Transcription
السلام عليكم ورحمة الله. - 00:00:00ضَ
هل المطلوب من المرأة أن تعمل شغالة عند زوجها وأولادها؟! - 00:00:01ضَ
هل تحاولون أن تضحكوا علينا بعبارة مربية الأجيال؛ - 00:00:05ضَ
لتزيّنوا لنا بها العمل شغالةً في البيت؟! - 00:00:09ضَ
هل المطلوب مني -بصفتي امرأة- أن أحترق لأنير الدرب للآخرين زوجًا كانوا أو أولادا؟! - 00:00:12ضَ
هل يَطلب الإسلام مني أن تتحول حياتي إلى طبيخٍ وغسيلٍ وجليٍ وتنظيفٍ - 00:00:18ضَ
بما يستنفد ساعات نهاري وقوة جسدي لحد الإنهاك، - 00:00:22ضَ
ثم لا أجدَ وقتًا لتثقيف نفسي والتفاعلَ مع مجتمعي، - 00:00:26ضَ
بل وربما حتى لإتقان عبادتي؟! - 00:00:30ضَ
هل مطلوب مني أن أطبُخ كلَّ يوم لزوجي وأولادي، - 00:00:33ضَ
بحيث إذا وضعت لهم خبزًا ولبنًا فمن حق الزوج أن يقول لي: - 00:00:36ضَ
قَصَّرْتِ في عملك؟! - 00:00:41ضَ
هل يحق لزوجي أن يستعليَ على خِدمة البيت، - 00:00:42ضَ
ويَعُدَّ جَلْيَ صحنه أو تنظيف ثوبه أو ترتيب ملابسه منافيًا لرجولته، - 00:00:45ضَ
ثم يلومَني إذا لم أقم بهذا كلِّه وراءَه؟! - 00:00:51ضَ
هل يحق لأولادي وبناتي الصِّغار -فضلًا عن الكبار- - 00:00:54ضَ
أن يعيشوا لشهواتهم ولهوهم ولعبهم ويُحْدِثوا الفوضى وقلةَ التَّرتيب في البيت - 00:00:57ضَ
وأنا أخدم الجميع؟! - 00:01:03ضَ
هل المطلوب من الفتاة أن تخْدم إخوانها؛ لمجرّد أنها أنثى وهم ذكور؟! - 00:01:04ضَ
هل يجب على المرأة خدمة أهل زوجها؟ - 00:01:10ضَ
هل هناك حالات يَحْرُم على المرأة فيها خدمةُ زوجها وأولادها؟ - 00:01:13ضَ
إذا ضاقت الحالة المادية للأسرة واحتاجت المرأة إلى العمل لتساعد الزوج، - 00:01:17ضَ
ألا يحمّله ذلك مسؤولية أكبر في المشاركة في أعمال البيت، - 00:01:22ضَ
أم من حقه أن يقول لها: هذه مشكلتك، دبِّري حالَك! - 00:01:27ضَ
ويتوقعَ منها أن تؤدّي الأدوار كلَّها ولو على حساب صحَّتها وحقِّ نفسِها؟! - 00:01:30ضَ
الكلام الذي سنقوله اليوم -أيها الكرام- هو بمقام فك الاشتباك في العلاقات الأسرية، - 00:01:36ضَ
﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ (16) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ [القرآن 39: 17-18]، - 00:01:42ضَ
نبشرهم بأن هذه الكلمة ستكون مريحةً لقلوبهم - 00:01:47ضَ
ومساعِدةً على سَير مركب الأسرة بهناء بإذن الله. - 00:01:50ضَ
لسنا هنا اليومَ لنجمِّلَ لكِ عمل البيت -على ما هو عليه- حتى نُقنعكِ به، - 00:01:54ضَ
بل سنقول لك: وَضْعُ بيوت المسلمين اليوم مشوَّه حقًّا وغيرُ مُرضٍ، - 00:02:00ضَ
فتعالَي نرَى الأسباب؛ لنتعاون على إصلاح بيوتنا. - 00:02:06ضَ
- بداية القصة: خلق الله الخلق لغاية، إن عملوا لها فالحياةُ الطَّيبة، - 00:02:10ضَ
وإن عكسوها فالمعيشةُ الضَّنك. - 00:02:15ضَ
لو سألتَ أيَّ مسلمٍ: لماذا خلقك الله؟ فسيجيبك: للعبادة، وسيتلو عليك: - 00:02:18ضَ
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ [القرآن 51: 56]، - 00:02:24ضَ
لكن عامة المسلمين إذا سمع (عبادة) تصوَّر سجَّادة الصَّلاة والمِسْبَحَة، - 00:02:28ضَ
ولم يفكّر في مفهوم العبادة الشامل الذي يجب أن تَنشأ عليه الأُسَر. - 00:02:33ضَ
العبوديَّة لله هي حبل من الله - 00:02:38ضَ
﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [القرآن 3: 103] - 00:02:41ضَ
فإن اعتصمنا بهذا الحبل ترتَّبت الأدوار والأولويات والعلاقات - 00:02:45ضَ
وعمل الجميع بانسجام، كالمغناطيس الذي تترتب القِطَع المعدنيَّة تجاهه. - 00:02:50ضَ
تنشأ المشكلات عندما يضيع هذا الهدف، فتختلط معه الأولويات والأدوار؛ - 00:02:56ضَ
وتضيع البوصلة العظمى المشتركة، فيصبح لكلٍّ بوصلتُه. - 00:03:01ضَ
يقول الرجل: أريد إثبات ذاتي. طبِيعيٌّ جِدًّا أن تسأل المرأةٌ حينئذٍ: حسنًا، وذاتي؟ - 00:03:06ضَ
- أريد تلبية رغباتي = حسنًا، ورغباتي؟ - 00:03:11ضَ
فتختلفُ الأهواء، وتَدِبُّ الفُرقة والنِّزاع والتَّهتُّك الأُسَري. - 00:03:15ضَ
بداية التآلف هي بالاجتماع على العبوديّة بمفهومها الشامل، - 00:03:20ضَ
والعبوديةُ بمفهومها الشامل تعني: كلَّ ما يحبُّه الله من الأفعال والأقوال والمعاني القلبية؛ - 00:03:25ضَ
أن نحتكمَ في أمرنا كلِّه لله، ونُقِيمَ شرعَه في حياتنا، - 00:03:32ضَ
ونتعلمَ العلم لنتلمَّس مرادَه ورضاه سبحانه، - 00:03:36ضَ
