كرسي المتنبي (شرح ديوان المتنبي)

كرسي المتنبي (شرح ديوان المتنبي) - حلقة (390) - كَدَعْواكِ كُلٌّ يَدَّعِي صِحَّةَ العَقْلِ

أيمن العتوم

00:56:31
الشعر

ونجمَ خارجيٌّ من بني كِلابٍ بظهر الكوفة، وذُكِر أنّ خَلْقًا من أهلها أجابوه وحلفوا له، فسارتْ إليه بنو كلابٍ معه ليأخذها، ورُفِعَت الرّايات، وخرج أبو الطّيّب على الصّوت من ناحية قَطَوان، فلَقِيَتْه قِطْعةٌ من الخيل في الظُّهر، فقاتَلَها ساعةً فانكشفتْ وَجَرَح منها وقتل.
وسارَ في الظُّهر حتّى دخل إلى جمع السُّلطان والرّعيّة من درب البراجم، ووقعت المراسلة سائِرَ اليوم، وعادوا من غَدٍ فاقتتلوا إلى آخر النّهار، فلم يصنع الخارجيّ شيئًا، ورجع وقد اختلفتْ فيه بنو كِلاب، وتبرّأ بعضُهم من بعض، وعادَ بعدَ أربعة أيّام فاقتَتَلَ في الظُّهر، فوقع بالسذلطان والعامّة جِراح، وقُتِلَ من بني كلاب، وطُعِنَ فرسٌ لأبي الطّيّب تحتَ غُلامٍ له ىفي لَبّته فماتَ لِوَقتِه، فحمله محمّد بن عمرو على فرس، وخرج له غلامٌ آخر فقتل رجلاً، وعادوا من غَدٍ فالتقى النّاسُ عندَ دار أسلم، وبينهم حائطٌ فَقُتِل من بني كلابٍ بالنُّشَّاب عِدّة. فانصرفوا ولم يقفوا للقتال.
ووقعتِ الأخبارُ إلى بغداد، فسارَ أبو الفوارس دِلَّيْر بن لَشْكَرَوَزّ وجماعةٌ من القادة، فوردَ الكُوفة بعدَ رحيل بني كلابٍ عنها، فأنفذَ إلى أبي الطّيّب ساعةَ نزل ثيابًا نفيسةً من ديباجٍ روميّ، ومن خَزٍّ دَبِيقِيّ.
فقال يمدحه، وأنشده إيّاها في الميدان على فَرَسَيهما، وكان تحت دِلَّيْر فرسٌ جوادٌ أصغَر، وعليه حلية ثقيلةٌ مُقلَّدة، فقاده إليه، وذلك في ذي الحِجّة سنة ثلاثٍ وخمسين وثلاثمئة:
1. كَدَعْواكِ كُلٌّ يَدَّعِي صِحَّةَ العَقْلِ
وَمَنْ ذَا الَّذِي يَدْرِي بِمَا فِيْهِ مِنْ جَهْلِ
2. لِهَنَّكِ أَوْلى لائِمٍ بِمَلامَةٍ
وَأَحْوَجُ مِمَّنْ تَعْذُلينَ إِلى العَذْلِ
3. تَقُولِيْنَ مَا فِي النَّاسِ مِثْلَكَ عاشِقٌ
جِدِي مِثْلَ مَنْ أَحبَبْتُهُ تَجِدي مِثْلِي
4. مُحِبٌّ كَنَى بِالبِيْضِ عَنْ مُرْهَفَاتِهِ
وَبِالحُسْنِ فِي أَجْسَامِهِنَّ عَنِ الصَّقْلِ
5. وَبِالسُّمْرِ عَنْ سُمْرِ القَنَا غَيْرَ أَنَّنِي
جَنَاها أَحِبَّائِي وَأَطْرَافُها رُسْلِي
6. عَدِمْتُ فُؤَادًا لَمْ تَبِتْ فِيْهِ فَضْلَةٌ
لِغَيْرِ الثَّنَايَا الغُرِّ وَالحَدَقِ النُّجْلِ
7. فَمَا حَرَمَتْ حَسْنَاءُ بِالهَجْرِ غِبطَةً
وَلا بَلَّغَتْهَا مَنْ شَكَا الهَجْرَ بِالوَصْلِ
8. ذَرِيْنِي أَنَلْ مَا لا يُنَالُ مِنَ العُلا
فَصَعْبُ العُلا فِي الصَّعْبِ وَالسَّهْلُ في السَّهْلِ
9. تُرِيْدِيْنَ لُقْيَانَ المَعَالِي رَخِيْصَةً
وَلا بُدَّ دُوْنَ الشَّهْدِ مِنْ إِبَرِ النَّحْلِ
10. حَذِرْتِ عَلَيْنَا المَوْتَ وَالخَيْلُ تَلْتَقِي
وَلَمْ تَعْلَمِي عَنْ أَيِّ عَاقِبَةٍ تُجْلِي

Download transcription
Transcriptions Hadiths Shamela