00:21:53
وَأَلَّا تَحْجُرَ عَقْلَكَ عِنْدَ الحُدودِ الوَهْميَّةِ الَّتِي وَضَعَتْهَا المادّيَّةُ - 00:21:59
فَتُحْرَمَ مِنَ الِانْتِفاعِ بِآياتِ اللَّهِ الكَوْنيَّةِ - 00:22:03
وَكَذَلِكَ مِنْ آياتِ القُرْآنِ الَّتِي تُحيلُكَ إلَى الِانْتِفاعِ بِهَذِهِ الآياتِ الكَوْنيَّةِ، - 00:22:06
بَلْ لَعَلَّ مِنْ تَمامِ عَدْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ أَنَّهُ كُلَّمَا تَقَدَّمَ الزَّمانُ وَابْتَعَدَ النّاسُ عَنْ عَهْدِ النُّبوَّةِ - 00:22:11
تَضَاعَفَتْ هَذِهِ الأَدِلَّةُ العِلْميَّةُ لِتَكُونَ حُجَجًا جَديدَةً عَلَيْنَا، - 00:22:18
حَظِيْنَا بِهَا نَحْنُ وَلَمْ يَحْظَ بِهَا الأَوَّلُونَ الَّذِينَ شَاهَدُوا النَّبيَّ أَوْ كَانُوا قَريبي عَهْدٍ بِهِ. - 00:22:23
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ﴾ [القرآن 149:6] - 00:22:29
فَالمُشْكِلَةُ لَيْسَتْ نَقْصًا في الحُجَجِ وَالبَيِّناتِ، بَلْ هِيَ مُقْنِعَةٌ مُخْضِعَةٌ لِسَليمِ العَقْلِ، سَليمِ القَلْبِ. - 00:22:33
لِذَلِكَ إِذَا رَأَيْنا أَنَّ كَثِيرًا مِنْ عُلَماءِ الطَّبيعَةِ مادِّيّونَ - 00:22:40
فلا يَنْبَغِي أَنْ يُشَكِّكَنا هذا في قوَّةِ الأَدِلَّةِ الَّتِي أَقَامَهَا اللَّهُ تَعَالَى. - 00:22:43
هَؤُلَاءِ بَعْضُهُمْ عُلَماءُ أَذْكياءُ في مَجالاتِهِمْ، لَكِنْ هذا لا عَلاقَةَ لَهُ بِالسَّلَامَةِ القَلْبيَّةِ - 00:22:48
وَالَّتِي إِذَا انْعَدَمَتْ تَعَطَّلَتْ مَعَهَا قُدْرَةُ هذا العالِمِ عَلَى الِاسْتِفادَةِ مِنْ قُدُرَاتِهِ العَقْليَّةِ، - 00:22:54
وَأَصْبَحَ يَسْتَثْني تَمَامًا الِاعْتِرافَ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ بَدِيلًا عَنْ ذَلِكَ بِنَظَرِياتٍ غايَةٍ في التَّفاهَةِ، - 00:23:00
﴿فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ - 00:23:07
إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ [القرآن 26:46] - 00:23:12
مَنْ يَجْحَدُونَ الخالِقَ فَهُمْ حَسْبَ الوَصْفِ القُرْآنيِّ لا يَعْقِلُونَ - 00:23:16
حَتَّى وَإِنْ أَعْمَلوا عُقولَهُمْ في السَّيَنْسْ وَبَرَعوا فِيهِ؛ - 00:23:19
فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ لِأَنَّهُمْ عَطَّلوا عُقولَهُمْ عَنِ الِانْتِفاعِ بِالسَّيَنْسْ - 00:23:23
وَالِاسْتِدْلالِ بِهِ عَلَى العِلْمِ الأَعْظَمِ بِوُجُودِ الخالِقِ وَصِفاتِهِ. - 00:23:28
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: - 00:23:32
﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ - 00:23:33
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [القرآن 7:26-8] - 00:23:44