أن ننظرَ في آيات الله الكونيَّة، ونتعلمَ العلوم الطَبيعيَّة ونُتْقنَها - 00:03:40ضَ
ونحققَ الكفاية لأمتنا ونعملَ على إعزازها، - 00:03:44ضَ
﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [القرآن 11: 61]. - 00:03:48ضَ
بناءُ الأمة اقتصاديا وصناعيا وتقنيا، معالجةُ مشكلة الفقر، الإعلامُ الهادف، - 00:03:51ضَ
ابتكارُ العلاجات لاستنقاذ الأرواح - 00:03:56ضَ
﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [القرآن 5: 32]، - 00:03:58ضَ
استعادة موازين القوى لأهل الحق، - 00:04:01ضَ
عَرْضُ الدين الحق للبشريَّة ومنعُ الافتراء عليه - 00:04:04ضَ
﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ... - 00:04:07ضَ
...وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [القرآن 2: 143]، - 00:04:12ضَ
أن نُعلِّم أبناءنا وننَشّئَ فيهم نفوسًا سويَّة عزيزة قوية متميزة الهوية بصيرة بالغايات، - 00:04:14ضَ
أن نعمل على الدفاع عن المظلومين في الأرض واستنقاذ البشرية من استعباد النِّظام الدَّولي - 00:04:22ضَ
﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ... - 00:04:28ضَ
وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ﴾ [القرآن 22: 41]، - 00:04:32ضَ
أن تكون هذه الأهداف العظمى نُصْبَ أعينِنا ونبرمجَ أوقاتَنا وأهدافَنا المرحلية على أساسها، - 00:04:35ضَ
أرجلُنا على الأرض وعيونُنا تتطلع إلى السماء، - 00:04:41ضَ
نتنسَّمُ ريح الجنة، - 00:04:45ضَ
فإذا فترت همَّتنا نظرنا إلى هذه الأهداف، فأشعلت فينا الحماس من جديد. - 00:04:47ضَ
هذه هي العبودية بمفهومها الشَّامل، وهي رحمة من الله بعباده، - 00:04:51ضَ
«يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني» [صحيح مسلم] - 00:04:57ضَ
﴿منِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ﴾ [القرآن 17: 15] - 00:05:03ضَ
العبوديَّة لله حبلٌ من الله، ينقذهم به أن تتحول سكينة الأسرة إلى شقاء، - 00:05:06ضَ
ويتحولَ البنون -الذين يفترض أنهم زينة الحياة الدنيا- إلى عذاب - 00:05:13ضَ
إذا فهمنا هذه المقدمة -يا كرام- عرفنا سبب المشكلة - 00:05:19ضَ
وعرفنا الحل وعرفنا الإجابة عن كثير من الأسئلة. - 00:05:24ضَ
أيُّ تناول لموضوع عمل المرأة في البيت -بل ولأدوارها عمومًا- - 00:05:28ضَ
إذا لم يأخذ هذه المقدّمة بعين الاعتبار - 00:05:32ضَ
فإنه سيكون تناولًا قاصرًا قد يسيء أكثر مما يحسن، - 00:05:35ضَ
مثلَ السؤال التقليدي المعروف: هل يجب على المرأة القيام بحاجات زوجها وأولادها - 00:05:40ضَ
كالطبخ وتنظيف البيت وغسل الملابس وغيره؟ - 00:05:47ضَ
والذي نفعله عادةً في الجواب عن هذا السؤال هو أننا نبدأ بطرح الخلاف الفقهي، - 00:05:50ضَ
وبأقوال الشافعي وأبي حنيفة وأحمد ومالك وترجيحات من بعدهم من العلماء. - 00:05:55ضَ
لحظة! أَتِمَّ السؤال: هل يجب على المرأة خدمة زوجها الذي يمضي وقته في قضاء رغباته، - 00:06:01ضَ
ويتعالى على القيام بشيء من مهنة البيت، - 00:06:08ضَ
ويظن أن له حق الخدمة -استحقاقًا مطلقًا- لأنه الرجل وهي المرأة؟ - 00:06:11ضَ
هل يجب على المرأة خدمة أولادها الذين يعيشون لاهتمامات تافهة، - 00:06:17ضَ
يأكلون ويشربون ويمضون الساعات على الـPlaystation أو الأفلام، - 00:06:22ضَ
ويعتبرون أن على أمهم خدمتهم أثناء ذلك، وأن هذا من لوازم حنان الأمومة وتضحيتها؟ - 00:06:27ضَ
الجواب عن هذه الأسئلة وبكل وضوح: لا وألف لا، - 00:06:34ضَ
والخوض في الخلاف الفقهي قبل تحديد الصورة المسؤول عنها - 00:06:38ضَ
يعطي الانطباع بأنّ مِنْ فقهاء الأمة المتَّفَق على إمامتهم - 00:06:42ضَ
مَنْ يَقبلُ بهذه الصورة المشوَّهة، - 00:06:47ضَ
وهُم أَجَلُّ وأرفع من أن يَقبَلوا بها، - 00:06:49ضَ
لذلك -يا كرام- فانتزاع الفتاوى من واقعها الذي صدرت فيه - 00:06:51ضَ
وتركيبُها على واقعنا المشوَّهِ - 00:06:56ضَ
هو من الجهل وليس من الفقه في شيء. - 00:06:58ضَ
في المقابل إذا سألتِ: هل يجب على المرأة القيام بمهنة البيت لتكون ظهْرًا وسنَدًا - 00:07:01ضَ
لزوج منهمك في العمل لتهيئة العيش الكريم لها ولأبنائها؟ - 00:07:08ضَ
زوجٍ يريد أن يكفيَها ويُعفَّها مواجهًا بذلك قوى العالم - 00:07:13ضَ
التي تريد أن تقطع صلتها بأوليائها وَتزُجَّ بها في أجْواء مسعورة؛ - 00:07:17ضَ
