سلسلة رحلة اليقين - القناة الرسمية د. إياد قنيبي
Transcription
أخي الإنسانُ، - 00:00:00ضَ
إذا استيقظتَ يومًا، وتحسَّسْتَ نفْسكَ - 00:00:01ضَ
فإذا بِنُتوءٍ ينبتُ لكَ أسفلَ ظهْرِكَ، - 00:00:03ضَ
أهملتَهُ فطالَ معَ الأيّامِ وأصبحَ كالذَّيلِ، - 00:00:06ضَ
ماذا تفعلُ في هذهِ الحالةِ؟ - 00:00:09ضَ
هلْ يمكنُ أنْ يكونَ هذا الذَّيلُ بالفعلِ رسالةً تُحنِّنُ قلبك على آبائِكَ الّذين أهملتَهم؟ - 00:00:18ضَ
[الضّربةُ -ربَّما الأكثرُ وجعًا للإنسانِ- - 00:00:24ضَ
حينَ أخبرَتهُ أو أوقَفَتهُ على حقيقةِ أنَّه لا يزيدُ عن كونهِ حيوانًا في سلسلةِ تطوُّرٍ حيوانيَّةٍ، - 00:00:29ضَ
آباؤك الأوّلون حيواناتٌ، هم آباءُ مشتركونَ لكَ ولحيواناتٍ أُخرى، - 00:00:40ضَ
منها القرودُ، والقرودُ العليا المسمّاةُ الآن بـ(القرودِ الأفريقيّةِ)، - 00:00:47ضَ
ضربةٌ موجِعةٌ جدًا لنرجسيّةِ الإنسانِ - 00:00:55ضَ
هذا ما فعلهُ تشارلز دارون "Charles Darwin"، هذه (نظريّةُ التطوّرِ)، - 00:00:58ضَ
أفهمَتْنَا أنَّنا سلالةُ حيواناتٍ، نحنُ مُستَلُّونَ من حيواناتٍ لا أكثرَ مِن هذا!] - 00:01:02ضَ
لحظةً إخواني، قبلَ أنْ تستنكِروا أو تضحَكوا، أليسَ مِنَ المُمكنِ أنْ يكونَ هذا الكلامُ صحيحًا؟ - 00:01:08ضَ
أليسَ مِنَ الممكنِ أنْ تكونَ نرجسيَّتُنا تَدفعُنا لرفضِ حقيقةٍ علميَّةٍ، والتنكُّرِ لآبائِنا الأوَّلينَ؟ - 00:01:15ضَ
ألمْ تسمعوا إلى أبي العلاءِ المعرّي وهو يقولُ: - 00:01:22ضَ
"وقبيحٌ بنا -وإِنْ قَدُمَ العهدُ- هوانُ الآباءِ والأجدادِ"؟! - 00:01:24ضَ
أليسَ مِنَ الممكنِ أنَّنا إذا اقْتَنعنْا عِلميًّا - 00:01:28ضَ
بِأنَّنا نوعٌ مِنْ أنواعِ القردَةِ، فإِنَّنا سنشعرُ بالفخرِ والاعتزازِ كما يشعرُ الأستاذ - 00:01:30ضَ
ريتشارد دوكنز "Richard Dawkins"؟! - 00:01:36ضَ
(بالإنجليزية) [أنا قردٌ، قردٌ إفريقيٌّ، وأنا فخورٌ جدًا بأن أكون قردًا إفريقيًّا، - 00:01:37ضَ
وكذلك يجب أن تكون أنت أيضًا] - 00:01:42ضَ
ألا ترضَى لنفسكَ ما ارْتضاهُ هذا الأستاذ في الأحياء التطوُّرية؟! - 00:01:43ضَ
أليسَ منَ الممكنِ أنْ يكونَ لكَ أبناءُ عمٍّ وأنتَ قاطعٌ لرحِمهم بكِبْركَ ونَرجسيَّتكَ؟ - 00:01:47ضَ
[نحنُ والشمبانزي والبونوبو ومن ثمّ الغوريلا، - 00:01:53ضَ
ورانجوتان، هذه القردة الأفريقيّة، - 00:01:58ضَ
أربعةٌ هيَ القردةُ الأفريقيّةُ، نحنُ "cousins" أولادُ عمومةٍ، - 00:02:00ضَ
لسنا إخوةً أكيدٌ بلا شكٍّ، ولكنْ أولادُ عمومةٍ؛ لأنَّ جدَّنا جدٌ واحدٌ مشتركٌ - 00:02:05ضَ
(بالإنجليزية) سَلَفٌ مُشتَرَكٌ، أصلٌ مُشتَرَكٌ، جدٌّ مشتَرَكٌ، سَلَفٌ مشتركٌ - 00:02:12ضَ
هذا الجدُّ تفرّعَ منهُ "Branch" أو فرعٌ، وتفرّعَ فرعٌ آخرُ - 00:02:18ضَ
هذا الفرعُ مثلًا انتهى بالشامبانزي بالـ"Chim"، - 00:02:23ضَ
وهذا الفرعُ انتهى بالإنسانِ؛ فنحنُ أولادُ عمومةٍ] - 00:02:26ضَ
إذنْ، قبلَ أنْ نتهوَّرَ عاطفيًّا تعالَوا نُحاكمُ المسألةَ علميًّا، - 00:02:30ضَ
ما الدَّليلُ على أنَّ الإنسانَ أصلُهُ حيوانٌ؟ - 00:02:35ضَ
[الشمبانزي ابن عمِّنا، يُشابهنا شبهًا غريبًا جدًا ولافتًا؛ - 00:02:38ضَ
في جهازهِ الهيكليِّ، في جهازهِ العضليِّ، جهازهِ العصبيِّ، - 00:02:45ضَ
في كيمياءِ الدَّمِ عندهُ، وحتَّى في التصرّفِ في أشياءَ كثيرةٍ جدًا، - 00:02:51ضَ
وطبعًا على مستوى المادَّة الوراثيَّة "genome" - 00:02:55ضَ
