Transcription
السّلامُ عليكم - 00:00:16ضَ
يقولُ الإسلامُ: إِنَّ من الفطرةِ الَّتي أَوْدَعَها الخالق في الإنسان شعورَ هذا الإنسانِ - 00:00:18ضَ
بالإرادة الحرَّة في الأفعال الَّتي تقع تحت اختياره، وأنَّ هذه الإرادة الحرَّة عدلٌ إلهيٌّ، - 00:00:23ضَ
ليتحمَّل الإنسان نتائج اختياراته؛ فيُثيبَهُ اللهُ إِنْ أحسنَ، ويعاقبَهُ إِنْ أساء - 00:00:29ضَ
ويقول الإلحاد: لا خالق، ولا فطرة، ولا روح، بل نحن عبارةٌ عن مادَّةٍ فقَط، مجموعةٍ من الذرَّات - 00:00:36ضَ
قيل للملحدين: فكيف تفسِّرون حقيقةَ أنَّ الإنسان يجدُ من نفسه حريَّةَ الاختيار في أفعاله؟ - 00:00:43ضَ
يشتري أو لا يشتري، يتكلَّم أو لا يتكلَّم، يكتب أو لا يكتب؟ - 00:00:49ضَ
الذرَّات التي يتكوَّن منها الإنسان، لا وعيَ لها ولا اختيار، - 00:00:53ضَ
إنَّما تتَّبِع قوانينَ كيميائيَّةً حيويّةً معروفةً - 00:00:56ضَ
فإن كان الَّذي يحكُمنا هو ماديَّةَ هذه الذّرَّات، - 00:00:59ضَ
إن كانت أفعالنا هي نتيجةً محضةً لجيناتٍ ونبضاتِ الخلايا العصبيَّةِ التي أوجَدَتْها الصُّدفة - 00:01:03ضَ
فنحن لسنا إلَّا آليَّاتٍ مُسَيَّرةً لتعمل أعمالاً محدَّدةً - 00:01:10ضَ
هل رأيتم آليًّا يختارُ بنفسه عملاً غير الَّذي بُرمِجَ عليه؟! - 00:01:14ضَ
وكذلك نحن -حسَب مادّيَّتِكم- آليَّاتٌ لحميَّةٌّ كالآليَّات المعدنيَّة - 00:01:18ضَ
فكيف تفسِّرون الإرادة الحرَّة بعد هذا كلِّه؟ - 00:01:23ضَ
هذه من الأسئلة التي يَرُدُّ عليها الملحدون بتخبُّطٍ وحيرةٍ، - 00:01:26ضَ
كما في هذا اللِّقاء - 00:01:30ضَ
لِريتشارد دوكينز "Richard Dawkins" ولورنس كراوس "Lawrence Krauss" - 00:01:31ضَ
حيث يعترف دوكينز بأنَّ هذا السُّؤال يخيفه، وأنَّ قناعاته العقليَّة الماديَّة - 00:01:33ضَ
بعدم وجود إرادةٍ حرَّة تتعارضُ مع إنطباعه الشّخصيِّ القويِّ بوجودها - 00:01:38ضَ
وعلى عادة الملحدين، تهرَّبوا من المأزق - 00:01:44ضَ
بإنكار الحقائق الواضحة ومخالفة بدهيَّات العقل - 00:01:47ضَ
فأنكر كثيرٌ منهم وجود الإرادة الحرَّة، كما أنكروا من قبلُ الضّروراتِ العقليَّةَ، - 00:01:50ضَ
وقيمة الأخلاق، ونزعةَ التّديُّن، والشّعور بوجود غايةٍ للحياة - 00:01:56ضَ
فترى دوكينز يقول في كتابه (نهرٌ من عدن) "River out of Eden": - 00:02:00ضَ
"الشّيفرة الوراثيَّة لا تكترث ولا تدري، إنَّها كذلك فقط، ونحن نرقص وفق أنغامها" - 00:02:02ضَ
أي بمعنى آخر: نحن آليَّاتٌ تحكمها المورِّثات - 00:02:10ضَ
وترى عالِمَ الأعصاب الملحد سام هاريس "Samuel Harris" - 00:02:14ضَ