لتعاني ما تعانيه المرأة الغربية من ضياع وإهدار لكرامتها وشرفها - 00:07:22ضَ
تحت عناوين (التّمكين الاقتصادي للمرأة) كما رأينا - 00:07:28ضَ
هل يجب عليها القيام بمهنة البيت بصفتها جزءًا من فريق يعمل لهدف عظيم، - 00:07:31ضَ
مستعينة في ذلك بأولادها الذين ربتهم على تحمل المسؤولية وخدمة أنفسهم وبر والديهم، - 00:07:37ضَ
ويعينها زوجها الذي لا يترفع عن عمل البيت ولا يستكبر؟ - 00:07:45ضَ
إذا طرحتِ السؤال بهذه الطريقة فلن تنتظري الجواب، - 00:07:49ضَ
بل ستجيبين نفسك بنفسك. - 00:07:53ضَ
وكلا السؤالين بدأ بـ (هل على المرأة القيام بمهنة البيت)، - 00:07:56ضَ
وشتّان بين الحالين، - 00:08:01ضَ
وبذلك تفهمين لماذا لم يكن عمل المرأة في مهنة البيت محلَ خلافٍ عام في القرون الفاضلة، - 00:08:03ضَ
وكان الرأي الفقهي موجودًا بأن مهنة البيت ليست من عقد الزوجية، - 00:08:11ضَ
ومع ذلك لم يكن يسبب إشكالية، - 00:08:16ضَ
كانت المرأة تشعر باللذة وهي تسند زوجها وترعى بيتها؛ - 00:08:18ضَ
فيخرج ابنها عالمًا أو قائدًا أو مجاهدًا، وتشعر أنها أنجزت وحققت ووهبت للأمة، - 00:08:23ضَ
وتستمتع فطريًا بهذا العمل، وما كان يتصور -في ظِل وجود الهدف المشترك- - 00:08:30ضَ
أن تقول المرأة: لا أريد أن أعمل شيئًا في البيت؛ - 00:08:35ضَ
لأنها بذلك كأنها تقول: لا أريد أن أعيش لغاية - 00:08:38ضَ
بل أريد أن أعيش لشهواتي وأهوائي، أو أريد أن أحقق إنجازات أخرى، - 00:08:42ضَ
وأترك إسناد زوجي وأولادي الذين يعملون لأهداف عظيمة. - 00:08:47ضَ
ما أصبح عمل البيت مشكلةً ومحلَّ نِزاع إلا لما ضاع الهدف العظيم المشترك، - 00:08:51ضَ
واضْمحَلَّ معنى العبودية في حياة الأسرة. - 00:08:57ضَ
قد تقولين: حسنًا، كلامك جميل، لكنَّ زوجي ليس كما وصفتَ ولا أولادي. - 00:09:00ضَ
دوركِ أنتِ يا مسلمة- حتى لا تكوني مجرد شغالة- - 00:09:05ضَ
أن تختاري ابتداءً الزوجَ الذي يشاركك هذه الأهداف، - 00:09:09ضَ
وإن كنتِ متزوجةً فأن تعيدي إحياء الهدف للجميع. - 00:09:13ضَ
النساء معروفات بقدرة فائقة على تحقيق الأهداف التي يضعنها نصب أعينهن، - 00:09:17ضَ
بكثرة الحديث عنها والتركيز عليها: - 00:09:23ضَ
تُريدُ ثيابا جديدة، قطعة أثاث جديدة… - 00:09:25ضَ
تصوري عندما يكون هدفك إحياءَ الأهداف الصحيحة للأسرة من جديد، - 00:09:28ضَ
ويكونَ عندك صبر وطولُ نَفَس في تحقيق هذه الأهداف. - 00:09:33ضَ
حسنًا، لم تجدي تجاوبًا من الزوج أو من الأولاد - 00:09:37ضَ
ويريدونك بالفعل مجرد شغَّالة، - 00:09:41ضَ
تخدمينهم وهم عاكفون على أهوائهم أو لديهم متطلَّباتٌ استهلاكيّةٌ عالية، - 00:09:44ضَ
أو زوجك يكلِّفك بخدمة أهله، - 00:09:49ضَ
لا على سبيل حسن العشرة وبذل المعروف والإحسان؛ - 00:09:52ضَ
بل على وجه الإلزام وكأنه من واجباتك، - 00:09:55ضَ
هنا لا يفرض الله عليك أن تقبلي بأداء تلك الأعمال؛ - 00:09:58ضَ
بل ويَلزَمُك الحزمُ مع الأبناء لصالحك وصالحهم، - 00:10:02ضَ
وقد تصبرين على زوجك راجيةً بذلك الثواب وحسنَ العاقبة، وأن يثمر معروفك في أخلاقه، - 00:10:06ضَ
وأنت مع ذلك قائمة بالأساسيات التي تكلمنا عنها - 00:10:13ضَ
من حقّ نفسك وحقّ ربّك عليك، - 00:10:16ضَ
لا يمنعُك الشرع من ذلك ما دام باختيارك ورضاك. - 00:10:19ضَ
وفي المقابل: إذا أصبحتِ تَُحمَّلين فوق طاقتك، - 00:10:22ضَ
وأصبح أداؤك لهذه الأعمال يضُرُّ بجسمك أو يؤذي نفسَك، - 00:10:26ضَ
بل وقد يُفسد عليك أداء ما أوجبه الله عليك كصلاتكِ وطلبِك للعلم الواجب عليك، - 00:10:30ضَ
هل نقول لك حينئذ: لا بأس، اصبري وضحِّي وكوني شمعةً تحترق لتنير الدَّرب للآخرين؟ - 00:10:36ضَ
لا، بل لا يجوز لك ذلك، - 00:10:44ضَ
ونعود هنا لترتيب الأولويات الذي تكلمنا عنه في حلقة (البحث عن الذَّات)، - 00:10:46ضَ
فنفسك أولى الأولويات، وهي أول ما تحاسبين عليه؛ - 00:10:52ضَ
﴿عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ﴾ [القرآن 5: 105]، - 00:10:57ضَ
﴿قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [القرآن 66: 6] - 00:10:59ضَ
نفسُكِ أولا، لا يجوز لك أن تهلكي نفسكِ - 00:11:02ضَ
وتقصري في الأساسيات التي أوجبها الله عليك لرفاهية غيرك، - 00:11:06ضَ
ولو بدافع الأمومة؛ - 00:11:11ضَ
فهذا لن ينفعك يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه؛ - 00:11:12ضَ
لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه، - 00:11:20ضَ
