نشرناها عن الموضوع - 00:00:00
ما القيم التي ينادي بها كثيرٌ من الملحدين الدَّاروينيِّين هذه الأيَّام؟ - 00:00:01
الحرِّية، - 00:00:06
المساواة، - 00:00:06
حقوق الإنسان، - 00:00:08
حقوق المرأة، - 00:00:09
تعالوا نرى وضع المرأة حسب الأسس العلمية الدَّاروينيَّة، - 00:00:10
كان داروين"Charles Darwin" قد بذر بُذُور وصف المرأة بالدُّونيَّة تطوُّريًّا - 00:00:15
ففي كتابه (أصل الإنسان) عقد فصلًا - 00:00:19
بعنوان: (القدرات الذِّهنيَّة للرَّجل والمرأة) - 00:00:21
وقال فيه عن بعض خصائص المرأة: "هي خواصُّ الأعراقِ الأدنى" - 00:00:25
ثم جاء العالم الفرنسي المعروف - 00:00:30
غوستاف لوبون"Gustave Le Bon" ليقول في منشورٍ علمي - 00:00:31
في المجلَّة العلميَّة ريفيو دي أنثروبولوجي "Revue d'Anthropologie" - 00:00:34
عام (1879) المجلَّد الثَّاني العدد الثَّاني - 00:00:37
-وما سأقوله هنا غريبٌ صادم - 00:00:40
لذلك أضع لك المرجع فراجعه - 00:00:43
وقد راعيت التَّرجمة الحرفيَّة لما ورد في النُّسخة الإنجليزيَّة من المجلَّة مع اختصارٍ فقط - 00:00:46
وهو نقلٌ طويل سأقول في آخره انتهى لِتَعرفَ أنه انتهى- - 00:00:51
يقول غوستاف لوبون: - 00:00:56
"في أكثر العرقيات الذَّكيَّة -كما في الباريسيِّين- - 00:00:57
هناك عددٌ كبيرٌ من النِّساء - 00:01:00
اللَّواتي حجم أدمغتهن أقربُ إلى الغوريلات من الرِّجال الأكثرِ تطوُّرًا، - 00:01:03
وهذه الدُّونيَّة واضحةٌ جدًّا، - 00:01:08
كلُّ علماء النَّفس الذين درسوا ذكاء النِّساء - 00:01:10
يدركون اليوم أنَّهن يمثِّلن الأشكال الأكثر تدنيًّا من تطوُّر الإنسان، - 00:01:13
وأنَّهن أقربُ للأطفال والسُّذَّج منهنَّ للرِّجال البالغين المتحضِّرين - 00:01:18
بلا شك، هناك نساءٌ متميزات أرقى بكثير من الرَّجل المتوسِّط، لكنَّهُنَّ استثناء؛ - 00:01:23
كولادة أيِّ مخلوقٍ مشوَّه، - 00:01:28
على سبيل المثال: غوريلا برأسين - 00:01:30
وبالتَّالي فيمكننا أن نهمل وجود هؤلاء النِّساء تمامًا" - 00:01:33
انتهى كلامُ (لوبون)، - 00:01:37
وأعتذر لأخواتي المتابعات، لكن كما يقال ناقلُ الكُفْرِ ليس بكافر، - 00:01:38
وللدُّكتور جِيري بيرغمان"Jerry Bergman" - 00:01:43
عدَّة مقالات تبيِّن دونيَّة المرأة في النَّظرة الدَّاروينيَّة، - 00:01:44
وهي مترجمةٌ في كتاب (المرأة بين الدَّاروينيَّة والإلحاد) - 00:01:48
ممَّا سبق أظنُّه أصبح واضحًا أنَّـه على أساس التَّطوُّر الدَّارويني الذي يتبنَّاه الملحدون: - 00:01:53
لا مساواة، - 00:01:58
ولا حرِّية، - 00:01:59
ولا حقوق إنسان، - 00:02:00
ولا حقوق مرأة، - 00:02:01
فهذه القيم التي ينادون بها - 00:02:02
تهدمها داروينـيَّـتُهم. - 00:02:04
تعالوا الآن -يا إخواني- إلى مناقشاتٍ مع الملحِد - 00:02:07
سيقول لك بعض الملحِدين: - 00:02:10
نحن لا نتَّفق مع كلِّ هذه التَّصرُّفات التي تمَّت باسم الدَّاروينيَّة والإلحاد، - 00:02:11