يؤلِّف كتابًا بعنوان: (الإرادة الحرَّة) يقول في أوَّله: "الإرادة الحرَّة وَهْمٌ" - 00:02:16ضَ
ويصف الإنسان فيه بأنَّه: (Biochemical puppet) - 00:02:22ضَ
أي: دميةٌ كيميائيةٌ حيويةٌ، - 00:02:25ضَ
وهو ما تُعبِّر عنه أيضًا الصُّورة على غِلاف كتابه - 00:02:28ضَ
ومع ذلك، يفتخر على الغلاف بأنَّه صاحب أحد أكثر الكتب مبيعًا بعنوان: (نهاية الإيمان) - 00:02:31ضَ
فهذا الإنجاز العظيم الذي نشره الملحدون التَّنويريُّون: إقناع أتباعهم - 00:02:38ضَ
بأنَّه لا إله، وأنَّهم مُجرَّدُ دمىً متحرِّكةٍ! - 00:02:43ضَ
وترى بروفيسور البيئة والتّطوُّر جيري كوين "Jerry Coyne" - 00:02:47ضَ
يكتب مقالاً بعنوان: "أنت لا تمتلك إرادةً حرَّةً!" وهذه بالفعل هي الرُّؤية المتوافقة مع الإلحاد - 00:02:49ضَ
والمنهج المادّي: أنَّه يجب ألَّا تكون هناك إرادةٌ حرَّةٌ - 00:02:56ضَ
لكن... - 00:03:02ضَ
هل بالفعل هربَ الملحدون بإنكارهم هذا من المأزق؟ أم أنَّهم أوقعوا أنفسهم في بحرٍ - 00:03:02ضَ
من التّناقضات والأسئلة الَّتي لا تَنتهي؟ - 00:03:08ضَ
فإذا كان الإنسان فاقد الاختيار بالفعل، - 00:03:11ضَ
فما المبرِّرُ لمعاقبته إِنْ أجرم وقتل وسرق واغتصب وعذَّب وفعل الشنَّائعَ كلَّها؟ - 00:03:14ضَ
لماذا نعاقبه وهو ضحيَّةٌ لجيناته التي تُسَيِّرُهُ رغمًا عنه؟ - 00:03:20ضَ
وإِنْ كان صاحب الكرم والإيثار والتَّضحية، مجبورًا على أفعاله، فما المبرِّر للثَّناء عليه؟ - 00:03:25ضَ
ثمَّ أليس من الغريب أنَّ سام هاريس - 00:03:32ضَ
الذي يصف النَّاس بأنَّهم دُمىً بيوكيميائيَّةٌ هو نفسه الذي اقترح إلقاء قنبلةٍ نوويَّةٍ - 00:03:34ضَ
على المسلمين للتّخلِّصِ من شرورهم؟! - 00:03:39ضَ
أليس من الغريب أيضًا، حِرصُ الملحدين الشَّديد على إلغاء ما يسمُّونه "وَهْمَ الإله" من الوجود - 00:03:43ضَ
مع فتورٍ واضحٍ عن إزالة الوهم الآخر في نظرهم، - 00:03:49ضَ
وَهْمِ حريَّّةِ الإرادة البشريَّة؟ - 00:03:53ضَ
مع أنَّ هذا الوهم يجعل النَّاس يعاقِبون المجرمين المساكين المجبورين على إجرامهم! - 00:03:55ضَ
ثمَّ إِنْ لم تكن هناك إرادةٌ حرَّةٌ، - 00:04:01ضَ
إِنْ كان المؤمن مجبورًا على إيمانه، والملحد مجبورًا على إلحاده، - 00:04:04ضَ
فلمذا يتحمَّس الملحدون للدَّعوة إلى إلحادهم - 00:04:08ضَ
إِنْ لم يكن لدى الإنسان إرادةٌ حقيقيَّةٌ يستطيع أن يغيَّر معتقدَهُ من خلالها؟ - 00:04:12ضَ
أليس من الطَّريف جدّاً أن يؤلِّف الملحدون كتبًا ليقنعونا من خلالها بأنَّه - 00:04:18ضَ
لا وجود للإرادة الحرَّة، - 00:04:23ضَ