فأنت وزوجك وأولادكما وحياتكم ملك لله رب العالمين، - 00:11:24ضَ
لستِ مِلكًا لأحد ليستهلك صحتك الجسديَّة أو النّفسيّة، - 00:11:30ضَ
أو يقتحم دائرة نجاحك في الأساسيات من أجل رفاهياته أو لرفض تحمّل مسئولياته. - 00:11:35ضَ
وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم قال نبينا -صلى الله عليه وسلم-: - 00:11:41ضَ
«إنما الطاعة في المعروف» - 00:11:46ضَ
- لكنْ -يا أخي- أحيانا لا خيار، ليس بإرادتي، يُجبِرُني زوجٌ قاسٍ على ذلك إجبارًا، - 00:11:50ضَ
وأهلي لا يكترثون بي، ولا ينصفونني إذا لجأت إليهم. - 00:11:55ضَ
أها، عليك أن تعرفي حينئذ أن هذا ظلم النّاس لك؛ - 00:12:00ضَ
لا أن الشّريعة هي التي ظلمتك، - 00:12:03ضَ
يقينك بذلك هو بداية الحل. - 00:12:06ضَ
حينما تكون الشريعة بظهرك تستندين إليها وتخاطبين بها أهلك وزوجك: أن تعالوا! - 00:12:08ضَ
أنا وأنتم مسلمون، فتعالوا إذن نرى حكم الله بيننا. - 00:12:13ضَ
ثم تتخذين قراراتك وتدرسين خياراتكِ على أساس تجاوبهم مع ذلك وقدرتِك على التَّحمل، - 00:12:17ضَ
وأنت في هذا كله مستعينةٌ بربك -سبحانه- تحسنين الظَّنَّ به وبحكمته ورحمته وعدله. - 00:12:24ضَ
عمل البيت على وضعه الحاليِّ اليومَ -في كثير من الأُسَر- ثقيل مُنَفِّر حقًّا، - 00:12:31ضَ
لسنا هنا لنزيّنه لك، ولا لنضع حمله عليك؛ - 00:12:37ضَ
بل لنرى مشكلاته ونعملَ على إصلاحها ونوزِّعَ أدوارَها - 00:12:42ضَ
يمكن أن نلخِّص أسبابَ تحوُّلِ مهنة البيت إلى مشكلة في خمسة أسباب: - 00:12:47ضَ
1. أولا، غيابُ الهدف العظيم المشترك. وهذا نتج عنه: - 00:12:51ضَ
2. تقصير الوالدين في تربية الأولاد على معاني البرّ، - 00:12:56ضَ
والعمل لغاية، والتَّخفُّف من الدّنيا. - 00:13:00ضَ
وهذا نتج عنه: - 00:13:03ضَ
3. أن يعيش البيت والأولاد -الذين جفَّت أرواحهم- حياةً مادِّيةً استهلاكيةً كثيرةَ المتطلَّبات. - 00:13:04ضَ
4. بالاضافة إلى تَعَالِي الرِّجالِ -في كثير من الأحيان- - 00:13:12ضَ
على المشاركة في عمل البيت. - 00:13:16ضَ
5. وعدمِ تمييز حدود الفضل والعدل، - 00:13:18ضَ
بحيث تُطالَب المرأةُ بأمور الأصلُ أن تكون مخيّرةً في عملها - 00:13:21ضَ
على سبيل الفضل والإحسان منها، - 00:13:26ضَ
ومع ذلك تُفرض عليها وتُعتبَر مُقَصِّرَة إذا لم تقم بها. - 00:13:28ضَ
لكن حَذارِ يا أختي! - 00:13:33ضَ
ليس الإسلام هو الذي أوجد هذه المشكلات، بل غيابُ الإسلام. - 00:13:34ضَ
فالإسلام، أوجد الأهداف العظمى المشتركة التي تجعل الأب والأم والأولاد - 00:13:38ضَ
كلًّا منهم يشارك في عمل البيت بسرور وهناء نفس، - 00:13:44ضَ
والإسلام أمر الآباء بإحسان تربية أبنائهم، والأبناءَ ببر والديهم وخدمتهم، - 00:13:48ضَ
والإسلام حضَّ على التخفف من الدنيا وعدمِ الاستكثار من الاستهلاكيات - 00:13:54ضَ
وما ينتج عنها من متطلبات منزلية، - 00:14:00ضَ
والإسلام حض الزوج على المشاركة في عمل البيت، - 00:14:02ضَ
والإسلام ميزَّ حدود الفضل والعدل، - 00:14:06ضَ
وأعطى المرأة الخيار في قبول أو رفض القيام بأعمال يعتبرها البعض من واجباتها - 00:14:09ضَ
وليست كذلك، كما سنرى. - 00:14:16ضَ
لما خالفنا الإسلام في هذا كله أصبح عمل البيت ثقيلًا كريهًا، - 00:14:17ضَ
وطبيعيٌّ أن لا تجدي نفسك في مثل هذا العمل. - 00:14:23ضَ
العجيب في الموضوع أننا ابتعدنا عن الإسلام في حياتنا، - 00:14:26ضَ
فنتج عن ذلك علاقات مشوَّهة ومشكلات، - 00:14:30ضَ
ثم صار البعضٌ يحاكم الإسلام وكأنه أنتج هذه المشكلات، - 00:14:33ضَ
التي ما نتجت إلا عن تغييبه. - 00:14:37ضَ
أما الأهداف العظمى فقد تكلمنا عنها، - 00:14:40ضَ
والمرأة التي تُحضِّر الأطباق لزوجها وأولادها ليأكلوا، - 00:14:42ضَ
وتهيئ لهم جوًّا مريحا نظيفًا، - 00:14:46ضَ
سوف تستمتع إذا كان هذا كله في سبيل هدف سامٍ يعمل لأجله الجميع. - 00:14:49ضَ
أعرف أسرة طيّبة تعيش لهدف، - 00:14:54ضَ
الزّوج دكتور جامعيّ في نظم المعلومات الحاسوبية، - 00:14:57ضَ
متقنٌ لعمله، يُحضِّر للأستاذية (Professorship)، - 00:15:01ضَ
صاحبُ أبحاثٍ في مجلات عالميَّة، محبوب لطلابه، يعلِّمهم العلم النَّافع، - 00:15:05ضَ
ويزرع فيهم القيم الإسلاميَّة، ويسعى -مع هذا كلِّه- على الأرامل والمساكين، - 00:15:10ضَ
وزوجته الفاضلة درست -وهي متزوجة منه- علمَ الحديث، - 00:15:16ضَ
