السلام عليكم - 00:00:20
من المفاهيم الخاطئة والخطيرة، أنَّ كون الإيمان غيبيًا - 00:00:22
يعني أنَّه شيءٌ غير يقينيٍّ - 00:00:25
ليس أكيدًا - 00:00:27
احتمالٌ كبيرٌ جدًا - 00:00:28
لكن لا تستطيع أن تقول: مائةً بالمائة - 00:00:29
يقولون لك: لا أحد يستطيع أن يجزم بصحَّة ما لديه وخطأ الطرف الآخر؛ - 00:00:32
لأنَّه غيبٌ في النهاية - 00:00:37
وترى مَن يطبِّق ذلك حتَّى على المسألة الكبرى؛ - 00:00:41
على وجود الله تعالى - 00:00:44
ويقول: "الإيمان هو أن تؤمن بشيءٍ - 00:00:45
دون وجود كلِّ الأدلَّة الحاسمة والقاطعة عليه، - 00:00:48
الإيمان يحتاج إلى (بالانجليزية) قفزة إيمان؛ - 00:00:51
أي إلى شيءٍ لا يمكن البرهنة عليه بشكلٍ قطعيٍّ، - 00:00:55
الإيمان - 00:00:58
يحتاج هذه القفزة الشجاعة في الفراغ" - 00:00:59
ومثل هذه العبارات - 00:01:02
التي تجعل الإيمان بوجود الله وبالغيب عمومًا - 00:01:04
أمرًا حَدْسِيًّا، تخمينيًّا، لا قطعيًّا يقينيًّا - 00:01:07
تجعله أمرًا بغلبة الظنِّ، احتماله كبيرٌ - 00:01:12
لكنَّه دون الـ(100%) - 00:01:15
فهل الإيمان بوجود الله - 00:01:18
هو كذلك فعلًا في المنظومة الإسلاميَّة؟ - 00:01:19
يقينًا لا؛ - 00:01:23
بل الإيمان بوجود الله - 00:01:24
هو إيمانٌ بما تدلُّ الأدلة عليه - 00:01:25
بشكلٍ قطعيٍّ حاسمٍ لا يقبل الشكَّ ولا التردُّد - 00:01:28
وكونه غيبًا - 00:01:33
لا يعني أبدًا أنَّه لا يمكن الجزم به - 00:01:34
غيبٌ لا يساوي مبهمًا أو غامضًا، - 00:01:37
ولا يعني أنَّ الإيمان بالله - 00:01:41
هو موقفٌ عاطفيٌّ تسليميٌّ محضٌ؛ - 00:01:42
بل هو موقفٌ برهانيٌّ، استدلاليٌّ، فطريٌّ، عقليٌّ - 00:01:45
الإيمان بوجود الله - 00:01:49
هو إيمانٌ يدلُّك عليه العقل والفطرة - 00:01:50
دون أنْ يمنعك مرض القلب أو اتِّباع الهوى - 00:01:53
والغريب أنَّ هذه المسألة - 00:01:56
-التي هي أَوْلى بدَهيِّات الإسلام- - 00:01:57
ليست واضحةً عند بعض مَن يتصدَّى لمحاربة الإلحاد - 00:01:59
إنْ كان الإيمان بالله - 00:02:03
عند بعض أتباع الأديان الأخرى - 00:02:04
قد اختلط بصورة مشوَّهة عن الله تعالى وصفاته - 00:02:06
ممَّا جعل أتباع هذه الأديان يحتاجون القفزَ - 00:02:10
في الفراغ، والتسليمَ غير المستَنِد إلى العقل، - 00:02:13
فنحن لا نحتاجه في الإسلام -والحمد لله- - 00:02:16
هذه الحلقة للمسلمين - 00:02:19
وهي أيضًا للمتشكِّكين - 00:02:21
الذين قد يظنُّون أنَّنا ندعوهم - 00:02:22
إلى الإيمان الحَدْسيِّ العاطفيِّ التسليميِّ؛ - 00:02:25
بل نحن ندعوهم إلى إيمانٍ فطريٍّ عقليٍّ مُبرْهَنٍ - 00:02:27
كما أنَّ التسليم الذي ندعو الناس إليه ليس - 00:02:32
في مسألة وجود الله، - 00:02:34
التسليم ليس هنا؛ - 00:02:35
بل التسليم هو في أمورٍ في تفاصيل الإسلام - 00:02:37
المبنيَّة على إيمانٍ فطريٍّ عقليٍّ مُبرْهَنٍ - 00:02:40
القرآن الذي ندعو إليه يقول: - 00:02:44
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا﴾ [القرآن 15:49] - 00:02:46
أي: آمنوا إيمانًا يشمل التصديق الجازم - 00:02:52
الذي لا يُخالطه شكٌّ، وليس غلبة ظنٍّ، - 00:02:56
ولا إيمانًا احتياطيًّا، ولا إيمانًا اعتباطيًّا - 00:02:59
نؤمن هكذا مع أنَّنا نرى - 00:03:02