زُهاء (99)% من المادَّة الوراثيَّة "genome" للشمبانزي يُطابقُ المادة الوراثيَّة "genome" للإنسانِ، - 00:02:58ضَ
حوالي (99)%، هو الأقربُ إلينا على الإطلاقِ، شيءٌ عجيبٌ! - 00:03:04ضَ
هذا -بلا شكٍّ- آلمَ الإنسانَ ألمًا كبيرًا] - 00:03:10ضَ
صراحةً، أنا سأتألَّمُ بالفعل - 00:03:14ضَ
إذا اكتشفتُ بعدَ الأربعين مِن عُمُري أنَّي كنتُ مخدوعًا بنَفْسي طوالَ السَّنواتِ الماضيةِ، - 00:03:16ضَ
ظانّاً أنَّني شيءٌ خاصٌّ، وأنَّ المخلوقاتِ الأُخرى مُسخَّرةٌ لي، - 00:03:22ضَ
لكنْ لا بأس، سأتواضعُ للحقائقِ العلميَّةِ وأتخلَّى عن النَّرجسيَّةِ العاطفيَّةِ، - 00:03:26ضَ
وأدعوكم أَنْ تفعلوا ذلكَ معي - 00:03:32ضَ
إذن، لدينا دليلانِ رئيسانِ -على الأقلِّ- حسبَ قولِ صاحبِنا: - 00:03:35ضَ
الشَّبهُ، والتَّشابُه الوراثيُّ بنسبةِ (99)% - 00:03:38ضَ
أما الـ(99)% فلها قصَّةٌ ممتعةٌ جدًّا، نقُصُّها عليكم لاحقًا -بإذنِ اللهِ- - 00:03:43ضَ
تعالَوا الآنَ ندرسُ مسألةَ الشَّبهِ - 00:03:48ضَ
التَّطوُّريُّونَ يقولونَ: إنَّ هناكَ شَبَهًا بينَ الكائناتِ الحيَّةِ، - 00:03:51ضَ
وإنَّ هذا الشَّبهَ يدلُّ على أنَّ أصلَ الكائناتِ جميعًا كائنٌ تعرَّضَ لطفراتٍ، - 00:03:55ضَ
وعمليَّاتٍ عشوائيَّةٍ، وانتخابٍ طبيعيٍّ أعمى، - 00:04:00ضَ
حتَّى نتجَ عنهُ ملايينُ الأنواعِ مِن الكائناتِ الحيَّةِ، - 00:04:03ضَ
وبالتَّالي فيمكنُ رسمُ شجرةِ التَّطوُّرِ " evolutionary tree" - 00:04:07ضَ
بناءً على التَّشابهِ الشَّكليِّ والتَّشابهِ الوراثيِّ - 00:04:12ضَ
وطبعًا ستختلفُ التَّقديراتُ، وتخرجُ لنا مُقترحاتٌ متباينةٌ للشَّجرةِ التَّطوُّريَّةِ، - 00:04:15ضَ
تبَعًا لاختلافِ تقديرِ التَّشابهِ الشَّكليِّ والطُّرقِ المستخدمةِ في تحديدِ التَّشابهِ الجينيِّ - 00:04:20ضَ
المهمُّ، أنَّ التَّشابهَ الشَّكليَّ دليلٌ عندَ التَّطوُّريِّينَ على الاشتراكِ في الأصلِ، - 00:04:26ضَ
وكلَّما زادَ الشَّبهُ بينَ كائناتٍ معيَّنةٍ؛ دلَّ ذلكَ على أنَّها قريبةٌ مِن بعضِها في شجرةِ التَّطوُّرِ، - 00:04:32ضَ
وانحدرتْ مِن سَلَفٍ مُشتَرَكٍ قريبٍ - 00:04:39ضَ
مثلاً، انظُر إلى الإنسانِ، والقطِّ والوَطواطِ، والحوتِ، والحِصانِ - 00:04:42ضَ
مواضِعُها مُتقاربةٌ في الشَّجرةِ التَّطوُّريَّةِ، - 00:04:47ضَ
أتدري لماذا؟ لأنَّها متشابهةٌ شبهًا كبيرًا، كما تُلاحظُ! - 00:04:50ضَ
بما يدلُّ على أنَّها مِن أصلٍ مشتركٍ، أليسَ كذلكَ؟! - 00:04:55ضَ
أراكَ أيُّها المشاهدُ تُحَمْلِق، وتجحظُ عيناك كأنَّكُ غيرُ مقتنعٍ! - 00:04:59ضَ
حسبَ التَّطوُّريِّينَ، فإنَّ ذلك لِسطحيَّتكَ وفُقدانكَ لدقَّةِ الملاحظةِ -مع الأسف- - 00:05:03ضَ
عَلِّمونا -إذن- أيُّها التَّطوُّريُّونَ - 00:05:09ضَ
تعالَ نتعلَّم... - 00:05:11ضَ
مثلاً هذا كتاب (Raven and Johnson) - 00:05:13ضَ
طبعة (2017)، صفحة (432) يُعَنوِن: - 00:05:15ضَ
(الأعضاءُ المتشابهةُ تقترحُ -أو تشيرُ إلى- أصلٍ مشتركٍ) - 00:05:18ضَ
وهذا كتابُ (essentials of biology) طبعة (2018) يقولُ لك: - 00:05:23ضَ
إنَّ هذهِ الكائناتِ المذكورةِ متطابقةٌ تشريحيًّا، وإنَّ هذا دليلٌ على أنَّها من أصلٍ مشتركٍ - 00:05:27ضَ
ومثلُ هذهِ الرسوماتُ تملأُ كتبَ (بالإنجليزية) الأحياء، - 00:05:36ضَ
ومحاضراتِ التَّطوُّرييِّنَ عربًا وعجمًا - 00:05:38ضَ
حسناً، إذنْ فنفهمُ مِن دِقَّةِ ملاحظتِكم -معشرَ التَّطوُّريِّينَ- - 00:05:42ضَ