ونالت درجة الدُّكتوراه في تخصُّصٍ دقيق منه، وأعانها زوجها على ذلك، - 00:15:20ضَ
وهما مربِّيان فاضلان كما يظهر في انسجام بيتهما، وأخلاقِ أولادِهما - 00:15:26ضَ
ونجاحِهم في الدِّين والدنيا -فيما نحسبهم. - 00:15:31ضَ
فيما يُعرف بـ(يوم المرأة العالمي) الماضي، وردَّا على النَّزعة النَّسوية، - 00:15:34ضَ
نشرت هذه الدّكتورة الفاضلة مقالًا تقول فيه: - 00:15:39ضَ
"في يوم المرأة العالمي: أعترف أنني أحب كوني امرأة، - 00:15:41ضَ
فأنا ما زلت أحب أن أرعى أسرتي، وأن أطهو لهم ما يحبونه بقلب سعيد، - 00:15:46ضَ
ما زلت أحب أن أعتني ببيتي من تنظيف وغسيل للملابس وطيِّها، - 00:15:51ضَ
ما زلت أحب أن أقص أظافر صغيراتي وأن أتابع دروسهن وتحصيلهن العلمي، - 00:15:57ضَ
ما زلت أحب تهوية البيت وتعطيره وتلميع الزُّجاج، - 00:16:03ضَ
ما زلت أشعر بسعادة عندما أرتب الرفوف وأنسق الألوان، - 00:16:07ضَ
ما زلت أحب أن أجمع عائلتي حولي وأن أكون لهم ملاذًا من قسوة هذه الدنيا، - 00:16:11ضَ
ما زلت أشعر بالرضا والإنجاز عندما أوفّر لزوجي الهدوء - 00:16:18ضَ
لينام وينال قسطًا من الراحة، - 00:16:22ضَ
ما زلت أشعر بالسَّكينة عندما يكون زوجي راضيًا عني، - 00:16:25ضَ
ما زلت أعشق هذه التفاصيل، فهل أنا طبيعية أم أن سوءًا مَسَّنِي؟ - 00:16:29ضَ
كلُّ ما سبق لا يعني أنني لا أعرف حقوقي، - 00:16:34ضَ
ولا يعني إطلاقًا أن لا يكون لي إنجازات علمية ومجتمعية" - 00:16:37ضَ
وردَّ عليها زوجُها على حسابه على العلن بالثناء والوفاء والامتنان والمودة لها، - 00:16:42ضَ
وهو شيء نشجّعه ما دام بأدب؛ - 00:16:49ضَ
حتى نشيع النماذج الطيبة في هذا الوقت الذي يشيع فيه نشرُ النماذج السلبية - 00:16:52ضَ
وتنفيرُ الشباب والفتيات عن الزواجِ وبناءِ حصن الأسرة. - 00:16:57ضَ
محلُّ الشَّاهد -يا كرام- أن الأخت الفاضلة تعمل ضمن مؤسسة الأسرة - 00:17:01ضَ
لأهداف مشتركة عظيمة، فتستمتع بأعمال البيت وتجد فيها ذاتها. - 00:17:06ضَ
ثاني الأسباب لتحول عمل البيت إلى مشكلة هو: ضعف التَّربية. - 00:17:12ضَ
ستكون حلقتنا القادمة عن التربية -بإذن الله، - 00:17:17ضَ
لكن نقول هنا فيما يتعلق بعمل البيت: - 00:17:20ضَ
من واجب الوالدين أن يساعدا الولد على تحديد الأهداف وبناء الشخصية - 00:17:23ضَ
وتحمل المسؤولية ومعرفة الذّات والهوية: أنت مسلم، تطيع الله، تبَرُّ والديك وتعينهما، - 00:17:28ضَ
وتبتغي بذلك الأجر والجنة. - 00:17:36ضَ
يربيانه على الانشغال بما ينفعه وعدم الالتهاء بالتَّوافه، - 00:17:38ضَ
وكلُّ هذه التربية بالفعل والقدوة قبل القول، وهي مسؤوليَّة الوالدين المشتركة. - 00:17:43ضَ
هؤلاء الأولاد والبنات سيكونون عونًا لكِ في مهنة البيت، - 00:17:49ضَ
رُبُّوا منذ نعومة أظفارهم على تحمُّل المسؤولية، - 00:17:53ضَ
ومعرفةِ ما لهم وما عليهم من العناية بأنفسهم ومتعلَّقاتهم، - 00:17:57ضَ
لكنَّهم لن يقوموا بهذا الواجب طواعيةً إلا إذا كنت أمًّا مربية متواصلة - 00:18:02ضَ
تملئين عليهم حياتهم. - 00:18:09ضَ
لا تتوقعي أن تري هذا النوع من الأولاد إن كانوا ربُّوا على يد الشغالة - 00:18:11ضَ
أو في الحضانات - 00:18:17ضَ
بينما أنت منشغلة عن النجاح في الأساسيات ومنها رعاية الأسرة، - 00:18:18ضَ
فالمرأة التي لم تختر أن تكون مربية، هي اختارت بنفسها أن تكون مجرَّد شغّالة، - 00:18:23ضَ
خاصة إذا انضم إلى تقصيرها تقصيرُ الزوج. - 00:18:30ضَ
الولد الذي لم تغذِّه أمه بغذاء الرُّوح والعقل، - 00:18:34ضَ
ولم يجد الإشباع العاطفي منها وضَعُفَ التَّواصل معها، - 00:18:38ضَ
بدَلَ أن يشارك في مهمة البيت سيلجأ إلى الأكل الكثير والنوم الكثير - 00:18:42ضَ
واتباع أهوائه ورغباته والفيديوهات السَّخيفة، - 00:18:47ضَ
ويصبح متطلبا مستهلِكًا وحِمْلًا بدل أن يكون عونًا. - 00:18:51ضَ
وهذا يأخذنا إلى المشكلة الثالثة، ألا وهي: الاستكثار من الاستهلاكيات - 00:18:56ضَ
والانغماس في الحياة المادية وما ينتج عنها من متطلبات منزلية. - 00:19:02ضَ
في صحيح مسلم «يا عائشة هل عندكم شيء، قالت: يا رسول الله، ما عندنا شيء، - 00:19:07ضَ
قال: فإني صائم» [أخرجه مسلم]، - 00:19:14ضَ
هكذا بكُل يُسر، تسير الحياة بلا وجبة لذلك اليوم، - 00:19:15ضَ
ولا تخرب الدُّنيا إذا لم يكن هناك طبيخ جديد، - 00:19:20ضَ
