المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله سؤال عن الحكمة في كون الحج يخالف سائر العبادات سؤال عن الحكمة في كون الحج يخالف سائر العبادات لان العبادات فعل واحد وجنس واحد - 00:00:02
في زمان واحد او مكان واحد والحج افعال متعددة في امكنة متعددة على كيفيات وهيئات متنوعة الجواب وبالله التوفيق والاعانة في ذلك حكم عظيمة واسرار يتضح بعضها ويخفى بعضها فلو لم يكن فيها من الحكم الا ان حقيقة الحج هو استزارة الرب لاحبابه ووفود بيته - 00:00:32
وانه اوفدهم الى كرامته ودعاهم الى فضله واحسانه ليسبغ عليهم من النعم والكرامات واصناف الهبات ما لا تدركه العبارة ولا يحيط به الوصف فنوع لهم الانساك والمشاعر لينوع لهم الاحسان - 00:01:10
ونقلهم من كرامة الى كرامة ومن مائدة من موائد فضله الى مائدة من موائد كرمه ولهذا كل نوع من هذه العبادات له خاصية وسر وزيادة فضل وايمان. وتحقيق احسان ليس للاخر - 00:01:35
وكل واحد منها مضطر اليه الوافد لهذا البيت فتارة يطوف على بيت ربه ويكرر ذلك يترضى ربه ويتملق له ويطوف بفنائه ويخضع لعظمته وتارة يسعى بين الصفا والمروة يتردد بين هذين المشعرين العظيمين - 00:01:59
الذين كم تردد بينهما من رسول ونبي؟ وكم سعى بينهما من ولي لله وصفي وتارة يقف بالمشعر الحلال وهو عرفة. وتارة بالمشعر الحرام وهو مزدلفة يبدي ما في وسعه من خشية وخضوع - 00:02:25
وخشوع وانابة وانجذاب تام الى ربه وشدة نزوع يتضرع فيها الى مولاه ويسألوه مصالح دينه ودنياه. يقف فيها موقف السائل المسكين الذليل ويطمع غاية الطمع في كرم المولى الجليل وتارة يثني على ربه ويسبحه ويهلله - 00:02:46
وتارة يذكر من منن مولاه ما اصبغه وحباه وجلله وتارة يسأل ربه ان يصلح قلبه بالمحبة والانابة والاخلاص والنصيحة ويعيذه من مساوئ الاخلاق والاعمال القبيحة فكل مطلوب ومقصود يخطر بباله - 00:03:13
يعلم انه لا غنى له عن ربه ونواله وتارة يرمي الجمرات تنبيها واشارة الى رمي الخطايا ومراغمة العدو المبين ويقف عندها طالبا الرحمة والغفران من الملك الحق المبين وتارة يذبح قربانه - 00:03:37
تقربا الى الله بالذبح الذي هو افضل واولى ما دخل في قوله فصل لربك وانحر فكما انه لا يستغني عن الصلاة فليس له غنى عن شقيقها وقرينها جامعا فيه بين تقربه الى الله بهذا النسك - 00:04:01
وبين الاحسان الى اخوانه باطعام البائس الفقير وبين قبول ضيافة الله وكرامته له حيث امره بالاكل منها ثم شرع له الشروع والتحلل من محظورات الاحرام بالحلق بعد الرمي فكان ذلك جاريا مجرى السلام من الصلاة - 00:04:25
التي تحريمها التكبير وتحليلها التسليم فتنحل عنه المحظورات التي كان ممنوعا منها وقت الاحرام. اظهارا للذل والخضوع والتعظيم وشعارا وهيئة لهذا النسك الكريم ويتفائل على فضل الله بانحلاله عن الخطايا والذنوب - 00:04:51
وانه قد ادرك من ربه غاية المنى والمطلوب. فافعال الحج واقواله كلها اسرار وحكم المقصود منها القيام بالعبودية المتنوعة والاخلاص للمعبود فالحج مبناه على الحب والاخلاص والتوحيد والثناء والذكر للحميد المجيد - 00:05:16
فانما شرعت المناسك لاقامة ذكر الله ومن الحكم في ذلك ان هذه عبادات في محل واحد ينتابه المسلمون من اقطار الارض بعد المشقات وبذل نفائس النفقات فكانت عبادة واحدة محتوية على جملة عبادات - 00:05:42
وطاعة وقربة هي عدة طاعات وقربات فالذين جاءوا اليها من كل فج عميق متحملين ما شاء الله ان يتحملوا من وسائلها وطرقها وما لا تتم الا به وربما كان بعضهم قد جمع بين وصوله بنفسه - 00:06:07