أنَّ هذا الشَّبه الَّذي يخفى على البسطاءِ -أمثالِنا- هو دليلٌ قويٌّ على أصلٍ مُشتَرَكٍ، - 00:05:47ضَ
وأنَّه كلَّما زادَ الشَّبهُ بينَ الكائناتِ، فإنَّ ذلك يدلُّ على أنَّها أكثرُ قرابةً - 00:05:52ضَ
بحيثُ كان سهلًا على الطَّفراتِ العشوائيَّةِ والانتخابِ - 00:05:58ضَ
أنْ يُخرِجَا مِن الأصلِ المشتركِ، هذهِ الأشكالَ المتشابهةَ، أليس كذلك؟! - 00:06:01ضَ
بلى، آها - 00:06:06ضَ
إذن، الشَّبه يدلُّ على القرابةِ، وكلَّما زادَ الشَّبه زادتِ القرَابةُ، - 00:06:08ضَ
وكلَّما زادتِ القرابةُ زادَ الشَّبهُ - 00:06:12ضَ
آها، فهمتُ، لكنْ لحظةً - 00:06:15ضَ
أيمكنُ -لو سمحتم يا معشرَ التَّطوُّريِّينَ قبل أنْ يدقَّ الجرسُ وتنتهي الحصَّةُ- - 00:06:18ضَ
أيمكن أن تفسِّروا لي هذهِ الرَّسمةَ التي وجدتُها في كتاب أحياءٍ عالميٍّ -أخبركُم باسمهِ بعدَ قليلٍ- - 00:06:24ضَ
هذه الرَّسمةُ تتكلَّمُ عن الحيواناتِ المشيميَّةِ والجِرابيَّةِ - 00:06:30ضَ
الحيوانُ المشيميُّ: هو الذي يُكملُ جنينُه النُّموَ في مشيمةِ الرَّحمِ -كأكثرِ الحيواناتِ الولودةِ-، - 00:06:34ضَ
بينما الِجرابيُّ -كالكنغر- يخرجُ من الرَّحمِ غير ناضٍج، فيكملُ نموَّهُ في جِرَابٍ خاصٍّ في بطنِ أمِّهِ، - 00:06:40ضَ
يمتصُّ فيه الغذاءَ وينضجُ شيئًا فشيئًا، - 00:06:47ضَ
يخرجُ إلى الدُّنيا، يتحسَّسُها، ويعودُ إلى الجِرابِ إلى أنْ يستطيعَ الاستغناءَ عنهُ - 00:06:50ضَ
أنتم -أيُّها التَّطوُّريُّونَ- تقولونَ أنَّ الحيواناتِ الجِرابيَّةَ انفصلتْ عن المشيميَّةِ - 00:06:56ضَ
قبلَ (١٦٠) مليونَ سنةٍ -كما في هذه الورقةِ من مجلةِ نيتشر "Nature"- - 00:07:02ضَ
وبالتَّالي فهي بعيدةُ القرابةِ عن الحيواناتِ المشيميَِّة، - 00:07:08ضَ
أي أنَّ الجَدُّ المشتركُ قديمٌ جدًا وانقطعتْ أواصرُ القرابةِ، - 00:07:11ضَ
وعملتِ الطَّفراتُ العشوائيةُ والانتخابُ الطَّبيعيُّ الأعمى على كلٍّ من الخطَّينِ - 00:07:17ضَ
بحيثُ تكوَّنَت لدينا كائناتٌ جِرابيَّةٌ تختلفُ في مورِّثاتِها، وحَمْلِها بشكلٍ كبيرٍ عن المشيميَّةِ - 00:07:21ضَ
إذن، فالقرابةُ بعيدةٌ جدًا، ويُفترضُ ألَّا يكونَ هناك شَبهٌ بين الحيواناتِ الجِرابيَّةِ والمشيميَّةِ - 00:07:29ضَ
لكنَّ هذا الكتابَ يثبتُ غير ذلكَ تمامًا، - 00:07:37ضَ
فهو يُثبتُ تشابهًا كبيرًا بين كائناتٍ مِن المجموعتينِ؛ - 00:07:41ضَ
فالسِّنجابُ المشيميُّ يشبه الِجرابيَّ جدًا، والذئبُ المشيميُّ يشبِهُ الجرابيَّ، - 00:07:45ضَ
ونفسُ الشَّيءِ نراهُ في الفأرِ، والخُلد، والونباتِ، وآكل النَّملِ، واللَّيمورِ، وغيرِها وغيرِها - 00:07:51ضَ
حسبَ قاعدتكِم: فإنَّ الشَّبهَ يعني وَحْدةَ الأصلِ، ويعني شدَّةَ القرابةِ، - 00:07:57ضَ
بينما نجدُ هذهِ الحيواناتِ لا قرابةَ تذكرُ بينها -حسبَ شجرتِكُم التَّطوُّرِيَّةِ- - 00:08:03ضَ
وهي مع ذلك متشابهةٌ جدًا في شكلِها - 00:08:09ضَ
أنتم اعتبرتمونا مُغفَّلينَ؛ - 00:08:13ضَ
لأنَّنا لم نلاحظُ الشَّبهَ الكبيرَ الذي يُشاركهُ السَّنجابُ المشيميُّ مع الحوتِ، والفيلِ، - 00:08:15ضَ
والغزالِ، وكلِّ الثَّدييَّاتِ المشيميَّةِ المعروفةِ - 00:08:20ضَ
والقريبةِ من بعضها -حسبَ الشَّجرةِ التَّطوُّريَّةِ- - 00:08:23ضَ
أيُّهما أوضُح: هذا الشَّبهُ أم تشابُه السِّنجابُ المشيميِّ مع السِّنجابِ الِجرابيِّ؟! - 00:08:27ضَ
فكيف تعتبرون الشَّبهَ بعد ذلك دليلًا؟! - 00:08:33ضَ
ونحن نرى أنَّ الحيواناتِ المتشابهة جدًا بعيدةُ القرابةِ -حسبَ شجرتكِم المزعومةِ- - 00:08:35ضَ