بل نُؤمِن بقيم المساواة بين البشر، - 00:02:16
لكنَّ السُّؤالَ لهم حينئذٍ: - 00:02:19
ألا تخونون داروينيَّتكم بهذا؟! - 00:02:22
أنتم بهذا تحيدون عن النَّتائج العلمية لنظريَّة داروين في نظركم - 00:02:24
تحت وطأة انتشار شعارات حقوق الإنسان وحقوق المرأة، - 00:02:30
فحسب داروينيَّتكم - 00:02:34
عليكم أن تكونوا أوفياء للصِّراع -قانونِ الطَّبيعة الذي جاء بكم إلى هذه الدُّنيا- - 00:02:35
وأن لا تخونوا (الطَّبيعة العمياء) التي جاءت بكم - 00:02:40
وأن لا تَمنَعوها من السَّير قُدُمًا في مشروع الانتخاب الطَّبيعي للأقوى - 00:02:43
في الدَّاروينيَّة ليس هناك أي مبررٍ للتَّحلي بأيٍّ من الأخلاق، - 00:02:48
بل إنَّ الصِّراع الدَّارويني يتطلَّب من العرقيَّات التي ترى نفسها أرقى تطوُّريًّا - 00:02:52
أن تتحلَّى بأخلاق الأنانيَّة، - 00:02:58
والطَّمع، - 00:02:59
والاستئثار، - 00:03:00
والاعتداء على العرقيَّات الأحطِّ منها، - 00:03:01
لتُبِيدَها، وتتكاثرَ على حسابها - 00:03:04
أنت أيُّها الملحد أمام أحد خيارين: - 00:03:07
إما أن تتَّبع أسلافك هؤلاء، وتتَّبع نهجَهم (الإجرامي) - 00:03:10
-عفوًا، - 00:03:14
(الأخلاقي) حسب داروينيَّتكم- - 00:03:15
أو أن تقرَّ بالقيم الأخلاقيَّة وقيم المساواة بين البشر من حيثُ الأصل، - 00:03:17
وترفض الممارسات الدَّاروينيَّة المذكورة، - 00:03:22
وحينئذٍ فأنت تُنَاقِضُ نفسَك - 00:03:24
لأنَّ تفسيرك المادِّي للكون - 00:03:26
لا يصلح كأساسٍ للقيم المعنويَّة، كما بيَّنَّا في الحلقة الماضية - 00:03:28
ولأنَّ اقتراضَك لأخلاقٍ من خارج منظومَتِك الفِكريَّة المادِّيَّة، - 00:03:33
هو اعترافٌ ضمنيٌّ منك - 00:03:37
بفشل منظومتك المادِّيَّة الدَّاروينيَّة، - 00:03:39
وعدم كِفايتها في تلبية حاجات الإنسان - 00:03:41
إنَّك أيُّها الملحد حين تتبنَّى قيمًا إنسانيةً في التَّعامل مع كافَّة الأجناس دون تفرقة، - 00:03:44
وعندما تتبنَّى قيمة الرَّحمة بالضُّعفاء؛ - 00:03:50
تكون قد مارست ممارساتٍ لا أخلاقيَّة - 00:03:53
حسب داروينيَّتِكَ، - 00:03:56
تَكونُ قد فعلت كما في المثال الذي ضربناه أول الحلقة: - 00:03:58
سمحت لكائناتٍ أدنى في السُّلَّم التَّطوُّري، بالتَّكاثر على حساب الكائنات الأرقى - 00:04:02
نحن إن اعتنينا بالقرود على حساب الإنسان لم يكن ذلك سلوكًا أخلاقيًّا - 00:04:07
داروينيَّتُكَ تَـجعَل رحمتك بالأجناس الأخرى والضُّعفاء والمعاقين تبدو مثل هذا السُّلوك - 00:04:13
انظر إلى علمائك الذين انسجموا مع داروينيّّتِهم - 00:04:19
ولم يناقضوا أنفسهم - 00:04:22
يقول تيلا"Alexander Tille": - 00:04:24
"من الخطأ الشَّديد مجرَّد محاولة منع الفقر أو الإفلاس، - 00:04:25
أو مساعدة الضُّعفاء أو محدودي الإنتاج - 00:04:29
مجرَّد مساعدة هؤلاء، خطأٌ جوهريٌّ في النَّظريَّة الدَّاروينيَّة - 00:04:31
لأنه يتعارض أساسًا مع الانتخاب الطَّبيعي" - 00:04:36
