السَّلامُ عليكم. - 00:00:00
نحنُ نسمعُ بعَبَدَةِ الأبقار، عَبَدَةِ النَّار، عَبَدَةِ الشَّياطين، - 00:00:02
لكن هل سمعتم يومًا بعَبَدَةِ الميكروبات؟ - 00:00:07
هل سمِعْتم بأُناسٍ وصلوا إلى حَدِّ تأليه الميكروبات - 00:00:10
بنسبةِ صفات الإرادةِ، والاختيارِ، والعلمِ، والخَالِقيَّة لها؟ - 00:00:13
تَعالَوا نَر كيف يُوصِل العِلمُ الزَّائِف أتباعَه إلى هذه المرحلةِ من الجاهليَّة. - 00:00:18
هذه الحلَقة، من أهمِّ حلقاتِ رحلةِ اليقين، مليئةٌ بالمفاجآت، - 00:00:23
فتابعوا معنا. - 00:00:28
كُنَّا في الحلقةِ الماضيةِ قد رأينا كيف سَقطَت ثلاثةُ حصونٍ لنظريَّة التَّطوُّر - 00:00:37
على أيدي أتباعِها أَنفسِهم: - 00:00:42
كائناتٌ انتقاليةٌ لا حَصر لها، - 00:00:45
البُطْء، والتَّدرُّجِيَّة، - 00:00:48
وبقيَ حِصنان: - 00:00:50
الانتخابُ الطبيعيُّ الأعمى، - 00:00:52
والتَّغيُّراتُ العَشوائيَّة. - 00:00:54
تعالوا نُضيِِّقُ الِخنَاق. - 00:00:56
"الانتخابُ الطبيعيُّ الأعمى".. - 00:00:59
نسألكم يا أتباع نظريَّة التَّطور: - 00:01:02
الكائناتُ المشيميَّة والجِرابِيَّة، هل هناك عَلاقة بينها حسَب شَجَراتِكم التَّطوريَّة؟ - 00:01:04
قالوا: "لا، بل انفصلت أُصولهُا بعضها عن بعضِ قبلَ 160 مِليون سنة" - 00:01:11
ما بالهُا إذن متشابهةٌ جدًّا في الشَّكل، مع اختلافِها الكبير في التَّشفيرِ الوراثيِّ - 00:01:17
وأجهزتِها الحيويَّة؟ - 00:01:22
هل هذا عملُ العَمايةِ والعَشوائيَّة أَم خالقٍ جَعلَها آيةً على قُدرتِه؟ - 00:01:24
قالوا: أبدًا، أبدًا، بل هذه ظاهرةٌ اسمها: - 00:01:30
"Convergent Evolution" التَّطوُّرُ المتَقارِب - 00:01:33
أي تغيّراتٌ صُدَفِيَّة غيرُ مقصودة، لكن تشابهت بيئتُها، فعمل الانتخابُ الطَّبيعيُّ - 00:01:36
عليها بنفسِ الشَّكل، وأَعْطَتْ نتائجَ متقاربةً في كائنينِ لا عِلاقة بينهما. - 00:01:42
- تشابهت بيئاتُها، فعمل الانتخابُ الطبيعيُّ بنفس الشَّكل.. - 00:01:48
آها! حسنًا، الَخُفَّاشُ والحيتان، هل يشبه بعضُها بعضا؟ - 00:01:53
طبعًا لا، فصِغارُ الخفافيش تزِنُ غرامًا واحدًا، - 00:01:57
بينما (بالأنجليزيّة) حوت العنبرمن الحيتان يزن 50 طُنًّا. - 00:02:01
السؤالُ الأهم، هل ظروفُها البيئيَّة متشابهة؟ - 00:02:06
طبعًا لا! - 00:02:10
فالُخُفَّاشُ يعيشُ في البرِّ، والحيتانُ في البحرِ؛ ظروفٌ طبيعيةٌ مختلفةٌ تمامًا! - 00:02:11
آها! إذن يُفتَرضُ أن يعملَ انتخابُكم الطبيعيّ الأَعمى على الخُفَّاشِ والحوتِ بشكلٍ مختلفٍ تمامًا، - 00:02:18
فما بالُنا إذن نرى أنظمةً مشتركةً بينها؟ ما بالُنا نرى لِكلٍّ من الخُفَّاش والحيتان، - 00:02:26
جهاز "Echolocation"، سونار، متشابهًا جدًا؟ - 00:02:33
جهازًا يطلق الأمواجَ الصوتيَّة ويستلمُها ليحدِّدَ اتجاهَ فريسته؟ - 00:02:37
لماذا لم يظهر هذا الجهاز في الكائنات الثديَّة الأُخرى الأقرب - 00:02:42
إلى الخُفَّاش، حسْب شجراتكم؟ - 00:02:46
والأقرب إلى الخُفَّاش من حيثُ العيشِ في البرِّ وبالتَّالي تأثير انتخابكم الطبيعيّ؟ - 00:02:47
ألا يدلُّ ذلك على خالقٍ عليمٍ، ﴿أّعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ﴾ [القرآن: 50:20] - 00:02:53
فأَعْطى هذين الكائنَيْن هذا الجهاز الذي يحتاجانه؟ - 00:02:58
قالوا: لا، بل هذا نوعٌ آخرٌ من (بالإجليزية) التطور المتقارب، - 00:03:03
يعمل حتَّى مع اختلاف ظروف الانتخاب الطبيعيِّ. - 00:03:06
هكذا إذن، حسنًا، - 00:03:10
ماذا عن أسماكِ القِشريات "Cichlid fishes" ذاتِ الظَّاهرة الَّتي أذهلتكم؟ - 00:03:12
أسماكٌ في بحيراتٍ مختلفةٍ، ومعَ ذلك هناك تشابهاتٌ كبيرةٌ بينها. - 00:03:17
أَنْتم تقولون أنَّ هذه الأسماكَ في البحيراتِ المختلفةِ، أصولُها واحدةٌ، - 00:03:21
لكن انفصلت إلى بحيرات. - 00:03:26
إذا كان الأصلُ واحدًا، فكيف نرى أنَّ هذا الأصلَ تنوَّعَ في إحدى البحيرات - 00:03:29
إلى أشكالٍ كثيرةٍ، وفي بحيرةٍ أخرى إلى أشكالٍ كثيرةٍ ومشابهةٍ جدًا للأولى؟ - 00:03:34
نحن هنا لا نتكلَّمُ عن مِثلِ ما حصل بين المشيميَّات والجِرابيَّات، - 00:03:41
سنجابٌ مشيميٌ يُشبهُ سِنْجابًا جِرابِيًّا مثلًا، - 00:03:46
نحن نتكلمُ عن سمكةٍ واحدةٍ، تنوَّعت إلى أشكالٍ كثيرةٍ -حسب كلامِكم- في بحيرة، - 00:03:49
وسمكةٍ مِثلِها، تنوعتْ إلى أشكالٍ كثيرةٍ مشابهةٍ، في بحيرةٍ أخرى. - 00:03:55
إنْ أَقنعتُمْ أحدًا أنَّ العشوائيةَ والعَمايةَ أَنْتَجتا كائنين متشابهين، - 00:04:01
فمن ستُقنِعون أنَّهما تُنْتِجان من كائنٍ واحدٍ مجموعتين شبه متطابقتين من الكائنات؟ - 00:04:05
قالوا: سنسمِّي هذه الظَّاهرة التَّطوُّر المُتوازي"Parallel Evolution"! - 00:04:14
يا جماعة، نحن لا نسألُكم ماذا أعطيتم خُرافَتكم من اسمٍ جديد، - 00:04:21
نحن نسألُكم عن تفسيرٍ يقتنع به العاقل.. - 00:04:26
لكن، هذه طريقتهم! - 00:04:30
حقائقُ الكونِ كلُّها تهدِم نظريتَك؟ لا بأس، أَعْطِ لكلٍّ مِنها اسمًا، - 00:04:33
لِتُشْعِرَ السَّامع أنَّك على وعيٍ بهذه الحقائق، وبذلك، لا تجدُ فيها أيَّ تهديدٍ لنظريَّتِك، - 00:04:39
بل قد وَجدتَ تفسيرًا علميَّا وعدَّلتَ في النَّظرِيَّة لِتَستوعِبَ هذه الحقيقة، - 00:04:46
(عدنان إبراهيم): وهُم واعونَ بهذا تمامًا. - 00:04:52
يشرحون لك الحقائقَ الهادِمةَ لخُرافتهم شرحًا مفصَّلًا، وذلك كلُّه تحتَ عنوان: - 00:04:55
(بالإنجليزية) تطور -من النَّوعِ الفُلانيِّ، - 00:05:01
فتصلك الرِّسالةُ النَّفسيَّة أنَّه لو كان في هذه الحقيقة أيُّ تهديدٍ لنظريَّتِهم، للاحظوا ذلك! - 00:05:03
بينما واقعُ الأمرِ أَنَّهم غَطَّوا على التَّعارضِ الصَّارخِ بالتَّلاعُبِ بالأَسماء. - 00:05:10
خالد: أرأيت سيَّارة جارنا البيضاء؟ - 00:05:15
عمر: هل تقصد السوداء؟ نعم رأيتها. - 00:05:18