والسعي في ايصال غيره الى هذا النسك محتسبا اجره راجيا ثوابه فكان من المناسب غاية المناسبة ان يرجعوا وقد ظفروا بعدة عبادات وحصل لهم كثير من الطاعات وانواع المغانم والمكاسب والتجارات الرابحات - 00:06:32
فيا لها من عبادة جمعت من العمل فنونا ومن الخير انواعا وكان من حكمة الله ايضا في تعدد عباداتها ومواضعها ان المقيمين في مكة ونواحيها يشاركون في المشقة وبذل النفقات من كان عنها بعيدا - 00:06:56
ولهذا يستعدون للازواج والمراكب. وان كان الموضع قريبا فكأنه من تحملهم له واستعدادهم له سفر بعيد فيحصل لهم ما حصل للنائين ومن الحكم في ذلك ان تعدد المشاعر والمناسك وتنقلات الحجاج فيها موضعا بعد موضع - 00:07:20
فيه راحة واجمام وسبب لتكميل كل نسك منها كأنه عبادة مستقلة ولا شك ان التنقلات من اكبر الاسباب لتكميل العبادات ولا ريب ان البرازخ والفصول بين الاعمال سبب كبير لنشاط العمال - 00:07:46
واعتبر ذلك لو كانت افعال الحج عملا واحدا في موضع واحد يتصل بعضه ببعض حتى يتم هل يوجد فيها هذا النشاط والرغبة واستقبال كل مشعر برغبة تامة وعزيمة صادقة ومن الحكم العظيمة في ذلك - 00:08:10
ان اجتماع المسلمين في هذه المواضع والمشاعر توجب تعارفهم وتعاطفهم واتفاقهم وقيام الالفة لان المسلمين اخوة ومصالحهم العامة والخاصة مرتبط بعضها ببعض فلو كان كل قطر وبلد لا يتصلون بالاخرين - 00:08:34
لضاعت مصالحهم وفاتت كثير من منافعهم وتنافرت قلوبهم وتشتت شملهم ولكن الله وله الحمد من عليهم بهذا النسك وهذه العبادة العظيمة التي تجمعهم وتضم قاصيهم ودانيهم ليقع التعارف ويحصل التآلف - 00:08:58
وينتفع كل منهم بالاخر ويتفاهمون فيما يمكنهم من امور دينهم ودنياهم فكم كسب الانسان بسبب هذا النسك من ملاقاة اجلاء فضلاء وكم تشرف بمقابلة الكملاء النبلاء وكم حصل في ذلك من علوم نافعة واداب صالحة - 00:09:24
وكم ربح فيه من اخلاء ومن اخوان واصحاب كرام واخدان لولا هذه الامكنة لم يحصلوا ولولا هذه المجامع لم يدركوا فهذا من بركات الحج حيث كان مباركا وهدى للعالمين ومن الحكم في ذلك - 00:09:51
ان الله قال ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله فذكر للحج مقصودين عظيمين ذكر اسمه والثناء عليه وانواع عبادته كما تقدمت الاشارة اليه وشهود المنافع التي لا تتم الا بتعدد هذه المواضع والعبادات - 00:10:15
وتنقلها من موضع الى اخر ومن عبادة الى اخرى فكم حصل بهذا التعدد من انواع المكاسب الدنيوية والتجارات واصناف الارباح فكل موضع منها يقوم فيه سوق كبير من اسواق التجارة المتنوعة - 00:10:42
التي لا يمكن احصاء مصالحها ومنافعها كل هذا من بركات هذا النسك ومن الحكم في ذلك انه قد جرت عادات الامم بقيام التذكار لعظمائهم وكبرائهم احياء لذكراهم وتعظيما لهم واشادة بمجدهم ومآثرهم. وتنشيطا للاقتداء باعمالهم - 00:11:06
واعظم الخلق على الاطلاق انبياء الله ورسله فهم الرجال العظماء في الحقيقة واعظمهم مطلقا الخليلان ابراهيم ومحمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم والحج من اوله الى اخره تذكرة لمقاماتهم السامية - 00:11:37
واحوالهم الزاكية واعمالهم العالية فكل مشعر مذكر باحوالهم وما كانوا عليه حاث على الايمان بهم وتصديقهم واجلالهم واكرامهم وشدة محبتهم وقوة الاتصال بهم الذي هو اصل الايمان واساس اليقين وطريق الفلاح والسعادة - 00:12:01