أنَّ الأدلة على وجود الله غير قطعَّيةٍ؛ - 00:03:04
بل المنظومة الإسلامية تنصُّ على - 00:03:06
أنَّ وجود الله -عزَّ وجلَّ- هو الحقيقة الكبرى - 00:03:09
بل الله نَفْسُه هو الحقُّ - 00:03:12
﴿ذالكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾ [القرآن 62:22] - 00:03:13
ولشدَّة بداهة وجود الله تعالى - 00:03:19
فإنَّ القرآن - 00:03:21
لا يجعل هذه القضية محور أدلَّته ومناقشاته؛ - 00:03:22
بل يدلِّل على شيءٍ زائدٍ عن مجرَّد الوجود - 00:03:25
كالتوحيد وصفات الله تعالى - 00:03:28
أمَّا الوجود نفسُهُ فقضيَّةٌ محسومةٌ - 00:03:31
(قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) [القرآن 14: 10] - 00:03:34
آيةٌ تتضمَّن الدليل الفِطريَّ والدليل العقليَّ - 00:03:38
أفي الله شكٌّ؟ - 00:03:41
أيْ هل في وجوده شكٌّ؟ - 00:03:43
أو هل في وحدانيَّته شكٌّ؟ - 00:03:44
فوجوده و وحدانيته - 00:03:46
أمرٌ فطريٌّ مغروسٌ في النفس لا يُشكُّ فيه، - 00:03:48
والبرهانُ العقليُّ أنَّه - 00:03:52
فاطرُ السماوات والأرض؛ - 00:03:53
فكلُّ ما في الكون يدلُّ صحيحَ العقل - 00:03:55
سليمَ القلب على وجود الخالق - 00:03:59
في مُحاجَجَةِ موسى لفرعون - 00:04:01
﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ - 00:04:03
قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ﴾ [القرآن 26: 23-24] - 00:04:06
أيْ: بالنظر إلى هذه الكائنات - 00:04:11
فإن ربّ العالمين أَعْرَفُ مِن أنْ يُنكَر، وأظهرُ مِن أنْ يُشكَّ فيه - 00:04:13
"إنْ كنتم موقنين" - 00:04:17
أي: إنْ كنتم مِن أهل اليقين بأيِّ شيءٍ - 00:04:19
فإنَّ اليقين بهذا الربِّ أَوْلى مِن كلِّ يقينٍ - 00:04:22
وإنْ قلتم: "لا يقينَ لنا بشيءٍ"، فأنتم كاذبون؛ - 00:04:25
فكلُّ إنسانٍ لا بدَّ له مِن يقينٍ بأمورٍ بَدَهيَّة ضروريَّةٍ... - 00:04:29
إلى أنْ قال فرعون: - 00:04:34
﴿إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ﴾ [القرآن 27:26] - 00:04:36
فردَّ عليه موسى: - 00:04:39
﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [القرآن 28:26] - 00:04:40
أي: إنْ أنكرتم اللهَ فأنتم أَوْلى بوصف الجنون؛ - 00:04:45
لأنَّكم سُلِبتُم العقلَ النافعَ، - 00:04:49
فالعقل ما هو؟ - 00:04:51
هو في الأساس علومٌ ضروريَّةٌ مثل مبدأ السببيَّة - 00:04:52
وهي تدلُّ على الخالق سبحانه - 00:04:56
فإنْ كان لكم يقينٌ عَرَفتُم اللهَ، - 00:04:58
وإنْ كان لكم عقلٌ عرَفْتُم اللهَ، - 00:05:00
بنفس المعنى أيضًا - 00:05:03
تأمَّل معي مَطلع سورة الجاثية: - 00:05:04
﴿إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ - 00:05:07
وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ - 00:05:11
واختلاف اللّيل والنّهار - 00:05:17
وَمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا - 00:05:19
وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ - 00:05:24
تِلْكَ آيَاتُ اللَّـهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ [القرآن 45: 3-6] - 00:05:28
نفسُ المفاهيم التي في حوار موسى لفرعون؛ - 00:05:36
(يوقنون) - 00:05:39
فالذي عنده يقينٌ فأَوْلى اليقينِ - 00:05:40
اليقينُ بالله وبآياته الكونيَّة - 00:05:42
(يعقلون) - 00:05:45