بيتٌ تثور فيه مشكلة لأجل طبخة - 00:19:24ضَ
عادة ما يكون بيتًا بلا هدف عظيم يعمل لأجله الجميع. - 00:19:27ضَ
المشكلة الرَّابعة: تَرَفُّع الزوج عن عمل البيت، - 00:19:31ضَ
وركّز هنا على كلمة (تَرفُّع)، - 00:19:35ضَ
فما هو أهم من الجهد البدني -الذي يضعه هذا على المرأة- - 00:19:37ضَ
هو الأذى النفسي، عندما تحسُّ أن زوجها يرى من حقه أن يرمي أغراضه - 00:19:41ضَ
ويستعملَ مرافق البيت، - 00:19:45ضَ
ولا يكلفَ نفسه بالمساعدة مطلقًا على اعتبار أنه واجب الزوجة، - 00:19:47ضَ
بل نقول لهذا الزوج: - 00:19:52ضَ
روى البخاري أن أمنا عائشة -رضي الله عنها- سُئلت: - 00:19:53ضَ
«ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصنع في بيته؟ - 00:19:58ضَ
قالت: كان يكون في مهنة أهله -تعني خدمة أهله- - 00:20:01ضَ
فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة» - 00:20:06ضَ
وفي الحديث الآخر قالت عنه -صلى الله عليه وسلم- - 00:20:08ضَ
«ما كان إلا بَشَرًا من البَشَرِ، كان يَفْلي ثوبه -أي ينظّف ثوبه- - 00:20:11ضَ
ويحلب شاته ويخدِم نفسه» [صحيح البخاري]، - 00:20:16ضَ
هذا وهو أعظم رجال العالمين، - 00:20:19ضَ
ولن تكون -أيها الزوج- مشغولًا بأعظم مما كان مشغولًا به - 00:20:22ضَ
صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، - 00:20:27ضَ
ولم يفعلها مرة أو مرتين رفعًا للعتب؛ بل كان هذا دأبًا له، - 00:20:29ضَ
كان يكون في مهنة أهله، فهو -صلى الله عليه وسلم- القائل: - 00:20:35ضَ
«خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي» [سنن الترمذي] - 00:20:40ضَ
فمهما كنت -أيها الزوج- مشغولًا، قم بما تراه أدنى الأعمال في البيت - 00:20:43ضَ
إذا سنحت لك الفرصة؛ تطييبًا لخاطر زوجتك وتعليمًا لأبنائك؛ - 00:20:48ضَ
ليعلموا -وتعلم زوجتك- أنك لا تترفع عن هذه الأعمال، - 00:20:52ضَ
وإنما المسألة توزيع أدوار ومسؤوليات. - 00:20:57ضَ
علّقت إحدى الأخوات على حلقة (البحث عن الذات) قائلة: - 00:21:00ضَ
"ما الذي يفرض على المرأة أساسًا أن تكون كل أعمال البيت والأولاد - 00:21:04ضَ
بل حتى -أحيانًا- أهلِ الزوج تقعُ على عاتق المرأة؟ - 00:21:09ضَ
أوليس البيت والأولاد من مسؤولية المرأة والرجل على حدٍّ سواء؟" - 00:21:12ضَ
فنقول -أيتها الكريمة: - 00:21:16ضَ
لا يَفرض الشَّرع على المرأة تحمُّلَ كلِّ شيء كما ذكرنا، - 00:21:18ضَ
وفي الوقت ذاته لا يصح أن نقول - 00:21:23ضَ
إن البيت والأولاد من مسؤولية الزَّوجين على حدٍّ سواء مناصفة، - 00:21:25ضَ
بل ﴿وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا﴾ [القرآن 25: 67]، - 00:21:30ضَ
فالأسرة حتى تنشأ وتستمر لها متطلَّبات واحتياجات: - 00:21:33ضَ
النفقة، الحماية، المسكن، التربية، مهنة البيت… - 00:21:38ضَ
النفقة والحماية والمسكن على الزوج، التربية مسؤولية مشتركة، - 00:21:42ضَ
حسنًا، مهنة البيتِ على من؟ خاصة والزوج ينفق ساعات نهاره في واجباته، - 00:21:47ضَ
فنقول: لذلك فإنما تؤدي المرأة من أعمال البيت ما تستطيع، - 00:21:53ضَ
ويكون الزوج عونا لها فيه، ويؤدِّي لها ما لا تستطيع، - 00:21:58ضَ
على وجه تكون فيه المودَّة والسَّكينة والصُّحبة بالمعروف هي المحركَ لكلٍّ منهم. - 00:22:03ضَ
ليس من مقصود الشريعة أن تشغل المرأة بمهنة البيت كأنها عمل لازمٌ لها - 00:22:09ضَ
-كالصَّلاة والصِّيام- تأثم بتركه، - 00:22:15ضَ
إنما من مقصود الشريعة حصولُ الرعاية والعشرة بالمعروف، - 00:22:18ضَ
فأنت في ذلك مديرة عمليات، تتابعين سير الأمور داخل البيت - 00:22:21ضَ
بنفسك أو من خلال أولادك الذين هم عونٌ لك، - 00:22:26ضَ
المهم في المحصِّلة أن تحصِّل الرِّعاية بالحد الأدنى كما ذكرنا، - 00:22:29ضَ
لا وَفْق ثقافة الاستهلاك والاستكثار. - 00:22:34ضَ
بما سبق تفهمين -أيتها الكريمة- معنى قول جمهور الفقهاء - 00:22:37ضَ
أن مهنة المنزل ليست من عقد الزواج، - 00:22:42ضَ
فعقد الزواج عندهم على العلاقة الغريزية الحلال بين الزوجين - 00:22:44ضَ
وعلى التربية للأولاد إن أنجبا، - 00:22:49ضَ
وعقد الزواج عندهم لا يتضمن مهنة البيت كفرض عين عليك أنت بذاتك، - 00:22:52ضَ
لكنهم في الوقت ذاته لا يقولون للمرأة: - 00:22:57ضَ
فليحصل بعد ذلك للبيت ما يحصل ولا دخل لك به، - 00:23:01ضَ
بل يعتبرون النُّصوص العامَّة في طاعة الزَّوج، - 00:23:04ضَ