خالد: لا لا، سيَّارته البيضاء. - 00:05:20
عمر: لا لا السَّوداء، عرفتها السَّوداء.. - 00:05:22
خالد: ها هي ذي، بيضاء. - 00:05:25
عمر: يا رجل هذا اسمه "أسود مُبْيَضّْ". - 00:05:29
بإمكانك نزع كلمة "تطور" من كل الأسماءِ الهزلية للنَّظريَّة وتضع مكانها "اللَّاممكن": - 00:05:34
اللَّاممكن المتوازي، - 00:05:41
اللَّاممكن المتقارب، - 00:05:43
اللَّاممكن الكَمِّي، - 00:05:45
اللَّاممكن المُتَقَطِّع... وهكذا... - 00:05:47
ستجدُ من يقول: - 00:05:50
هذه ميزةٌ في نظريَّةِ التَّطوّر، أن تكون قابلةً للتَشَكُّل، - 00:05:51
بما يستوْعِبُ المُكتشفاتَ الحديثة! - 00:05:55
فرقٌ كبيرٌ -إخواني- بينَ أنْ تكونَ لديك نظريَّةٌ قائمةٌ على شيءٍ، - 00:05:59
على أركانٍ سليمةٍ، عقلًا، وحِسًا، وتَجرِبةً، ثم تَأتي مشاهَدةٌ تُعارِضُ شيئًا من تفاصِيلها، - 00:06:03
فتعدِّلَ هذه التفاصيل، بما يستوعِبُ المشاهدات؛ - 00:06:10
وفي المقابل، أنْ تكونَ النَّظريَّة عبارةً عن تخاريف، ولا تقومَ على شيءٍ، - 00:06:15
وتأتي المشاهداتُ كلُّها بما يهدمُ أركانَها، ويُفْرِغُها من محتواها، - 00:06:21
وأنتَ مع ذلك تُصِرُّ على هذه النَّظريِّة، بتعديلِ الأسماءِ واقتراحِ مزيدٍ من الافتراضات - 00:06:26
الَّتي ليس عليها برهانٌ، تمامًا كما فعل صاحبُنا بنظرِيَّتِهِ عن مؤامرة أبناءِ حَارته. - 00:06:32
نعودُ فنسأل أتباعَ النَّظريَّة: نريدُ تفسيرًا علميًا، كفى أسماءً! - 00:06:39
هل ظاهرة الأسماكِ القشريَّة هذه -مثلًا- نتَجَتْ من العَشوائيَّةِ، والانتخابِ الأعمى؟ - 00:06:44
يُجيبونك في هذه الورقةِ من نيتشر "Nature" قائلين: - 00:06:51
"تفسيرُ هذه الظَّاهرة بالتَّطوِّر المُتقاربِ يحتاجُ - 00:06:54
مُصادفةً غيرَ اعتياديَّة "extraordinary coincidence " - 00:06:58
وأنا -بصراحة- أكادُ أضحكُ من هذه العبارة؛ - 00:07:03
كُلُّ ما سبق، لم يتطلَّب عندَهُم صُدفةً غيرَ اعتياديَّة، - 00:07:06
لكن هذه الظَّاهِرة بالذَّات، تَتَطلَّبُ صُدفةً غيرَ اعتياديَّة! - 00:07:10
عندما كُنَّا نقولُ لهم: الكائنات الحيَّة نِظامٌ كاملٌ متكامِلٌ، - 00:07:15
منها مُفترِِسٌ، ومنها مُفترَسٌ، - 00:07:21
ومِنَ الطُّيور ما يَتغذَّى على الأَزهار ويَرُدُّ لها الجميل بِنَقْلِ حُبوبِ لقاحِها لتتكاثر، - 00:07:23
والأزهارُ الطَّويلةُ لها نحلاتٌ طويلةُ الفمِ لتنقلَ رحيقَها، - 00:07:30
والتِّينة تتفتَّح ليَنْقُلَ نوعٌ من الحشراتِ بذورَها لِزهورِ التِّين لغايات التَّلقيح، - 00:07:35
ويستفيدُ هُوَ -هذا النَّوع من الحشرات- بوضعِ بيوضِه في هذه الحبَّاتِ المتفتِّحةِ، - 00:07:41
ولكلِّ نوعٍ من التِّين نوعُ حشراتِه الخاص، - 00:07:46
والكائِناتُ البحريَّة الصغيرة تُنَظِّفُ خياشيمَ الأسماك الكبيرة وأسنانَها - 00:07:50
بتناول ما فيها من الطُّفيليَّات وبقايا الطَّعام، فيستفيدُ الطَّرفان، - 00:07:54
وفي أمعاءِ الإنسانِ الواحدِ ترِليونات البكتيريا المتنوِّعةُ الَّتي يستفيدُ منها، - 00:07:58
وغيرُها ممَّا لا يُحصَى من العلاقات التَّكامليَّة. - 00:08:03
كلُّ هذا نتيجةُ مصادفاتٍ اعتياديَّة؟! - 00:08:08
فيقولون: "نعم، وسنُسمِّي الَّذي حصل - 00:08:12
"Co-evolution" التَّطوُّر المُتزامِن - 00:08:14
دعونا من أسمائكم، سؤالُنا واضحٌ: - 00:08:18
هل العشوائيَّةُ والعَمايَة أنتجتا كلَّ هذه الكائنات -ذكورًا وإناثًا، - 00:08:21
ثُمَّ أنتجتا هذا التَّكامل بينها في هذا النِّظامِ الدَّقيقِ المحكمِ المتناسقِ؟ - 00:08:25
قالوا: نعم، بالصُّدفة. - 00:08:31
العالِم الذي يحترم نفسه -إخواني- يتَّبِعُ الدَّليَل حيث قادَه، - 00:08:33
بينما أتباعُ الُخرافة، يُريدون أن يجرُّوا عربةَ الخُرافة بِعكْسِ سَيرِ أَحْصِنَةِ الأَدِلَّة. - 00:08:36
على كُلٍّ، اعترفوا أخيرًا -بسبب ظاهرةِ الأسماكِ القشريَّة- - 00:08:43
أنَّ هناكَ شيئًا يحتاجُ مصادفةً غيرَ اعتياديَّة. - 00:08:46
جسنًا، وبالتَّالي؟ - 00:08:50
قالوا: وبالتَّالي يبدو أنَّ الانتخابَ الطَّبيعيَّ - 00:08:52
مُوجَّهٌ عبرَ مساراتٍ محدَّدَة "Guided along specific routes" - 00:08:55
وكما في أوراقٍ علميَّةً أُخرى، تقول ما خلاصته: - 00:09:01
"صحيحٌ أنَّ الانتخابَ الطبيعيَّ ليس له غاياتٌ محدَّدة -يعني أعمى- - 00:09:04
لكن يبدو أنَّ التَّطوُّرَ يسيرُ ضِمن محدِّداتِ مسارٍ معينةٍ - 00:09:09
"certain trajectories". - 00:09:14
وعباراتٌ، بل عناوينُ أُخرى مثل: "مُحدِّدات الانتِخاب" - 00:09:16
بل ويصفون هذه الُمحدِّدات بأَنَّها: مُطلقةٌ أو حازمةٌ! - 00:09:22
مُحدِّدات، مُحدِّدات، مُحدِّدات... - 00:09:27
إذن، أنتم تقولون إنَّ الانتخابَ الأَعمى هناك من يقودُه، - 00:09:30
فما عادَ -بفضلِ هذِه القِيادةِ، والتَّوجيهِ والمحدِّدات- أعمى. - 00:09:37
وسقط بذلك حِصنُهم الثَّاني، - 00:09:42
حِصنُ الانتخابِ الطبيعيِّ الأعمى. - 00:09:45
هل أقرُّوا إذن بسُقوط الخُرافة؟ - 00:09:48
بل لاذوا بحِصْنِهمُ الأخير، وقالوا: - 00:09:51
التَّغيُّرات عشوائية وإن كان الانتخابُ له محدِّدات، - 00:09:54
وسَنُعدِّلُ النَّظريَّة إلى إيفو-ديفو Evo -Devo! - 00:09:59
امم، تعالوا نُضَيِّقْ عليهمُ الِخناق، فقد وصلنا الحصنَ الأولَ والأخير، - 00:10:03
حِصْنَ التَّغيُّراتِ العَشوائِيَّة. - 00:10:10
هل التَّغيُّراتُ، كالطَّفرات مثلًا، هل هي عشوائيَّة؟ - 00:10:13
من المهمِّ هنا -إخواني- أنْ نَفهمَ المقصودَ بالسؤال؛ فله شِقَّان: - 00:10:18
أوَّلًا: هل يمكنُ أنْ تكون الكائنات قد تكوَّنت من خِلال طَفَرات ٍعشوائيَّة؟ - 00:10:24
ثانيًا: التَّغيُّرات التي تحصلُ حقًّا في المادَّةِ الوراثيَّة لكائنٍ ما، فتُساعِدُه على التَّأقلُمِ - 00:10:30
مع بيئةٍ أو ظروفٍ جديدةٍ كمقاومةِ البكتيريا للمضادَّات، - 00:10:36