وطِبقًا لهربرت سبنسر "Herbert Spencer" - 00:04:39
فإن فكرة: (وسائل الوقاية الصِّحِّيَّة) - 00:04:41
و(تدخُّل الدَّولة في الحماية الصِّحِّيَّة) - 00:04:43
و(تلقيح المواطنين) - 00:04:46
تُعارِضُ أبسط بديهيَّات الانتخاب الطَّبيعي، - 00:04:47
وكذلك مساندةُ الضُّعفاء، أو محاولةُ حمايةِ المرضى والحرصُ على بقائهم - 00:04:50
هؤلاء علماؤك، انسجموا مع نظريَّتهم - 00:04:55
بماذا تردُّ عليهم؟ - 00:04:58
وبأيِّ حقٍّ تُـخطِّئهم؟ - 00:05:00
وعلى أيِّ أساسٍ علمي تبني تحلِّيك بالأخلاق الحميدة؟ - 00:05:01
وقد وصف ريتشارد فيكارت "Richard Weikart" مثل هذا التَّفكير - 00:05:05
بقوله: "لقد نجحت الدَّاروينيَّة -أو تأويلاتها الطَّبيعيَّة- - 00:05:07
في قلب ميزان الأخلاق رأسًا على عقب، - 00:05:11
ووفَّرت الأساس العلمي لهتلر وأتباعه لإقناع أنفسهم -ومَن تعاون معهم- - 00:05:13
بأنَّ أبشع الجرائم العالمية كانت في الحقيقة فضيلةً أخلاقيَّةً مشكورة" - 00:05:19
ثم إذا ساويتم -أيها الدَّاروينيُّون- بين الإنسان السَّليم والمعاق، - 00:05:24
والذَّكي والغبي، - 00:05:28
والذَّكر والأنثى، - 00:05:29
فبأي مبررٍ عقلي وَقَفْتُم عند هذا الحد؟! - 00:05:31
لماذا لا تتابعون، - 00:05:34
فتساوون الإنسان بالشَّمبانزي والغوريلا، وسائرِ الكائنات القريبة من الإنسان تطوُّريًّا - 00:05:35
حسب معتقدكم؟! - 00:05:41
خاصَّةً وأنَّكم لا تؤمنون بقيمةٍ روحيَّةٍ مميِّزةٍ للإنسان، تميُّزه عن الحيوانات - 00:05:42
يقول فرانسيس فوكوياما "Francis Fukuyama" في كتابه (نهاية التاريخ) ما خلاصته: - 00:05:48
إنَّنا لو كنَّا نؤمِن حقًّا أنَّ الإنسان مجرَّد كائنٍ في سلسلةٍ حيوانيَّة، - 00:05:52
يخضع لقوانين الطَّبيعة - 00:05:57
ليست له قيمٌ متجاوزة؛ - 00:05:59
فإنه لابدَّ أن تتساوى الكائنات جميعًا في الحقوق، - 00:06:01
وبالتَّالي لا يُسمَح لنا بالدِّفاعِ عن الحقوق المساواتية، - 00:06:04
فإما طبقيَّةٌ متوحِّشة، - 00:06:08
أو مساواتيَّةٌ مستحيلة - 00:06:10
يقولون لك: هناك ملحدون أخلاقهم حسنة، - 00:06:13
فنقول: ليس سؤالنا عن إمكانيَّة أن يكون الملحد حسن الأخلاق أو المؤمن سيِّـئ الأخلاق، - 00:06:16
بل السُّؤال العقلاني هو: هل الإلحاد يؤدِّي إلى الأخلاق الحسنة؟ - 00:06:22
لا شكَّ أنَّ ما لدى بعض الملحدين من أخلاقٍ حسنة ليس سبَبُه إلحادَهم، - 00:06:27
فالاعتقادُ بأنَّنا في هذه الحياة - 00:06:32
بلا هدف، - 00:06:34
بلا رقيب، - 00:06:35
بلا جزاءٍ على أعمالنا - 00:06:36
-خيرِها وشرِّها- - 00:06:38
هذا الاعتقاد، لا يمكن أن يكون دافعًا نحو الأخلاق الحسنة، - 00:06:39
لكن الإنسان في النِّهاية يتأثَّر بمجموعة عوامل: - 00:06:43
كالتَّربية في الصِّغر، والبيئة المحيطة، - 00:06:46
وليست القناعة الإلحادية هي العاملَ الوحيد في صياغة الأخلاق، - 00:06:49
أما الإيمان بوجود الله إيمانًا صحيحًا -ضِمْن التَّصوُّر الإسلامي- - 00:06:53