بينما المتقاربةُ جدًا على الشَّجرةِ مختلفةُ الشَّكلِ جدًا، - 00:08:41ضَ
إذا قُورِنَتْ بتشابهِ الجرابيِّ مع المشيميِّ - 00:08:45ضَ
نريدُ جوابًا منكم -معشرَ التَّطوريِّين- عن هذا السُّؤالِ - 00:08:49ضَ
فإما أنْ تقولوا: بلِ السَّنجابُ المشيميُّ -هو بالفعل- أشبهُ بالحوتِ من السِّنجابِ الجِرابيِّ، - 00:08:53ضَ
وحينئذٍ فهنيئًا لكم حقائِقُكم العلميَّةُ ودقَّةُ ملاحظاتِكم! - 00:08:58ضَ
وإما أنْ تعترفوا بأنَّ الشَّبهَ لا يعني وحدةَ الأصلِ، - 00:09:03ضَ
وبأنَّ الأشجار التَّطوُريَّةِ -هي بالفعلِ- ليست أكثرَ قيمةً مِن شجرةِ تطوُّرِ (البوكيمون) - 00:09:08ضَ
وحينئذٍ نشكركم على الاعترافِ، وننتقلُ إلى نكتةٍ أُخرى مِن نِكاتِكم لنُنَاقشَها - 00:09:15ضَ
ليسَ أمامكم إلا أحدُ الجوابينِ - 00:09:22ضَ
هذا -أخي وأختي- تطبيقٌ عمليٌّ تستخدمُه اليومَ، - 00:09:24ضَ
اطرَح هذا السؤالَ على أيِّ مؤمنٍ بالتَّطوُّرِ، وانظرْ ما الَّذي سيحصل، - 00:09:27ضَ
إمَّا أنَّه سيسكتُ، وحينئذٍ أَعْطِه فُرصةً لعلَّهم يرجِعونَ، - 00:09:32ضَ
وإمَّا أنَّه سيحاولُ تضييعكَ بالكلماتِ المتقاطعةِ، - 00:09:37ضَ
يضربُ لك مفرقعاتٍ تُشتِّتُ عن السُّؤالِ فيقولُ مثلاً: "النَّظريَّةُ تمَّ تعديلُها إلى إيفو ديفو "Evo Devo"، - 00:09:41ضَ
أكثرُ الكائناتِ الجرابيةِ موجودةٌ في أستراليا، - 00:09:46ضَ
والتي انفصلتْ عن باقي القارَّاتِ قبلَ (70) مليون سنةٍ، - 00:09:49ضَ
والتَّشابُه ليسَ الدَّليلَ الوحيدَ؛ هناكَ الوراثةُ الجزيئيَّةُ، - 00:09:53ضَ
هناكَ فرقٌ بين (بالإنجليزية) التشابه الكليِّ والتشابه الجزئيِّ..." - 00:09:56ضَ
من المؤكَّد -إخواني- بالنسبة لنا، فبما مَنَّ اللهُ علينا من اطِّلاعٍ نعلُمُ أنَّ هذا يُشبهُ ما يُسمَّى - 00:09:59ضَ
"word salad" سَلَطة الكلماتِ - 00:10:05ضَ
وهي عَرَضٌ مِنَ الأعراضِ التّي تُساعدُ على تشخيصِ مرض الشيزوفرينيا "schizophrenia" - 00:10:07ضَ
مزيجٌ مِن المغالطاتِ المنطقيَّةِ والدَّعاوى التّي تحتاجُ هي بِدورِها إلى إثباتٍ، - 00:10:12ضَ
ومسائلَ لا علاقةَ لها بالموضوعِ - 00:10:17ضَ
وبإمكاننا -والحمد لله- أنْ نُثبتَ ذلك لكلٍّ مِن هذه المُصطلحات، - 00:10:20ضَ
بل وأنْ نُحوِّلَ دليلَهُم عليهم كما فَعلْنا مِن قبلُ - 00:10:24ضَ
هذا التَّشتيتُ عن الموضوعِ هو أحدُ المغالطاتِ المنطقيَّةِ -التّي يُتقنها أتباعُ الخرافةِ- - 00:10:27ضَ
هذهِ المغالطةُ معْروفةٌ حتَّى في الثَّقافةِ الغربيَّةِ - 00:10:32ضَ
باسم (بالإنجليزية) مغالطة الرجنة الحمراء "Red Herring Fallacy" - 00:10:36ضَ
إثارةُ أمورٍ لا علاقةَ لها بالسؤالِ - 00:10:38ضَ
لذلكَ أخي لا تدعهُ يُضيِّعكَ، قُل لهُ: أنا سُؤالي مُحدَّدٌ، فأجِبْني بجوابٍ مُحدَّدٍ، - 00:10:41ضَ
هل الشَّبهُ دليلٌ على وحدةِ الأصلِ؟ نعم أم لا؟ - 00:10:47ضَ
إذا أجاب بنعم، إذن فأنتَ تقولُ لي أنَّ السِّنجابَ المشيميَّ أشبهُ شكلاً بالفيلِ من الجرابيِّ - 00:10:51ضَ
وإذا أجاب بلا، فلا تحتجَّ عليَّ بالشَّبهِ مرةً أُخرى - 00:10:56ضَ
قبلَ أنْ نُنهيَ هذا الموضوعَ - 00:11:00ضَ
لا يسعُنا إلَّا أنْ نشكُرَ الكتابَ الَّذي نبَّهنا على ظاهرةِ التَّشابُه بينَ المشيميَّاتِ والجِرابَّياتِ، - 00:11:02ضَ
الكتابُ الذي نبَّهَنا على بُطلانِ دعوى أنَّ التَّشابه يعني وِحدةَ الأصلِ - 00:11:08ضَ
الكتاب الَّذي أحْرجَ مُؤلِّفي - 00:11:12ضَ