فمَن عنده عقلٌ فلن ينكر ربَّه، - 00:05:46
ولن تكون عنده مشكلة في أن يؤمن بالغيب - 00:05:48
وحينئذٍ - 00:05:52
﴿إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ [القرآن 3:45] - 00:05:53
﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ [القرآن 6:45] - 00:05:57
فالذي لا يؤمن بالله وآياته الكونيَّة - 00:06:01
مع شدَّة ظهورها فأَوْلى به ألَّا يؤمن بشيءٍ؛ - 00:06:03
لأنَّ الله وآياته أَظْهَر ما يمكن أن يؤمن به إنسانٌ - 00:06:07
﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [القرآن 21:51] - 00:06:13
﴿لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ [القرآن 10: 67] - 00:06:16
فالذي لا يؤمن بالله - 00:06:18
كأنَّه ما أبصَرَ ولا سَمِع ولا أحسَّ ولا عَقِل - 00:06:20
وقال تعالى: - 00:06:23
﴿قُلْ فَلِلَّـهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ۖ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [القرآن 6: 147] - 00:06:25
لله الحُجَّة الدَّالَّةُ على صِدق كلامه - 00:06:29
(البالغة) - 00:06:32
أيْ: الواصِلة إلى ما قُصِدت لأجله، - 00:06:33
وهو أن يُغلَب الخصم وتَبْطُل حُجَّته - 00:06:35
هذا كلُّه في إثبات صفات الله تعالى - 00:06:38
ووحدانيَّته وتفاصيلَ مِن دِينِه - 00:06:41
فكيف بثُبوتِ وجود الله تعالى نفسِه؟ - 00:06:43
أليس أوَّل اليقين؟ وأَوْلى اليقين؟ - 00:06:46
في الحلقات القادمة -بإذن الله- - 00:06:49
سنزيدُ في التبيان: - 00:06:51
لماذا وجودُ الله تعالى أَوْلى بَدَهيَّةٍ عقليَّةٍ؟ - 00:06:53
والسلام عليكم ورحمة الله - 00:06:56
التفريغ
السلام عليكم - 00:00:20
من المفاهيم الخاطئة والخطيرة، أنَّ كون الإيمان غيبيًا - 00:00:22
يعني أنَّه شيءٌ غير يقينيٍّ - 00:00:25
ليس أكيدًا - 00:00:27
احتمالٌ كبيرٌ جدًا - 00:00:28
لكن لا تستطيع أن تقول: مائةً بالمائة - 00:00:29
يقولون لك: لا أحد يستطيع أن يجزم بصحَّة ما لديه وخطأ الطرف الآخر؛ - 00:00:32
لأنَّه غيبٌ في النهاية - 00:00:37
وترى مَن يطبِّق ذلك حتَّى على المسألة الكبرى؛ - 00:00:41
على وجود الله تعالى - 00:00:44
ويقول: "الإيمان هو أن تؤمن بشيءٍ - 00:00:45
دون وجود كلِّ الأدلَّة الحاسمة والقاطعة عليه، - 00:00:48
الإيمان يحتاج إلى (بالانجليزية) قفزة إيمان؛ - 00:00:51
أي إلى شيءٍ لا يمكن البرهنة عليه بشكلٍ قطعيٍّ، - 00:00:55
الإيمان - 00:00:58
يحتاج هذه القفزة الشجاعة في الفراغ" - 00:00:59
ومثل هذه العبارات - 00:01:02
التي تجعل الإيمان بوجود الله وبالغيب عمومًا - 00:01:04
أمرًا حَدْسِيًّا، تخمينيًّا، لا قطعيًّا يقينيًّا - 00:01:07
تجعله أمرًا بغلبة الظنِّ، احتماله كبيرٌ - 00:01:12
لكنَّه دون الـ(100%) - 00:01:15
فهل الإيمان بوجود الله - 00:01:18
هو كذلك فعلًا في المنظومة الإسلاميَّة؟ - 00:01:19
يقينًا لا؛ - 00:01:23
بل الإيمان بوجود الله - 00:01:24
هو إيمانٌ بما تدلُّ الأدلة عليه - 00:01:25
بشكلٍ قطعيٍّ حاسمٍ لا يقبل الشكَّ ولا التردُّد - 00:01:28
وكونه غيبًا - 00:01:33
لا يعني أبدًا أنَّه لا يمكن الجزم به - 00:01:34
غيبٌ لا يساوي مبهمًا أو غامضًا، - 00:01:37
ولا يعني أنَّ الإيمان بالله - 00:01:41
هو موقفٌ عاطفيٌّ تسليميٌّ محضٌ؛ - 00:01:42