فإنه يَدفَعُ نحو مكارم الأخلاق، - 00:06:57
وإذا كان لدى المؤمِن سوءُ خلق، - 00:07:00
فهذا لنقصٍ في إيمانه - 00:07:02
لا أنَّ الإيمان هو الذي تسبَّب في سوء الخلق - 00:07:03
أو أدَّى إليه، - 00:07:06
الملحدُ ينسجمُ مع إلحادِه - 00:07:08
إذا تحلَّى بأسوأ الأخلاق، - 00:07:10
ويمارِسُ فصامًا نفسيًا ويـخُون مادِّيَّته - 00:07:12
إذا تحلَّى بمكارم الأخلاق، - 00:07:14
يقول لك الملحد: العلم الحديث يساعدنا في إبطال أخطاء (نظريَّة داروين) - 00:07:17
التي أدَّت إلى تفرقةٍ وطبقية، - 00:07:22
دون هدم النَّظريَّة من أساسها - 00:07:24
أعود وأؤكِّد أن هذا ليس مقام تفنيد التَّطوُّر الدَّارويني، - 00:07:27
لكن كجوابٍ على هذه النقطة نقول: - 00:07:30
التَّطوُّر الدَّارويني يؤكِّد على أنَّ كلَّ الكائنات -بما فيها الإنسان- هي في تطوُّرٍ مستمر؛ - 00:07:32
وهذا يَلزَمُ منه وجود أعلى وأدنى في أعراق الإنسان الموجودة حاليًا، - 00:07:38
هذا لا خلاف عليه بين الدَّاروينيِّين - 00:07:43
قد يقع الخلاف بينهم على معيار هذا التَّفاضل التَّطوُّري؛ - 00:07:46
هل هو حسب حجم الجمجمة؟ - 00:07:49
أو لون العينين؟ - 00:07:51
أو بروز الجبهة؟ - 00:07:53
أو حجم الأنف؟ - 00:07:54
أو الذَّكاء؟ - 00:07:54
أو المهارات؟ - 00:07:55
أو البنية النَّفسيَّة؟ - 00:07:56
إلى آخره... - 00:07:57
لكن من حيثُ المبدأ لابدَّ من وجود أدنى وأرقى في الأعراق البشريَّة حسب الدَّاروينيَّة، - 00:07:58
مما يؤدِّي حتمًا إلى التَّفرقة البغيضة التي رأيناها - 00:08:03
تَفْهَمُ بعد هذا كلِّه - 00:08:08
نعمة تأكيد الإسلام على مساواة البشر بعضهم ببعض من حيثُ الأصل - 00:08:09
﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا - 00:08:15
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [القرآن 49: 13] - 00:08:23
أتقاكم - 00:08:28
فجعل مجال التَّنافس أمرًا يملك الإنسان أن يسعى لتحصيله: - 00:08:29
التَّقوى - 00:08:34
لا لونَ البشرة، - 00:08:34
ولا حجمَ الشَّفتين، - 00:08:35
ولا تفلطحَ الأنف، - 00:08:36
وتدرك بعد هذا كلِّه نعمة الإسلام - 00:08:38
الذي يقول نبيُّه عليه الصَّلاة والسَّلام: «لا فَضلَ - 00:08:40
لعَرَبيٍّ على عَجَميٍّ، ولا لعَجَميٍّ على عَرَبيٍّ, - 00:08:42
ولا لأبيضَ على أسودَ، - 00:08:45
ولا لأسودَ على أبيضَ، - 00:08:47
إلَّا بالتَّقْوى،«(المحدث : الألباني) - 00:08:48
ويقول: - 00:08:49
«إنما النساء شقائق الرجال» (أخرجه أبو داود في سننه) - 00:08:50
فالحمد لله الذي هدانا إلى أنَّنا لم نوجد في هذه الأرض من أجل الصِّراع، - 00:08:52
بل لعبادة الله - 00:08:57
الذي جعل من أهمِّ وسائل عبادته - 00:08:58
إحسانَ الإنسان للنَّاس - 00:09:01
والرَّحمةَ بضعفائهم - 00:09:02
وإيثارَهم على نفسه - 00:09:04
والسَّلام عليكم ورحمة الله - 00:09:06
(مؤثِّرات صوتيَّة) - 00:09:07