هل هي تغيّراتٌ عشوائيَّةٌ؟ - 00:10:40
ثِقَلُ الحقيقةِ، اضطَرَّ كثيراً من أَتباعِ الُخرافَةِ إلى التَّراجع عن فكرةِ عشوائيَّة التَّغيّرات، - 00:10:44
فمنهم من استخدم عبارات مثل: - 00:10:49
"الانحياز التَّطوّريُِّ"، "محدِّدات التَّطوُّر" "Constraints on Evolution" - 00:10:52
ومنهم من صرَّحَ بأنَّ التَّغيرات ليست عَشوائيَّة بَدْءًا من هذه الورقة الشهيرة - 00:10:59
والمهمَّة في نيتشر عام 1988 بعنوان "أصل الطَّفرات"، - 00:11:05
وكما في ورقة نيتشر هذه عام 2014 والَّتي استعرضت العديَد من الظَّواهر، ثمَّ قالت: - 00:11:10
إنَّها تُثبِتُ أَنَّ التَّغيُّرات ليست عشوائيَّة "They show that variation is not random". - 00:11:17
وتَتَابَعَت التَّصريحات بِأنَّ الطَّفرات ليست عشوائيَّة بل مُوجَّهة، - 00:11:23
وأَنَّ هذا يُعارِضُ مَبدأً أساسيًا في الدَّاروينيَّة الَجديدة، - 00:11:28
وبدأت تكثر في الأبحاث مصطلحات: - 00:11:33
الطَّفرات الموجَّهة "Directed mutations" - 00:11:35
والطَّفرات المنتقاة "Selected mutations". - 00:11:38
وصرَّح بروفيسور الأَحياء دنيس نوبل "Denis Noble" - 00:11:40
في مؤتمرٍ عالميٍّ للفسيولوجي عام 2012 بهذا التَّصريح الخطير: - 00:11:42
"أنه من الصّعب إن لم يكن من المستحيل أن تجد عاملًا مغيرًا للجينوم - 00:11:47
يكون عشوائيًّا فعلًا في عمله داخل الـ (DNA) في الخليّة. - 00:11:52
كل أنواع الدراسات للطفرات وجدت أنماط تغيّراتٍ غير عشوائيّةٍ واضحة إحصائيًّا" - 00:11:56
إذن، يقول دينيس نوبل: أَنَّه من الصَّعب -إِنْ لم يكنْ من المستحيلِ- - 00:12:03
أَنْ تجدَ تغيُّراتٍ عشوائيَّةً في المادَّة الوراثيَّة، وأنَّ كلَّ أنماطِ التَّغيُّرات ليست عشوائيَّة، - 00:12:07
ويُعيدُ التَّأكيدَ على هذا الكلام: - 00:12:13
"لذلك فإنَ أوّل استنتاجاتي هو التالي: ليس فقط أنّ الطفرات غير عشوائيّة، - 00:12:15
وهذا أحد أهمّ افتراضات الداروينيّة الجديدة، - 00:12:21
بل وإنّ البروتينات أيضًا -على الأقل بعضها- لم تتطوّر من خلال التراكم التدريجيّ عبر الطفرات" - 00:12:25
إذن، يعيدُ التَّأكيد على أنَّ الطَّفرات ليست عشوائيَّة، وأَنَّ بروتينات الخلايا - 00:12:33
-أو على الأقلّ بعضَها- لم تتطوَّر من خِلال التَّراكم التَّدريجيِّ للطَّفرات المُفتَرضة، - 00:12:38
وسقط بذلك الحِصن الأول والأخير للخرافة. - 00:12:44
فلا الكائناتُ تكوَّنت من خلال طفراتٍ عشوائيَّة، - 00:12:47
ولا ما يحصل فيها من تأقلُمٍ، ينتجُ عن تغيُّرات عشوائيَّة. - 00:12:51
سَقَط آخِرُ حِصنٍ، وتبيَّن أَنَّ هذه الحصون كانت من كرتون، حتَّى إذا أتينا لنرى ما بداخلها، - 00:12:56
وجدناه ﴿كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾[القرآن 24: 39] - 00:13:03
لم يبقَ لخرافةِ التَّطوُّر أيُّ شيءٍ! - 00:13:10
لم يبقَ لا كائنات لا حصر لها، ولا بُطء التَّدرُّج، ولا التَّدرُّجُ نفسُه، - 00:13:13
ولا عَمايةُ الانتخاب، ولا عشوائيَّةُ التَّغيُّرات. - 00:13:19
وبالتَّالي، ماذا فَعل أتباعُ الخُرافة؟ هل اعترفوا بسقوط خرافتهم؟ - 00:13:23
بل اقترح البروفيسور دينيس نوبل وغيره عمل (بالإنجليزية) تمديد لنظريَّة التَّطورُّ، - 00:13:28
بينما جاء قول ورقة نيتشر بأَنَّ الطَّفرات ليست عشوائيَّة تحت عنوان: - 00:13:37
"هل نظريَّة التَّطوُّر بحاجة إلى مُراجعة؟". - 00:13:41
بالله عليكم؟! - 00:13:46
هذا يُذكَّرني بمنظر طبيبين عند هيكلٍ عظميِّ، - 00:13:47
يقول أحدهما للآخر: أتظنّه محتاجٌ لعلاجٍ؟ فيردُّ الآخر: أنا أراه بخيرٍ وعافية، - 00:13:49
الضَّغط جيّد، والنَّبض ممتاز، والتَّنفّس على ما يرام. - 00:13:54
إذن، لا يُمكن لأتباع الخرافة أَنْ يخرجوا من الصُّندوق، - 00:13:58
هو ينبغي أن يكون تطوُّرًا، - 00:14:01
لكن ماذا نضع بعد كلمة تطوُّر؟ هذا الَّذي سوف نختلفُ حوله. - 00:14:04
لم يبقَ من التَّطوُّر أيُّ شيءٍ -ومع ذلك- بقيت النَّتيجة العقديَّة المحددَّةُ مُقدَّمًا، - 00:14:08
بقيت العقيدة العمياء الَّتي يجب أَنْ تبقى أَنْ: لا خَلق! - 00:14:14
لاحظوا -إخواني- كلمة (بالإنجليزية) تطوّر في كل هذه النَّظريَّات والتَّعديلات، - 00:14:19
أصبح معناها الحرفيّ: لا خلق: - 00:14:24
لا خلق للكائنات عن حكمةٍ وإرادةٍ، - 00:14:26
هذا هو المعنى الحقيقيُّ الحرفيُّ لكلمة ايفولوشن (التَّطور)، - 00:14:30
وهذا المعنى يجبُ أَن يبقى عند كهنةِ الخرافة بأيِّ ثمن، - 00:14:34
ولا بُدَّ لكلِّ الطُّرق أَن تؤدِّيَ إلى الخرافة، - 00:14:38
لذلك يختمون تعديلاتهم الكوميديَّة للنَّظريَّة بقولهم: "هذا النمَّوذج المعدَّل من النَّظريَّة، - 00:14:41
يحُلُّ سؤال داروين المحيِّر دون حاجةٍ إلى مصمِّمٍ ذكيّ" - 00:14:47
تمامًا كما أطلق هوكنج نكتتهُ عن أنَّ الجاذبيَّة خلقت كلَّ شيءٍ، وأنَّ هذا يُغني عن وجودِ خالق. - 00:14:52
هذه هي النَّتيجة التي يجبُ أنْ تبقى بأيِّ ثمن. - 00:14:59
أُفرِغت النَّظريَّة مِن مُحتواها تمامًا، - 00:15:03
انهارت أركانها تمامًا، - 00:15:06
ومع ذلك، لا بُدَّ للنَّتيجة أن تبقى، ولو معلَّقةً في الهواء: - 00:15:08
أَنْ لا خَلْقَ عن قصدٍ وإرادةٍ! - 00:15:12
جسنًا، بعد أن قالوا: التَّغيُّرات موجَّهة وليست عشوائيَّة، والانتخابُ موجَّه وليس أعمى، - 00:15:16
لا بُدَّ أَنْ يُطرَحَ السؤال: من يقوم بهذا التَّوجيه والاختيار؟ - 00:15:22
هُنا، تراهم يَنسِبون الأفعال إلى أيِّ شيءٍ ماديٍّ مهما سَخُفَت النِّسبة، - 00:15:26
ولا أَنْ ينْسِبوها إلى الفاعلِ العليم الَّذي لا تُدْرُِكُه الأَبصار، لكن يَدلُّ عليه كلُّ شيء. - 00:15:31
ينسبون التَّوجيهَ إلى التَّطوُّر، كما في هذه الورقة في نيتشر، حيث تقول: - 00:15:38
أَنَّ التَّطوُّر استطاع أنْ يقلِّلَ الطَّفرات الضَّارة، يعني، يمنع عشوائيَّتها. - 00:15:43
