قراءة تفسير آضواء البيان للشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي (832 حلقة) - مشروع كبار العلماء
قراءة تفسير أضواء البيان (228) - النحل (041) - للشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي - كبار العلماء
Transcription
يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة بسم الله الرحمن الرحيم ايها المستمع الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قوله تعالى من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن - 00:00:03ضَ
فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون ذكر جل وعلا بهذه الاية الكريمة ان كل عامل سواء كان ذكرا او انثى عمل عملا صالحا فانه جل وعلا يقسم - 00:00:26ضَ
ليحيينه حياة طيبة وليجزينه اجره باحسن ما كان يعمل اعلم اولا ان القرآن العظيم دل على ان العمل الصالح هو ما استكمل ثلاثة امور الاول موافقته لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم - 00:00:47ضَ
لان الله يقول وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا الثاني ان يكون خالصا لله تعالى لان الله جل وعلا يقول وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين - 00:01:10ضَ
قل الله اعبد مخلصا له ديني اعبدوا ما شئتم من دونه الثالث ان يكون مبنيا على اساس العقيدة الصحيحة لان الله يقول من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن - 00:01:31ضَ
فقيد ذلك بالايمان ومفهوم مخالفته انه لو كان غير مؤمن لما قبل منه ذلك العمل الصالح وقد اوضح جل وعلا هذا المفهوم في ايات كثيرة لقوله في عمل غير المؤمن - 00:01:51ضَ
وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا وقوله اولئك الذين ليس لهم في الاخرة الا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون وقوله اعمالهم كسراب بقيعة - 00:02:09ضَ
الاية وقوله اعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف الى غير ذلك من الايات واختلف العلماء في المراد بالحياة الطيبة في هذه الاية الكريمة فقال قوم لا تطيب الحياة الا في الجنة - 00:02:31ضَ
فهذه الحياة الطيبة في الجنة لان الحياة الدنيا لا تخلو من المصائب والاقدار والامراض والالام والاحزان ونحو ذلك وقد قال تعالى وان الدار الاخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون والمراد بالحيوان - 00:02:52ضَ
الحياة وقال بعض العلماء الحياة الطيبة في هذه الاية الكريمة في الدنيا وذلك بان يوفق الله عبده الى ما يرضيه ويرزقه العافية والرزق الحلال. كما قال تعالى ربنا اتنا في الدنيا حسنة - 00:03:14ضَ
وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار قال مقيده عفا الله عنه وفي الاية الكريمة قرينة تدل على ان المراد بالحياة الطيبة في الاية حياته في الدنيا حياة طيبة وتلك القرينة - 00:03:37ضَ
هي اننا لو قدرنا ان المراد بالحياة الطيبة حياته في الجنة في قوله فلنحيينه حياة طيبة صار قوله ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون تكرارا معه لان تلك الحياة الطيبة هي اجر عملهم - 00:03:58ضَ
بخلاف ما لو قدرنا انها في الحياة الدنيا فانه يصير المعنى فلنحيينه في الدنيا حياة طيبة ولنجزينه في الاخرة باحسن ما كان يعمل وهو واضح وهذا المعنى الذي دل عليه القرآن - 00:04:23ضَ
تؤيده السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الاية الكريمة والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من اي جهة كانت وقد روي عن ابن عباس وجماعة - 00:04:44ضَ
انهم فسروها بالرزق الحلال الطيب وعن علي ابن ابي طالب رضي الله عنه انه فسرها بالقناعة وكذا قال ابن عباس وعكرمة ووهب ابن منبه الى ان قال وقال الضحاك هي الرزق الحلال - 00:05:04ضَ
والعبادة في الدنيا وقال الضحاك ايضا هي العمل بالطاعة والانشراح بها والصحيح ان الحياة الطيبة تشمل هذا كله كما جاء في الحديث الذي رواه الامام احمد حدثنا عبد الله ابن يزيد - 00:05:24ضَ