التفريغ
نشرناها عن الموضوع - 00:00:00
ما القيم التي ينادي بها كثيرٌ من الملحدين الدَّاروينيِّين هذه الأيَّام؟ - 00:00:01
الحرِّية، - 00:00:06
المساواة، - 00:00:06
حقوق الإنسان، - 00:00:08
حقوق المرأة، - 00:00:09
تعالوا نرى وضع المرأة حسب الأسس العلمية الدَّاروينيَّة، - 00:00:10
كان داروين"Charles Darwin" قد بذر بُذُور وصف المرأة بالدُّونيَّة تطوُّريًّا - 00:00:15
ففي كتابه (أصل الإنسان) عقد فصلًا - 00:00:19
بعنوان: (القدرات الذِّهنيَّة للرَّجل والمرأة) - 00:00:21
وقال فيه عن بعض خصائص المرأة: "هي خواصُّ الأعراقِ الأدنى" - 00:00:25
ثم جاء العالم الفرنسي المعروف - 00:00:30
غوستاف لوبون"Gustave Le Bon" ليقول في منشورٍ علمي - 00:00:31
في المجلَّة العلميَّة ريفيو دي أنثروبولوجي "Revue d'Anthropologie" - 00:00:34
عام (1879) المجلَّد الثَّاني العدد الثَّاني - 00:00:37
-وما سأقوله هنا غريبٌ صادم - 00:00:40
لذلك أضع لك المرجع فراجعه - 00:00:43
وقد راعيت التَّرجمة الحرفيَّة لما ورد في النُّسخة الإنجليزيَّة من المجلَّة مع اختصارٍ فقط - 00:00:46
وهو نقلٌ طويل سأقول في آخره انتهى لِتَعرفَ أنه انتهى- - 00:00:51
يقول غوستاف لوبون: - 00:00:56
"في أكثر العرقيات الذَّكيَّة -كما في الباريسيِّين- - 00:00:57
هناك عددٌ كبيرٌ من النِّساء - 00:01:00
اللَّواتي حجم أدمغتهن أقربُ إلى الغوريلات من الرِّجال الأكثرِ تطوُّرًا، - 00:01:03
وهذه الدُّونيَّة واضحةٌ جدًّا، - 00:01:08
كلُّ علماء النَّفس الذين درسوا ذكاء النِّساء - 00:01:10
يدركون اليوم أنَّهن يمثِّلن الأشكال الأكثر تدنيًّا من تطوُّر الإنسان، - 00:01:13
وأنَّهن أقربُ للأطفال والسُّذَّج منهنَّ للرِّجال البالغين المتحضِّرين - 00:01:18
بلا شك، هناك نساءٌ متميزات أرقى بكثير من الرَّجل المتوسِّط، لكنَّهُنَّ استثناء؛ - 00:01:23
كولادة أيِّ مخلوقٍ مشوَّه، - 00:01:28
على سبيل المثال: غوريلا برأسين - 00:01:30
وبالتَّالي فيمكننا أن نهمل وجود هؤلاء النِّساء تمامًا" - 00:01:33
انتهى كلامُ (لوبون)، - 00:01:37
وأعتذر لأخواتي المتابعات، لكن كما يقال ناقلُ الكُفْرِ ليس بكافر، - 00:01:38
وللدُّكتور جِيري بيرغمان"Jerry Bergman" - 00:01:43
عدَّة مقالات تبيِّن دونيَّة المرأة في النَّظرة الدَّاروينيَّة، - 00:01:44
وهي مترجمةٌ في كتاب (المرأة بين الدَّاروينيَّة والإلحاد) - 00:01:48
ممَّا سبق أظنُّه أصبح واضحًا أنَّـه على أساس التَّطوُّر الدَّارويني الذي يتبنَّاه الملحدون: - 00:01:53
لا مساواة، - 00:01:58
ولا حرِّية، - 00:01:59
ولا حقوق إنسان، - 00:02:00
ولا حقوق مرأة، - 00:02:01
فهذه القيم التي ينادون بها - 00:02:02
تهدمها داروينـيَّـتُهم. - 00:02:04
تعالوا الآن -يا إخواني- إلى مناقشاتٍ مع الملحِد - 00:02:07
سيقول لك بعض الملحِدين: - 00:02:10
نحن لا نتَّفق مع كلِّ هذه التَّصرُّفات التي تمَّت باسم الدَّاروينيَّة والإلحاد، - 00:02:11