فما كان فيه منفعةٌ للمنزل والأسرة، - 00:23:07ضَ
ولا ضرر على المرأة في القيام به ولا حرام، فيصبح من حسن العشرة طاعة الزوج فيه. - 00:23:10ضَ
حسنًا، فإذا ضاقت الحالة المادية للأسرة واحتاجت المرأة إلى العمل - 00:23:17ضَ
لتساعد الزوج وبإذن -بل وأحيانا بضغط- منه، - 00:23:22ضَ
ألا يُحمِّلُه ذلك مسؤولية أكبر في المشاركة في أعمال البيت، - 00:23:26ضَ
أم من حقه أن يقول لها: (هذه مشكلتك، دبّري حالك!) - 00:23:31ضَ
ويَتوقعَ منها أن تؤدي الأدوار كلها، - 00:23:34ضَ
ولو على حساب صحّتها وقيامِها بالأساسيات من حق نفسها؟ - 00:23:37ضَ
بل نقول في هذه الحالة: إنه من إحسانها إلى زوجها وبيتها - 00:23:42ضَ
إن تحملت جزءًا من النفقة؛ - 00:23:46ضَ
لأنه ليس واجبا عليها أن تنفق على بيتها كما ذكرنا، - 00:23:49ضَ
فإن فعلت ذلك فهو من تفضلها عليه، - 00:23:53ضَ
وعلى الزوج أن يعينها على تحقيق التوازن في حياتها - 00:23:56ضَ
بما يمكنها من النجاح في الأساسيات، وأن يقابل إحسانها بالإحسان. - 00:24:01ضَ
خامس مشكلات عمل البيت: عدم تمييز حدود الفضل والعدل. - 00:24:06ضَ
الزواج والعلاقات الأسرية -أيها الكرام- قائمة في الإسلام على الفضل؛ - 00:24:11ضَ
أي: الزِّيادة في العطاء من كل طرف للآخر عن الحد الأدنى الواجب، - 00:24:16ضَ
لا على الاكتفاء بالوقوف عند حدود العدل ورفض الزّيادة عليها؛ - 00:24:20ضَ
فالإسلام لا يُعَيِّنُ شُرطِيًّا في البيت، ولا محاسبًا ولا قاضيًا ليقول: - 00:24:25ضَ
هذا واجبك يا زوج، تعال رتب هنا! - 00:24:30ضَ
هذا واجبك يا زوجة، تعالَي اعملي هذا الشَّيء هناك! - 00:24:32ضَ
لوائح وقوانين جافةً، - 00:24:35ضَ
بل الإسلام يبني البيت على قواعد البر والمودة والرحمة، - 00:24:37ضَ
فيتسابق أفراده على خدمة بعضهم البعض. - 00:24:41ضَ
لكن -في الوقت ذاته- - 00:24:45ضَ
الإسلام دينٌ يعالج الواقع بأدق تفاصيله ومختلف حالاته، - 00:24:47ضَ
فيراعي تقلُّباتِ مزاج الإنسان وفتور همته، - 00:24:52ضَ
لذلك صحيح أن كلًّا من الزوج والزوجة قد يقوم بأعمال هي فضل، - 00:24:56ضَ
لكن من الضروري أن يكون معروفًا لدى الطرفين أن هذا فضل، - 00:25:02ضَ
بحيث إذا انسحب منه لظرف ما -كفتور همته، - 00:25:06ضَ
أو كأن تُؤَثِّرَ أعمال فضلٍ كانت تقوم بها المرأة أو الرجل - 00:25:10ضَ
على النجاح الأساسيِّ في العلاقة مع الله - 00:25:14ضَ
أو في إعطاء النفس حقها - فتَوقَّفَ عن القيام بهذا الفضل، - 00:25:17ضَ
فإنه لا يُلام ولا تُلام على أنه مقصرٌ أو أنها مقصرة، - 00:25:21ضَ
وإذا حصل خلاف بينهما، - 00:25:26ضَ
عادا للعدل الذي يحدِّد الحدَّ الأدنى من واجبات كلٍّ منهما تجاه الآخر. - 00:25:28ضَ
خدمةُ أهل الزوج هذه من الفضل، إن قامت بها زوجتك فجزاها الله خيرا، - 00:25:33ضَ
وإن امتنعت فليس لك أن تغضب ولا تلومَ ولا تتَّهمَها بالتَّقصير؛ - 00:25:39ضَ
لأنه ليس واجبَها شرعًا، والشرع حاكم عليك وعليها، - 00:25:45ضَ
وإذا غضبت فغضبك غير معتبر، ولا يضرها عند ربها. - 00:25:49ضَ
كذلك هل يجب على الفتاة القيام بحاجات إخوانها الذكور؟ - 00:25:54ضَ
السؤال ناقص مرة أخرى، - 00:25:58ضَ
فإن كانت التّتمة: إخوانِها الذكور الذين يمضون أوقاتهم على الـ Playstation - 00:26:00ضَ
و(الأرجيلة) أو متابعةِ المباريات، - 00:26:04ضَ
فالجواب قولًا واحدًا: لا وألف لا، - 00:26:07ضَ
فالإسلام لم يجعل الأنثى خادمة للذكر لذكورته كما يتصور البعض، - 00:26:10ضَ
بل إن كانت هي قائمة بالأولويات وتحقيقِ الأهداف: كطلب العلم النَّافع ورعاية الصِّغار، - 00:26:17ضَ
لأصبح السؤال الذي ينبغي أن يُطرح: (ألا يجب على أخيها المتثاقل عن مسؤولياته... - 00:26:24ضَ
ويعيش لشهواته أن يقوم بشؤونها ويكفيها أعمال البيت ويلبي حاجاتها؛... - 00:26:29ضَ
لتتمكن هي من أداء أعمالها، وإن كان هو ذا شنب عريض وعريض المنكبين؟) - 00:26:36ضَ
وإن كان إخوانها قائمين بما عليهم، وأحبّت أن تكوي لهم ملابسَ أو تُهيِئَّ لهم طعاما - 00:26:42ضَ
فهذا من الفضل والإحسان والمعروف الذي يُطلب -إن طُلب منها- فضلًا لا أمرًا، - 00:26:49ضَ
دون أن تُكلَف من ذلك بما يشق عليها أو يشغلها عن شأنها الخاص - 00:26:54ضَ
من عبادة أو طلب علم أو نحو ذلك، - 00:26:59ضَ
وكذلك يطلب من الفتاة أن تعين أمها في رعاية إخوتها الصغار - 00:27:01ضَ