(Biology by Raven and Johnson) (2017) - 00:11:14ضَ
وأمثالَهم مِنْ التَّطوريِّينَ - 00:11:16ضَ
تعالَوا نر اسمَ هذا الكتاب... - 00:11:19ضَ
إنه (Biology by Raven and Johnson) (2017) - 00:11:21ضَ
معقول؟! - 00:11:25ضَ
نعم معقولٌ، كلُّ شيءٍ معقولٌ في عالَمِ الخرافةِ، - 00:11:26ضَ
فالتَّشابه يعني شدَّةُ القرابةِ وبالتَّالي صحَّة الخرافةِ، - 00:11:30ضَ
والتَّشابه الأقوى لا يعني القرابة، لكنَّه يَبقى يعني صحَّة الخرافةِ - 00:11:34ضَ
وكلُّ الطُّرقِ تُؤدِّي إلى الُخرافةِ - 00:11:39ضَ
لكنْ لحظةً... - 00:11:41ضَ
هل يُعقلُ أنَّ الدَّكاترةَ مُؤلِّفي ومُراجعي كتبٍ عالميَّةٍ، - 00:11:42ضَ
كلُّ هؤلاء لم يُلاحظوا التَّناقضَ؟! - 00:11:46ضَ
كلُّ هؤلاء لا يملكونَ تفسيرًا تطوُّريًّا لظاهرةِ تشابُهِ الحيواناتِ المشيميَّةِ والجرابيَّةِ؟ - 00:11:48ضَ
لاحظوا -إخواني- هذا السُّؤال لا علاقةَ لهُ بموضوعِنا؛ - 00:11:55ضَ
موضوعُنا هُو: هلْ التَّشابهُ يعني وَحْدةَ الأصلِ؟ - 00:11:59ضَ
تابعُ الخرافةِ الآنَ في الزَّاويةِ، وعليهِ أنْ يُجيب بِنعم أو لا - 00:12:03ضَ
لمْ يكُنْ سُؤالُنا: ما تفسيركُم يا أتباعَ الخُرافةِ لتشابهِ المشيميَّاتِ والِجرابيَّاتِ؟ - 00:12:08ضَ
فهذا سُؤالٌ آخرُ منفصلٌ، نسألهُ بعدَ تحصيلِ إجابةٍ عن السُّؤالِ الأوَّلِ -الَّذي هو موضوعُ الحلقةِ- - 00:12:13ضَ
هذه الملاحظةُ مهمَّةٌ جدًا -أخي- حتَّى لا يتفلَّتَ تابعُ الخرافةِ بمغالطةِ (تغييِر الموضوعِ) - 00:12:21ضَ
افترضْ أنَّ الخرافةَ تمتلكُ تفسيرًا مُقنعًا لظاهرةِ التَّشابهِ هذهِ، - 00:12:28ضَ
هل هذا التَّفسيرُ يدعمُ ادِّعاءَ أنَّ التَّشابهَ يعني الأصلَ المشتركَ القريبَ؟ - 00:12:32ضَ
أبدًا؛ فَهُمْ -بأنفسِهم- يقولونَ أنَّ أُصولَ المشيميَّات والِجرابيَّات - 00:12:38ضَ
بعيدةٌ جدًا عن بعضِها قبل (160) مليونَ سنةٍ - 00:12:43ضَ
لذلكَ فتفسيرُ أتباعِ الخرافةِ لهذا التَّشابهِ سنُناقشه في مكانهِ لاحقًا -بإذن الله- - 00:12:47ضَ
لنرى فصلًا آخرَ من فصولِ الهزل والمكابرةِ التَّطوُّريَّةِ - 00:12:52ضَ
سنناقشُ ما يُسمَّى (التطوُّر المتقارِب) "convergent evolution" - 00:12:57ضَ
و(الانحياز التطوريَّ) "developmental bias" - 00:12:59ضَ
و(التوجيه الوراثيَّ) "genetic channeling" وهذه المصطلحات - 00:13:01ضَ
حتَّى ذَلك الحينِ، لا تدعْ أحدًا يحتجُّ عليكَ أخي بقولهِ: - 00:13:03ضَ
مستحيلٌ، علماءٌ ومؤلِّفونَ يقعونَ في هذا التَّناقضِ - 00:13:07ضَ
ويضعونَ رسمتينِ باستنتاجينِ مختلفينِ في نفس الكتابِ، وفي صفحاتٍ متقاربةٍ؟! - 00:13:10ضَ
رأينا في حلقةِ (صِّح النُّوم)، كيف أنَّه عندما يتعلقُ الأمرُ بالخرافةِ - 00:13:16ضَ
فلا علمَ، ولا منطقَ، ولا أمانةَ، ولا تحديثَ معلوماتٍ ولا مواكبةَ اكتشافاتٍ - 00:13:19ضَ
ويكفيكَ في حالةِ كتاب (Raven and Johnson) -مثلًا- - 00:13:25ضَ
أنْ ترى كَمَّ الخرافاتِ القديمةِ وأساطيِرَ الأوَّلينَ - 00:13:28ضَ
المحشوَّةَ بينَ هاتينِ الرَّسمتينِ مِن صفحة (432) إلى صفحة (435)، - 00:13:31ضَ
مِن ادِّعاءِ سُوءِ التَّصميم في شبكيَّةِ العينِ، - 00:13:38ضَ
إلى ادِّعاءِ وجودِ أعضاءَ بلا فائدةٍ، مثلَ ما يسمَّى بالزَّائدةِ الدُّوديَّةِ، وعظامِ الحوضِ في الحوتِ، - 00:13:40ضَ
وهي الادِّعاءاتُ التِّي بيَّنَّا -بالتَّفصيلِ- في حلقةِ (أحرجتُكَ)، وحلقة (صحِّ النُّوم) - 00:13:47ضَ