بل نُؤمِن بقيم المساواة بين البشر، - 00:02:16
لكنَّ السُّؤالَ لهم حينئذٍ: - 00:02:19
ألا تخونون داروينيَّتكم بهذا؟! - 00:02:22
أنتم بهذا تحيدون عن النَّتائج العلمية لنظريَّة داروين في نظركم - 00:02:24
تحت وطأة انتشار شعارات حقوق الإنسان وحقوق المرأة، - 00:02:30
فحسب داروينيَّتكم - 00:02:34
عليكم أن تكونوا أوفياء للصِّراع -قانونِ الطَّبيعة الذي جاء بكم إلى هذه الدُّنيا- - 00:02:35
وأن لا تخونوا (الطَّبيعة العمياء) التي جاءت بكم - 00:02:40
وأن لا تَمنَعوها من السَّير قُدُمًا في مشروع الانتخاب الطَّبيعي للأقوى - 00:02:43
في الدَّاروينيَّة ليس هناك أي مبررٍ للتَّحلي بأيٍّ من الأخلاق، - 00:02:48
بل إنَّ الصِّراع الدَّارويني يتطلَّب من العرقيَّات التي ترى نفسها أرقى تطوُّريًّا - 00:02:52
أن تتحلَّى بأخلاق الأنانيَّة، - 00:02:58
والطَّمع، - 00:02:59
والاستئثار، - 00:03:00
والاعتداء على العرقيَّات الأحطِّ منها، - 00:03:01
لتُبِيدَها، وتتكاثرَ على حسابها - 00:03:04
أنت أيُّها الملحد أمام أحد خيارين: - 00:03:07
إما أن تتَّبع أسلافك هؤلاء، وتتَّبع نهجَهم (الإجرامي) - 00:03:10
-عفوًا، - 00:03:14
(الأخلاقي) حسب داروينيَّتكم- - 00:03:15
أو أن تقرَّ بالقيم الأخلاقيَّة وقيم المساواة بين البشر من حيثُ الأصل، - 00:03:17
وترفض الممارسات الدَّاروينيَّة المذكورة، - 00:03:22
وحينئذٍ فأنت تُنَاقِضُ نفسَك - 00:03:24
لأنَّ تفسيرك المادِّي للكون - 00:03:26
لا يصلح كأساسٍ للقيم المعنويَّة، كما بيَّنَّا في الحلقة الماضية - 00:03:28
ولأنَّ اقتراضَك لأخلاقٍ من خارج منظومَتِك الفِكريَّة المادِّيَّة، - 00:03:33
هو اعترافٌ ضمنيٌّ منك - 00:03:37
بفشل منظومتك المادِّيَّة الدَّاروينيَّة، - 00:03:39
وعدم كِفايتها في تلبية حاجات الإنسان - 00:03:41
إنَّك أيُّها الملحد حين تتبنَّى قيمًا إنسانيةً في التَّعامل مع كافَّة الأجناس دون تفرقة، - 00:03:44
وعندما تتبنَّى قيمة الرَّحمة بالضُّعفاء؛ - 00:03:50
تكون قد مارست ممارساتٍ لا أخلاقيَّة - 00:03:53
حسب داروينيَّتِكَ، - 00:03:56
تَكونُ قد فعلت كما في المثال الذي ضربناه أول الحلقة: - 00:03:58
سمحت لكائناتٍ أدنى في السُّلَّم التَّطوُّري، بالتَّكاثر على حساب الكائنات الأرقى - 00:04:02
نحن إن اعتنينا بالقرود على حساب الإنسان لم يكن ذلك سلوكًا أخلاقيًّا - 00:04:07
داروينيَّتُكَ تَـجعَل رحمتك بالأجناس الأخرى والضُّعفاء والمعاقين تبدو مثل هذا السُّلوك - 00:04:13
انظر إلى علمائك الذين انسجموا مع داروينيّّتِهم - 00:04:19
ولم يناقضوا أنفسهم - 00:04:22
يقول تيلا"Alexander Tille": - 00:04:24
"من الخطأ الشَّديد مجرَّد محاولة منع الفقر أو الإفلاس، - 00:04:25
أو مساعدة الضُّعفاء أو محدودي الإنتاج - 00:04:29
مجرَّد مساعدة هؤلاء، خطأٌ جوهريٌّ في النَّظريَّة الدَّاروينيَّة - 00:04:31
لأنه يتعارض أساسًا مع الانتخاب الطَّبيعي" - 00:04:36