وقد اشار الباري الى ذلك في قوله واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى والمراد بذلك على اصح القولين جميع مقاماته في الحج بجميع مشاعره ومصلى معبدا وتذكارا وقد وضح ذلك النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اتم التوضيح - 00:12:30
بقوله عند كل فعل ومشعر من تلك المشاعر خذوا عني مناسككم ففيها عبودية لله من جهة الامر والترغيب وفيها ايمان بالرسل وتعظيم واحترام وحث على الاقتداء بهم ومحبتهم وذلك اعلى الخصال واكمل الاحوال - 00:13:01
حتى ان فيها تذكيرا لمن يتصل بهؤلاء الرسل العظام كما ذكر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في السعي بين الصفا والمروة حيث ذكر قصة هاجر ام اسماعيل قال - 00:13:28
فلذلك سعى الناس بينهما وكما رمل هو واصحابه في طواف القدوم. فكان سنة الى يوم القيامة لهذا المعنى فكم بين احتفالات الامم بكبرائهم ورؤسائهم وزعمائهم واقامة التذكار لهم الذي لا يسمن ولا يغني من جوع. من هذه الاحتفالات الجليلة العظيمة - 00:13:47
التي تملأ القلوب امنا وايمانا وطمأنينة وانشراحا وايقانا وتعظيما وتوقيرا لمن تعظيمهم وتوقيرهم غاية الفوز والفلاح والاقتداء بهم هو الاصل والطريق في ادراك كل نجاح فالمسلمون اذا وصلوا وحصلوا في كل مشعر من هذه المشاعر - 00:14:17
جعلوا افعال نبيهم واحواله وشخصه الكريم نصب اعينهم عالمين انه لا تتم امورهم كلها. ولا تكمل الا بتمام الاسوة والقدوة به فمن انواع الكرامات التي يفيضها الله عليهم بل من اجلها - 00:14:44
زيادة الايمان بنبيهم وقوة المحبة والشوق اليه التي هي من اعظم واجبات الايمان وشروطه فصلى الله وسلم عليه وعلى اخوانه من الانبياء والمرسلين وعلى اتباعهم الى يوم الدين وسلم تسليما - 00:15:08
تمت في الثالث من ذي الحجة سنة ثلاث واربعين وثلاثمائة والف - 00:15:33
Transcription
المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله سؤال عن الحكمة في كون الحج يخالف سائر العبادات سؤال عن الحكمة في كون الحج يخالف سائر العبادات لان العبادات فعل واحد وجنس واحد - 00:00:02
في زمان واحد او مكان واحد والحج افعال متعددة في امكنة متعددة على كيفيات وهيئات متنوعة الجواب وبالله التوفيق والاعانة في ذلك حكم عظيمة واسرار يتضح بعضها ويخفى بعضها فلو لم يكن فيها من الحكم الا ان حقيقة الحج هو استزارة الرب لاحبابه ووفود بيته - 00:00:32
وانه اوفدهم الى كرامته ودعاهم الى فضله واحسانه ليسبغ عليهم من النعم والكرامات واصناف الهبات ما لا تدركه العبارة ولا يحيط به الوصف فنوع لهم الانساك والمشاعر لينوع لهم الاحسان - 00:01:10
ونقلهم من كرامة الى كرامة ومن مائدة من موائد فضله الى مائدة من موائد كرمه ولهذا كل نوع من هذه العبادات له خاصية وسر وزيادة فضل وايمان. وتحقيق احسان ليس للاخر - 00:01:35
وكل واحد منها مضطر اليه الوافد لهذا البيت فتارة يطوف على بيت ربه ويكرر ذلك يترضى ربه ويتملق له ويطوف بفنائه ويخضع لعظمته وتارة يسعى بين الصفا والمروة يتردد بين هذين المشعرين العظيمين - 00:01:59
الذين كم تردد بينهما من رسول ونبي؟ وكم سعى بينهما من ولي لله وصفي وتارة يقف بالمشعر الحلال وهو عرفة. وتارة بالمشعر الحرام وهو مزدلفة يبدي ما في وسعه من خشية وخضوع - 00:02:25
وخشوع وانابة وانجذاب تام الى ربه وشدة نزوع يتضرع فيها الى مولاه ويسألوه مصالح دينه ودنياه. يقف فيها موقف السائل المسكين الذليل ويطمع غاية الطمع في كرم المولى الجليل وتارة يثني على ربه ويسبحه ويهلله - 00:02:46