وبأبحاثٍ لأتباعِ الخرافةِ أنفسِهم أنَّها خُرافاتٌ غبِيَّةٌ متخلِّفةٌ - 00:13:53ضَ
كلُّ هذا يضعُه المؤلِّفون في فصلٍ بعنوانِ: (أدلَّةُ التَّطوُّرِ) - 00:14:00ضَ
والأمرُ ليسَ حصرًا على (Raven and Johnson) بلْ في كُتبٍ أُخرى عالميَّةٍ - 00:14:05ضَ
فلا تُؤَجِّرُ عقلكَ، ولا تحْتجَّ عليَّ بقولكَ: ليس من المعقول أن يفعلوا ذلك! - 00:14:11ضَ
نعودُ فنقولُ -أخي-، افترِضْ أنَّكَ لم تطَّلع على هذهِ الحلقةِ، - 00:14:16ضَ
ولا سمعتَ بالمخلوقاتِ الجِرابيَّةِ أصلًا، - 00:14:19ضَ
هل هو موقفٌ عقليٌّ علميٌّ: إذا وجدنا بعضَ الشَّبهِ بين المخلوقاتِ - 00:14:22ضَ
أنْ نستنتجَ أنَّها تطوَّرت مِن أصلٍ مشتركٍ، بطفراتٍ خبطَ عشواءَ وطبيعةٍ عمياءَ، - 00:14:27ضَ
دونَ حاجةٍ إلى تصميٍم ولا خالقٍ عليمٍ؟! - 00:14:32ضَ
عندما تجدُ أنَّ كلًا من هذه الحيواناتِ تركَّبت فيه العظامُ بأبعادٍ وكثافةٍ معيَّنةٍ، - 00:14:35ضَ
وتناسقٍ فيما بينها، وتناسقٍ مع الأوعيةِ الدَّمويَّةِ التِّي تُغذِّيها، والأعصابِ التِّي تُحرِّكُها، - 00:14:42ضَ
وأجهزةِ الجسمِ الأخرى بما يُمَكِّنُ الطائرَ من الطيرِ بها، والحوتَ من السِّباحةِ، - 00:14:48ضَ
ورباعيَّاتِ الأرجلِ مِن العَدوِ برشاقةٍ، - 00:14:54ضَ
والإنسانَ من المشيِ والتَّفنُّنَ بيديهِ... - 00:14:56ضَ
هل يملكُ أيُّ عاقلٍ بعد ذلك إلا أنْ يقولَ: - 00:14:59ضَ
﴿رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ﴾ [القرآن 50:20] - 00:15:03ضَ
"أعْطى كلَّ شيءٍ خلْقَهُ"؛ فجعلَ عظامَ كُلٍّ منها مُتناسقةً مُتوافقةً مع وظيفتها، - 00:15:08ضَ
إِذْ كلٌّ مُيسَّرٌ لما خُلِقَ لهُ - 00:15:14ضَ
﴿مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ﴾ [القرآن 3:67] - 00:15:17ضَ
فكلُّ نوعٍ من الكائناتِ متقَنٌ، وكلُّ نوعٍ متناسقٌ - 00:15:21ضَ
هل -إذا تحرَّرتَ مِن الخُرافاتِ وتزويرِ العلمِ- - 00:15:25ضَ
هل تملكُ أمامَ ظاهرةِ التَّشابهِ الشَّديدِ بينَ الجرابيَّاتِ والمشيميَّاتِ - 00:15:27ضَ
-على الاختلافِ الشَّديدِ بينها في التَّشفيرِ الوراثيِّ والأنظمةِ الحيويَّةِ- - 00:15:32ضَ
هل تملكُ إلا أنْ تعلم أنَّها آياتٌ يُظهِرها خالقٌ عليمٌ، خالقٌ عليٌم يدلُّ بها على قُدرتهِ وعظَمتهِ؟! - 00:15:36ضَ
الشَّبهُ إلى حدِّ التَّطابُق الشَّكليِّ مع الاختلافِ الكبيرِ في الحقائقِ - 00:15:45ضَ
مظهرٌ مِن مظاهرِ القدرةِ المُعجِزةِ التَِّي يُباهي بها الله تعالى، - 00:15:48ضَ
كنتُ أتَفكَّر ُفي قولِ اللهِ تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً - 00:15:53ضَ
فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا - 00:15:59ضَ
وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ۗ - 00:16:06ضَ
انظُرُوا إِلَىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكُمْ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [القرآن 99:6] - 00:16:16ضَ
ووقفتُ عندَ قولهِ تعالى: "مشتبهًا وغيرَ متشابهٍ"؛ - 00:16:23ضَ
الأشياءُ المشتبِهةُ: هي التَّي تلتبِسُ عليك من شدَّة تشابُهها - 00:16:28ضَ
حتَّى تظنَّها شيئًا واحدًا، وهي مختلفةٌ في الحقيقة، - 00:16:32ضَ
تقولُ: اشتباهٌ في الأشخاصِ؛ إذا ظننتَ أنَّ شخصًا ما هو المطلوب - 00:16:36ضَ
لشدةِ تشابُههِ مع المطلوبِ الحقيقيِّ - 00:16:39ضَ
فقلتُ في نفسي: - 00:16:43ضَ
لعلَّ الآية تشير إلى أنَّ الأصناف المذكورة من الفاكهةِ -الزَّيتونَ والرُّمَّانَ- - 00:16:44ضَ