وطِبقًا لهربرت سبنسر "Herbert Spencer" - 00:04:39
فإن فكرة: (وسائل الوقاية الصِّحِّيَّة) - 00:04:41
و(تدخُّل الدَّولة في الحماية الصِّحِّيَّة) - 00:04:43
و(تلقيح المواطنين) - 00:04:46
تُعارِضُ أبسط بديهيَّات الانتخاب الطَّبيعي، - 00:04:47
وكذلك مساندةُ الضُّعفاء، أو محاولةُ حمايةِ المرضى والحرصُ على بقائهم - 00:04:50
هؤلاء علماؤك، انسجموا مع نظريَّتهم - 00:04:55
بماذا تردُّ عليهم؟ - 00:04:58
وبأيِّ حقٍّ تُـخطِّئهم؟ - 00:05:00
وعلى أيِّ أساسٍ علمي تبني تحلِّيك بالأخلاق الحميدة؟ - 00:05:01
وقد وصف ريتشارد فيكارت "Richard Weikart" مثل هذا التَّفكير - 00:05:05
بقوله: "لقد نجحت الدَّاروينيَّة -أو تأويلاتها الطَّبيعيَّة- - 00:05:07
في قلب ميزان الأخلاق رأسًا على عقب، - 00:05:11
ووفَّرت الأساس العلمي لهتلر وأتباعه لإقناع أنفسهم -ومَن تعاون معهم- - 00:05:13
بأنَّ أبشع الجرائم العالمية كانت في الحقيقة فضيلةً أخلاقيَّةً مشكورة" - 00:05:19
ثم إذا ساويتم -أيها الدَّاروينيُّون- بين الإنسان السَّليم والمعاق، - 00:05:24
والذَّكي والغبي، - 00:05:28
والذَّكر والأنثى، - 00:05:29
فبأي مبررٍ عقلي وَقَفْتُم عند هذا الحد؟! - 00:05:31
لماذا لا تتابعون، - 00:05:34
فتساوون الإنسان بالشَّمبانزي والغوريلا، وسائرِ الكائنات القريبة من الإنسان تطوُّريًّا - 00:05:35
حسب معتقدكم؟! - 00:05:41
خاصَّةً وأنَّكم لا تؤمنون بقيمةٍ روحيَّةٍ مميِّزةٍ للإنسان، تميُّزه عن الحيوانات - 00:05:42
يقول فرانسيس فوكوياما "Francis Fukuyama" في كتابه (نهاية التاريخ) ما خلاصته: - 00:05:48
إنَّنا لو كنَّا نؤمِن حقًّا أنَّ الإنسان مجرَّد كائنٍ في سلسلةٍ حيوانيَّة، - 00:05:52
يخضع لقوانين الطَّبيعة - 00:05:57
ليست له قيمٌ متجاوزة؛ - 00:05:59
فإنه لابدَّ أن تتساوى الكائنات جميعًا في الحقوق، - 00:06:01
وبالتَّالي لا يُسمَح لنا بالدِّفاعِ عن الحقوق المساواتية، - 00:06:04
فإما طبقيَّةٌ متوحِّشة، - 00:06:08
أو مساواتيَّةٌ مستحيلة - 00:06:10
يقولون لك: هناك ملحدون أخلاقهم حسنة، - 00:06:13
فنقول: ليس سؤالنا عن إمكانيَّة أن يكون الملحد حسن الأخلاق أو المؤمن سيِّـئ الأخلاق، - 00:06:16
بل السُّؤال العقلاني هو: هل الإلحاد يؤدِّي إلى الأخلاق الحسنة؟ - 00:06:22
لا شكَّ أنَّ ما لدى بعض الملحدين من أخلاقٍ حسنة ليس سبَبُه إلحادَهم، - 00:06:27
فالاعتقادُ بأنَّنا في هذه الحياة - 00:06:32
بلا هدف، - 00:06:34
بلا رقيب، - 00:06:35
بلا جزاءٍ على أعمالنا - 00:06:36
-خيرِها وشرِّها- - 00:06:38
هذا الاعتقاد، لا يمكن أن يكون دافعًا نحو الأخلاق الحسنة، - 00:06:39
لكن الإنسان في النِّهاية يتأثَّر بمجموعة عوامل: - 00:06:43
كالتَّربية في الصِّغر، والبيئة المحيطة، - 00:06:46
وليست القناعة الإلحادية هي العاملَ الوحيد في صياغة الأخلاق، - 00:06:49
أما الإيمان بوجود الله إيمانًا صحيحًا -ضِمْن التَّصوُّر الإسلامي- - 00:06:53