بل هو موقفٌ برهانيٌّ، استدلاليٌّ، فطريٌّ، عقليٌّ - 00:01:45
الإيمان بوجود الله - 00:01:49
هو إيمانٌ يدلُّك عليه العقل والفطرة - 00:01:50
دون أنْ يمنعك مرض القلب أو اتِّباع الهوى - 00:01:53
والغريب أنَّ هذه المسألة - 00:01:56
-التي هي أَوْلى بدَهيِّات الإسلام- - 00:01:57
ليست واضحةً عند بعض مَن يتصدَّى لمحاربة الإلحاد - 00:01:59
إنْ كان الإيمان بالله - 00:02:03
عند بعض أتباع الأديان الأخرى - 00:02:04
قد اختلط بصورة مشوَّهة عن الله تعالى وصفاته - 00:02:06
ممَّا جعل أتباع هذه الأديان يحتاجون القفزَ - 00:02:10
في الفراغ، والتسليمَ غير المستَنِد إلى العقل، - 00:02:13
فنحن لا نحتاجه في الإسلام -والحمد لله- - 00:02:16
هذه الحلقة للمسلمين - 00:02:19
وهي أيضًا للمتشكِّكين - 00:02:21
الذين قد يظنُّون أنَّنا ندعوهم - 00:02:22
إلى الإيمان الحَدْسيِّ العاطفيِّ التسليميِّ؛ - 00:02:25
بل نحن ندعوهم إلى إيمانٍ فطريٍّ عقليٍّ مُبرْهَنٍ - 00:02:27
كما أنَّ التسليم الذي ندعو الناس إليه ليس - 00:02:32
في مسألة وجود الله، - 00:02:34
التسليم ليس هنا؛ - 00:02:35
بل التسليم هو في أمورٍ في تفاصيل الإسلام - 00:02:37
المبنيَّة على إيمانٍ فطريٍّ عقليٍّ مُبرْهَنٍ - 00:02:40
القرآن الذي ندعو إليه يقول: - 00:02:44
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا﴾ [القرآن 15:49] - 00:02:46
أي: آمنوا إيمانًا يشمل التصديق الجازم - 00:02:52
الذي لا يُخالطه شكٌّ، وليس غلبة ظنٍّ، - 00:02:56
ولا إيمانًا احتياطيًّا، ولا إيمانًا اعتباطيًّا - 00:02:59
نؤمن هكذا مع أنَّنا نرى - 00:03:02
أنَّ الأدلة على وجود الله غير قطعَّيةٍ؛ - 00:03:04
بل المنظومة الإسلامية تنصُّ على - 00:03:06
أنَّ وجود الله -عزَّ وجلَّ- هو الحقيقة الكبرى - 00:03:09
بل الله نَفْسُه هو الحقُّ - 00:03:12
﴿ذالكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾ [القرآن 62:22] - 00:03:13
ولشدَّة بداهة وجود الله تعالى - 00:03:19
فإنَّ القرآن - 00:03:21
لا يجعل هذه القضية محور أدلَّته ومناقشاته؛ - 00:03:22
بل يدلِّل على شيءٍ زائدٍ عن مجرَّد الوجود - 00:03:25
كالتوحيد وصفات الله تعالى - 00:03:28
أمَّا الوجود نفسُهُ فقضيَّةٌ محسومةٌ - 00:03:31
(قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) [القرآن 14: 10] - 00:03:34
آيةٌ تتضمَّن الدليل الفِطريَّ والدليل العقليَّ - 00:03:38
أفي الله شكٌّ؟ - 00:03:41
أيْ هل في وجوده شكٌّ؟ - 00:03:43
أو هل في وحدانيَّته شكٌّ؟ - 00:03:44
فوجوده و وحدانيته - 00:03:46
أمرٌ فطريٌّ مغروسٌ في النفس لا يُشكُّ فيه، - 00:03:48
والبرهانُ العقليُّ أنَّه - 00:03:52
فاطرُ السماوات والأرض؛ - 00:03:53
فكلُّ ما في الكون يدلُّ صحيحَ العقل - 00:03:55
سليمَ القلب على وجود الخالق - 00:03:59
في مُحاجَجَةِ موسى لفرعون - 00:04:01
﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ - 00:04:03
قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ﴾ [القرآن 26: 23-24] - 00:04:06
أيْ: بالنظر إلى هذه الكائنات - 00:04:11
فإن ربّ العالمين أَعْرَفُ مِن أنْ يُنكَر، وأظهرُ مِن أنْ يُشكَّ فيه - 00:04:13
"إنْ كنتم موقنين" - 00:04:17
أي: إنْ كنتم مِن أهل اليقين بأيِّ شيءٍ - 00:04:19