التَّطوُّر؟ التَّطوُّر مات يا سادة! - 00:15:48
التَّطوُّر، تبيَّن بعدَ هدمِ حُصونِه، أَنَّه شبحٌ لم يكن موجودًا أصلًا، - 00:15:51
أَمْ أنَّكم -يا تُرى- تُومنون بكرامات الأموات؟! - 00:15:56
ومَرَّةً ينسِبون فِعلَ انتقاءِ الطَّفَرات إلى الخلايا، كما في ورقة نيتشر هذه، - 00:15:59
والَّتي استَنتَجتْ أنَّ الخلايا، قد يكون لديها آليّات لاختيار أيِّ الطَّفَرات تحدث فيها؛ - 00:16:04
أي أنّ الخلايا وهي في العدم، قبل أن تُوجَد، قرَّرت أنْ تعملَ الطَّفرات المناسبة، - 00:16:11
قرَّرت أنْ تعمل الطَّفرات المناسبة لوجودها، وبهذا حصل التَّطوَّر. - 00:16:17
ومرَّةً ينِسبون الاختيار إلى الميكروبات حتَّى أَنَّهم وَصلوا إلى استخدامِ مصطلح: - 00:16:22
"microbial Intelligence" ذكاء الميكروبات، - 00:16:27
ويعرفونه بأَنَّه: الذَّكاء الَّذي تُظهرِه الكائناتُ المجهريَّة، - 00:16:31
ومصطلحات وعناوين مثل: - 00:16:36
"Clever Microbes" البكتيريا الذَّكيَّة، - 00:16:37
الخلايا ذكيَّةٌ بشكلٍ لا يُصَدَّق، - 00:16:40
البكتيريا العاقلة "Brainy Bacteria"، - 00:16:43
البكتيريا تختار "Bacteria choose"، - 00:16:46
البكتيريا تقرر "Bacteria decides"، - 00:16:49
البكتيريا أكثرُ قدرةً على اتِّخاذ قراراتٍ معقَّدةٍ ممَّا يُظَنُّ، - 00:16:53
البكتيريا مُفَكِّرةٌ كبيرة "Big thinkers"، - 00:16:58
بل وصلوا إلى نسبةِ الذَّكاء للفيروسات: "الفيروسات ذكيَّة بشكلٍ مفاجئ" - 00:17:02
ونحن هنا -إخواني- لا نتكلَّمُ عن تعبيراتٍ أدبيَّة، - 00:17:08
بل عن نسبةٍ حقيقيَّةٍ لأفعال الإرادة والاختيار إلى الميكروبات، - 00:17:11
لأنَّهم لا يؤمنونَ بربٍّ أعطى كلَّ شيءٍ خَلْقَه ثُمَّ هَدى، - 00:17:16
ربٍّ قيومٍ على خَلْقِهِ، وكُلُّ الكائناتِ مظاهرُ لعظمتهِ، - 00:17:20
فإلى منْ يَنْسِبون السلوكَ المبهرَ المعقَّدَ الدَّقيقَ، الَّذي تُظهره الكائنات؟ - 00:17:24
وإلى من يَنسبون الاختيار، والعلم، والخلق؟ - 00:17:29
فكان لا بدَّ لهم من نسبةِ الصَّفاتِ الإلهيَّة إلى المخلوقات، بل وإلى الميكروبات، - 00:17:32
فأصبحوا -بذلك- أشبه بـ"عَبَدَةِ الميكروبات" - 00:17:38
عَبَدَةِ الميكروبات.. - 00:17:42
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ﴾ [القرآن : 69:40] - 00:17:44
ألم تَرَ إلى الَّذين يجادلون في آيات الله المسْطورة، وآياته المنْظورةِ في الكون، - 00:17:49
إلى أين يُصْرَفون، وإلى أين ينتهي بهم عِنادُهم وكِبْرهم؟ - 00:17:56
كيف يصبحون ميكروباتٍ على الذَّكاء البشريّ، بنسبة الذَّكاء للميكروبات! - 00:18:01
في راجستان بالهند، هناك معابد، المعبود فيها فئران. - 00:18:08
لن أستغربَ إذا قام أتباع الخرافة يومًا، بإقامةِ معابد وجعلوا معبودَهم فيها البكتيريا. - 00:18:12
بل وصل الأمرُ ببعضهم إلى نسبةِ الأفعال إلى الذَّرَّات الجامدة - 00:18:21
قائلين: أَنَّ هناك ذكاءً على مستوى الذَّرَّات والجزيئات، - 00:18:25
وأنَّ وجودَ الذَّكاء الدَّاخليِّ في المادَّة يؤكِّد غيابَ الإله. - 00:18:29
بل تجاوزوا نسبة الأفعال إلى المادَّة، لينسِبوها إلى القوانين - 00:18:34
أي إلى العَدم -اللَّاشيء- - 00:18:39
كما فعل ستيفن هوكينغ "Stephen Hawking" - 00:18:41
حين نَسَبَ الخَلْقَ كُلَّه إلى قانون الجاذبيَّة - 00:18:42
فأثنى عليه دوكينز "Dawkins" قائلًا: - 00:18:45
"لقد طرَدَت الداروينيَّة الإله من (بالإنجليزية) علم الأحياء، - 00:18:47
وبقيت الفيزياء أقلَّ وضوحًا والآن يسدِّد هوكينغ الضَّربةَ القاضية! - 00:18:50
هذا هو ريتشارد دوكينز، والَّذي وضَّحنا في الحلقاتِ السَّابقة، نماذجَ كثيرةً من كذبه، - 00:18:56
ومخادَعَتِهِ، ولَفِّهِ، و دَورانِهِ، وهَذيانِه، والَّذي يقول عنه بعضُ عَرَّابي الُخرافةِ العرب: - 00:19:02
(عدنان إبراهيم): صادَفَ وأسعدَ الحظُ ريتشارد دوكنز، وهو منتشٍ إلى اليوم بهذه التَّجربة، - 00:19:09
عالم -سبحان الله-، إن تختلف معه أو تتفق معه فالرَّجل عالِم، وعنده نَفسيَّة عالمِ، ومشاعر عالِم، - 00:19:13
يُقَدِّس العِلم، مُبتهِج بالعِلم، يَفرح بالعلم، ليس شيئا طبيعيّا! - 00:19:19
هؤلاء هم العلماء الَّذين يُلمَّعون لأبناء المسلمين. - 00:19:23
وهكذا يفعل الهوى بأهله، حين يضعون الكُفر بالخالقِ هدفًا، - 00:19:27
ثمَّ يُطوِّعون كلَّ شيءٍ لخدمةِ هذا الهدف، - 00:19:32
أُناسٌ اتَّخذوا القرارَ سلفًا بعدمِ الإيمان، - 00:19:35
﴿وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ﴾ [القرآن: 101:10] - 00:19:38
ختامًا -أخي- عندما يحاول أَتباع الخُرافة أَنْ يُبهروك بنسبةِ العُلماء المؤيِّدين للتَّطور، - 00:19:43
بعيدًا عن الكذب في النِّسبة -كما سنرى إن شاء الله- - 00:19:48
اسألهم السَّؤال البسيط التَّالي: - 00:19:52
هذه النِّسبة الَّتي تذكرونها 98%، 99% مؤيّدةٌ لأيِّ تطوُّرٍ بالضَّبط؟ - 00:19:54
نحن رأينا في الحلقة الماضية كم هم مختلفون، - 00:20:01
وهم كذلك مختلفون جدًّا بالنِّسبة لتفاصيلِ حلَقة اليوم، - 00:20:03
هل الطَّفرات عشوائيَّة أمْ غير عشوائيَّة؟ الانتخاب موجَّهٌ أمْ غيرُ موجَّهٍ؟ - 00:20:07
هم مختلفون في ذلك كثيرًا.. - 00:20:11
إذن، قولوها بصراحة، تريدون أن تقولوا لنا: أنَّ هذه النِّسبة من علمائِكم يُصِرُّون مُقدَّمًا، - 00:20:13
على أنَّه يجبُ ألَّا يكونَ هناك خلْقٌ، ثمَّ لا يتَّفقون بعد ذلك على شيء. - 00:20:21
وانظر، كم هو موقفٌ عَقَديٌّ أَعمى، مقرَّرٌ مُسْبقًا! - 00:20:27
فاللَّهم اهدِ من يسمعُنا من أبناءِ المسلمين، الَّذين تأثَّروا بلوثات الخرافة، - 00:20:32
اهدِنا، واهدهم، إلى الحق بإذنك، إنَّك تهدي من تشاءُ الى صراطٍ مستقيم، - 00:20:37
والسَّلامُ عليكم ورحمة الله. - 00:20:42