مع أنَّ ذلك يعني أنَّه ليس هناك أيُّ فعلٍ عقلانيٍ في تأليفهم هذا، - 00:04:25ضَ
وإنِّما حروفٌ تمَّ صفُّها بضغط تفاعلاتٍ بيوكيميائيَّةٍ - 00:04:30ضَ
ومعلومٌ أنَّه ليس من أجندة هذه التفاعلات طلبُ الحقِّ فضلاً عن إصابته - 00:04:34ضَ
وما قيمة التعلَّم إن كان الإنسان فاقدًا للإرادة الحرَّة الَّتي يختار من خلالها - 00:04:40ضَ
المعارف الصَّحيحة دون الباطلة، - 00:04:45ضَ
إِنْ كان مدفوعًا رغمًا عنه إلى نتائجَ محدَّدةٍ، بغضِّ النَّظر أَهِيَ صحيحةٌ أَمْ باطلةٌ؟ - 00:04:47ضَ
أليس من المعلوم أنَّ أصل كلمة (عَقْلٌ) في اللُّغة العربيَّة هو: (المنعُ)؟ - 00:04:54ضَ
فعقل الإنسان يمنعه أن ينساق خلف أيِّ شيءٍ كالبهيمة - 00:04:58ضَ
أفلا يكون الملحدون لذلك بلا عقول، - 00:05:03ضَ
لأنَّهم بإنكارهم للإرادة الحرَّة، مدفوعون لما يفعلون، دون شيءٍ يحجزهم؟ - 00:05:05ضَ
أليس من المضحك بعد هذا كلِّه أن يلقِّب الملحدون أنفسهم - 00:05:11ضَ
بالمفكِّرين الأحرار "Free thinkers"؟ - 00:05:15ضَ
مع أنَّه في ظلِّ إنكارهم للإرادة الحرَّة وإنكارهم للمُسلَّمات العقليَّة - 00:05:18ضَ
-كما بينَّا في الحلقة الخامسة- - 00:05:23ضَ
فإنَّ الإنسان لا يمكن أنَْ يكون مفكِّرًا ولا أَنْ يكون حُرًّا - 00:05:25ضَ
أليس من المضحك أن يتكلَّم الملحدون عن كرامة الإنسان مع أنَّ إلحادهم يعني - 00:05:29ضَ
إنسانًا بلا عقلٍ، بلا أخلاقٍ، بلا غايةٍ، بلا إرادةٍ حرَّةٍ، - 00:05:35ضَ
إنَّما وَسٌخ كيميائيٌّ تحرِّكه الصُّدفة كالدُّمية؟! - 00:05:38ضَ
تساؤلاتٌ لا تنتهي، تلطِمُ وُجُوه الملحدين الَّذين أنكروا الإرادة الحرَّة وأنكروا الرُّوح، - 00:05:43ضَ
وادَّعَوْا أنَّنا مادَّةٌ مجرَّدَةٌ، وأنَّ جيناتنا هي التي تُسيِّرُنا - 00:05:49ضَ
لكن هنا تساؤلٌ آخر مهمٌّ جدًّا: - 00:05:54ضَ
الملحدون حين فشلوا في تفسير الظَّواهر الفِطْرِيَّة غير الماديَّة في ظاهرها، - 00:05:58ضَ
كنزعة التديُّن والنَّزعة الأخلاقيَّة والإرادة الحرَّة، وتهرَّبوا من دلالتها على وجود الخالق، - 00:06:02ضَ
وفسَّروها بدلًا من ذلك بالجينات، - 00:06:07ضَ
هل لديهم أيُّ دليلٍ علميٍّ على تفسيرهم البديل هذا؟ - 00:06:10ضَ
أم أنَّه إيمانٌ أعمى بمسألةٍ غيبيةٍ لا دليلَ عليها؟ وَهْمٌ يسُدُّون به فجواتهم المعرفيَّة؟ - 00:06:14ضَ
هل علماء الملحدين علميُّون في تفسيرهم هذا؟ أَمْ أنَّهم يخادعون أنفسهم والنَّاس؟ - 00:06:21ضَ
هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة -بإذن الله- - 00:06:27ضَ
والسلَّام عليكم - 00:06:30ضَ