فإنَّ اليقين بهذا الربِّ أَوْلى مِن كلِّ يقينٍ - 00:04:22
وإنْ قلتم: "لا يقينَ لنا بشيءٍ"، فأنتم كاذبون؛ - 00:04:25
فكلُّ إنسانٍ لا بدَّ له مِن يقينٍ بأمورٍ بَدَهيَّة ضروريَّةٍ... - 00:04:29
إلى أنْ قال فرعون: - 00:04:34
﴿إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ﴾ [القرآن 27:26] - 00:04:36
فردَّ عليه موسى: - 00:04:39
﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [القرآن 28:26] - 00:04:40
أي: إنْ أنكرتم اللهَ فأنتم أَوْلى بوصف الجنون؛ - 00:04:45
لأنَّكم سُلِبتُم العقلَ النافعَ، - 00:04:49
فالعقل ما هو؟ - 00:04:51
هو في الأساس علومٌ ضروريَّةٌ مثل مبدأ السببيَّة - 00:04:52
وهي تدلُّ على الخالق سبحانه - 00:04:56
فإنْ كان لكم يقينٌ عَرَفتُم اللهَ، - 00:04:58
وإنْ كان لكم عقلٌ عرَفْتُم اللهَ، - 00:05:00
بنفس المعنى أيضًا - 00:05:03
تأمَّل معي مَطلع سورة الجاثية: - 00:05:04
﴿إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ - 00:05:07
وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ - 00:05:11
واختلاف اللّيل والنّهار - 00:05:17
وَمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا - 00:05:19
وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ - 00:05:24
تِلْكَ آيَاتُ اللَّـهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ [القرآن 45: 3-6] - 00:05:28
نفسُ المفاهيم التي في حوار موسى لفرعون؛ - 00:05:36
(يوقنون) - 00:05:39
فالذي عنده يقينٌ فأَوْلى اليقينِ - 00:05:40
اليقينُ بالله وبآياته الكونيَّة - 00:05:42
(يعقلون) - 00:05:45
فمَن عنده عقلٌ فلن ينكر ربَّه، - 00:05:46
ولن تكون عنده مشكلة في أن يؤمن بالغيب - 00:05:48
وحينئذٍ - 00:05:52
﴿إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ [القرآن 3:45] - 00:05:53
﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ [القرآن 6:45] - 00:05:57
فالذي لا يؤمن بالله وآياته الكونيَّة - 00:06:01
مع شدَّة ظهورها فأَوْلى به ألَّا يؤمن بشيءٍ؛ - 00:06:03
لأنَّ الله وآياته أَظْهَر ما يمكن أن يؤمن به إنسانٌ - 00:06:07
﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [القرآن 21:51] - 00:06:13
﴿لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ [القرآن 10: 67] - 00:06:16
فالذي لا يؤمن بالله - 00:06:18
كأنَّه ما أبصَرَ ولا سَمِع ولا أحسَّ ولا عَقِل - 00:06:20
وقال تعالى: - 00:06:23
﴿قُلْ فَلِلَّـهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ۖ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [القرآن 6: 147] - 00:06:25
لله الحُجَّة الدَّالَّةُ على صِدق كلامه - 00:06:29
(البالغة) - 00:06:32
أيْ: الواصِلة إلى ما قُصِدت لأجله، - 00:06:33
وهو أن يُغلَب الخصم وتَبْطُل حُجَّته - 00:06:35
هذا كلُّه في إثبات صفات الله تعالى - 00:06:38
ووحدانيَّته وتفاصيلَ مِن دِينِه - 00:06:41
فكيف بثُبوتِ وجود الله تعالى نفسِه؟ - 00:06:43
أليس أوَّل اليقين؟ وأَوْلى اليقين؟ - 00:06:46
في الحلقات القادمة -بإذن الله- - 00:06:49
سنزيدُ في التبيان: - 00:06:51
لماذا وجودُ الله تعالى أَوْلى بَدَهيَّةٍ عقليَّةٍ؟ - 00:06:53
والسلام عليكم ورحمة الله - 00:06:56