Transcription
السَّلامُ عليكم. - 00:00:00
نحنُ نسمعُ بعَبَدَةِ الأبقار، عَبَدَةِ النَّار، عَبَدَةِ الشَّياطين، - 00:00:02
لكن هل سمعتم يومًا بعَبَدَةِ الميكروبات؟ - 00:00:07
هل سمِعْتم بأُناسٍ وصلوا إلى حَدِّ تأليه الميكروبات - 00:00:10
بنسبةِ صفات الإرادةِ، والاختيارِ، والعلمِ، والخَالِقيَّة لها؟ - 00:00:13
تَعالَوا نَر كيف يُوصِل العِلمُ الزَّائِف أتباعَه إلى هذه المرحلةِ من الجاهليَّة. - 00:00:18
هذه الحلَقة، من أهمِّ حلقاتِ رحلةِ اليقين، مليئةٌ بالمفاجآت، - 00:00:23
فتابعوا معنا. - 00:00:28
كُنَّا في الحلقةِ الماضيةِ قد رأينا كيف سَقطَت ثلاثةُ حصونٍ لنظريَّة التَّطوُّر - 00:00:37
على أيدي أتباعِها أَنفسِهم: - 00:00:42
كائناتٌ انتقاليةٌ لا حَصر لها، - 00:00:45
البُطْء، والتَّدرُّجِيَّة، - 00:00:48
وبقيَ حِصنان: - 00:00:50
الانتخابُ الطبيعيُّ الأعمى، - 00:00:52
والتَّغيُّراتُ العَشوائيَّة. - 00:00:54
تعالوا نُضيِِّقُ الِخنَاق. - 00:00:56
"الانتخابُ الطبيعيُّ الأعمى".. - 00:00:59
نسألكم يا أتباع نظريَّة التَّطور: - 00:01:02
الكائناتُ المشيميَّة والجِرابِيَّة، هل هناك عَلاقة بينها حسَب شَجَراتِكم التَّطوريَّة؟ - 00:01:04
قالوا: "لا، بل انفصلت أُصولهُا بعضها عن بعضِ قبلَ 160 مِليون سنة" - 00:01:11
ما بالهُا إذن متشابهةٌ جدًّا في الشَّكل، مع اختلافِها الكبير في التَّشفيرِ الوراثيِّ - 00:01:17
وأجهزتِها الحيويَّة؟ - 00:01:22
هل هذا عملُ العَمايةِ والعَشوائيَّة أَم خالقٍ جَعلَها آيةً على قُدرتِه؟ - 00:01:24
قالوا: أبدًا، أبدًا، بل هذه ظاهرةٌ اسمها: - 00:01:30
"Convergent Evolution" التَّطوُّرُ المتَقارِب - 00:01:33
أي تغيّراتٌ صُدَفِيَّة غيرُ مقصودة، لكن تشابهت بيئتُها، فعمل الانتخابُ الطَّبيعيُّ - 00:01:36
عليها بنفسِ الشَّكل، وأَعْطَتْ نتائجَ متقاربةً في كائنينِ لا عِلاقة بينهما. - 00:01:42
- تشابهت بيئاتُها، فعمل الانتخابُ الطبيعيُّ بنفس الشَّكل.. - 00:01:48
آها! حسنًا، الَخُفَّاشُ والحيتان، هل يشبه بعضُها بعضا؟ - 00:01:53
طبعًا لا، فصِغارُ الخفافيش تزِنُ غرامًا واحدًا، - 00:01:57
بينما (بالأنجليزيّة) حوت العنبرمن الحيتان يزن 50 طُنًّا. - 00:02:01
السؤالُ الأهم، هل ظروفُها البيئيَّة متشابهة؟ - 00:02:06
طبعًا لا! - 00:02:10
فالُخُفَّاشُ يعيشُ في البرِّ، والحيتانُ في البحرِ؛ ظروفٌ طبيعيةٌ مختلفةٌ تمامًا! - 00:02:11
آها! إذن يُفتَرضُ أن يعملَ انتخابُكم الطبيعيّ الأَعمى على الخُفَّاشِ والحوتِ بشكلٍ مختلفٍ تمامًا، - 00:02:18
فما بالُنا إذن نرى أنظمةً مشتركةً بينها؟ ما بالُنا نرى لِكلٍّ من الخُفَّاش والحيتان، - 00:02:26
جهاز "Echolocation"، سونار، متشابهًا جدًا؟ - 00:02:33
جهازًا يطلق الأمواجَ الصوتيَّة ويستلمُها ليحدِّدَ اتجاهَ فريسته؟ - 00:02:37
لماذا لم يظهر هذا الجهاز في الكائنات الثديَّة الأُخرى الأقرب - 00:02:42
إلى الخُفَّاش، حسْب شجراتكم؟ - 00:02:46
والأقرب إلى الخُفَّاش من حيثُ العيشِ في البرِّ وبالتَّالي تأثير انتخابكم الطبيعيّ؟ - 00:02:47
ألا يدلُّ ذلك على خالقٍ عليمٍ، ﴿أّعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ﴾ [القرآن: 50:20] - 00:02:53
فأَعْطى هذين الكائنَيْن هذا الجهاز الذي يحتاجانه؟ - 00:02:58
قالوا: لا، بل هذا نوعٌ آخرٌ من (بالإجليزية) التطور المتقارب، - 00:03:03
يعمل حتَّى مع اختلاف ظروف الانتخاب الطبيعيِّ. - 00:03:06
هكذا إذن، حسنًا، - 00:03:10
ماذا عن أسماكِ القِشريات "Cichlid fishes" ذاتِ الظَّاهرة الَّتي أذهلتكم؟ - 00:03:12
أسماكٌ في بحيراتٍ مختلفةٍ، ومعَ ذلك هناك تشابهاتٌ كبيرةٌ بينها. - 00:03:17
أَنْتم تقولون أنَّ هذه الأسماكَ في البحيراتِ المختلفةِ، أصولُها واحدةٌ، - 00:03:21
لكن انفصلت إلى بحيرات. - 00:03:26
إذا كان الأصلُ واحدًا، فكيف نرى أنَّ هذا الأصلَ تنوَّعَ في إحدى البحيرات - 00:03:29
إلى أشكالٍ كثيرةٍ، وفي بحيرةٍ أخرى إلى أشكالٍ كثيرةٍ ومشابهةٍ جدًا للأولى؟ - 00:03:34
نحن هنا لا نتكلَّمُ عن مِثلِ ما حصل بين المشيميَّات والجِرابيَّات، - 00:03:41
سنجابٌ مشيميٌ يُشبهُ سِنْجابًا جِرابِيًّا مثلًا، - 00:03:46
نحن نتكلمُ عن سمكةٍ واحدةٍ، تنوَّعت إلى أشكالٍ كثيرةٍ -حسب كلامِكم- في بحيرة، - 00:03:49
وسمكةٍ مِثلِها، تنوعتْ إلى أشكالٍ كثيرةٍ مشابهةٍ، في بحيرةٍ أخرى. - 00:03:55
إنْ أَقنعتُمْ أحدًا أنَّ العشوائيةَ والعَمايةَ أَنْتَجتا كائنين متشابهين، - 00:04:01
فمن ستُقنِعون أنَّهما تُنْتِجان من كائنٍ واحدٍ مجموعتين شبه متطابقتين من الكائنات؟ - 00:04:05
قالوا: سنسمِّي هذه الظَّاهرة التَّطوُّر المُتوازي"Parallel Evolution"! - 00:04:14
يا جماعة، نحن لا نسألُكم ماذا أعطيتم خُرافَتكم من اسمٍ جديد، - 00:04:21
نحن نسألُكم عن تفسيرٍ يقتنع به العاقل.. - 00:04:26
لكن، هذه طريقتهم! - 00:04:30
حقائقُ الكونِ كلُّها تهدِم نظريتَك؟ لا بأس، أَعْطِ لكلٍّ مِنها اسمًا، - 00:04:33
لِتُشْعِرَ السَّامع أنَّك على وعيٍ بهذه الحقائق، وبذلك، لا تجدُ فيها أيَّ تهديدٍ لنظريَّتِك، - 00:04:39
بل قد وَجدتَ تفسيرًا علميَّا وعدَّلتَ في النَّظرِيَّة لِتَستوعِبَ هذه الحقيقة، - 00:04:46
(عدنان إبراهيم): وهُم واعونَ بهذا تمامًا. - 00:04:52
يشرحون لك الحقائقَ الهادِمةَ لخُرافتهم شرحًا مفصَّلًا، وذلك كلُّه تحتَ عنوان: - 00:04:55
(بالإنجليزية) تطور -من النَّوعِ الفُلانيِّ، - 00:05:01
فتصلك الرِّسالةُ النَّفسيَّة أنَّه لو كان في هذه الحقيقة أيُّ تهديدٍ لنظريَّتِهم، للاحظوا ذلك! - 00:05:03
بينما واقعُ الأمرِ أَنَّهم غَطَّوا على التَّعارضِ الصَّارخِ بالتَّلاعُبِ بالأَسماء. - 00:05:10
خالد: أرأيت سيَّارة جارنا البيضاء؟ - 00:05:15
عمر: هل تقصد السوداء؟ نعم رأيتها. - 00:05:18