حدثنا سعيد بن ابي ايوب حدثني شرحبيل ابن شريك عن ابي عبدالرحمن الحبلي عن عبد الله ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قد افلح من اسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما اتاه - 00:05:45ضَ
ورواه مسلم من حديث عبدالله بن يزيد المقري به وروى الترمذي والنسائي من حديث ابي هانئ عن ابي علي الجنبي عن فضالة ابن عبيد انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم - 00:06:06ضَ
يقول قد افلح من هدي الى الاسلام وكان عيشه كفافا وقنع به وقال الترمذي هذا حديث صحيح وقال الامام احمد حدثنا يزيد حدثنا همام عن يحيى عن قتادة عن انس بن مالك - 00:06:25ضَ
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله لا يظلم المؤمن حسنة يعطى بها في الدنيا ويثاب عليها في الاخرة واما الكافر في طعم بحسناته في الدنيا حتى اذا افضى الى الاخرة - 00:06:46ضَ
لم تكن له حسنة يعطى بها خيرا انفرد باخراجه مسلم انتهى من ابن كثير وهذه الاحاديث ظاهرة في ترجيح القول بان الحياة الطيبة في الدنيا لان قوله صلى الله عليه وسلم افلح يدل على ذلك - 00:07:09ضَ
لان من نال الفلاح نال حياة طيبة وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم يعطى بها في الدنيا يدل على ذلك ايضا وابن كثير انما ساق الاحاديث المذكورة لينبه على انها ترجح القول المذكور - 00:07:31ضَ
والعلم عند الله تعالى وقد تقرر في الاصول انه اذا دار الكلام بين التوكيد والتأسيس رجح حمله على التأسيس واليه اشار في مراقي السعود جامعا له مع نظائرا يجب فيها تقديم الراجح من الاحتمالين - 00:07:50ضَ
بقوله فذاك ما قابل ذا اعتلال من التأصل والاستقلال ومن تأسس عموم وبقى الافراد والاطلاق مما ينتقى كذلك ترتيب لايجاب العمل لما له الرجحان مما يحتمل ومعنا كلام صاحب المراقي - 00:08:10ضَ
انه يقدم محتمل اللفظ الراجح على المحتمل المرجوح التأصل فانه يقدم على الزيادة نحو ليس كمثله شيء يحتمل كون الكاف زائدة ويحتمل انها غير زائدة والمراد بالمثل الذات كقول العرب مثلك لا يفعل هذا - 00:08:32ضَ
يعنون انت لا ينبغي لك ان تفعل هذا المعنى ليس كاله شيء ونظيره من اطلاق المثل وارادة الذات وشهد شاهد من بني اسرائيل على مثله اي على نفس القرآن لا شيء اخر مماثل له - 00:08:56ضَ
وقوله كمن مثله في الظلمات اي كمن هو في الظلمات وكالاستقلال فانه يقدم على الاضمار كقوله تعالى ان يقتلوا او يصلبوا. الاية فكثير من العلماء يضمرون قيودا غير مذكورة ويقولون ان يقتلوا اذا - 00:09:16ضَ
قتلوا او يصلب اذا قتلوا واخذوا المال او تقطع ايديهم وارجلهم اذا اخذوا المال ولم يقتلوا الى اخر ذلك والمالكية يرجحون ان الامام مخير بين المذكورات مطلقا لان استقلال اللفظ - 00:09:40ضَ
ارجح من اضمار قيود غير مذكورة لان الاصل عدمها حتى تثبت بدليل كما اشرنا اليه سابقا في المائدة وكذلك التأسيس يقدم على التأكيد وهو محل الشاهد بقوله فبأي الاء ربكما تكذبان - 00:10:02ضَ
في سورة الرحمن وقوله ويل للمكذبين في المرسلات تكرار اللفظ فيهما توكيد وكونه تأسيسا ارجح لما ذكرنا ستحمل الالاء في كل موضع على ما تقدم قيل لفظ ذلك التكذيب ولا يتكرر منها لفظ - 00:10:24ضَ
وكذا يقال في سورة المرسلات ويحمل على المكذبين بما ذكر قيل كل لفظ الى اخره فاذا علمت ذلك فاعلم ان ان حملنا الحياة الطيبة في الاية على الحياة الدنيا كان ذلك تأسيسا - 00:10:50ضَ
وان حملناها على حياة الجنة تكرر ذلك مع قوله بعده ولنجزينهم اجرهم الاية لان حياة الجنة الطيبة هي اجرهم الذي يجزونه وقال ابو حيان في البحر والظاهر من قوله تعالى فلنحيينه حياة طيبة - 00:11:09ضَ
ان ذلك في الدنيا وهو قول الجمهور ويدل عليه قوله ولنجزينهم اجرهم يعني في الاخرة وبهذا نكتفي في لقائنا اليوم ولنا لقاء قادم ان شاء الله فالى ذلك الحين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته - 00:11:30ضَ