فتاوى الجمعة والعيدين والصلوات الخاصة

خصومة مسجدية حول حجز أماكن فى الصفوف الأولى/الخميس(22-4-2021م)/فتاوى على الهواء مباشرة

صلاح الصاوي

00:06:05

ســـــــــــؤال :
حدثت عندنا خصومة في أحد المساجد بسبب أن الإمام حجز ثلاثة أماكن في الصف الأول للحفاظ الذين يساعدونه في تصحيح القراءة و قد يتناوبون على الإمامة و بعضهم يؤذن للصلاة فالقصد هو تسهيل عمليتي التناوب و تصحيح القراءة. فهل لإدارة المسجد ولاية في حسم الخلاف الفقهي المشهور في المسألة و الأخذ برأي المجيزين لهذا التخصيص مع وجود الحاجة الى ذلك خاصة أن أغلب هؤلاء الحفاظ ليسوا من جيران المسجد و هذا أمر يقتصر فيه على صلاة التراويح فقط؟
الجـــــــــــواب :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فهذه من مسائل النظر بين أهل العلم: فأجازها الشافعية والحنابلة ومنعها آخرون كالمالكية وغيرهم، وتابعهم على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: قال الشافعي وأصحابنا: يجوز أن يبعث الرجل من يأخذ له موضعاً يجلس فيه، فإذا جاء الباعث تنحى المبعوث، ويجوز أن يفرش له ثوباً ونحوه، ثم يجيء ويصلي موضعه فإذا فرشه لم يجز لغيره أن يصلي عليه، ولكن له أن ينحيه ويجلس مكانه، وينبغي أن ينحيه بحيث لا يدفعه بيده، فإن دفعه دخل في ضمانه، ذكره صاحب البيان وغيره.
وقال الإمام البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وإن وجد مصلى مفروشاً فليس له رفعه. لأنه كالنائب عنه، ولما فيه من الافتيات على صاحبه والتصرف في ملكه بغير إذنه والإفضاء إلى الخصومة، وقاسه في الشرح على رحبة المسجد، ومقاعد الأسواق (ما لم تحضر الصلاة) فله رفعه والصلاة مكانه لأنه لا حرمة له بنفسه، وإنما الحرمة لربه ولم يحضر. 
وأما المالكية  فقد منعوا من ذلك، فقال الشيخ عليش رحمه الله تعالى في منح الجليل: ونص في المدخل على أنه لا يستحق السابق إلى المسجد بإرسال سجادته إليه وأنه غاصب لذلك المحل. 
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية  بالمنع من ذلك فقال: رحمه الله ليس لأحد أن يتحجر من المسجد شيئاً، لا سجادة يفرشها قبل حضوره ولا بساطا ولا غير ذلك، وليس لغيره أن يصلي عليها بغير إذنه، لكن يرفعها ويصلي مكانها في أصح قولي العلماء. انتهى.
وقال رحمه الله في موطن آخر: ليس لأحد أن يفرش شيئاً ويختص به مع غيبته، ويمنع به غيره، هذا غصب لتلك البعقة، ومنع للمسلمين مما أمر الله تعالى به من الصلاة، والسنة أن يتقدم الرجل بنفسه، وأما من يتقدم بسجادة فهو ظالم إن لم ينته عنه، ويجب رفع تلك السجاجيد، ويمكن الناس من مكانها، هذا مع أن أصل الفرش بدعة، انتهى. 
وقول المالكية ومن تبعهم أقعد واقيس وأولى بالصواب فيما يظهر، فإن من سبق إلى بقعة فهو أحق بها، ومنى مناخ لمن سبق.
ويبقى أن هذه المسألة من مسائل الخلاف بين أهل العلم، وأن الخلاف فيها خلاف معتبر، فإن اقتضت المصلحة الاخذ بالقول بالجواز فلا حرج، ويعمل في هذا بما يحقق المصلحة، ويجمع الكلمة ويؤلف النفوس، ولكن لا ينبغي ان تستفز الجالية، وربما كان حجز ثلاثة أماكن كثير، فلعلنا نكتف يمكانين: أحدهما للمؤذن والآخر لمن يرد على الإمام إذا اخطا فنكون قد قدرنا الحاجة بقدرها، وإذا عرف مقصود الشارع يسلك في تحصيله أصل الطرق إليه.
والله تعالى أعلى وأعلم

Download transcription
Transcriptions Hadiths Shamela