خالد: لا لا، سيَّارته البيضاء. - 00:05:20
عمر: لا لا السَّوداء، عرفتها السَّوداء.. - 00:05:22
خالد: ها هي ذي، بيضاء. - 00:05:25
عمر: يا رجل هذا اسمه "أسود مُبْيَضّْ". - 00:05:29
بإمكانك نزع كلمة "تطور" من كل الأسماءِ الهزلية للنَّظريَّة وتضع مكانها "اللَّاممكن": - 00:05:34
اللَّاممكن المتوازي، - 00:05:41
اللَّاممكن المتقارب، - 00:05:43
اللَّاممكن الكَمِّي، - 00:05:45
اللَّاممكن المُتَقَطِّع... وهكذا... - 00:05:47
ستجدُ من يقول: - 00:05:50
هذه ميزةٌ في نظريَّةِ التَّطوّر، أن تكون قابلةً للتَشَكُّل، - 00:05:51
بما يستوْعِبُ المُكتشفاتَ الحديثة! - 00:05:55
فرقٌ كبيرٌ -إخواني- بينَ أنْ تكونَ لديك نظريَّةٌ قائمةٌ على شيءٍ، - 00:05:59
على أركانٍ سليمةٍ، عقلًا، وحِسًا، وتَجرِبةً، ثم تَأتي مشاهَدةٌ تُعارِضُ شيئًا من تفاصِيلها، - 00:06:03
فتعدِّلَ هذه التفاصيل، بما يستوعِبُ المشاهدات؛ - 00:06:10
وفي المقابل، أنْ تكونَ النَّظريَّة عبارةً عن تخاريف، ولا تقومَ على شيءٍ، - 00:06:15
وتأتي المشاهداتُ كلُّها بما يهدمُ أركانَها، ويُفْرِغُها من محتواها، - 00:06:21
وأنتَ مع ذلك تُصِرُّ على هذه النَّظريِّة، بتعديلِ الأسماءِ واقتراحِ مزيدٍ من الافتراضات - 00:06:26
الَّتي ليس عليها برهانٌ، تمامًا كما فعل صاحبُنا بنظرِيَّتِهِ عن مؤامرة أبناءِ حَارته. - 00:06:32
نعودُ فنسأل أتباعَ النَّظريَّة: نريدُ تفسيرًا علميًا، كفى أسماءً! - 00:06:39
هل ظاهرة الأسماكِ القشريَّة هذه -مثلًا- نتَجَتْ من العَشوائيَّةِ، والانتخابِ الأعمى؟ - 00:06:44
يُجيبونك في هذه الورقةِ من نيتشر "Nature" قائلين: - 00:06:51
"تفسيرُ هذه الظَّاهرة بالتَّطوِّر المُتقاربِ يحتاجُ - 00:06:54
مُصادفةً غيرَ اعتياديَّة "extraordinary coincidence " - 00:06:58
وأنا -بصراحة- أكادُ أضحكُ من هذه العبارة؛ - 00:07:03
كُلُّ ما سبق، لم يتطلَّب عندَهُم صُدفةً غيرَ اعتياديَّة، - 00:07:06
لكن هذه الظَّاهِرة بالذَّات، تَتَطلَّبُ صُدفةً غيرَ اعتياديَّة! - 00:07:10
عندما كُنَّا نقولُ لهم: الكائنات الحيَّة نِظامٌ كاملٌ متكامِلٌ، - 00:07:15
منها مُفترِِسٌ، ومنها مُفترَسٌ، - 00:07:21
ومِنَ الطُّيور ما يَتغذَّى على الأَزهار ويَرُدُّ لها الجميل بِنَقْلِ حُبوبِ لقاحِها لتتكاثر، - 00:07:23
والأزهارُ الطَّويلةُ لها نحلاتٌ طويلةُ الفمِ لتنقلَ رحيقَها، - 00:07:30
والتِّينة تتفتَّح ليَنْقُلَ نوعٌ من الحشراتِ بذورَها لِزهورِ التِّين لغايات التَّلقيح، - 00:07:35
ويستفيدُ هُوَ -هذا النَّوع من الحشرات- بوضعِ بيوضِه في هذه الحبَّاتِ المتفتِّحةِ، - 00:07:41
ولكلِّ نوعٍ من التِّين نوعُ حشراتِه الخاص، - 00:07:46
والكائِناتُ البحريَّة الصغيرة تُنَظِّفُ خياشيمَ الأسماك الكبيرة وأسنانَها - 00:07:50
بتناول ما فيها من الطُّفيليَّات وبقايا الطَّعام، فيستفيدُ الطَّرفان، - 00:07:54
وفي أمعاءِ الإنسانِ الواحدِ ترِليونات البكتيريا المتنوِّعةُ الَّتي يستفيدُ منها، - 00:07:58
وغيرُها ممَّا لا يُحصَى من العلاقات التَّكامليَّة. - 00:08:03
كلُّ هذا نتيجةُ مصادفاتٍ اعتياديَّة؟! - 00:08:08
فيقولون: "نعم، وسنُسمِّي الَّذي حصل - 00:08:12
"Co-evolution" التَّطوُّر المُتزامِن - 00:08:14
دعونا من أسمائكم، سؤالُنا واضحٌ: - 00:08:18
هل العشوائيَّةُ والعَمايَة أنتجتا كلَّ هذه الكائنات -ذكورًا وإناثًا، - 00:08:21
ثُمَّ أنتجتا هذا التَّكامل بينها في هذا النِّظامِ الدَّقيقِ المحكمِ المتناسقِ؟ - 00:08:25
قالوا: نعم، بالصُّدفة. - 00:08:31
العالِم الذي يحترم نفسه -إخواني- يتَّبِعُ الدَّليَل حيث قادَه، - 00:08:33
بينما أتباعُ الُخرافة، يُريدون أن يجرُّوا عربةَ الخُرافة بِعكْسِ سَيرِ أَحْصِنَةِ الأَدِلَّة. - 00:08:36
على كُلٍّ، اعترفوا أخيرًا -بسبب ظاهرةِ الأسماكِ القشريَّة- - 00:08:43
أنَّ هناكَ شيئًا يحتاجُ مصادفةً غيرَ اعتياديَّة. - 00:08:46
جسنًا، وبالتَّالي؟ - 00:08:50
قالوا: وبالتَّالي يبدو أنَّ الانتخابَ الطَّبيعيَّ - 00:08:52
مُوجَّهٌ عبرَ مساراتٍ محدَّدَة "Guided along specific routes" - 00:08:55
وكما في أوراقٍ علميَّةً أُخرى، تقول ما خلاصته: - 00:09:01
"صحيحٌ أنَّ الانتخابَ الطبيعيَّ ليس له غاياتٌ محدَّدة -يعني أعمى- - 00:09:04
لكن يبدو أنَّ التَّطوُّرَ يسيرُ ضِمن محدِّداتِ مسارٍ معينةٍ - 00:09:09
"certain trajectories". - 00:09:14
وعباراتٌ، بل عناوينُ أُخرى مثل: "مُحدِّدات الانتِخاب" - 00:09:16
بل ويصفون هذه الُمحدِّدات بأَنَّها: مُطلقةٌ أو حازمةٌ! - 00:09:22
مُحدِّدات، مُحدِّدات، مُحدِّدات... - 00:09:27
إذن، أنتم تقولون إنَّ الانتخابَ الأَعمى هناك من يقودُه، - 00:09:30
فما عادَ -بفضلِ هذِه القِيادةِ، والتَّوجيهِ والمحدِّدات- أعمى. - 00:09:37
وسقط بذلك حِصنُهم الثَّاني، - 00:09:42
حِصنُ الانتخابِ الطبيعيِّ الأعمى. - 00:09:45
هل أقرُّوا إذن بسُقوط الخُرافة؟ - 00:09:48
بل لاذوا بحِصْنِهمُ الأخير، وقالوا: - 00:09:51
التَّغيُّرات عشوائية وإن كان الانتخابُ له محدِّدات، - 00:09:54
وسَنُعدِّلُ النَّظريَّة إلى إيفو-ديفو Evo -Devo! - 00:09:59
امم، تعالوا نُضَيِّقْ عليهمُ الِخناق، فقد وصلنا الحصنَ الأولَ والأخير، - 00:10:03
حِصْنَ التَّغيُّراتِ العَشوائِيَّة. - 00:10:10
هل التَّغيُّراتُ، كالطَّفرات مثلًا، هل هي عشوائيَّة؟ - 00:10:13
من المهمِّ هنا -إخواني- أنْ نَفهمَ المقصودَ بالسؤال؛ فله شِقَّان: - 00:10:18
أوَّلًا: هل يمكنُ أنْ تكون الكائنات قد تكوَّنت من خِلال طَفَرات ٍعشوائيَّة؟ - 00:10:24
ثانيًا: التَّغيُّرات التي تحصلُ حقًّا في المادَّةِ الوراثيَّة لكائنٍ ما، فتُساعِدُه على التَّأقلُمِ - 00:10:30
مع بيئةٍ أو ظروفٍ جديدةٍ كمقاومةِ البكتيريا للمضادَّات، - 00:10:36