هذا عِلْمٌ رَصْدِيٌّ، وَالعُلُومُ الرَصْدِيَّةُ الحَديثَةُ كَشَفَتْ لَنَا مَزِيدًا مِنْ تَفاصيلِهِ وَرَوْعَتِهِ. - 00:23:52
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً... إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً... تَوْكيدٌ تِلْوَ تَوْكيدٍ... إِنَّ... لَآيَةً... - 00:23:59
إِذَنْ السَّيَنْسْ فِيهِ دَلالَةٌ بِلَا شَكٍّ. - 00:24:07
حسنًا، أَيْنَ المُشْكِلَةُ إِذَنْ؟ تُتابِعُ الآيَةَ: - 00:24:10
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [القرآن 26 :7-8] - 00:24:14
لَيْسَ عِنْدَهُمْ اسْتِعْدادٌ لِلإِيمَانِ. - 00:24:19
إِذَا قِيلَ لواحِدٍ أَعْمَى: مَا رَأْيُكَ بِهَذا المَنْظَرِ الطَّبيعيِّ الجَميلِ؟ - 00:24:22
فَقَالَ لَكَ: لا أرى الجَمالَ الَّذِي تَتَكَلَّمونَ عَنْهُ. - 00:24:25
فَهَلْ هذا لِمُشْكِلَةٍ في المَنْظَرِ أَمْ لِمُشْكِلَةٍ في الأَعْمَى؟ - 00:24:29
هَلْ نَقولُ: الأمر فِعْلًا نِسْبيٌّ، - 00:24:34
فَالمَنْظَرُ الطَّبيعيُّ مَوْجودٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُبْصِرِ وَجَميلٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُبْصِرِ، - 00:24:37
لَكِنَّهُ غَيْرُ مَوْجودٍ وَلا جَميل بِالنِّسْبَةِ لِلأَعْمَى؟ - 00:24:41
لا، بَلْ هُوَ مَوْجودٌ يَقِينًا وَجَميلٌ يَقِينًا، لَكِنَّ المُشْكِلَةَ فِيمَنْ لا يَرَاهُ وَلا يُدْرِكُ جَمالَهُ - 00:24:44
فَلا عَجَبَ أَنْ يُكْثِرَ القُرْآنُ مِنْ وَصْفِ هَؤُلَاءِ بِالعَمَى وَأَنْ يَكونَ عَماهُمْ عَمَى القُلوبِ وَالبَصائِرِ، - 00:24:52
فَإِنَّ أَعْمَى البَصَرِ قَدْ يَجْبُرُ فَقْدَ بَصَرِهِ بِسَمْعِهِ وَعَقْلِهِ وَفِطْرَتِهِ وَيُؤْجَرُ عَلَى صَبْرِهِ، أَمَّا هَؤُلَاءِ: - 00:24:57
﴿فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ - 00:25:05
إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ [القرآن 26:46] - 00:25:10
خِتامًا، إِذَا قِيلَ لَنَا: هَلْ السَّيَنْسْ يَدُلُّ عَلَى وُجودِ اللَّهِ؟ - 00:25:13
فَالجَوَابُ: لا يَدُلُّ السَّيَنْسْ الإِنْسانَ العاقِلَ عَلَى شَيْءٍ كَمَا يَدُلُّهُ عَلَى وُجودِ اللَّهِ وَصِفاتِ اللَّهِ. - 00:25:18
فَإِنَّ أَفْرادَ السَّيَنْسْ وَمُشاهَداتِهِ المُتَنَوِّعَةِ يَدُلُّ كُلٌّ مِنْهَا عَلَى جُزْئيّاتٍ مِنَ الحَقائِقِ مُتَفَرِّقَةً، - 00:25:26
وَتَدُلُّ كُلُّها مُجْتَمِعَةً عَلَى خالِقٍ عَظيمٍ حَكيمٍ قَيُّومٍ عَليمٍ أَحْسَنَ كُلَّ شَيءٍ خَلَقَهُ، - 00:25:34
﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚإِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾ [القرآن 88:27] - 00:25:43
وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحمَةُ اللَّهِ. - 00:25:49