فإنه يَدفَعُ نحو مكارم الأخلاق، - 00:06:57
وإذا كان لدى المؤمِن سوءُ خلق، - 00:07:00
فهذا لنقصٍ في إيمانه - 00:07:02
لا أنَّ الإيمان هو الذي تسبَّب في سوء الخلق - 00:07:03
أو أدَّى إليه، - 00:07:06
الملحدُ ينسجمُ مع إلحادِه - 00:07:08
إذا تحلَّى بأسوأ الأخلاق، - 00:07:10
ويمارِسُ فصامًا نفسيًا ويـخُون مادِّيَّته - 00:07:12
إذا تحلَّى بمكارم الأخلاق، - 00:07:14
يقول لك الملحد: العلم الحديث يساعدنا في إبطال أخطاء (نظريَّة داروين) - 00:07:17
التي أدَّت إلى تفرقةٍ وطبقية، - 00:07:22
دون هدم النَّظريَّة من أساسها - 00:07:24
أعود وأؤكِّد أن هذا ليس مقام تفنيد التَّطوُّر الدَّارويني، - 00:07:27
لكن كجوابٍ على هذه النقطة نقول: - 00:07:30
التَّطوُّر الدَّارويني يؤكِّد على أنَّ كلَّ الكائنات -بما فيها الإنسان- هي في تطوُّرٍ مستمر؛ - 00:07:32
وهذا يَلزَمُ منه وجود أعلى وأدنى في أعراق الإنسان الموجودة حاليًا، - 00:07:38
هذا لا خلاف عليه بين الدَّاروينيِّين - 00:07:43
قد يقع الخلاف بينهم على معيار هذا التَّفاضل التَّطوُّري؛ - 00:07:46
هل هو حسب حجم الجمجمة؟ - 00:07:49
أو لون العينين؟ - 00:07:51
أو بروز الجبهة؟ - 00:07:53
أو حجم الأنف؟ - 00:07:54
أو الذَّكاء؟ - 00:07:54
أو المهارات؟ - 00:07:55
أو البنية النَّفسيَّة؟ - 00:07:56
إلى آخره... - 00:07:57
لكن من حيثُ المبدأ لابدَّ من وجود أدنى وأرقى في الأعراق البشريَّة حسب الدَّاروينيَّة، - 00:07:58
مما يؤدِّي حتمًا إلى التَّفرقة البغيضة التي رأيناها - 00:08:03
تَفْهَمُ بعد هذا كلِّه - 00:08:08
نعمة تأكيد الإسلام على مساواة البشر بعضهم ببعض من حيثُ الأصل - 00:08:09
﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا - 00:08:15
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [القرآن 49: 13] - 00:08:23
أتقاكم - 00:08:28
فجعل مجال التَّنافس أمرًا يملك الإنسان أن يسعى لتحصيله: - 00:08:29
التَّقوى - 00:08:34
لا لونَ البشرة، - 00:08:34
ولا حجمَ الشَّفتين، - 00:08:35
ولا تفلطحَ الأنف، - 00:08:36
وتدرك بعد هذا كلِّه نعمة الإسلام - 00:08:38
الذي يقول نبيُّه عليه الصَّلاة والسَّلام: «لا فَضلَ - 00:08:40
لعَرَبيٍّ على عَجَميٍّ، ولا لعَجَميٍّ على عَرَبيٍّ, - 00:08:42
ولا لأبيضَ على أسودَ، - 00:08:45
ولا لأسودَ على أبيضَ، - 00:08:47
إلَّا بالتَّقْوى،«(المحدث : الألباني) - 00:08:48
ويقول: - 00:08:49
«إنما النساء شقائق الرجال» (أخرجه أبو داود في سننه) - 00:08:50
فالحمد لله الذي هدانا إلى أنَّنا لم نوجد في هذه الأرض من أجل الصِّراع، - 00:08:52
بل لعبادة الله - 00:08:57
الذي جعل من أهمِّ وسائل عبادته - 00:08:58
إحسانَ الإنسان للنَّاس - 00:09:01
والرَّحمةَ بضعفائهم - 00:09:02
وإيثارَهم على نفسه - 00:09:04
والسَّلام عليكم ورحمة الله - 00:09:06
(مؤثِّرات صوتيَّة) - 00:09:07