هل هي تغيّراتٌ عشوائيَّةٌ؟ - 00:10:40
ثِقَلُ الحقيقةِ، اضطَرَّ كثيراً من أَتباعِ الُخرافَةِ إلى التَّراجع عن فكرةِ عشوائيَّة التَّغيّرات، - 00:10:44
فمنهم من استخدم عبارات مثل: - 00:10:49
"الانحياز التَّطوّريُِّ"، "محدِّدات التَّطوُّر" "Constraints on Evolution" - 00:10:52
ومنهم من صرَّحَ بأنَّ التَّغيرات ليست عَشوائيَّة بَدْءًا من هذه الورقة الشهيرة - 00:10:59
والمهمَّة في نيتشر عام 1988 بعنوان "أصل الطَّفرات"، - 00:11:05
وكما في ورقة نيتشر هذه عام 2014 والَّتي استعرضت العديَد من الظَّواهر، ثمَّ قالت: - 00:11:10
إنَّها تُثبِتُ أَنَّ التَّغيُّرات ليست عشوائيَّة "They show that variation is not random". - 00:11:17
وتَتَابَعَت التَّصريحات بِأنَّ الطَّفرات ليست عشوائيَّة بل مُوجَّهة، - 00:11:23
وأَنَّ هذا يُعارِضُ مَبدأً أساسيًا في الدَّاروينيَّة الَجديدة، - 00:11:28
وبدأت تكثر في الأبحاث مصطلحات: - 00:11:33
الطَّفرات الموجَّهة "Directed mutations" - 00:11:35
والطَّفرات المنتقاة "Selected mutations". - 00:11:38
وصرَّح بروفيسور الأَحياء دنيس نوبل "Denis Noble" - 00:11:40
في مؤتمرٍ عالميٍّ للفسيولوجي عام 2012 بهذا التَّصريح الخطير: - 00:11:42
"أنه من الصّعب إن لم يكن من المستحيل أن تجد عاملًا مغيرًا للجينوم - 00:11:47
يكون عشوائيًّا فعلًا في عمله داخل الـ (DNA) في الخليّة. - 00:11:52
كل أنواع الدراسات للطفرات وجدت أنماط تغيّراتٍ غير عشوائيّةٍ واضحة إحصائيًّا" - 00:11:56
إذن، يقول دينيس نوبل: أَنَّه من الصَّعب -إِنْ لم يكنْ من المستحيلِ- - 00:12:03
أَنْ تجدَ تغيُّراتٍ عشوائيَّةً في المادَّة الوراثيَّة، وأنَّ كلَّ أنماطِ التَّغيُّرات ليست عشوائيَّة، - 00:12:07
ويُعيدُ التَّأكيدَ على هذا الكلام: - 00:12:13
"لذلك فإنَ أوّل استنتاجاتي هو التالي: ليس فقط أنّ الطفرات غير عشوائيّة، - 00:12:15
وهذا أحد أهمّ افتراضات الداروينيّة الجديدة، - 00:12:21
بل وإنّ البروتينات أيضًا -على الأقل بعضها- لم تتطوّر من خلال التراكم التدريجيّ عبر الطفرات" - 00:12:25
إذن، يعيدُ التَّأكيد على أنَّ الطَّفرات ليست عشوائيَّة، وأَنَّ بروتينات الخلايا - 00:12:33
-أو على الأقلّ بعضَها- لم تتطوَّر من خِلال التَّراكم التَّدريجيِّ للطَّفرات المُفتَرضة، - 00:12:38
وسقط بذلك الحِصن الأول والأخير للخرافة. - 00:12:44
فلا الكائناتُ تكوَّنت من خلال طفراتٍ عشوائيَّة، - 00:12:47
ولا ما يحصل فيها من تأقلُمٍ، ينتجُ عن تغيُّرات عشوائيَّة. - 00:12:51
سَقَط آخِرُ حِصنٍ، وتبيَّن أَنَّ هذه الحصون كانت من كرتون، حتَّى إذا أتينا لنرى ما بداخلها، - 00:12:56
وجدناه ﴿كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾[القرآن 24: 39] - 00:13:03
لم يبقَ لخرافةِ التَّطوُّر أيُّ شيءٍ! - 00:13:10
لم يبقَ لا كائنات لا حصر لها، ولا بُطء التَّدرُّج، ولا التَّدرُّجُ نفسُه، - 00:13:13
ولا عَمايةُ الانتخاب، ولا عشوائيَّةُ التَّغيُّرات. - 00:13:19
وبالتَّالي، ماذا فَعل أتباعُ الخُرافة؟ هل اعترفوا بسقوط خرافتهم؟ - 00:13:23
بل اقترح البروفيسور دينيس نوبل وغيره عمل (بالإنجليزية) تمديد لنظريَّة التَّطورُّ، - 00:13:28
بينما جاء قول ورقة نيتشر بأَنَّ الطَّفرات ليست عشوائيَّة تحت عنوان: - 00:13:37
"هل نظريَّة التَّطوُّر بحاجة إلى مُراجعة؟". - 00:13:41
بالله عليكم؟! - 00:13:46
هذا يُذكَّرني بمنظر طبيبين عند هيكلٍ عظميِّ، - 00:13:47
يقول أحدهما للآخر: أتظنّه محتاجٌ لعلاجٍ؟ فيردُّ الآخر: أنا أراه بخيرٍ وعافية، - 00:13:49
الضَّغط جيّد، والنَّبض ممتاز، والتَّنفّس على ما يرام. - 00:13:54
إذن، لا يُمكن لأتباع الخرافة أَنْ يخرجوا من الصُّندوق، - 00:13:58
هو ينبغي أن يكون تطوُّرًا، - 00:14:01
لكن ماذا نضع بعد كلمة تطوُّر؟ هذا الَّذي سوف نختلفُ حوله. - 00:14:04
لم يبقَ من التَّطوُّر أيُّ شيءٍ -ومع ذلك- بقيت النَّتيجة العقديَّة المحددَّةُ مُقدَّمًا، - 00:14:08
بقيت العقيدة العمياء الَّتي يجب أَنْ تبقى أَنْ: لا خَلق! - 00:14:14
لاحظوا -إخواني- كلمة (بالإنجليزية) تطوّر في كل هذه النَّظريَّات والتَّعديلات، - 00:14:19
أصبح معناها الحرفيّ: لا خلق: - 00:14:24
لا خلق للكائنات عن حكمةٍ وإرادةٍ، - 00:14:26
هذا هو المعنى الحقيقيُّ الحرفيُّ لكلمة ايفولوشن (التَّطور)، - 00:14:30
وهذا المعنى يجبُ أَن يبقى عند كهنةِ الخرافة بأيِّ ثمن، - 00:14:34
ولا بُدَّ لكلِّ الطُّرق أَن تؤدِّيَ إلى الخرافة، - 00:14:38
لذلك يختمون تعديلاتهم الكوميديَّة للنَّظريَّة بقولهم: "هذا النمَّوذج المعدَّل من النَّظريَّة، - 00:14:41
يحُلُّ سؤال داروين المحيِّر دون حاجةٍ إلى مصمِّمٍ ذكيّ" - 00:14:47
تمامًا كما أطلق هوكنج نكتتهُ عن أنَّ الجاذبيَّة خلقت كلَّ شيءٍ، وأنَّ هذا يُغني عن وجودِ خالق. - 00:14:52
هذه هي النَّتيجة التي يجبُ أنْ تبقى بأيِّ ثمن. - 00:14:59
أُفرِغت النَّظريَّة مِن مُحتواها تمامًا، - 00:15:03
انهارت أركانها تمامًا، - 00:15:06
ومع ذلك، لا بُدَّ للنَّتيجة أن تبقى، ولو معلَّقةً في الهواء: - 00:15:08
أَنْ لا خَلْقَ عن قصدٍ وإرادةٍ! - 00:15:12
جسنًا، بعد أن قالوا: التَّغيُّرات موجَّهة وليست عشوائيَّة، والانتخابُ موجَّه وليس أعمى، - 00:15:16
لا بُدَّ أَنْ يُطرَحَ السؤال: من يقوم بهذا التَّوجيه والاختيار؟ - 00:15:22
هُنا، تراهم يَنسِبون الأفعال إلى أيِّ شيءٍ ماديٍّ مهما سَخُفَت النِّسبة، - 00:15:26
ولا أَنْ ينْسِبوها إلى الفاعلِ العليم الَّذي لا تُدْرُِكُه الأَبصار، لكن يَدلُّ عليه كلُّ شيء. - 00:15:31
ينسبون التَّوجيهَ إلى التَّطوُّر، كما في هذه الورقة في نيتشر، حيث تقول: - 00:15:38