منها أصنافٌ مُشتبِهةٌ إلى درجةِ الالتباسِ، بحيثُ يظنُّها النَّاظرُ شيئًا واحدًا، - 00:16:49ضَ
وهي مختلفةٌ في الحقيقة - 00:16:54ضَ
فبحثتُ في موقعِ الأبحاثِ العلميَّةِ المعروف بابميد "Pubmed" عن عباراتِ - 00:16:56ضَ
"genetic diversity of olives" - 00:17:00ضَ
و"genetic diversity of pomegranates" - 00:17:02ضَ
أي: التَّنوعاتُ الوراثيَّة في الزَّيتونِ، والتَّنوُّعاتُ الوراثيَّة في الرُّمَّانِ، - 00:17:05ضَ
فوجدتُ أبحاثًا علميَّةً كثيرةً، تنُصُّ على التَّنوُّعِ الهائلِ في الزَّيتونِ - 00:17:08ضَ
مثلاً، أكثرُ من (500) صنفٍ مختلفٍ في إيطاليا وَحدها! - 00:17:13ضَ
وهذا بحثٌ علميٌّ مِن منشوراتِ جامعةِ (أوكسفورد) - 00:17:18ضَ
يُعلنُ عن إنشاءِ قاعدةِ بياناتٍ لأصنافِ الزَّيتونِ العالميَّةِ، - 00:17:21ضَ
لشدَّةِ اشتباهها وسهولةِ خلطِ زيوتها بأصنافٍ أقلَّ جَودةٍ، - 00:17:25ضَ
وينصُّ على أنَّها تشتبِهُ في الشَّكلِ، بل والمكوناتِ بطريقةٍ تُصعِّبُ تمييزها، - 00:17:29ضَ
ممَّا اضطُّرَّهم إلى التَّمييزِ بينها بحسبِ الجيناتِ - 00:17:35ضَ
ووجدتُ أبحاثًا شبيهةً حديثةً عن أصنافِ الرُّمَّان أيضًا، - 00:17:39ضَ
تنصُّ على أنَّها مختلفةٌ وراثيًّا، لكن يَصعُب التَّفريقُ بينها مِن شكلها... - 00:17:43ضَ
"مشتبهًا وغيرَ متشابهٍ" - 00:17:49ضَ
فهذا مظهرٌ مِن مظاهرِ القُدرةِ الَّتي يُباهي بها الله تعالى، - 00:17:51ضَ
وانظُر إلى مِثلها في الجِرابيَّاتِ والمشيميَّاتِ - 00:17:55ضَ
إذن، في حلقةِ اليومِ أثبتنا -إخواني- - 00:17:59ضَ
أنَّ الشَّبهَ لا يدلُّ على وحدةِ الأصلِ، ولا على القرابةِ، ولا على صحَّةِ الخرافةِ - 00:18:01ضَ
لكنْ بقيَ أنْ نُجيبَ عن السُّؤالِ الَّذي بدأنا به في الحلقةِ: - 00:18:07ضَ
ماذا إنْ نبتَ لديك نتوءٌ أسفلَ ظهرِكَ، وطالَ، وأصبحَ يُشبهُ الذَّيلَ؟ ماذا تفعل؟ - 00:18:11ضَ
بدايةُ القصَّةِ هو بطلُ الاشتباهاتِ (داروين) - 00:18:17ضَ
في كتابهِ (أصلُ الإنسانِ) سمَّى هذا النُّتوءَ "Rudiment of Tail" بقايا ذيلٍ، - 00:18:21ضَ
فوقعت الفكرةُ موقعها مِن أذيالِ داروين - 00:18:27ضَ
ذيلٌ إنسانيٌّ؟! - 00:18:30ضَ
ماذا عساهُ يكونُ إلَّا دليلًا على أصولهِ الحيوانيَّةِ؟ - 00:18:31ضَ
فراحوا يجمعونَ الأدلَّةَ من هذا النَّوعِ، وأطلقوا عليها اسمًا علميًّا رنّانًا: - 00:18:35ضَ
(بالإنجليزية) التفوبض "Devolution" واسمًا آخر "Atavism" التَّأسُّل، - 00:18:40ضَ
قالوا هو ظهورُ صفاتٍ -في الإنسانِ مثلاً- بعد أنْ كانت مطمورةً مُصْمَتةً لأجيالٍ، - 00:18:45ضَ
تخلَّصَ الإنسانُ من الذَّيلِ عبر عمليةِ التَّطورِ، لكنَّهُ عادَ فظهرَ في بعضِ أفرادهِ - 00:18:50ضَ
وراحوا يعرِضونَ هذه الصَّورَ في المؤتمراتِ والمناقشاتِ، برسالةٍ للإنسانيَّةِ مَفادُها: - 00:18:56ضَ
ألم نقُلْ لكَ أيُّها الإنسان، أنَّكَ ما أنتَ إلا ابنُ حيوانٍ؟ يا حيوان! - 00:19:01ضَ
[نحنُ مستلُّونَ من الحيواناتِ لا أكثر من هذا...] - 00:19:07ضَ
وأصابهم الهَوَسُ بالذِّيولِ الإنسانيَّةِ إلى درجةِ أنَّهم عرَضوا في مؤتمراتِهم صورًا لذيولٍ - 00:19:11ضَ
تَبيَّن فيما بعدُ أنَّها رسماتُ (فوتوشوب) - 00:19:17ضَ
لكنْ لحظةً... بالفعلِ، ماذا عساهُ يكونُ هذا الذَّيلُ؟! - 00:19:20ضَ
هل مِن المحتملِ أنَّنا تأخذُنا العِزَّةُ بالإثمِ حينَ نتبرَّأُ مِن هذا الذَّيلِ، - 00:19:24ضَ
ونرفضُ الانتسابَ إلى كائناتٍ ذاتِ أذيالٍ؟ - 00:19:29ضَ