الذين يَضيعون إذا لم يتلقوا الرعاية. - 00:27:06ضَ
وهكذا تقوم الحياة في الإسلام على الإحسان والبر والفضل، - 00:27:09ضَ
فإن حصل الخلاف فالعودة إلى حدود العدل. - 00:27:14ضَ
عندما يكون تفضُّلك يؤذيك، - 00:27:17ضَ
فإنك تعرفين كيف تَرسُمين الحدود فلا تضيعين، - 00:27:20ضَ
فالمرأة ليست مطالَبة أن تتفانى في خدمة الأسرة - 00:27:23ضَ
وتغرق في التَّفضل على الزوج والأولاد أو إخوانها - 00:27:28ضَ
على حساب نجاحها في علاقتها مع ربها - 00:27:31ضَ
وإعطاء نفسها حقها، - 00:27:34ضَ
بل «فأعط كل ذي حق حقه» [صحيح البخاري] - 00:27:36ضَ
فلا تخرجُ إلى دائرة التَّفضُّل ما لم تُحكم دائرة أداء الواجبات. - 00:27:39ضَ
والكلام ذاته نقوله للرجال، - 00:27:44ضَ
وكما أن كثيرًّا مما يطلب من المرأة هو أعمال فضل لا توجبها الشريعة عليها، - 00:27:47ضَ
فكذلك كثير من نفقات الزوج عليها نفقاتُ فضل لا توجبها الشريعة عليه، - 00:27:53ضَ
فكم من امرأة تظن أن من واجب زوجها أن يوفر لها ما يُمَكِّنها من مُجاراة المظاهر - 00:27:59ضَ
كما يحصل في المناسبات مثلًا، وليس هذا من واجبه شرعًا، - 00:28:05ضَ
ولا يُعتبر مقصِّرًا إن رفضه، - 00:28:09ضَ
فإن رضي الزوجان أن تسير حياتهما بالفضل فبها ونعمت، وإن أصَرَّا على العدل، - 00:28:12ضَ
فليس من العدل أن يطالَب أحدُهما بالفضل والآخر بالحد الأدنى من العدل، - 00:28:18ضَ
وهذا مفتاح مهم لمن يسعى في حل مشكلات الأسر، - 00:28:24ضَ
وإذا غُفِل عنه كان سَعْيُه مرفوضًا من أحد الزوجين؛ - 00:28:29ضَ
إذ يحس بأنه مظلومٌ أو مظلومة. - 00:28:32ضَ
قد تعتب المرأة على زوجها فتتوقف عن أعمال فضل كانت تعملها، - 00:28:35ضَ
وقد يفعل هو نفسَ الشيء، وفَهْمُهما لهذا التقسيم والحدود - 00:28:40ضَ
يجعل رَدَّة فعل الطرف الآخر أقصاها أن يكف عن الفضل - 00:28:45ضَ
الذي كان يتفضل به، - 00:28:49ضَ
ولا يقصرَ في واجبات العدل وهو في ذلك غير مسيء ولا لومَ عليه. - 00:28:51ضَ
لكن المشكلة أن عدم فَهْمِهما لهذه الحدود يجعل رَدّة الفعل في ترك واجبات العدل، - 00:28:57ضَ
فيدخل كلاهما في حلقة مُفرغة من التَّصعيد وفي الفجور في الخصومة. - 00:29:04ضَ
إذا فهمنا هذا كلَّه يا كرام، أن الإسلام يقوم على التَّكامل لا الفردية، - 00:29:09ضَ
على التَّعاون لا الأنانية، - 00:29:15ضَ
وأن الإسلام يجمع القلوب على الهدف الأعظم المشترك - 00:29:17ضَ
من تحقيق العبودية لله، ويقيم الحياة الأسرية على الفضل والعدل - 00:29:21ضَ
-فإننا سنفهم الوصايا النبوية التي توصي أعضاء الفريق بعضَهم ببعض، - 00:29:27ضَ
وتُقَوِّي مؤسسة الأسرة ضد أي غزو خارجي. - 00:29:33ضَ
نبينا -صلى الله عليه وسلم- الذي قال: - 00:29:37ضَ
«والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها» [صحيح الجامع] - 00:29:41ضَ
هو نفسه القائل «استوصوا بالنساء خيرا» [صحيح مسلم]. - 00:29:47ضَ
نبينا القائل للمرأة عن زوجها: - 00:29:51ضَ
«انظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك» [رواه أحمد] - 00:29:54ضَ
هو أيضا القائل: «خيركم خيركم لأهله» [سنن الترمذي] - 00:29:58ضَ
فجعل معيار الخيرية في الرجال خيريتهم لنسائهم، - 00:30:02ضَ
هكذا الإسلام، «إن الله أعطى كل ذي حق حقه» [صحيح الترمذي] - 00:30:06ضَ
إذا فهمت هذا كله فستفهمين معنى قول نبيك -صلى الله عليه وسلم: - 00:30:10ضَ
«إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه» [سنن الترمذي] - 00:30:15ضَ
شخص يشترك معكِ في الهدف الأعظم من تحقيق العبودية لله، - 00:30:19ضَ
ومن ثَمَّ في الأولوياتِ واحترامِ حدوده فيها وتقاسُمِ الأدوار وتحمُّلِ مسئولياته فيها. - 00:30:23ضَ
والشاب سيفهم معنى قول نبينا -صلى الله عليه وسلم: - 00:30:30ضَ
«فاظفر بذات الدين تربت يداك» [صحيح البخاري]، - 00:30:34ضَ
ذاتِ الدين التي تشاركك هذا كله؛ لتقوم البيوت على أساس صحيح، - 00:30:38ضَ
وسنفهمُ معنى﴿وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ... - 00:30:44ضَ
...وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [القرآن 24: 54] - 00:30:48ضَ
وكذلك معنى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ... - 00:30:51ضَ
...لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [القرآن 6: 115]. - 00:30:56ضَ
والسَّلام عليكم ورحمة الله. - 00:31:00ضَ