أَنَّ التَّطوُّر استطاع أنْ يقلِّلَ الطَّفرات الضَّارة، يعني، يمنع عشوائيَّتها. - 00:15:43
التَّطوُّر؟ التَّطوُّر مات يا سادة! - 00:15:48
التَّطوُّر، تبيَّن بعدَ هدمِ حُصونِه، أَنَّه شبحٌ لم يكن موجودًا أصلًا، - 00:15:51
أَمْ أنَّكم -يا تُرى- تُومنون بكرامات الأموات؟! - 00:15:56
ومَرَّةً ينسِبون فِعلَ انتقاءِ الطَّفَرات إلى الخلايا، كما في ورقة نيتشر هذه، - 00:15:59
والَّتي استَنتَجتْ أنَّ الخلايا، قد يكون لديها آليّات لاختيار أيِّ الطَّفَرات تحدث فيها؛ - 00:16:04
أي أنّ الخلايا وهي في العدم، قبل أن تُوجَد، قرَّرت أنْ تعملَ الطَّفرات المناسبة، - 00:16:11
قرَّرت أنْ تعمل الطَّفرات المناسبة لوجودها، وبهذا حصل التَّطوَّر. - 00:16:17
ومرَّةً ينِسبون الاختيار إلى الميكروبات حتَّى أَنَّهم وَصلوا إلى استخدامِ مصطلح: - 00:16:22
"microbial Intelligence" ذكاء الميكروبات، - 00:16:27
ويعرفونه بأَنَّه: الذَّكاء الَّذي تُظهرِه الكائناتُ المجهريَّة، - 00:16:31
ومصطلحات وعناوين مثل: - 00:16:36
"Clever Microbes" البكتيريا الذَّكيَّة، - 00:16:37
الخلايا ذكيَّةٌ بشكلٍ لا يُصَدَّق، - 00:16:40
البكتيريا العاقلة "Brainy Bacteria"، - 00:16:43
البكتيريا تختار "Bacteria choose"، - 00:16:46
البكتيريا تقرر "Bacteria decides"، - 00:16:49
البكتيريا أكثرُ قدرةً على اتِّخاذ قراراتٍ معقَّدةٍ ممَّا يُظَنُّ، - 00:16:53
البكتيريا مُفَكِّرةٌ كبيرة "Big thinkers"، - 00:16:58
بل وصلوا إلى نسبةِ الذَّكاء للفيروسات: "الفيروسات ذكيَّة بشكلٍ مفاجئ" - 00:17:02
ونحن هنا -إخواني- لا نتكلَّمُ عن تعبيراتٍ أدبيَّة، - 00:17:08
بل عن نسبةٍ حقيقيَّةٍ لأفعال الإرادة والاختيار إلى الميكروبات، - 00:17:11
لأنَّهم لا يؤمنونَ بربٍّ أعطى كلَّ شيءٍ خَلْقَه ثُمَّ هَدى، - 00:17:16
ربٍّ قيومٍ على خَلْقِهِ، وكُلُّ الكائناتِ مظاهرُ لعظمتهِ، - 00:17:20
فإلى منْ يَنْسِبون السلوكَ المبهرَ المعقَّدَ الدَّقيقَ، الَّذي تُظهره الكائنات؟ - 00:17:24
وإلى من يَنسبون الاختيار، والعلم، والخلق؟ - 00:17:29
فكان لا بدَّ لهم من نسبةِ الصَّفاتِ الإلهيَّة إلى المخلوقات، بل وإلى الميكروبات، - 00:17:32
فأصبحوا -بذلك- أشبه بـ"عَبَدَةِ الميكروبات" - 00:17:38
عَبَدَةِ الميكروبات.. - 00:17:42
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ﴾ [القرآن : 69:40] - 00:17:44
ألم تَرَ إلى الَّذين يجادلون في آيات الله المسْطورة، وآياته المنْظورةِ في الكون، - 00:17:49
إلى أين يُصْرَفون، وإلى أين ينتهي بهم عِنادُهم وكِبْرهم؟ - 00:17:56
كيف يصبحون ميكروباتٍ على الذَّكاء البشريّ، بنسبة الذَّكاء للميكروبات! - 00:18:01
في راجستان بالهند، هناك معابد، المعبود فيها فئران. - 00:18:08
لن أستغربَ إذا قام أتباع الخرافة يومًا، بإقامةِ معابد وجعلوا معبودَهم فيها البكتيريا. - 00:18:12
بل وصل الأمرُ ببعضهم إلى نسبةِ الأفعال إلى الذَّرَّات الجامدة - 00:18:21
قائلين: أَنَّ هناك ذكاءً على مستوى الذَّرَّات والجزيئات، - 00:18:25
وأنَّ وجودَ الذَّكاء الدَّاخليِّ في المادَّة يؤكِّد غيابَ الإله. - 00:18:29
بل تجاوزوا نسبة الأفعال إلى المادَّة، لينسِبوها إلى القوانين - 00:18:34
أي إلى العَدم -اللَّاشيء- - 00:18:39
كما فعل ستيفن هوكينغ "Stephen Hawking" - 00:18:41
حين نَسَبَ الخَلْقَ كُلَّه إلى قانون الجاذبيَّة - 00:18:42
فأثنى عليه دوكينز "Dawkins" قائلًا: - 00:18:45
"لقد طرَدَت الداروينيَّة الإله من (بالإنجليزية) علم الأحياء، - 00:18:47
وبقيت الفيزياء أقلَّ وضوحًا والآن يسدِّد هوكينغ الضَّربةَ القاضية! - 00:18:50
هذا هو ريتشارد دوكينز، والَّذي وضَّحنا في الحلقاتِ السَّابقة، نماذجَ كثيرةً من كذبه، - 00:18:56
ومخادَعَتِهِ، ولَفِّهِ، و دَورانِهِ، وهَذيانِه، والَّذي يقول عنه بعضُ عَرَّابي الُخرافةِ العرب: - 00:19:02
(عدنان إبراهيم): صادَفَ وأسعدَ الحظُ ريتشارد دوكنز، وهو منتشٍ إلى اليوم بهذه التَّجربة، - 00:19:09
عالم -سبحان الله-، إن تختلف معه أو تتفق معه فالرَّجل عالِم، وعنده نَفسيَّة عالمِ، ومشاعر عالِم، - 00:19:13
يُقَدِّس العِلم، مُبتهِج بالعِلم، يَفرح بالعلم، ليس شيئا طبيعيّا! - 00:19:19
هؤلاء هم العلماء الَّذين يُلمَّعون لأبناء المسلمين. - 00:19:23
وهكذا يفعل الهوى بأهله، حين يضعون الكُفر بالخالقِ هدفًا، - 00:19:27
ثمَّ يُطوِّعون كلَّ شيءٍ لخدمةِ هذا الهدف، - 00:19:32
أُناسٌ اتَّخذوا القرارَ سلفًا بعدمِ الإيمان، - 00:19:35
﴿وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ﴾ [القرآن: 101:10] - 00:19:38
ختامًا -أخي- عندما يحاول أَتباع الخُرافة أَنْ يُبهروك بنسبةِ العُلماء المؤيِّدين للتَّطور، - 00:19:43
بعيدًا عن الكذب في النِّسبة -كما سنرى إن شاء الله- - 00:19:48
اسألهم السَّؤال البسيط التَّالي: - 00:19:52
هذه النِّسبة الَّتي تذكرونها 98%، 99% مؤيّدةٌ لأيِّ تطوُّرٍ بالضَّبط؟ - 00:19:54
نحن رأينا في الحلقة الماضية كم هم مختلفون، - 00:20:01
وهم كذلك مختلفون جدًّا بالنِّسبة لتفاصيلِ حلَقة اليوم، - 00:20:03
هل الطَّفرات عشوائيَّة أمْ غير عشوائيَّة؟ الانتخاب موجَّهٌ أمْ غيرُ موجَّهٍ؟ - 00:20:07
هم مختلفون في ذلك كثيرًا.. - 00:20:11
إذن، قولوها بصراحة، تريدون أن تقولوا لنا: أنَّ هذه النِّسبة من علمائِكم يُصِرُّون مُقدَّمًا، - 00:20:13
على أنَّه يجبُ ألَّا يكونَ هناك خلْقٌ، ثمَّ لا يتَّفقون بعد ذلك على شيء. - 00:20:21
وانظر، كم هو موقفٌ عَقَديٌّ أَعمى، مقرَّرٌ مُسْبقًا! - 00:20:27
فاللَّهم اهدِ من يسمعُنا من أبناءِ المسلمين، الَّذين تأثَّروا بلوثات الخرافة، - 00:20:32
اهدِنا، واهدهم، إلى الحق بإذنك، إنَّك تهدي من تشاءُ الى صراطٍ مستقيم، - 00:20:37
والسَّلامُ عليكم ورحمة الله. - 00:20:42