وتارة يذكر من منن مولاه ما اصبغه وحباه وجلله وتارة يسأل ربه ان يصلح قلبه بالمحبة والانابة والاخلاص والنصيحة ويعيذه من مساوئ الاخلاق والاعمال القبيحة فكل مطلوب ومقصود يخطر بباله - 00:03:13
يعلم انه لا غنى له عن ربه ونواله وتارة يرمي الجمرات تنبيها واشارة الى رمي الخطايا ومراغمة العدو المبين ويقف عندها طالبا الرحمة والغفران من الملك الحق المبين وتارة يذبح قربانه - 00:03:37
تقربا الى الله بالذبح الذي هو افضل واولى ما دخل في قوله فصل لربك وانحر فكما انه لا يستغني عن الصلاة فليس له غنى عن شقيقها وقرينها جامعا فيه بين تقربه الى الله بهذا النسك - 00:04:01
وبين الاحسان الى اخوانه باطعام البائس الفقير وبين قبول ضيافة الله وكرامته له حيث امره بالاكل منها ثم شرع له الشروع والتحلل من محظورات الاحرام بالحلق بعد الرمي فكان ذلك جاريا مجرى السلام من الصلاة - 00:04:25
التي تحريمها التكبير وتحليلها التسليم فتنحل عنه المحظورات التي كان ممنوعا منها وقت الاحرام. اظهارا للذل والخضوع والتعظيم وشعارا وهيئة لهذا النسك الكريم ويتفائل على فضل الله بانحلاله عن الخطايا والذنوب - 00:04:51
وانه قد ادرك من ربه غاية المنى والمطلوب. فافعال الحج واقواله كلها اسرار وحكم المقصود منها القيام بالعبودية المتنوعة والاخلاص للمعبود فالحج مبناه على الحب والاخلاص والتوحيد والثناء والذكر للحميد المجيد - 00:05:16
فانما شرعت المناسك لاقامة ذكر الله ومن الحكم في ذلك ان هذه عبادات في محل واحد ينتابه المسلمون من اقطار الارض بعد المشقات وبذل نفائس النفقات فكانت عبادة واحدة محتوية على جملة عبادات - 00:05:42
وطاعة وقربة هي عدة طاعات وقربات فالذين جاءوا اليها من كل فج عميق متحملين ما شاء الله ان يتحملوا من وسائلها وطرقها وما لا تتم الا به وربما كان بعضهم قد جمع بين وصوله بنفسه - 00:06:07
والسعي في ايصال غيره الى هذا النسك محتسبا اجره راجيا ثوابه فكان من المناسب غاية المناسبة ان يرجعوا وقد ظفروا بعدة عبادات وحصل لهم كثير من الطاعات وانواع المغانم والمكاسب والتجارات الرابحات - 00:06:32
فيا لها من عبادة جمعت من العمل فنونا ومن الخير انواعا وكان من حكمة الله ايضا في تعدد عباداتها ومواضعها ان المقيمين في مكة ونواحيها يشاركون في المشقة وبذل النفقات من كان عنها بعيدا - 00:06:56
ولهذا يستعدون للازواج والمراكب. وان كان الموضع قريبا فكأنه من تحملهم له واستعدادهم له سفر بعيد فيحصل لهم ما حصل للنائين ومن الحكم في ذلك ان تعدد المشاعر والمناسك وتنقلات الحجاج فيها موضعا بعد موضع - 00:07:20
فيه راحة واجمام وسبب لتكميل كل نسك منها كأنه عبادة مستقلة ولا شك ان التنقلات من اكبر الاسباب لتكميل العبادات ولا ريب ان البرازخ والفصول بين الاعمال سبب كبير لنشاط العمال - 00:07:46
واعتبر ذلك لو كانت افعال الحج عملا واحدا في موضع واحد يتصل بعضه ببعض حتى يتم هل يوجد فيها هذا النشاط والرغبة واستقبال كل مشعر برغبة تامة وعزيمة صادقة ومن الحكم العظيمة في ذلك - 00:08:10
ان اجتماع المسلمين في هذه المواضع والمشاعر توجب تعارفهم وتعاطفهم واتفاقهم وقيام الالفة لان المسلمين اخوة ومصالحهم العامة والخاصة مرتبط بعضها ببعض فلو كان كل قطر وبلد لا يتصلون بالاخرين - 00:08:34
لضاعت مصالحهم وفاتت كثير من منافعهم وتنافرت قلوبهم وتشتت شملهم ولكن الله وله الحمد من عليهم بهذا النسك وهذه العبادة العظيمة التي تجمعهم وتضم قاصيهم ودانيهم ليقع التعارف ويحصل التآلف - 00:08:58