كلَّف بعضُ الباحثينَ أنفُسهم ألَّا يقِفوا عندَ المظهِر الخارجيِّ، - 00:19:32ضَ
وأنْ يتجاوزوا الطَّبقةِ الجلديَّةِ قليلًا، - 00:19:36ضَ
فتتابعتِ المنشوراتُ العلميَّةُ، ولباحثينَ بعضُهم من أنصارِ الخرافةِ - 00:19:39ضَ
-كما في مجموعةِ نيتشر "Nature"- - 00:19:43ضَ
لتؤكِّدَ أنَّ ما يُسمَّى بـ(الذَّيل الحقيقيِّ) هو في الواقعِ نُمُوَّ وزوائدُ من نسيجٍ دُهنيٍّ - 00:19:45ضَ
وأليافٍ لا علاقةَ لها بالذَّيلِ الحيوانيِّ،، ولا فيها عظامٌ، ولا غضاريفٌ - 00:19:51ضَ
بل، وقد تظهرُ هذه الزوائد في أماكنَ عديدةٍ عند الرقبِة -مثلًا- - 00:19:57ضَ
كما في هذهِ الورقِة لنيتشر "nature" - 00:20:02ضَ
ولا أدري، هل هناكَ حيوانٌ يظهرُ لهُ ذيلٌ عند رقبتهِ يمكنُ أن نكونَ قد تأسَّلنا منهُ؟! - 00:20:04ضَ
فما يسمِّيه أنصارُ الخرافةِ ذيلاً هو أمراضٌ لها أسماءٌ علميَّةٌ - 00:20:12ضَ
سباينل ديسرافزم "spinal dysraphism" - 00:20:17ضَ
سبينابيفيدا "spina bifida" ليبوما "Lipoma"، - 00:20:18ضَ
وليس "true tail" ذيلاً حقيقيًّا دالًّا على أصولٍ حيوانيَّةٍ، كما يزعمُ أذيالُ داروين - 00:20:21ضَ
[بعضُ هذهِ الذُّيولِ -كما قلتُ لكم- تتلوَّى، - 00:20:29ضَ
إذن هو ذيلٌ حقيقيٌّ] - 00:20:33ضَ
بالفعلِ، بعضُ الأذيالِ البشريَّةِ تلتوي، وتلفُّ، وتدورُ، - 00:20:35ضَ
إنَّها رحلةُ البحثِ عن أيِّ تشابهٍ ظاهريٍّ لنُصرةِ الخرافةِ! - 00:20:40ضَ
لو أردنا أنْ نُعرِّفَ العلمَ -إخواني- فلعَلَّ مِن أفضلِ التَّعريفاتِ أنْ نقولَ: - 00:20:45ضَ
العلمُ هو عدمُ الوقوفِ عندَ ظواهرِ الأشياءِ، بل استكشافُها وسبْرُ بواطنها - 00:20:48ضَ
بينما أنصارُ الخرافةِ يرتَدُّونَ بالنَّاسِ إلى الجهلِ بعد العِلْمِ عندما يُوهِمونهم - 00:20:54ضَ
أنَّ وجودَ بعضَ التَّشابهاتِ الشَّكليَّةِ الظَّاهريَّةِ تعني وحدةَ الأصلِ أو انعدامَ التَّصميمِ - 00:20:59ضَ
هم يتَّهمون العُقلاءَ بالسَّطحيَّةِ، - 00:21:05ضَ
بينما لا أرى تعريفًا للسَّطحيَّةِ أوضَح مما يفعلونَ - 00:21:07ضَ
كما قال الله تعالى: ﴿وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ - 00:21:11ضَ
يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ - 00:21:15ضَ
أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم ۗ - 00:21:20ضَ
مَّا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى ۗ - 00:21:22ضَ
وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ﴾ [الروم: 6-8] - 00:21:28ضَ
"يَعلَمونَ ظاهرًا من الحياةِ الدُّنيا" مُنتهى السَّطحيَّةِ - 00:21:33ضَ
بعد هذا العرض -أخي-، إذا استيقظتَ يومًا - 00:21:39ضَ
وتفاجأتَ بأنَّه نبتَ لديكَ شيءٌ في مؤخِّرتكَ فأنتَ صاحبُ القرارِ، - 00:21:41ضَ
إما أنْ تعتبرهُ ذيلًا، كرامةً من كراماتِ التَّطوُّرِ، - 00:21:47ضَ
رآكَ متردِّدًا في قَبولِ أنَّه حقيقةٌ علميَّة، فأخرجَ لك ذيلًا يردُّكَ إلى أصلِكَ وآبائكَ الأوَّلينَ، - 00:21:51ضَ
فتعتذرَ لهم وتعودَ إليهم عودةَ الابنِ البارِّ - 00:22:00ضَ
بل وقد تَستقلُّ طائرةً إلى الهندِ؛ لتتحوَّلَ -بفضلِ ذيلكَ هذا- مِن عاطلٍ عن العملِ إلى معبودٍ مدلَّلٍ، - 00:22:05ضَ
بعد أن أَعطتْ نظريَّةُ التَّطوُّرِ أساسًا علميًّا لهذهِ العبادةِ، - 00:22:13ضَ
وإمّا أن تعتبرهُ "spina bifida" "spinal dysraphism" أو "Lipoma" - 00:22:20ضَ
وتذهبُ إلى جرَّاحٍ ليزيلهُ لكَ - 00:22:26ضَ
والسَّلامُ عليكم - 00:22:28ضَ