وينتفع كل منهم بالاخر ويتفاهمون فيما يمكنهم من امور دينهم ودنياهم فكم كسب الانسان بسبب هذا النسك من ملاقاة اجلاء فضلاء وكم تشرف بمقابلة الكملاء النبلاء وكم حصل في ذلك من علوم نافعة واداب صالحة - 00:09:24
وكم ربح فيه من اخلاء ومن اخوان واصحاب كرام واخدان لولا هذه الامكنة لم يحصلوا ولولا هذه المجامع لم يدركوا فهذا من بركات الحج حيث كان مباركا وهدى للعالمين ومن الحكم في ذلك - 00:09:51
ان الله قال ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله فذكر للحج مقصودين عظيمين ذكر اسمه والثناء عليه وانواع عبادته كما تقدمت الاشارة اليه وشهود المنافع التي لا تتم الا بتعدد هذه المواضع والعبادات - 00:10:15
وتنقلها من موضع الى اخر ومن عبادة الى اخرى فكم حصل بهذا التعدد من انواع المكاسب الدنيوية والتجارات واصناف الارباح فكل موضع منها يقوم فيه سوق كبير من اسواق التجارة المتنوعة - 00:10:42
التي لا يمكن احصاء مصالحها ومنافعها كل هذا من بركات هذا النسك ومن الحكم في ذلك انه قد جرت عادات الامم بقيام التذكار لعظمائهم وكبرائهم احياء لذكراهم وتعظيما لهم واشادة بمجدهم ومآثرهم. وتنشيطا للاقتداء باعمالهم - 00:11:06
واعظم الخلق على الاطلاق انبياء الله ورسله فهم الرجال العظماء في الحقيقة واعظمهم مطلقا الخليلان ابراهيم ومحمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم والحج من اوله الى اخره تذكرة لمقاماتهم السامية - 00:11:37
واحوالهم الزاكية واعمالهم العالية فكل مشعر مذكر باحوالهم وما كانوا عليه حاث على الايمان بهم وتصديقهم واجلالهم واكرامهم وشدة محبتهم وقوة الاتصال بهم الذي هو اصل الايمان واساس اليقين وطريق الفلاح والسعادة - 00:12:01
وقد اشار الباري الى ذلك في قوله واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى والمراد بذلك على اصح القولين جميع مقاماته في الحج بجميع مشاعره ومصلى معبدا وتذكارا وقد وضح ذلك النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اتم التوضيح - 00:12:30
بقوله عند كل فعل ومشعر من تلك المشاعر خذوا عني مناسككم ففيها عبودية لله من جهة الامر والترغيب وفيها ايمان بالرسل وتعظيم واحترام وحث على الاقتداء بهم ومحبتهم وذلك اعلى الخصال واكمل الاحوال - 00:13:01
حتى ان فيها تذكيرا لمن يتصل بهؤلاء الرسل العظام كما ذكر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في السعي بين الصفا والمروة حيث ذكر قصة هاجر ام اسماعيل قال - 00:13:28
فلذلك سعى الناس بينهما وكما رمل هو واصحابه في طواف القدوم. فكان سنة الى يوم القيامة لهذا المعنى فكم بين احتفالات الامم بكبرائهم ورؤسائهم وزعمائهم واقامة التذكار لهم الذي لا يسمن ولا يغني من جوع. من هذه الاحتفالات الجليلة العظيمة - 00:13:47
التي تملأ القلوب امنا وايمانا وطمأنينة وانشراحا وايقانا وتعظيما وتوقيرا لمن تعظيمهم وتوقيرهم غاية الفوز والفلاح والاقتداء بهم هو الاصل والطريق في ادراك كل نجاح فالمسلمون اذا وصلوا وحصلوا في كل مشعر من هذه المشاعر - 00:14:17
جعلوا افعال نبيهم واحواله وشخصه الكريم نصب اعينهم عالمين انه لا تتم امورهم كلها. ولا تكمل الا بتمام الاسوة والقدوة به فمن انواع الكرامات التي يفيضها الله عليهم بل من اجلها - 00:14:44
زيادة الايمان بنبيهم وقوة المحبة والشوق اليه التي هي من اعظم واجبات الايمان وشروطه فصلى الله وسلم عليه وعلى اخوانه من الانبياء والمرسلين وعلى اتباعهم الى يوم الدين وسلم تسليما - 00:15:08
تمت في الثالث من ذي الحجة سنة ثلاث واربعين وثلاثمائة والف - 00:15:33